دشانج الْعَجُوزُ
كَانَ هُنَاكَ فِيمَا مَضَى رَجُلٌ يُدْعَى دشانج الْعَجُوزَ. كَانَ يَعِيشُ فِي بَلْدَةٍ بِالْقُرْبِ مِنْ يانجتشو وَيَعْمَلُ بُسْتَانِيًّا. كَانَ جَارُهُ وَيُدْعَى السَّيِّدَ وي يَشْغَلُ مَنْصِبًا حُكُومِيًّا فِي يانجتشو. قَرَّرَ السَّيِّدُ وي أَنَّهُ قَدْ حَانَ الْوَقْتُ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ ابْنَتُهُ؛ لِذَلِكَ أَرْسَلَ فِي طَلَبِ الْخَاطِبَةِ وَطَلَبَ مِنْهَا إِيجَادَ زَوْجٍ مُنَاسِبٍ. سَمِعَ دشانج الْعَجُوزُ بِالْأَمْرِ وَكَانَ مَسْرُورًا. حَضَّرَ دشانج الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَأَضَافَ الْخَاطِبَةَ وَأَمَرَهَا أَنْ تُرَشِّحَهُ هُوَ زَوْجًا، وَلَكِنَّهَا أَخَذَتْ تُؤَنِّبُهُ.
فِي الْيَوْمِ التَّالِي دَعَاهَا مُجَدَّدًا عَلَى الْعَشَاءِ وَأَعْطَاهَا نُقُودًا، فَقَالَتْ لَهُ الْخَاطِبَةُ الْعَجُوزُ: «أَنْتَ لَا تَعْلَمُ مَا الَّذِي تُرِيدُهُ! لِمَاذَا تُقَلِّلُ ابْنَةُ رَجُلٍ نَبِيلٍ جَمِيلَةٌ مِنْ نَفْسِهَا وَتَتَزَوَّجُ مِنْ بُسْتَانِيٍّ عَجُوزٍ فَقِيرٍ مِثْلِكَ؟! حَتَّى وَإِنْ كَانَ لَدَيْكَ الْكَثِيرُ جِدًّا مِنَ الْمَالِ، فَإِنَّ شَعْرَكَ الْأَبْيَضَ لَنْ يُمَاثِلْ خُصْلَاتِهَا السُّودَ. مِثْلُ هَذَا الزَّوَاجِ مَرْفُوضٌ تَمَامًا!»
وَلَكِنَّ دشانج الْعَجُوزَ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَنِ التَّوَسُّلِ لَهَا: «قُومِي بِمُحَاوَلَةٍ وَاحِدَةٍ، مُحَاوَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ لِذِكْرِ اسْمِي! إِذَا لَمْ يَسْتَمِعُوا لَكِ فَعِنْدَهَا سَأَسْتَسْلِمُ لِقَدَرِي!»
كَانَتِ الْخَاطِبَةُ الْعَجُوزُ قَدْ أَخَذَتْ مَالَهُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تَسْتَطِعِ الرَّفْضَ. وَبِالرَّغْمِ مِنْ خَوْفِهَا مِنَ التَّوْبِيخِ ذَكَرَتِ اسْمَهُ عِنْدَ السَّيِّدِ وي. ثَارَ السَّيِّدُ وي غَضَبًا وَأَرَادَ طَرْدَهَا خَارِجَ الْمَنْزِلِ.
قَالَتْ: «كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَنْ تَشْكُرَنِي، وَلَكِنَّ الرَّجُلَ الْعَجُوزَ أَصَرَّ كَثِيرًا فَلَمْ أَسْتَطِعْ رَفْضَ ذِكْرِ رَغْبَتِهِ.»
«أَخْبِرِي الرَّجُلَ الْعَجُوزَ أَنَّهُ إِذَا أَحْضَرَ لِيَ الْيَوْمَ حَجَرَيْنِ مِنْ حَجَرِ الْيَشْبِ الْأَبْيَضِ وَأَرْبَعَمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنَ الذَّهَبِ الْأَصْفَرِ؛ فَعِنْدَهَا سَأُعْطِيهِ ابْنَتِي لِلزَّوَاجِ.»
كَانَ هَدَفُ الرَّجُلِ هُوَ السُّخْرِيَةَ مِنْ حَمَاقَةِ الرَّجُلِ الْعَجُوزِ؛ حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَخِيرَ لَنْ يَسْتَطِيعَ إِعْطَاءَهُ أَيًّا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. ذَهَبَتِ الْخَاطِبَةُ إِلَى دشانج الْعَجُوزِ وَأَوْصَلَتِ الرِّسَالَةَ. وَلَمْ يُبْدِ دشانج أَيَّ اعْتِرَاضٍ، بَلْ إِنَّهُ أَحْضَرَ فَوْرًا كَمِّيَّةَ الذَّهَبِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ الْمَطْلُوبَةَ إِلَى مَنْزِلِ السَّيِّدِ وي. كَانَ الْأَخِيرُ مَذْعُورًا، وَعِنْدَمَا سَمِعَتْ زَوْجَتُهُ بِالْأَمْرِ أَخَذَتْ تَنْتَحِبُ وَتَبْكِي بِصَوْتٍ عَالٍ، وَلَكِنَّ الْفَتَاةَ وَاسَتْ أُمَّهَا وَقَالَتْ: «لَقَدْ أَعْطَى أَبِي كَلِمَتَهُ وَلَنْ يَسْتَطِيعَ سَحْبَهَا الْآنَ. سَأَعْرِفُ كَيْفَ أَتَحَمَّلُ قَدَرِي.»
وَهَكَذَا أَصْبَحَتِ ابْنَةُ السَّيِّدِ وي مُتَزَوِّجَةً مِنْ دشانج الْعَجُوزِ. وَلَكِنْ حَتَّى بَعْدَ الزِّفَافِ لَمْ يَتَخَلَّ الْأَخِيرُ عَنْ عَمَلِهِ كَبُسْتَانِيٍّ؛ فَكَانَ يَعْزِقُ أَرْضَهُ وَيَبِيعُ الْخَضْرَاوَاتِ كَعَادَتِهِ. وَكَانَ عَلَى زَوْجَتِهِ إِحْضَارُ الْمِيَاهِ وَإِشْعَالُ نَارِ الْمَطْبَخِ بِنَفْسِهَا. وَقَامَتْ بِكُلِّ أَعْمَالِهَا بِدُونِ أَيِّ خَجَلٍ. وَبِالرَّغْمِ مِنْ لَوْمِ أَقَارِبِهَا وَعِتَابِهِمُ اسْتَمَرَّتْ فِي الْقِيَامِ بِهَا.
فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، زَارَ السَّيِّدَ وي قَرِيبٌ أَرِسْتُقْرَاطِيٌّ وَقَالَ: «إِذَا كُنْتَ فَقِيرًا حَقًّا، أَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِجَالٌ نُبَلَاءُ شَبَابٌ فِي الْحَيِّ يُنَاسِبُونَ ابْنَتَكَ؟ لِمَاذَا كَانَ عَلَيْكَ تَزْوِيجُهَا مِنْ هَذَا الْبُسْتَانِيِّ الْعَجُوزِ؟ وَالْآنَ بَعْدَ أَنْ تَخَلَّيْتَ عَنْهَا، إِذَا جَازَ التَّعْبِيرُ، سَيَكُونُ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ يَتْرُكُوا هَذَا الْجُزْءَ مِنَ الْمَدِينَةِ.»
حَضَّرَ السَّيِّدُ وي وَلِيمَةً وَدَعَا إِلَيْهَا ابْنَتَهُ ودشانج الْعَجُوزَ. وَعِنْدَمَا أَكَلَا مَا يَكْفِي مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَمَّحَ لَهُمَا بِمَا كَانَ يَدُورُ فِي خَاطِرِهِ.
قَالَ دشانج الْعَجُوزُ: «لَقَدْ بَقِيتُ هُنَا فَقَطْ لِأَنِّي اعْتَقَدَتُ أَنَّكُمْ سَتَشْتَاقُونَ لِابْنَتِكُمْ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّكُمْ قَدْ سَئِمْتُمْ مِنَّا، فَسَأَكُونُ مَسْرُورًا بِالرَّحِيلِ. لَدَيَّ بَيْتٌ رِيفِيٌّ صَغِيرٌ فِي التِّلَالِ وَسَنَرْحَلُ إِلَيْهِ غَدًا فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ.»
فِي الصَّبَاحِ التَّالِي عِنْدَ بُزُوغِ الْفَجْرِ، حَضَرَ دشانج الْعَجُوزُ مَعَ زَوْجَتِهِ لِوَدَاعِهِمْ. قَالَ السَّيِّدُ وي: «إِذَا افْتَقَدْنَاكُمْ وَأَرَدْنَا رُؤْيَتَكُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، فَسَيَسْأَلُ ابْنِي عَنْ مَكَانِكُمَا.» أَرْكَبَ دشانج الْعَجُوزُ زَوْجَتَهُ عَلَى حِمَارٍ وَأَعْطَاهَا قُبَّعَةً مِنَ الْقَشِّ لِتَرْتَدِيَهَا. أَمَّا هُوَ فَقَدْ حَمَلَ عَصَاهُ وَسَارَ خَلْفَهَا.
مَضَتْ عِدَّةُ سَنَوَاتٍ بِدُونِ أَيِّ أَخْبَارٍ مِنْ جَانِبِ أَيٍّ مِنْهُمَا، ثُمَّ شَعَرَ السَّيِّدُ وي وَزَوْجَتُهُ بِالشَّوْقِ لِرُؤْيَةِ ابْنَتِهِمَا، وَأَرْسَلَا ابْنَهُمَا لِيَسْأَلَ عَنْ مَكَانِهَا. عِنْدَمَا ذَهَبَ الْأَخِيرُ إِلَى التِّلَالِ قَابَلَ فَتًى حَرَّاثًا كَانَ يَحْرُثُ بِدَفَّتَيْنِ وَسَأَلَهُ: «أَيْنَ يَقَعُ بَيْتُ دشانج الْعَجُوزِ؟» تَرَكَ الْفَتَى الْمِحْرَاثَ بِسُرْعَةٍ وَانْحَنَى وَأَجَابَ: «أَنْتَ قَادِمٌ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ يَا سَيِّدِي! الْقَرْيَةُ لَيْسَتْ بَعِيدَةً عَنْ هُنَا. سَأَدُلُّكَ عَلَى الطَّرِيقِ.»
عَبَرَا تَلَّةً، وَكَانَ عِنْدَ أَسْفَلِ التَّلَّةِ يَتَدَفَّقُ جَدْوَلٌ، وَعِنْدَمَا عَبَرَا هَذَا الْجَدْوَلَ كَانَ عَلَيْهِمْ تَسَلُّقُ تَلَّةٍ أُخْرَى. وَبِالتَّدْرِيجِ بَدَأَ الْمَنْظَرُ يَتَغَيَّرُ. مِنْ أَعْلَى التَّلَّةِ كَانَ يُمْكِنُ رُؤْيَةُ وَادٍ مُسْتَوٍ فِي مُنْتَصَفِهِ، وَمُحَاطٍ بِجُرُوفٍ شَدِيدَةِ الِانْحِدَارِ، وَمُظَلَّلٍ بِأَشْجَارٍ خَضْرَاءَ، وَفِي وَسَطِ ذَلِكَ بَرَزَتِ الْمَنَازِلُ وَالْأَبْرَاجُ. كَانَ هَذَا هُوَ مَنْزِلَ دشانج الْعَجُوزِ الرِّيفِيَّ. قَبْلَ الْقَرْيَةِ كَانَ يَتَدَفَّقُ جَدْوَلٌ عَمِيقٌ مِنَ الْمِيَاهِ الزَّرْقَاءِ النَّقِيَّةِ. عَبَرَ الِاثْنَانِ جِسْرًا مِنَ الْحِجَارَةِ وَوَصَلَا إِلَى الْبَوَّابَةِ. هُنَا كَانَتِ الْأَزْهَارُ وَالْأَشْجَارُ تَنْمُو فِي تَنَاغُمٍ غَنِيٍّ، وَطُيُورُ الطَّاوُوسِ وَالْغُرْنُوقِ تَطِيرُ حَوْلَهَا. مِنْ بَعِيدٍ كَانَ يُمْكِنُ سَمَاعُ أَصْوَاتِ النَّايَاتِ وَالْآلَاتِ الْوَتَرِيَّةِ. كَانَتِ النَّغَمَاتُ الْوَاضِحَةُ تَعْلُو إِلَى السَّحَابِ. اسْتَقْبَلَ الضَّيْفَ عِنْدَ الْبَوَّابَةِ سَاعٍ يَرْتَدِي عَبَاءَةً أُرْجُوَانِيَّةً وَقَادَهَ إِلَى قَاعَةٍ فَخَامَتُهَا لَا مَثِيلَ لَهَا. كَانَتْ رَوَائِحُ غَرِيبَةٌ تَمْلَأُ الْهَوَاءَ، وَكَانَ هُنَاكَ رَنِينُ أَجْرَاسٍ صَغِيرَةٍ مِنَ اللُّؤْلُؤِ. جَاءَتْ خَادِمَتَانِ لِتَحِيَّتِهِ وَتَبِعَهُمَا صَفَّانِ مِنَ الْفَتَيَاتِ الْجَمِيلَاتِ فِي مَوْكِبٍ طَوِيلٍ. بَعْدَهُمَا جَاءَ رَجُلٌ يَرْتَدِي عِمَامَةً وَمُتَّشِحٌ بِالْحَرِيرِ الْأَحْمَرِ مَعَ خُفَّيْنِ مِنَ اللَّوْنِ نَفْسِهِ. حَيَّاهُ الضَّيْفُ. كَانَ جَادًّا وَمُحْتَرَمًا وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ بَدَا شَابًّا. فِي الْبِدَايَةِ لَمْ يَتَعَرَّفِ ابْنُ وي عَلَيْهِ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا دَقَّقَ النَّظَرَ فُوجِئَ أَنَّهُ دشانج الْعَجُوزُ! قَالَ الْأَخِيرُ مُبْتَسِمًا: «أَنَا سَعِيدٌ أَنَّ بُعْدَ الْمَسَافَةِ لَمْ يَمْنَعْ زِيَارَتَكَ. أُخْتُكَ تُمَشِّطُ شَعْرَهَا وَسَتَسْتَقْبِلُكَ فَوْرًا!» وَدَعَاهُ لِلْجُلُوسِ وَشُرْبِ الشَّايِ.
بَعْدَ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ جَاءَتْ خَادِمَةٌ وَقَادَتْهُ إِلَى الْغُرَفِ الدَّاخِلِيَّةِ عِنْدَ أُخْتِهِ. كَانَتْ أَلْوَاحُ غُرْفَتِهَا مِنْ خَشَبِ الصَّنْدَلِ، وَالْأَبْوَابُ مِنْ صَدَفِ السَّلَاحِفِ، وَالنَّوَافِذُ مُطَعَّمَةً بِأَحْجَارِ الْيَشْبِ؛ وَكَانَتْ سَتَائِرُهَا عِبَارَةً عَنْ خُيُوطٍ مِنَ اللَّآلِئِ، وَالدَّرَجُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْغُرْفَةِ كَانَ مِنْ حَجَرِ النِّفْرِيتِ الْأَخْضَرِ. كَانَتْ أُخْتُهُ تَرْتَدِي ثَوْبًا رَائِعًا، وَكَانَتْ أَجْمَلَ مِمَّا مَضَى بِكَثِيرٍ. سَأَلَتْهُ بِغَيْرِ اهْتِمَامٍ عَنْ أَحْوَالِهِ وَعَمَّا يَفْعَلُهُ وَالِدَاهَا، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَدُودَةً. وَبَعْدَ تَنَاوُلِ وَجْبَةٍ شَهِيَّةٍ أَمَرَتْ بِتَجْهِيزِ جَنَاحٍ لَهُ.
قَالَ لَهُ دشانج الْعَجُوزُ: «تَرْغَبُ أُخْتِي فِي الْقِيَامِ بِرِحْلَةٍ قَصِيرَةٍ إِلَى جَبَلِ الْجِنِّيَّاتِ. سَنَعُودُ بِحُلُولِ الْغُرُوبِ، وَيُمْكِنُكَ الرَّاحَةُ حَتَّى نَعُودَ.»
ارْتَفَعَتْ عِدَّةُ سُحُبٍ مُلَوَّنَةٍ فِي السَّاحَةِ وَانْطَلَقَتْ مُوسِيقَى عَذْبَةٌ فِي الْهَوَاءِ. امْتَطَى دشانج الْعَجُوزُ تِنِّينًا، بَيْنَمَا رَكِبَتْ زَوْجَتُهُ وَأُخْتُهُ طَائِرَيْ عَنْقَاءَ، وَكَانَ الْخَدَمُ عَلَى طُيُورِ الْغُرْنُوقِ. ارْتَفَعُوا فِي الْهَوَاءِ وَاخْتَفَوْا مُتَّجِهِينَ إِلَى الشَّرْقِ. لَمْ يَعُودُوا إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ.
عِنْدَمَا عَادُوا قَالَ دشانج الْعَجُوزُ وَزَوْجَتُهُ: «هَذَا مَسْكَنُ الْمُبَارَكِينَ. لَا يُمْكِنُكَ الْبَقَاءُ هُنَا لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ. غَدًا نَصْطَحِبُكَ لِلْعَوْدَةِ.»
فِي الْيَوْمِ التَّالِي عِنْدَ وَقْتِ الرَّحِيلِ، أَعْطَاهُ دشانج ثَمَانِينَ أُوقِيَّةً مِنَ الذَّهَبِ وَقُبَّعَةً قَدِيمَةً مِنَ الْقَشِّ وَقَالَ: «إِذَا احْتَجْتَ أَيَّ مَالٍ، يُمْكِنُكَ الذَّهَابُ إِلَى يانجتشو وَالسُّؤَالُ فِي الضَّوَاحِي الشَّمَالِيَّةِ عَنْ مَتْجَر وانج الْعَجُوزِ لِلْأَدْوِيَةِ. هُنَاكَ يُمْكِنُكَ تَحْصِيلُ عَشَرَةِ مَلَايِينِ قِطْعَةٍ مِنَ النُّحَاسِ. هَذِهِ الْقُبَّعَةُ تُمَثِّلُ الْأَمْرَ لِطَلَبِهَا.» ثُمَّ أَمَرَ الْفَتَى الْحَرَّاثَ أَنْ يَصْطَحِبَهُ إِلَى الْمَنْزِلِ مُجَدَّدًا.
بَعْضٌ مِنَ النَّاسِ فِي مَوْطِنِهِ، الَّذِينَ قَصَّ عَلَيْهِمْ مُغَامَرَتَهُ، ظَنُّوا أَنَّ دشانج الْعَجُوزَ رَجُلٌ مُقَدَّسٌ، بَيْنَمَا اعْتَبَرَ آخَرُونَ الْأَمْرَ كُلَّهُ خُدْعَةً سِحْرِيَّةً.
بَعْدَ خَمْسِ أَوْ سِتِّ سَنَوَاتٍ نَفِدَتْ أَمْوَالُ السَّيِّدِ وي، وَهَكَذَا أَخَذَ ابْنُهُ قُبَّعَةَ الْقَشِّ إِلَى يانجتشو، وَهُنَاكَ سَأَلَ عَنْ وانج الْعَجُوزِ. صَادَفَ أَنَّ الْأَخِيرَ كَانَ يَقِفُ فِي مَحَلِّهِ يَمْزُجُ الْأَعْشَابَ. عِنْدَمَا شَرَحَ لَهُ الِابْنُ الْأَمْرَ قَالَ: «الْمَالُ جَاهِزٌ، وَلَكِنْ هَلْ قُبَّعَتُكَ أَصْلِيَّةٌ؟» وَأَخَذَ الْقُبَّعَةَ وَتَفَحَّصَهَا. جَاءَتْ فَتَاةٌ مِنَ الْغُرْفَةِ الدَّاخِلِيَّةِ وَقَالَتْ: «لَقَدْ صَنَعْتُ هَذِهِ الْقُبَّعَةَ مِنْ أَجْلِ دشانج الْعَجُوزِ بِنَفْسِي. لَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ بِهَا خَيْطٌ أَحْمَرُ.» وَبِالْفِعْلِ كَانَ هُنَاكَ خَيْطٌ أَحْمَرُ بِهَا. أَعْطَى وانج الْعَجُوزُ الِابْنَ عَشَرَةَ مَلَايِينَ مِنْ قِطَعِ النُّحَاسِ. وَقَدْ آمَنَ الْأَخِيرُ أَنَّ دشانج الْعَجُوزَ وَلِيٌّ بِحَقٍّ، وَذَهَبَ مُجَدَّدًا إِلَى التِّلَالِ لِيَبْحَثَ عَنْهُ. سَأَلَ حُرَّاسَ الْغَابَاتِ، وَلَكِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا. وَلِلْأَسَفِ عَادَ خَائِبًا وَقَرَّرَ سُؤَالَ وانج الْعَجُوزِ، وَلَكِنَّهُ قَدِ اخْتَفَى أَيْضًا.
بَعْدَ مُرُورِ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ، جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى يانجتشو وَكَانَ يَسِيرُ فِي الْمُرُوجِ الَّتِي تَقَعُ قِبَلَ بَوَّابَةِ الْمَدِينَةِ. هُنَاكَ قَابَلَ الْفَتَى الْحَرَّاثَ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ عِنْدَ دشانج الْعَجُوزِ. صَاحَ الْأَخِيرُ: «كَيْفَ حَالُكَ؟ كَيْفَ حَالُكَ؟» وَأَخْرَجَ عَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ مِنَ الذَّهَبِ وَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا قَائِلًا: «لَقَدْ أَمَرَتْنِي سَيِّدَتِي بِأَنْ أُعْطِيَكَ هَذِهِ. سَيِّدِي يَشْرَبُ الشَّايَ الْآنَ مَعَ وانج الْعَجُوزِ فِي النُّزُلِ.» تَبِعَ وي الصَّغِيرُ الْفَتَى الْحَرَّاثَ وَهُوَ يَنْوِي تَحِيَّةَ صِهْرِهِ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا وَصَلَ إِلَى النُّزُلِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ، وَعِنْدَمَا الْتَفَتَ كَانَ الْفَتَى الْحَرَّاثُ قَدِ اخْتَفَى أَيْضًا. وَمُنْذُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ شَيْئًا عَنْ دشانج الْعَجُوزِ مُجَدَّدًا.