المشهد الأول
(لندن – جناح في القصر.)
(تدخل الملكة ووصيفاتها منهمكات في
العمل.)
الملكة
:
اعزفي العود يا ابنتي؛ فالهموم ترين على
نفسي،
وتكسوها الأحزان. شتِّتي الأحزان بغنائكِ إن
استطعتِ … هيا.
الوصيفة
(تُغنِّي)
:
أنغام عود أورفيوس،
كم انحنتَ لها الرءوس،
انظر تَرَ الأشجار قد مالت غصونها من الطرب،
٥
كما هوت ذُرا الجبال بالثلوج نحوه من
العجب،
وإن شدَت ألحانَه على المزمار،
هبَّت من الأرض الزهور والثمار،
وانداح نور الشمس والغيث النَّدِي
حتى كأنا في ربيعٍ سرمدي
كل الخلائق حين تسمع عزفه تُصغي
وتُنشِد،
بل إن موج البحر يرفع رأسه طربًا ويرقُد، ١٠
فعذوبةُ الأنغام قادرةٌ على قتل الهموم
بفنِّها،
حتى ينامَ الحزن في القلب الكليم أو يموت
بشدوها ورنينها!
(يدخل أحد السادة.)
الملكة
:
ماذا وراءك؟ ١٥
السيد
:
إذا سمحتِ جلالتُك. إن الكاردينالَين
العظيمَين ينتظران في
غرفة الاستقبال.
الملكة
:
هل يريدان الحديث معي؟
السيد
:
لقد طلبا مني إبلاغك بذلك يا مولاتي.
الملكة
:
اطلب من صاحبَي السعادة أن يتفضَّلا
بالدخول.
(يخرج السيد.)
ماذا يريدان مني الآن، وقد أصبحتُ امرأةً
ضعيفة مسكينة ٢٠
محرومة من الرضا والعطف؟ أنا غير مستبشرة
بهذه الزيارة.
لكنني إذا تأمَّلتُ الموقف زال الخوف! فهما
من رجال الدين الأفاضل،
ولا بُد أن يسعيا في الخير.
ولكن ما كلُّ من لبس القلنسوة راهب.
١
(يدخل الكاردينالان وولزي
وكامبيوس.)
وولزي
:
السلام على جلالتكم.
الملكة
:
يا صاحبَي الغبطة! إنكما تريان أنني أصبحتُ
نصف ربة منزل،
وأتمنى أن أصبح ربة منزل كاملةً قبل أن يحُل
بي أسوأ ٢٥
ما أتوقع! ماذا تريدان أيها الكاهنان؟
وولزي
:
إذا سمحتِ يا سيدتي الكريمة أن نختلي بكِ في
غرفتكِ الخاصة،
فسوف نُطلِعُكِ على ما جئنا من أجله.
الملكة
:
بل تحدَّثا هنا، فأنا لم أفعل حتى الآن
٣٠
ما لا يرضاه ضميري ويتطلب الحديث سرًّا أو
الكتمان،
وليت النساء جميعًا يستطعن أن يقلن ما أقول
الآن
وبالصراحة نفسها، يا أيها اللوردان.
إنني أسعد حالًا من الكثيرين لأنني لا
أكترث
إذا كانت ألسنة الناس قد حكمَت على أفعالي
٣٥
وشاهدَتْها كل عين، أو حتى إذا هاجمها
الحُسَّاد
وأشاعوا سوء الظن بها، ما دمتُ واثقةً من
طهارتي ونقائي،
فإذا كان ما جئتما من أجله يتعلَّق بأخلاقي
وشرفي
فأفصِحا عنه دون خوف؛ فالحقيقة تُحب
الصراحة.
وولزي
(باللاتينية)
:
أيتها الملكة الفاضلة السامية
إن عقولنا لا أثَر فيها إطلاقًا لخبثٍ أو حقد
٢ ٤٠
الملكة
:
أرجوكَ لا تتحدث باللاتينية، يا أيها اللورد
الكريم؛
فلم أهمل في تعلُّم اللغة التي عشتُ في
كنفها،
منذ أتيتُ إلى إنجلترا، فاستعمال لغةٍ
غريبة
يزيد من غموض قضيتي، ويُضفِي عليها الشك
والريبة.
أرجوك أن تتحدَّث بالإنجليزية، والوصيفات من
حولي ٤٥
سيُظهِرن امتنانَهن إذا قلتَ الحقيقة عن
سيدتهن
إكراما وإقرارًا لحقها المهضوم! وصدِّقني
إذا قلتُ لكَ
إنني تعرَّضتُ لظلمٍ شديد، أيها اللورد
الكاردينال.
مهما يكن الذنبُ الذي يتهِمونني باقترافه
عامدة،
فإنني قادرةٌ على إثبات براءتي
بالإنجليزية.
وولزي
:
سيدني الشريفة، يؤسفني أن أرى أن نزاهتي،
٥٠
والتفاني الذي أظهرتُه في خدمة صاحب
الجلالة
وفي خدمتكم، يؤديان إلى مثل هذه الريبة
العميقة،
بينما لا أُكِنُّ لكما إلا أصدق
النوايا!
لم نأتِ إلى هنا لتوجيه اتهامٍ أو لتلويثِ
شرفكم
الذي يباركه كل لسان شريف، ولا لنفتح أمامكم
٥٥
سبيلًا من سبل الأحزان؛ فلديك منها ما يزيد
عن الطوق!
لكننا أتينا لنعرف رأيك في الخلاف بينك
وبين
صاحب الجلالة، فهو خلاف له عواقبه
الوخيمة،
ولنُقدِّم لكِ باعتبارنا أحرارًا
شرفاء،
آراءنا المنصفة لك وللقضية التي نسعى فيها.
٦٠
كامبيوس
:
مولاتي ذات الشرف السامي!
إن اللورد يورك،
٣ بما طُبع عليه من النبل والحمية
والطاعة
التي ما يزال يُكِنُّها لجلالتكم، قد تناسى
شأنَ الكرماء
إهانتَكِ الأخيرةَ له، وطَعْنكِ في صدقه وفي
شخصه،
طعنًا فاق كل حدود، وأتى معي لتقديم خدماته
٦٥
ومشورته، آيةً على صفاء النفوس!
الملكة
(جانبًا)
:
يريدان إيقاعي والوشاية بي!
(إليهما) شكرًا لكما على صدق النية يا أيها
السيدان!
فحديثكما حديثُ شرفاء، وأدعو الله أن تؤكدًا
صدق ذلك!
لكنني لا أعرف كيف أُجيبكما على هذه المسألة
التي قدَّمتُماها
بهذه الفجاءة إليَّ، وهي مسألةٌ تمس شرفي بل
وتمس حياتي ٧٠
أيضًا، فأنا لا أتمتع بذكاءٍ خارق، وكيف
أقدر على ذلك
وأنتما رجلان يتمتعان بمنزلةٍ سامية وعلمٍ
فيَّاض؟
الحق أنني عاجزة عن الإجابة، خصوصًا لأنني
كنتُ منهمكة
في أعمالي المنزلية مع وصيفاتي، ويعلم الله
أنني لم أكُن
أتوقَّع وصولكما ولا أفكِّر في هذا الموضوع؛
٧٥
ولذا أرجوكما، إكرامًا لمنزلتي السابقة، أن
تمهلاني.
إنني أشعر أن عظمة مكانتي في النزع
الأخير،
وأرجو أن تُمهِلاني حتى أنظر في أمري وأطلب
المشورة؛
فقد انصرف عني الأصدقاء وانقطع حبل
الأمل!
وولزي
:
مولاتي، إنك تظلمين حب الملك لكِ بهذه
المخاوف؛ ٨٠
فآمالكِ وأصدقاؤكِ لا حد لهم ولا
نهاية!
الملكة
:
ما أقلَّ جدوى الأصدقاء لي في
إنجلترا!
هل تظنان أن إنجليزيًّا كائنًا من
كان،
بجرؤ على تقديم المشورة لي؟
وهل تظُنَّان أن أي صديقٍ مهما بلغَت جرأته،
٨٥
ومهما تجاسر على قول الحق والتزام
الأمانة،
يستطيع أن يقدِّم مشورة مخالفة لرأي جلالة
الملك،
ثم يظل في قيد الحياة بين الرعية؟ لا يا
أيها الصديقان!
إن الذين يقدِّرون آلامي وعذابي، والذين أثق
بهم حقًّا،
لا يعيشون بيننا، بل إنهم (مع كل عزاء وسلوى
لي) ٩٠
بعيدون عنا. إنهم في وطني الأصلي أيها
السيدان!
كامبيوس
:
ليتكِ يا صاحبة الجلالة تطرحين عنك
الهموم،
وليتك تتقبَّلين مشورتي.
الملكة
:
وما هي يا سيدي؟
كامبيوس
:
أن تضعي صلب قضيتك في أيدي الملك
الرحيمة،
فقلبه ينبض بالحب وهو كريمٌ بالغ
الكرم.
وهذا أفضل كثيرًا لشرفكِ ولقضيتكِ،
٩٥
ويُعْفيك من العار الذي قد يلحق بكِ،
إذا أُجريت المحاكمة ولم يحكم القضاة
لصالحك.
وولزي
:
لقد أصاب.
الملكة
:
إنكما تشيران عليَّ بما ترغبان فيه وهو
هلاكي!
أهذه هي المشورة التي تقضي بها
المسيحية؟
عارٌ عليكما. ما تزال السماء فوق الجميع،
١٠٠
وبها قاضٍ لا يستطيع ملك أن يُؤثِّر في
حكمه!
كامبيوس
:
إنك تخطئين الحكم علينا بهذا الغضب.
الملكة
:
بل المزيد من العار عليكما! كنتُ أحسب أنكما
من رجال الدين،
وأنكما تتحليان بأعظم الفضائل، لكنني أقسم
بحياتي
إنكما أقرب إلى التحلِّي بالكبائر
والقلب في جوفكما أجوف!
فليعالج كلٌّ منكما قلبه أولًا! ١٠٥
أهذه هي السلوى التي تحملانها لي؟
أهذا هو الدواء الذي أتيتُما به لامرأةٍ
تعسة؟
لامرأةٍ ضاعت بينكم، وضحكتُم منها
واحتقرتموها؟
أنا أكثر رحمةً منكم، فلن أدعو
عليكما
بنصف ما أنا فيه من الشقاء! ولكنني قد
حذَّرتُكما!
فانتبها واحذرا كي لا تنقَضَّ على رءوسكما
١١٠
أثقالُ أحزاني.
وولزي
:
مولاتي، أنت مشتتة النفس وحسب،
تُحيلين الخير الذي نقدِّمه لك إلى شَر
الحسد!
الملكة
:
بل إنكما تُحيلانِني إلى عدم! الويل
لكما،
والويل لكل الأدعياء الكاذبين! ١١٥
فإذا كنتما حقًّا تتحليان بالإنصاف
والشفقة،
وكنتما من رجال الدين حقًّا لا مجرد أرديةٍ
كنسية،
فلمَ أشرتُما عليَّ بأن أُسلم زِمامَ قضيتي
العليلة
لمن يكرهني؟ لقد هجَرني في المضجع مثلما
هجَرني حبه
منذ أمدٍ بعيد! لقد تقدَّم بي العمر أيها
السيدان، ١٢٠
وكل ما يربطني به الآن هو الطاعة،
فما الذي يمكن أن يصيبني الآن
أكثر من هذا الشقاء؟ إنكم مهما فكَّرتم
وتدبَّرتم
فلن تزيدوا شقائي عما هو عليه.
كامبيوس
:
الواقع أهون مما تُصوِّره مخاوفك.
الملكة
:
فلأدافع عن نفسي ما دامت الفضيلة قد عدمَت
كل صديق! ١٢٥
ألم أكن طول حياتي زوجةً مخلصة؟!
وأقول بلا فخر إنني ما مسَّتني الشكوك يومًا
ما!
ألم أبادل الملك حبه بكل جوارحي؟ ألم أضعه
في حبي
في منزلة تلي السماء؟ ألم أكن مطيعة له؟
١٣٠
ألم أعامله بحب يقترب من التقديس؟
بل كدتُ أنسى صلواتي مرضاة له؟
أيكون ذلك جزائي بعد كلِّ ما فعلت؟
هذا عين الخطأ يا أيها السيدان.
إذا وجدتُما مثلي زوجةً مخلصة
لزوجها،
زوجة لم تحلُم يومًا بفرحة تُجاوز فرحة
إرضائه، ١٣٥
فسوف أُضيف إلى قُصارى جهودها شرفًا
آخر،
وهو الصبر الجميل!
وولزي
:
إنكِ لا تدركين الخير الذي نرجوه لك.
الملكة
:
سيدي، كيف أجرؤ على وصم نفسي بالذنب،
أو التنازُل راضية عن اللقب السامي الذي
اكتسبتُه، ١٤٠
عندما تزوَّجَني مولاك؟ لن يحرمني من كرامتي
وشرفي إلا الموت!
وولزي
:
أرجو أن تنصتي إلى ما أقول.
الملكة
:
ليتَني ما وطئتُ أبدًا أرض إنجلترا،
ولا شعرتُ بالملَق الذي ينمو على
سطحها.
إن وجوهكم مثل وجوه الملائكة،
أما قلوبكم فلا يعلم ما فيها إلا الله!
١٤٥
تُرى ما سيكون من أمري الآن؟ أنا
التعسة!
إني أشقى امرأة تعيش على سطح الأرض!
وا أسفا عليكن أيتها المسكينات!
أين اختفَت بسماتُ الحظ لَكُن؟
لقد تحطَّمتْ سفينتي على صخرة هذه
المملكة
حيث انعدمَت الشفقة، واختفى
الأصدقاء،
وضاع الأمل، ولم يعُد لي قريبٌ يبكي حظي،
١٥٠
بل ولا أكاد أجد قبرًا يضم رفاتي!
كنتُ مثل زهرة تزهو في الحقل، سيدة
للزهور،
والآن أحني مثلها رأسي فأذوي وأموت!
وولزي
:
لو عرفتِ يا صاحبة الجلالة مدى صدق ما نبغيه
لكِ من خير،
لرضيتِ واسترحتِ. ما الذي يدعونا يا سيدتي
الفاضلة، ١٥٥
إلى أن نظلمكِ في هذه القضية؟ إن منزلتنا
الدينية
وعملنا بالدين لا يسمح لنا بذلك، فمهمتنا أن
نشفي الآلام
لا أن نبذر بذورها! أرجوكِ أن تتأملي ما
أنتِ بصدَده
وكيف يمكن أن تسيئي إلى نفسك!
إنكِ بذلك سوف تجعلين الملك ينفر منك
تمامًا؛ ١٦٠
فقلوب الأمراء تعشَق الطاعة وتحتضنها
وتقبِّلها!
ولكنها تُقابل العناد بالغضب
والثورة،
وبفورة كأنها فورات العواصف،
أنا أعلم أن طبعكِ رقيقٌ نبيل، ١٦٥
ونفسكِ هادئةٌ مطمئنة، فأرجو أن تثقي
فينا
وفي عملنا باعتبارنا دعاة سلام وصلح،
فنحن أصدقاء وخدم!
كامبيوس
:
لسوف يثبت لك ذلك يا مولاتي.
إنك تظلمين فضائلك بمخاوف المرأة الواهنة!
والنفس السامية التي منَّ الله عليكِ بها،
١٧٠
لا بد أن تطرحَ عنها هذه الشكوك،
وأن تنبذَها نبذ العملات المزيَّفة.
إن الملك يحبكِ فحذار أن يضيع ذلك الحب من
يدك.
أما نحن، فإذا شئتِ أن تُولينا ثقتكِ في هذه
القضية،
فسوف نبذل قُصارى جهدنا لخدمتكم.
الملكة
:
افْعَلا ما تريدان أيها السيدان! وأرجو
منكما العفو ١٧٥
إذا كنتُ قد أسأتُ إليكما!
تعرفان أنني امرأةٌ تفتقر إلى الحكمة
اللازمة
للإجابة اللائقة على أمثال معاليكما!
أرجوكما أن تُعبِّرا عن شعوري إلى
جلالته؛
فما يزال يملك ناصية فؤادي،
وسأظل أدعو له بالخير ما دمتُ في قيد
الحياة.
تفضَّلا أيها الأبوان المحترمان وقدِّما
مشورتكما لي.
إنها الآن امرأة تتوسَّل وتسأل
الفضل!
وما كان يجول بخاطرها عندما وطِئَت قدماها
هذا البلد،
أن تشتري كرامتها بذلك الثمن الباهظ!
(يخرجون.)
المشهد الثاني
(غرفة في القصر.)
(يدخل دوق نورفوك ودوق سافوك، ولورد سَرِي،
وكبير الأمناء.)
نورفوك
:
إذا توحَّدَت كلمتكم وجمعتُم شكاياتكم
معًا،
وثابرتم في تقديمها وإقامة الحجة عليها،
فلن يقوى الكاردينال على الصمود
إزاءها.
أما إذا أضعتُم هذه الفرصة السانحة،
فأؤكد لكم أنكم سوف تتعرَّضون للمزيد من
المهانة والعار، ٥
إلى جانبِ ما سَبق أن لحِقَكم!
سَرِي
:
يسعدني أن أجد أدنى فرصة،
أتمكَّن فيها من الثأر لما أصاب صِهْري
الدوق.
سافوك
:
هل سلم أحد النبلاء من إهانته له،
أو على الأقل من إهماله الشديد له؟
١٠
ومتى كان يعمل حسابًا لأي نبل سوى نبل ذاته
هو؟
كبير الأمناء
:
أيها اللوردات، إنكم تقولون ما
تريدون.
أما أنا فأعلم تمامًا ما يستحق أن يناله
منكم ومني،
لكنني أخشى كثيرًا ألا نستطيع أن تنال منه
الآن
مع وجود الفرصة السانحة! فإذا لم تستطيعوا
١٥
أن تُوصِدوا سبيل وصوله إلى الملك،
فلا تحاولوا أن تناولوا منه مطلقًا؛
فإن له لسانًا يَسحَر به لُب الملك!
نورفوك
:
لا تخشَ منه بعد اليوم. لقد بطل مفعول ذلك
السحر؛
إذ إن الملك قد اكتشف أشياءَ تدينه،
٢٠
ومن شأنها أن تُفسِد طعم العسل الذي كان
يقطُر من لسانه،
وتَكْسوَه بالمرارة إلى الأبد. لقد اكتسب
سخط الملك
الذي لن يزول.
سَرِي
:
سيدي، ما أحلى أن أسمع هذه الأنباء في كل
ساعة!
نورفوك
:
صدِّقني. إنها الحقيقة؛ ٢٥
ففيما يتعلق بالطلاق، تكشَّفَت كل تدابيره
المعادية،
فظهر بمظهر لا أرجوه لغير عدُوِّي.
سَرِي
:
كيف تكشَّفَت أحابيله؟
سافوك
:
بطريقةٍ بالغة الغرابة!
سَرِي
:
وكيف كان ذلك؟
سافوك
:
تصادف أن ضلَّت رسائله إلى البابا طريقها،
٣٠
ووصلت إلى الملك، واطلع عليها،
وعلم منها أن الكاردينال توسَّل إلى قداسة
البابا،
أن يؤجل إصدار حكمه في قضية الطلاق،
قائلًا إن الطلاق لو حدث فلن يكون
لائقًا
لأن الملك، على حد تعبير الكاردينال، قد وقع
في حب فتاةٍ ٣٥
من وصيفات الملكة، وهي الآنسة آن
بولين.
سَرِي
:
وهل عرف الملك ذلك؟
سافوك
:
صدِّقني.
سري
:
وهل سيُفضِي ذلك إلى أي نتيجة؟
كبير الأمناء
:
لقد تمكَّن الملك من إدراك سُبل
الكاردينال
في التسلُّل والتخفِّي لخدمة أغراضه
الخاصة،
ولكن حِيَل الكاردينال لم تفلح في هذه
المسألة؛ ٤٠
لأنه أتى بالدواء بعد وفاة المريض؛
إذ إن الملك قد تزوج الحسناء بالفعل!
سَرِي
:
ليته يتزوَّجها حقًّا.
سافوك
:
بل تزوجها فعلًا. ولقد تحقَّقت أمنيتُك واسعَد بها!٤
سَرِي
:
ما أسعدَني حقًّا بهذا الزواج!
سافوك
:
آمين آمين!
نورفوك
:
وآمين من الجميع! ٤٥
سافوك
:
لقد أصدر الأمر بعقد حفل التتويج،
ولكن الأمر ما يزال حديث العهد،
ويجب ألا يصل إلى أسماع بعض الناس.
ولكنها أيها السادة فتاةٌ رائعة كاملة العقل
والجمال،
وأنا واثقٌ أن البركة سوف تحُل على البلد
منها، ٥٠
وأن ذكرها سوف يخلد.
سَرِي
:
ترى هل يتغاضى الملك عن رسالة
الكاردينال؟
لا قدَّر الله!
نورفوك
:
آمين آمين!
سافوك
:
ولا يمكنه أن يتغاضى عنه؛ فكثير من الزنابير
تطنُّ في أنف الملك
ولن يتأخر موعد اللسعة! ٥٦
لقد انسل الكاردينال كامبيوس عائدًا إلى
روما دون إذن،
وترك قضية الملك معلَّقة دون حسم!
بل إنه ذهب مندوبًا عن الكاردينال
ليساعد في تنفيذ المؤامرة! وأؤكِّد لكم
٦٠
أن الملك عندما سمع بذلك ثار غضبه.
كبير الأمناء
:
أدعو الله أن يزيد غضبه ويثور ثورةً أكبر!
نورفوك
:
ولكن قل لي يا سيدي اللورد،
متى يعود كرانمر؟
سافوك
:
لقد سبقَتْه إلى إنجلترا آراؤه والآراء التي
جمعها من الخارج،
٥
والتي تُبرِّر طلاق الملك، استنادًا إلى
فتاوى العلماء
٦ ٦٥
في كل البلدان المسيحية تقريبًا! وأعتقد
أننا سنسمع قريبًا
الإعلان عن زواجه الثاني، وعن حفل تتويج
الملكة الجديدة.
أما كاترين فلن يُطلَق عليها لقب الملكة بعد
الآن.
سوف تُسمَّى الأميرة الأرملة، أرملة الأمير
آرثر! ٧٠
نورفوك
:
إن كرانمر هذا رجلٌ قدير،
وقد تجشَّم متاعبَ عديدة في قضية الملك
الحالية.
سافوك
:
هذا صحيح. وسوف يُكافأ على ذلك
بتعيينه
نورفوك
:
هذا ما سمعتُه.
سافوك
:
بل هو الحق.
(يدخل وولزي وكرومويل.)
ها هو الكاردينال!
نورفوك
:
انظروا، انظروا. إنه حزينٌ مهموم. ٧٥
وولزى
:
الرسائل يا كرومويل، هل سلَّمتَها للملك؟
كرومويل
:
إلى يده شخصيًّا وهو في غرفة نومه.
وولزي
:
وهل اطَّلع على ما جاء في الرسائل؟
كرومويل
:
فضَّها على الفور، وقرأ أوَّل رسالة،
وقد ارتَسمَت على وجه سِمات الجد والاهتمام،
٨٠
ثم أصدر الأمر إليكَ بالمثول بين يدَيه هذا
الصباح.
وولزي
:
هل استعد للخروج من مخدَعه؟
كرومويل
:
أظنه الآن قد استعد للخروج.
(يخرج كرومويل.)
وولزي
:
اتركني قليلًا الآن.
(جانبًا) لا بد أن يتزوج دوقة ألانسون
٨٥
أخت ملك فرنسا، لا بد أن يتزوجها!
آن بولين؟ لا لا! أنا لا أُحبِّذ زواجه من
أمثالها!
الزواج يقتضي ما هو أكثر من الحسن والجمال!
بولين؟
لا لا، لن نصاهر آل بولين، أتوقع أن تصلني
رسالة
على وجه السرعة من روما. مركيزة بمبروك؟
معقول؟ ٩٠
نورفوك
:
إنه مستاءٌ ساخط.
سافوك
:
ربما سمع أن الملك يشحذ سكين غضبه عليه!
سَرِي
:
أسأل الله أن يزيد من حدة سنِّها
القاطع،
إحقاقًا للحق والإنصاف.
وولزي
(جانبًا)
:
إحدى وصيفات الملكة السابقة؟
هل تصبح بنتُ أحد الفرسان سيدةً
لسيدتها؟
ملكةً على ملكتها؟ إن هذه الشمعة لا تبعث
ضوءًا وهَّاجًا ٩٥
لا بد أن أُنظِّفها من السناج وبعدها ستنطفئ!
٨
ماذا يهمُّ لو علمتُ أنها فاضلة كريمة
الخصال؟!
فالواقع الذي نعلمه أيضًا هو أنها لوثرية
حقودٌ،
وليس من صالح قضيتنا أن تحتل مكانها
في قلب ملكنا وهو صعب المراس، ١٠٠
وإلى جانب ذلك يبرُز لي مارقٌ بل مارقٌ
أكبر
هو كرانمر! لقد تسلَّل حتى فاز بالحظوة لدى
الملك وأصبح موضع ثقته العمياء!
نورفوك
:
إن شيئًا ما يقلقه قلقًا شديدًا!
(يدخل الملك وهو يقرأ في قائمة بصحبة
لافل.)
سَرِي
:
أرجو أن يكون أمرًا يقرض ويقطع نياط قلبه!
١٠٥
سافوك
:
الملك! الملك!
الملك
:
ما هذه الأكوام من الثروة التي جمعها
لنفسه؟!
وما هذه المبالغ الباهظة التي ينفقها كل
ساعة؟!
كيف استطاع، مهما يكن دخله، أن يجمع هذه
الأموال؟
أيها اللوردات، ألم تشاهدوا الكاردينال؟
١١٠
نورفوك
:
مولاي، كنا واقفين هنا فلاحظنا أن
ذهنه
يموج بقلق واضطرابٍ غريب! كان يعَض
شفتَه
وكان ينتفض ويسير ثم يقف بغتة،
ويحملق في الأرض، ثم يضع أصبعه على
فَوْدِه
ثم ينطلق بخطواتٍ سريعة، ويقف من
جديد،
ثم يضرب صدره بشدة، ويُصوِّب بصره إلى
القمر!
لقد شاهدناه في أوضاعٍ بالغة
الغرابة!
الملك
:
محتمل، بل متوقع! فإن في عقله ثورة!
١٢٠
فقد أرسل هذا الصباح إليَّ بعض أوراق الدولة
لأطلع عليها
بناءً على طلبي، فهل تعرفون ما
وجدتُ؟
لقد وضع بينها سهوًا ولا شك قائمةً
بممتلكاته!
آنية فضية، وأموالًا طائلة، ومتاعًا باهظ
الثمن، ١٢٥
ورياشًا منزليًّا غاليًا، تفوق قيمته ما
يجوز أن يتوافر
لأحدٍ من رعيتي!
نورفوك
:
إنها إرادة الله! إن ملاكًا وضع تلك
القائمة
بين الرسائل حتى تُمتِّع عينك
بمرآها!
الملك
:
لو كنا نظن أن تأمُّلاته تتجاوز حُطام
الدنيا الزائلة، ١٣٠
وتتركَّز في الأمور الروحانية، لتركناه
غارقًا في تأمُّلاته!
ولكن أفكاره للأسف تنحصر في كل ما ينتمي
للأرض،
وما هو غير جدير بأي تأمُّلاتٍ جادة!
(يأخذ الملك مكانه ويتهامس مع لافل
الذي يذهب إلى الكاردينال.)
وولزي
:
فلتغفر السماء لي، وليبارك الله مولاي إلى الأبد!
١٣٥
الملك
:
يا سيدي الكريم، لقد حظيتَ بالكثير من نعم
السماء،
وذهنك حافل بقائمةٍ طويلة من الشمائل
الكريمة،
ولا شك أنكَ كنتَ تتأملها الآن وتُمعن الفكر
فيها!
ولا تكاد تتوافر لك لحظةٌ قصيرة تختلسها من
وقت العبادة، ١٤٠
كيما تقضيها في مراجعة حساباتك
الأرضية!
ولا شك أنك إذن مهملٌ في شئون
الاقتصاد،
ويسعدني أنكَ تشاركني هذه الصفة.
وولزي
:
سيدي، إني أُخصِّص للواجبات الدينية ما
يلزمها من الوقت، ١٤٥
وأخصص جانبًا آخر من وقتي للمهام التي
كُلفْت بها في الدولة،
كما تقتضي الطبيعة مني وقتًا أقضي به حق
البدن،
ولما كنتُ ابنا واهنًا للطبيعة، أنتمي
لإخوتي الفانين،
فلا مناص لي من تخصيص وقتٍ لذلك!
الملك
:
أحسنتَ القول!
وولزي
:
وأتمنى أن يربط مولاي أقوالي الحسنة
١٥٠
بأفعالي الحسنة، على نحو ما سأُثبت
له!
الملك
:
أحسنت القول ثانيًا!
والقول الحسن لون من الفعل الحسن
ولو أن الأقوال ليست أفعالًا!
كان والدي يحبك، وكان يقول إنه يحبك،
١٥٥
وأثبت صدق أقواله بأفعاله!
وكنتُ منذ جلوسي على العرش
أُنزلكَ منزلة الحب في قلبي،
ولم أكتفِ بتوليتك منصبًا تجني منه الأرباح
الطائلة،
بل كنتُ أقتطع من ممتلكاتي لإسباغ النعم
عليك!
وولزي
(جانبًا)
:
تُرى ماذا يعني ذلك؟ ١٦٠
سَرِي
(جانبًا)
:
أَلهِب يا رب هذه القضية!
الملك
:
ألم أجعلكَ الرجل الأول في المملكة؟
وأرجو أن تقول لي إذا كنتُ صادقًا فيما
أقول،
فإذا اعترفتَ بصدقي فقل لي إذا ما كنتَ
مدينًا لي
أم لا؟ ماذا تقول؟ ١٦٥
وولزي
:
إني أعترف يا مليكي أن نِعمَك وأفضالك
الملكية،
التي ما فتئتَ تُمطرني بها وتُغدِقها عليَّ
في كل يوم،
كانت أكثر مما يمكن أن أُحقِّقه بجهودي مهما
تكن،
وأكثر مما أستحق! كانت جهودي دائمًا تقصُر
عن تحقيق غاياتي
وإن كنتُ أبذل حقًّا كل ما أستطيع.
١٧٠
وإذا كانت جهودي قد عادت عليَّ ببعض
الخير،
فإن غاياتي كانت دائمًا ترمي إلى ما فيه
الخير لشخصكم المقدَّس
ورفاهية الدولة وثرائها.
وليس في وسعي أن أُقدِّم جزاءً على هذه
النعم العظيمة
التي تُغدِقونها عليَّ، أنا الضعيف الذي لا
أستحقها، ١٧٥
إلا آيات الشكر العامرة بالولاء،
والدعوات التي أرفعها إلى السماء من
أجلكم،
والإخلاص الذي ما برح بنمو، وسيظل
ينمو
حتى يذوي ويموت في برودة شتاء الموت!
الملك
:
إجابة حسنة!
وهي تُصوِّر أحد الرعايا الذين يدينون لنا
١٨٠
بالولاء والطاعة، والذي يجد في شرف ما
يفعل
خير جزاءٍ على فعله، مثلما يجد الوضيع في
سوء سمعته
عقابًا كافيًا على فعله! وأتصوَّر
أنني
إذا كنتُ قد أغدقتُ النعم عليك بهذه اليد
المعطاءة،
وأسبغ قلبي الحب عليك، وأَمطَرتْ سلطتي عليك
مراتب السمو
والشرف، أكثر مما أنعمتُ به على غيرك،
١٨٦
فكان ينبغي ليدك وقلبك وعقلك،
وكل طاقةٍ لديك، أن تناصرني وتقف إلى
جواري،
هذا ما يقضي به الواجب أولًا ويمليه الحب
ثانيًا!
وولزي
:
أعترف أنني كنتُ دائمًا أسعى لخير جلالتكم
١٩٠
أكثر من السعي لخدمة نفسي. كان هذا شأني
وسيظل كذلك
وحتى لو أهمل العالم كله واجبه
نحوكم،
وطرحها وراءه ظهريًّا، وحتى لو تكاثَرتِ
الأخطار
ففاقت كل ما يتصوره العقل ويرسمه الفكر
١٩٥
من صورٍ بشعة فزعة منكرة،
فإن واجبي سوف يظل ثابتًا كالصخرة
الصامدة
يلاطم الموج الثائر! وإذا ثار البحر
وفار
ظل واجبه لكم سدًّا منيعًا لا
يتزعزع!
الملك
:
ما أنبل أقوالك! لاحظوا أيها اللوردات
٢٠٠
أن له صدرًا يعمره الإخلاص؛ فقد
شاهدتموه
وهو يُفضي بمكنون هذا الصدر لكم!
اقرأ إذن هذه الورقة، فإذا لم تتأثر
شهيتك
بعد قراءتها، فتفضَّل وتناول إفطارك!
(يعطي الملك ورقة للكاردينال ثم يعبَس
في وجهه، ثم يخرج، بينما يتجمع النبلاء حوله يتهامسون
باسمين.)
وولزي
:
ما معنى ذلك؟ ما هذا الغضب المفاجئ؟
ماذا فعلتُ حتى أستحق ذلك؟ لقد تركني
٢٠٥
والعبوسُ في وجهه كأن الهلاك يتواثب من
عينَيه!
هكذا ينظُر الأسد الغاضب إلى الصيادِ
الجسورِ،
الذي أصابه بجرح قبل أن يفترسه
ويمحقَه!
لا بد أن أقرأ هذه الورقة،
أخشى أنها ستحكي قصة غضبه!
هذا صحيح! لقد أهلكَتْني هذه الورقة!
٢١٠
إنها قائمةٌ بحساب الثروة الطائلة التي
جمعتُها
تحقيقًا لأغراضي الخاصة، ومنها الوصول إلى
كرسي البابوية،
ورشوة أصدقائي في روما! يا لَلإهمالِ
الشديد!
إنه لا يتأتَّى إلا من أحمقَ مأفون!
أي شيطانٍ رجيم جعلَني أضع هذه الورقة
٢١٥
التي تحمل سِرِّي الأكبر في رزمة الأوراق
التي أرسلتُها للملك؟
ألا تُوجد وسيلةٌ لعلاج الأمر؟
ألا تُوجد حيلةٌ جديدة أستبعد بها هذا
الموضوع من ذهنه؟
أعرف أنها سوف تُثير ثائرته، ولكنَّ أمامي
سبيلًا
إذا ولجتُه وأحكمتُ السير فيه، رغم تجهُّم
القدَر،
فقد يعيدني إلى سابق منزلتي! ولكن ما هذا؟
٢٢٠
رسالة إلى البابا؟ إنه الخطاب — قسمًا
بحياتي —
الذي يتضمَّن كل ما كتبتُه إلى
قداسته!
الآن ضاع الأمل، وداعًا أيها المجد.
لقد وصلتُ إلى أعلى ذروة من ذُرا
العظمة
وطرتُ حتى بلغتُ سمتَ سماء المجد،
وها أنا ذا أهوي من حالقٍ إلى أفق الأفول
والغروب! ٢٢٥
إنني سأهوي مثل النجم الثاقب حين يهوي في
المساء،
ثم لن تبصرني عين إنسان!
(يدخل دوق نورفوك، وسافوك، وسَرِي
وكبير الأمناء.)
نورفوك
:
اسمع أيها الكاردينال ما أمر به
الملك!
إنه يأمرك بتسليم خاتم الدولة إلينا على
الفور،
وبتحديد إقامتك في «أشر هاوس»،
٩ ٢٣٠
وهو منزل لورد ونشستر، حتى يبعث إليك
بأوامرَ جديدة!
وولزي
:
مهلًا مهلًا! أين نص الأمر الملكي الذي
تحملونه؟
ليس للكلمات من سلطةٍ في مسألةٍ بهذه
الخطورة!
سافوك
:
من ذا الذي يجرؤ على مخالفتها
وهي التي تُعبِّر عن إرادةٍ ملكية نطق بها
صراحة؟ ٢٣٥
وولزي
:
بل أجرؤ على مخالفتها، بل وإنكار
صحتها،
حتى أجد في يدي ما هو أصدق من
الإرادة،
أو الكلمات التي تعبر عما هو أكثر، وأعني به
الحقد.
أيها اللوردات الذين يتدخَّلون فيما لا
يعنيهم!
أرى الآن بوضوح من أي معدنٍ غليظ
خُلقتم،
من الحسد! إنكم تحرصون على متابعة عيوبي
٢٤٠
كأنها تُشبِع نهمكم! وما أشدَّ ما تفرحون
وتَسعَدون
بكل ما من شأنه القضاء على مكانتي!
سيروا إذن في سُبل الحقد والحسَد يا رجال
الخبث!
وقد وجدتُم في الدين ما يُبرِّر سلوك هذا
المسلك،
ولا شك أنكم سوف تَلقَون الجزاء الوفاق آخر
الأمر! ٢٤٥
إن خاتم الدولة الذي تُلحُّون في
طلبه
كان الملك قد سلَّمني إياه بيدَيه، وهو سيدي
وسيدكم،
وأمرني أن أتمتَّع بما يُخوِّله لي من
المكانة والشرف
طول حياتي، وأكَّد هذا الأمر الكريم
بمراسيمَ رسمية،
فمن ذا الذي يستطيع انتزاعه مني؟ ٢٥٠
سَرِي
:
الملك الذي أعطاك إياه!
وولزي
:
يجب أن يأخذه بنفسه إذن!
سري
:
إنكَ خائنٌ متكبر أيها القَس!
وولزي
:
بل أنت كاذب أيها اللورد المتكبر!
منذ أربعين ساعة لا أكثر
لم يكن سَرِي يجرؤ على التفوُّه
بهذا،
ولو أُحرِق لسانه!
سَرِي
:
إن طمعكَ يا كتلة من الخطيئة القرمزية
١٠ ٢٥٥
قد حرم هذه البلد المنكوبة من دوق بكنجهام
الشريف
وهو صهري العظيم! ولم تكن رءوس إخوانك
الكرادلة،
حتى إذا أُضيفَت إلى رأسك وخيرِ ما
فيك،
تساوي شعرةً واحدة من شعر رأسه!
لعن الله سياستكَ! لقد أرسلتني نائبًا للملك
في أيرلنده
١١
فأبعَدتَني حتى لا أتمكَّن من
إنقاذه،
أبعَدتَني عن الملك، وعن كل من كان
بيده
أن يرحمه وينفي التهمة التي وجَّهتَها
إليه!
أما الخير العظيم في فؤادك فقد تجلى في
شفقةٍ ربانية؛
إذ محوتم خطيئته بسيف الجلَّاد!
وولزي
:
هذا محضُ افتراءٍ وكذبٍ صريح! هذه هي إجابتي
٢٦٥
على اتهامات ذلك اللورد الثرثار
لشرفي!
لقد نال الدوق ما يستحقه بحكم
القانون،
أما براءتي من الحقد عليه والتسبُّب في
موته
فيشهد عليها المحلَّفون الأشراف،
وتشهد عليها جريمته الشنعاء!
أيها اللورد، لو كنتُ ممن يُثرثِرون مثلكَ
٢٧٠
لقلتُ لك إن افتقارَكَ إلى الصدقِ
لا يعدلُه إلا افتقارُكَ إلى الشرف!
وإنني على استعدادٍ لإثبات إخلاصي وولائي
للملك،
وهو سيدي العظيم، في مواجهةٍ مع شخص أعقل
وأحكم من سَرِي
وكل من يُحبُّون حماقاته!
سَرِي
:
قسمًا بروحي إن ثوبك الطويل أيها القَس
٢٧٥
هو الذي يحميك مني! وإلا لشَعرتَ بسيفي
البتار
يُريق دم حياتك. أيها اللوردات،
هل تقدرون على احتمال هذه الغطرسة؟
ومن فم هذا الشخص؟ إننا لو التزمنا
الوداعة
وتحمَّلنا إهانةَ هذه الكتلة القرمزية،
٢٨٠
نكون قد ودَّعنا كرم المَحتِد إلى
الأبَد!
هيا! أَبهِرنا بقبَّعتك القرمزية وأوقع بنا
في الفخ
مثلما نفعل عند اصطياد القُبَّرة!
١٢
وولزي
:
إن أحشاءك لا تقبل الخير كأنه سمٌّ زعاف!
سَرِي
:
تقصد الخير الذي يتجلَّى في ابتزاز أموال
الأرض كلها،
وجمعها في قبضة رجلٍ واحد هي قبضتكَ أيها
الكاردينال؟
تقصد الخير الذي يتجلى في الرسائل التي
اطَّلع عليها الملك قبل
إرسالها إلى البابا، والمناهِضة لصاحب
الجلالة؟
إنني سأُعلن على الملأ خبر هذا الخير، ما
دُمتَ تَستفزُّني!
اسمع يا لورد نورفوك!
١٣ بحق شرف مَحتِدك
واحترامِك للصالح العام، وما أصاب الأشراف
من إهانة، ٢٩٠
وبحقِّ إعزازنا لأولادنا الذين لن يُصبِحوا
من السادة أبدًا،
إذا استمر هذا الرجل في قيد الحياة.
حلَّفتُكَ بحق ذاك كله
أن تقوم بإعداد قائمةٍ شاملة
بخطاياه،
وما ارتكَبه من آثام في حياته!
(إلى وولزي) لسوف أُفزعُكَ فزعًا يزيد عن
رهبة
ناقوس القُدَّاس، عندما أُذيعُ على الملأ ما
فعلتَ، ٢٩٥
عندما كانت الغادة السمراء في
أحضانك،
تلثمُكَ وتلثمُها أيها الكاردينال!
وولزي
:
ما أشدَّ ما يدفعني إلى كراهية هذا
الرجل!
ولكن التزامي بحب الخير يحول بيني
وبينه.
نورفوك
:
إن قائمة الخطايا يا سيدي اللورد قد وقعَت
في يد الملك،
ولكنني أقولُ وحسب إنها جرائمُ شنيعة!
٣٠٠
وولزي
:
ستظهر براءتي ناصعةً لا تشوبها شائبةٌ عندما يدرك
الملك صدقي.
سَرِي
:
لن يُنجيكَ ذلك، وأنا أحمد الله على ذاكرتي
القوية؛
إذ ما أزال أذكُر بعضها، وسوف أُذيعه على
الملأ!
فإذا علَت حمرة الخجلِ وجهكَ أيها
الكاردينال،
واعترفتَ بأنك مذنب،
كنتَ تتمتَّع حقًّا ببعض الصدق مع النفس!
٣٠٥
وولزي
:
قل ما تشاء سيدي؛ فأنا قادر على دحض أبشعِ
اتهاماتك!
أما إذا علَت حمرة الخجل وجهي، فذاك لأنني
أرى نبيلًا
يفتقر إلى آداب السلوك.
سَرِي
:
أن أفتقر إلى آداب السلوك أفضل عندي
من الافتقار إلى الرشد! وهاكَ ما
فعلتَه!
إنك أولًا سعيت دون موافقة الملك ودون علمه
١٤ ٣١٠
إلى أن تكون نائبًا للبابا، وبالسلطة التي
اكتسبتَها بفضل ذلك المنصب
قطعتَ أطراف السلطة القضائية المُخوَّلة
للأساقفة جميعًا!
نورفوك
:
ثم إنكَ كنتَ تُوقِّع دائمًا رسائلك إلى
روما وإلى
الأمراء الأجانب بإمضاءٍ مهين للملك هو:
«أنا والملك»
وهو ما يُوحي بأن الملك خادم لك! ٣١٥
سافوك
:
ثم إنكَ عند نهوضك بمهمة السفير إلى
الإمبراطور،
تجاسرتَ وحملتَ معك، دون علم الملك أو
المجلس،
خاتمَ الدولة إلى منطقة فلاندرز!
سَرِي
:
كما أرسلتَ وفدًا كبيرًا إلى جريجوري دي
كاسادو ٣٢٠
ليُبرِم معاهدة بين جلالته وبين
فيرارا،
دون أن يُعرِب الملك عن رغبته في
ذلك،
ودون أن يأذن لك المجلس بها!
سافوك
:
وكذلك دفعك الطموح إلى أن تأمر بطبع صورة قُبَّعتك
الكهنوتية على نقود الملك! ٣٢٥
سَرِي
:
ثم إنكَ أرسلتَ إلى روما أموالًا لا
تُحصى،
أترك لضميرك تأويل مصادرها،
حتى تمهد سُبل الحصول على ألقاب المجد
والمراتب الرفيعة
مما جر الخراب على المملكة جمعاء.
وتُوجد في القائمة جرائمُ أخرى كثيرة،
٣٣٠
ولكن ما دمتَ أنتَ الذي ارتكبتَها،
وما دامت بهذه الفظاعة والبشاعة،
فلن أُدنِّس فمي بذكرها!
كبير الأمناء
:
أرجو يا سيدي اللورد أن ترحم رجلًا
يهوي من قمة مجده؛ فالرحمة فضيلةٌ
مؤكدة.
ولقد أُحيلَت جرائمه الآن إلى ساحة
العدالة،
فدع القانون يتولى إصلاحه بدلًا منك.
إن قلبي يبكي عندما أنظر إليه وقد تضاءل
وانكمش ٣٣٥
بعد أن كان عملاقًا شامخًا!
سَرِي
:
إنني أعفو عنه.
سافوك
:
سيدي الكاردينال، اسمع أيضًا ما قضى به
الملك:
لما كانت كل أفعالك في الفترة الأخيرة داخل
هذه المملكة
تستند إلى سلطتك باعتبارك نائبًا للبابا،
٣٤٠
فهي تدخل إذن في نطاق التسلُّح بسلطة
البابا،
والتعدي على سلطة الملك؛ ومِن ثَمَّ فقد
تقرَّر تطبيق القانون
في هذه الحالة، وهو يقضي بمصادرة جميع
منقولاتك
وأراضيك وقصورك ورياشك، وكل ما
تمتلكه،
وحرمانك من حماية الملك. وقد عَهِد الملك
إليَّ بتنفيذ ذلك.
نورفوك
:
وهكذا نتركُك لتأمُّل حالك، ٣٤٥
وتنظر كيف تعيش حياةً أفضل!
أما عن العناد الذي أظهرتَه عندما رفضتَ
إعادة
خاتم الدولة إلينا، فسوف يعرف به
الملك
وسوف يكون بلا شك شاكرًا لك!
وهكذا وداعًا لك يا كاردينال يا قليل
الخير!
(يخرج الجميع ما عدا وولزي.)
وولزي
:
وكذا وداعًا للخير القليل الذي تُكنُّونه
لي! ٣٥٠
وداع؟ بل وداعٌ طويل لجميع أطراف
العظمة!
هذا هو حال الإنسان! ينشر في يومه أوراق
الأمل الغضَّة
على أغصان حياته، ويَشهَد في غده البراعم
وهي تتفتَّح،
وزهرات المجد وهي تزهو بألوان المجد الكثيفة
من حوله،
ولكن الصقيع القاتل ينقَضُّ عليها في اليوم
الثالث! ٣٥٥
وعندما يقول واثقًا، وهو يتقلَّب في أعطاف
النعيم،
إن ثمار عظمته أوشكَت على النضج،
يرى الصقيع وقد نخر جذورها،
والشجرة تهوي ساقطةً مثلما أسقط
الآن!
لقد نزلتُ البحر سابحًا مثل الصبية
اللاهين،
بعواماتٍ من القِرَب المنفوخة،
وظللتُ في بحر المجد صيفًا من بعد صيف،
٣٦٠
حتى ابتعدتُ عن شاطئ الأمان ووصلتُ لمنطقةٍ
أعمقَ من طاقتي!
وهنا انفجَرتْ عوَّامة كبريائي المنتفخة،
وتركَتْني خائر القوى،
مُنهَكًا من طول الخدمة، وتحت رحمة بحرٍ
هائج متلاطم،
لا بد أن يبتلِعَني آخر الأمر إلى
الأبد.
أيتها الأُبَّهة الزائفة! يا مجد الدنيا
الخاوي! ٣٦٥
لكم أُبغِضكَ الآن! أشعر أن قلبي يتفتَّح
الآن من جديد!
ما أتعسَ حياةَ الإنسان المسكين الذي يعتمد
على حظوة الأمراء!
وفيما بين الابتسامة التي نُحاول أن
نحظى
بها من الأمير ومخايل الرضا على
محياه،
وبين إسقاطنا وإهلاكنا، ألوان من الألم
والفزع،
لا تعرفها الحروب ولا النساء! وعندما يهوي
الواحد منا ٣٧٠
فإنه يسقط سقوط إبليس؛ إذ يفقد الأمل إلى
الأبد!
(يدخل كرومويل ويقف مشدوهًا.)
ماذا بك يا كرومويل؟
كرومويل
:
لا أستطيع الكلام سيدي.
وولزي
:
هل أدهشَتكَ مصائبي؟ هل تَعجَب روحُكَ من
سقوط
رجلٍ عظيم؟ ما دمت تبكي فقد سقَطتُ حقًّا
وصدقًا!
كرومويل
:
كيف حال غبطتكم؟
وولزي
:
لا بأس يا كرومويل!
بل لم أشعر من قبل بمثل هذه السعادة
الصادقة!
اسمع يا كرومويل الكريم، إنني أعرف ذاتي
الآن،
وأشعر في قرارة نفسي باطمئنان يفوق كل مراتب
الرفعة الأرضية!
وضميري هادئٌ مطمئن!
ولقد أتى علاجي على أيدي الملك؛ ٣٨٠
ولذا أقدِّم شكري بكل تواضعٍ
لجلالته!
لقد أشفق عليَّ فرفع عن هذَين الكاهلَين،
هذَين العمودَين المتهالكَين،
عبئًا لو حملَتْه سفن أسطولٍ كامل
لغرقَت!
إنه عبء الشرف الثقيل! إنه لعبء، يا
كرومويل!
وهو أثقل من أن يحمله إنسانٌ يرجو رحمة السماء!
١٥ ٣٨٥
كرومويل
:
يسُرُّني أنكم قد انتفعتُم بما حل
بكم
على الوجه الأكمل!
وولزي
:
أرجو أن تكون على حق، بل وأظن أنني
الآن
أقدر على تحمُّل المزيد من المصائب،
بما أُحِسُّه في نفسي من طاقة وجلد!
بل على تحمُّل مصائبَ أكبر وأصلب مما يستطيع
أعدائي الجبناء
أن يُهيِّئوه لي! ماذا لديكَ من الأنباء؟
٣٩٠
كرومويل
:
أثقلُها وأسوَءُها هو سخطُ الملك عليك.
وولزي
:
فليباركه الله.
كرومويل
:
وبعدها يأتي خبر تعيين سير توماس مور خلفًا
لك.
وولزي
:
هذا مفاجئ إلى حدٍّ ما، ولكن السير توماس
عالمٌ فاضل
أطال الله حظوته لدى الملك، وجعله من الذين
٣٩٥
يقيمون العدل مراعاةً للحق والضمير.
وأدعو الله أن يواري عظامه عندما يوافيه
الأجل
ويرقد في سلام وبركات، في قَبرٍ سقَتْه دموع
اليتامى.
ألديكَ أنباءٌ أخرى؟
كرومويل
:
نعم! أعاد الملك كرانمر إلى حظوته،
٤٠٠
وعيَّنه رئيسًا لأساقفة كانتربري.
وولزي
:
هذا هو الخبر الغريب حقًّا!
كرومويل
:
وأخيرًا فإن السيدة آن بولين التي كان
الملك
قد تزوجها سرًّا منذ زمنٍ بعيد، شاهدها
الجمهور اليوم
وهي ذاهبة إلى الكنيسة باعتبارها الملكة
الجديدة! ٤٠٥
ولا تتحدث الألسنة اليوم إلا عن موعد
تتويجها!
وولزي
:
هذا هو الثقل الذي لم أستطع حملَه
فوقعتُ!
أوَّاه يا كرومويل! لقد نبذَني
الملك!
ولقد ضاع كل مجدي إلى الأبد بسبب هذه
السيدة!
لن تشرق الشمس من جديد على مظاهر عظمتي،
٤١٠
ولن توشَّى بالذهب الأتباعُ من النبلاء
الذين طالما
تلهَّفوا على ابتسامةٍ من فمي! انصَرفِ الآن
يا كرومويل!
اترك رجلًا مسكينًا سقط من قمة مجده،
فلم أعُد جديرًا الآن بأن أكون مولاك
وسيدك.
عليك بالملك؛ فهو الشمس التي أدعو الله ألا
تغيب أبدا!
لقد أبلغتُه بلون إخلاصك ومدى ولائك،
٤١٥
وسوف يُعلي مرتبتك. لسوف يتذكرني إلى حدٍّ
ما؛
فأنا أعرف نبل طبعه، وسوف تدفعه
الذكرى
إلى عدم إهمال خدماتك وإلى مكافأتك!
اسمع يا كرومويل الكريم، لا تُهمل خدمة
الملك،
واغتنم الفرصة السانحة الآن حتى تضمن
سلامتكَ ٤٢٠
في المستقبل!
كرومويل
:
يا سيدي، ألا بد لي أن أتركك؟
ألا بد أن أترك سيدًا يعمر قلبَه الخيرُ
والنبل والإخلاص؟
فليشهد كل من لديه قلب لم يُقدَّ من
حديد
على عمق الحزن الذي يكابده كرومويل وهو يترك
سيده! ٤٢٥
خدماتي ستكون للملك، ولكن دعواتي ستكون
لك
إلى الأبد، وإلى أبد الآبدين!
وولزي
:
الحق يا كرومويل أنني ما جال بخاطري أن أذرف
دمعةً واحدة
رغم هذه المصائب كلها! لكنكَ أرغمتني بصدقِ
إخلاصكَ
على أن أذرف عَبراتِ المرأة! كفكف دموعك
ودموعي! ٤٣٠
أنصِت إلى ما سوف أقوله يا كرومويل:
غدًا سيطويني النسيان، وأرقد في ضريح من
الرخام البارد الصَّلْد،
ولن يتردد اسمي على لسان أحد، بل ستُمنع
الألسنة من ذكره!
وعندها اذكُر أنني علَّمتُك درسًا مفيدًا!
قل إن وولزي علَّمني!
ذاك الذي وطِئَت أقدامه سبل المجد، وسَبَر
جميع الأغوار، ٤٣٥
ورأى حيتان الشرف سابحةً قبل أن تتحطم
سفينته!
قل إنه رسم لك طريقًا تبلغ به مراتب
العلا
طريقًا مؤكَّدا آمنًا! وإن كان معلمك
نفسه
لم يفلح في انتهاجه! ما عليكَ إلا أن تتأمل
سقوطي
والأسباب التي هوَت بي من حالق!
إني آمرك يا كرومويل أن تطرح الطموح والطمع!
٤٤٠
فهذه هي الخطيئة التي أحالت بعض الملائكة
إلى شياطين!
فكيف يستطيع الإنسان، الذي خُلق في صورة
بارئه،
أن يرجو الفلاح بفضلها؟ ضع حب نفسك
في المرتبة الأخيرة، وأضمِر الإعزاز للقلوب
التي تكرهك!
ولا يفوز الخبيث بأكثر مما يفوز به
الطيب.
واحمل في يدك اليمنى دومًا غصن الزيتون
الرقيق؛
فهو قادر على إخراس ألسنة الحسَّاد.
كن منصفًا ولا تخشَ أحدًا. ولتكن جميع
الغايات التي
ترمي إليها هي صالح بلادك وذكر ربك وإحقاق
الحق.
فإذا هويتَ يا كرومويل هويتَ كما يهوي
الشهداء الأبرار
١٦
أخلص الخدمة للملك، وأرجو أن تصحبني
٤٥٠
إلى حيث أُسلِّمكَ قائمة بجميع ما أملك حتى
آخر بنس؛
فقد أصبحَت من حق الملك. لم يعُد لي غير
ثوبي
وصفاء طويتي لله! هذا كل ما أجرؤ على ادعاء
ملكيَّتي له!
أوَّاه يا كرومويل! يا كرومويل
العزيز!
لو أنني عبدتُ الله الذي خلقَني بنصف
الإخلاص والحماس
الذي خدمتُ به الملك، لما تخلَّى عني في
شيخوختي، ٤٥٦
دون درعٍ يحميني من أعدائي.
كرومويل
:
عليك بالصبر الجميل يا سيدي الكريم.
وولزي
:
أنا صابر يا كرومويل، وداعًا يا آمال القصر
الملكي،
ومَرحَى يا رجاء السمواتِ العُلى!
(يخرجان.)