(١) بيمارستان تونس
في تونس مارستان
١ بالقرب من سيدي محرز لا يزال موجودًا ولكنه قد تغيرت معالمه. ويرجع تاريخه إلى
القرن الثالث عشر الميلادي. وذكر الفقيه العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم
اللؤلؤي
المعروف بالزركشي:
٢ أن أمير المؤمنين أبا فارس عبد العزيز بن السلطان أبي العباس، أحمد بن أبي عبد
الله محمد بن السلطان أبي يحيى بن أبي بكر، أحد ملوك الدولة الحفصية، تولى تونس بعد وفاة
والده الخليفة السلطان أبي العباس أحمد في يوم الأربعاء ثالث شعبان سنة ٧٩٦، فأخذ بالحزم
في
أموره، وجعل في كل خطة من يصلح بها، فاستقامت الأمور بتونس وفي أيامه كلها أحسن استقامة،
وأحدث في أيامه بتونس حسنات دائمة فمنها … ومنها إقامة الخزانة بجوفي جامع الزيتونة،
وحبس ما
فيها وفي غيرها من الكتب في العلوم الشرعية والعربية واللغة والطب والحساب والتاريخ والأدبيات
وغير ذلك، ومنها إحداث المارستان بتونس للضعفاء والغرباء وذوي العاهات من المسلمين، وأوقف
على
ذلك أوقافًا كثيرة تقوم به.
ومن الأطباء الذين عملوا ببيمارستان تونس:
- (١)
محمد الشريف الحسني الزكراوي:٣ نسبه إلى جده أبو زكريا الفاسي نزيل تونس وبها توفي سنة ٨٧٤ﻫ وقد جاوز
الخمسين، وكان أديبًا طبيبًا لبيبًا، ولي البيمارستان بتونس وقرأ العقليات مع مشاركة
في
الفقه واعتناء بالتاريخ.
(٣) بيمارستان سلا
لما قدم أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر بن عاشر الأنصاري الأندلسي من بلاد الأندلس
جعل
إقامته بسلا، وذلك في النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي بعد أن تنقل في بلاد
المغرب
مثل فاس ومكناسة وشالة، وأخذ ابن عاشر يعالج المرضى واشتهر اسمه بسيدي ابن عاشر الطبيب،
وأنشئ
بالقرب من قبره مارستان، وتوفي ابن عاشر سنة ٧٦٤ﻫ أو سنة ٧٦٥. ودفن في القرية المسماة
باسمه،
وقبته من أكبر القباب في كل من سلا ورباط، وفي سنة ١٢٤٧ﻫ/١٨٤٦م جدد
٧ السلطان مولاي عبد الرحمن بناء هذا المارستان.
وسلا مدينة بالمغرب الأقصى على ساحل المحيط الأطلنطي وقد اختارها ابن الخطيب
٨ مقامًا له، وقد وصفها في مقاماته بقوله: «العقيلة المفضلة، والبطيحة المخضلة،
والقاعدة المؤصلة، والسورة المفصلة ذات الوسامة والنظارة، والجامعة بين البداوة والحضارة،
معدن القطن والكتان والمدرسة والمارستان.»
(٤) بيمارستان سيدي فرج بفاس
جاء في كتاب سلوة الأنفس:
٩ أنه بالقرب من سوق العطارين وسوق الحنا بفاس، مكان يقيم به المرضى الذين بعقولهم
مرض، وهم المجانين، ويسمى ذلك المكان سيدي فرج على أنه لم يدفن به أي شخص كان يسمى بهذا
الاسم، وليس به قبر، وإنما بنى هذا المكان أحد السلاطين ليضم مرضى المسلمين الذين لا
ملجأ لهم
أو مأوى يأوون إليه، وسمي باب الفرج لأن المرضى كانوا يجدون فيها ما يفرج كربهم، وقد
حبست
عليه الحبوس التي كانت تصرف غلتها عليه.
١٠
وقد جلا الدكتور دومازل
Dr. Du Mazel١١ وصف هذا البيمارستان فقال: بناؤه قديم يرجع تأسيسه إلى عهد سلاطين بني مرين، وهم
في أوج عزهم وعظمتهم يعاونون على نشر العلوم وتجميل المدن. وبنى أحدهم، وهو أبو يعقوب
يوسف بن
يعقوب بن عبد الحق، هذا المارستان لما تولى الملك سنة ٦٨٥ﻫ/١٢٨٦م، وعهد مؤسسه إدارته
إلى
أشهر الأطباء، وأوقف عليه الحبوس الكثيرة من العقار للصرف عليه وحفظه، ولما عظم أمر
البيمارستان واتسعت أعماله أدخل عليه السلطان أبو عنان الذي تولى الملك ٧٦٦ﻫ زيادات
عظيمة.
وفي سنة ٩٠٠ﻫ اتخذ أهل الأندلس من المسلمين إقامتهم في فاس، فتولى رياسته طبيب من
بني
الأحمر يسمى فرج الخزرجي، ولذلك سمي بيمارستان فرج، فأصلح فيه وجعل الموسيقاريين يلحنون
أمام
المرضى. وليس في مدخل البيمارستان شيء يستوقف النظر، وهو في سوق الحنا، ويحيط به جدار
أبيض
وعليه باب عال مغطى بالحديد شأنه كسائر أبواب المدينة مقفل على الدوام ولا يفتح إلا
قليلًا.