الْأَمِيرَةُ التِّنِّينُ
فِي بَحْرِ دونجتينج يُوجَدُ تَلٌّ، وَفِي التَّلِّ تُوجَدُ حُفْرَةٌ، وَهَذِهِ الْحُفْرَةُ عَمِيقَةٌ جِدًّا وَلَا قَاعَ لَهَا.
ذَاتَ مَرَّةٍ كَانَ صَيَّادٌ يَمُرُّ مِنْ هُنَاكَ فَانْزَلَقَ وَوَقَعَ فِي الْحُفْرَةِ. فَوَصَلَ إِلَى بَلْدَةٍ مَلِيئَةٍ بِالطُّرُقِ الْمُتَعَرِّجَةِ الَّتِي تَقُودُ إِلَى تَلٍّ وَوَادٍ يَطُولُ لِعِدَّةِ أَمْيَالٍ. وَأَخِيرًا وَصَلَ إِلَى قَلْعَةِ تِنِّينٍ قَائِمَةٍ فِي سَهْلٍ فَسِيحٍ. كَانَ هُنَاكَ وَحْلٌ أَخْضَرُ لَزِجٌ يَصِلُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ. ذَهَبَ إِلَى بَوَّابَةِ الْقَلْعَةِ. كَانَ يَحْرُسُهَا تِنِّينٌ يَنْبَثِقُ مِنْهُ مَاءٌ يَتَحَوَّلُ إِلَى بُخَارٍ خَفِيفٍ. ضِمْنَ حُدُودِ الْبَوَّابَةِ، كَانَ يَسْتَلْقِي تِنِّينٌ صَغِيرٌ بِدُونِ قُرُونٍ، وَالَّذِي رَفَعَ رَأْسَهُ وَأَظْهَرَ حَوَافِرَهُ وَلَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِالدُّخُولِ.
أَمْضَى الصَّيَّادُ عِدَّةَ أَيَّامٍ فِي الْكَهْفِ، يُشْبِعُ جُوعَهُ بِالْوَحْلِ الْأَخْضَرِ الَّذِي اكْتَشَفَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَطَعْمُهُ يُشْبِهُ عَصِيدَةَ الْأُرْزِ. وَأَخِيرًا، وَجَدَ طَرِيقَةً لِلْخُرُوجِ. أَخْبَرَ الْمَسْئُولَ عَنِ الْمُقَاطَعَةِ مَا حَدَثَ لَهُ، وَقَدْ رَفَعَ الْأَخِيرُ الْأَمْرَ إِلَى الْإِمْبِرَاطُورِ. أَرْسَلَ الْإِمْبِرَاطُورُ فِي طَلَبِ رَجُلٍ حَكِيمٍ وَسَأَلَهُ عَنِ الْأَمْرِ.
قَالَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «هُنَاكَ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ بِدَاخِلِ هَذَا الْكَهْفِ: يَقُودُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ إِلَى الشَّاطِئِ الْجَنُوبِيِّ الْغَرْبِيِّ لِبَحْرِ دونجتينج، وَيَقُودُ الطَّرِيقُ الثَّانِي إِلَى وَادٍ فِي أَرْضِ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَنْتَهِي الطَّرِيقُ الثَّالِثُ فِي كَهْفٍ عَلَى جَبَلِ لو-فو. أَمَّا الطَّرِيقُ الرَّابِعُ فَيَنْتَهِي فِي جَزِيرَةٍ عِنْدَ الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ. فِي هَذَا الْكَهْفِ، تَعِيشُ الِابْنَةُ السَّابِعَةُ لِلْمَلِكِ التِّنِّينِ، مَلِكِ الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ، وَالَّتِي تَحْمِي اللَّآلِئَ وَالْكُنُوزَ. حَدَثَ فِي الْمَاضِي الْبَعِيدِ، أَنَّ فَتًى صَيَّادًا قَدْ غَاصَ فِي الْمِيَاهِ وَجَلَبَ لُؤْلُؤَةً مِنْ تَحْتِ ذَقْنِ التِّنِّينِ الْأَسْوَدِ. كَانَ التِّنِّينُ نَائِمًا، وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ سَبَبَ عَوْدَةِ الْفَتَى بِاللُّؤْلُؤَةِ بِدُونِ أَذًى. الْكَنْزُ الْمَسْئُولَةُ عَنْ حِمَايَتِهِ ابْنَةُ الْمَلِكِ التِّنِّينِ يَتَكَوَّنُ مِنَ الْآلَافِ وَالْمَلَايِينِ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْجَوْهَرَةِ. عِدَّةُ آلَافٍ مِنَ التَّنَانِينِ يَحْرُسُونَهَا تَحْتَ خِدْمَتِهَا. كَانَتْ فِي التَّنَانِينِ صِفَةٌ غَرِيبَةٌ؛ فَهِيَ تَنْفِرُ مِنَ الشَّمْعِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ مُغْرَمَةً بِأَحْجَارِ الْيَشْمِ الْجَمِيلَةِ، وَالْمَوَادِّ الطِّبِّيَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَالْأَخْشَابِ النَّادِرَةِ، وَتُحِبُّ أَكْلَ طُيُورِ السُّنُونُو. إِذَا بَعَثَ الْمَرْءُ مَبْعُوثًا بِرِسَالَةٍ، فَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى بَعْضِ اللَّآلِئِ الثَّمِينَةِ.»
كَانَ الْإِمْبِرَاطُورُ مَسْرُورًا بِشِدَّةٍ، وَقَدْ أَعْلَنَ عَنْ مُكَافَأَةٍ كَبِيرَةٍ لِلرَّجُلِ ذِي الْكَفَاءَةِ الَّذِي سَيَذْهَبُ إِلَى قَلْعَةِ التِّنِّينِ كَسَاعٍ.
كَانَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي تَقَدَّمَ يُدْعَى سو بي-لو، وَلَكِنَّ الرَّجُلَ الْحَكِيمَ قَالَ: «لَقَدْ قَامَ أَحَدُ جُدُودِكَ بِقَتْلِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ تِنِّينٍ مِنَ الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ، وَقَدْ قَتَلَتْهُ التَّنَانِينُ فِي النِّهَايَةِ. التَّنَانِينُ أَعْدَاءُ عَائِلَتِكَ وَلَا يُمْكِنُكَ الذَّهَابُ.»
ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ كانتون؛ لو-دسي-تشان، مَعَ أَخَوَيْهِ وَقَالَ إِنَّ أَسْلَافَهُ كَانُوا أَقْرِبَاءَ الْمَلِكِ التِّنِّينِ؛ وَلِذَلِكَ فَهُمْ مَحْبُوبُونَ مِنْ جَمِيعِ التَّنَانِينِ وَمَعْرُوفُونَ لَدَيْهِمْ. وَقَدْ تَوَسَّلُوا مِنْ أَجْلِ السَّمَاحِ لَهُمْ بِالْقِيَامِ بِالْمَهَمَّةِ.
سَأَلَهُمُ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «وَهَلْ مَا زِلْتُمْ تَمْلِكُونَ الْحَجَرَ الَّذِي يُخْضِعُ التَّنَانِينَ تَحْتَ إِرَادَتِكُمْ؟»
قَالُوا: «أَجَلْ، وَقَدْ جَلَبْنَاهُ مَعَنَا.»
طَلَبَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ أَنْ يَعْرِضُوا عَلَيْهِ الْحَجَرَ، ثُمَّ تَحَدَّثَ قَائِلًا: «هَذَا الْحَجَرُ يُخْضِعُ التَّنَانِينَ الَّتِي تَصْنَعُ السَّحَابَ وَتُسْقِطُ الْأَمْطَارَ فَقَطْ؛ فَلَنْ يُجْدِيَ أَمَامَ التَّنَانِينِ الَّتِي تَحْرُسُ لَآلِئَ مَلِكِ الْبِحَارِ.» ثُمَّ سَأَلَهُمْ: «هَلْ تَمْلِكُونَ بُخَارَ مُخِّ التَّنَانِينِ؟»
عِنْدَمَا اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ قَالَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «كَيْفَ سَتَجْعَلُونَ التَّنَانِينَ تَخْضَعُ وَتُسَلِّمُكُمُ الْكُنُوزَ إِذَنْ؟»
وَهُنَا سَأَلَ الْإِمْبِرَاطُورُ: «مَاذَا سَنَفْعَلُ؟»
أَجَابَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «فِي الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ، يُبْحِرُ تُجَّارٌ يَبِيعُونَ بُخَارَ مُخِّ التَّنَانِينِ. يَجِبُ أَنْ يَذْهَبَ شَخْصٌ إِلَيْهِمْ وَيَحْصُلَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ. أَعْرِفُ أَيْضًا رَجُلًا مُتَدَيِّنًا مَاهِرًا فِي تَرْوِيضِ التَّنَانِينِ، وَقَدْ حَضَّرَ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ حِجَارَةِ التِّنِّينِ. يَجِبُ أَنْ يَذْهَبَ أَحَدُهُمْ وَيُحْضِرَ هَذَا أَيْضًا.»
أَرْسَلَ الْإِمْبِرَاطُورُ مَبْعُوثِيهِ. قَابَلُوا أَحَدَ تَلَامِيذِ الرَّجُلِ الْمُتَدَيِّنِ وَحَصَلُوا عَلَى حَجَرَيْنِ مِنْ حِجَارَةِ التِّنِّينِ مِنْهُ.
قَالَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «هَذَا مَا نُرِيدُهُ!»
مَرَّتْ عِدَّةُ أَشْهُرٍ، وَأَخِيرًا حَصَلُوا عَلَى النَّزْرِ الْيَسِيرِ مِنْ بُخَارِ مُخِّ التِّنِّينِ. شَعَرَ الْإِمْبِرَاطُورُ بِبَالِغِ الرِّضَى وَأَمَرَ الصَّائِغِينَ بِنَحْتِ صُنْدُوقَيْنِ مِنْ أَفْخَرِ أَحْجَارِ الْيَشْمِ — وَتَمَّ صَقْلُهُمَا بِرَمَادِ شَجَرَةِ الْوَاتُونْجِ — كَمَا أَمَرَ بِصُنْعِ مُسْتَخْلَصٍ نَقِيٍّ مِنْ أَفْخَرِ أَنْوَاعِ الْخَشَبِ النَّادِرِ الْمَكْسُوِّ بِالْكِلْسِ وَالْمُقَوَّى بِالنَّارِ. وَمِنْ هَذِهِ الْخَامَاتِ تَمَّ صُنْعُ مِزْهَرِيَّتَيْنِ، ثُمَّ تَمَّ فَرْكُ أَجْسَادِ وَمَلَابِسِ الْمَبْعُوثِينَ بِشَمْعِ الْأَشْجَارِ، ثُمَّ تَمَّ إِعْطَاؤُهُمْ خَمْسَمِائَةِ طَائِرِ سُنُونُو مَشْوِيٍّ كَيْ يَأْخُذُوهَا مَعَهُمْ.
دَخَلَ الْمَبْعُوثُونَ إِلَى الْكَهْفِ، وَعِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَى قَلْعَةِ التِّنِّينِ، اشْتَمَّ التِّنِّينُ الصَّغِيرُ الَّذِي كَانَ يَحْرُسُ الْبَوَّابَةَ رَائِحَةَ شَمْعِ الْأَشْجَارِ؛ وَلِذَلِكَ انْحَنَى لِأَسْفَلَ وَلَمْ يُؤْذِهِمْ. قَامُوا بِإِعْطَائِهِ مِائَةَ طَائِرِ سُنُونُو كَرِشْوَةٍ لِكَيْ يُعْلِنَ عَنْ وُصُولِهِمْ أَمَامَ ابْنَةِ الْمَلِكِ التِّنِّينِ. تَمَّ السَّمَاحُ لَهُمْ بِالدُّخُولِ عِنْدَهَا، وَقَدَّمُوا لَهَا الصُّنْدُوقَيْنِ الْمَصْنُوعَيْنِ مِنَ الْيَشْمِ، وَالْمِزْهَرِيَّتَيْنِ، وَالْأَرْبَعَمِائَةِ الطَّائِرِ السُّنُونُو كَهَدِيَّةٍ. اسْتَقْبَلَتْهُمُ ابْنَةُ الْمَلِكِ بِتَرْحَابٍ، وَقَامُوا بِفَتْحِ خِطَابِ الْإِمْبِرَاطُورِ.
كَانَ فِي دَاخِلِ الْقَلْعَةِ تِنِّينٌ يَتَجَاوَزُ عُمُرُهُ الْأَلْفَ عَامٍ. كَانَ يُمْكِنُهُ تَحْوِيلُ نَفْسِهِ إِلَى هَيْئَةِ الْبَشَرِ وَيَفْهَمُ لُغَتَهُمْ. وَمِنْ خِلَالِهِ عَرَفَتِ ابْنَةُ الْمَلِكِ أَنَّ الْإِمْبِرَاطُورَ يَبْعَثُ لَهَا بِالْهَدَايَا؛ وَلِذَلِكَ قَامَتْ بِإِرْسَالِ هَدِيَّةٍ تَتَكَوَّنُ مِنْ ثَلَاثٍ مِنَ اللَّآلِئِ الْكَبِيرَةِ الْحَجْمِ، وَسَبْعَةٍ مِنَ اللَّآلِئِ الْأَصْغَرِ حَجْمًا، وَعَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ اللَّآلِئِ الْعَادِيَّةِ. أَخَذَهَا الْمَبْعُوثُونَ وَرَحَلُوا عَلَى ظَهْرِ أَحَدِ التَّنَانِينِ، وَفِي لَحْظَةٍ وَصَلُوا إِلَى ضِفَافِ نَهْرِ يانجتسي-كيانج. شَقُّوا طَرِيقَهُمْ إِلَى نانكينج، عَاصِمَةِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ، وَهُنَاكَ سَلَّمُوا كَنْزَ الْجَوَاهِرِ.
كَانَ الْإِمْبِرَاطُورُ مَسْرُورًا جِدًّا وَعَرَضَ الْجَوَاهِرَ عَلَى الرَّجُلِ الْحَكِيمِ. قَالَ: «مِنْ بَيْنِ إِحْدَى اللَّآلِئِ الْكُبْرَى الثَّلَاثِ لُؤْلُؤَةُ التَّمَنِّي الْمُقَدَّسَةُ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ، وَالْأُخْرَيَانِ مِنْ لَآلِئِ التِّنِّينِ السَّوْدَاءِ مُتَوَسِّطَةِ الْجَوْدَةِ. مِنَ السَّبْعِ الْلَآلِئِ الْأَصْغَرِ اثْنَتَانِ مِنَ لَآلِئِ الْأَفَاعِي، وَالْخَمْسُ الْمُتَبَقِّيَةُ مِنْ لَآلِئِ الْمَحَارِ. وَاللَّآلِئُ الْبَاقِيَةُ يَتَكَوَّنُ بَعْضُهَا مِنْ لَآلِئِ الْغُرْنُوقِ، وَبَعْضُهَا الْآخَرُ مِنْ لَآلِئِ الْحَلَزُونِ وَالْمَحَارِ. هِيَ لَا تُضَاهِي اللَّآلِئَ الْكَبِيرَةَ فِي الْقِيمَةِ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ مِثْلُهَا عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلٌ جِدًّا.»
عَرَضَهَا الْإِمْبِرَاطُورُ عَلَى خَدَمِهِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ كَلَامَ الرَّجُلِ الْحَكِيمِ كُلَّهُ هُرَاءٌ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ.
ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «وَهَجُ لَآلِئِ التَّمَنِّي مِنَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ عَلَى بُعْدِ أَرْبَعِينَ مِيلًا، وَمِنَ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى بُعْدِ عِشْرِينَ مِيلًا، وَمِنَ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى بُعْدِ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ. لَا يُمْكِنُ لِلرِّيَاحِ أَوِ الْأَمْطَارِ، وَلَا الرَّعْدِ أَوِ الْبَرْقِ، وَلَا الْمِيَاهِ أَوِ النَّارِ، وَلَا حَتَّى الْأَسْلِحَةِ — الْوُصُولُ لِنَفْسِ الْمَسَافَةِ. أَمَّا لَآلِئُ التِّنِّينِ الْأَسْوَدِ فَلَهَا تِسْعَةُ أَلْوَانٍ، وَتُضِيءُ فِي اللَّيْلِ، وَيَكُونُ سُمُّ الْأَفَاعِي وَالدِّيدَانِ غَيْرَ فَعَّالٍ فِي مُحِيطِ نُورِهَا. لَآلِئُ الْأَفَاعِي لَهَا سَبْعَةُ أَلْوَانٍ. أَمَّا لَآلِئُ الْمَحَارِ فَلَهَا خَمْسَةُ أَلْوَانٍ. وَكِلْتَاهُمَا تُضِيئَانِ فِي اللَّيْلِ، وَالَّتِي يَخْلُو أَغْلَبُهَا مِنَ الْبُقَعِ هِيَ أَفْضَلُهَا. وَتَنْمُو هَذِهِ اللَّآلِئُ فِي الْمَحَارِ وَتَتَفَاوَتُ أَحْجَامُهَا حَسْبَ سُطُوعِ الْقَمَرِ.»
سَأَلَ أَحَدُهُمْ كَيْفَ يُمْكِنُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ لَآلِئِ الْأَفَاعِي وَلَآلِئِ طُيُورِ الْغُرْنُوقِ، فَأَجَابَ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ: «الْحَيَوَانَاتُ نَفْسُهَا تَتَعَرَّفُ عَلَيْهَا.»
قَامَ الْإِمْبِرَاطُورُ بِاخْتِيَارِ لُؤْلُؤَةِ أَفْعًى وَلُؤْلُؤَةِ غُرْنُوقٍ وَوَضَعَهُمَا مَعًا مَعَ مَجْمُوعَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ اللَّآلِئِ الْعَادِيَّةِ، وَقَامَ بِإِلْقَائِهَا فِي الْبَاحَةِ، ثُمَّ تَمَّ إِحْضَارُ أَفْعًى صَفْرَاءَ كَبِيرَةٍ وَطَائِرِ غُرْنُوقٍ أَسْوَدَ، وَتَمَّ وَضْعُهُمَا بَيْنَ اللَّآلِئِ. وَفِي الْحَالِ، قَامَ الْغُرْنُوقُ بِأَخْذِ لُؤْلُؤَةِ الْغُرْنُوقِ بِمِنْقَارِهِ وَبَدَأَ يَرْقُصُ وَيُغَنِّي وَيُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ، وَقَامَتِ الْأَفْعَى بِأَخْذِ لُؤْلُؤَةِ الْأَفْعَى وَالْتَفَّتْ حَوْلَ نَفْسِهَا. وَعِنْدَمَا شَاهَدَ النَّاسُ هَذَا اعْتَرَفُوا بِصِدْقِ كَلَامِ الرَّجُلِ الْحَكِيمِ.
فِي قَلْعَةِ التِّنِّينِ، تَمَتَّعَ الْمَبْعُوثُونَ بِطَعَامٍ لَذِيذٍ، مَذَاقُهُ كَالزُّهُورِ وَالْأَعْشَابِ وَالدُّهْنِ وَالسُّكَّرِ. وَقَدْ جَلَبُوا بَقَايَا مِنْهُ مَعَهُمْ إِلَى الْعَاصِمَةِ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا تَعَرَّضَتِ الْبَقَايَا لِلْهَوَاءِ تَحَوَّلَتْ إِلَى حَجَرٍ. أَمَرَ الْإِمْبِرَاطُورُ بِأَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الْبَقَايَا فِي خَزِينَةِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ مَنَحَ الْإِخْوَةَ الثَّلَاثَةَ مَكَانَةً وَأَلْقَابًا رَفِيعَةً، وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفَ لِفَافَةٍ مِنَ الْحَرِيرِ الْفَاخِرِ، كَمَا اسْتَقْصَى سَبَبَ تَرْكِ التَّنَانِينِ لِلصَّيَّادِ بِدُونِ أَذًى عِنْدَمَا وَقَعَ فِي الْكَهْفِ. وَظَهَرَ أَنَّ مَلَابِسَ الصَّيْدِ كَانَتْ مُشَبَّعَةً بِالزَّيْتِ وَشَمْعِ الْأَشْجَارِ، وَقَدْ نَفَرَتِ التَّنَانِينُ مِنَ الرَّائِحَةِ.