جرائد الحزب الوطني
إلى حضرة الأستاذ محمد الههياوي
صديقي
العزيز
قرأت كلمتك في استقبال «اللواء المصري» وما انطوت عليه من الأمل في انتصار الحق، واندحار الباطل، فذكرتُ تلك الأيام السوداء حين كان الأمل قليلًا في شفاء الأمة مما أَلَمَّ بها من عبث الجهل، وكيد الضلال، يوم كانت هذه الصحيفةُ البيضاء لا تصل إلى العاصمة حتى يَنْقَضَّ عليها شياطينُ الإنس يتخطفونها من الباعة ليحرقوها في أماكن طالما احترمها الناس على حساب الاستقلال! يوم وقف بعض تجار الوطنية يذكر ما تضمنتْه جريدة الأمة من النقد الساحق لمشروع اللورد ملنر، ثم ختم كلامه بتمزيق هذه الصحيفة المحبوبة عقابًا لها على انتقاد المشروع!
يوم كان رجال الحزب الوطني يخطبون فلا ينصت لهم سامع، ويكتبون فلا يأبه لهم قارئ، يوم عميت الأبصار إلا عن رؤية القبيح، وصُمَّت الآذان إلا عن سماع الخبيث، يوم كان سيئات «المعتدلين» حسناتٌ باهرة، تُنظَمُ في مدحها القصائدُ، وتحبر الرسائل، وما عهْد المشروع ببعيد.
والآن وقد بطش الحق بالباطل، وانتقم الهدى من الضلال، وسلط الله بعض الظالمين على بعض، وأفاقت الأمة من غفلة التغرير، وأفاقت من شرك التضليل، وتميز الخبيث من الطيب، وهلك من هلك عن بينة، وحَيَّ من حَيَّ عن بينة؛ الآن لم يبق إلا أن تقولوا فيرفع الحق رأسه وتزل قدم الباطل، فيسقط إلى الحضيض، ثم يرضى الله والملائكةُ والناس.
وبعدُ، فإن الناس رجلان: رجل يتبع الحق ولو قل أنصاره، ورجل يتبع الأكثرية ولو اجتمعتْ على ضلالة، وها نحن أُولاء نرى الأغلبية مع الحق المشرق الجبين، فثابروا على جهادكم أيها المخلصون؛ لتقر عين أنصاركم من قبل، وليهدي الله بكم أولئك الذين ما عرفوكم إلا بعد أن أصبح الباطل وهو صريع.