زهرة الإحسان
قيلت في حفلة المدرسة السنوية، وكان الناظم قبل مغادرته ببيروت طبيبًا للمدرسة.
لِي غَادَةٌ حَسْنَاءْ، رُومِيَّةٌ عَرْبَاءْ
فَتَّانَةُ الأَسْمَاءْ، قَلْبِي بِهَا وَلْهَانْ
قَدْ مَرَّ مِنْ عُمْرِي عِشْرُونَ فِي الهَجْرِ
وَلَمْ يَزَلْ فِكْرِي بِذِكْرِهَا نَشْوَانْ
أَتَيْتُ نَادِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا
مِنْ حُسْنِ مَاضِيهَا شَيْئًا عَلَى نُقْصَانْ
تُثَقِّفُ الأَحْلَامْ، وَتَحْضُنُ الأَيْتَامْ
وَتَنْشُرُ الأَعْلَامْ لِلْبِرِّ وَالعِرْفَانْ
أَرْبَتْ عَلَى الخَمْسِينْ، وَلَمْ يَشُبْهَا شَيْنْ
وَشِبْتُ قَبْلَ الحِينِ وَهْيَ كَالشُّبَّانْ
إِنْ أَنْكَرَتْ رَسْمِي مَا أَنْكَرَتْ نَظْمِي
أَيْ مَعْهَدَ العِلْمِ، كَمْ فِيكَ لِي مِنْ شَانْ
هَلْ تَذْكُرُ الطَّبِيبْ، أَمْ تَذْكُرُ الخَطِيبْ
كِلَاهُمَا كَئِيبْ، مِمَّا تُقَاسِي الآنْ
مِنْ ضِيقِ بُنْيَانِكْ، مِنْ عُرْيِ جُدْرَانِكْ
مِنْ فَقْرِ سُكَّانِكْ، مِنْ قِلَّةِ الأَعْوَانْ
فَلْيَنْظُرِ الغَرِيبْ، وَلْيَذْكُرِ القَرِيبْ
نَظَافَةُ الحَبِيبْ لَيْسَتْ مِنَ الإِيمَانْ
يَا مَعْهَدَ التَّعْلِيمْ، وَمِوْطِنَ اليَتِيمْ
مِنْ مَجْدِكَ القَدِيمْ، نُورٌ عَلَى لُبْنَانْ
لَوْ أَنَّ أَقْوَالِي تُغْنِي عَنِ المَالِ
نَظَّمْتُ لِلْحَالِ فِي وَصْفِهِ دِيوَانْ
دُومِي عَلَى الدَّهْرِ، مَرْفُوعَةَ القَدْرِ
مَحْمُودَةَ الذِّكْرِ، عَابِقَةَ العِطْرِ
يَا زَهْرَةَ الإِحْسَانْ
ومُثِّلَت في زهرة الإحسان رواية الحبل في العنق، فقال فيها وفي الممثلات:
فِي زَهْرَةِ الإِحْسَانِ عِطْرٌ نَاعِمٌ
تَفْنَى عُطُورُ الزَّهْرِ وَهْوَ البَاقِي
مَا اسْتَنْشَقَتْ رُوحِي شَذَاهُ مَرَّةً
إِلَّا ذَكَرْتُ اللَّهَ فِي اسْتِنْشَاقِي
وَحَمَدْتُ مَدْرَسَةً إِلَى أَحْضَانِهَا
يَأْوِي شَهِيدُ البُؤْسِ وَالإِمْلَاقِ
طَبَعَتْ عَلَى صَدْرِ اليَتِيمِ خَيَالَهَا
وَحَوَتْهُ مِنْ أَلْحَاظِهَا بِنِطَاقِ
فَضُلُوعُهُ فِي غَرْسِهَا، وَدُمُوعُهُ
فِي كَأْسِهَا، وَالرُّوحُ فِي الأَوْرَاقِ
وَمُمَثِّلَاتٍ عَطَّرَتْ أَنْفَاسُهَا
أَنْفَاسَهُنَّ فَزِدْنَ بِالإِحْرَاقِ
طَافَ الجَمَالُ بِهِنَّ فَهْوَ مُخَيِّمٌ
فِي الثَّغْرِ وَالوَجَنَاتِ وَالأَحْدَاقِ
يَخْتَالُ بِالأَدَبِ الصَّحِيحِ لِوَاؤُهُ
وَيَزِينُهُ تَهْذِيبُهُنَّ الرَّاقِي
وَالحُسْنُ فِي الأَجْسَامِ غَيْرُ مُتَمَّمٍ
إِنْ لَمْ يَتِمَّ الحُسْنُ فِي الأَخْلَاقِ
أَسْمَعْنَنِي نَغَمَ البَلَابِلِ فِي الرُّبَى
فَازْدَدْتُ أشْوَاقًا عَلَى أَشْوَاقِ
وَسَكِرْتُ مِنْ خَمْرِ الصَّبَابَةِ بَعْدَمَا
ذَهَبَ الشَّبَابُ بِهَا وَمَلَّ السَّاقِي
فَعَرَفْتُ بَعْدَ تَجَاهُلَي أَنَّ الفَتَى
مَا عَاشَ رَهْنَ فُؤَادِهِ الخَفَّاقِ
وَغَدَوْتُ بَعْدَ «الحَبْلِ فِي العُنُقِ» امْرَأً
يَهْوَى بَقَاءَ الحَبْلِ فِي الأَعْنَاق