عمر الداعوق
قِيلت في حفلة الأربعين في سينما ريڨولي.
قَالُوا أَلَا تَرْثِي عُمَرْ
وَهُوَ ابْنُ لُبْنَانَ الأَبَرْ
رَجُلُ الرِّئَاسَةِ وَالسِّيَا
سَةِ وَالكَيَاسَةِ وَالخَفَرْ
حَامِي المَقَاصِدِ بَاعِثُ الـْ
ـخَيْرَاتِ مِنْ قَلْبِ الحَجَرْ
فَأَجَبْتُ: إِنَّ رِثَاءَهُ
بِفَمِ الزَّمَانِ قَدْ اسْتَقَرْ
يَا يَوْمَ مَأْتَمِهِ المَهِيـ
ـبِ وَهَوْلَ ذِيَّاكَ السَّفَرْ
وَالآلَةُ الحَدْبَاءُ تَحـْ
ـمِلُ فَوْقَهَا بَحْرًا وَبَرْ
وَالجَمْعُ خَلْفَ النَّعْشِ مَكـْ
ـلُومٌ تُغَالِبُهُ العِبَرْ
يَبْكِي شَمَائِلَ كَالنَّسِيـ
ـمِ مُحَمَّلًا أَرَجَ الزَّهَرْ
وَذَخِيرَةً كَانَتْ لِأَيـْ
ـيَامِ الشَّدَائِدِ تُدَّخَرْ
وَمُعِينَ كُلِّ فَتًى شَكَا
وَمُقِيلَ كُلِّ أَخٍ عَثَرْ
رُكْنٌ تَهَدَّمَ لِلْإِخَا
ءِ وَلِلْوَفَاءِ وَلِلْحَذَرْ
بَلْ دَوْلَةٌ ذَهَبَتْ بِمَا
فِيهَا مِنْ الشِّيَمِ الغُرَرْ
•••
هَلْ تَذْكُرُونَ جِهَادَهُ الـْ
ـمَاضِي وَعَهْدًا قَدْ غَبَرْ
أَيَّامَ كَانَ النَّاسُ فِي
حَرْبٍ وَكُنَّا فِي خَطَرْ
فَأَتَى بِخُبْزٍ لِلْجِيَا
عِ وَرَدَّ عَادِيَةَ الغِيَرْ
وَأَقَامَ حُكْمًا صَالِحًا
مَا عَابَهُ إِلَّا القِصَرْ
ثُمَّ انْثَنَى يُذْكِي العَزَا
ئِمَ أَوْ يُفِيقُ مِنَ الخَدَرْ
يَسْتَهْدِفُ الإِصْلَاحَ فِي
شَتَّى الحُقُولِ بِمَا اشْتَهَرْ
عِلْمٌ وَتَضْحِيَةٌ وَإِقـْ
ـدَامٌ وَبُعْدٌ فِي النَّظَرْ
لَا الضَّغْطُ يَثْنِيهِ وَلَا
تَعَبُ الجِهَادِ وَلَا الكِبَرْ
فَكَأَنَّ جُلَّ حَيَاتِهِ
وَقْفٌ عَلَى نَفْعِ البَشَرْ
هِيَ صَفْحَةٌ تَبْقَى عَلَى الـْ
أَيَّامِ نَاصِعَةَ الصِّوَرْ
عِبَرٌ مِنَ المَاضِي إِلَى الـْ
ـجِيلِ الجَدِيدِ المُنْتَظَرْ
•••
يَا هَاجِرًا أَحْبَابَهُ
مَا أَنْتَ آخِرَ مَنْ هَجَرْ
مَرَّتْ عَلَيْكَ الأَرْبَعُو
نَ وَلَا جَوَابَ وَلَا خَبَرْ
لَكِنَّ رَسْمَكَ لَمْ يَزَلْ
مِلْءَ البَصَائِرِ وَالبَصَرْ
وَأَنَا الَّذِي إِنْ يَفْتَخِرْ
فَبِوُدِّكَ الصَّافِي افْتَخَرْ
كَمْ كُنْتُ أَرْجُو لَوْ نَظَمْـ
ـتُ لَكَ الرِّثَاءَ مِنَ الدُّرَرْ
نَاجَيْتُ فِيكَ قَرِيحَتِي
فَشَكَتْ وَأَعْيَانِي السَّهَرْ
مَا حِيلَةُ القَلْبِ الكَسِيـ
ـرِ وَقَبْلَهُ القَلَمُ انْكَسَرْ
قَلَمِي الَّذِي حَطَّمْتُهُ
مِنَ بَعْدِ مَا ذُقْتُ الأَمَرْ
وَرَأَيْتُ أَقْدَارَ الرِّجَا
لِ تَضِيعُ فِي عَهْدٍ أَغَرْ
لَوْلَا هَوَى لُبْنَانَ، يُطـْ
ـرِبُنِي وَإِنْ شَذَّ الوَتَرْ
لَبَلَغْتُ فِي الشَّكْوَى المَدَى
حَتَّى يُقَالَ فَتًى كَفَرْ
مَا قِيمَةُ الوَطَنِ المُدِلـْ
ـلِ وَفِيهِ تَنْتَحِرُ الفِكَرْ
مَاذَا هُنَاكَ، فَلَا أَرَى
إِلَّا ضَمَائِرَ مِنْ مَدَرْ
وَالنَّاسُ فَي سُوقِ النِّفَا
قِ عَلَى وِفَاقٍ فِي الضَّرَرْ
بُغْضٌ وَأَطْمَاعٌ وَتَفـْ
ـرِقَةٌ وَأَشْيَاءٌ أُخَرْ
غِيضَ الوَفَاءُ فَلَا غِرَا
سٌ فِي الرِّيَاضِ وَلَا ثَمَرْ
وَقَسَتْ قُلُوبُ النَّاسِ حَتـْ
ـتَى الجَنْدَلُ القَاسِي انْفَطَرْ
كَمْ مِنْ غَنِيٍّ مَالُهُ
كُالغَيْمِ مَحْبُوسُ المَطَرْ
فَكَأَنَّهُ بَيْنَ القُصُو
رِ مُوَسَّدٌ طَيَّ الحُفَرْ
•••
عَفْوًا بَنِي أُمِّي فَفِي
كَأْسِي الشَّرَابُ حَلَا وَمَرْ
أَنَا فِي الحَيَاةِ أَخُو طَرِيـ
ـقٍ عَابِرٌ فَيمَنْ عَبَرْ
لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ صُحْبَةِ الـْ
أَيَّامِ إِلَّا مَا نَدَرْ
لَا شَيْءَ يَرْبِطُنِي بِهَا
سِيَّانِ صَفْوٌ أَوْ كَدَرْ
حُرٌّ مِنَ الرَّغَبَاتِ وَالرْ
رَهَبَاتِ، مِنْ خَيْرٍ وَشَرْ
لَكِنَّنِي مَا زِلْتُ أَطـْ
ـرَبُ لِلْحَمِيدِ مِنَ السِّيَرْ
وَأَرَى الحَقِيقَةَ أَنْ تُقَا
لَ وَلَوْ بِهَا النَّفَسُ اسْتَعَرْ
•••
وَإِذَا بَكِيتُ عَلَى عُمَرْ
أَيَرُدُّهُ لَكُمُ القَدَرْ
إِنَّ الخَسَارَةَ لَا تُعَوْ
وَضُ وَالحَكِيمُ مَنِ اعْتَبَرْ
فَمَشَى عَلَى آثَارِهِ
لِيَغِيبَ مَحْمُودَ الأَثَرْ
٢٣ ك١ سنة ١٩٤٩