الضمير
نشرت بمجلة الرسالة عدد ٥٩٧ بتاريخ ١١ / ١٢ / ١٩٤٤.
***
صاحب وَسْنانُ من طول السهر
إن تنمْ ناداك أو تَنْسَ ادَّكر
كلما غافلته في سكرة
من أمانيك تجنَّى أو عذر
فإذا كفَّرت عن وزر عفا
وإذا عدت إلى إثم ثأر
ليس ملموسًا فتدري كنهه
وهو ما كتَّمت يدري ما تُسِر
وتواريه فيغضي ساعةً
ثم يستيقظ في لمح البصر
ليس عقلًا أو شعورًا خالصًا
بل تراثًا من شعور وفِكَر
فهو عقل باطن أو ملهم
وهو إحساس قديم مدَّخر
كم جرعت الصابَ من ترياقه
واستسغتَ الشَّهد مما قد هصر
أنتما الدهرَ طريدٌ آبق
وغريمٌ طارد أو منتصر
أينما ولَّيْتَ أحصى مرجئًا
موعدًا حتمًا فأيَّان المفر؟
•••
يتراءى شاحبًا أو إمَّعًا
فهو كالظل إذا الظل انتشر
وهو جبَّار عنيف تارةً
وهو أحيانًا ضعيف يأتمر
وهو إعصار وريح صرصر
وهو كالسيل إذا السيل انهمر
وهو كالبحر إذا البحر طغى
وهو كالموج إذا الموج انحسر
وهو كالسهم إذا السهم رمى
وهو كالسيف إذا السيف بتر
آمر ناهٍ وعاصٍ طيع
وهو الآمر وهو المزدجر
لا ينام العمر إلا ساعةً
فترقَّبها وبالغْ في الحذر
ساعةً إن نمت عنها غافلًا
عدت كالمخمور أو كالمحتضر
أيها الساهر نمْ أو لا تنم
وترفقْ وتَجلَّدْ واستعر
إن جَنَيْنَا فعلينا وزرنا
وإذا نحن أنبنا فاعتذر