جنسنا اللطيف
الآنسات | ||
---|---|---|
مجدية | الطيارة | (شريفة لطفي) |
كريمة | المحامية | (نادية نصيف) |
سامية | الصحفية | (أمينة السعيد) |
حفيظة | الخادمة | (…) |
مصطفى | زوج مجدية | (سليمان نجيب) |
(في منزل «مجدية» «صالون» أنيق، به نافذة مفتوحة على مصراعيها.)
مصطفى
(يمشي في الصالون نافد
الصبر، ثم يصيح)
:
يا خدامين بيتنا! … يا بنت يا «حفيظة»!
حفيظة
(الخادمة تدخل)
:
أفندم يا سيدي!
مصطفى
:
الست فين؟
حفيظة
:
قلت لحضرتك: لسه ما رجعتش من المطار!
مصطفى
(ينظر إلى ساعة
معصمه)
:
الساعة أربعة!
حفيظة
:
حضرتك عارف … الست دايمًا تتأخر شوية
نهار ما يكون عندها شغل في المطار!
مصطفى
:
وفين أراضيها بس دلوقت؟ … مش جايز تكون
في الأقصر؟
حفيظة
:
مش بعيد!
مصطفى
:
لك حق! … مش بعيد أبدًا … «الأقصر» فركة
كعب!
حفيظة
:
مش حضرتها برضه، ساعات تتغدى في «الأقصر»،
وتاخد قهوة العصر في «مصر»؟
مصطفى
:
تمام! … وتاخذ الشاي في البيت، وتتعشى
في «الخرطوم»!
حفيظة
:
نغرف لحضرتك انت الغدا؟
مصطفى
:
تعرفي المطار دا فين؟
حفيظة
:
في ألماظة.
مصطفى
:
أبدًا … مش في ألماظة!
حفيظة
:
أمال يبقى فين المطار؟
مصطفى
(يشير إلى رأسه في حركة
عصبية)
:
بقى دلوقت هنا في دماغي دي!
حفيظة
:
بعد الشر!
مصطفى
:
تفضلي بسرعة … من غير مطرود … ألا فاضل لي
برج واحد!
(حفيظة تتحرك للخروج على عجل، وهي تنظر خلفها إليه في خوف.)
(مصطفى يعود إلى قطع الصالون ذهابًا وإيابًا، نافد الصبر، وفجأة يسمع أزيز طائرة، فيسرع إلى النافذة المفتوحة.)
مصطفى
:
صوت طيارتها! … (ثم
يرفع رأسه إلى السماء باحثًا بعينيه لحظة،
ثم يصيح): ما شاء الله! … ما شاء الله! … أنا هنا في
البيت، واقع من الجوع؛ وهي في السماء
عمالة تجري بالطيارة، من «الشلال»، ﻟ
«أبو زعبل»، وآهي دلوقت دايرة تتلاكع وتلف
بين السحاب … بتبحث عن إيه دلوقت؟ … يكونش
فيه فوق دكاكين ومحلات مودات؟! … (يصيح):
يا ست هانم ياللي في الجو! … انزلي بقى ما
يصحش … خلي حفيظة تغرف لنا الأكل! … لكن
أكلم مين؟ … هي فين؟ … دي أبعد من العنقاء
اللي بيقولوا عليها!
مجدية
(تدخل فجأة على
عجل)
:
عنقاء في بوزك! … إنت قاعد تكلم مين في
الشباك؟
مصطفى
(يلتفت إليها
مبغوتًا)
:
شرَّفتِ؟! … أمال مين اللي فوق في الطيارة
دي اللي بتزن؟
مجدية
:
مش أنا طبعًا.
مصطفى
:
مش أنت؟ … أمال اتأخرت ليه كده
النهارده؟ … كنت في الهند والا في السند؟
مجدية
:
ما تهربش! … قل لي كنت بتكلم مين في
الشباك؟
مصطفى
:
تفتكري مين؟
مجدية
(تذهب إلى النافذة، وتبحث)
:
مش شايفة حد في الشارع!
مصطفى
:
لا في الشارع ولا في الأرض …
اطمئني! … أنا خلاص … من يوم جوازنا ما ليش
علاقة بالأرض … ولا أعرفش حد على الأرض! …
تبقى مراتي عصفورة في السماء، وابص في
الأرض؟ … أنا عيني خلاص بقت في وسط راسي!
مجدية
(ضاحكة)
:
عصفورة؟!
مصطفى
:
أمال انتِ إيه؟
مجدية
:
«مصطفى»!
مصطفى
:
أفندم؟
مجدية
:
أنا كان غرضي أنت كمان تبقى عصفور!
مصطفى
:
أنا عصفور؟! … لا لا، كله إلا دي، اعملي
معروف … لا عصفور ولا غراب! … أنا لا أعرف
أطير ولا أعرف أعوم … أنا خليني كده على
البر! … أنت لك السما وأنا لي الأرض!
مجدية
:
لكن السما أحسن وأجمل!
مصطفى
:
الحمد لله! … أنا يسرني أنك تتمتعي
بالسما وحسنها وجمالها!
مجدية
:
وأنت يا «مصطفى»؟
مصطفى
:
أنا بزيادة عليَّ الأرض! … ما استحقش أكثر
من كده!
مجدية
:
بالعكس يا «مصطفى» … أنت تستحق كل خير!
مصطفى
(في خوف وتجهم)
:
ممنون خالص!
مجدية
:
السما كلها مش كثير عليك!
مصطفى
:
الله يحفظك!
مجدية
:
أنا من رأيي انك تطلع معاي مرة، وتتفرج
على السما!
مصطفى
:
دخلنا في الجد!
مجدية
:
بتقول إيه؟
مصطفى
(في ارتباك)
:
أنا أطلع السما؟! … لا … لا … مش دلوقت …
أنت مستعجلة على إيه؟ … مصيري برضه أطلعها
وأتفرج عليها كويس، على مهلي … إن شاء الله
يوم القيامة … بعد عمر طويل!
مجدية
:
كده؟ … يعني أيأس خلاص؟!
مصطفى
:
مش من مسألة السما دي؟ … يكون أحسن
برضه!
حفيظة
(تدخل)
:
ستي؟! … أحضر الغدا؟
مجدية
:
أنا أخذت «ساندوتش» في المطار … كفاية
حسب «الرجيم» … وأنت يا «مصطفى»؟!
مصطفى
:
الساعة دلوقت أربعة وكسور … يبقى اسمه
غدا في انهي لغة؟ … أظن الأحسن بعد نص ساعة، آخذ بقى الشاي ودمتم بخير! … بلاش غدا يا
«حفيظة»، وابقي الليلة حضري العشا بدري!
(حفيظة تخرج.)
مجدية
:
تعرف أنا اتأخرت ليه النهارده؟
مصطفى
:
ليه؟
مجدية
:
كنا بنعمل ترتيبات، علشان أقوم برحلة جوية للعراق!
مصطفى
:
«العراق»؟! … سبحان المنجي! … اللهم لطفك!
مجدية
:
وكان غرضي …
مصطفى
(في قلق)
:
غرضك إيه؟
مجدية
:
انت مش فاهمني؟
مصطفى
:
فاهمك قوي!
مجدية
:
الناس أكلت وشي يا مصطفى … الصحفيين
دايمًا يقابلوني ويسألوني عنك … أضطر أقول …
مصطفى
:
أيوه اضطري قولي!
مجدية
:
أضطر أقول: دا جوزي بيدوخ من ركوب
الطيارة!
مصطفى
:
عفارم عليك! … ودي الحقيقة!
مجدية
:
لأ … مش دي الحقيقة!
مصطفى
:
زي بعضه.
حفيظة
(تدخل)
:
ستي! … ست كريمة هانم!
مجدية
:
خليها تتفضل.
مصطفى
:
دي المحامية صاحبتك؟
مجدية
:
أيوه … أنا كنت طلبتها في التليفون؛ علشان أطلعها على عقد التأمين على
حياتي.
مصطفى
:
أقعد أنا والا أخرج؟
مجدية
:
اقعد.
(كريمة تدخل.)
مجدية
:
أهلا كريمة!
مصطفى
:
أهلًا حضرة الأستاذة الشهيرة!
كريمة
:
أنا جيت في الوقت المناسب يا «مجدية»؟
مجدية
:
بالتأكيد!
(كريمة تجلس متعبة، وهي تروح بمنديلها على وجهها.)
مصطفى
:
الأستاذة يظهر تعبانة من جلسة الجنح … أطلب لك شاي؟
مجدية
:
بدري على الشاي يا «مصطفى»، كمان نص
ساعة على الأقل مش كده يا «كريمة»؟
كريمة
:
متشكرة! … وهو كذلك!
مجدية
:
سمعت بالخبر الجديد يا «كريمة»؟
كريمة
:
خبر رحلة «العراق»؟
مجدية
:
أيوه … رأيك إيه؟
كريمة
:
رأيي أنه عمل عظيم يا «مجدية»!
مجدية
:
سامع يا «مصطفى»؟
مصطفى
:
واحنا قلنا حاجة؟ … أنا معترف أنه شيء
عظيم ولا فخر، اننا حانطير من هنا للعراق!
كريمة
:
حضرتك كمان قايم في الرحلة؟
مصطفى
(مستدركًا بسرعة)
:
لأ … لأ … قصدي يعني الست
زوجتي … البركة فيها ربنا يقويها ويكون في عونها!
كريمة
:
وليه حضرتك ما تفكرش انك تكون معاها؟
مصطفى
:
مين هو؟ … أنا؟ … أروح معاها العراق؟ … طاير؟
كريمة
:
ليه لا؟
مجدية
:
أيوه … اقنعيه يا «كريمة»!
مصطفى
:
لا … من فضلك ما تقنعينيش!
كريمة
:
صدقني يا مصطفى بك، تبقى حاجة لطيفة
صحيح لو تروح مع مجدية!
مصطفى
:
أروح معاها ازاي؟
كريمة
:
في طيارة واحدة انتم الاثنين!
مصطفى
:
كان ناقص كمان أروح لوحدي! … ما هي
مصيرها ترسى على كده! … لا … أنا في
عرضكم! … لا … أرجوك يا «كريمة هانم» … ما
بقاش إلا أني أطير من هنا للعراق … مش
من هنا لقليوب! … من مصر للعراق طوالي …
ونعدي البحر الأحمر طايرين؛ كأننا سمان.
مجدية
:
المسافة مش بعيدة قوي؛ زي ما انت فاكر!
كريمة
:
مسافة بسيطة … إيه «مصر» و«العراق»؟ …
داحنا جيران!
مصطفى
:
الحيط في الحيط!
مجدية
:
مؤكد … تعال معايا … بس جرب وشوف!
مصطفى
:
أشوف إيه؟
مجدية
:
تشوف حانوصل في قد إيه؟
مصطفى
:
وإن ما وصلناش بالمرة؟
كريمة
:
ما تفرضش يا «مصطفى بك» الفروض السيئة دي!
مصطفى
:
أمال أعمل إيه؟
مجدية
:
افرض فرض كويس، قول اننا حانوصل
بالسلامة!
مصطفى
:
أغش نفسي؟!
كريمة
:
أبدًا يا «مصطفى بك» … جايز قوي انكم توصلوا سالمين!
مصطفى
:
وجايز قوي أننا نوصل مكسرين!
مجدية
:
كل شيء جايز!
مصطفى
:
بتقولي إيه؟ … كل شيء جايز؟ … ومع ذلك
حانطير؟!
مجدية
:
ضروري!
كريمة
:
معلوم … لا بد من شوية مخاطرة!
مصطفى
:
دي الحكاية فيها موت يا «هوانم» … تبقى
شوية مخاطرة ازاي؟ هو الموت فيه شوية وكتير؟!
كريمة
:
الحياة كلها مخاطرة يا «مصطفى بك» … أنا
من يومين وقفت أترافع قدام محكمة الجنايات
أربع ساعات، عن واحدة سمت جوزها، وكنت
عيانة، فشعرت فجأة أن قلبي حايقف، وأني
رايحة أقع من طولي!
مجدية
:
مش كان جايز أن المتهمة تطلع براءة،
والمحامية تروح فيها؟
كريمة
:
جايز خالص!
مجدية
:
سمعت يا «مصطفى»؟ … مش بس ركوب الطيارة
يوقع؟ … كل حاجة، حتى المرافعة في جلسة.
مصطفى
:
وانتم كان مالكم بس ومال المرافعة والطيران؟!
كريمة
:
أمال ايه؟ … مش لازم نخرج إلى معترك
الحياة؟
مصطفى
:
معترك الحياة! … ما شاء الله! … ما شاء
الله! … حد يصدق … من مدة عشرين سنة بس،
كانت الواحدة منكم نهار ما تكون ناوية تركب
الترمواي، والا عربية سوارس، تبقى قاعدة
حاملة همها جمعة، ويومها تعطل الركاب ربع
ساعة، وتتكعبل في السلم مرتين وملايتها
تشبك في العجل، وإن زمر الكمساري تزعق
بالصوت الحياني وتقول: استنی يا کمساري!
مجدية وكريمة
(معًا)
:
هوهوه! … دا كان زمان الكلام ده!
مصطفى
:
اللهم أشهد أنك قادر على كل شيء!
حفيظة
(تدخل)
:
ستي! … ست سامية جات!
مجدية
:
خليها تتفضل!
كريمة
:
«سامية» الصحفية طبعا!
سامية
(تدخل في الحال)
:
طبعا.
مجدية وكريمة
(معًا)
:
أهلا!
مجدية
(تقدم زوجها)
:
تعرفي جوزي «مصطفى» يا «سامية»؟
سامية
:
تشرفنا!
مجدية
(لمصطفى)
:
خد بالك … دي صحفية!
مصطفى
:
واخد بالي … صحفية، وطيارة، ومحامية، ما
خلاص هو احنا بقى لنا عيش وياكم؟!
(يضحكن.)
سامية
:
«مجدية»! … أنت عارفة طبعا أنا جاية
ليه!
مجدية
:
ما أظنش أني عارفة!
سامية
:
دا رد فيه معاني التكتم؛ زي ردود
الوزراء!
مجدية
(باسمة)
:
كده؟!
سامية
:
معلوم … رد سياسي!
مجدية
:
ومع ذلك أنا لسه ما بقتش وزيرة!
مصطفى
:
انت ناوية كمان تبقي وزيرة؟!
كريمة
:
ليه لا؟!
مصطفى
:
تعملوها برضه!
سامية
:
أرجوك يا مجدية بلاش دلوقت الردود
السياسية، وقولي لي بالصراحة: أنت عارفة
أنا جاية ليه دلوقت؟ … أنا عايزة أسألك عن
رحلة العراق!
مجدية
:
عايزة تعرفي إيه عن رحلة «العراق»؟
سامية
:
أنت حاتقومي بالرحلة لوحدك؟ (تُخرج
ورقة وقلمًا من حقيبة يدها).
مجدية
:
أنت عايزة مني حديث؟
سامية
:
مؤكد … حديث رسمي!
مجدية
:
ما دام حديث رسمي اكتبي بقى:
سأقوم بالرحلة مع زوجي «مصطفى حلمي».
سأقوم بالرحلة مع زوجي «مصطفى حلمي».
مصطفى
:
يا خبر باين! … لا يا حضرة الصحفية …
ما تكتبيش! … الكلام ده مش رسمي أبدا!
مجدية
(لسامية)
:
اكتبي زي ما قلت لك!
مصطفى
:
تكتب ازاي؟ … انتظري من فضلك … هي
المسألة بالدراع؟!
مجدية
:
اكتبي!
مصطفى
:
ما تكتبيش!
مجدية
:
قلت لك اكتبي!
مصطفى
:
والله ما هي كاتبة!
مجدية
:
وبعدين؟
مصطفى
:
أنا ما أروحش للعراق طاير أبدًا … اللي
أنا ما رحتها ماشي، أقوم أروحها طاير؟
مجدية
:
أمال عايز تروحها ازاي؟
كريمة
:
أسهل طريقة طبعًا الطيارة .
سامية
:
وأسرع طريقة.
مجدية
:
وأأمن طريقة.
مصطفى
:
اللي هي الطيارة؟! … مفهوم!
مجدية
:
أنت موهوم يا مصطفى من الطيارة؛ مع أنها
مفيش خطر فيها أبدًا!
مصطفى
:
يعني الطيارة ما تقعش؟
مجدية
:
جايز تقع.
مصطفى
:
خزانها ما ينفجرش؟
مجدية
:
جايز ينفجر.
مصطفى
:
محركها ما يتعطلش؟
مجدية
:
جايز يتعطل.
مصطفى
:
جناحها ما ينكسرش؟
مجدية
:
جايز ينكسر.
مصطفى
:
وكل ده ماسموش خطر؟!
مجدية
:
أبدًا؛ لأن قبل ما يحصل لنا أي ضرر نقدر
ننجي نفسنا في الحال.
مصطفى
:
ازاي بقی يا شاطرة؟!
مجدية
:
معنا «الباراشوت».
مصطفى
:
الإيه؟
مجدية
:
الباراشوت … الشمسية القماش الكبيرة …
تلبسها حالًا، وترمي نفسك من الطيارة وتشد
مفتاح صغير في الجهاز تلقى الشمسية راحت
مفتوحة، وانت نزلت واحدة واحدة على الأرض
زي الملاك.
كريمة
:
حاجة لطيفة قوي.
سامية
:
مؤكد!
مصطفى
:
شيء جميل! … بقى يعني أول ما تشب حريقة
مثلًا في الطيارة آجي أنا لابس الباراشوت،
واحدف نفسي في الهوا، وبعد ما أحدف نفسي
خلاص أربعة وعشرين قيراط، أشد المفتاح!
مجدية
:
عليك نور!
مصطفى
:
مفتاح إيه يا ست هانم؟ … هو متى أنا ما
انحدفت من الطيارة، ولقيت نفسي نازل، نازل
أرف، بقى في عقل يشد مفتاح؟!
مجدية
:
فيه جهاز طلع من غير مفتاح!
مصطفى
:
ازاي بقى؟
مجدية
:
قصدي ان مجرد ما تلبس الجهاز الجديد ده
وترمي نفسك، تروح الشمسية مفتوحة من
نفسها!
مصطفى
:
لا بأس! … إنما يا مكارة إيش عرفك إني
حا انزل على الأرض واحدة واحدة زي الملاك؟ … مش جايز الملاك ده يطب في قلب البحر
الأحمر؟
مجدية
:
وانت ليه بس يا «مصطفى» تفرض فرض زي
ده؟
مصطفى
:
أمال يعني عايزة أفرض اني حا انزل على
مرتبة قطيفة منشورة فوق سطح عمارة
سبعتاشر دور!
مجدية
:
الكلام ده كله مالوش محل.
مصطفى
:
ازاي؟!
مجدية
:
لأني أنا طبعا رايحة أكون معاك!
كريمة
:
دا صحيح يا «مصطفى بك»! … مجدية حاتكون
معاك!
سامية
:
وانتو الاتنين حاتكونوا في طيارة واحدة!
مصطفى
:
وماله؟ … وده يمنع من الأخطار؟
مجدية
:
انت خايف على نفسك أكتر مني؟
مصطفى
:
مش خايف … أخاف ازاي؟! … مش مسألة خوف!
مجدية
:
أمال مسألة إيه؟
مصطفى
:
مسألة شطارة … حضرتك متمرنة، ساعة الخطر
تعرفي تلبسي الباراشوت كويس؛ وتنزلي على
الأرض زي اليمامة! … أما أنا بجلالة
قدري لسه غشيم، أتوحل في الشمسية، واتلخفن
فيها، وآجي نازل على جدور رقبتي، وساعتها
لا تبقي تنفعيني، ولا ينفعني الطيران!
مجدية
:
دي مسألة حظ يا «مصطفى» … مش جايز انت
اللي ترجع سليم؟
كريمة
:
وتقبض مبلغ التأمين!
مصطفى
:
وأقبض؟
مجدية
:
معلوم! … أمال أنا أمنت على حياتي علشان
إيه؟
مصطفى
:
فهمت؟ … ممنون … ألف كتر خيرك! … يد ما
نعدمها.
مجدية
(في تجهم)
:
ازاي؟
مصطفى
:
آهو کده معقول … أنا أقعد هنا … وأنت
تروحي تطيري! … رجعت بالسلامة كان بها،
ما رجعتيش لا سمح الله؛ أقبض أنا فلوس … مش بطال!
مجدية
:
كويس قوي!
كريمة
:
«مصطفى بك» … واجب انت كمان تؤمن على
حياتك!
سامية
:
قبل ما تقوم في رحلة «العراق»!
مجدية
:
دا ضروري! … علشان اللي يرجع منا سليم …
مصطفى
:
يا ساتر!
مجدية
:
تشجع يا «مصطفى»، وجمد قلبك … لازم نطير
احنا الاتنين!
مصطفى
:
لازم نطير احنا الاتنين! … وان قعدنا في
بيتنا كافيين خيرنا شرنا، في أمان الله؛
مش أحسن؟!
مجدية
:
ما تقولش الكلام دا يا «مصطفى» … احنا
ورانا مجد منتظرنا!
مصطفى
:
احنا ورانا موت في «البحر الأحمر»!
كريمة
:
لا يا مصطفى بك، دا حايكون مجد حقيقي!
سامية
:
وحاتبقوا أبطال، وجميع الجرائد تنشر
صورتكم في أول صفحة!
مصطفى
:
إن رجعنا بس، وشفتم وشنا!
مجدية
(في عزم)
:
كفاية تكسير مجاديف … انت حاتطير والا لأ؟!
مصطفى
:
لأ!
مجدية
:
حاتطير؟!
مصطفى
:
ما اطيرش!
مجدية
:
لازم تطير!
مصطفى
:
ما أطيرش أبدًا!
مجدية
:
«سامية»! … اكتبي أنه حايطير.
مصطفى
:
يا حضرة الصحفية ما تكتبيش! … هو الطيران
بالإكراه؟! … كفاية عقلي طار … من يوم
جوازي مش عارف أتلم عليه … لازم تطيروني
بالكلية! … أنا عملت إيه في زماني؟!
سامية
:
أنا حاكتب …
مصطفى
:
أرجوك ما تكتبيش.
سامية
:
أرجوك يا «مصطفى بك» تخليني أكتب خبر
سفرك بالطيارة … تأكد أن من أكبر أعمالي
الصحفية أني أجيب الخبر دا!
مصطفى
:
إنك تجيبي خبري؟
سامية
:
اسمح لي أكتب الخبر دا، وابقَ بعدين
كذبه!
مصطفى
:
أنا مكذبه من دلوقت!
مجدية
:
اكتبي يا «سامية» وعلى عهدتي!
(سامية تكتب.)
مصطفى
:
«مجدية»! … أنا في عرضك!
مجدية
:
مفيش فايدة … صورتي وصورتك لازم يطلعوا
جنب بعض في الجرايد!
مصطفى
:
يعني مفيش مفر من إني طاير؟
مجدية
:
مفيش مفر.
مصطفى
:
إنا لله وإنا إليه راجعون!
مجدية
:
برافو عليك يا «مصطفى»!
كريمة
:
فلْيَحْيَ العدل!
مصطفى
:
عدل إيه؟ … هو فين العدل دا؟
كريمة
:
معلوم! … العدل أنك تتبع زوجتك في كل
مكان؛ زي زمان لما كانت الزوجة تتبع زوجها، وإن ما رضيتش، له أنه يردها لمحل
الطاعة!
مصطفى
:
محل الطاعة؟
كريمة
:
من غير شك! … ما دام المرأة لها النهارده
عمل ظاهر في الهيئة الاجتماعية، يُستحسن أن
زوجها يتبعها في محل عملها!
مصطفى
:
حصلت … محل الطاعة يبقى في طيارة!
مجدية
:
إن شا الله يكون في المريخ!
مصطفى
:
مصيره برضه! … أنا دلوقت عقلي بقى يصدق
كل حاجة!
سامية
:
أما دا موضوع لذيذ!
مصطفى
:
اكتبي على كيفك! … أنا وقعت في إيدكم
وخلاص!
سامية
:
«مصطفى بك» أنا عايزة أعمل معاك حديث!
مصطفى
:
أمال اللي احنا فيه دا إيه؟
سامية
:
غرضي أسألك سؤال واحد؟!
مصطفى
:
اتفضلي!
سامية
:
أنت سعيد في حياتك الزوجية؟
مصطفى
:
يعني حضرتك مش حاضرة، وشايفة كل حاجة؟!
سامية
:
أنا عايزة جواب صريح!
مصطفى
:
وليه بس الله لا يسيئك؟!
مجدية
:
جاوب يا «مصطفى»!
مصطفى
:
اكتبي … سعيد طول ما أنا على الأرض!
مجدية
:
وفي السما!
مصطفى
:
في السما، وأنا متشعلق في الهوا؟!
مجدية
:
أيوه قول!
مصطفى
:
أظن ساعتها، ولا يخفى على فطانة سيادتك،
مش معقول إني أفكر في سعادة زوجية، ولا
سرمدية؛ لأن حاتكون بطني عمالة تكركب،
وقاعد أبيض بيضة خضرا، وبيضة صفرا، وحاطط
همي في الآخرة وحساب الملكين!
مجدية
:
ما تكتبيش الكلام دا يا «سامية»!
مصطفى
:
ليه؟ … مش جاي على مزاجك؟
مجدية
:
اكتبي! … أنا أسعد زوج خلقه ربنا، من يوم
آدم حتى الآن، وإن أهنأ ساعات حياتي هي
التي أكون فيها بجوار زوجتي المحبوبة، بين
جناحي الطائرة في أعلى أعالي السماء!
مصطفى
:
أعلى أعالي السما مرة واحدة؟!
مجدية
:
اسكت من فضلك … ولا كلمة!
مصطفى
:
أسكت ازاي؟ … دا اسمه تزوير في أوراق رسمية!
كريمة
:
يا «مصطفى بك» دا اسمه تعبير عن أفكارك الخصوصية!
سامية
:
ووصف لإحساساتك الداخلية!
مصطفى
:
هي إيه الحكاية؟ … بقى طيرتوني من هنا
للعراق بالقوة، وعايزين تكتبوا اني سعيد
في أعلى أعالي السما بالقوة؟! … اسمحوا لي
أقول لكم دي اسمها دكتاتورية … وأن حضراتكم
عاملين على كمبانية، وإني أنا مسكين
وقعت في إيديكم ضحية!
مجدية
:
أنتم يا صنف الرجال ما تجوش إلا بالقوة!
كريمة
:
دا صحيح!
سامية
:
دا مؤكد!
حفيظة
(تدخل)
:
ستي! … واحد في المطار ضرب تليفون،
بيقول إن الطيارة جاهزة دلوقت علشان التمرين!
(حفيظة تخرج.)
مجدية
:
يا لله يا «مصطفى» بسرعة!
مصطفى
:
على فين؟
مجدية
:
على المطار للتمرين!
كريمة
:
وأنا أروح معاكم يا «مجدية»!
سامية
:
وأنا كمان!
مجدية
:
تعالوا نروح كلنا!
مصطفى
:
بقى برضه حا اطلع السما النهارده؟ … احنا
بس مستعجلين على إيه؟
مجدية
(تمسك به وتجذبه إلى الباب)
:
عرفنا طبعكم … بالقوة!
سامية وكريمة
(معًا وهما
تتحركان)
:
بالقوة!
مصطفى
(يحاول الخلاص)
:
طيب … مفهوم … بس حلمك عليَّ شوية، أما
افكر في الموضوع!
مجدية
:
انت لسه رايح تفكر؟ … يا لله حالًا بقول
لك!
سامية وكريمة
:
اسمع الكلام يا «مصطفى بك»!
مصطفى
(يستسلم لهن)
:
أمري لله! … فضلتم ورايا لغاية ما
أخدتوني من الدار للنار!