القيثارة المحطَّمة
نشرت بمجلة الرسالة عدد ٥٩٤ بتاريخ ٢٠ / ١١ / ١٩٤٤.
***
نسجت عليها العنكبوت شعارَها
ورمى البِلَى لما رمى أوتارها
كانت عزاءك دون كلِّ خليلة
لهفي عليكَ وقد حُرمت حوارها!
كم قد شكوتَ لها تباريح الهوى
في ليلة أرخت عليك ستارها
وشرحتَ آلام الجوى ولهيبه
فاستودعتكَ بدورها أسرارها
تتناجيان ولا سمير سواكما
والنجم يهتك أو يلم خمارها
حتى إذا طلع الصباح طرحتها
وأويت أهدأ ما تكون جوارها
•••
وَقَفَتْ عليك حياتَها فأنينُها
باكٍ عليك إذا قدَحت أُوارها
ونشيجها لولا أساك كشدْوها
وأساك يلهبها ويضرم نارها
عزَّافة الألحان تشدو طلقةً
ما شئت حتى تستثير قرارها
تحنو عليك حنان أمٍّ برَّة
يفري ويقلم طفلُها أظفارها
لا تقتضيك على الوفاء بديلة
وتظل طوعَك ليلَها ونهارها
لولاك ما نطقت بآهٍ حرة
يومًا ولا شقَّ الحنينُ إطارها
•••
ماتت عروس الشعر فوق شفاهها
والقوس يعزف راويًا أشعارها
وحكى الصدى ألحانَها فتجاوبت
حينًا وأذهل صمتُها سُمَّارَها
غنيتَهم زمنًا فهوَّم نائم
وأشاح عنك فعاودتْ إصرارها
وحبست عنهم لحنها فتلقفوا
لما زجرت عيونها وهزارها
وصبنت عنهم كأسها فتذوقوا
خمرًا سواها واستسغتَ عُقَارَها
فصدفتَ عنهم يائسًا مترفعًا
وغنيتَ عنهم واحتملتَ إسارها
كانت عزاءك دونهم فحُرمتها
وبقيتَ وحدَك حافظًا تَذكارها
حملتْ همومك عنك دهرًا فاحتملْ
فيها المصاب مخلِّدًا أخبارها