بعد هدوء العاصفة
تعقيب على حوادث لبنان.
نشرت بجريدة الأهرام عدد ٢١١٩٢ بتاريخ ٢٨ / ١١ / ١٩٤٣.
***
كفَّرت عن شعري ولمت يراعي
وندمت بعد تطوعي ودفاعي
هتكت حجاب ريائها إذ كشَّرت
عن نابها وبدت بغير قناع
بالأمس أطلقت اليراع محاميًّا
مستلهمًا وحي الهوى والداعي
لبيت قلبي في هواها طائعًا
واليوم أطرق في أسى الملتاع
ينتابني فيها الوفاء ونزعة
ويصدني عنها الهوى ونزاعي
سَبقتْ إليها في الفجيعة أنني
لحن حزين الجرس والإيقاع
كلَّلتها بالغار وهي جريحة
والناس بين معيِّر أو ناع
وزجرت فيها الشامتين تعففًا
عن جيفة في حلبة وصراع
وعكست من شعري عليها هالةً
«طولون» مصدر نورها وشعاعي
عَيَّ الدفاع فليت مَن أدلى به
قد عَيَّ قبل الدفع والإقناع!
•••
قلْ لِلِّبَاةِ استأسدت في مأمن:
هلَّا زأرتِ على عرين سباع
قل للعجوز يسومها جلَّادها
خسف العذاب وذلة المنصاع:
هلَّا انتفضتِ من القيود كريمةً
أفتؤثرين مرارة الأوجاع؟!
أخلفت ظني والظنون تعلَّة
لمتيم ومطية لِلَكاع
فاستغفري مما جناه «ممثل»
وتنكَّري في مظهر المرتاع
لا زلتُ أوليك النصيحة صادقًا
فإذا أذنت تعطفي بسماع
•••
لبنان يا جار الدروز وغابهم
وعرين كلِّ مظفَّر منَّاع
عاثت ذئاب في الشرى وتنمَّرت
ما بين عاطشة وبين جياع
فاربأ بحلمك أو يُؤَوِّلُ مُجْتَرٍ
وابطش بها في السفح أو في القاع
إن التي زعمت حقوقك منحة
سلبتك هذا الحق بعد خداع
ردته راغمة ولولا غضبة
مضرية ما ارتدَّ بعد ضياع
فليعتبر من لا يزال «محايدًا»
وليفقه الدرسَ اللبيب الواعي
الحق يؤخذ ليس يُمنح منَّةً
من مُنعم مُتفضِّل بمتاع
والحق يؤخذ عنوةً أو يشترى
حتى تعادل صفقة المبتاع