حواء تندم!
جثت تلهم البحر أسرارها
ويلتهم البحر أنوارها
و(آدم) في قربها شاعر
تناسى الجنان وأنهارها
يغازلها لاعبًا صاخبًا
فيجني من اللهو أثمارها
ويقطف من أنسها للحياة
وتغنم من حبه ثارها
وقد سقط الموجُ بعد الكلال
صريعًا فهيج تذكارها
وقد طاردته بنات البحار
فمات وفارق مضمارها
ولم ترثه غير لهفى الأشعـ
ـة وهي تبدد أعمارها
فتسكبها في الحصى والرمال
وقد ذوبت فوقها نارها
ويرجع مبعوثه للغرام
ويفني متى نال أبكارها
وتبقى الرواية لا تنتهي
ولو أسدل الليل أستارها
وقد سبحت في المياه الصخور
عرائس تنشد أشعارها
فما بقيت برهة في مكان
ولم تصحب الموج زوارها
تراوغه وهي في رقصها
تمثل للحب أدوارها
كأنَّ (الطبيعة) لما انتشت
أفاضت على الكون أسرارها
وقد أسكرت كل ما حولها
فغنَّى ومجَّد خمَّارها
فقبَّل (آدم) حوَّاءه
وألهم (حواء) أوطارها
فقالت وقد ثملت من هوى
كما عانقت باسمه جارها:
«ندمت وما ندمي للفراق
على جنة جزت أسوارها
وأصبحت من بعدها حرة
وما حررت ثم أطيارها
ولكن لأنِّي لم أجترئ
قديمًا ونادمت أشجارها
فضيعت عمرًا بها طائلًا
كأنِّي ساويت أحجارها
وأين الجنان — جنان السماء
من الأرض تكرم من زارها؟!»
١٩٤٤