لِمَاذَا الْكَلْبُ وَالْقِطُّ أَعْدَاءٌ؟
كَانَ فِيمَا مَضَى رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ، وَكَانَ لَدَيْهِمَا خَاتَمٌ مِنَ الذَّهَبِ. كَانَ هَذَا خَاتَمَ حَظٍّ، وَكُلُّ مَنْ يَمْتَلِكْهُ يُصْبِحْ لَدَيْهِ مَا يَكْفِي لِيَعِيشَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ وَقَامُوا بِبَيْعِ الْخَاتَمِ بِثَمَنٍ زَهِيدٍ. وَبِمُجَرَّدِ ذَهَابِ الْخَاتَمِ أَخَذَ فَقْرُهُمْ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَفِي النِّهَايَةِ أَصْبَحُوا لَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ سَيَحْصُلُونَ عَلَى وَجْبَتِهِمُ الْقَادِمَةِ. كَانَ لَدَيْهِمْ كَلْبٌ وَقِطَّةٌ، وَكَانَ الِاثْنَانِ يَشْعُرَانِ بِالْجُوعِ أَيْضًا. قَامَ الْحَيَوَانَانِ بِالتَّشَاوُرِ مَعًا حَوْلَ كَيْفِيَّةِ إِعَادَةِ الْحَظِّ لِمَالِكَيْهِمَا. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ وَرَدَتْ لِلْكَلْبِ فِكْرَةٌ.
قَالَ الْكَلْبُ لِلْقِطَّةِ: «يَجِبُ أَنْ يَسْتَعِيدَا الْخَاتَمَ مُجَدَّدًا.»
أَجَابَتِ الْقِطَّةُ: «لَقَدْ تَمَّ إِيدَاعُ الْخَاتَمِ بِحِرْصٍ فِي صُنْدُوقٍ حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ الْحُصُولَ عَلَيْهِ.»
قَالَ الْكَلْبُ: «يَجِبُ أَنْ تَصْطَادِي فَأْرًا، وَعَلَى الْفَأْرِ نَخْرُ ثُقْبٍ فِي الصُّنْدُوقِ وَإِخْرَاجُ الْخَاتَمِ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ فِعْلَ ذَلِكَ، فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ سَتَعَضِّينَهُ حَتَّى الْمَوْتِ، وَسَتَرَيْنَ أَنَّهُ سَيَقُومُ بِالْأَمْرِ.»
أَعْجَبَتْ هَذِهِ الْخُطَّةُ الْقِطَّةَ وَقَامَتْ بِاصْطِيَادِ فَأْرٍ، ثُمَّ ذَهَبَتْ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يُوجَدُ الصُّنْدُوقُ وَتَبِعَهَا الْكَلْبُ. وَصَلَ الثَّلَاثَةُ إِلَى نَهْرٍ عَرِيضٍ، وَحَيْثُ إِنَّ الْقِطَّةَ لَا تَسْتَطِيعُ السِّبَاحَةَ، أَخَذَهَا الْكَلْبُ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَبَحَ عَبْرَ النَّهْرِ، ثُمَّ حَمَلَتِ الْقِطَّةُ الْفَأْرَ إِلَى الْمَنْزِلِ حَيْثُ يُوجَدُ الصُّنْدُوقُ. قَامَ الْفَأْرُ بِنَخْرِ ثُقْبٍ فِي الصُّنْدُوقِ وَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ. وَضَعَتِ الْقِطَّةُ الْخَاتَمَ فِي فَمِهَا وَعَادَتْ إِلَى النَّهْرِ حَيْثُ كَانَ الْكَلْبُ يَنْتَظِرُهَا وَسَبَحَ مَعَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَ الِاثْنَانِ نَحْوَ الْمَنْزِلِ مِنْ أَجْلِ إِيصَالِ الْخَاتَمِ إِلَى سَيِّدِهِمَا وَسَيِّدَتِهِمَا. وَلَكِنَّ الْكَلْبَ كَانَ يَسْتَطِيعُ الرَّكْضَ عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ، وَعِنْدَمَا كَانَ يُوجَدُ بَيْتٌ فِي طَرِيقِهِ كَانَ يَدُورُ حَوْلَهُ. أَمَّا الْقِطَّةُ فَقَدْ تَسَلَّقَتْ أَسْطُحَ الْمَنَازِلِ بِسُرْعَةٍ، وَهَكَذَا وَصَلَتْ إِلَى الْمَنْزِلِ قَبْلَ الْكَلْبِ وَجَلَبَتِ الْخَاتَمَ إِلَى سَيِّدِهَا.
قَالَ السَّيِّدُ لِزَوْجَتِهِ: «كَمْ هِيَ مَخْلُوقٌ جَيِّدٌ هَذِهِ الْقِطَّةُ! سَنُعْطِيهَا دَائِمًا مَا يَكْفِي مِنَ الطَّعَامِ، وَسَنَعْتَنِي بِهَا كَمَا لَوْ أَنَّهَا طِفْلَتُنَا!»
وَلَكِنْ عِنْدَمَا وَصَلَ الْكَلْبُ إِلَى الْمَنْزِلِ قَامَا بِضَرْبِهِ وَتَعْنِيفِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاعِدْ فِي اسْتِعَادَةِ الْخَاتَمِ مُجَدَّدًا، وَجَلَسَتِ الْقِطَّةُ بِجَانِبِ الْمِدْفَأَةِ وَخَرْخَرَتْ وَلَمْ تَنْطِقْ بِكَلِمَةٍ؛ فَأَصْبَحَ الْكَلْبُ غَاضِبًا مِنَ الْقِطَّةِ لِأَنَّهَا سَرَقَتْ مُكَافَأَتَهُ، وَعِنْدَمَا رَآهَا طَارَدَهَا وَحَاوَلَ الْإِمْسَاكَ بِهَا.
وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَصْبَحَتِ الْقِطَّةُ وَالْكَلْبُ أَعْدَاءً.