قصاص
٢٨ / ٢ / ١٩٤٣
أنت ارتضيت فلا تجزع ولا تلمِ
واجرع حياتك بين الذكر والندم
لا العهد دام ولا السلوان مقتدر
فَاحْسُ السراب على بعد ومن أَمَم
ماضٍ تكفر عنه اليوم معتذرًا
مما كفرت به والعذر كالجرم
أين العدالة والميزان مختلف
وكيف يجمع بين الخصم والحكم
عذبت منه ضعيفًا في طبيعته
حَمْلُ العذاب فلم ترحم ولم تجم
فاسهر عليه لعل النوم يسعفه
وطف حواليه أنى كان واستلم
واحمل عذابين: ما حَمَّلْتَه عَنَتًا
هذا البريء وما تلقى من الألم
يا ويلتا لي وويلي من شقاوته
لما رميت رماني الدهر وهي رمي
•••
يا صاحبيَّ أعينا مدنفًا قلقًا
يُشْقيه ماضيه؛ ماضٍ جِدُّ مُتَّهم
لا في الكئوس عزائي من جنايته
ولا السلوُّ بميسور لمعتصم
•••
أيك رماه البلى لما أبيح له
لو شئت ذُدت عن الإلفين والأكم
بقي الأليف بلا إلف ولا سند
ورُحْتَ وحدك تنعي غير محتشم
هلا جزيت وفاءً بالوفاء وهل
دين المروءة إلا البر بالذمم؟
•••
نم يا حبيبي فما نومي على دغل
إلا كنومك بين الشوك والرقم
واغفر لصاحبك الباغي قساوته
أدناه للبغي ما أدناك للكرم
أين الذراع التي وسدتها حججًا
وسنان يقظان أو في صحوة الحلم
هل آلمتك الليالي بعدها وقسا
حتى الوساد على أذنيك واللمم
وا حر قلباه من جفنين في فزع
لا يهدأان على حال من السأم
وأين منك عيون طالما سهرت
عليك في مضجع هانٍ وفي سلم؟
وأين دونك عزم بعضه جَلَدي
وأين منك سياج بعضه هممي؟
يا أبعد الناس إلا عن مخيلتي
وأقرب الناس إلا من يدي وفمي
نم يا حبيبي فعين الله ساهرة
ترد عنك عوادي الدهر والنقم
نم في حماه كفاك الله كل حمى
إلاه … حسبك ظل الله من دَعَم