فيه قولان!
ألح بعض الأدعياء على أبيه أن يدعي العلم! وزوده بهذه النصيحة، إذا سُئلت عن شيء لم تعرف وجه القول فيه فليكن جوابك: «فيه قولان»، فسمع الوالد نصيحة ولده البار، وكان الناس قديمًا قلما يعنون بغير المسائل الفقهية والنحوية، فسأله سائلٌ عن طهارة الكلب! فأجاب: فيه قولان، فقالوا: صدق؛ لأنها موضعُ خلاف بين الشافعية والمالكية، وسأله آخرُ: أيُرفع الخبر أو يُنصب بعد «ما»، فأجاب: فيه قولان، فقالوا: صدق؛ لأن فيها خلافًا بين الحجازيين والتميميين.
وكان في المجلس رجلٌ ماكر ظريفٌ لحظ أن هذا الرجل جاهلٌ، وأنه يُنفذ خطة رُسمت له، فسأله: أفي الله شك؟ فأجاب المسكين: فيه قولان.
فجاء ابنه — رضي الله عنه — وقال: صدق في جوابه فإن فيها قولين في الإعراب، ولكن هيهات أن تُغني المغالطة بعد أن ضحك الناس من عمامة أبيه. وهكذا تجري الحالُ في مصر، فكل مشكلة لها وجهان، وكلُّ أمر فيه قولان، ولا يعلم إلا الله متى يَعرف المصريون كيف تحدد نقاط الخلاف.