من السماء
قالت (الأرض): «أي عطر لديكَ
سكبته السماء في راحتيكَ؟
أيُّ شعرٍ لها فتنت به الآ
ن، ولم أعطه سخيًّا إليك؟
هل علمت الأرباب فيها أسارى
ما تغنوا إلا بعطفي عليك؟
ما جمال السماء إلا جمالي
أنا أودعته قديمًا لديك؟»
قلت: «يا أم لم أبدل هيامي
أنت أمي وموئلي وغرامي
ما عشقت السماء إلا هروبًا
من حياة تعج بالآثام
أنت من أنت رحمةً بالبرايا
وهمو من همو بهذا الخصام
الدماء التي أباحوا دمائي
والسلام الذي أراقوا سلامي»
قالت (الأرض): «ما الشموس العوالي
في نجاء وإن تكن لا تبالي
في سحيق الآباد يومًا ستخبو
وتلاقي مآلها من مآلي
أنت يا شاعري تجازف بالحُبـْ
ـبِ إذا دمت عبد هذا الخيال
لن تلاقي لدى السماء سلامًا
بل نضالًا يزري بهذا النضال»
وتناهيت في السماء بروحي
وتراجعت مثخنًا بالجروح
وشهدت الصراع فيها رهيبًا
والضحايا مع الزمان الذبيح
فتغنيت عائدًا بالمآسي
وكأني أعود عود المسيح
ولثمت الأرض التي باركتني
وانطوينا على فؤادي الجريح
١٩٤٢