أنا وأنتم
خطاب أُلقِي في الجامعة الأمريكانية في بيروت سنة ١٩٢٤، في حفلة مع مي زيادة جاء في مطلعه:
يَا مَيُّ هَذِهِ سَاعَةُ المِيعَادِ
فَسَلِي فُؤَادَكِ عَنْ خُفُوقِ فُؤَادِي
بِي مِثْلُ مَا بِكِ وَحْشَةٌ وَصَبَابَةٌ
مَا بَيْنَ لُقْيَا سَاعَةٍ وَبِعَادِ
تَمْشِي إِلَى الوَطَنِ القَدِيمِ خَوَاطِري
فَتَرُدُّهَا الذِّكْرَى لِذَاكَ الوَادِي
وَأَرَى جَلَالَ سَنَاكِ يَا أُفْقَ الهُدَى
فَأَحَارُ بَيْنَ الصَّمْتِ وَالإِنْشَادِ
قَدْ جِئْتُ أَحْمِلُ مِنْ جَدِيدِ تَحِيَّتِي
لَكَ مَا يُحَدِّثُ عَنْ قَدِيمِ وِدَادِي
وَأُعِيدُ أَحْلَامَ الصِّبَا بِكِ بَعْدَ مَا
مَرَّتْ وَمَا عَهْدُ الصِّبَا بِمُعَادِ
وَلَقَدْ هَجَرْتُ الشِّعْرَ حَتَّى عَقَّنِي
وَبِكِ اسْتَعَنْتُ فَنِلْتُ بَعْضَ مُرَادِي
وَأَصَبْتُ مِنْ وَحْيِ الشَّبَابِ بَقِيَّةً
فَنَظَمْتُهَا لِشَبَابِ هَذَا النَّادِي
وختامه:
قَالُوا لَقَدْ شَاخَ الزَّمَانُ وَمَا دَرَوْا
أَنَّ الحَيَاةَ جَدِيدَةٌ لَا تَهْرَمُ
وَهِيَ الغَنِيَّةُ مَا شَكَا مِنْ فَقْرِهَا
إِلَّا فَقِيرُ القَلْبِ يُعْوِزُهُ الدَّمُ
يَا هَادِمَ الآمَالِ مَاذَا تَبْتَغِي
بُنْيَانَهُ بَدَلًا بِهَا إِذْ تُهْدَمُ؟
اليَأْسُ مَجْلَبَةُ الخُمُولِ فَلَا تَقُلْ
عُمْرٌ يَزُولُ إِذَا عَدَاكَ المَغَنَمُ
مَا القَبْرُ غَايَةَ كُلِّ حَيٍّ مِثْلَمَا
زَعَمُوا فَلِلْإِنْسَانِ غَايٌ أَعْظَمُ
أَنْ يَمْلَأَ الأَيَّامَ مِنْ أَعْمَالِهِ
فَتَظَلُّ بَعْدَ سُكُوتِهِ تَتَكَلَّمُ
•••
إِخْوَانُنَا أَلْعُمْرُ أَوْسَعُ مَطْلَبًا
مِنْ أَنْ يَضِيقَ بِهِ الفَتَى المُتَعَلِّمُ
إِنْ كَانَ فِي النَّسَبِ التَفَاضُلُ فَالوَرَى
لَا يَعْلَمُونَ مَنِ المُفَضَّلُ مِنْهُمُ
تِلْكَ الرُّءُوسُ وَهَذِهِ تِيجَانُهَا
صَاغَتْ حُلَاهَا فِي التُّرَابِ الأَعْظُمُ
أَوْ كَانَ بِالمَالِ الفَخَارُ مِنَ الَّذِي
خَلَقَ الجَدِيدَ لِبَاسُهُ وَالمَطْعَمُ؟
بِعَنَاصِرِ الكَوْنِ امْتَزَجْتَ فَأَنْتَ مِنْ
فَضَلَاتِ غَيْرِكَ آكِلٌ تَتَنَعَّمُ
وَاللَّذَّةُ الكُبْرَى إِذَا حَقَّقْتَهَا
هِيَ مَا بِهِ أَفْتَى ضَمِيرُكَ لَا الفَمُ
أَوْ كَانَ لِلدِّينِ التَّطَاحُنُ بَيْنَنَا
فَأَنَا مَسِيحِيٌّ كَمَا أَنَا مُسْلِمُ
لَوْ يَعْلَمُ الإِنْسَانُ مَا يَسْطِيعُهُ
بِالحُبِّ لَمْ يَكُ فِي البَرِيَّةِ مُجْرِمُ
الحُبُّ أَعْذَبُ مَا يُقَالُ وَيُشْتَهَى
وَأَلَذُّ مَا نَظَمَ الزَّمَانُ وَيَنْظِمُ
فَتَمَسَّكُوا بِصِلَاتِهِ وَتَرَنَّمُوا
بِصَلَاتِهِ وَأَنَا السَّعِيدُ وَأَنْتُمُ