إلى صديق مفارق
رُوَيْدَكَ رِفَقًا بِقَلْبِي الرَّقِيقِ
فَلَيْسَ يُطِيقُ فِرَاقَ الصَّدِيقِ
يَكَادُ إِذَا مَا ذَكَرْتُ النَّوَى
يَقُولُ لِصَدْرِي ابْتَعِدْ مِنْ طَرِيقِي
وَمَا هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ بِهِ
لِأَجْلِكَ كَانَ شَدِيدَ الخُفُوقِ
فَسَقْيًا لِأَيَّامِنَا المَاضِيَاتِ
وَعَيْشٍ بِقُرْبِكَ زَاهٍ أَنِيقِ
زَمَانٌ أَرَانِي الزَّمَانُ بِهِ
مِثَالَ الصَّدِيقِ الوَفِيِّ الصَّدُوقِ
فَمَتَّعْتُ عَيْنِي بِوَجْهٍ صَبِيحٍ
وَمَتَّعْتُ نَفْسِي بِقَلْبٍ شَفُوقِ
وَذُقْتُ حَلَاوَةَ خُلْقٍ حَوَى
مَعَانِي النَّسِيمِ وَمَعْنَى الرَّحِيقِ
فَرُحْتُ بِوُدِّكَ ذَا نَشْوَةٍ
أَقُولُ لِنَفْسِي أَلَا لَا تُفِيقِي
وَمَا كَانَ إِلَّا بِعَادُكِ عَنْهَا
لِيَجْعَلُهَا فِي اضْطِرَابٍ وَضِيقِ
عَزَمْتَ الرَّحِيلَ وَيَا لَيْتَنِي
عَزَمْتُ فَكُنْتُ رَفِيقَ الطَّرِيقِ
أُسَامِرُ فِيكَ النَّدَى وَالمَعَالِي
وَأَلْثُمُ عَهْدَ الوَفَاءِ الوَثِيقِ
وَأَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا هَوَيْتُ
هَوَى الشُّعَرَاءِ لِمَاءِ العَقِيقِ
فَأَنْشُدُ يَا بَحْرُ أَيْنَ لَآلٍ
حَرَصْتَ عَلَيْهَا بِلُجٍّ عَمِيقِ
وَأَنْشُدُ يَا دَهْرُ أَيْنَ لَيَالٍ
سَهِرْتُ وَبَدْرُكَ فِيهَا رَفِيقِي
أَهَجْتَ بِيَ الشِّعْرَ بَعْدَ السُّكُوتِ
زَمَانًا بِهِ كَمْ غَصِصْتَ بِرِيقِي
وَلَوْ كَانَ فِي الشِّعْرِ دَفْعُ فِرَاقٍ
جَعَلْتُ صَبُوحِي بِهِ وَغَبُوقِي
١٩٠٣