بماذا سيموت؟
(إنَّ الطبيب يبذل غاية جهده، فلماذا نرتقب أكثر من هذا؟ (الاتشنج أو الرسم الحفري المعدني للفنان الإسباني جويا).)
وطني الحبيب وقيت شر الداء
وأغثت من أهليك في الجهلاء
الموت أبعد عنك حين وباء
من رحمة الجهلاء والبلهاء
ماذا جنيت ليحكم القدر الذي
أفتى بما أفتى من الأرزاء؟
أيرد عنك الألمعي وطبه
وتموت بين سوائم ووباء؟
أحنو عليك وإن نفيت، ولم أزل
صنوًا، وقد بتنا من الشهداء
ضاقت بنا الدنيا العريضة واغتدت
أحلامها أحلام كل مرائي
وقد انتهيت إلى فراشك ساكنًا
للنزع حين أبوا عليَّ فدائي
هل نافعي كل الذي أغنى به
حولي وكل مشاعر الأحياء
وأنا أراك تئن في أسر الردى
وتثير لوعة مهجتي ووفائي؟
وأنا الغريب موطَّنًا ومغرَّبًا
ومحرمًا أن تستجيب ندائي؟
سأعيش في بعدي رهينك دائمًا
أرعاك بين تحسري ورجائي
وأهيب بالأبناء رغم عزوفهم
وخنوعهم وعقوقهم وبلائي
فلعله يومًا يثير شجونهم
قبل الفوات، فلا يردُّ دعائي
فتعود للأحياء غير مكبل
وتصيخ للحكماء والعلماء
أقسى من الموت المدمر حالة
تدعو الرثاء لنا من الأعداء
والعصر عصر العلم، من لم يستبق
لحماه ضاع ومات دون رثاء!
١٩٤٧