حفنةٌ من تراب
قال روحٌ: حَذارِ يا أَترابي
•••
أَبْعِدوهُ
عَنِ السماءْ
•••
هُوَ في الأرضِ حَفنةٌ من تُرابِ
فأَبوهُ
طينٌ وماءْ؟
•••
هوَ مِن نَفْخَةٍ كَفَتْ لتَجَلِّيهِ!
وتَكفي بذاتِها لاحْتجابِهِ
وكِما كانَ أَصلُهُ مِن تُرابِ
الأَرضِ، يَغدو مصيرُه لترابِهْ
ليتَهُ عادَ للثرى مثلما جاءَ
نقيًّا بنفسِهِ وإِهابِهْ١
جاءَ والحسنُ والرُواءُ رفيقاهُ
وثوبُ العفافِ كلُّ ثِيابِهْ
وتَولَّى يقودُه الإِثمُ والداءُ
إلى القبرِ في ربيعِ شبابِهْ
هُوَ يَحيا للشرِّ، فالشرُّ يحيا
أَبدًا، حيث حلَّ شؤْمُ رِكابِهْ
وهْوَ لا يَنفعُ البسيطةَ إِلاَّ،
حين يَثوي في القبرِ بين رِحابِهْ
حينَ يَمْتصُّه الثرى فيُغَذِّي
منه، ما في الأَديمِ من أَعشابِهْ٢
يا لَعَمْري٣ كلُّ النباتِ الذي في
الكونِ من زهرِهِ إلى لَبْلابِهْ٤
ليس إلاَّ عصيرَ أَجسامِ مَنْ
ماتوا فَزانوا الثرى بأَجملِ ما بِهْ!
كنَدَى الفجرِ سالَ فاشْتَفَّه التُربُ
فحالتْ وحلًا لآليِ حَبابِهْ
بَخَّرَتْه ذُكاءُ٥ فاسترجَعَتْهُ
صافيًا للأَثيرِ عينَ سَحابِهْ
فهْوَ بين السَحابِ ثانيةً قطرٌ
نقيٌّ يُحيي الثرى بانسِكابِهْ!
تلكَ حالُ الإنسانِ حيًّا وميتًا
ربَّ خيرٍ، أَلشرُّ من أَسبابِهْ!
١
الإهاب: الجلد الظاهر، ويقصد به الجسد.
٢
الأديم: التراب.
٣
يا لعمري: أقسم بديني.
٤
اللبلاب: نوع من العشب الذي ينبت في الحقول.
٥
ذُكاء: من أسماء الشمس.