الصيف
(عند شاطئ إستانلي برمل الإسكندرية بعد غيبة أعوام.)
ما للصخور العاريات تدثرت
بالعشب حين الغانيات عواري؟
فارقتها في رقصة وتجرد
والموج بين معانق ومواري
ورجعت أرقبها فلم أر عندها
إلا شعور السخر باستهتاري
لم يا صخور وقد وصفتك قبلما
حياك من وصفوك من أشعاري؟
إن كنت زاهدة فإنِّي زاهد
والزهد لم يسلم من الفجار
حين التعبد والحنان تلاقيا
في الفن وانصبا مع التيار
(الصيف) أقبل فاخلعي لحنانه
ما ألبستك يد الشتاء الضاري
واستقبلي الأمواج مثل مشوَّقٍ
قد عاد بعد لواعج الأسفار
وتشربي الأضواء فهي ذخيرة
ومن الضياء ذخائرٌ وعواري
هذي الجسوم العاريات هياكل
للحب بين النار والأنوار
لا تسأمي نظرًا إليها إن وفت
للفن واحتكمت على الأنظار
وتبتلت فيها العقول وحومت
فيها القلوب بجنة معطار
وتخطرت و(الصيف) فرحان بها
وكأنَّها حورية الأسحار
أهدى إلى الشعراء من آلائه
ما صُنَّ للفنان من أسرار
في كل لون من ظلال حرة
ما يستهين بطائش الثوار
أنا ما أثمت بنظرتي وتصوفي
في هذه الألوان والآثار
فيم (الطبيعة) إن جحدت بناتها؟
فيم (الحياة) استسلمت لإسار؟
فتَسمَّعت لتوسلي، وتجاوبت
وتأملي، وتأثرت بحواري
وتلمست شمس الغروب فأعتقت
من دنَّها المكنوز للخمار
حتى إذا شربت توهج لونها
بالنار وارتفعت على الأحجار
١٩٤٣