علم الاجتماع وما يتعلق به
علم الاجتماع واسع وله فروع كثيرة، ونريد به هنا ما يتعلق بنظام الهيئة الاجتماعية من الأبحاث الأدبية والإدارية ونحوها، ولا تزال المنقولات في هذا الفن إلى العربية قليلة، أهمها: كتاب روح الاجتماع، وكتاب تطور الأمم لغستاف لابون، وسر تقدم الإنكليز لدمولان، نقلها فتحي باشا زغلول، وكتاب نشوء الاجتماع لبنيامين كد، نقله محمد زكي صالح، طُبِع سنة ١٩١٣، وكتاب الواجب نقله الدكتور طه حسين، ومحمد رمضان.
- (١) جمال الدين الأفغاني توفي سنة ١٨٩٧: هو إمام هذه الحركة الاجتماعية في الشرق، بدأ عمله في أفغانستان وبلاد فارس، ثم نزل وادي النيل في زمن إسماعيل، فالتف حوله الأدباء والكتَّاب يأخذون عنه ويقتدون به؛ فذاعت شهرته، ونبغ من تلاميذه طبقة من الأحرار أهل الجرأة في السياسة والأدب والإصلاح، فثارت الأفكار، وكان ذلك مما ساعد على إضرام الثورة العرابية، فأُبْعِد إلى كلكتة، وبقي فيها حتى انقضت الثورة، فأُطلِق سراحه، فسافر إلى أوربا، ونزل باريس وأنشأ فيها «العروة الوثقى» يحررها مع صديقه الشيخ محمد عبده — لم يطل ظهورها — وتقلبت عليه أحوال شتى انتهى أخيرًا إلى الأستانة بجوار عبد الحميد، وكان يجله ويهابه، وبقي فيها حتى مات سنة ١٨٩٧.لم يخلف كتبًا تستحق الذكر، لكنه خلف روحًا جديدة في نفوس الشرقيين، وكان غرضه السياسي توحيد كلمة المسلمين، وجمع شتاتهم في حوزة دولة واحدة، فلم يُوفَّق إلى ذلك، لكنه وُفِّق إلى تحريك الهمم واستحثاث الخواطر إلى السعي في هذا السبيل.١ وخلف كتاب تاريخ الأفغان، وكتاب انتقاد الفلاسفة الطبيعيين، طُبِعَا بمصر غير مرة.
- (٢) عبد الرحمن الكواكبي الحلبي توفي سنة ١٩٠٢ / ١٣٢٠ﻫ: آل الكواكبي أسرة قديمة في حلب، ولهم آثار مشهورة، نشأ عبد الرحمن على حبه العلم، وفيه ميل إلى السياسة، فحرَّر مدة في جريدة الفرات الرسمية، وأنشأ جريدة سمَّاها الشهباء، وتقلَّب في مناصب الحكومة، فرأى ما فيها من الاعوجاج، فانتقدها فاضطهدته، ففر إلى مصر وساح في زنجبار والحبشة، وفي أواسط جزيرة العرب، فالهند وغيرها، ثم عاد إلى مصر واستقر فيها، وأخذ في نشر مؤلفاته، وكلها ترمي إلى الإصلاح الاجتماعي السياسي، ظهر منها:
- (أ)
كتاب طبائع الاستبداد: وهو فريد في بابه، طُبِع بمصر.
- (ب) كتاب أم القرى: بسط فيه رأيه في إصلاح الإسلام، وجمع كلمة المسلمين، طُبِع بمصر.٢
- (أ)
- (٣) خليل غانم البيروتي توفي سنة ١٩٠٣ / ١٣٢١ﻫ: هو من الأدباء، وقد تمكَّن على الخصوص من اللغة الفرنساوية، وكان يكتب أو ينظم كأنه من أبنائها، وكان حر الشيم جريئًا، وفيه ميل إلى السياسة، فتقلَّب في مناصب السياسة في بيروت والأستانة، ولما أعلن عبد الحميد الدستور سنة ١٨٧٧ انتُخِب خليل غانم من نوَّاب سوريا في مجلس «المبعوثان»، ولم يطل عمر هذا المجلس، فغضب خليل من أحوال الدولة، فسافر إلى باريس وطفق يكتب في طلب الإصلاح السياسي، وثبت في خطته وهو يكتب ويخطب في طلب الدستور، فمات قبل إعلانه، وقد تقدَّم أنه أول من ألَّف في الاقتصاد السياسي.٣
- (٤) محمد عبده توفي سنة ١٩٠٥ / ١٣٢٣ﻫ: هو صاحب طريقة في الإصلاح الديني تُعرَف به وتُنسَب إليه، وله أتباع ومريدون من خيرة الأدباء المفكرين، وُلِد سنة ١٢٥٨ﻫ في قرية بمصر، وتعلَّم بمدارس القرى، ثم انتقل إلى الأزهر وتفقه بعلومه، وكان من فطرته ميَّالًا إلى التفكير وإعمال الفكرة، فلما جاء جمال الدين الأفغاني إلى مصر لازمه، وأخذ عنه الفلسفة والمنطق، فتنبهت فيه حرية الفكر والقول، وكان في جملة الناهضين في الحركة الوطنية على عهد عرابي، ولما انفَضَّتِ الحركة واحتل الإنكليز مصر، حُكِم عليه بالنفي، فأقام في سوريا مدة، ثم سافر إلى باريس حيث التقى بالأفغاني، وعاد أخيرًا إلى مصر بعد صدور العفو عنه، ورجع إلى المناصب فتولى الإفتاء، وما زال فيه حتى مات.وله خطة في الإصلاح دينية اجتماعية مشهورة ليس هنا محل الإفاضة فيها، وإنما يقال على الإجمال إنه كان غرضه التوفيق بين الإسلام والعلوم الحديثة في التفسير والفتاوى وغيرها.٤ وقد لاقى عذابًا في نشر أفكاره، لكنه خلف طائفة من المريدين أخذوا بأقواله، وعملوا على إشاعتها في مصر والشام وسائر العالم الإسلامي.
- (٥) قاسم أمين توفي سنة ١٩٠٨ / ١٣٢٦ﻫ: هو زعيم القائلين بإصلاح المرأة المسلمة، وإن لم يكن أول من قال ذلك، كان أبوه كرديًّا نزل مصر على عهد إسماعيل، وانتظم في الجيش المصري، وارتقى إلى رتبة ميرالاي، وُلِد له قاسم بمصر، وتفقَّه في مدارسها كجاري العادة، وتعلَّم الحقوق، وتولى من مناصب القضاء إلى استشارة الاستئناف، وكان كثير التفكير في أمر المرأة المسلمة وإصلاحها، ورأى حوله كثيرين يقولون قوله، لكنهم لا يجرءون على مصادرة الرأي العام، فتقدَّم هو ونشر كتابًا سمَّاه «تحرير المرأة»، كان لظهوره تأثير شديد، وانقسمت الأمة قسمين معه وعليه، وأفاضت الصحافة في ذلك مدة، ثم أصدر كتابًا آخر في الدفاع عن رأيه اسمه «المرأة الجديدة»، وإذا تحررت المرأة المسلمة فلقاسم أمين الفضل الأكبر في ذلك.
- (٦) مصطفى كامل المصري توفي سنة ١٩٠٨: هو من رجال الإصلاح الاجتماعي من الوجهة السياسية، ومن أكثر المصريين عملًا في إحياء الروح الوطنية المصرية، وكانت هذه الروح شائعة قبله، لكنه أيَّدها بإنشاء حزب رسمي يتكاتف ويتعاضد في مصلحة مصر، وقلَّده القوم فأنشئوا أحزابًا سياسية أخرى، وكان أعلى الوطنيين صوتًا في طلب الجلاء عن مصر، وقد أشرنا إلى ذلك في كلامنا عن تاريخ الصحافة في عهد الاحتلال.وُلِد بمصر سنة ١٨٧٤، وتفقَّه مثل سائر الشبان المصريين، لكنه جاهد جهادًا شديدًا أنهك قواه حتى توفي سنة ١٩٠٨ وهو في مقتبل العمر.٥ وخلف من المؤلفات مقالاته في اللواء وغيره، جُمِع أهمها في كتاب اسمه تاريخ مصطفى كامل، وله كتاب المسألة الشرقية، وكتاب الشمس المشرقة عن اليابان وأحوالهم.
•••
ومن الكتب الاجتماعية ونحوها مما ألَّفه أو عرَّبه المعاصرون:-
كتاب الأمير لمكيفالي: تعريب محمد لطفي جمعة.
-
الأخلاق لسميلز: تعريب محمد الصادق حسين.
-
حاضر المصريين أو سر تأخرهم، لمحمد عمر.
-
سر النجاح: تعريب الدكتور صروف.
-