يوم الشهداء «٦ أيار»
لَمْ يَمُوتُوا، لَكِنَّهُمْ أَحْيَاءُ
تُنْشِدُ الأَرْضُ ذِكْرَهُمْ وَالسَّمَاءُ
سَاحَةَ البُرْجِ أَيْنَ أَعْوَادُكِ السُّو
دُ وَأَيْنَ المَشَانِقُ الحَمْرَاءُ
تَحْجُبُ الظُّلْمَةُ الوُجُوهَ فَتَمْضِي
وَتَظَلُّ الأَرْوَاحُ وَهْيَ ضِيَاءُ
•••
شَهْرَ أَيَّارَ، لَا سَقَتْكَ الغَوَادِي
خُنِقَتْ فِيكَ نَبْتَةٌ عَذْرَاءُ
يَوْمَ قَالُوا الإِخْلَاصُ فِي العُرْبِ خَوْنٌ
فَمَشَتْ فِي السَّلَاسِلِ الأَبْرِيَاءُ
مَا كَفَى الحَرْبُ وَالمَجَاعَةُ حَتَّى
رَوَّعَتْهُمْ عَوَاصِفُ هَوْجَاءُ
بَطَشَ البَغْيُ بِالشَّبَابِ وَبِالشَّيـْ
ـبِ وَلِلْبَغْيِ بَطْشَةٌ نَكْرَاءُ
فَذَوَتْ وَرْدَةُ الأَمَانِي وَأَقْوَتْ
مِنْ شَذَاهَا الحَدَائِقُ الغَنَّاءُ
وَخَبَتْ جَذْوَةُ الجِهَادِ، وَغَطَّتْ
صَفْحَةَ الأُفْقِ غَيْمَةٌ سَوْدَاءُ
وَجَنَاحُ العُرُوبَةِ انْهَدَّ مِمَّا
حَمَّلُوهُ، وَغَصَّتِ الكِبْرِيَاءُ
بَعْضُ قَرْنٍ أَتَى عَلَيْهِمْ وَهَذَا
صَوْتُهُمْ لَمْ يَزَلْ لَهُ أَصْدَاءُ
وَجِرَاحٌ فِي جَنْبِ لُبْنَانِ لَوْلَا
غَضْبَةٌ حُرَّةٌ لَعَزَّ الشِّفَاءُ
كَمْ مَضَى الأَجْنَبِيُّ يَنْكَأُ فِيهَا
كَيْفَمَا سَوَّلَتْ لَهُ الأَهْوَاءُ
فَإِذَا الشَّعْبُ لَفْحَةٌ مِنْ ضِرَامٍ
وَإِذَا ثَوْرَةُ الدِّمَاءِ الجَلَاءُ
•••
شَهْرَ أَيَّارَ أَنْتَ ذَا اليَوْمَ رَمْزٌ
فِيكَ كَانَ الأَسَى وَفِيكَ العَزَاءُ
كُلَّ عَامٍ تَرُودُنَا مِنْكَ ذِكْرَى
يَلْتَقِي المَجْدُ عِنْدَهَا وَالوَفَاءُ
فَنَزُورُ الأَحْرَارَ وَالقَبْرُ نَاءٍ
وَرُفَاتُ الأَحْبَابِ فِيهِ هَبَاءُ
وَنُغَذِّي اسْتِقْلَالَنَا بِلِبَانٍ
صُبَّ فِيهِ إِيمَانُهُمْ وَالرَّجَاءُ
أَوَلَا تَسْمَعُونَ شِبْهَ حَفِيفٍ
مِنْ وَرَاءِ القُبُورِ، وَهْوَ نِدَاءُ؟
أَيُّهَا العَائِشُونَ نَحْنُ سَكَبْنَا
مِنْ دِمَانَا لِتَسْتَفِيقَ دِمَاءُ
أَيُّهَا العَائِشُونَ نَحْنُ وَضَعْنَا
أُسُسًا لِلْعُلَى فَأَيْنَ البِنَاءُ
أَيُّهَا العَائِشُونَ، فِي خَطْرَةِ الذِّكـْ
ـرَى وَفِي نَبْضَةِ العُرُوقِ دُعَاءُ
نَحْنُ كُنَّا لِلْحَقِّ نِعْمَ الضَّحَايَا
أَفَكُنْتُمْ لِلْحَقِّ نِعْمَ الوِقَاءُ
«لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ
إِنَّمَا المَيْتُ» زُمْرَةٌ أَشْقِيَاءُ
•••
إِيهِ قَوْمِي عَلَى الحَيَاةِ سَلَامٌ
إِنْ أَضَلَّتْ سَبِيلَهَا العُقَلَاءُ
حَقُّ هَذَا العَهْدِ الجَدِيدِ عَلَيْنَا
مَا تَشَاءُ العُلَا وَيَهْوَى الإِبَاءُ
وَتُرَاثٌ مِنَ الضَّحَايَا مَجِيدٌ
مَا عَلَيْهِ سِوَاكُمُ أَوْلِيَاءُ
فَاحْفَظُوا العَهْدَ وَالتُّرَاثَ، وَإِلَّا
نَحْنُ وَاللَّهِ لَا هُمُ الشُّهَدَاءُ