قلب عجوز
في ٦ / ٧ / ١٩٤٤
ماتت حواسُّك بعد الحِسِّ والشِّعر
ما بالُ قلبِكَ ينزو نزوة الغِرِّ؟!
يضِج كالطفل مأخوذًا بدميته
إذا تلفَّت مسحورًا بلا سحر
وما تأوَّد غصن من نضارته
إلا أكبَّ على الأشواك والزهر
أكلما شام برقًا ظنه قبسًا
وإن توهج لون لاح كالتبر؟
… … … … …
… … … … …
ينام يقظان لا تخبو مراجله
ولا يحولُ إلى فحم من الجمر
كأنه الحية النضناض تحسبها
من السكون جمادًا وهي في الجُحْر
تنساب رقطاء إن هاجت طبيعتها
وتحتمي بشقوق الكهف في القر
فاعْجَبْ لقلبٍ كثعبان بلا خُلُق
يا ليت قلبك هذا قُدَّ من صخر
رانت على عينك السَّكرى غشاوتها
وقلَّ من حدة الإبصار ما تذري
فلا الجِنان كما كانت خمائلها
ولا الجداول في أنحائها تجري
ولا النَّدِيُّ ولا السُّمَّار في سمر
ولا المدامة في إبريقها تُغري
وَوقَّع البلبلُ الغرِّيد أغنيةً
وردَّد اللحن ما في الأيك من طير
فأنكرت أذناك اليوم سجعته
وكم طربت لها في سالف العصر!
ليس الجميل جميلًا أو تُعِدَّ له
من فيض نفسك نبعًا صافي الغَوْر
إذا عشَوْت فنور البدر منحرف
والشمس حائلة كالشمس في الظهر
يا خافقًا كذبيح الطير من ألم
نكأت جنبي وجاف الجرح في صدري
غدرت يا قلب في صحو وفي ثمل
وما تبرمت حتى خانني صبري
أمَّا الشباب فقد ولَّى على عجل
ولا إياب فرفقًا بالذي تفري
ولَّى الربيع؛ ربيع العمر واختلفت
فصول دهرك فاهدأ باقيَ العمر