إلى الأديب «محمد العلائي»
نشرت بالرسالة عدد ٥٥١ بتاريخ ٢٤ / ١ / ١٩٤٤، ذكرى أول لقاء على صفحات الرسالة، وقد نشرت له قصيدته «على ضفاف الجحيم» في العدد ٥٤٩ صفحة ٣٦.
***
أثرتَ كامن أشجاني وآلامي
وضج جنبي على «خفاقه» الدامي
يا أيها الشاعر المحروم لا سغبًا
كما تقول ولكن روحك الظامي
إن «عربد الشك»، والتعبير مبتكر
في ساعة اليأس عَرْبِدْ بعضَ أنغام
في نور قلبك من شمس الضحى عوض
فاقبس من النور أو أشرق بإلهام
إن «الحقيقة» ظل حائل أبدًا
يحوم والناس في ماخور آثام
دون الحقيقة سدٌّ هائل عرم
من التقاليد محفوف بأوهام
وما الحقيقة إلا ما يُزوِّره
خيال مُتَّجر أو عجز أقزام
غرائز الناس تأباها مجردةً
ويدعم الزورَ منهم كلُّ هدام
«خلا المصلَّى» ولا محراب تنظره
وعسعس الليل في بيداء أحلام
وطفت بالمعبد المحزون تسأله:
أين المسيح وأين المبدأ السامي؟
وتمتم الكاهن الدجال أغنية
وأطفأ الشمع إلا حول أصنام
كفرت بالإثم واجتاحتك عاصفة
في لجة الشك حول الساحل الطامي
وهِمْتَ في الأرض «مخدور المنى شرقًا»
تقول: «يا وحدتي» في ليل إحرامي
أُخيَّ إن لم تصلنا بعد رابطة
من الوداد ولم نوصل بأرحام
عظَّمت شعرك عذبًا في فحولته
قبل الأوان فلم يخطئك إعظامي
ورَقَّ قلبي وراق اللحنُ في أُذني
أنا العنيد كما يحتجُّ لُوَّامي
يصيب سمعيَ وقر من مباذلهم
إذ يقحمون ركيكًا شر إقحام
كذلك الشعر فاصدح في خميلته
أعوذ بالشعر من أنغام نظَّام
عصرت من كرمة الحرمان خمرته
ففاحت الكأس في «جوي وأنسامي»
وفي البواكير طعم لا يلذ به
إلا عليم بطعم الخمر والجام
نزحت دمعي فليت الدمعَ يشفع لي
وليت نفسك ترضى بعد إحجام!