بيمارستانات مصر
(١) بيمارستان زقاق القناديل
(٢) بيمارستان المعافر
(٣) البيمارستان العتيق
وقال محمد بن داود في ذم أحمد بن طولون وبيمارستانه:
وقال جامع السيرة الطولونية: وفي سنة ٢٦١ﻫ بنى أحمد بن طولون المارستان، ولم يكن قبل ذلك في مصر مارستان، ولما فرغ منه حبس عليه دار الديون ودوره في الأساكفة والقيسارية وسوق الرقيق، وشرط في المارستان ألا يعالج فيه جندي ولا مملوك، وعمل حمامين للمارستان أحدهما للرجال والآخر للنساء، حبسهما على المارستان وغيره. وشرط أنه إذا جيء بعليل تنزع عنه ثيابه ونفقته وتحفظ عند أمين المارستان، ثم يلبس ثيابًا ويفرش له ويتغذى ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ، فإذا أكل فروجًا ورغيفًا أُمر بالانصراف وأعطي ماله وثيابه. وفي سنة ٢٦٢ﻫ/٨٧٥م كان ما حبسه على المارستان والعين والمسجد في الجبل الذي يسمى تنور فرعون أعيانًا كثيرة، وكان بلغ ما أنفق على المارستان ومستغله ستين ألف دينار، فكان يركب بنفسه في كل يوم جمعة ويتفقد خزائن المارستان وما فيها والأطباء، وينظر إلى المرضى وسائر المعلولين والمحبوسين من المجانين. دخل مرة حتى وقف عند المجانين فناداه واحد منهم مغلول: «أيها الأمير اسمع كلامي ما أنا بمجنون، وإنما عملت علي حيلة، وفي نفسي شهوة رمانة عريشية أكبر ما يكون.» فأمر له بها من ساعته ففرح بها وهزها في يده ورازها ثم غافل أحمد بن طولون ورمى بها في صدره فنضحت على ثيابه، ولو تمكنت منه لأتت على صدره فأمرهم أن يحتفظوا به، ثم لم يعاود بعد ذلك النظر في البيمارستان.
ولما آلت الدولة الطولونية إلى الزوال بخروج شيبان بن أحمد بن طولون آخر ملوكها من مصر في ليلة الخميس لليلة خلت من ربيع الأول ٢٩٢ﻫ ودخلها محمد بن سليمان الكاتب من قبل المكتفي بالله، أخذ الشعراء في رثائهم والتحسر عليهم فنظموا القصائد الطوال في ذلك. ومن هؤلاء الشعراء سعيد القاضي قال يرثي الدولة الطولونية (وما تركت) من جلائل الآثار في قصيدة مطلعها:
- (١) محمد بن عبدون الجيلي العذري، رحل إلى المشرق ودخل البصرة وإلى مدينة فسطاط مصر، ودبر مارستانها ومهر في الطب، ورجع إلى الأندلس سنة ٣٦٠ﻫ، وخدم بالطب المستنصر بالله والمؤيد بالله، وكان قبل مؤدبًا في الحساب والهندسة، قال القاضي صاعد الأندلسي:٢١ وأخبرني أبو عثمان بن البغونش الطليطلي أنه لم يلقَ في قرطبة أيام طلبه من يلحق بمحمد بن عبدون الجيلي في الطب.
- (٢) سعيد بن نوفل٢٢ طبيب نصراني كان في خدمة أحمد بن طولون.
- (٣) شمس الدين محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المصري مدرس الأطباء بجامع ابن طولون، كان فاضلًا له نظم. مات في شوال (١٧) سنة ٧٧٢ﻫ.٢٣
(٤) المارستان الأسفل٢٤
(٥) بيمارستان القشاشين
(٦) بيمارستان السقطيين
كان أبو الحجاج يكحل في البيمارستان بالقاهرة غير الموضع الذي صار حينئذ بالقاهرة بيمارستانًا وهو من جملة القصر، يريد أنه غير بيمارستان صلاح الدين أو البيمارستان الناصري. قال: وكان البيمارستان في ذلك الوقت في السقطيين أسفل القاهرة.
- (١) شهاب الدين أبو الحجاج يوسف الكحالي، كان يكحل في هذا البيمارستان.
(٧) البيمارستان الناصري أو الصلاحي أو بيمارستان صلاح الدين
قصر أولاد الشيخ من جملة القصر الكبير، وكان قاعة فسكنها الوزير الصاحب معين الدين حسين ابن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه، في أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب فعرفه به المارستان العتيق.
«ومما شاهدناه في مفاخر هذا السلطان، المارستان الذي بمدينة القاهرة، وهو قصر من القصور الرائعة، حسنًا واتساعًا. أبرزه لهذه الفضيلة تأجرًا واحتسابًا، وعين قيمًا من أهل المعرفة، وضع له خزائن العقاقير ومكنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووضعت في مقاصير ذلك القصر أسرة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكسي. وبين يدي ذلك القيم خدمة يتكلفون بتفقد أحوال المرضى بكرة وعشية، فيقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم. وبإزاء هذا الموضع موضع مقتطع للنساء والمرضى، ولهن أيضًا من يكفلهن، ويتصل بالموضعين المذكورين موضع آخر متسع الفناء فيه مقاصير عليها شبابيك من الحديد اتخذت مجالس للمجانين. ولهم أيضًا من يتفقد في كل يوم أحوالهم ويقابلها بما يصلح لها. ولهم أيضًا من يتفقد في كل يوم أحوالهم ويقابلها بما يصلح لها. والسلطان يتطلع هذه الأحوال كلهم بالبحث والسؤال ويؤكد في الاعتناء بها والمثابرة عليها غاية التأكيد.»
- (١) رضي الدين الرحبي: هو الإمام العالم رضي الدين أبو الحجاج يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي، كان والده من الرحبة وكانت صناعة الكحل أغلب عليه، كان مولده بجزيرة ابن عمر سنة ٥٣٤ﻫ/١١٣٩م سافر إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب، وكان وصوله إلى دمشق مع أبيه سنة ٥٥٥ﻫ، وكان في ذلك الوقت ملكها السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، واجتمع بالملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فحسن موقعه عنده، وأطلق له في كل شهر ثلاثين دينارًا. ويكون ملازمًا للقلعة والبيمارستان بالقاهرة، ولما توفي صلاح الدين سنة ٥٨٩ﻫ/١١٩٢م عاد إلى دمشق وبقي فيها إلى أن توفي سنة ٦٣١ﻫ/١٢٣٣م، وعاش نحو المائة سنة. وكان من محاسن عادات رضي الدين أنه ما كان يقرب الطعام إلا إذا طلبته شهوته، وأنه كان أبدًا يتوخى ألا يصعد في سلم، وكان يصف السلم بأنه منشار العمر.
- (٢) إبراهيم بن الرئيس ميمون: هو أبو المنى إبراهيم بن الرئيس موسى بن ميمون منشؤه فسطاط مصر، وكان طبيبًا مشهورًا عالمًا بصناعة الطب، وكان في خدمة الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، ويتردد إلى البيمارستان الذي بالقاهرة من القصر ويعالج المرضى فيه. قال ابن أبي أصيبعة: «واجتمعت به في سنة ٦٣١ أو ٦٣٢ﻫ بالقاهرة، وكنت حينئذ أطب في المارستان، فوجدته شيخًا طويلًا نحيف الجسم لطيف الكلام. توفي سنة نيف وثلاثين وستمائة وعاش ٨٦ سنة.»
- (٣) موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس السعدي الخزرجي المعروف بابن أبي أصيبعة. ولد بدمشق وكان متقنًا لصناعة الكحل وعمه رشيد الدين علي بن خليفة، كان كحالًا ببيمارستان دمشق. قرأ الحكمة على رضي الدين الجبلي، واجتمع بابن البيطار بدمشق سنة ٦٣٣ﻫ/١٢٣٥م، وشاهد معه في ظاهر دمشق كثيرًا من النبات في مواضعه. وخدم الطب في البيمارستان الذي أنشأه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالقصر، ثم دخل في خدمة الأمير عز الدين فرخشاه صاحب صرخد، وتوفي سنة ٦٨٨ﻫ/١٢٦٩م وقد جاوز السبعين.
- (٤) الشيخ السديد بن أبي البيان: هو سديد الدين أبو الفضائل داود بن أبي البيان سليمان بن أبي الفرج إسرائيل بن أبي الطيب سليمان بن مبارك إسرائيل قراء، مولده سنة ٥٥٦ﻫ/١١٦٠م بالقاهرة، كان شيخًا خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة، وكان يعالج المرضى بالبيمارستان الناصري بالقاهرة، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب وعاش فوق الثمانين.
- (٥) القاضي نفيس الدين بن الزبير: هو القاضي نفيس الدين باسم هبة الله بن صدقة بن عبد الله الكولمي (والكولم من بلاد الهند) ولد سنة ٥٥٦ﻫ (١١٦٠م) قرأ صناعة الطب وأتقن صناعة الكحل وعلم الجراحة، ولاه الملك الكامل ابن الملك العادل رياسة الطب بالديار المصرية، ويكحل في البيمارستان الناصري الذي كان من جملة القصر، وتوفي سنة ٦٣٦ﻫ/١٢٣٨م.
(٨) بيمارستان الإسكندرية
(٩) البيمارستان الكبير المنصوري
وأما العمارة فلها مباشرون ينفردون بها من ابتياع الأصناف واستعمال الصباغ ومرمة الأوقاف، وغير ذلك مما يدخل في وظيفتهم، وهم يحالون بأثمان الأصناف على الصندوق كما يفعل في الإدارة، وينقل عليهم من الصندوق من المال ما يصرفونه لأرباب الأجر خاصة، ويكتبون في كل شهر عمل استحقاق بثمن الأصناف وأرباب الأجر ويخصمونه بما أحالوا به على الصندوق وما وصل إليهم من المال، ويسوقونه إلى فائض أو متأخر، ويرفع كل طائفة من هؤلاء المباشرين حساباتهم مياومة ومشاهرة ومساناة إلى الناظر والمستوفي في هذا ما يتعلق بالبيمارستان.
من أين بني البيمارستان المنصوري
فأعجبه ذلك منه وأجزل عطاءه، ورتب في المدرسة غير الدروس الفقهية درس طب.
مرتبة نظر البيمارستان
سبب بناء المارستان
استمرار تعهد البيمارستان المنصوري بالعمارة والإصلاح
وفي شهر ذي القعدة سنة ٧٥٥ﻫ في عهد السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون خلع السلطان على الأمير صرغتمش، واستقر في نظر المارستان المنصوري وكان قد تعطل نظره من متحدث ترك، وانفرد بالكلام فيه القاضي علاء الدين بن الأطروش وفسد حال وقفه، فإنه كان يكثر من مهاداة أمراء الدولة ومديريها ويهمل عمارة رباعه حتى تشققت، فنزل اليه الأمير صرغتمش ودار فيه على المرضى فساءه ما رأى من ضياعهم وقلة العناية بهم، فاستدعى القاضي ضياء الدين يوسف بن أبي بكر محمد بن خطيب بيت الأبار الشامي وعرض عليه التحدث في المارستان كما كان عوضًا عن ابن الأطروش، فامتنع من ذلك، فما زال به حتى أجاب وركب إلى أوقاف المارستان بالمهندسين لكشف ما يحتاج إليه من العمارة؛ فكتب تقدير المصروفات ثلاثمائة ألف درهم ومنع من يتعرض لهم وانصلحت أحوال المرضى أيضًا.
وجاء في هذه الخطط أيضًا: إن هذا البناء الذي كان فيما غبر من الأيام ملجأ مفتوحًا في الشدائد، قد اضمحلت حالته بعد ذلك، وزالت عنه السعادة الأولى التي كان يرفل في حلاها، أو بعبارة أخرى كاد لا يبقى منه غير ظله بسبب ظلم الترك والمماليك وإهمالهم، ولا سيما تبديد أمواله.
فالمارستان مكان متسع رديء الموضع يسع في المتوسط مائة مريض، وفيه في الوقت الحاضر سبعة وعشرون مريضًا، وأربعة عشر مجنونًا سبعة رجال وسبع نسوة. وفي المرضى كثير من العميان وأكثرهم مصاب بالسرطان، وبعضهم أنهكته الأمراض العضالة المتروكة من غير علاج، وجميعهم من غير إسعاف سوى توزيع الغذاء عليهم، وهو من الخبز والأرز والعدس، وهم لا يتصورون أن في الإمكان تخفيف أوجاعهم، وهم بتركهم هكذا تحت رحمة الأقدار لم يعرفوا قط حتى أبسط الأدوية. ويقيم المجانين في ناحيتين منعزلتين في إحداهما ثماني عشرة حجرة للرجال وفي الأخرى ثماني عشرة للنساء. وقد رأيت الرجال مصابين بالبرد والمالنخوليا وأكثرهم مسن، ورأيت فتى فقط كان في حالة هياج، فكان يزأر كالأسد ثم انتقل فجأة إلى هدوء أعقبه ابتسام ودهشة. وحجر النساء ليست كلها محاطة بشبابيك الحديد، وكانت النساء كلهن مصفدات ولكنهن غير مثبتات في الجدران كالرجال، وإحدى هاته النسوة وهي طاعنة في السن تقدمت نحوي حتى وسط الحوش وهي تبكي وتطلب إحسانًا، وكانت الأخيرات متحجبات حتى لم يمكن أن ألحظ شيئًا من ملامحهن. ووقف الذين اصطحبوني في كل مكان على باب هذه الدايرة، وكانت امرأتان تحرسان بابها الداخلي محجبتان على الدوام ومتجهتان بوجوههما إلى الجدار أثناء زيارتي، وكانت هناك فتاة صغيرة جميلة قاعدة القرفصاء ووجهها وجسمها يكادان يكونان عاريين، فلما لمحتني داخلًا فرحت كثيرًا وسلمت علي مرارًا بحني رأسها ووضع يديها المغلولتين فوق صدرها، وكانت تتكلم بنشاط، ولكني لم أفهم منها غير كلمة سنيور، وكانت تعيدها مرارًا ولكنها غريبة عن لسانها.
ولقد شككت في كونها مجنونة لأن ظلم الرجال كثيرًا ما زج بالعقلاء في هذه المحال المحزنة.
على أن شكوك الطبيب وهو الذكي الفؤاد كان لها أساس من الصحة، فقد علمنا بعد ذلك أن هذه الفتاة الشقية الحظ قد أطلق سراحها، ولكن الذين زجوا بها في هذا المكان لم ينلهم عقاب.
وبعد أن زرت كل شيء بالعناية التامة لحقت بالشيخ الذي كان ينتظرني بالمسجد الذي هو من البيمارستان، فوجدته يصلي أمام التربة الفخمة المدفون فيها الملك الناصر محمد بن قلاوون الذي أعد هذا المكان لأيام الشدائد.
وفي دار الآثار العربية طبق كبير من العقيق ارتفاعه عشرة سنتيمترات وقطره خمسة وأربعون سنتيمترًا وبه ثمانية عشر ضلعًا من الخارج. وشكل الطبق ينم على كونه روماني الأصل، ربما يكون قد أهداه أحد ملوك الروم إلى السلطان الملك المنصور قلاوون أو إلى ابنه الملك الناصر محمد، وقد رجح ذلك حضرة الباحث المحقق حسين راشد أمين دار الآثار العربية. وكان هذا الطبق أولًا ببيمارستان قلاوون ثم نقل إلى دار الآثار حفظًا له وصيانة من التلف أو الضياع لنفاسته وندورته. وأرجح أن هذا الطبق هو الذي كان يعصر فيه الليمون ويحك بحجر آخر حتى يحمر السائل ثم يرغم الطفل على لحسه. وأما قفزة النسوة أمام القبلة كما ذكر إيبرس، فالراجح أيضًا أن النسوة كن يضعن الطبق أمام القبلة ثم يخطون فوقه سبع مرات فكًّا لعقمهن وطلبًا للحبل، وهذه عادة مشهورة في مصر من تخطي أي شيء غريب جملة مرات من أجل الحبل وهذه صورة الطبق:
وقال بريس دافن الذي زار القاهرة في ذلك العصر ووصف البيمارستان في كتابه: إنه قد حصلت تغييرات عديدة في أبنيته في عصور مختلفة، ولا سيما قد نقلت المجانين منه إلى غيره من الأمكنة، فقد تصرف المشرفون عليه بتأجير قاعاته للسكن، فصار كأنه وكالة وصارت مرافقه مخازن لصناع النحاس وتجاره وقال: إن درس هذا المارستان الكبير له أهمية عظمى في تاريخ العمارة العربية حيث لم يبق الآن بناء مثله من عصره.
وبعد أن انتقلت المجانين من بيمارستان قلاوون إلى ورشة الجوخ ببولاق تحول حال البيمارستان، فبعد أن كان خاصًّا بالمجانين عاد إلى ما كان عليه في السابق من معالجة سائر الأمراض، وكان يتولى العلاج فيه ويدير شئونه أطباء كيفما كانوا، حتى تولى شئونه الدكتور حسين عوف بك، وكان من خيرة الأطباء المتعلمين فن الطب طبقًا للنظام العلمي الحديث. وكان الدكتور حسين عوف هذا طبيبًا كحالًا فطنًا، فتولى علاج أمراض العيون فيه هو ثم ابنه الدكتور محمد عوف باشا مساعدًا له أولًا ثم متوليًا لشئونه من بعده. ومن هنا أخذ البيمارستان يكون خاصًّا بأمراض العيون إلى اليوم، وممن عمل في هذا البيمارستان بعدهم الدكتور محمد بكير بك والدكتور محمد أمين بك. وفي سنة ١٨٩٥ عين الدكتور سعد سامح بك الطبيب الكحال مديرًا للبيمارستان ورئيسًا لأطبائه، ثم أحيل إلى المعاش في يناير سنة ١٩١٢ ثم خلفه في رياسة البيمارستان الدكتور محمد شاكر بك إلى شهر مارس سنة ١٩١٥. وفي أبريل سنة ١٩١٥ تولى رياسة البيمارستان الدكتور محمد طاهر بك إلى شهر نوفمبر سنة ١٩١٨، حيث خلفه في الرياسة الدكتور سالم هنداوي بك، ولا يزال إلى الآن متوليًا رياسة المارستان وكبير أطبائه، ويعاونه في علاج الرمد نحو عشرة أطباء آخرون.
الآثار الباقية من البيمارستان المنصوري (قلاوون)
- (١) جزء من الإيوان الشرقي وفسقية من الرخام Bassin والقاعة القبلية وبعض ألواح منقوشة في سقف الإيوان البحري، وتدل التحلية الجبسية Ofnement en platre في بعض النوافذ التي لا تزال موجودة على حالها في الردهة الشرقية وأعمال الفسيفساء في الفسقية، على أن زخارف المارستان لم تكن تقل نفاسة عن زخارف التربة التي هي أسلم بناء حفظ للآن من أبنية قلاوون، وتوجد في آخر ردهة المارستان القديم الملاصقة للإيوان الغربي من المسجد، ولا تزال جهتان من حافته مكسوتين بخطوط من الرخام الملون، وقاع الفسقية مغطى بالفسيفساء الدقيقة الصنع جدًّا ولا تزال سليمة، وهي مكونة من جزأين: فراغ مستطيل مسطح في وسط جزء مربع مجوف. وكان الماء يأتي إلى الفسقية كما يكون في الفساقي العمومية يخرج من جدار القاعة بأنبوب ثم يجري فوق لوح من الرخام كالسلسبيل في الفساقي العمومية. والبناء المسند فوقه لوح الرخام لا يزال قائمًا.
المعالم الكبير منه فعدد ٢٥ في الرسم المذكور يدل على الردهة المسماة قاعة الناقهين من الرجال، والفسقية مبينة فيه بعدد ٤٣ وهكذا. ويخرج من الفسقية قناة تخترق القاعة بطولها، وهذا النظام يشبه مثيله في قصر الحمراء وفي قصر زيزا.
- (١)
بقايا الإيوان الشرقي حيث توجد فيه ثلاثة منافذ بزخرفها، ونظرًا لحالة التلف القائمة بهذا الإيوان يجتهد في حالة تعذر الاحتفاظ بأجزائه القيمة في أماكنها في أن تنقل إلى المتحف، وألا يكتفي بعمل قوالب منها بالملاط اجتنابًا لتهدمها التدريجي بفعل الزمن.
- (٢)
قوس الإيوان الجنوبي وزخارفه الجبسية النفيسة.
- (٣)
الإيوان الغربي ولا سيما طرف هذا الإيوان حيث توجد زخارف مغطاة بطلاء حديث.
- (٤)
الإيوان الشمالي المطل على الحوش الوسطاني: لم يحتفظ بشكله الأصلي ولا يزال قوسه الكبير موجودًا، ولكن سد جزء منه للمساعدة على تثبيت ثلاث أقواس بالبناء بالحجر المنحوت خلافًا للموجود في الإيوانات الأخرى التي هي مبنية جميعها بالطوب الأحمر. ولو أن اختلاف مادة البناء هذا دليل واضح على أن الإيوان الشمالي جدد بناؤه فإن القسم الفني يرى مع ذلك وجوب الوصاية بالاحتفاظ به.
- (٥)
القاعة الكبرى المربعة في جنوب المارستان المذكورة في تقرير عدد ٣٤١، والتي تشمل على عمد من الرخام وأقواس عني بتشابهها بعضها لبعض، وقد كشفت حديثًا بعناية كبير مهندسي اللجنة.
ويرى القسم الفني أنه يتعذر الاحتفاظ بهذه القاعة بسبب بعدها من مجموعة الأجزاء المهمة في هذا الأثر والتي سبق ذكرها، إلا إذا ألحقت كما هي بالبناء الجديد للمستشفى، وفي حالة تعذر إلحاق هذه القاعة بالبناء الجديد تنقل من مكانها الحالي ويعاد بناؤها في حوش جامع الحاكم.
الكتابات الأثرية في البيمارستان المنصوري
- (١)
أمر بإنشاء هذه القبة الشريفة المعظمة والمدرسة المباركة والبيمارستان المبارك، مولانا السلطان الأعظم الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحي. وكان ابتداء عمارة ذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة والفراغ منه في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وستمائة.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، لما كان بتاريخ يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة سنة ٧٩١ في نظر المقر السيفي فان تمر، عز نصره، برز المرسوم الشريف السلطاني الملكي المنصوري الصالحي خلد الله ملكه، أن ينعم على مستحق ربع وقف البيمارستان المنصوري ما يخص بيت المال السلطاني من إرث من يتوفى من أرباب وظائفه ومباشريه وسكان أوقافه نعمة مستمرة على الدوام والاستمرار، لا يتغير حكمها ولا يندرس رسمها، ولعنة الله على من يسعى في تبديله أو إبطاله فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۚ.
الأعيان التي كانت موقوفة على البيمارستان المنصوري
الأعيان التي كانت محبوسة على المارستان المنصوري كثيرة وقد تغيرت معالمها وباد الكثير منها بطول الزمن وتغير الدول وكثرة القلاقل والفتن، ولم يبق منها إلى اليوم إلا القليل جدًّا بحيث لا يكفي للقيام بالصرف على المارستان كشروط واقفه. وسنذكر تلك الأعيان التي كانت موقوفة ومكان وجودها، نقلًا عن مؤرخي ذلك العصر، للدلالة على ما كان عليه المارستان من الشهرة والعظمة. ولقد يأتي الكثير من ذلك أيضًا عندما ننقل القسم الخيري من الوقفية الأصلية.
- (١) قيسارية الصبانة بالفسطاط:٧٥ هذه القيسارية من الأوقاف المنصورية (قلاوون) على مصالح البيمارستان المنصوري بالقاهرة.
- (٢) فندق الملك السعيد بالفسطاط:٧٦ وهو فندق كبير يعلوه ربع كبير عمر في أيام الملك السعيد محمد بن بركة خان، ثم ملكه قلاوون الألفي وهو اليوم (أي في زمن المؤرخ ابن دقماق المتوفى سنة ٨٠٩) وقف على المارستان المنصوري وكراؤه في كل شهر نحو الألفي درهم.
- (٣) حمام الساباط:٧٧ قال ابن عبد الظاهر: «كان في القصر باب يعرف بباب الساباط، كان الخليفة في العيد يخرج منه إلى الميدان وهو الحرنشف (الخرنفش الآن) إلى المنحر لتنحر فيه الضحايا ويعرف هذا الحمام في زماننا (أي زمن المقريزي المتوفي سنة ٨٤٩ﻫ ١٤٤١م) بحمام المارستان المنصوري، وهذا الحمام هو حمام القصر الصغير الغربي ويعرف أيضًا بحمام الصنيعة، فلما زالت الدولة الفاطمية من القاهرة بيع هذا الحمام جملة مرار، فلما تملكه الملك المنصور قلاوون وأنشأ المارستان الكبير المنصوري صارت فيما بعد فيما هو موقوف عليه، وهي الآن من أوقافه.»
- (٤) قيسارية المحلى وقيسارية الضيافة وقف المارستان المنصوري.٧٨
- (٥) قيسارية الفاضل:٧٩ هذه القيسارية على يمنة من يدخل من باب زويلة عرفت بالقاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني، وهي الآن في أوقاف المارستان المنصوري.
- (٦) سوق القفيصات:٨٠ (بصيغة الجمع والتصغير جمع قفص) فإنه كان معدًّا لجلوس أناس على تخوت تجاه شبابيك القبة المنصورية، وفوق تلك التخوت أقفاص صغار من حديد مشبك، فيها الطرائف من الخواتيم والفصوص وأساور النسوان وخلاخيلهن وغير ذلك، وهذه الأقفاص يأخذ أجرة الأرض التي عليها مباشرة المارستان المنصوري.
- (٧) سوق الكتبيين:٨١ أحدثت بعد سنة ٧٠٠ يحيط بها سوق الأمشاطيين وسوق النقليين، وهما بين المدرسة الصالحية والصاغة، وجميع ذلك جار في أوقاف المارستان المنصوري.
صورة من حال البيمارستان المنصوري في بعض عصوره
إن السلطان قلاوون حينما أوقف البيمارستان جعل النظر عليه في حياته لنفسه ثم لأولاده من بعده ثم من بعدهم لحاكم المسلمين الشافعي.
- (١) علي بن عبد الواحد٨٢ بن أحمد بن الخضر الشيخ علاء الدين الحلبي نزيل دمشق، كان شيخًا كبيرًا متميزًا من رؤساء الدولة الناصرية خدم في الجهات وولي نظر البيمارستان المنصوري وغيره وتوفي سنة ٦٩٧ﻫ.
- (٢) محمد بن علي٨٣ بن محمد بن محمد بن علي بن عثمان الشيخ شمس الدين أبو عبد الله بن الفاضل نور الدين أبي الحسن البدرشي ثم القاهري، المولود بالقاهرة سنة ٧٨٨ﻫ، اختص بجاني بك الصوفي وباشر البيمارستان في أيامه وعلا كلامه وعظم أمره، مات يوم الاثنين في ١٧ شوال سنة ٨٤٦ﻫ.
- (٣) محمود بن محمد٨٤ بن علي بن عبد الله قاضي القضاة جمال الدين أبو الثناء القيصري الرومي الأصل العجمي الحنفي، قاضي قضاة الديار المصرية وناظر جيوشها وشيخ الشيخونية، باشر عدة وظائف كالتدريس في الصرغتمشية وغيرها والخطابة بمدرسة السلطان برقوق ونظر البيمارستان المنصوري توفي ليلة الأحد في ٧ ربيع الأول سنة ٧٩٩.
- (٤) علي بن عبد الله بن محمد الأمير علاء الدين بن الطبلاوي٨٥ نسبة إلى قرية بالمنوفية بالوجه البحري تسمى طبلاه، نشأ بالقاهرة من جملة العوام إلى أن مات عمه بهاء الدين الطبلاوي، وكان تاجرًا بقيسارية جهاركس بالقاهرة، وله مال فورثه بنو عمه علي هذا وغيره، فلما صار متمولًا سعى إلى أن صار مشد القصر السلطاني بقلعة الجبل، ثم ولي شد البيمارستان المنصوري، ولا يزال يتقرب عند الملك الظاهر برقوق حتى أدخله في غالب أشغاله وصار له كلمة في الدولة، ثم غضب عليه السلطان لأمور صدرت منه ثم نفي إلى الكرك وقتل بغزة سنة ٨٠٢ﻫ.
- (٥) محمد بن أحمد بن عبد الملك القاضي شمس الدين الدميري٨٦ المالكي ولي حسبة القاهرة في الأيام الأشرفية شعبان بن حسين ثم ولي بعد ذلك غير مرة، وولي نظر الأحباس ونظر البيمارستان المنصوري وقضاء العسكر على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه. ولم يزل ينتقل في الوظائف إلى أن توفي يوم الاثنين ٩ رمضان سنة ٨١٣ﻫ.
- (٦) علي بن مفلح القاضي نور الدين٨٧ ناظر البيمارستان المنصوري ووكيل بيت المال بالأطباق بالقلعة وعد من رؤساء الناس، وتوفي يوم الجمعة ١٢ ذي الحجة سنة ٨٤١ﻫ.
- (٧) محمد بن محمد بن محمد بدر الدين بن شمس الدين الدميري٨٨ ثم القاهري، كان جده ناظر البيمارستان وولي الحسبة واستمر هذا في مشارفة المارستان، مات في رمضان سنة ٨٤٦ﻫ.
- (٨) محمد بن محمد بدير بن بدر الدين العباسي المعروف بالعجمي٨٩ زوج أخت البدر الدميري ورفيقه في مشارفة البيمارستان، مات في شوال سنة ٨٤٦ﻫ.
- (٩) في يوم الاثنين ثاني شهر ربيع الآخر سنة ٨٥٠ استقر المولوي السفطي٩٠ في نظر البيمارستان المنصوري بعد عزل المحبي ابن الأشقر ولبس الخلعة لذلك، وفي يوم الخميس خامس ربيع الآخر انتقض الأمر وألبس المحبي خلعة الاستمرار في اليوم المذكور.
- (١٠) في يوم الأربعاء سلخ شهر ذي الحجة ٨٥١ﻫ طلع القاضي الشافعي٩١ إلى السلطان بأربعة عشر ألف دينار من حاصل البيمارستان، فعرضها عليه فشكره على ذلك، وغفل عن كونه لم يعمل فيه بمراد الواقف، بل حجر في تنزيل المرضى وغيره، وأمره بمسح دهاليزه وكنسه وعدم التمكين من المشي فيه بالنعال، حتى أنشدني الشيخ أبو عبد الله الراعي لنفسه:مرستانكم يشكو الخلاء وما بهمن الكنس والمسح الذي ليس ينفعوناظره إذ جار في حكمه لهفيمنعه المرضى ومع ذا يجعجعبتعميره قفرًا مضيعًا فيا لهخليًا من المرضى ولكن مقرقعأواوينه مأوى الكلاب لتعجبواولا رمد فيها ولا متوجعوبلدتنا مملوءة من مريضنافلا عينه تهمي ولا القلب يخشعيمشي مريض العين بالباب حافيًافويق بلاط صار للعين يقلعفنسال ربي أن يفرج كربناويرحم مرضانا وذو الجور يرفع٩٢
- (١١) في يوم الاثنين ٣ جمادى الآخرة سنة ٨٥٤ﻫ خلع على الشرفي الأنصاري باستقراره في نظر البيمارستان والخانقاه الصلاحية سعيد السعداء والجوالي والكسوة ووكالة بيت المال.٩٣
- (١٢) محمد بن أحمد بن يوسف بن حاج القاضي ولي الدين٩٤ السفطي المولود سنة ٧٩٠ﻫ، قرره السلطان في نظر البيمارستان المنصوري سنة ٧٤٩ﻫ، فازداد وجاهة وعزًّا واجتهد في عمارته وعمارة أوقافه والحث على تنمية مستأجراته وسائر جهاته حتى الأحكار، وما نسب إليه من الآثار مع التضييق على مباشريه والتحري في المريض المنزل فيه بحيث زاد على الحد وقل من المرضى فيه العدد، وتحامى الناس المجيء إليه بأنفسهم أو بمرضاتهم، فصار بذلك مكنوسًا ممسوحًا. ومنع الناس من المشي إلا حفاة، وحجر في كل ما أشرت إليه غاية التحجير، فاجتمع في الوقف بسبب هذا كله من الأموال ما يفوق الوصف، وفيه نوع شبه بما سلكه الشمس محمد بن أحمد بن عبد الملك الدميري في المارستان أيضًا وإن لم يبلغ حد صاحب الترجمة ولا كاد، وقد تعرض لصنيعه في ذلك أبو عبد الله الراعي في نظمه كما سيأتي.
- (١٣) في شهر صفر من سنة ٩٠١ﻫ خلع على الأتابكي تمراز٩٥ وقرر في نظر البيمارستان المنصوري، فتوجه إلى هناك في موكب حافل وسلطان العصر في ذلك الوقت الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي الظاهري.
- (١٤) في شوال سنة ٩٠٨ﻫ خلع على معين الدين شمس٩٦ وقرر في وكالة بيت المال ونظر البيمارستان المنصوري فعظم أمره جدًّا.
- (١٥) في سنة ٩٢٣ﻫ في حكم السلطان سليم المعروف بابن عثمان٩٧ خلع المقر السيفي ملك الأمراء خاير بك بن بلباس نائب السلطنة المصرية علي الزيني بركات بن موسى، وقرره مدبر المملكة وناظر الحسبة الشريفة وناظر البيمارستان المنصوري إلخ …
الثقة بالبيمارستان المنصوري
- (١) عثمان بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن يوسف قاضي القضاة فخر الدين المعروف بابن خطيب جبرين قاضي حلب، مولده في ربيع الآخر سنة ٦٦٢ﻫ بالحسينية بالقاهرة مرض بالبيمارستان المنصوري ومات به سنة ٧٣٨ﻫ.٩٨
- (٢)
زين الدين أبو يحيى زكريا الأنصاري رأس القضاء الشافعي توفي سنة ٩٢٦ﻫ بالبيمارستان بالقاهرة.
ونكتفي بهذين الاسمين خشية الإطالة.
وقفية السلطان قلاوون على البيمارستان المنصوري
من الوثائق التاريخية الثمينة التي قل أن يجود الزمان بمثلها لطول العهد واضطراب الأحوال وتغير الدول، الوقفية التي أوقفها السلطان الملك المنصور قلاوون على تربته ومدرسته وبيمارستانه، فإنها من أوثق المصادر التي يستعان بها في تحقيق أحوال ذلك الزمان الذي وضعت فيه، ومعرفة ما بلغته مصر من الرقي والمدنية. ولقد كانت هذه الوقفية في حكم الشيء المفقود، فإن المؤرخ عبد الرحمن حسن الجبرتي المتوفي سنة ١٢٤٠ﻫ ١٨٢٥م قد ذكر ضمن حوادث كتابه: أن وقفية السلطان قلاوون قد احترقت في داخل خزانة كتب البيمارستان، وأن الأمير عبد الرحمن كتخدا عندما أراد تجديد البيمارستان في سنة ١١٩٠ﻫ وحبس بعض الأموال عليه لم يجد كتاب وقفه.
ومن حسن الاتفاق أنه في المدة التي تولى فيها المرحوم إبراهيم باشا نجيب إدارة ديوان الأوقاف (من ديسمبر سنة ١٩١٢ إلى ١٥ نوفمبر سنة ١٩١٣) عثر في محفوظات الديوان على وقفية السلطان قلاوون، وطلب الديوان من العلامة المرحوم أحمد زكي باشا قراءة الوقفية، فانتهز الفرصة واستنسخ لنفسه منها نسخة للخزانة الزكية، ولم يسبق لأحد ما قبل ذلك رؤية هذه الوقفية أو معرفة ما فيها. وقد تفضل الأستاذ المرحوم أحمد زكي باشا فأعارنيها ضمن ما أعارني من نفائس خزانته.
«… التي من جملة كتب الأوقاف المذكورة الثلاثة كتب الرق الغزال الملصقة المؤرخ أحدهم (كذا) في ١٣ من شهر ذي الحجة الحرام ختام سنة ٦٨٤، والثاني مؤرخ في ١٢ شهر صفر الخير، والضم والإلحاق الشرعي الملحق بذيله المؤرخ في حادي عشر شهر صفر المذكور كلاهما سنة ٦٨٥، والثالث مؤرخ في ٢٤ شهر رجب الفرد الحرام سنة ٦٨٦، هذا دلت عليه كتب الأوقاف المذكورة على الحكم المعين والمشروع بأعاليه.»
وسنأتي على ديباجة الوقفية ثم على الشروط الخاصة بالبيمارستان وحده دون الخاص منها بالتربة أو المدرسة أو القبة أو المسجد، ثم نتبع ذلك بذكر وقفية الأمير كتخدا لما احتوت عليه من الأمور العظيمة الهامة للإنسانية.
ديباجة وقفية السلطان الملك المنصور قلاوون
… أما بعد
فإن أحق ما انتهزت فرص أجره العزائم، وأحرزت مواهب
سطر | |
---|---|
٣٣* | بره الغنائم، وأجدر ما تنبه لاغتنام ثوابه كل نائم، وأولى ما توجه إليه كل متوجه وقام إليه كل قائم، ما عادت بالخيرات عوائده، وزادت في |
٣٤ | المسرات زوائده، واستمرت على الآباء فوائده، واستقرت على التقوى |
٣٥ | بتطاول الآمال قواعده، وهي الأوقاف العميم برها، المقيم أجرها، |
٣٦ | الجسيم وفرها، الكريم ذخرها، فهي الحسنات التي هي أثمان |
٣٧ | الجنان، والقربات التي فيها رضوان الرحمن، والصدقات التي هي مهور |
٣٨ | الحور الحسان، والنفقات التي هي بحور الأجور لا اللؤلؤ والمرجان … |
… | |
٤٢ | ولا يخفى ما فيها من إدخال السرور على المريض الفقير، وإيصال الحبور |
٤٣ | إلى قلبه الكسير، وإغنائه بإيوائه ومداواته، الذي لا يعبر عن وفور |
٤٤ | أجرها بتعبير، فطوبى لمن عامل مولاه العزيز الغفار، وراقبه |
٤٥ | مراقبة العالم بسره ونجواه في الإيراد والإصدار، وأقرضه أحسن القروض |
٤٦ | على حسب الإمكان والاقتدار. وانتهز الفرصة بالاستباق |
٤٧ | وأحرز بالاغتنام أجرها قصب السباق، فساعد الفقير المسلم على |
٤٨ | إزالة ألمه، ومداوة سقمه مساعدة تنجيه غدًا من عذاب ربه الخلاق |
٤٩ | ورجاء أن تكون له بها عند الله الرتبة العظمى، والقربة التي لا يخاف بأجرها |
٥٠ | ظلمًا ولا هضمًا، والحسنة التي لا تبقى لذنبه غمًّا، |
٥١ | ولما علم بذلك مولانا السيد الأجل |
٥٢ | السلطان الملك المنصور العالم العادل |
٨٣ | … فتقدم أمره الشريف، العالي المنيف، إلى ولي دولته، وغذي نعمته |
٨٤ | والمتشرف بخدمته، والمخصوص في هذا الوقف بوكالته، الجناب |
٨٥ | العالي الآمري الأجلي الأوحدي الكبيري المؤيدي المجاهدي المقدمي العضدي |
٨٦ | النصري العزي عز الدين، عز الإسلام ذخر الأنام، مقدم الجيوش نصرة المجاهدين |
٨٧ | عضد الملوك والسلاطين أبي سعيد أيبك بن عبد الله الملكي الصالحي النجمي المعروف |
٨٨ | بالأفرم أمير جاندار الملكي المنصوري السيفي أدام الله نعمته، أن يقف عنه |
٨٩ | خلد الله ملكه ويحتبس ويسبل جميع ما هو جار في ملك مولانا السلطان الملك المنصور |
٩٥ | … جميع أراضي البستان |
٩٦ | … الذي ذلك بظاهر القاهرة |
٩٧ | خارج بابي الشعرية والفتوح غربي الجامع الظاهر المستجد العامر |
٩٨ | بذكر الله…. |
… | |
٢٦٠ | على ما نص مولانا السلطان المنصور الموقوف عنه بإذنه المذكور خلد الله مملكته على بيانه |
٢٦١ | وذكر تعيينه ذكرًا مصدقًا خبره لعيانه، وشرح مصارفه شرحًا يبقى على الأبد وترادف زمانه. |
٢٦٢ | وبين شروطه بيانًا لا ينقضي بانقضاء أوانه، من مصالح البيمارستان المبارك المنصوري المستجد |
٢٦٣ | إنشاؤه، والبديع بناؤه، والمعدوم في الآفاق مثاله، والمشهور في الأقطار |
٢٦٤ | حسن وصفه وجماله، لقد أعجز همم الملوك الأول، وحوى كل وصف جميل واكتمل |
٢٦٥ | وحدث عنه العيان والخبر، ودل على علو الهمة فيه كالسيف دل على التأثير بالأثر. |
٢٦٦ | من أكحال تكون فيه معدة للسبيل، وأشربة تحلو كالسلسبيل، وأطباء تحضره في |
٢٦٧ | البكرة والأصيل، وغير ذلك مما يشفي السقيم ويبري العليل، وفروش وأمان، |
٢٦٨ | وقومة وخدام ومطعوم ومشروب ومشموم مستمرًّا أبدًا على الدوام وسيأتي بيان ذلك |
٢٦٩ | فيه مفصلًا مبينًا، ومشروحًا معينًا. وهذا المارستان المذكور بالقاهرة المحروسة بين القصرين |
٢٧٠ | بخط المدارس الكاملية والصالحية والظاهرية، رحم الله واقفيها على يمنة السالك من المدرسة |
٢٧١ | الكاملية إلى باب الزهومة وفنادق الطواشي شمس الخواص مسرور رحمه الله، وفندق الحجر والفاكهة |
٢٧٢ | والحريريين والقسطيين والشرابشيين وغير ذلك، وإلى يسرة السالك من ذلك إلى المدرسة الكاملية ولجامعي الأصغر والأنور … |
٢٧٣ | ويتوصل إلى هذا المارستان المذكور من الباب الكبير المبني بالرخام المفصوص، المقابل لباب ٢٧٤ التربة الصالحية النجمية رحم الله واقفها المدخول منه إلى الدهليز المستطيل المسلوك منه إلى القبة المباركة التي |
٢٧٥ | على يمنة الداخل فيه وإلى المدرسة التي هي بالعلم الشريف معظمة |
٢٩١ | … وهذا المارستان هو الذي وقفه مولانا السلطان الملك المنصور الموكل عنه خلد الله ملكه |
٢٩٣ | بيمارستان لمداواة مرضى المسلمين الرجال والنساء من الأغنياء المثرين والفقراء المحتاجين |
٢٩٤ | بالقاهرة ومصر وضواحيها من المقيمين بها والواردين إليها من البلاد والأعمال على اختلاف |
٢٩٥ | أجناسهم وأوصافهم وتباين أمراضهم وأوصابهم، من أمراض الأجسام قلت أو كثرت |
٢٩٦ | اتفقت أو اختلفت، وأمراض الحواس خفيت أو ظهرت، واختلال العقول التي حفظها أعظم |
٢٩٧ | المقاصد والأغراض، وأول ما يجب الإقبال عليه دون الانحراف عنه والإعراض، وغير ذلك مما تدعو |
٢٩٨ | حاجة الإنسان إلى صلاحه وإصلاحه بالأدوية والعقاقير المتعارفة عند أهل صناعة الطب |
٢٩٩ | والانشغال فيه بعلم الطب والاشتغال به، يدخلونه جموعًا ووحدانًا وشيوخًا وشبانًا، وبلغاء |
٣٠٠ | وصبيانًا، وحرمًا وولدانًا، يقيم به المرضى الفقراء من الرجال والنساء لمداواتهم إلى حين برئهم وشفائهم |
٣٠١ | ويصرف ما هو معد فيه للمداواة، ويفرق للبعيد والقريب، والأهلي والغريب، والقوي والضعيف، |
٣٠٢ | والدني والشريف، والعلي والحقير، والغني والفقير، والمأمور والأمير، والأعمى والبصير. |
٣٠٣ | والمفضول والفاضل، والمشهور والخامل والرفيع والوضيع، والمترف والصعلوك، |
٣٠٤ | والمليك والمملوك، من غير اشتراط لعوض من الأعواض، ولا تعريض بإنكار على ذلك |
٣٠٥ | ولا اعتراض، بل لمحض فضل الله وطوله الجسيم، وأجره الكريم وبره العميم، لينتفع بذلك |
٣٠٩ | … فقبل هذا الوكيل المذكور هذا التوكيل قبولًا صحيحًا سائغًا |
٣١٠ | شرعيًّا، ووقف بإذن مولانا السلطان الملك المنصور الموكل المذكور خلد الله مملكته، وحبس عنه |
٣١٤ | المارستان المستجد المنصوري المحدود أعلاه، وعلى من يقوم بمصالح المرضى به من الأطباء والكحالين |
٣١٥ | والجراحين وطباخي الشراب والمزاور والطعوم وصانعي المعاجين والأكحال والأدوية والمسهلات |
٣١٦ | المفردة والمركبة، وعلى القومة والفراشين والخزان والأمناء والمباشرين وغيرهم ممن جرت عادة أمثالهم بذلك |
٣١٧ | وعلى ما يقوم بمداواة المرضى من الأطعمة والأشربة والأكحال والشيافات والمعاجين والمراهم |
٣١٨ | والأدهان والشربات، والأدوية المركبة، والمفردة، والفرش والقدور والآلات المعدة للانتفاع |
٣١٩ | بها في مثله. وسيأتي ذكر ذلك مفصلًا فيه مبينًا ومشروحًا معينًا، على أن الناظر في هذا الوقف |
٣٢٠ | والمتولي عليه يؤجر العقار من هذا الوقف المذكور وما شاء منه بنفسه أو بنائبه مدة ثلاث سنين |
٣٢١ | فما دونها بأجرة المثل فما فوقها ويؤجر بالأراضي مدة ثلاث سنين فما دونها بأجرة المثل فما فوقها |
٣٢٢ | ولا يدخل عقدًا على عقد ولا يؤجره لمتشرد ولا لمتعزز، ولا لمن تخشى سطوته، ولا لمن ينسى الوقف |
٣٢٣ | في يده، ويبدأ من ذلك بعمارة ما يجب عمارته في الوقف والبيمارستان، المذكور ذلك فيه من إصلاح وترميم |
٣٢٤ | أو بناء هديم، على وجه لا ضرر فيه ولا ضرار ولا إجحاف بأحد في جد ولا إصرار، وبتخير |
٣٢٥ | الناظر في تحصيل ربع هذا الوقف وحسن الحال على حسب الإمكان ويطلب ذلك |
٣٢٦ | حيث كان في كل جهة ومكان، بحيث لا يفرط ولا يفرط ولا يخرج في سلوكه عن السنين المتوسطة |
٣٢٧ | ولا يهمل حقًّا معينًا ولا يغفل عن أمر يكون صلاحه بينًا، لتكون هذه الصدقة طيبة مقبولة |
٣٢٨ | وهذا السعي يرجو مولانا السلطان الملك المنصور — خلد الله ملكه — به من ربه قبوله |
٣٢٩ | فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه من الأخبار الصحيحة المنقولة: «إذا مات العبد انقطع عمله |
٣٣٠ | إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.» ثم ما فضل بعد ذلك |
٣٣١ | صرف منه الناظر ما يرى صرفه لمن يتولى إنجاز ذلك واستخراج |
٣٣٢ | أجرته وعمارته وصرف ريعه في وجوهه المشترطة فيه وتفرقة أشربته وأدويته من شد |
٣٣٣ | وناظر ومشارف ومشاهد وكاتب وخازن، ويصرف لكل منهم من ريع هذا الوقف |
٣٣٤ | أجرة مثله عن تصرفه في ذلك وفعله، ولا يولي الناظر في هذا الوقف يهوديًّا ولا |
٣٣٥ | نصرانيًّا، ولا يمكنه من مباشرة شيء من هذا الوقف، بل يكون المتولي مسلمًا ظاهر الأمانة |
٣٣٦ | عارفًا بأنواع الكتابة، كافيًا فيما يتولاه موصوفًا بدينه ودرايته وخبرته |
٣٣٧ | ويصرف الناظر من ربع هذا الوقف، ثمن ما تدعو |
٣٣٨ | حاجة المرضى إليه، من سرر حديد أو خشب على ما يراه مصلحته ولحف محشوة قطنًا وطراريح محشوة |
٣٣٩ | بالقطن أيضًا، وملاحف قطن ومخاد طرح أو أدم محشوة على ما يراه، ويؤدي إلى اجتهاده، وهو مخير بين |
٣٤٠ | أن يفصل كل نوع من ذلك ويصرف أجرة خياطته وعمله وثمن حشوه وبين أن يشتري ذلك |
٣٤١ | معمولًا مكملًا، فيجعل لكل مريض من الفرش والسرر على حسب حاله وما يقتضيه مرضه عاملًا في |
٣٤٢ | حق كل منهم بتقوى الله وطاعته باذلًا جهده وغاية نصيحته، فهم رعيته وكل مسئول عن |
٣٤٣ | رعيته ويصرف الناظر في هذا الوقف |
٣٤٤ | ثمن سكر يصنعه أشربة مختلفة الأنواع، ومعاجين وثمن ما يحتاج إليه لأجل ذلك من الفواكه |
٣٤٥ | والخماير، رسم الأشربة وثمن ما يحتاج إليه من أصناف الأدوية والمعاجين والعقاقير والمراهم |
٣٤٦ | والأكحال والشيافات والذرورات والأدهان والسفوفات والدرياقات والأقراص |
٣٤٧ | وغير ذلك، يصنع كل صنف في وقته وأوانه، ويدخره تحت يده في أوعية معدة له، فإذا |
٣٤٨ | فرغ استعمل مثله من ريع هذا الوقف، ولا يصرف من ذلك لأحد شيئًا إلا بقدر حاجته إليه |
٣٤٩ | ولا يزيده عليها، وذلك بحسب الزمان وما تدعو الحاجة إليه بحسب الفصول وأوقات الاستعمال |
٣٥٠ | ويقدم في ذلك الأحوج فالأحوج من المرضى والمحتاجين والضعفاء والمنقطعين والفقراء |
٣٥١ | والمساكين ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف |
٣٥٢ | ما تدعو حاجة المرضى إليه من مشموم في كل يوم، وزبادي فخار برسم أغذيتهم وأقداح |
٣٥٣ | زجاج وغرار برسم أشربتهم وكيزان وأباريق فخار وقصاري فخار |
٣٥٤ | وزيت للوقود عليهم، وبماء من بحر النيل المبارك برسم شربهم وأغذيتهم |
٣٥٥ | و… لأجل تغطية أغذيتهم عند صرفها عليهم وفي ثمن مراوح خوص لأجل استعمالهم إياها في الحر |
٣٥٦ | ويصرف الناظر ثمن ذلك من ريع هذا الوقف في غير إسراف ولا إجحاف ولا زيادة على |
٣٥٧ | ما يحتاج إليه، كل ذلك بحسب ما تدعو الحاجة لزيادة الأجر والثواب |
٣٥٨ | ويصرف الناظر في هذا الوقف لرجلين مسلمين موصوفين |
٣٥٩ | بالديانة والأمانة بكون أحدهما خازنًا لمخزن حاصل التفرقة، يتولى تفرقة الأشربة والأكحال والأعشاب |
٣٦٠ | والمعاجين والأدهان والشيافات، المأذون له في صرف ذلك من المباشرين، ويكون الآخر أمينًا |
٣٦١ | يتسلم صبيحة كل يوم وعشيته أقداح الشراب المختصة بالمرضى والمختلين من الرجال والنساء |
٣٦٢ | المقيمين بهذا المارستان، ويفرق ذلك عليهم ويباشر شرب كل منهم لما وصف له من ذلك |
٣٦٣ | ويباشر المطبخ بهذا المارستان وما يطبخ به للمرضى من مزاور ودجاج وفراريج ولحم وغير ذلك، |
٣٦٤ | ويجعل لكل مريض ما طبخ له في كل يوم في زبدية منفردة له من غير مشاركة مع مريض آخر ويغطيها |
٣٦٥ | ويوصلها إلى المريض إلى أن يتكامل إطعامهم ويستوفي كل منهم غذاءه وعشاءه وما وصف له |
٣٦٦ | بكرة وعشية. ويصرف الناظر لكل منهما من ريع هذا الوقف ما يرى صرفه إليه من غير حيف |
٣٦٧ | ولا شطط. وللناظر الشهادة عليها في العدة إذا لم يكفيا ما اشترط عليها مباشرته ويصرف |
٣٦٨ | له أجرة مثله من ريع هذا الوقف ويصرف الناظر |
٣٦٩ | من ريع هذا الوقف لمن ينصبه بهذا المارستان من الأطباء المسلمين الطبائعيين والكحالين والجراحين |
٣٧٠ | بحسب ما يقتضيه الزمان وحاجة المرضى وهو مخير في العدة وتقرير الجامكيات ما لم يكن في ذلك |
٣٧١ | حيف ولا شطط يباشرون المرضى والمختلين الرجال والنساء بهذا المارستان مجتمعين ومتناوبين |
٣٧٢ | باتفاقهم على التناوب، أو بإذن الناظر في التناوب، ويسألون عن أحوالهم وما |
٣٧٣ | يتجدد لكل منهم من زيادة مرض أو نقص ويكتبون بما يصلح لكل مريض من شراب وغذاء وغيره، |
٣٧٤ | في دستور ورق ليصرف على حكمه، ويلتزمون المبيت في كل ليلة بالبيمارستان مجتمعين أو متناوبين |
٣٧٥ | ويجلس الأطباء الكحالون لمداواة أعين الرمداء بهذا المارستان ولمداوة من يرد إليهم به† |
٣٧٦ | من المسلمين بحيث لا يرد أحد من المسلمين الرمداء من مداواة عينيه بكرة كل يوم ويباشرون المداواة |
٣٧٧ | ويتلطفون فيها ويرفقون بالرمداء وملاطفتهم، وإن كان بنيهم من به قروح أو أمراض في عينه تقتضي |
٣٧٨ | مراجعة الكحال للطبيب الطبائعي، راجعه وأحضره معه وباشر معه من غير انفراد عنه ويراجعه في |
٣٧٩ | أحوال برئه وشفائه ويصرف الناظر في |
٣٨٠ | هذا الوقف لمن ينصبه شيخًا للاشتغال عليه بعلم الطب على اختلافه يجلس بالمسطبة الكبرى المعينة له |
٣٨١ | في كتاب الوقف المشار إليه للاشتغال بعلم الطب على اختلاف أوضاعه في الأوقات التي يعينها له |
٣٨٢ | الناظر ما يرى صرفه إليه، وليكن جملة أطباء البيمارستان المبارك من غير زيادة عن العدد |
٣٨٣ | ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف للقومة والفراشين |
٣٨٤ | الرجال والنساء بهذا البيمارستان ما يرى صرفه إلى كل من بحسب عمله، على أن كلًّا منهم يقوم بخدمة المرضى |
٣٨٥ | والمختلين الرجال والنساء بهذا البيمارستان وبغسل ثيابهم وتنظيف أماكنهم وإصلاح شئونهم |
٣٨٦ | والقيام بمصالحهم على ما يراه من العدة والتقرير بحيث لا يزيد في العدة ولا في المقادير على الحاجة إليه |
٣٨٧ | في ذلك بحسب الزمان والمكان ويصرف الناظر |
٣٨٨ | ما تدعو الحاجة إليه في تكفين من يموت بهذا المارستان من المرضى والمختلين الرجال والنساء، فيصرف |
٣٨٩ | ما يحتاج إليه برسم غسله وثمن كفنه وحنوطه وأجرة غاسله وحافر قبره ومواراته في قبره على السنة |
٣٩٠ | النبوية والحالة المرضية، ومن كان مريضًا في بيته وهو فقير كان للناظر أن يصرف إليه ما يحتاج إليه |
٣٩١ | من حاصل هذا المارستان من الأشربة والأدوية والمعاجين وغيرها مع عدم التضييق في الصرف |
٣٩٢ | على من هو مقيم به، فإن مات بين أهله صرف إليه الناظر |
٣٩٣ | في موته بتجهيزه وتغسيله وتكفينه وحمله إلى مدفنه ومواراته في قبره ما يليق بين أهله. وليس للناظر |
٣٩٤ | في هذا الوقف أن ينزل بهذا المارستان من المرضى ولا من المختلين ولا من الأطباء ولا من المباشرين |
٣٩٥ | ولا من أرباب الوظائف بهذا المارستان يهوديًّا ولا نصرانيًّا، فإن فعل شيئًا من ذلك أو أذن فيه |
٣٩٦ | ففعله مردود وإذنه فيه غير معمول به، وقد باء بسخطه وإثمه. ومن حصل له الشفا والعافية |
٣٩٧ | ممن هو مقيم بهذا المارستان المبارك صرف الناظر إليه من ريع هذا الوقف المذكور كسوة مثله |
٣٩٨ | على العادة، بحسب الحال من غير زيادة تقتضي التضييق على المرضى والقيام بمصالحهم، كل ذلك على ما |
٣٩٩ | يراه الناظر ويؤدي إليه اجتهاده بحسب ما تدعو إليه الحاجة ويحصل منه مزيد الأجور لمولانا |
٤٠٠ | السلطان الملك المنصور سيف الدنيا والدين، أعز الله به الدين وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين |
٤٠١ | فإن نقص ريع الوقف المذكور عن استيعاب المصارف المذكورة أعلاه، قدم الناظر صرف |
٤٠٢ | الأهم فالأهم من ذلك، من الأطعمة والأشربة والأدوية والسفوفات والمعاجين ومداواة |
٤٠٣ | الرمد، وتقديم الأحوج فالأحوج بحسب ما تقتضيه المصلحة وزيادة الأجور والثواب |
٤٠٤ | وعلى الناظر في هذا الوقت أن يراعي تقوى الله سبحانه وتعالى سرًّا وجهرًا، ولا يقدم صاحب جاه على |
٤٠٥ | ضعيف ولا قويًّا على ما هو أضعف منه ولا متأهلًا على غريب، بل يقدم في الصرف إليه |
٤٠٦ | زيادة الأجور والثواب والتقرب إلى رب الأرباب، فإن تعذر الصرف والعياذ بالله تعالى |
٤٠٧ | إلى الجهات المذكورة أو إلى شيء منها كان ذلك مصروفًا إلى الفقراء والمساكين من المسلمين أينما كانوا |
٤٠٨ | وحيث ما وجدوا، وجعل هذا الجناب العالي الأميري |
٤٠٩ | العزي الوكيل الواقف بإذن موكله مولانا السيد الأجل السلطان الملك المنصور … |
٤١٢ | … ثم من بعده رزقه الله أطول الأعمار وملكه سائر النواحي والأقطار للأمثل فالأمثل |
٤١٣ | من أولاده وأولاده أولاده وإن سفلوا ثم للأمثل فالأمثل من عتقاء مولانا السلطان |
٤١٤ | الملك المنصور المسمى أعز الله أنصاره، وإذا انقرضوا كان النظر في ذلك لحاكم المسلمين الشافعي |
٤١٥ | المذهب بالقاهرة ومصر المحروسة، ثم من بعده لمن يوجد من حكام المسلمين يوم ذلك على اختلاف مذاهبهم … |
٤٢٤ | وصار جميع ما وصف وحدد بعاليه وقفًا محرمًا بحرمات الله الأكيدة التي هي أجمع للتحريم، فلا يحل |
٤٢٥ | لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أنه إلى ربه الكريم صائر من سلطان أو وزير، أو مشير أو قاضٍ |
٤٢٦ | أو محتسب أو وكيل بيت مال، أو أمير أو آمر، نقض هذا الوقف ولا نقض شيء منه ولا تعطيله ولا فسخه |
٤٢٧ | ولا تحويله ولا السعي في إبطال شيء منه ولا الاعتراض إليه ولا إخراجه عن سبيله |
٤٢٨ | فمن فعل ذلك أو أعان عليه أو سعى فيه … |
٤٣٧ | … وقعت |
٤٣٨ | الشهادة عليه بعد قراءته بتاريخ اليوم المبارك يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر صفر المبارك |
٤٣٩ | من شهور سنة خمس وثمانين وستمائة، الله يقضيها بخير وحسبنا الله ونعم الوكيل |
… وبذلك أشهد، … وبذلك أشهد.
… وبذلك أشهد، … وبذلك أشهد.
وقفية الأمير عبد الرحمن كتخدا
سطر | |
---|---|
١٠ | سيد الملوك والسلاطين إسكندر صاحب القرآن مولانا السلطان الملك المنصور أبو المظفر قلاوون الصالحي قسيم أمير المؤمنين وسلطان الديار المصرية، كان تغمده الله بالرحمة والرضوان وأسكنه أعلى فراديس الجنان وقف وحبس وسبل |
١١ | وأبد وأكد وخلد وتصدق بجميع القبة العظمى وجميع المدرسة المباركة وجميع البيمارستان بصدر الدهليز الجامع لذلك، ومكتب السبيل علو باب القيسارية المستجدة والصهريج بداخل |
١٢ | البيمارستان المرقوم، وما يتبع ذلك من الأواوين والقاعات والأروقة والخلاوي والطباق وبيوت المختلين من الرجال والنساء، وأواوين الضعفاء والمرضى، وفساقي المياه وبيوت الأخلية وغير ذلك … |
١٥ | وجميع العقارات والحوانيت والحواصل والخزائن والربوعة والطباق والعقارات الكائنة بمصر المحروسة بالخط المذكور |
١٦ | والأطيان التابعة لذلك، المرصد ذلك جميعه على مصالح القبة والمدرسة والبيمارستان والمكتب والصهريج المذكورين أعلاه، المشمول ذلك جميعه وما ألحق به من قبل مولانا السلطان الأشرف برسباي والمرحومة جانم |
١٧ | عتيقة الجمالي يوسف زوجة بشتك الداوادار الخازندار مولانا السلطان المومى إليه، وما أنجز لجهة وقف مولانا السلطان المومى إليه من الأوقاف التابعة لذلك على الحاكم المعين باستيمار الوقف بنظر وتحدث |
١٨ | فخر الأكابر والأعيان الجناب المكرم الأمير عبد الرحمن كتخدا ابن المرحوم الأمير حسن كتخدا طائفة مستحفظان القاز دغلي بمصر كان بموجب تقريره في ذلك من قبل مولانا شيخ الإسلام المشار إليه أعلاه المؤرخ في شهر |
١٩ | ذي الحجة ختام سنة أربع وسبعين ومائة وألف (١١٧٤) المرتب على الفرمان الشريف الواجب القبول والتشريف من حضرة الوزير المعظم والدستور المكرم والمشير المفخم مولانا أحمد باشا محافظ الديار المصرية |
٢٠ | دامت سعادته السنية المؤرخ في شهر ذي الحجة المذكور سنة ١١٧٤ المذكورة، وقفًا صحيحًا شرعيًّا على ما يبين فيه: فأما القبة المذكورة فإنه وقف رواقها |
٢٣ | … وأما الخزاين التي بالقبة المذكورة فإنه وقفها لحفظ الكتب … |
٢٥ | وأما المدرسة المباركة … فإنه وقفها على الفقهاء والمنفقهة على مذاهب الأئمة الأربعة … |
٣٢ | … وأما البيمارستان المذكور المستجد من قبل مولانا السلطان المشار إليه … |
٣٤ | … فإنه وقف ذلك بيمارستانًا لمداواة مرضى المسلمين الرجال والنساء والأغنياء والفقراء بالقاهرة ومصر وضواحيها من المقيمين بهما والواردين إليهما من البلاد والأعمال على اختلاف أجناسهم وأوصافهم وسائر أمراضهم من أمراض الأجسام قلت أو كثرت اتفقت أو اختلفت، وأمراض الحواس خفت أو ظهرت |
٣٦ | واختلال العقول التي حفظها أعظم المقاصد والأغراض، وأدل ما يجب الإقبال على ذوي الانحراف عنه والإعراض، وغير ذلك مما تدعو حاجة الإنسان إلى صلاحه وإصلاحه بالأدوية والعقاقير |
٣٧ | المتعارفة عن أهل صناعة الطب والاشتغال فيه بعلم الطب والاشتغال به، ويدخلونه جموعًا ووحدانًا وشيوخًا وشبابًا وبلاغًا وصبيانًا وحرمًا وولدانًا تقيم المرضى الفقراء من الرجال |
٣٨ | والنساء لمداواتهم إلى حين برئهم وشفائهم ويصرف ما هو معين فيه للمداواة ويفرق على البعيد والقريب، والأهل والغريب والقوي والضعيف، والدني والشريف، والحقير والغني والفقير |
٣٩ | والمأمور والأمير، والأعمى والبصير، والمفضول والفاضل، والمشهور والخامل، والرفيع والوضيع، والمترف والصعلوك، والمليك والمملوك من غير اشتراط لعوض من الأعواض، ولا تعريض بإنكار |
٤٠ | على ذلك ولا اعتراض، بل لمحض فضل الله العظيم … على أن تكون |
٤١ | المسطبة الكبرى التي بالبيمارستان المرقوم مرصدة، لجلوس مدرس من الحكماء الأطباء عارفًا بالطب وأوضاعه متبحرًا في فضله لكثرة عمله واطلاعه عالمًا بأسباب الأمراض وعلاجاتها، ولجلوس المشتغلين |
٤٢ | بعلم الطب على اختلافه. وتكون المسطبة المقابلة لها مرصدة لجلوس المستخدمين والمباشرين لإدارة البيمارستان المرقوم وتكون القاعة التي على يمنة باب الدخول للبيمارستان المرقوم مرصدة |
٤٣ | لحفظ ما يفرق من حواصل البيمارستان المذكور من أشربة وأكحال وأدوية مفردة ومركبة ومعاجين وأدهان وديارقات ومراهم وشيافات |
٤٤ | مرصدة لإقامة الرمداء من الرجال الفقراء أو لمن يرى الناظر إقامته بها من المرضى. ويكون المخزن الكبير المتوصل إليه من الباب السادس مرصدًا لحفظ الأعشاب، وتكون القاعة المتوصل إليها من الباب |
٤٥ | السابع برسم إقامة المرضى الفقراء الرجال المسهولين، وتكون المسطبة الكبرى المتوصل إليها من الدهليز الذي بأوله باب المطبخ برسم إقامة المجروحات والمكسورات من النساء، وتكون القاعات الثلاث |
٤٦ | الباقيات من البيمارستان المذكور المتوصل إلى ذلك من الدهليز المتوصل منه إلى المطبخ المرصد لطبخ الأشربة وإلى المخزنين بجوار المرصدين لحفظ حواصل المطبخ مرصدان برسم إقامة المريضات الفقيرات |
٤٧ | من النساء، وعلو ذلك برسم إقامة من يخدمهن من النساء، وباقي بيوت قاعة البيمارستان المرقوم مرصدة لحوامل البيمارستان المرقوم، ولإقامة من يرى الناظر إقامته بها من المرضى الفقراء الرجال |
٤٨ | والنساء، وتكون القاعة المرصدة لإقامة المختلين من الرجال برسم إقامة كل من يرد إليها من المختلين والرجال، وكذلك القاعة المجاورة لها فإنها مرصدة برسم المختلات من النساء، وأذن مولانا |
٤٩ | السلطان المشار إليه أعلاه في الإنشاء على سطح بيوت المختلين من الرجال والنساء مساكن برسم القومة والخدام بالبيمارستان المرقوم. وتكون أواوين قاعة البيمارستان المرقوم برسم |
٥٠ | إقامة المرضى الفقراء الرجال دون النساء على اختلاف أجناسهم وطبقاتهم، وعلى الأطباء المرتبين بالبيمارستان المرقوم والكحالين والجراحين مباشرة المرضى بالبيمارستان الرجال والنساء مريضًا بعد |
٥١ | مريض، بحيث يستوعبون جميع المرضى بالمباشرة في كل يوم بكرة وعشية، وعلى كل من القومة والفراشين بالبيمارستان المرقوم أن يتعاهد المرضى ويقوم بما يحتاج إليه من غسل ثيابه وتنظيف |
٥٢ | مكانه وإصلاح شأنه وحك رجليه والقيام بمصالحه، والاهتمام بشرابه وغذائه وترتيب المشموم له على العادة بحسب ما تدعو الحاجة إليه. ولا يشرك مريضًا مع مريض آخر في شراب ولا في غذاء، ويتقي الله |
٥٣ | سبحانه وتعالى في خدمتهم ويراقب ربه جل جلاله في ملاطفتهم ويجتهد في إتمامه عندهم … |
٦٩ | … ويصرف الناظر عن ريع هذا الوقف المذكور على مصالح البيمارستان المرقوم من أكحال تكون فيه معدة للسبيل |
٧٠ | وأشربة تحلو كالسلسبيل، وأطباء تحضره في البكرة والأصيل، وغير ذلك مما يشقي السقيم ويبري العليل، وفروش وأوان وقومة وخدام ومطعوم ومشروب ومشموم مستمرًّا أبدًا على الدوام |
٧١ | وعلى من يقوم لمصالح المرضى به من الأطباء والكحالين والجراحين وطباخي الشراب والطعوم وصانعي المعاجين والأكحال والأشربة |
٧٢ | والمسهلات المفردة والمركبة، وعلى القومة والفراشين والخزان والأمناء والمباشرين وغيرهم ممن عادة أمثالهم في ذلك، وعلى من يقوم بمداواة المرضى من الأطعمة والأشربة والأكحال |
٧٣ | والشيافات والمعاجين والمراهم والأدهان والشربات والأدوية المركبة والمفردة والفرش والقدور والآلات المعدة للانتفاع بها في مثله، ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف |
٧٤ | المذكور ثمن ما تدعو حاجة المرضى إليه من سرير حديد أو خشب على ما يراه مصلحته، ولحف محشوة قطنًا، وطراريح محشوة بالقطن أيضًا، وملاحف قطن، ومخاد وطرح أو أدم محشوة، على ما يراه |
٧٥ | الناظر ويؤدي إليه اجتهاده، وهو مخير بين أن يفصل كل نوع من ذلك ويصرف أجرة خياطته وعمله وثمن حشوه وبين أن يشتري ذلك معمولًا مكملًا، ويجعل لكل مريض من الفرش والسرر |
٧٦ | على حسب حاله وما يقتضيه مرضه عاملًا في حق كل منهم بتقوى الله … ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف |
٧٧ | المذكور ثمن سكر يصنعه أشربة مختلفة الأنواع ومعاجين، وثمن ما يحتاج إليه لأجل ذلك من الفواكه والخماير برسم الأشربة، وثمن ما يحتاج إليه من أصناف الأدوية والعقاقير والمعاجين |
٧٨ | والمراهم والأكحال والشيافات والذرورات والأدهان والسفوفات والدرياقات والأقراص وغير ذلك، يصنع كل صنف في وقته ويدخره تحت يده في أوعية معدة له، فإذا |
٧٩ | فرغ استعمله مثله من ريع هذا الوقف ولا يصرف من ذلك لأحد شيئًا إلا بقدر حاجته إليه … ويقدم |
٨٠ | من ذلك الأحوج فالأحوج من المرضى والمحتاجين والضعفاء والمنقطعين والفقراء والمساكين. ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف المذكور ما تدعو حاجة المرضى إليه من مشموم في كل يوم |
٨١ | وزبادي فخار برسم أغذيتهم وأقداح زجاج برسم أشربتهم وكنيران وأباريق فخار وشيرج وقناديل وزيت للوقود عليهم، وماء من بحر النيل المبارك برسم شربهم ومكبات خوص |
٨٢ | لأجل أغطية أغذيتهم عند صرفها عليهم، وفي ثمن مراوح خوص لأجل استعمالهم إياها في الحر وغير ذلك |
٨٣ | … ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف المذكور لرجلين أحدهما خازن بمخزن حاصل التفرقة بغرف الأشربة والأكحال |
٨٤ | والأعشاب، والمعاجين والأدهان والشيافات، والآخر يتسلم صبيحة كل يوم وعشيته أقداح الشراب المختصة بالمرضى والمختلين من الرجال والنساء ويفرق عليهم ذلك ويباشر |
٨٥ | شرب كل منهم لما وصف له من ذلك، ويباشر البيمارستان وما يطبخ به للمرضى من فراور ودجاج وفراريج ولحم وغير ذلك، ويجعل لكل مريض ما يطبخ له في كل يوم في زبدية منفردة |
٨٦ | من غير مشاركته مع مريض آخر ويغطيها ويوصلها له إلى أن يتكامل إطعامهم ويستوفي كل منهم غداه وعشاه وما وصف له بكرة وعشية |
٨٧ | … وللناظر أن ينصب من الأطباء |
٨٨ | المسلمين الطبائعيين والكحالين والجراحين بحسب ما تقتضيه الزيادة وحاجة المرضى، وهو مخبر في العدة وتقدير الجامكيات بالترتيب في ذلك، يباشرون المرضى والمختلين مجتمعين |
٨٩ | أو متناوبين باتفاقهم على التناوب، ويسألون عن أحوالهم وما يتجدد لكل منهم من زيادة مرض، ويكتبون ما يصلح لكل مريض من شراب وغذا وغير ذلك في دستور ورق ليصرف |
٩٠ | على حكمه، ويلتزمون المبيت في كل ليلة بالبيمارستان وتجلس الأطباء الكحالون لمداواة أعين الرمداء بالبيمارستان، ومن يرد إليهم ويتلطفون بهم [وإن احتاجوا الأطباء من |
٩١ | الطبائعيين إلى مراجعة الكحال يراجعوه ويحضره ويحضره يباشر معهم]* ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف المذكور للقومة والفراشين للرجال والنساء في نظير القيام بهم وتغسيل ثيابهم |
٩٢ | … ويصرف الناظر من ريع هذا الوقف المذكور ما تدعو الحاجة إليه من تكفين من يموت من المرضى |
٩٣ | والمختلين وما يحتاج إليه، برسم غسله وتكفينه وحنوطه وأجرة غاسله وحافر قبره ومواراته في قبره على السنة النبوية … ومن كان مريضًا في بيته وهو فقير |
٩٤ | كان للناظر أن يصرف ما يحتاج إليه من حاصل هذا البيمارستان والأشربة والأدوية والمعاجين وغيرها، مع عدم التضييق في الصرف على من هو مقيم به، ومن حصل له الشفاء والعافية |
٩٥ | ممن هو مقيم به يصرف له كسوة مثله على العادة بحسب الحال |
٩٧ | … ذلك جميعه معين |
٩٨ | ومبين ومفصل ومشروح بكتب الأوقاف الصحيحة الشرعية |
٩٩ | … من جملة كتب الأوقاف المذكورة (الثلاثة كتب الرق الغزال الملصق المؤرخ أحدهم)† في ثالث عشرين شهر ذي الحجة الحرام سنة ٦٨٤ والثاني |
١٠٠ | مؤرخ في ثاني عشر شهر صفر الخير … سنة ٦٨٥ والثالث مؤرخ |
١٠١ | في رابع وعشرين شهر رجب الفرد سنة ٦٨٦، هذا ما دلت كتب الأوقاف … |
١٠٢ | من المرتبات والخيرات على الوجه المسطور، طلب الأمير عبد الرحمن كتخدا الناظر |
١١٠ | … وقع التحرير في اليوم المبارك الموافق لثامن شهر محرم الحرام سنة ١١٧٥ من هجرة من له كمال العز ومزيد الشرف صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم |
الأطباء الذين عملوا بالبيمارستان المنصوري
- (١) أحمد بن يوسف بن هلال بن أبي البركات شهاب الدين الصفدي١٠٠ الطبيب. ولد سنة ٦٦١ ثم قدم إلى صفد ونشأ بها ثم انتقل إلى القاهرة وخدم في جملة أطباء السلطان وبالبيمارستان المنصوري. وكان بارعًا في الطب وله قدرة على وصف الشجرات توفي سنة ٧٣٧ﻫ.
- (٢) الشيخ ركن الدين بن القوبع هو ركن الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الجليل الجعفري التونسي: ولد بتونس سنة ٦٦٤ في رمضان وأخذ عن جماعة وصار يجيد كل ما يعرفه من أصول وحديث وفقه وأدب ولغة ونحو وعروض وأسماء رجال وشعر يحفظه عن العرب والمولدين والمتأخرين وطب، وحكمة ومعرفة الخطوط. قدم مصر في سنة ٦٩٠ وتولى نيابة الحكم للقاضي المالكي بالقاهرة مدة ثم تركها تدينًا منه وقال: «يتعذر فيها براءة الذمة.» وكان يدرس في المكتمرية بالقاهرة ويدرس الطب بالبيمارستان المنصوري. ينام أول الليل ثم يستفيق وقد أخذ راحته ويتناول كتاب الشفاء لابن سينا ينظر فيه لا يكاد يخل بذلك. وكان حسن التودد إلى الناس وكان يتصدق سرًّا، توفي بالقاهرة في تاسع ذي الحجة سنة ٧٣٨ عن أربع وسبعين سنة.١٠١
- (٣) محمد بن إبراهيم بن ساعد شمس الدين أبو عبد الله١٠٢ السنجاري الأصل المعري المعروف بابن الأكفاني: ولد بسنجار وتعلم الطب ومهر في معرفة الجواهر والعقاقير حتى رتب بالبيمارستان وألزم الناظر ألا يشتري شيئًا، إلا بعد عرضه عليه توفي سنة ٧٤٩ ومن مؤلفاته: إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد (طبع بمصر) ونخب الذخائر في معرفة الجواهر، واللباب في الحساب، وغنية اللبيب في غيبة الطبيب، ونهاية القصد في صناعة الفصد.
- (٤) عمر بن منصور بن عبد الله سراج الدين البهادري١٠٣ القاهري الحنفي ولد سنة ٧٦٢ واشتغل بالفقه والعربية والطب، واستقر في تدريس البيمارستان وجامع ابن طولون في الطب، ومات يوم السبت غرة شوال سنة ٨٢٤ﻫ.
- (٥) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو الوفاء١٠٤ القاهري الطبيب ويعرف بوفاء، ولد بعد سنة ٨٣٠ بالقاهرة ونشأ بها وتدرب بالطب وصار من ذوي النوب بالبيمارستان، وصار يشار إليه بالبراعة والمتانة.
- (٦) تقي الدين الكرماني يحيى بن محمود بن يوسف بن العلامة شمس الدين الكرماني١٠٥ البغدادي ولد في رجب سنة ٧٦٢ سمع عن أبيه وغيره، ونشأ ببغداد وتفقه وبرع وشارك في عدة علوم والتجأ إلى الأمير شيخ المحمودي وجعله إمامه في الصلاة. ولما تسلطن الأمير شيخ المحمودي في سنة ٨١٥ﻫ جعله من خواصه وولاه نظر البيمارستان المنصوري بالقاهرة، ومات بالطاعون يوم الخميس ٨ جمادى الآخرة سنة ٨٣٣ﻫ، وله مصنفات من ذلك: مصنف في الطب وشرح مسلم وشرح البخاري واختصر الروض الأنف.
- (٧) محمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن عبد الواحد بن صغير١٠٦ الشمس أبو عبد الله القاهري الحنبلي الطبيب والد الكحال محمد ويعرف بابن صغير، تميز في الطب وعالج وتدرب به جماعة وله في الطب كتاب اسمه الزبد، وكان أحد الأطباء بالبيمارستان وبخدمة السلطان، مات سنة ٨٣٩ عن ٨٤ سنة.
- (٨) عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن طريف الشيخ تاج الدين ابن الشيخ شمس الدين الشاوي القاهري١٠٧ ولد سنة ٧٦٦ بالقاهرة وسمع دروسه في الفقه والميقات، على جماعة من العلماء، وفي الكحل على السراج البلاذري، وبرع في الميقات وباشر العمل به في عدة أماكن كالمنصورية وجامع الحاكم، وكذا خدم بالكحل في البيمارستان المنصوري، وكان إنسانًا خيرًا ثقة محبًّا للطلبة ذا ثروة من وظائفه وغيرها، ينتفع بالقليل منها ويصرف باقيه في وجوه الخير، مات يوم الجمعة ١٣ شوال سنة ٨٥١ وصُلي عليه بجامع الحاكم.
- (٩) محمد بن عبد الوهاب بن محمد الصدر بن البهاء السبكي١٠٨ الأصل القاهري المتطبب ولد قريبًا من سنة ٧٧٣ﻫ وحفظ القرآن والنحو، ثم عانى الطب والكحل وخدم بالبيمارستان، مات في جمادى الأولى سنة ٨٦٦ﻫ وقد شاخ وضعف بصره.
- (١٠) محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن عمر بن خالد بن عبد المحسن١٠٩ بن نشوان الشرفي العالي بن الصدر أبي البركات بن قاضي طيبة البدر أبي إسحاق المخزومي، ولد سنة ٧٩٣ﻫ بالقاهرة ونشأ بها، ودرس بالبيمارستان المنصوري وجامع ابن طولون مات سنة ٨٧٣ﻫ.
- (١١) محمد بن محمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن عبد الواحد بن محمد بن صغير١١٠ الكحال بن الشمس بن العلاء القاهري الطبيب حفيد رئيس الأطباء ويعرف كسلفه بابن صغير؛ حفظ القرآن وقرأ النحو وعانى الطب وأخذ فيه عن أبيه والعز بن جماعة. واستقر في نوبة البيمارستان وله كتاب (تشريح الأعضاء) و(الزبد) في الطب، مات في صفر سنة ٨٩١ﻫ وهو ابن ٩٦ سنة.
- (١٢) محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب الشمس التفهني١١١ ثم القاهري الكحال، كان أبوه خيرًا من أهل القرآن، فنشأه وتدرب في الطب والكحل ومهر فيهما، وصارت له نوبة في البيمارستان، ومولده سنة ٨١٥ ومات في ذي الحجة سنة ٨٩٦ﻫ.
- (١٣) محمد بن محمد ولي الدين ابن الشيخ العالم محب الدين المحرق١١٢ المباشر بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة وتوفي بها في يوم الخميس ختام ربيع الأول سنة ٩٠٩.
- (١٤) الشيخ محمد شمس الدين القوصوني: رئيس الأطباء بالقاهرة وطبيب السلطان الغوري والطبيب بدار الشفاء، توفي في ربيع الأول سنة ٩١٧.
- (١٥) علي بن محمد بن محمد بن علي الجراح بدار الشفاء، توفي سنة ١٠١١ﻫ.
- (١٦) شهاب الدين ابن الصائغ١١٣ وهو أحمد بن سراج الدين الملقب شهاب الدين، مات عن مشيخة الطب بدار الشفاء المنصوري ورياسة الأطباء، وكانت ولادته سنة ٩٤٥ﻫ وتوفي سنة ١٠٣٦ﻫ، ولم يخلف إلا بنتًا تولت مكانه مشيخة الطب.
- (١٧) مدين١١٤ بن عبد الرحمن القوصوني المصري الطبيب رئيس الأطباء بدار الشفاء بمصر، أخذ العلوم عن الشهاب أحمد بن أحمد المبتولي الشافعي والشيخ عبد الواحد البرجي والطب عن الشيخ داود، ولي مشيخة الطب بمصر بعد السري أحمد الشهير بابن الصائغ، وألف التآليف النافعة منها: «ريحان الألباء وريعان الشباب في مراتب الآداب» وكتاب «قاموس الأطباء وناموس الألباء في المفردات» وفي خزانة كتبي نسخة منه وله غير ذلك، قال صاحب خلاصة الأثر: إنه في سنة ١٠٤٤ﻫ كان موجودًا بين الأحياء.
- (١٨) خضر بن علي بن الخطاب المعروف بالحاج باشا:١١٥ كان من ولاية آيدين من الروم وارتحل إلى القاهرة وقرأ على أكمل الدين ومبارك شاه المنطقي ثم، عرض له مرض شديد فاضطره إلى الاشتغال بالطب فمهر فيه وفوض إليه بيمارستان مصر فدبره أحسن تدبير، وصنف كتاب «الشفا» في الطب ومختصرًا فيه بالتركية سماه «التسهيل». وصنف قبل اشتغاله بالطب حواشي على «شرح المطالع» للقطب الرازي على تصوراته وتصديقاته و«شفاء الأسقام» وتوفي سنة ١١٠٠ﻫ.
- (١٩) علي بن جبريل١١٦ المتطبب شيخ دار الشفاء بالمارستان المنصوري رئيس الرؤساء، أتقن فن الطب وشارك في غيره من الفنون، كان أحد جلساء الأمير رضوان كتخدا الجلفي ونديمه وأنيسه وحكيمه، وكان أحد من منحت له يمين ذلك الأمير بالألوف ومنها بيت علي بركة بالأزبكية ذو رونق بديع غريب زجاجي النواحي والأرجاء، توفي سنة ١١٧٢ﻫ.
- (٢٠) الشريف السيد قاسم بن محمد التونسي١١٧ كان إمامًا في الفنون وله يد طولى في العلوم الخارجة مثل الطب والحرف، وكان معه وظيفة تدريس الطب بالبيمارستان المنصوري، وتولى مشيخة رواق المغاربة بالأزهر مرتين، وكان له باع في النظم والنثر، توفي سنة ١١٩٣ﻫ/ ١٧٩٧م بعد أن تعلل كثيرًا.
المارستان المنصوري في نظامه العصري
بعد الشريف السيد قاسم التونسي لم أعثر على طبيب آخر تولى العلاج في المارستان المنصوري، والظاهر أن أمر المارستان كان مهملًا من العلاج في الفترة بين وفاة التونسي سنة ١٧٩٧م وهو العام السابق على الحملة الفرنسية، من سنة ١٧٩٩م إلى سنة ١٨٠١. قال المسيو جومار أحد علماء الحملة: «إن هذا البناء الذي كان فيما غبر من الأيام ملجأ مفتوحًا من الشدائد قد اضمحلت حالته بعد ذلك، وزالت عنه السعادة الأولى التي كان يرفل في حلاها، أو بعبارة أخرى كاد لا يبقى منه غير ظلمة بسبب ظلم الترك والمماليك وإهمالهم ولا سيما تبديد أمواله. ثم بلغ غاية اضمحلاله في سنة ١٨٥٦م وهجره المرضى ونقلت منه المجانين إلى بولاق، وأجرت قاعاته ومرافقه، كأنه وكالة لمخازن الصناع وتجار النحاس، وظل كذلك إلى سنة ١٨٧٩ أي نحو ثمانين عامًا إلى أن تولى المرحوم الدكتور حسين عوف بك أمر العلاج فيه، فانتقل بذلك إلى العصر الجديد في العلاج، وتولى بعده في العلاج بالمارستان غيره من الأطباء العصريين، إلى أن صحت عزيمة مصلحة الأوقاف في ذلك الزمن على تجديد بناء المارستان المنصوري في الحوش الواسع المتخلف عن المارستان القديم. فابتدأت في البناء وتشييد المارستان الجديد في عام ١٩١٢م وقدر له من النفقات ٨٤٠٠ جنيهًا مصريًّا ثم رتب عليها ستمائة جنيه، فبلغ ما أنفق على تجديد البناء تسعة آلاف من الجنيهات، وصرف نحو ستمائة جنيهًا ثمنًا للأدوات والآلات اللازمة. وتم بناؤه وابتدأ العلاج فيه في ١٥ أبريل سنة ١٩١٥، حيث كانت الحرب العالمية مشتعلة الأوار في ذلك الزمن، فلم يحتفل بافتتاحه كما جرت العادة بذلك.
ولا تزيد أوقاف مارستان قلاوون في الوقت الحاضر على الحمام المجاور للمارستان وبعض دكاكين في الصاغة المجاورة. ويبلغ ريع هذه الأوقاف نحو ألفي جنيه تقريبًا، ويصرف من هذا الريع على مدرسة النحاسين والمسجد والتربة والمارستان، وتسد وزارة الأوقاف النقص في النفقات من الأوقاف الخيرية الأخرى. ففي تاريخ ٣ جمادى الآخرة سنة ١٣١٤ﻫ الموافق ٩ نوفمبر سنة ١٨٩٦م صدرت إرادة سنية من الخديوي عباس باشا الثاني بناء على فتوى شرعية تقضي بتوحيد حسابات جميع الأوقاف الخيرية، وجعلها كلها حسابًا واحدًا إيرادًا ومصروفًا، تتصرف فيه وزارة الأوقاف بحسب ما تراه من أعمال الخير، فلا تتقيد بإيراد كل وقف ومصروفه على حدته إذ كان غرض الواقفين عمل الخير، وذلك ابتداء من شهر يناير سنة ١٨٩٧م.
والعلاج في مستشىفى قلاوون الآن خاص بأمراض العيون وفيه قسمان قسم للعلاج الخارجي تفحص فيه المرضى وتعالج ثم تنصرف إلى منازلها، وقسم داخلي فيه نحو تسعين سريرًا يقيم فيها المرضى للعلاج حتى يشفوا من أدوائهم. وفيه من الأطباء نحو ستة وصيدلاني وكتبة وممرضون وممرضات وطباخ وغسالون وسائر ما يلزم من الخدم، وكان جملة ما ينفق عليه في سنة ١٩٢٧ نحو ٦٢٣١ جنيهًا مصريًّا.
الأطباء العصريون الذين تولوا العلاج في مارستان قلاوون
- (١) الدكتور حسين عوف بك: تخرج من مدرسة القاهرة ثم اختير للسفر إلى بلاد النمسا سنة ١٨٤٥م حيث اتقن علم الرمد وعاد منها سنة ١٨٤٦م، وعين أستاذًا للرمد بمدرسة الطب سنة ١٨٤٨م وكان برتبة (الصاغ قول أغاسي) وذلك في عهد سعيد باشا والي مصر. وفي سنة ١٨٦٧ أنعم عليه بالوسام المجيدي الرابع. وظل أستاذًا إلى أن أحيل على المعاش سنة ١٨٧٩م وخلفه ابنه أستاذًا بمدرسة الطب وقد كان مساعدًا له في عمله فيها، وبعد إحالته على المعاش تولى العلاج في مارستان قلاوون وتوفي سنة ١٨٨٣م.
- (٢) الدكتور محمد عوف باشا: هو ابن الدكتور حسين بك عوف السابق، تعلم بمدارس مصر ثم دخل مدرسة القصر العيني وأرسل بعد ذلك إلى فرنسا في بعثة طبية سنة ١٨٦٢م لإتقان أمراض العيون، وعاد منها سنة ١٨٧٠م فعين بمدرسة الطب طبيبًا مساعدًا لوالده في الكحالة، ولما أحيل والده على المعاش تعين في مكانه أستاذًا وطبيبًا للرمد في مدرسة الطب ومستشفى القصر العيني، وذلك في ٢ نوفمبر سنة ١٨٧٩، واستمر في وظيفته نحو ثلاثين عامًا ثم أحيل على المعاش، وأنعم عليه الخديوي عباس باشا برتبة الميرميران (باشا) في سنة ١٩٠٢م، ثم تولى العلاج في مارستان قلاوون بعد ذلك وتوفي سنة ١٩٠٨م.
- (٣) الدكتور سعد سامح بك: ولد بالإسكندرية سنة ١٨٥١ وتعلم الطب وتخرج سنة ١٨٧١، وخدم طبيبًا بالجيش المصري، وتنقل بين وظائفه والوظائف المدنية إلى سنة ١٨٨٦، ثم سافر إلى باريس لإتقان فن الكحالة، وفي سنة ١٨٩٥ في عهد الخديوي عباس باشا الثاني عين طبيبًا كحالًا بمارستان قلاوون ومفتشًا صحيًّا في ديوان الأوقاف معًا. وفي سنة ١٨٩٨ أنعم عليه بالرتبة الثانية ويلقب صاحبها بلقب بك، وأحيل في سنة ١٩١١ على المعاش وتوفي في ٢٧ فبراير سنة ١٩١٧ ودفن بالقاهرة وله جملة مؤلفات منها:
- (١)
«مرشد الطبيب للعلاج المجيب» طبع ١٣١٦ﻫ/١٨٩٩م.
- (٢) رسالة بالفرنسية طبعت في باريس سنة ١٨٩٠ عنوانها: Nouvelle etude sur la photoposopie.
- (٣)
رسالة في الالتهاب الملتحمي الغشائي الكاذب طبعت سنة ١٣١٢م.
- (٤) تقرير بالفرنسية عنوانه Rapport sur l’oplithalmologie Egyptienne et les granulations en Egypt Le Caire ١٩٠٢ قدمه إلى المؤتمر الطبي الرمدي المنعقد في القاهرة في ١٩–٢٣ ديسمبرسنة ١٩٠٢م.
- (١)
- (٤) الدكتور محمد شاكر بك: تعلم علومه في مصر ثم أتم علومه في فرنسا، وعين أول الأمر طبيبًا بالخاصة الخديوية، وفي يناير سنة ١٩١٢ نقل إلى مارستان قلاوون عالج فيه الرمد إلى سنة ١٩١٥ حيث أحيل على المعاش.
- (٥) الدكتور محمد طاهر بك: ولد بدمياط ونشأ بها وتعلم الطب بمدرسة القصر العيني، وتخرج سنة ١٩٠٤، وعين طبيبًا بمستشفيات الرمد المتنقلة التابعة لوقفية السير أرنست كاسل. وفي سنة ١٩٠٦ عين طبيبًا مساعدًا للرمد في مستشفى القصر العيني، وفي سنة ١٩٠٩ انتقل إلى مصلحة الصحة مفتشًا لمستشفيات الرمد. وفي سنة ١٩١٤ ألحق بوزارة الأوقاف وعين رئيسًا لمستشفى قلاوون إلى سنة ١٩١٨، ثم عين مدرسًا للرمد بمدرسة الطب في يونيو سنة ١٩١٢ ثم استقال في السنة نفسها.
- (٦) الدكتور سالم هنداوي بك: ولد بسنجلف من أعمال إقليم المنوفية ونشأ بالقاهرة، وحصل على إجازة الطب في سنة ١٩١٠، وعمل في المستشفى العباسي الذي أنشأه الخديوي عباس باشا طبيبًا للرمد. وفي سنة ١٩١٨ عين مديرًا وكحالًا لبيمارستان قلاوون، ولا يزال يعمل فيه إلى الآن.
(١٠) البيمارستان المؤيدي
وكان الجدار الجنوبي أو القبلي لمسجد أبي غالية هو الوجهة البحرية من هذا البناء الأثري. وكان في هذا الجدار بعض النقوش والمقرنصات وفيه باب صغير تحت بوابة فخمة البناء لا تزال موجودة كاملة، ويبعد عن ذلك ببضع خطوات بعض جدران هذا الأثر القديمة وفيها بعض النوافذ.
وقد تبين للجنة أن مسجد أبي غالية يستند جداره القبلي على تلك البوابة الفخمة للمارستان المؤيدي ويحجبها عن الأنظار حجابًا تامًا، فقررت اللجنة لكشف هذا الأثر إزالة المسجد المستجد، فظهرت واجهة البيمارستان بجمالها وفخامتها ورونقها وما فيها من بديع النقوش والزخرفة، وعنيت اللجنة بإرجاع البيمارستان إلى حالته الأصلية بقدر ما تسمح به حال الموجود من آثاره. والمنتظر — نظرًا لصعوبات قضائية شرعية بالنسبة لإزالة مسجد الحاج أحمد أبي غالية — تحويل المارستان بعد ترميمه وإصلاحه إلى مسجد أو مصلى، وذلك تحقيقًا لتمسك المحكمة الشرعية بإعادة بناء مسجد أبي غالية.
وقف البيمارستان المؤيدي
… ومن هذه الأوقاف الكبيرة العظيمة يرتب طبيبًا طبائعيًا وكحالًا وجراحًا و… إلخ ولكل منهم ثلاثون نصفًا في الشهر، وجعل النظر عليه لنفسه ثم للأرشد فالأرشد من ذريته الذكور خاصة، لكن بالاشتراك مع من يكون داودارًا كبيرًا ومع كاتب السر مجتمعين غير منفردين، فإن تعذر لذريته كان النظر للداودار وكاتب السر معًا، ويصرف لكل منهما خمسمائة نصف شهريًّا، وإن تعذر فلحاكم المسلمين بالديار المصرية.
وتاريخ الحجة رابع جمادى الآخرة سنة ٨٢٣ﻫ/١٤٢٠م.