الذنب ذنب الوالدين
نشرت بمجلة الإرادة في فبراير سنة ١٩٢٧
***
وسط القصور الشاهقات
اسمعْ بكاء الغانيات
الناعسات الموقظات
الراميات الفاتنات
يبكين من ألم دفين
المال عندهمُ كثير
والخير عندهمُ وفير
اللبس صوف أو حرير
والعقد من ماسٍ نضير
والناس صاروا حاسدين
قد زوَّجوها من وزير
أيامه كذب وزور
في الليل يرتشف الخمور
لكنَّ منصبه خطير
والذب ذنب الوالدين
ما زوجوها إنما
في السوق بيعت كالإما
والوالدان تساوَما
الشاريان تنعَّما
والبنت زُفَّت للمنون
لما انقضى شهر العسل
بمروره قُطع الأمل
الزوج عاد إلى الغزل
بالبيض ربات الكِلل
شأن الرجال الفاسقين
نسي العهود الماضيات
ليعيش بين المومسات
ومع الغواني الفاسقات
يقضي المآرب منكرات
والكأس صار له خدين
الزوج صار إلى التلف
فتراه في جنح السدف
يمشي الذليل أو الوجِف
والمال ضاع مع الشرف
لا يردع المغرورَ دين
بنت الكروم تحكَّمت
في عقله وتسلطت
ولنفسه هي زَيَّنَتْ
لعب القمار فأذعنت
نفسُ الغبي المستهين
لعب القمار مع الجياع
واللعب ربح أو ضَياع
خسر البيوت مع الضِياع
خسر الأواني والمتاع
والمال ملك الدائنين
رفعوا الشكاوى للقضاء
والحكم عدل لا مراء
لمَّا استحال عليه تسـ
ـديدُ الديون أو الوفاء
زجُّوه في قاع السجون
رأتِ الفتاة من المحال
الصبر في هذا المجال
فالدمع منها في انهمال
والجسم عود من خِلال
والعقل خالطه الجنون
في الليل تبكي حظها
والدمع قرَّح عينها
والنوم خاصم جفنها
والهم أسقم عودها
والليل قاسٍ لا يلين
أنَّ الوليدُ على السرير
يبغي طعامًا، والصغير
إن جاع يبكي أو يثور
والأم حيرى كالضرير
والطفل موصول الأنين
قالتْ: بُنَيَّ انظر إليَّ
تجدنِ عودًا من خلال
ثديٌ جديبٌ ما به
لبن وليس لدي مال
أوَّاه مالي من معين
اشرب دموعي يا وليد
هبْها حليبًا أو ثريد
قضتِ العدالة أن تمو
ت بفتك جوع لا حديد
والدهر غدار خئون
أخذتْ مسدسَ زوجها
حَشتِ الرَّصاصَ بنفسها
وتشجَّعتْ وحلا لها
هجر الحياة فما بها
غَثٌّ يسرُّ ولا سمين
نفذ الرَّصاص بلا مهل
خارت قواها بالعجل
والطب أعيته الحيل
والآن قد قُضي الأجل
والذنب ذنب الوالدين