بلاغة طالب
بين يدي الآن ورقةٌ صغيرة بالية، سأمزقها بعد لحظة، ولو تركتها بلا تمزيق لَمَا ضمنت لها البقاء؛ لأنها من طالب يائس، أفاض عليها من روحه الضعف والذبول.
هكذا يكتب الطلبة، وهكذا يفكرون، ولا ندري من المسئول عن ضعف هذه النفوس؟! فقد أعددناها لتربية الأمة، فإذا هي لا تصلح لغير الرثاء.
قد لا يلام الطلبة؛ لأنهم لم يجدوا حولهم غير التكالب على الوظائف، ولا سبيل إلى السبق في هذا الميدان غير نيل الشهادات الثانوية والعالية، فمن الحق عليهم إن سقطوا في الامتحان أن يعملوا بقول الشاعر:
وكذلك نرى «الساقطين» ما بين منتحر أو مريض.
إنما اللوم كله على علماء الأدب والأخلاق؛ فقد كان في مقدورهم أن ينشئوا الرسائل، وينظموا القصائد، ويؤلفوا الكتب، يضربون فيها الأمثال لليائسين والقانطين، وكان في مستطاع أية جمعية أدبية أن تطبع كتاب سر النجاح وتذيعه بين الناس إن عز التأليف والتعريب، وكان الواجب على الجرائد اليومية أن تقتضب الأخبار السياسية الطويلة العريضة التي لو حكم فيها العقل لعرفنا أن تسعة أعشارها كذب واختلاق، ثم تفسح المجال للكتابة في تقويم هذه النفوس الناشئة، التي نخشى إن غلبتْ عليها هذه النزعات الخطرة أن تُصبح بعد قليل خزيا لهذه البلاد.