نهاية الأسرة الثامنة عشرة
كان «توت عنخ آمون» آخر فرعون تولَّى عرش مصر من سلالة التحامسة ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وبعد وفاته توالى على عرش البلاد ثلاثة فراعنة لم يكن يجري في عروقهم الدم الملكي، وهؤلاء هم الفرعون «آي» الذي خلفه «حور محب» ثم أعقبه «رعمسيس الأول». وقد كان كل من هؤلاء قبل أن يقبض على زمام الأمور في البلاد يحمل لقب «القائد الأعلى» لجيوش الدولة المصرية، كما سنفصل ذلك بعدُ في حينه، على أن كل واحد منهم كان يبرر توليته عرش البلاد بزواجه أحيانًا من إحدى أميرات هذا البيت المالك الذي انقرض نسل الذكور فيه.
(١) موازنة بين الموظفين ورجال الجيش
ولا شك في أن موضوع تولي قائد الجيش أعظم سلطة في البلاد يكون مثارًا للدهشة والعجب عندما يستعرض الإنسان أمامه الدور الضئيل الذي كان يقوم به كل من الجندي وقائده في بناء مجد المملكة المصرية الداخلي؛ فقد كانت حكومة الأسرة الثامنة عشرة تعتنق مذهب الحكم «البيروقراطي»، وبعبارة أوضح كانت حكومة البلاد وقتئذٍ تتركز في يد سلسلة من طوائف الموظفين درجات بعضها فوق بعض كل منها مسئولة أمام رؤسائها وحدهم، بيد أنهم كانوا يقبضون في الوقت نفسه على كل صغيرة وكبيرة ماسة بحياة القوم العامة والخاصة. ولم يكن في يد الأشراف في هذه الفترة أية سلطة لمناهضة هذا النظام البيروقراطي؛ ويرجع السبب في ذلك إلى أن الفراعنة الأوائل من الأسرة الثامنة عشرة قد أجهزوا على معظم فئة الأشراف من حكام المقاطعات، أما البقية الباقية الذين أفلتوا من أيديهم، فقد تلاشوا تدريجًا على كرِّ الأيام، ومن ثم أصبحت طبقة الموظفين تُعَدُّ أعلى طبقة بين أفراد الشعب في كل البلاد؛ ولذا كان يُنظر إليها بعين التبجيل والاحترام، أما الطبقات الأخرى من الشعب فقد كان يُنظر إليها بعين الاحتقار والامتهان، ولا غرابة إذا رأينا أن الكتاب والموظفين كانوا يقبضون على زمام البلاد وحدهم فيما بعد، ويحتلون مكانة ممتازة فيها.
(١-١) «أمنحتب» بن «حبو»
حياة «أمنحتب» بن «حبو»
لم يذكر لنا «أمنحتب» شيئًا ما عن حياته قبل اعتلاء سميه «أمنحتب الثالث» عرش الإمبراطورية المصرية، وأوَّل وظيفة تقلَّدها في حكم هذا الفرعون هي «مساعد كاتب الملك».
لقد نصَّبني الفرعون مديرًا للأعمال القائمة في محجر الجبل الأحمر، وهي الآثار التي كانت ستُقام في «معبد الكرنك» للإله «آمون»، فنقلت تمثاله الضخم الذي كان يمثل صورة جلالته بكل دقة فنية، وقد أُحضر من «عين شمس الشمالية» إلى «عين شمس الجنوبية»، وهو لا يزال إلى الآن رابضًا في مكانه، وقد حباني سيدي؛ فسمح لي بإقامة تمثالي في معبد «آمون»؛ لأنه يعلم أني ملك يديه أبديًّا.
ولقد أشرفت على عمل تمثاله العظيم الشاسع في عرضه والسامق في طوله حتى فاق عمد المعبد الذي نُصب فيه، ولقد أشرق جماله على بابه؛ إذ بلغ طوله أربعين ذراعًا، أما مادته فقد قُطعت من محاجر الحجر الرملي المقدس للإله «رع آتوم»، وكذلك بنيت له سفينة خاصة وأحضرته فيها بالنيل، وأقمته في معبده العظيم الأبدي، فكان يناهض القبة الزرقاء في سموِّها، وسيحكم من سيأتي بعدي على عملي العظيم الأبدي هذا. وكان الجيش بقيادتي، وكان جنوده يعملون بسرور وقلوبهم فرحة؛ لأنهم يقومون بتأدية واجبهم لإلههم الطيب مسبِّحين بحمده، وقد أنزلوا هذا الأثر في «طيبة» مهللين مستبشرين، وهو رابض الآن في مكانه أبديًّا.
فنرى من الوصف السابق أن تمثال الملك هذا قد قُطع من محاجر «الجبل الأحمر»، وقد أوضح لنا «أمنحتب» في النقوش السالفة الذكر تفضيل الفرعون هذه المحاجر المقدسة، وتقع على مقربة من «عين شمس» وتُنسب للإله «آتوم»، وهو الإله المحلي لهذه الجهة، ولما كان الفرعون يعد نفسه ابن الإله «آتوم» ووارثه على الأرض، فإنه كان بطبيعة الحال يفضل نحت تمثاله من أحجار هذا المحجر بوصفها موروثة عن أبيه «آتوم».
وعلى الرغم من أن معبد بلدة «صولب» المقصود هنا لم يُذكر بالاسم في هذه النقوش فإن من الظاهر بداهة أنه قد أُقيم فيها بهذه المناسبة، هذا فضلًا عن أن الرسوم الواضحة التي تمثل «أمنحتب» في هذا المعبد لا تدع أي مجال للشك في أن معبد «صولب» هو المقصود هنا.
وقد بقي «أمنحتب بن حبو» بعد اعتزاله أعمال الحكومة وتقاعده يشغل وظيفة «حامل المروحة على يمين الفرعون» في البلاط، وبذلك ظل مرتبطًا بالبيت المالك تمام الارتباط. ويغلب على الظن أن «أمنحتب» هذا قد نال لقب «مدير ثيران آمون» في الوجه القبلي والوجه البحري في آخر أيام حياته؛ إذ من المحتمل أن القطعان التابعة لمعبد «آمون» كانت ترعى في أملاك الأميرة «سات آمون»، وهذا هو التفسير الممكن لحمله هذا اللقب.
وهنا يصل بنا المطاف إلى خاتمة حياة «أمنحتب بن حبو»، ولا نزاع في أنه قد وصل إلى ذروة مجده في مجال حياته الحكومية في السنة الثلاثين من حكم «أمنحتب الثالث»؛ فقد أقام أفخر مباني سيده، وأشرفها، ووصل بعمله هذا إلى أعظم الرتب التي لم ينلها إلا النزر اليسير من أمثاله من الموظفين. ومما يؤسف له أننا لا نعرف تاريخ وفاته حتى الآن. أما ما وصل إلينا عن المرسوم الخاص بمعبده الجنازي وهو الذي ذُكر فيه: «السنة السادسة، الشهر الثامن، اليوم الواحد والعشرون» فهو محض اختراع وُضع في الأسرة الحادية والعشرين، وليس ثمة شك في أنه قضي في الحادية والثلاثين أو الثانية والثلاثين من حكم الفرعون «أمنحتب الثالث».
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن القوم كانوا يقدسون هذا الرجل العظيم مدة حياته؛ إذ كانوا يعدونه خارقًا للعادة، فلا غرابة إذن في أن كانوا ينظرون إلى تمثاله بمثل هذه النظرة بعد وفاته. والواقع أن هيبة تمثاله كانت توحي في نفوس الشعب الإجلال والاحترام؛ فكان القوم يعتقدون فيه أنه لسان حالهم، وحاميهم والشفيع لهم في معبد الإله بعد مماته، كما كان الملجأ الذي يلجئون إليه مدة حياته، ولا عجب في ذلك؛ فقد وجدنا منقوشًا على قاعدتي التمثالين اللذين وُجدا أمام البوابة العاشرة بالكرنك النص التالي: «أنتم يا أيها الناس الذين يرغبون في رؤية «آمون»، تعالوا إليَّ لأني بشير هذا الإله، فقد نصبني «أمنحتب الثالث» لأبلغ كلمات القطرين إذا قرأتم لي صيغة القربان، وناديتم باسمي إنسانًا محبوبًا عمل خيرًا.»
(١-٢) موظفو إدارة الجيش: كاتب المجندين
وقد جرت العادة أن يُنتخب الموظفون أصحاب الرتب العالية في الجيش من كتاب الجند؛ فمنهم من يكون مديرًا للكتاب الحربيين، وكاتب المجندين، ثم القائد.
كاتب المجندين
ويدل ما جاء في حياة «أمنحتب بن حبو» على أن هذه الوظيفة كانت في الوجه البحري الذي كان يُعد أهم من الوجه القبلي من الناحية الحربية، وما وصل إلينا عن كتاب المجندين لا يدل قط على أن تقسيم هذه الوظيفة كان ممكنًا؛ وذلك لأن الترقيات التي كانت تلي هذه الوظيفة ليس لها أي أثر قط في النقوش المصرية.
التجنيد
وليس لدينا حاميات أخرى في الدلتا إلا إذا استثنينا معاقل الحدود والحاميات التي في المقاطعات، ولا شك في أن جزءًا عظيمًا من هذه الفرقة التي كانت تحمل السلاح هم الجنود الذين يتألف منهم الجيش العامل، ويقضون وقتًا غير محدود في تلك الحاميات يُدرَّبون تدريبًا عسكريًّا قبل أن يُطلق سراحهم ويؤذن لهم بالعودة إلى إقطاعاتهم التي مُنحوها.
وكان تجنيد العساكر الرديف كذلك تحت إدارة «كاتب المجندين»، وكانوا يشتغلون كثيرًا في خلال الأسرة الثامنة عشرة في شئون النقل.
حماية الحدود
على أن «سا أمنت» الذي ذكرناه آنفًا كان يشغل بالإضافة إلى منصب «قائد قلعة بحرية» وظيفة «قائد قلعة الأراضي الأجنبية الشمالية»، والظاهر أن هذا اللقب الذي لم يرد إلا في هذا النص وحده لا يُعزى إلى قلعة في فلسطين أو سوريا، بل إلى قلعة في الشمال الشرقي من الحدود المصرية وهي حصن ضمن سلسلة الحصون التي أُقيمت لحماية الحدود من هذه الناحية؛ إذ كان لا بد لمصر من معاقل يعززها جيش عظيم عند حدودها الشرقية. أما في الجنوب فكانت حدودها محمية ببلاد النوبة التي كانت تحت حكم نائب ملك مصري منفصل بإدارتها. أما على جانبي الصحراء في الوجه القبلي فكان يكفي لحمايتها رجال شرطة أقوياء عُينوا لهذا الغرض وحسب.
قائد الجيش
القائد الأعلى
وظائف المسنين
وخلاصة ما سبق ذكره عن مجال حياة الموظف الحربي وما كان يقوم به من الأعمال بعد التقاعد؛ أنه كان لا يُعد في سلك كبار الموظفين، وإن كان صاحب سلطان مدة خدمته العسكرية، ولا يمكن التقليل من شأنه، غير أنه عندما كان يترك العمل في الجيش لم يكن يُقلد وظيفة ذات نفوذ محس؛ وذلك لأنه لم يكن من فئة الموظفين الذين كانت تُسند إليهم وظائف ذات نفوذ في البلاط الفرعوني أو الذين كان لهم قوة عظيمة خارج حدود وظيفتهم في أواخر الأسرة الثامنة عشرة، مما يمهد لهم الطرق للاستئثار بالسلطة لأنفسهم؛ لذلك كان يلزم للوصول لجمع كل السلطة والقبض على زمام الأمور في البلاد صنف آخر من رجال الجيش، وهؤلاء هم رجال الجيش العامل.
جندي الميدان
يجب أن نستعرض هنا أولًا باختصار أطوار حياة ضابط الميدان أيضًا. كان الجندي يُقترع من بين طائفتين مختلفتين من الشعب؛ فطائفة منهم كانوا يُجندون من بين أولاد الجنود القدامى، وهؤلاء كان لزامًا عليهم أن يحلوا محل آبائهم، وكانوا أحيانًا يحتلون مراكزهم، وطائفة أخرى كانوا يُجندون من بين الشبان الذين قضوا فترة طفولتهم في البلاط الفرعوني يتلقون العلم ويدرَّبون مع أمراء البيت المالك أنفسهم، فكانوا بذلك يؤلفون فرقة مختارة من الغلمان المثقفين، ومن ثم نشأت العلاقات الشخصية بين الفرعون وضباط الميدان، وهذه العلاقات كان لا ينقطع سببها في الميدان ما دام الفرعون يقود جيشه في ساحة الوغى، وهذه الوسيلة كانت سببًا هامًّا لا يُستهان به في ترقية هؤلاء الضباط؛ لأن الفرعون كان قد تربى معهم في صغره، كما كان يقودهم في رجولته.
وأما حياة الضابط العامل في الميدان فكانت عادية؛ إذ كان يبدأ مجاله في الجيش جنديًّا بسيطًا في إحدى الفرق لعسكرة في حامية من الحاميات أو في سفينة من السفن، وكان يُعرف بجندي تابع لفرقة كذا بحامية كذا، أو جندي تابع لبحارة كذا في سفينة كذا، ثم يُرقى بعد مدة إلى رتبة حامل العلم في فرقته، أو على ظهر سفينته، وعندئذٍ كان يُلقب حامل العلم في فرقة كذا أو حامل العلم في سفينة بحارة كذا.
ألقاب الشرف في الجيش
ومن كل هذا نستخلص أن الفرعون كان يرغب عن طيب خاطر في الاستئثار بشغل المراكز الحربية الخاصة بنفسه مباشرة بضباط من رجال الجيش العامل.
الجندي العامل في وظائف البلاط
لم يقتصر الضابط الحربي بعد انتهاء خدمته في الجيش القائم على العمل في حاشية الفرعون، بل كان يضم إلى ذلك عملًا آخر في الإدارة الحكومية في البلاط أو في تولي إدارة شئون الخاصة الملكية، ومن ثم نشاهد تغيرًا خطيرًا في النفوذ العظيم الذي انتهى إلى بعض هؤلاء الضباط.
والواقع أن كل الضباط العاملين حتى الذين كانوا يحملون رتبة «فارس» لم تكن لهم وظائف، وكانوا يُعدون خارج الطبقات الاجتماعية المحترمة في نظر رجال الحكومة في عهد الأسرة الثامنة عشرة؛ والسبب في ذلك راجع إلى أن طبقة الموظفين كانت تنظر إلى طبقة الجنود العاملين وضباطهم نظرة الأصيل للخسيس؛ ولذلك كانوا يعدون أنفسهم أرفع منزلة وأعلى قدرًا، كما كان الموظفون ينظرون إلى رجال الجيش نظرة الرئيس للمرءوس؛ وذلك لأنه لم يكن بين ضباط الجيش من ينتمي إلى أسرة عريقة في المجد؛ ولهذا لم يُرَقَّ من بين رجال الجيش إلى مناصب عالية في الحكومة غير نفر قليل شملهم عطف ملكي أو قرَّبهم الفرعون لما شاهده فيهم من الكفاءة والإخلاص. ولا نزاع في أن أمثال هؤلاء الضباط الممتازين كانت تتأجج في نفوسهم نار الطموح ليثبوا إلى أعلى المراتب، وكذلك لا بد أنهم كانوا معروفين بين رجال الإدارة، غير أنه كان لزامًا عليهم أن يتخلوا عن ألقابهم الحربية التي كانوا يحملونها في الجيش. وما من شك في أن هؤلاء الضباط كان لهم من الصفات الفاضلة، والأخلاق العالية، والقوة الكامنة في نفوسهم؛ ما جعلهم يصلون إلى هذه المناصب، وما اضطر رجال الإدارة الحقيقيين إلى أن يعترفوا بكفايتهم الإدارية؛ ولذلك كان يستفيد الفرعون بهذه الكفايات؛ فكان يعين هؤلاء الضباط في مناصب متصلة به مباشرة، إما لثقته بهم، وإما لاعتبارات أخرى ذات أهمية خطيرة، وأهمها هو أن هذه الفئة لما كان أفرادها لا يستندون على أصل رفيع يشد أزرهم، ولا على ممتلكات ضخمة تحمي ظهورهم، ولا على علم غزير يرفع من شأنهم فإنهم تجنبوا كل ما يحول بينهم وبين عطف مليكهم، فلم يفكر واحد منهم في أن يأتي عملًا يغضب مولاه، هذا إلى أن من كان بينهم يشغل منصبًا خطيرًا في الدولة من المناصب المتصلة بالفرعون لا يجسر أن يعارضه في أمر من الأمور صغر أو كبر. وفضلًا عن ذلك كان للفرعون في الوقت نفسه طائفة من أولاد هؤلاء الضباط العاملين في الجيش في الإدارة اتصلوا به اتصالًا وثيقًا ليحتلوا وظائف آبائهم في مسلك الإدارة العامة للدولة.
وكان «سنموت» في الوقت نفسه المدير العظيم لأملاك ولية العهد «نفرو رع»، ولكن عندما أُعلنت «حتشبسوت» في العام السابع ملكة على البلاد أصبح كذلك «سنموت» المدير العظيم لأملاك الفرعون. وقد تطوَّرت هذه الوظيفة في خلال الأسرة الثامنة عشرة تطورًا خطيرًا حتى أصبحت من أهم وظائف البلاد التي لها نفوذ عظيم في كيان الدولة، وقد لعب حاملها دورًا هامًّا فاصلًا في نهاية الأسرة الثامنة عشرة.
المدير العظيم لبيت الفرعون (مر-بر-ور)
نفوذ المدير العظيم للبيت في حكومة البلاد
والواقع أن مركز «المدير العظيم للبيت» كان مركزًا خاصًّا، وإن كان نائيًا عن الوظائف الحكومية، فقد كان حتى أول عهد «أمنحتب الثالث» لا يعد موظفًا حكوميًّا؛ وذلك لأن أعظم مدير عظيم للبيت في هذا الوقت لم يكن يحمل لقب «كاتب الملك»، ولم نجد من يحمل هذا اللقب الممتاز أي لقب «كاتب الملك» إلا «وسر» في عهد «تحتمس الأول»، وبعد ذلك نجد أن كلًّا من «أمنمحات سورر» و«أمنحتب» و«إبي» يحملونه ثانية. ولا غرابة في أن يحمل هذا اللقب «أمنحتب»؛ لأنه كان قبل ذلك «كاتب المجندين»، ومن المحتمل أن ذلك ينطبق على «سورر»؛ لأننا لا نعرف تاريخ حياته في الوظائف الحكومية، وقد كان «المدير العظيم للبيت» يبقى شاغلًا وظيفته ما دام الفرعون الذي يدير أملاكه على عرش الملك، ولم نصادف مديرًا عظيمًا لبيت واحد ظل يدير أملاك البيت الملكي في زمن ملكين متعاقبين إلا «إبي»؛ فقد كان في عهد «أمنحتب الثالث» مدير البيت العظيم في «منف» وفي عهد «أمنحتب الرابع» كان يُلقب «مدير البيت في منف» فحسب، وربما كان ذلك قبل أن ينتقل هذا الفرعون إلى «تل العمارنة». وقد بقيت الرابطة الوثيقة التي بين «المدير العظيم للبيت» وبين الفرعون معمولًا بها حتى عهد حكم «حتشبسوت»، وقد كان «سنموت» آخر من أضاف إلى لقبه وظيفة اسم الملك، وبعد ذلك كان هذا الموظف يُدعى «مدير البيت العظيم للملك» وحسب.
ولقد ظل النضال الصامت بين الملكة ومدير بيتها العظيم على السلطة بقية مدة الأسرة الثامنة عشرة. وفي الحق كان الملوك يسعون لوضع حد لتجمع السلطة في يد «مدير البيت العظيم» حتى إنهم كانوا ينصبون فيها رجالًا لا يرتكزون على نسب، كما أنهم كانوا يتحاشون أن يشغلوها برجال من طبقة الموظفين العريقين في النسب، ومن جهة أخرى كان شاغل هذه الوظيفة يعمل جهد الطاقة على ازدياد سلطانه، على أن ذلك كان لا يعني أنه كان يسعى للتدخل في أمور الحكم وحسب، بل كان كذلك يزج بنفسه في إدارة الحكومة التي كان على رأسها الوزير، ويشترك معه في كل الأوامر المتصلة بالفرعون، ولقد كانت نهاية محاولة المدير العظيم للبيت لتقوية مركزه على حساب رجال الإدارة والملك سقوط هؤلاء الرجال الذين شغلوها، ولا زال أثر ذلك ماثلًا أمامنا حتى يومنا هذا في القضاء على ذكرياتهم، وتخريب قبورهم. وقد كان أول من أصابه هذا التدمير هو «سنموت» ثم خلفه «أمنحتب» و«قن آمون» و«ثنني» و«أمنمحات-سورر»، وكلهم أصابهم ما أصاب «سنموت»، وبعد سقوط «سورر» أُدخل تغيير في شغل هذه الوظيفة، والظاهر أن الوزير «رعموسي» قد توصل لدى الفرعون بما له من نفوذ أن يولي أخاه «أمنحتب» الذي كان فيما مضى موظفًا حربيًّا منصب المدير العظيم للبيت، وعلى ذلك أدخل تغييرًا في المبدأ الذي تُشغل به الوظيفة؛ لأن ملأها كان فيما مضى لا يتوقف على الجاه والكفاية في العمل.
ولكن «أمنحتب الثالث» اعتقد أنه بتولية «أمنحتب» هذا وهو أخو وزيره، ومن طبقة الموظفين؛ يمكنه أن يقضي على النضال الذي كان يقوم به «المدير العظيم للبيت» على الملك ورجال الحكومة من أجل السلطة، ولأجل أن ينتزع الفرعون من «المدير العظيم للبيت» كل نفوذ عدائي له — وهو ذلك النفوذ الذي كان محسًّا فعلًا في طبقة الموظفين الطيبيين، وكذلك في رجال الكهنة — شرع في إبعاد مقر «المدير العظيم للبيت» من «طيبة» فنقله إلى «منف»، وكان ذلك ضروريًّا؛ لأن وظيفة «المدير العظيم للبيت» كان يشغلها الآن من له صلة بطبقة الموظفين، وعلى ذلك كان من الواجب أن يقصي مدير البيت العظيم عن البلاط، وحينئذٍ تكون فرصة تأثيره على الملك ضئيلة، وأظهر علامة على إبعاد حامل هذه الوظيفة عن البلاط وتضاؤل نفوذها ما نشاهده من أن المديرين العظيمين للبيت «أمنحتب» و«إبي» اللذين كان مقرهما «منف» في عهد «أمنحتب الثالث» لم يحمل واحد منهما لقب «حامل المروحة على يمين الملك»، وهو لقب كان يتحلى به كل من كان يشغل هذه الوظيفة منذ عهد «أمنحتب الثاني»، وفي الوقت نفسه لم يُلقب واحد منهما «بالفم الأعلى». ومن هذا يرى الإنسان الجواب على السؤال: لماذا اتخذ المديران العظيمان للبيت مقرهما في «منف» فجاءة، ولُقب كل منهما «المدير العظيم للبيت في منف»؟ وقد كانت فكرة إبعاد الوظائف ذات النفوذ العظيم — وهي التي كانت في الوقت نفسه تحتاج إلى نضال — من عاصمة الملك إلى الأقاليم لتهدئة الحال، للخضد من شوكة نفوذ شاغلي هذه الوظائف؛ هي التي حملت الفرعون «أمنحتب الثالث» على توجيه عنايته لإبعاد وظيفة رئيس كهنة كل الآلهة في الوجه القبلي والوجه البحري عن «طيبة» كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فقد وكل أمر الإشراف على هذه الوظيفة إلى الكاهن الأعظم للإله «بتاح» في «منف»؛ وذلك لأن بقاءها في «طيبة» كان مدعاة لطموح كهنة «آمون» إلى جمع السلطة في يدهم.
ويرى القارئ في البحث الذي بسطناه عن وظيفة المدير العظيم للبيت أن «أمنحتب الثالث» كان يناهض بكل ما يملك من قوة — كما فعل من سبقه من ملوك الأسرة الثامنة عشرة — هو وطبقة الموظفين كلَّ رجل يريد الاستيلاء على السلطة، ولو كان من رجال بلاطه. وقد كان أول من حتمت عليه الأحوال أن يتبع سياسة مضادة لذلك هو ابنه «أمنحتب الرابع»؛ وذلك حينما أراد أن يتخذ له عضدًا من رجال خارج حكومته؛ لأن سياسته الدينية كانت تحتم عليه أن يناهض كهنة «آمون» ورجال حكومة بلاده.
ضباط الميدان في الإدارة الحربية
ولكن ما يلفت النظر هو أن هؤلاء وبخاصة في الأمثلة القديمة لا يحملون لقب «كاتب»، وهو اللقب الذي كان يدل على أن صاحبه من عداد الموظفين، ومن لا يحمله لا يُعد حاصلًا على ثقافة الموظف الحكومي في ذلك الوقت، بل في كل زمن؛ لأن إتقان فن الكتابة كان المؤهل الوحيد لتولي وظائف الحكومة، ونشاهد ذلك بوجه خاص في حالتي «أمنمحب» و«بح-سوخر»؛ فقد كان كلاهما ضابطَ ميدانٍ وحسب، ولكن من المدهش أن «رعموسي» على الرغم من أنه كان يحمل لقب «فارس» فإنه مع ذلك يتمتع بلقب كاتب.
الجنود الفرسان
على أن تتبع سير ترقية «آي» إلى هذه الوظيفة في عهد «إخناتون» يظهر من الأمور الصعبة، ولكنه في الحقيقة كان في الأصل من ضباط القتال وهم الذين يُرقى منهم قواد الفرسان. ولا نزاع في أن علاقته بالبلاط جعلت مسألة رفعه إلى هذه المرتبة أمرًا ضروريًّا بل عاديًّا؛ وذلك لأنه تزوج مرضعة الملكة «نفرتيتي»، ولكنه على ما يظهر فضلًا عن ذلك كانت له علاقة أخرى تربطه بالبلاط لا نعرف كنهها على وجه التأكيد، وكل ما يُقال في هذا الصدد أنه حصل على لقب «والد الإله».
والظاهر أن العلم الذي كانت تحمله فرقة الخيالة في «طيبة» كان يتألف من قضيب عليه تمثال جواد، وقد عُثر على جزء من منظر في الدير البحري عليه رسم علم مُثل عليه جوادان وجهًا لوجه، ومن الجائز أنه خاص بفرقة الخيالة، وهذا أقدم رسم لعلم من هذا النوع.
(١-٣) وظائف القصر
وبمقدار ما لمرضعة الملك من نفوذ على ابنها من الرضاعة كان يظهر تأثير نفوذها هذا في رفع شأن أفراد أسرتها الآخرين، وقد كان من أثر هذه العلاقة أن رأينا فعلًا كلًّا من الضابط «أمنمحاب» و«بح سوخر» قد وصل عن طريق زوجته إلى رتبة نائب الجيش، كذلك كانت الحال مع «تي» مرضعة الملكة «نفرتيتي»؛ فإنها كانت السبب في ترقية زوجها من رتبة «فارس» إلى مرتبة «قائد فرسان»، يُضاف إلى ذلك أن الفرعون «أمنحتب الثاني» لم يجد من عظماء دولته من يقلده وظيفة المدير العظيم للبيت الملكي، وهي من أهم وظائف الدولة، كما شاهدنا من قبل غير أخيه من الرضاعة «قن آمون»، والواقع أن هذه الترقيات لم تكن على حسب مكانة الرجل ومقدرته، بل كانت كذلك لأن الرجل كان زوج مرضعة الملك أو الملكة وحسب. على أننا لا يمكننا أن نتتبع خطوات كل الذين ترقوا عن طريق مرضعات الملوك الآخرين، ولكنا لا نكون قد حدنا عن جادة الصواب إذا قررنا أن رُقي «مري» أو «من خبر رع-سنب» إلى مرتبة الكاهن الأعظم للإله «آمون» بالكرنك أو ترقية «بو-م-رع» إلى وظيفة كاهن ثانٍ كان نتيجة لهذه العلاقة سواء أكانت المرضعة الملكية في هذه الحالات زوجته أم والدته. ومما تجمل الإشارة إليه هنا أن الفرعون «تحتمس الثالث» قد تزوج من بنت مرضعة ملك، والظاهر أنها كانت أخته من الرضاعة، وقد رفعها هذا الفرعون إلى مكان أعلى؛ إذ جعلها زوجته الشرعية، وهي الملكة «سات أعح» بنت المرضعة الملكية العظيمة المسماة «إبو».
كذلك كان الأمراء يتخذون لأنفسهم إخوانًا ورفاقًا من سنهم من بين أولاد الموظفين الذين لم يكونوا من أسر عريقة في المجد.
على أن هذه الرابطة بالبيت المالك بوساطة وصيفات القصر كانت تجعل الفرعون يثق ثقة عظيمة في إسناد أعلى المناصب إلى أفراد من نسل هؤلاء الوصيفات، ولا غرابة إذن إذا وجدنا أن أبناء الوصيفات قد أصبحوا يتقلدون أعلى مناصب الدولة؛ فكان منهم الوزراء مثل الوزير «رخ مي رع» بن «بتا» والوزير «حبو سنب» ابن الوصيفة «أعح حتب» في عهد «حتشبسوت»، وكان منهم كهنة وموظفون في المعابد ووزراء مالية وموظفون في البلاط. ونجد في بعض الأحيان أن بنات الوصيفات يصبحن مرضعات لأقارب الفرعون. (وهذا يفسر التناقض القائل بأن المرضعات لم يُؤخذن من طبقات وضيعة، ولكن الواقع أننا نشاهد حالات خاصة كانت تُؤخذ فيها زوجات بعض كبار الموظفين ليصبحن مرضعات للملوك. وفي هذه الحالة تكون علاقة هؤلاء الموظفين العظام شفيعًا لذلك).
ومما سبق نرى أنه على مر الأجيال قد نشأت أسر ارتبطت بالفرعون وبقي هذا الارتباط دائمًا؛ وبذلك أصبح رجالها لهم فضل السبق في تولي الوظائف الحكومية المسئولة التي تحتاج إلى ثقة غالية.
وقد ظهرت في هذا الوقت بوادر تحول في الحالة الاجتماعية بين ضباط الميدان والموظفين الحربيين؛ وذلك أن حامل العلم «نب آمون» قد نزل عن أخته لتكون بين نساء القصر، وأن كاتب المجندين «ثنني» قد تزوج من إحدى وصيفات القصر بوصفه من كبار الموظفين في الدولة.
ومن ثم نلحظ أن ضابط الميدان كان يرغب عند انتهاء مدة خدمته العسكرية في أن يتقلد وظيفة إدارية رفيعة أو يصبح من رجال البلاط الفرعوني. على أن عدم قدرته على القيام بأعمال وظيفة رفيعة في الحكومة؛ لما كانت تتطلبه تلك الوظائف من تعليم خاص كان يغطي عليه تنصيبه في مركز رفيع له صلة مباشرة بالفرعون، ولكن كان تنصيب مثل هؤلاء الضباط في وظائف مدنية يجعلهم خطرًا عظيمًا على الفرعون نفسه بما لهم من وثيق الرابطة الأسرية به وبما آل إليهم من سلطان وقوة في وظائفهم. وقد شاهدنا فعلًا أن وظيفة «المدير العظيم للبيت الملكي» الضخمة ووظيفة «رئيس شرطة العاصمة» ووظيفة «تموين الجيش» ووظيفة قائد الفرسان التي كانت في معظم الأحيان يُنتخب رجالها من بين طبقة الموظفين أصبح يُنتخب رجالها من بين ضباط الجيش الذين أُحيلوا إلى المعاش، وقد بلغ من سلطانهم أنهم أصبحوا يمثلون إرادة الفرعون؛ ولذلك كانت أية محاولة للقضاء عليهم تؤدي حتمًا إلى انقلاب خطير في حكم البلاد.
والواقع أن موظفي الحكومة في عهد الأسرة الثامنة عشرة حتى عهد «أمنحتب الثالث» قد قاموا بأداة الحكم خير قيام؛ بما كان لديهم من قدرة وبما اكتسبوه من ثقافة وتعليم خلال سنين طوال، وبتوارثهم الوظائف في أُسَرهم أبًا عن جد. وقد كانت هذه القدرة على إدارة الحكم هي التي جعلت طبقة الموظفين ينظرون إلى الضباط وغيرهم نظرة احتقار، وأنهم لن يكونوا بحالٍ ما قادرين على إدارة سكان الحكومة؛ ولذلك كانوا لا يعدون الموظفين الحربيين رجالًا عسكريين، بل مجرد موظفين؛ وأكبر دليل على ذلك ما ذكره «أمنحتب بن حبو» في ترجمته لنفسه؛ فقد كان نفوذه وفضله هما اللذان جلبا له وظيفته، أما كفايته الحربية فلم يكن لها دخل في ذلك.
ومن أجل هذا كان جل هَمِّ ضابط الميدان أن يترك عمله الحربي وينخرط في زمرة طبقة الموظفين، فإذا وصل إلى وظيفة حكومية فإنه لا يلبث أن ينبذ صراحة ماضيه الحربي ويحس أنه قد تخلص من كابوسه؛ ولذلك نراه عندما يذكر المناصب التي تولاها كان يمر مر الكرام على وظائفه الحربية بمهارة وحذق، فلا يذكرها ما استطاع لذلك سبيلًا، ولا تعوزنا الأمثلة على ذلك؛ فقد صمت «قن آمون» و«سنموت» و«آي» (الذي أصبح ملكًا فيما بعد) عن ذكر ألقابهم الحربية. وعلى الرغم من المبالغة في علم طبقة الموظفين وثقافتهم، وعلى الرغم من الاعتقاد بأنهم هم الذين كان في مقدورهم القيام بأعباء الحكم في البلاد وحدهم، فإنه لا يفوتنا أن نفهم أن الجيش في مركزه الثانوي كان لا يزال قوة فعالة يُعتمد عليها في البلاد. على أنه عندما بُدئ في تحطيم هذه الأوهام، وتلك المعتقدات العالقة بأذهان القوم عن طبقة الموظفين وثقافتهم؛ أخذ الطريق ينفسح أمام رجال الجيش ليوغلوا في وظائف الدولة.
وهذه الحقيقة قد وقعت نتيجة للإصلاح الذي قام به «إخناتون»؛ وذلك أن هذا الفرعون عندما كان يسعى للقضاء على سلطان كهنة «آمون» ونفوذهم الذي كان يقف عقبة كأداء في طريق القيام بإصلاحه الديني المنشود؛ كان لا بد له كذلك من القضاء على طبقة الموظفين الذين أوجدوا ارتباكات داخلية ضده بانضمامهم إلى الكهنة. وهذا العداء من جانب الموظفين أجبر الفرعون على أن يقضي على هذه الطائفة مع ما لها من ماضٍ مجيد وتجارب عظيمة في إدارة الحكومة ليحلَّ محلها رجال جدد في أهم وظائف الدولة ليس في نفوسهم روح العداء والمعارضة الذي يملأ نفوس الموظفين السابقين، ولم يكن علم الموظف أو ثقافته بالشيء الذي يرفع من مكانته ويعلي من شأنه، بل كان التسليم بقبول تعاليم الملك دون تفكير أو مناقشة هي الطريق إلى المناصب العالية؛ ولذلك نجد أفرادًا لم ينالوا قسطًا من الثقافة يؤهلهم للقيام بوظائفهم قد احتلوا أهم مناصب الدولة، وأدهى من ذلك أنهم كانوا يتفاخرون بحرمانهم الثقافة، وكان الواحد منهم يعلن أنه قد نشأ من أبوين فقيرين.
ولم يمضِ طويل وقت حتى أخذ الفرعون ينتخب من طبقة الضباط موظفيه الجدد، وهؤلاء لم يكن يستحوذ على نفوسهم روح التفاخر بالمعرفة الذي كان يستولي على مشاعر طبقة الموظفين، على أنهم كانوا في الوقت نفسه قواد القوة كلها التي كانت تشد أزر الفرعون نفسه، وأعني بذلك قوة السلاح. وقد أصبحوا الآن محرَّرين من تَوَهُّمِ أن الفرد لا يصل إلى النفوذ في الحكومة إلا إذا كان مندمجًا في طبقة الموظفين، وكذلك شعروا بأنهم يمكنهم أن يكونوا السند الأكبر للأسرة المالكة وللحكومة معًا بما لديهم من القيادة الحربية، وفي الوقت نفسه كان من الواجب على الموظف الحربي ألا يطمح بعد إلى أن يكون موظفًا بالمعنى القديم بل يعمل في وظيفته بوصفه قائدًا حربيًّا بالمعنى الحقيقي.
وليس من المدهش إذن أن يصل الآن ضابط الميدان بالطريق المعتادة إلى وظيفة من الوظائف ذات النفوذ العظيم بجانب الفرعون وأن يأخذ في إدارتها بوصفه جنديًّا معروفًا؛ ومن ثم فقد اختفت تمامًا الفكرة القائلة بأنهم كانوا ضعفاء غير قادرين على القيام بهذه الوظائف وبخاصة أن المراكز الإدارية الحربية التي كان يشغلها ضباط الميدان أصبحت هامة وذات نفوذ عظيم؛ وبذلك أصبحوا يعيشون في ظل تلك الفكرة الجديدة لا كما كانت تحتمي طبقة الموظفين من قبل بما لهم من مجد عريق وثقافة ممتازة. هذا فضلًا عن أن وظيفة قائد الفرسان لم تصبح بعد وظيفة شرف أهلية، بل صارت وظيفة حربية حقيقية، وسرعان ما ظهر فعلًا قائد فرسان من هذا الطراز، وكان من طبقة الموظفين القدامى، ولكنه بتغير الآراء وصل إلى السلطة واعترف بالانقلاب الجديد؛ إذ أدرك أنه لا بد من إدخال القوة الحربية لتقوم عليها دعائم نظم الحكومة ولتكون سندًا ترتكن عليه الأسرة المالكة، وهذا الرجل هو «آي»، وقد قاد البلاد في ظل هذا النظام الجديد الذي كان قد اتخذه «إخناتون» وسيلة ضرورية للقيام بانقلابه الديني المنشود، حتى جعله نظامًا ثابتًا، وقد بقي في الانتشار والنمو بعد «آي»؛ إذ اعتنقه «حور محب»، ووطد أركانه «رعمسيس الأول» من بعده؛ حتى أصبح فعلًا النظام الجديد الذي سارت على نهجه حكومة عهد الرعامسة.
-
تمثال من معبد آمون بالكرنك (راجع A. S. XXVIII, p. 141).
-
تمثال من معبد الكرنك (راجع A. S. XIV, p. 17).
-
تمثال آخر (راجع A. S. XIV, p. 19).
-
تمثال نشره «لجران» (راجع Legrain, “Statue”, I, No. 42127).
-
تمثال نشره «يورخارت» (راجع Legrain, “Statues”, II, p. 853).
-
تمثال كتب عنه «جلانفيل» (راجع J. E. A., XV, p. 2).
-
(راجع Legrain, “Statues” IV, p. 942).
راجع كذلك: “Revue d’Egyptologie”, II, fasc. 1, 2; “Revue Egyptologique (1919) nouv. Serie, I, p. 74.
قد يجوز أن هذا القائد هو نفس الأمير والكاهن «سم» والكاهن الأكبر للإله «تحوتي مسو» الذي عُثر على قبره في «منف»، ويحتمل أن يكون ابن «أمنحتب الثالث» (؟). اقرن بذلك ما ذكره «دارسي» “Rec. Trav.”, XIV, p. 174 وما جاء في J. E. A., XIV, p. 83 وفي A. Z., LXVII, p. 8.
M. M. A. (Jan. 1937) Y. 10, 15, fig. 17.
-
«رعي» مرضعة الملكة «أحمس نفرتاري» Urk. IV. p. 77-78.
-
«تتي حمت» مرضعة الملكة «أحمس نفرتاري» J. E. A. XI, p. 14.
-
«إن» المرضعة العظيمة لربة الأرضين «حتشبسوت» Urk. V, p. 241.
-
«تنت إيونت» مرضعة «حتشبسوت» زوج حاكم «طيبة» «ساتب إحو» Stela, Cairo Mus. 34080.
-
«نفراعح» مرضعة «حتشبسوت» وزوجها كاتب الفرعون «بويا» وابنها «بوم وع» الكاهن الثاني للإله آمون (راجع Davies, “The Tomb of Puyemre”, Pl. XXIX).
-
«إبو» مرضعة تحتمس الثالث (؟) وابنتها الزوجة الملكية العظمى «سات أعح» Urk. IV, p. 604.
-
«تا إيونت» مرضعة تحتمس الثالث (؟) زوجها أمنمحات وابنها كاهن آمون الأول «منخبرو رع سنب» (راجع Davies, “The Tomb of Menkheperresonb”, p. 1–26).
-
«بكت» المرضعة العظيمة لرب الأرضين زوجة «أمنمحاب» نائب جيوش الفرعون وابنه رئيس أتباع جلالته «إمو» Urk. IV, p. 889–925.
-
«معنزت» مرضعة «أمنحتب الثاني» زوجها «بحوسخر» وزوجها رئيس الرماة لرب الأرضين ووكيل الفرعون، وابنها «أمنمسو» (راجع “Mem. Miss. Arch. Franç.”, V, p. 224ff).
-
«أمنمأبت» مرضعة «أمنحتب الثاني» ووالدة «قن آمون» المدير العظيم للبيت الملكي (راجعDavies, “The Tomb of Kenamon”, Pl. IX, p. 19).
-
«حناي» مرضعة «أمنحتب الثاني» (؟) وزوجها الكاهن الأول للإله «مين» المسمى «رع نب بحتي»، وابنها الكاهن الأول لآمون المسمى «مري» (راجع Lefebvre, “Grands Petres”, p. 236-7).
-
«مريت» مرضعة الملكة «تي عا» وزوجها حامل الخاتم المسمى «مين»، وابنها حامل الخاتم «سبك حتب» = (راجع A. Z, 63. p. 114).
-
«سن أم أعح»، و«سنفرت»، و«سن تاتي»، مرضعات الفرعون «أمنحتب الثاني»، وكلهن كن زوجات لحاكم المدينة الجنوبية «سن نفر» وابنة مغنية آمون «موت توي» (راجع “Rec. Trav.”. XX. p. 211–223; XXI, p. 127–133; XXII, p. 83, 97).
-
«نب كابني» مرضعة «سات آمون» بنت «أمنحتب الثالث»، وابنها «حفا نفر» كاتب معبد «أوزير» (راجع Stela, Mariette, “Abydos” II, Pl. 49, Cairo. No. 34117).
-
«تي» مرضعة «نفرتيتي»، وزوجها رئيس الخيل المسمى «آي» (راجع Davies, “El Amarna” VI, p. 16ff).