عيد النيروز
١١ سبتمبر سنة ١٩٤٧م
قُبَلٌ كأنفاس (الربيع) أبثها
شوقي إلى الوطن البعيد مزارا
وأراه في حضن (الخريف) بنضرة
لا تستحيل بشاشة ونضارا
وأخصه بهواي رغم نكاية
تُعلي العبيد وتُسقط الأحرارا
وكأنَّ منفاي السحيق مقربي
أبدًا إليه، وإن نأى وتوارى
وأغص بالذكرى وليس بنافعي
أن لا أغص وأن أموت مرارا
اخترت هذا العيد يوم تبتُّلٍ
وتخذت منه مثابة وشعارًا
أوليس رمزًا للحياة وموئلًا
للناس، إنْ بطش الزمان وجارا؟
عيد تلألأت (الطبيعة) بالمنى
فيه، وألبست الجمال وقارا
هبة من الأرباب كنا أهلها
و(النيل) كان يزفها أدهارا
غنت لنفحته المدائن وانتشت
أمم وأسعد حوله الأحجارا
وازينت طربًا معابد (طيبة)
وبدا (أمون) المنعم الجبارا
في عيده القدسي كنَّا أمة
لا تعرف الأحقاد والأوزارا
كنَّا نُضحِّي بالجواهر والحلي
فرحًا ونعبد ماءه المشتارا
وتشربت إكسيره أرواحنا
نعم الوجود، وأشربت أسرارا
حتى تبوأنا مكانة دولة
بزت، ودان لها الزمان جهارا
ما بالنا بتنا أصاغر عالم
نبذ الصغير، وما نزال حيارى؟
ألأننا فتنا شعائر وحدةٍ
فتبدَّدَتْ عزماتنا استهتارا؟
ألأنَّ أصداء المعابد لم تنل
أذنًا، فمات زمانها وانهارا!
(أنسُ الوجود) قضى شهيد وفائه
غرقًا وكان الضاحك الثرثارا
وهياكل شتى أطاح بها الأسى
قبل البلى، فتحولت آثارا
هبوا بني وطني لأنبل غاية
ودعوا الصغار وجانبوا الأوغارا
وذروا الدخيل فكم يبث سمومه
لينال من تدويخكم أوطارا
شغلت محافلكم بكل قضية
إلا قضيتكم دجى ونهارا
وتهاون الزعماء في ميراثكم
وتنافسوا فيما يئول١ دمارا
هبوا وصونوا وحي ماضٍ ماجدٍ
وكفى التطاحن وانبذوا الأغرارا
(النيل) بارككم فرشُّوا دوركم
في عيده بمياهه إكبارا
وتعانقوا بمنى الإخاء، وهللوا
لجلال (مصر)، ومجدوه منارا!
١٩٤٧
١
يئول: يدبر.