خلاصة الأوذسة

يعد كتاب «مغامرات تلماك» إيضاحًا للنشيد الرابع من الأوذسة على الخصوص، ومع أن رحلة تلماك في حماسية أوميرس هذه ليست غير حادث ثانوي فإنها موضوع كتاب فنلون، فخلاصة الأوذسة تساعدنا، إذن، على إدراك أمر تلماك.

النشيد الأول: التماس من الموز أن تشدو بمغامرات أوليس في أثناء غيابه

غادر أوليس جزيرة كلبسو بعد حجزه فيها؛ وذلك لأن الآلهة قضوا في اجتماع عقدوه، في غياب عدوه: نبتون، بأن تدعه الحورية يعود إلى إيتاك، هنالك توجهت منرفا، بما يمكن من السرعة، إلى قصر أوليس بإيتاك حيث يبذِّر أموال محميِّها طالبو الزواج ببنلوب الكثيرون المجتمعون.

ويستقبل تلماك بن أوليس، مع الاحترام، تلك الإلهة، المتنكرة في صورة ملك التافيين: منتس، وتجعله يأمل رجوع أبيه قريبًا، وتحمله على دعوة مجلس الشعب حتى يُظهر، في حضور طالبي الزواج أنفسهم ما يقع من نقائص في قصر أبيه، ثم يسافر إلى بيلوس ولكدمونية حيث يقول له نسطور ومنلاس ما يعرفان عن مصير أوليس، وتنصرف الإلهة جاعلةً إياه يشعر بأنه واقع تحت حماية إلهة.

ويتغنى الشاعر الشادي ورفيق مأدبة طالبي الزواج، فميوس، بما لقي الأغارقة من أهوالٍ عند عودتهم، ولكن بنلوب التي دخلت قاعة الولائم رجت من فميوس أن يكف عن الأناشيد المثيرة لمثل هذه الذكريات المؤلمة، ولما انصرفت بنلوب لام تلماك طالبي الزواج على سلوكهم، وأخبرهم بأنه سيأمر باجتماع مجلس الشعب غدًا، ويذهب تلماك إلى غرفته.

النشيد الثاني: مجلس الشعب – سَفَر تلماك

عقد تلماك مجلس الشعب الذي اجتمع لأول مرة منذ سفر أوليس، وتوجع أمامه من سلوك طالبي الزواج الذين يبذرون جميع أموال أبيه والتمس العون من الإيتاكيين وطالبهم بالشفقة.

ويعزو أنتينوس إلى مكر بنلوب هذا الارتباك الذي لا ينتهي إلا باختيارها زوجًا لها أو برجوعها إلى أبيها: إيكاريوس، ويدعو تلماك أعداءه إلى الخروج من القصر، ولكن أريماك يصرح بأنه هو وأصحابه لن يغادروا بيت أوليس.

هنالك ظهر في الجو نسران، فأنبأ العراف هاليتر بملاءمة الطالع لتلماك، بيد أن أريماك سخر من هذا الإنذار، ومن العبث أن طلب تلماك إعطاءه مركبًا وعشرين رفيقًا كيما يذهب إلى بيلوس وإسبارطة ليسأل عن مصير أبيه، فقد رد هذا الطلب وفض الاجتماع.

وتتجلى منرفا في صورة الحكيم منتور، وتشجع تلماك، وتعده بمركب كامل العدة، وبينا كان طالبو الزواج يعدون المأدبة كان تلماك يتأهب على غير علم من أمه، وتختار منرفا جدافًا من الشعب، وتفوز بمركب من نئمون، وتنطلق مع تلماك.

النشيد الثالث: مغامرات في بيلوس

استقبل ملك بيلوس، نسطور، تلماك خير استقبال، وكان نسطور يعد مأدبةً وقربانًا تكريمًا لنبتون، وقص نسطور على تلماك نبأ رجوع الأغارقة من تروادة واغتيال أغاممنون، ولكن من غير أن يعرف شيئًا عن أوليس، ثم أوعز إلى تلماك أن يتوجه إلى منلاس.

وتتجلى منرفا لنسطور وتلماك ليلًا، ويقضي تلماك ليلته في قصر نسطور، فلما حل صباح الغد قُدم قربان لمنرفا في قصر نسطور، وركب تلماك مع بزسترات، الذي هو أصغر أولاد نسطور، عربةً قاصدًا إسبارطة، ويقضيان الليلة الأولى في قصر ملك فرس: ديوكلس، ويصلان إلى إسبارطة في الليلة الثانية.

النشيد الرابع: مغامرات في لكدمونية

وجد المسافران قصر منلاس زاخرًا بحفلة زفاف ابنه وابنته، فلما فرغ من المأدبة أثار الملك ذكرى أوليس بعباراتٍ ودية اهتز بها تلماك، وقد عرفت هيلانة ابن أوليس، فحاولت أن تخفف ألمه بحديثها عن حرب تروادة وفضائل البطل، ويخبر تلماك الملك في الصباح عن المصائب التي تكدر إيتاك، ويطلعه منلاس على الأخطار التي لقيها بنفسه، ثم قص عليه كيف مر من مصر في أثناء عودته من تروادة فاستشار في جزيرة فاروس العراف الرباني وراعي قطاع نبتون، بروته، الذي أدركه على الرغم من تقمصاته، وكيف أنبأه هذا العراف بخاتمة أجكس بن أويله الذي ابتلعه البحر وخاتمة أغا ممنون الذي اغتالته امرأته كليتمنستر وإجست، وبإقامة أوليس في جزيرة كلبسو.

ويرغب تلماك في الانصراف، وينصحه منلاس بالبقاء عنده، ويضطرب بال طالبي الزواج في إيتاك بسبب سفر تلماك، ويتواطأون على إعداد كمينٍ له يهلك فيه، ويخبر النذير ميدون بنلوب بما وقع، وتألم كل الألم، غير أنها رأت في المنام طيف أختها المرسل إليها من قبل منرفا لتسكين روع الأم اليائسة.

النشيد الخامس: طوف أوليس

توسلت منرفا إلى جوبيتر في مجلس الآلهة، فوافق على إرسال مركور إلى كلبسو كيما تطلق أوليس الذي تمسك في جزيرة أوجيجي، وتألم كلبسو أشد الألم، ولكنها لا تستطيع أن تعصي، وتطلع أوليس على هذا النبأ تعده بتسهيل سفره.

وهكذا صنع أوليس طوفًا بمساعدة الحورية وغادر الجزيرة، وتمضي ثمانية عشر يومًا على إبحاره فيشاهد من بعيد جزيرة شيري الفياسية، ويرسل نبتون عاصفة صائلةً، ويحطم طوف البطل، ويلوذ أوليس بحطام الطوف ويعوم سائرًا مع الأمواج والرياح، ويبلغ شاطئ الفياسيين بفضل آلهة البحر لوكوته وعلى الرغم من غضب نبتون، وهناك يصنع لنفسه فراشًا صغيرًا من غصون الشجر وأوراقه ويلقي عليه أعضاءه الوارمة.

النشيد السادس: وصول أوليس إلى الفياسيين

رأت نوزيكا بنت ملك الفياسيين، ألسينوس، في منامها منرفا التي أشارت عليها بالذهاب إلى النهر حيث تغسل ثيابها، وتنال نوزيكا عربةً من أبيها، وتسير نحو النهر صباحًا، وتلاعب توابعها بعد غسل ملابسها، ويستيقظ أوليس بصراخهن طالبًا الرحمة من الفتاة، وتحضه نوزيكا على الاغتسال وتعطيه طعامًا وثيابًا، ثم تقول له أن يتبع عربتها.

ويبلغ الموكب غابة منرفا المقدسة وقت الغروب، ويقف أوليس هناك، ويلتمس العون من الإلهة.

النشيد السابع: وصول أوليس إلى ألسينوس

انتحلت منرفا صورة فتاةٍ فياسية، وساقت أوليس محاطًا بغمامةٍ كثيفة حتى قصر ألسينوس، ولما بلغ القصر أعجب بفخامته، ووجد أمراء الفياسيين ورؤساءهم حافين من حول الملك والملكة أرته، ويحسن الملك قبوله ويعده بضمان رجوعه إلى وطنه، ويقص أوليس، بعد الطعام، مختصرًا، خبر مغامراته منذ سفره من جزيرة أوجيجي حتى وصوله إلى جزيرة شيري، وتعرف الملكة أن ثيابه ملك نوزيكا، ويذهب أوليس ليستريح.

النشيد الثامن: أوليس والفياسيون

كلَّم ألسينوس الفياسيين المجتمعين في أمر رجوع الغريب إلى وطنه، وأقام وليمةً تكريمًا لأوليس، ويتوجه الجميع بعد الطعام إلى الميدان العام، ويقومون بألعابٍ ويشترك فيها أوليس، ويفوز على جميع الفياسيين، وبينا كان الشاعر الشادي، دمودوكس يتغنى بغرام مارس وفينوس، كان فوج من الفتيات يرقص، وتقدَّم هدايا إلى أوليس، ثم قصد الجميع قصر ألسينوس لحضور مأدبة المساء، ولما فُرغ من الوجبة الثانية تغنى دمودوكس بقصة الحصان الخشبي والاستيلاء على إليون، ولم يستطع أوليس أن يضبط دموعه عند ذكر مآثره، ويُبصر ألسينوس وجْد ضيفه، فيسأله أن يُظهر اسمه ويقص نبأ مغامراته.

النشيد التاسع: أحاديث عند ألسينوس

أخذ أوليس يقص نبأ مغامراته التي استوعبت الأناشيد الثلاثة الآتية.

ويكشف عن اسمه وبلده، ويقص نبأ انصرافه من تروادة ووصوله إلى السكونيين، وتخريب رفقائه للمدينة، وانتقام أهليها بذبحهم اثنين وسبعين منهم، واضطرار أوليس إلى الفرار، وأنه بينا كان يجاوز رأس ماله ردته زوبعة عن طريقه وقذفته في بلد اللوتوفاج، وأنه فر من هذا الشاطئ، ووصل إلى بلد السكلوب مع اثني عشر من أصحابه، وأنه أوغل في غار ابن نبتون: بوليفيم، وأن ستةً من الأغارقة افترسهم هذا السكلوبي، وأن أوليس انتقم منه بقلعه عينه وهو نائم.

ومع أن هذا الغول حُرم النور فقد وضع نفسه عند مدخل الغار حائلًا دون فرار البطل، فهنالك تعلق أوليس وأصحابه ببطون الكباش التي يمسها بوليفيم حين مرورها أمامه لتخرج من الغار، وهكذا نجوا من الموت واستطاعوا العود إلى البحر، ويتعقبهم الغول في أثناء ذلك راشقًا المراكب بصخورٍ.

النشيد العاشر: يول واللستريغون وسرسه

وصل أوليس إلى جزيرة يول، ويسلم الإله إلى البطل قربةً مشتملةً على جميع الرياح، خلا ريح الغرب الملائمة لسير السفن نحو إيتاك، وبينا كان أوليس نائمًا حفز الفضول رفقاءه إلى فتح القربة ظانين أنها تحتوي كنوزًا، فثارت عاصفة بفعل الرياح التي تخلصت من قيدها بصولة.

ويصل أوليس إلى لستراغونية عند قوم من أكلة لحوم البشر الذين يذبحون أكبر عدد من أتباعه ويخربون اثني عشر من مراكبه، ويفر بآخر مركب لديه، وينزل إلى جزيرة إيا التي تسكنها الساحرة سرسه، وتحول هذه الساحرة أصحاب أوليس إلى خنازير، بيد أن أوليس، المسيَّر بمركور والمجهز بعشبة سحرية سلمها إليه هذا الإله، نجا من السحر وأنقذ أصحابه.

ويفكر في الرجوع إلى إيتاك بعد أن أقام عند الساحرة عامًا، وتوافق سرسه على هذا، بشرط أن ينزل إلى الجحيم في بدء الأمر ويستشير طيف هاتف الغيب ترزياس، ويذهب أوليس ليعمل بأمر القدر.

النشيد الحادي عشر: استحضار الأرواح

وصل أوليس إلى بلد السيمريين حيث يستحضر الأرواح، وقام بتقريب ما أمرت به الإلهة من القرابين، أي أنه حفر حفرةً واسعةً وذبح ضحايا تكريمًا للأرواح ولهاتف الغيب الذي أمر باستشارته، وتصل أطياف الأموات جماعاتٍ، ولكن أوليس منعها من الاقتراب قبل وصول ترزياس، ويقول هذا الهاتف لأوليس: «ارجع إلى الوراء، ودعني أشرب من هذا الدم وأكشف لك المستقبل»، ويخبره بأن مصائبه لما تنتهِ، ولكن مع رجوعه إلى إيتاك في آخر الأمر.

وكان روح إلبينور أول من حضر، ويعده أوليس بلحد، ثم يأتي روح أمه أنتكله الذي شرب من دم الضحايا، وعرفه، وأنبأه بما عليه بنلوب وتلماك من وضع، ويريد أوليس أن يعانقه، ولكنه لم يعانق غير الفضاء، وهنالك تقول له أمه: «هذه حال الناس بعد الوفاة، فهم يغدون خالين من اللحم والعظم، وكلٌّ منهما يلتهمه اللهب، فمتى لفظ البدن الشاحب الجامد نفسه الأخير صار الروح كالطيف الطائف ولجأ إلى مقر الأشباح.»

ويدنو ما لا يُحصى له عدٌّ من الأطياف الأخرى، وهذه هي أطياف أرواح الأبطال وبناتهم مثل تيرو وأنتيوب وبركريس وإبيكست وكلوريس وليدا وإفيميدي وفيدر وألكمن وأريانة، وتأتي أطياف الأبطال بعد أطياف النساء مثل أغاممنون وأشيل وبتروكل وأنتيلوك وأجكس بن تلامون، ورأى أوليس أن مينوس يحكم بين الأرواح، وأن أريون يتعقب الغيلان، وأن تنتال غارق حتى الذقن في ماء رائق ينخفض عندما يريد الارتواء، وأن سيزيف يدحرج صخرةً عظيمة، ثم رأى خيال هركول بن جوبيتر الذي هو أشهر الأبطال، هنالك غادر أوليس مملكة بلوتون وعاد إلى مركبه الذي قاده من خلال نهر أوسيان.

النشيد الثاني عشر: كربد وسيلا

عاد أوليس إلى جزيرة إيا، وأنشأ لحدًا لإلبينور، وتشير عليه سرسه بأن يفلت من الأخطار التي لا تزال تهدده كإغواءات بنات البحر اللائي هن جنيات مكونات من أنصاف النساء وأنصاف السمك وصاحبات لأنغام يجتذبن بها المسافرين، وكصخرتي سيلا وكربد، وتشير عليه أيضًا باحترام قطاع الشمس، ويبحر مطمئنًّا، ويسمع أناشيد بنات البحر بلا اكتراث مالئًا آذان أصحابه بشمعٍ عسليٍّ ومرتبطًا في صاري مركبه، ويجاوز صخور كربد وسيلا حيث هلك ستة من أصحابه، ويلزمه رفقاؤه بالنزول إلى جزيرة تريناسي حيث ترعى قطاع الشمس ويذبحون أحسن عجالها ونعاجها إعدادًا لمآدبهم، وذلك على الرغم من حظر أوليس، فلما عادوا إلى البحر أطلق جوبيتر عليهم زوبعةً عن غيظٍ من هذا التدنيس لما هو مقدس، ويغرق الجميع خلا أوليس الذي أمسك بحطام السفينة، وانتهى الأمر بوصوله إلى جزيرة أوجيجي حيث استقبلته كلبسو.

النشيد الثالث عشر: انصراف أوليس

أتم أوليس حكايته، ووضع الملك تحت تصرفه مركبًا مشحونًا بالهدايا التي قدمها إليه الفياسيون، ويصل سالمًا إلى ميناء فرسيس المجاور لغار الحوريات، وهناك تركه الجداف نائمًا على الشاطئ، ثم عاد الفياسيون إلى جزيرة شري، بيد أن نبتون الهائج حول السفينة إلى صخرة.

ويستيقظ أوليس، ولكن من غير أن يعرف إيتاك، وتتجلى له منرفا في صورة راعٍ يافع، وتوكد له أنه في إيتاك، ولما عرف أنها ابنة جوبيتر ترك كل حذر، ويعمل برأيها فيدفن جميع كنوزه في غار النائيد، وتشير الآلهة على البطل بأن يظل خافيًا على عيون الجميع حتى يتمكن من مجازاة طالبي القِران بزوجه، وتحوله إلى متسولٍ شائب.

النشيد الرابع عشر: أوليس عند أومه

ذهب أوليس إلى منزل أومه، فيحسن أومه قبوله ويئويه، ويحادث هذا الراعي ضيفه حول مصير سيده الغائب، ومن العبث أن وكَّد البطل له أمر رجوع أوليس قريبًا، فما كان الراعي الشائب ليعتقد ذلك، ويحدث أومه عن قبائح طالبي الزواج، ويبدي خوفه من وقوع تلماك في أشراكٍ نصبوها له، ويسأل أومه ضيفه عن هويته، ويضع أوليس قصةً خيالية، أي يذكر له أنه أقريطشي، ويقص عليه مفصلًا ما سبق وصوله إلى إيتاك من مغامرات مزعومة، ويختم كلامه مؤكدًا أن التسبريين أخبروه بقرب رجوع أوليس.

ويهتز أومه حين سماعه هذه الكلمة عن مولاه الذي يئس من رجوعه، ويتناولان العشاء مع الرعاة.

النشيد الخامس عشر: وصول تلماك إلى منزل أومه

أشارت منرفا على تلماك بأن يعود إلى إيتاك، ودلته على الوسائل التي ينجو بها من أشراك طالبي الزواج.

فلما لاح الفجر طلب ابن أوليس من منلاس أن يأذن له في الانصراف، ويتوجه مع بزسترات إلى مركبه الذي بقي في مرفأ بيلوس، ويقضي تلماك ليلته في فرس، ويصل إلى بيلوس غدًا، ويفارق بزسترات، ويئوي العراف تيوكليمن الذي أبعد من أرغوس لاقترافه جرم قتل، ثم يتوجه نحو إيتاك.

ويكلم أوليس أومه حول خطته التي وضعها للذهاب إلى المدينة، ويروي الراعي له قصته الخاصة، وكيف خُطف من قبل الفينقيين في جزيرة سورية وكيف بيع من لئرت، وينزل تلماك إلى إيتاك في تلك الأثناء ويتجه نحو منزل أومه.

النشيد السادس عشر: تعارف أوليس وتلماك

أرسل تلماك أومه إلى القصر ليخبر بنلوب بوصوله، وهنالك ردت منرفا إلى أوليس وجهه وثيابه وسلاحه، ويعرف الابن أباه، ويزوده أبوه بأوامر فيما يجب أن يصنع، وكان كتمان خبر حضوره أخص ما أوصاه به.

ويدخل مركب تلماك في الميناء، ويلقى البشير أومه في القصر ويشترك الاثنان في تبليغ بنلوب خبر وصول ابنها، ويرثي طالبو القِران لحبوط حبائلهم ويحوكون مؤامرةً جديدةً ضد تلماك، وتطلع بنلوب على نياتهم وتنزل إلى قاعة الولائم لتلوم أنتينوس بشدةٍ على مقاصده الخبيثة، ويعود أومه إلى منزله مساءً فيجد أوليس قد اتخذ صورة شائب بائس.

النشيد السابع عشر: رجوع تلماك إلى المدينة

توجه تلماك إلى القصر، وأدخل إليه تيوكليمن ليبلغ بنلوب أنها ستلقى زوجها عما قليل، ويقص تلماك على أمه خبر رحلته بعد الطعام.

ويحافظ أوليس على تنكره، ويصل إلى القصر مع أومه، ويهان في الطريق ويُشتم من قِبَل المعَّاز ملنتيوس، ويدخل القصر، ويعرفه كلبه القديم، أرغوس، الذي زحف إليه ومات عند قدميه.

ويُدخل أوليس إلى قاعة الولائم، ويستعطي، ويغمر أنتينوس هذا الشائب البائس بالشتائم، ويرميه بموطئٍ للقدم، وتعرب أنتيوب عن استيائها، وتريد أن تسأل الغريب، بيد أن هذا الشَّحَّاذ أجَّل المقابلة إلى المساء، ويعود أومه إلى مواشيه.

النشيد الثامن عشر: مبارزة أوليس وإيروس

أراد الشحاذ إيروس، وهو ذو دالَّةٍ على طالبي القِران، أن يطرد أوليس من القصر، ويعد طالبو الزواج جائزةً من يفوز منهما في برازٍ، ويستعد أوليس للمبارزة، وتمده منرفا بقوةٍ عجيبة، ويغلب إيروس ويرميه خارج القصر.

وبينما كانت بنلوب نائمةً صبت منرفا عليها جمالًا بارعًا، وهكذا ظهرت في عيون طالبي القِران الذين يغمرونها بالهدايا، ويدفع خوادم بنولب أوليس، ويريد أريماك أن يضرب أوليس، ولا يستطيع أن يصل إليه، ويهينه طالبو الزواج، ويلومهم تلماك على عنفهم، ويسرحهم.

النشيد التاسع عشر: حديث بين أوليس وبنلوب – أركله تعرف أوليس

أمر أوليس تلماك، بعد انصراف طالبي الزواج، بإخفاء الأسلحة في القسم الأعلى من القصر، ودار الحديث بين بنلوب والشحاذ حول موضوع زوجها وتعرب عن أسفها، وتذكر عهدها بأن تختار زوجًا حينما تفرغ من نسجها حجابًا لمأتم لئرت، وتنقض في الليل ما حاكت في النهار، وتخونها إحدى وصيفاتها، وترى أنه لا بد من إذعانها حيال وعيد طالبي الزواج، ويروي أوليس لبنلوب، بدوره، قصةً كاذبةً عن حياته لا ينفك يقرن بها اسم أوليس، ويوكِّد رجوع البطل عما قليل، وتهتز بنلوب لهذا النبأ كثيرًا، وتأمر الخوادم بأن يحسنَّ معاملة هذا الشحاذ، وتؤمَر العجوز أركله، التي كانت مرضع أوليس، بغسل رجليه، وبينا كانت أركله تقوم بهذا عرفت أوليس من ندبةٍ نشأت عن جرح بليغ كان قد أصيب به في أثناء صيد، ويفرض أوليس الصمت على هذه الخادمة منعًا لإذاعة حضوره.

وتقص بنلوب على الشحاذ أمر حلم اتفق لها حديثًا، وذلك أنها رأت في المنام رجوع زوجها وهلاك طالبي القِران بها، بيد أنها عادت لا تأمل هذه العودة، وعزمت على الإنعام بيدها على أبرع هؤلاء الطالبين في استخدام سهم أوليس.

النشيد العشرون: الحوادث التي سبقت قتل طالبي الزواج

أنعمت منرفا على أوليس بالراحة والرقاد، فلما أفاق أبصر استعداد القصر للمأدبة، وقد بدأ الخدم أعمالهم، ووصل الرعاة مع الضحايا، ويهين المعَّاز ملنتيوس أوليس، ويحتجُّ البقَّار فيلسيوس عن وفاءٍ لمولاه، ويخبر بسوء الطالع طالبو القِران المتمتعون بمسار الوليمة، ويحمي تلماك والده حيال هذه الإهانات، ويحاول كتيزيب أن يضرب المتسول، ويغضب عليه تلماك، ويحض طالب الزواج، أجيلاتوس، بنلوب على اختيار زوجٍ لها، ويتنبأ غريب اسمه تيوكليمن بخسران طالبي الزواج وبما سوف يصيبهم من أفظع النوازل.

النشيد الحادي والعشرون: تجربة القوس

وعدت بنلوب بتزوج أيٍّ من طالبي الزواج يستطيع أن يوتِّر قوس أوليس ويُمِر سهمًا من خلال حلقات الفئوس الاثنتي عشرة المصفوفات، ويجتمع جميع الرؤساء للقيام بالتجربة، ويعد أومه الفئوس وهو يئِن، ويحض تلماك طالبي الزواج على استحقاق الجائزة، ويحاول توتير القوس، ولكنه يعدل عن هذا بإشارة من أبيه.

ويخرج أوليس من القصر مع أومه وفيلسيوس، ويعرِّفهما بنفسه، ويزودهما بأوامره، ويحاول جميع طالبي القِران توتير القوس على غير جدوى، ويقدم أومه القوس إلى أوليس على الرغم من حظرهم وشتائمهم، ثم يأمر أركله بأن تغلق أبواب القصر على حين يغلق فيلسيوس أبواب القاعة، ويقبض أوليس على القوس ويتأمله، ويوتره بلا عناءٍ وينفذ السهم من خلال ثقوب الفئوس، ويذعر طالبو القِران، وينحاز تلماك إلى أبيه من فوره.

النشيد الثاني والعشرون: قتلُ طالبي الزواج

وقف أوليس على الوصيد١ حاملًا قوسه وسهامه، وهجم على طالبي الزواج، وكان أنتينوس أول من طَعَن، ويبحث الآخرون عن سلاحٍ انتقامًا له، ويعرِّفهم أوليس بنفسه، ويهددهم، ويحاول أريماك أن يَثني أوليس بتعويضه من الأذى الذي أصابه به، ويبدو أوليس فاقد الرحمة.

ويدور القتال، ويساعد أوليس بعض المحاربين المخلصين، وينال حماية منرفا وتحول منرفا عنه السهام الستة التي رميت عليه، وينشر أوليس الموت بين منافسيه بما يرمي من سهامٍ لا تخطئ الهدف، وتظهر منرفا مجنها لطالبي القِران المذعورين، ويُقتل جميع الرؤساء، ويستدعي أوليس أركله، ويكاد قلبها يطير فرحًا من رؤية هذه الجثث.

ويأمرها البطل بأن تحمل النساء المذنبات على رفع الجثث وتطهير القاعة، ثم تضرب رقابهن مع ملنتيوس.

ويطهر أوليس القصر، ويرسل من يبحث عن بنلوب وعن الخوادم.

النشيد الثالث والعشرون: بنلوب تعرف أوليس

أيقظت أركله بنلوب، وأخبرتها برجوع أوليس وبالحوادث التي وقعت، ولم تستطع الملكة أن تصدق النبأ، ولكنها تظاهرت بالاقتناع، وأظهرت سرورها للمرضع العجوز، وتنزل بنلوب إلى ردهة الرجال، ويساورها شك آخر، وتتردد في التسليم بأنه أوليس، بيد أن وصفه لمنزلهما الزفافي الذي أقامه بنفسه، ولم يدخله أحد، أزال جميع شكوكها، وتعتذر لدى زوجها، وتظهر له أعظم رقة.

ويقص كل من أوليس وبنلوب على الآخر خبر مصائبه، ويصدر أوليس إلى الملكة تعليماته منذ طلوع النهار، ويخرج من المدينة متوجهًا إلى لئرت.

النشيد الرابع والعشرون: ماجَرَيَات

ساقت منرفا إلى الجحيم أطياف القتلى، فلقيت هذه الأطياف في المملكة القاتمة أرواح أشيل وأجكس وغيرهما من الأبطال الذين اشتركوا في حرب تروادة، وغادر القصر أوليس وابنه والراعيان، وتوجه إلى أبيه لئرت الذي يقضي وقته في زراعة حديقته، ويقص عليه نبأ كاذبًا، ويرى حزن هذا الشيخ العظيم عند سماعه خبر وفاة ابنه، بيد أن أوليس لم يستطع أن يملك نفسه وقتًا طويلًا، فأخبر أباه بهويته، وتحول كرب الأب إلى فرحٍ شديد.

وينتشر في المدينة خبر قتل طالبي القِران في تلك الأثناء، ويحرض أقرباء الزعماء القتلى أتباعهم على الانتقام، وينقضُّ جمعهم على منزل لئرت، وتدور رحى القتال بينهم وبين أوليس وتلماك اللذين تحميهما منرفا، ويخر أبو أنتينوس، أبيتس، صريعًا من ضربة عكازة ألقاها لئرت.

ويظل البطل غالبًا، ويعفو عن أعدائه، ويتصالح الفريقان.

١  الوصيد: العتبة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤