مومس تستبق الخيرات
قرأت كلمة لمراسل إحدى الصحف اليومية يذكر فيها أن مومسًا ببندر دمنهور، طلبت من وزارة الأوقاف التصريح لها ببناء مسجد «سيدي ضحوة» الخربِ على نفقتها الخاصة، ولَمَّا كانت موارد رزق هذه المرأة «معروفة» فقد رُفض الطلب — بادئ ذي بدء — لولا أنها جددتْه وقدمتْ إعلامًا شرعيًّا يُفيد حيازتَها — بالميراث الشرعي — أملاكًا ثابتةً ومنقولةً، فوافق المفتي على طلبها وشرعت في البناء. قال المراسل: وزادت تلك المومس على ذلك أن أوقفت جميع أملاكها على بناء وترميم وتصليح كل مسجد خرب في دمنهور والمساجد الخربة فيها كثيرة!
ثم علق على هذا النبأ بقوله: كان لإتيان هذه المومس عملًا خيريًّا كهذا صيحة دهش وعجب في نفوس الجميع، فكنت ترى في الأندية والفنادق وفي مشارب القهوات؛ جموعَ الحاضرين يتساءلون ألا يوجد في المدينة غير المومس؟ فكان المنظرُ مؤثرًا جدًّا يبعث على الحزن العميق، وينم على مبلغ تأصُّل الحقد في النفوس، ويؤجج في القلوب نارًا لا يُخمد لها لهيب، فيا للعار ويا للفضيحة، ويا لَشقائك يا دمنهور؟
هكذا يتحدث الناس حين تقومُ امرأةٌ فاجرةٌ أو رجل فاسق بعمل جليل، ولعل أكثرهم ثرثرة في مثل هذه الشئون هو أعداهم للبر وأبعدهم من المعروف! إنكم لا تستنكرون أن يخبث الطيب، كما تستنكرون أن يطيب الخبيث، ولكن الله في رحمته لم يشأ أن يترك العالم لأحكامكم الجائرة، وعدوانكم الفظيع، فقال وهو أصدق القائلين: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، وقال: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ، فما لكم كيف تحكمون؟