الجزء الثاني
السيد
:
وبعدين يا ناس، دي حاجة تنشف الدم، بقى حتة واد فرفور زيه يوقفني كده لوحدي …
أعمل إيه أنا دلوقتي أقول إيه، أجيبه منين، أدور عليه فين. يا أسيادنا حدش شاف
فرفور؟ حدش لمحه؟ بقى دي وقفة توقفها لي يا فرفور، يرضيكوا كده؟
فرفور
(داخلًا من الباب الذي يدخل منه الجمهور إلى الصالة وسائرًا في
الطرقة الرئيسية بين المقاعد يدفع عربة يد عليها نماذج سريالية تمثل أوروبا وأمريكا
وأجزاء من مدافع وطائرات ومشانق)
:
روبابيكيا، روبابيكيا، كل حاجة قديمة للبيع، مجد قديم للبيع، عظمة قديمة للبيع،
أسياد قديمة للبيع، مدافع قديمة للبيع، قنابل ذرية قديمة للبيع، بيكيا، حدش عنده
أيدروجينية، مجلات، كتب فلسفة، جرايد قديمة للبيع، روايات مسارح، مؤلفين قدام للبيع
… بيكيا.
سيدة
(من المتفرجين)
:
اسم يا عم يا بتاع الروبابيكيا، عندنا طوربيد فسدان، تاخده؟
فرفور
:
ده لازم جوزها، لأ يا ستي، ده كان على أيام زمان الكلام ده، دلوقت من أيدروجينية
وطالع، عندك، ياللا قبل ما يلعب، كوبلت، ماء ثقيل، أشعة نووية، خيار مخلل، كل حاجة
قديمة للبيع، مجد قديم للبيع، عظمة، أفكار قديمة للبيع … روبابيكيا.
السيد
:
الله، ده باينه هو، ده أكيد هو، ده أنا أعرفه من مليون واحد، ولا يا فرفور
يا وله.
فرفور
(وقد وصل تقريبًا إلى مكان الكوشة التقليدي، ولكنه لا يزال في
الصالة)
:
ولا يا سيد.
السيد
:
إنت فين يا فرفور؟
فرفور
:
إنت فين يا سيد؟
السيد
:
الحقني يا فرفور.
فرفور
:
إيدك يا سيد.
(يمد السيد يده ويجذب فرفور من يده إلى المسرح.)
السيد
:
بالحضن يا فرفور.
فرفور
:
بالحضن يا سيد سيد (يتعانقان ويقبلان بعضهما عدة
مرات).
السيد
:
إيه ده يا وله يا فرفور، ألف سنة قاعد أدور عليك، دول مش ألف ده ييجي خمستلاف
سنة.
فرفور
:
ده لسه فيه داء الكدب الراجل ده، ده احنا ما بقلناش خمس دقايق سايبين بعض
قدامكم.
السيد
:
وكنت فين يا فرفور، ورحت فين، وعملت إيه؟
فرفور
:
في الدنيا الواسعة بقى، أعمل إيه.
السيد
:
واشتغلت عند أسياد تانيين؟
فرفور
:
كتير أوي أوي، ما اتعدش، وكل واحد أنيل من التاني.
السيد
:
وإيه حكاية الروبابيكيا دي؟
فرفور
:
أعمل إيه بقى في الراجل سيدي اللي مسرحني.
السيد
:
سيدك مين؟
فرفور
:
اسمه كده، بتاع كورة باينه جون ولَّا موش عارف إيه، مسرحني في بلاد الناس ألم له
عظمة ومجد سكند هاند لما طهقت خالص، وانت ازاي أحوالك يا سيد؟
السيد
:
رضا والحمد لله.
فرفور
:
لسه برضه ضميرك بياكلك.
السيد
:
لأ، ما البركة في الأولاد.
فرفور
:
هم كبروا؟
السيد
:
يوه واتجوزوا، وخلفتهم اتجوزت، واللي مات مات، وغيره بييجي.
فرفور
:
ده الراجل ده كداب كدب يا جدعان، قال كل ده في خمس دقايق، (ثم للسيد) يعني انت ماعنتش بتمد إيدك وتدفن
حد.
السيد
:
البركة في الأولاد باقول لك.
فرفور
:
هم ورثوا الصنعة برضه.
السيد
:
ورثوها ونبغوا فيها أوي أوي.
فرفور
:
نبغوا ازاي؟
السيد
:
شوف أنا وانت كُنَّا بنحتار في دفن واحد ازاي، هم الواحد منهم يابني باسم الله ما
شاء الله كان يدفن له في اليوم عشرة عشرين ألف ولا يتعبش، عندك ابني الإسكندر دا
دفن لوحده ييجي ميت ألف، تحتمس اللي كان أكبر منه شوية ده دفن لوحده عدد شعر
راسه.
فرفور
:
تحتمس والإسكندر؟ ومال أساميهم كده؟
السيد
:
أصلي مسميهم على أسامي أبطال التاريخ، كل واحد باسمه، عندك نابليون مثلًا دفن
ييجي تلاتة مليون!
فرفور
:
أنهي نابليون؟ بتاعك ولَّا بتاع التاريخ؟
السيد
:
ابني يا أخي، ابني، كلهم أولادي.
فرفور
:
وكلهم كده تربية من مليون وطالع.
السيد
:
أيوه.
فرفور
:
لأ، عفارم عليهم، ولاد حلال صحيح.
السيد
:
تعرف ابني موسوليني.
فرفور
:
كام مليون؟
السيد
:
لأ، ده أصله ماكانش يطلع الشغل إلا لما يطلع أخوه الكبير معاه علشان يجمد
قلبه.
فرفور
:
أخوه مين؟
السيد
:
هتلر، وخد عندك بقى، دول مرة في موسم من المواسم طلعوا لهم ييجي ثمانية مليون
مدفون.
فرفور
:
موسم إيه ده، كان فيه كوليرا ولَّا إيه؟
السيد
:
كوليرة إيه يا جدع، ثمانية مليون بالطريقة إياها. إنت نسيت لما ماكانش فيه ميتين
ونقتل الواحد وندفنه.
فرفور
:
أيوه بس على كلامك ده، دول كان لازم الموسم بتاعهم يقعد ميت ألف سنة بقى على بال
ما يمسكوا ده ويسييبوا ده.
السيد
:
لأ، ده انت متأخر خالص، موش باقول لك نبغوا، دول اخترعوا حاجات وماكانوش بيشتغلوا
بإيديهم. في ثانية يموتوا ألف.
فرفور
:
وافرض في ثانية يموتوا ألف. إنما موش كل واحد عايز يتفحر له ويندفن.
السيد
:
برضه لسه متأخر أوي، موش باقول لك نبغوا أوي أوي. دول اخترعوا حاجات تموت وتدفن
أوتوماتيكي. كده من غير فحر ولا فاس.
فرفور
:
لا والله عرفت تخلف صحيح، دي ذرية صالحة أوي، كله من بركتك، والرك على رضا
الوالدين، ده انت زمانك كسبت مكاسب بقى من وراهم ولا مال قارون.
السيد
:
كسبت كتير أوي، إنما كنت باصرف كتير. والنتيجة زي ما انت شايف، يا مولاي كما
خلقتني، وانت قول لي عملت إيه، مراتك عملت إيه وابنك.
فرفور
:
يا أخي قول مراتاتي وأولادي.
السيد
:
هم كتير.
فرفور
:
ماتعدش، تعرف الهكسوس؟
السيد
:
همه؟
فرفور
:
تعرف اسبارتاكوس واخواته؟
السيد
:
الله، الله، الله، دول ولاد مراتي الرومية شبعوا فيهم دفن.
فرفور
:
أهو كل ده تبعي، تعرف كافور الأخشيدي، عنتر بن شداد، أبو زيد، حاقول لك على مين
ولَّا على مين.
السيد
:
لا تقول لي ولا أقول لك، سيبك مفيش أحسن من أيام زمان.
فرفور
:
موش لما كنت أنا وانت يعني؟
السيد
:
أيوه أيوه، أيام لا كان فيه أولاد ولا ستات ولا فلوس ولا زحمة.
فرفور
:
إنت واخد بالك.
السيد
:
وآديني لقيتك يا فرفور.
فرفور
:
وأنا راخر لقيتك يا سيد.
السيد
:
إيه رأيك، ما تيجي ننسى اللي حصل كله.
فرفور
:
خلاص يا شيخ، ولا كأنه حصل.
السيد
:
ونبتدي من أول وجديد.
فرفور
:
من أول وجديد، من جديد وأول اللي انت عاوزه.
السيد
:
وتندمج؟
فرفور
:
وأندمج.
السيد
:
خلاص اندمجت.
فرفور
:
أتوكل على الله.
السيد
:
اسمع يا ولا يا فرفور يا ولا.
فرفور
:
إيه، إيه، إيه، بتقول إيه؟
السيد
:
باقول اسمع يا وله يا فرفور يا وله، إحنا موش قلنا اندمجنا وحانبتدي؟
فرفور
:
حانبتدي إيه؟
السيد
:
الرواية، الله.
فرفور
:
رواية إيه.
السيد
:
الرواية بتاعتنا (ممسكًا كتابًا ضخمًا ومشهرًا
به) فرفور وسيده، إنت نسيت؟
فرفور
:
إذا كان على النسيان ما نسيتش إنما حنبتدي بها ازاي؟
السيد
:
زي كل مرة، إنت فرفور وأنا سيد، ياللا ياللا اتوكل على الله، اسمع يا ولا
يا فرفور اسمع.
فرفور
(بقوة وزعيق)
:
عندك، لغاية هنا وعندك.
السيد
:
فيه إيه يا وله.
فرفور
:
أنا الرواية دي ماليش فيها، فرفور! أعمل فرفور تاني؟! والله لما يقع فيها قتيل،
يا أخي ده إيه ده، صح النوم، ده كان زمان.
السيد
:
إيه الكلام ده يا فرفور، اوعى تكون اتجننت يا واد ولا حصلك حاجة، هو احنا بنجيب
حاجة من عندنا (متناولًا الكتاب) ما الرواية
أهه.
فرفور
:
بلا رواية بلا كلام فارغ، رواية إيه دي اللي ماسكها لي زلة وكل ما أكلمك تقول لي
الرواية الرواية. ملعون أبو دي رواية ألف سنة ميت ألف سنة وانت زاللني بروايتك دي
أفحر يا فرفور حاضر، موت يا فرفور حاضر، اطلع يا فرفور، انزل يا فرفور، اردم
يا فرفور، ابني يا فرفور، اعيا يا فرفور، اتكسح يا فرفور، اهرش لي ضهري يا فرفور.
ملعون أبو الفرافير اللي بالشكل ده.
السيد
:
يا ولد احفظ أدبك، عيب تقول كده قدامي.
فرفور
:
وملعون أبوك انت كمان.
السيد
:
طب أنا أخلي المؤلف …
فرفور
:
وملعون أبو المؤلف راخر، ده مؤلف إيه اللي مألف كل حاجة ضدي، هو أنا كنت قتلت
أبوه، ولَّا أجوزت أمه. ده ولا كأنه صاحب بيت وأنا ساكن عنده، رواية إيه يا عم
ومؤلف إيه. لا، لا، لا، بالثلث والرقعة لأ، والإنجليزي والطلياني نو، وبالصعيدي
لع.
السيد
:
الله، الله، جرى لك إيه يا وله، دا انت مية المية ركبك عفريت. ده انت كنت زي
القطة العمية، جرى لك إيه؟
فرفور
:
بربشت، بربشت.
السيد
:
وبجحت وجحشت وباينك حترفص كمان، إنت شوية شوية تعملني أنا فرفور وانت سيد.
فرفور
:
وحيجرى إيه يعني إذا حصل. حتنطبق السما على الأرض؟ حتقوم القيامة؟ حترجع السيجارة
بمليم؟
السيد
:
تنطبق السما معقول، تقوم القيامة جايز، إنما ترجع السيجارة بمليم ورطل اللحمة
بخمسة تعريفة وتبقى انت سيد وأنا فرفور، ده اللي لا يمكن يحصل.
فرفور
(مقلِّدًا إياه)
:
ده اللي لا يمكن يحصل، (ثم يغضب) ليه وما
يحصلش ليه.
السيد
:
تبقى رواية تانية بقى تألفها انت.
فرفور
:
أألفها وإيه يعني، إيه يعني يا سيدي أألفها؟ صعبة أوي دي.
السيد
:
يا نهارك اسود ومنيل، ما تفوق لنفسك يا وله، إنت موش خايف حد يسمعك، تألف ازاي
يا وله؟! بقى انت يا سنكوح يا دودة واقفة على حيلها يا فار ناقصه ديل عايز تألف
وتبقى مؤلف؟!
فرفور
:
وما أبقاش ليه، إذا كان على البنطلون أقصره، ولَّا أشمره، ولَّا إن غُلبت فيه
أقلعه خالص. وإذا كان على الرواية حيجرى إيه يعني؟ حالَبَّخ؟ مهما لبَّخت موش
حالَبَّخ أكتر من تلبيخ صاحبنا بتاع المشهد الثالث في الفصل العاشر ده، والحلقات …
إلخ، إلخ.
السيد
:
أنا ما شفتش بجاحة بالشكل ده. بقى موش عاجبك تأليفه يا وله؟
فرفور
:
أنا لوحدي؟ هو يعجب حد؟ طيب نقي لك أي حد من الناس دي واسأله إذا كان فيه مؤلف في
الدنيا يعمل عملته دي بزمتكم. يا ناس يا خلق يا هوه، فيه مؤلف يلبخ أكتر من كده،
يفرفر واحد كده على طول ويسيد واحد على طول؟ ليه؟ مفيش نظر، مفيش ذوق، مفيش نقاد،
ده حتى من باب التغيير، ده الناس تمل، الجدع ده (مشيرًا
إلى متفرج) سامعه بوداني بيمل، بقاله ساعة نازل مل.
السيد
:
لا حول ولا قوة إلا بالله، بقى موش ده المؤلف اللي كنت مطلعه السما يا فرفور، موش
ده اللي كنت بتشوفه تركع، خلاص، ماعادش عاجبك تأليفه، دانت موش فرفور اللي أعرفه
أبدًا، دا انت اتغيرت خالص، إيه يا واد اللي غيرك كده.
فرفور
:
غيرني اللي بيغير الناس.
السيد
:
وإيه اللي بيغير الناس؟
فرفور
:
الناس.
السيد
:
يعني اتغيرت؟
فرفور
:
نهائيًّا.
السيد
:
طيب وبعدين؟
فرفور
:
ولا قبلين، ولا تلاتة ولا أربعة ينفعوني.
السيد
:
ناوي تشتغل ولا موش ناوي؟
فرفور
:
إذا كان على الشغل أشتغل للصبح، إنما أشتغل فرفور لأ.
السيد
:
ضايقتني بقى يا أخي، دي حاجة تفلق، الله، هو انت بناموسة يابني موش كده، هو كل
مرة لازم تعملها وتفرج علينا الناس. ما تهجع بقى وتخليها تفوت على خير.
فرفور
:
لأ.
السيد
:
يا ابني ده مؤلفنا عصبي، وكلمة والتانية دمه بيفور.
فرفور
:
لأ!
السيد
:
والفتوات بتوعه صعب أوي، عينك أهه، شوية شوية كانت حتتصفى.
فرفور
:
لأ.
السيد
:
لأه تلؤك، لأ ليه؟
فرفور
:
أنا كده، أنضرب أتهزأ أتبهدل تورم عيني يدشدش نافوخي، إنما لأ.
السيد
:
ولزوم العند ده كله إيه؟
فرفور
:
موش عندي أنا، عنده هو، أنا لا عاندت ولا اتجائرت ولا اتهببت، أنا بس عايز
أفهم.
السيد
:
تفهم إيه؟
فرفور
:
عايز أفهم أنا فرفور ليه، وانت سيد ليه.
السيد
:
إنت بتهزر حضرتك؟
فرفور
:
هو فيه جد أكتر من كده، باقول لك عايز أفهم.
السيد
:
واحنا بتوع فهم يا ابني، إحنا بتوع تمثيل.
فرفور
:
أهو أنا بقى قررت أني ما أمثلش إلا إذا فهمت، لازم أفهم أنا فرفور ليه وانت سيد
ليه.
السيد
:
أمَّا حاجة تضحك صحيح. ما قال لك المؤلف إن الرواية كده تبقى الرواية كده
وخلاص.
فرفور
:
خلاص دي ما تنفعنيش، أنا عايز أفهم. رواية على عيني، مؤلف سيدي وتاج راسي، إنما
عاوز رواية أفهمها، ومؤلف يقنعني.
السيد
:
يقنعك بإيه؟
فرفور
:
بكل حاجة، وأول حاجة انت، حضرتك، سيادتك، فخامتك، إنت، إنت، إنت سيد ليه؟ وأنا
أنا، وأنا هو أنا، أنا فرفور ليه؟
السيد
:
ما قال لك يا ابني، لأن لازم كل سيد يبقى له فرفور.
فرفور
:
ولازم ليه.
السيد
:
لأن كل فرفور لازم يبقى له سيد.
فرفور
:
ويبقى له ليه؟
السيد
:
أهو كده، لازم يعني لازم.
فرفور
:
في الرواية يعني.
السيد
:
الرواية وغير الرواية، كله، كله، لازم كده، كله كده، كل واحد يا تلقاه سيد،
يا تلقاه فرفور، وكل فرفور له سيد، وكل سيد له فرفور، واهي ماشية كده.
فرفور
:
هي مين اللي ماشية كده؟
السيد
:
الرواية.
فرفور
:
تبقى غلط.
السيد
:
غلط موش غلط، إحنا موش جايين نصحح، إحنا جايين نشتغل، مالناش دعوة بيه، وسببه إيه
والمؤلف قال كده ليه وبقى لنا ساعة نلت ونعجن وسايبين الرواية. ماعادش عندنا وقت،
إحنا يادوبك لسه بنبتدي وقدامنا كتير، كتير أوي، وكلام اتكلمت ياما، وملاوعة
لاوعتني كتير، ناوي تشتغل ولَّا أندهلك المؤلف يعرف شغله معاك؟
فرفور
:
لأ.
السيد
:
فرفور.
فرفور
:
لأ.
السيد
:
ذنبك على جنبك بقى، يا حضرة المؤلف، يا سيدنا يا مؤلف، يا أعظم وأروع وأفخم
مؤلف.
أصوات
(من الخارج)
:
ما تتعبش نفسك، ده مشي من زمان (فرفور
يضحك).
السيد
:
مشي؟ مشي راح فين؟
أصوات
:
ما نعرفش.
السيد
(مشيرًا إلى فرفور في غيظ أن يسكت)
:
وييجي امتى يا اخوانا؟
الأصوات
:
ما نعرفش، يمكن بكرة، يمكن بعده، يمكن بعد سنة، ألف، ما يجيش، ما نعرفش.
السيد
:
أمال نعمل احنا إيه؟
أصوات
:
دبروا نفسيكم.
السيد
:
ندبر نفسنا ازاي؟
أصوات
:
ما نعرفش.
فرفور
:
اديله، ميت فل على كده.
السيد
:
بقى ده اسمه كلام، يعملها فينا كده، بقى يألفنا ويسيبنا ويمشي، طيب نعمل إيه
دلوقت؟
(فرفور أثناء هذا الكلام يكون مشغولًا بالتنفيس عن فرحه
وارتياحه بالقيام باستعراضات والقفز في الهواء والدحرجة على الأرض.)
نتصرف ازاي، ما تنطق يا بجم انت وتقول نتصرف ازاي.
فرفور
:
لا، عندك، ده كان زمان يا حبيبي، دلوقت تقول لي بجم، أقول لك ستين ألف مليون بجم،
تفتح في، أحط صوابعي في حبابي عينيك.
السيد
:
ما كنت بعقلك يا واد وأدبك، جرى لك إيه؟
فرفور
:
كنت بخوفي وانت الصادق، إنما دلوقت أنا حر، أنا خلاص أنا موش بني آدم، أنا بني
نفسي، الحمد لله، ما عادليش مؤلف، يا سلام يا ولاد، دي حكاية إن الواحد يتألف دي
رزلة رزالة، أجمل حاجة في الدنيا إنك تحس كده إنك مؤلف نفسك، إنت تقدر تعملها زي ما
انت عايز.
السيد
:
لأ، حيلك حيلك، مؤلف نفسك ده إيه، هي فوضى، إذا كان المؤلف مشي فالرواية لسة
موجودة، إنت فاهم إيه؟
فرفور
:
رواية مين يا عم وبتاع مين، ده كان قبل الحرب الكلام ده، رواية من غير مؤلف
وفتوات ولا تساوي عندي حاجة.
السيد
:
يا واد عيب بلاش تلبيخ، يعني لما كان هنا كنت ماشي زي الكلب، دلوقت خلاص، آه منك
يا جنس فرفور ما يخافش إلا بعنيه، خلاص يعني، راجل مؤلف كبير مشغول، تلقاه راح
مشوار كده ولَّا كده، نقوم احنا خلاص العب يا فار، لا، حيلك، فز، قوم اصلب حيلك
خلينا نشوف شغلنا.
فرفور
:
قوم انت لوحدك، أنا كده قاعد مستريح أوي.
السيد
:
فرفور.
فرفور
:
أنا موش فرفور.
السيد
:
يا واد عيب، أنا سيد.
فرفور
:
ولا انت سيد، أنا دلوقت بني آدم زيي زيك تمام.
السيد
:
ما انت بني آدم، بني آدم آه، إنما في الرواية فرفور.
فرفور
:
يبقى ماليش فيها، مثلها انت لوحدك.
السيد
:
ما هي المصيبة إن ما ينفعش أمثلها لوحدي، هو لو كان كده كنت سألت فيك، المصيبة أن
لا بد مننا احنا الاتنين.
فرفور
:
ولا بد ليه؟
السيد
:
هي كده، وموش هي بس، أي رواية عايزة على الأقل اتنين.
فرفور
:
دي الروايات القديمة بتوع زمان، دلوقتي فيه مؤلفين بيعملوا روايات يمثلها واحد
لوحده بس، دي حتى فيه أحدث من كده بكتير، بيعملوا دلوقت روايات مافيهاش ولا حد
أبدًا … الدنيا اطورت أوي أوي، والناس اتقدمت، وانت بس اللي راكن عند رواية أخينا
ده اللي حتى هو نفسه سابها ومشي.
السيد
:
قول فيها اللي تقوله، بس لازم تعرف إننا دلوقت ما عندناش غيرها. والناس أهي قاعدة
مستنية من الصبح، ولا بد نبتدي نشتغل وإلا انت سيد العارفين يحصل لنا اللي حصل في
الإسماعيلية.
فرفور
:
لأ، كله إلا الإسماعيلية دي، بلاش والنبي.
السيد
:
خلاص، قوم نشتغل.
فرفور
:
هو أنا رفضت أشتغل.
السيد
:
الحمد لله، يعني خلاص بقى.
فرفور
:
خلاص إيه.
السيد
:
تندمج بقى ونبتدي الرواية.
فرفور
:
وأبقى فرفور برضه؟
السيد
:
أمال يعني ست الحسن والجمال!
فرفور
:
لا يا عم، يفتح الله.
السيد
:
اسمع يا فرفور، أنا فاض بي خلاص، وماعنتش قادر بقى أكلمك كلمة واحدة، أقسم بالله
إن هاين عليَّ أخبطك خبطة أجيب أجلك.
فرفور
:
تعملها، والله تعملها، مين عارف يمكن تطلع لأولادك وتعملها، والله يمكن تطلع
لأولادك وتعملها.
السيد
(ينظر إليه بغيظ شديد)
:
اسمع، أنا من جهتي حاشتغل وحاقوم بدوري وأرضي ضميري.
فرفور
:
تعرف، تعرف يا عم سيد انت عيبك إيه، هم كتير كتير صحيح، إنما عيبك الناطق أوي إنك
دايمًا كده، موش عارف ليه زي اللي عليه ضميره، باين عندك تضخم شوية في ضميرك، ما
تشيله يا أخي وتريحنا، وحياة سيدي أبو الريش بيعملوا عمليات في أمريكا دلوقت
يستأصلوا بيها الضمير، أصله لقيوه بيقصر العمر.
السيد
:
أنا حابتدي الشغل أهه يا فرفور.
فرفور
:
الراجل ده موش عارف ليه بيفكرني بخالتي نبوية، كانت تخينة كده وعندها ييجي ١٨
عيل، وطول النهار عاقدة بوزها، وعليها تكشيرة كنت كل ما أشوفها أموت على نفسي من
الضحك، أصلي بقيت أقول في سري منين جد كده ومنين خلفت كبشة العيال دي كلها، ودي
كانت بتعمل كده وهي مكشرة برضه وعاقدة بوزها، ومن يومها كل أمَّا ألاقي واحد جد أوي
أوي ومكشر، أموت على نفسي من الضحك.
السيد
(بجدية وخطورة وتكشيرة)
:
اتقِ غضب الحليم يا فرفور.
(فرفور يقهقه من أعماق قلبه.)
السيد
:
لآخر مرة يا فرفور، أنا بأقول لك أنا حابتدي أهه، أنا دلوقت قعدت وحطيت رجل على
رجل ونفخت صدري. و… اسمع يا وله يا فرفور يا وله.
فرفور
(للجمهور مقلِّدًا القطة)
:
نو، حد معاه قطة، أنا سامع قطة بتنونو.
السيد
:
باقول اسمع يا وله يا فرفور يا وله.
فرفور
:
حد فيكو سامع حاجة، أنا شخصيًّا موش سامع.
السيد
(منفجرًا)
:
إنت عايز تجنني يا وله، عايز تقتلني، عايزني أنشل، ما ترد عليَّ يا وله.
فرفور
:
أيوه، أفندم، مالك، عايز إيه؟
السيد
:
حتشتغل ولَّا موش حتشتغل؟
فرفور
:
أي حاجة تانية مستعد أشتغل، إنما إذا كان فرفور وسيد مش مستعد.
السيد
:
موش مستعد ازاي؟
فرفور
:
اعتبرني مضرب، من حقي كده يا أخي، هه، أنا مضرب أهه، أنا مضرب إلى أن تتغير
الرواية، وحتى ذلك الحين أرجو لكم أطيب الأوقات والسلام عليكم ورحمة الله.
السيد
:
إنت فاهم يعني إنك حتغيظني، طيب ما تضرب، إنت حر، ولا شعرة مني حتنهز، دا أنا
كمان غيظة فيك مضرب أنا راخر، يعني لو قلت لي ياللا نشتغل موش حارْضَى. أمَّا نشوف
مين بقى اللي حيتغاظ، إنت عارف كويس أوي إن مفيش شغل يعني مفيش فلوس، والله لأسيبك
لما تمد إيدك تشحت، مضرب قال، ما تضرب، بتهددني أنا، ما عنك ما اشتغلت، هو انت
بتشتغل لي، إنت حر (فرفور مشغول عنه بالقيام بحركات يحاول
بها أن يضع جسده مثل فقراء الهنود في أكثر المواضع تعذيبًا
وإيلامًا).
السيد
:
تنام على حد الفاس، تنام على مسامير، تاكل سحالي، والله لأفضل وراك لما أخليك
تعمل زي مجاذيب الحسين، يا أنا يا انت.
فرفور
(لنفسه)
:
لو موش جعان كنت هريت بدنك. إنما لو … والله لو حكمت أربط حجر على بطني.
السيد
:
ساكت ليه يا فرفور، جعان ولا خرمان، ولا راكبك الهم من الفلس، تحب أسلفك؟ (يخرج محفظة ضخمة من جيبه) يا نهار اسود، دا أنا
راخر المحفظة مابقاش فيها غير عشرة جنيه … إنما معلهش، عبال ما أبتدي أنا أحس
بالجوع يكون هو بيطلعوا له شهادة الوفاة.
صوت زوجة السيد
:
يا حبيبي النهاردة خمسة في الشهر (بصوت مؤدب من خلف
الستار) وما ادتنيش المصاريف، إنت موش عارف إن الشهر ده عندنا كمان
فلوس الخياطة، اعمل حسابك، أنا حابْتِدي أزعل أهو، وإذا ما جبتش الفلوس بكرة، ما
أقدرش أقولك بقى أنا حاعمل إيه.
صوت زوجة فرفور
:
بقى بذمتك موش مكسوف من روحك، باعت لي نص فرنك مع الواد، أعمل بيه إيه النص فرنك
ده، أفكه وأدفع منه أجرة الأودة، وكل ما أكلمك تقول لي بكرة تفرج. والنبي، وحياة
الإمام الشافعي، وستنا سكينة، إن جيت بكرة من غير فلوس لموكلاك انت وولادك طين،
والنبي لأعملها وبكرة تشوف.
صوت زوجة السيد
:
لأ، اسمح لي بقى، ده كلام ماعادش ينفعني: هدوم الشتا وقلنا نأجلها للصيف،
إسكندرية وقلنا بلاش، نبقى نروح حمام السباحة في مينا هاوس، إنما توصل لحد إننا
ناكل عيش بلدي، ده اللي لا يمكن، أنا عمري ما أعرف العيش البلدي ده، ولا عمري دقته،
لأ … شوف لك طريقة يا جوجو، أنا ما أقدرش أستحمل دقيقة واحدة كمان.
(تدخل المسرح ووراءها أربع فتيات، الأولى تحمل طفلة صغيرة،
والثانية ترتدي ملابس الخادمة، والثالثة ملابس الفام دي شامبر والرابعة ملابس
الممرضة.)
السيدة
:
فين الفلوس؟
السيد
:
مفيش فلوس.
السيدة
:
ليه، بتصرفهم على حد تاني؟
السيد
:
ولا تاني ولا تانية، مفيش فلوس علشان مفيش شغل.
السيدة
:
ومفيش شغل ليه، الناس بطلت تموت؟ الميكروبات واخدة إجازة؟
السيد
:
أبدًا، حضرته عامل إضراب.
السيدة
:
ليه، إضراب ليه؟
السيد
:
موش عاجبه يشتغل فرفور.
السيدة
:
وموش عاجبه ليه؟
السيد
:
أنا عارف، اسأليه.
السيدة
:
أنا باسألك انت، تقوم انت اللي تجاوب، موش عاجبه ليه؟
صوت زوجة فرفور
:
هو فين ابن فردة الوطي ده، بقى حصلت إنه يبات برة.
(تدخل المسرح ووراءها جيش من الأولاد والصبية الحفاة
الممزقي الثياب) لو راجل ما يعملش كده، كل اللي هو شاطر فيه أنه يعمل
لي ديك ويخلف لي في السنة عشرة. لما يجوعوا دول، أوكلهم ازاي؟ هو فين ابن … (تكتشف أنه راقد) يه، يه، يا مصيبتك السودة،
يا نهارك اللي شبه ليلك، وليلك اللي أسود من وشك، بقى نايم لي هنا ولا على بالك
(تفقع بالصوت) يا خيبتك يا أم الفرافير،
يا ميلة بختك، يا وكستك يا بعيدة.
فرفور
(مفيقًا من حالة الإضراب)
:
جرى إيه يا ولية حد مات لك؟
الولية
:
إنت.
فرفور
:
أنا عايش أهه يا ولية.
الولية
:
إنما حاموِّتك حالًا دلوقتي، بقى سايبنا يا راجل كده وجاي تنام هنا.
فرفور
:
أنا موش نايم يا ولية، أنا مضرب.
الولية
:
إن شا الله والمعين الله تنضرب البعيد في نضرك، مضرب مين، وضاربه ليه، وضربك
امتى؟
فرفور
:
مضرب عن العمل، ثم بلاش دعاوي أصلك طويلة كده وقريبة م السما وصوتك مسرسع وأسرع م
البرق، يمكن دعوتك توصل.
الولية
:
مضرب عن العمل ليه؟
فرفور
:
علشان الراجل ده عايز يشغلني عنده فرفور على طول.
الولية
:
وماله.
فرفور
:
بس قبل أي حاجة سرحي الولاد دول من هنا. ياللا يا واد انت وهو يا وله، فضوها
خلاص، ياللا، انصراف، مفيش قزازة بوليس نجدة، ياللا يا واد انت وهو، ياخويا مالهم
عاملين كده ليه، بقى معقول أنا مخلف الواغش ده كله، والله أنا قلبي بيقولي لي إن
تلاتة أربعة من العيال دول داخلين غلط في عيالنا، ياللا، ياللا، بيتك بيتك، اديهم
اديهم الأمر يا ولية.
الولية
:
أصل دول زي أبوهم، ما يجوش بالذوق، ما تياللا يا ولاد ستين كلب انت وهو.
(يجري الصغار مهرولين إلى الخارج.)
فرفور
(في سره)
:
كلب لما يجرك من زمارة رقبتك.
زوجة فرفور
:
بتقول إيه؟
فرفور
:
أنا؟ إن شالله يتربط لساني في سقف حلقي إذا كنت قلت حاجة.
زوجة فرفور
:
بتقول إنه عاوز يشغلك فرفور، وماله، فيها إيه.
فرفور
:
فيه حاجات ما تفهميهاش، فيها يا ستي.
زوجة السيد
:
له حق يا أخي.
زوجة فرفور
:
هي العين تعلا على الحاجب يا راجل انت.
زوجة السيد
:
الكلام ده كان زمان، إيه اللي سيد فرفور.
زوجة فرفور
:
ده حتى صوابعك مش زي بعضها.
زوجة السيد
:
متى استعبدتم الناس يا جوجو وقد ولدتهم ماماتهم أحرارًا، فوق لنفسك بقى.
زوجة فرفور
:
فيه ناس أسياد ضروري وناس زيك كده، ما ينفعوش إلا فرافير.
زوجة السيد
:
الدنيا اتطورت واتغيرت واتقدمت.
زوجة فرفور
:
فيه الرجالة وفيه اللي بيسموهم أبو الرجالة.
زوجة السيد
:
ده ملك فرنسا قطعوا رقبته وقالوا حرية وإخاء ومساواة، ما تصحى بقى.
زوجة فرفور
:
فيه يا أخي الناس الدهب وفيه النحاس، وفيه ناس صفيح نصهم صدا زيك كده.
زوجة السيد
:
ده موش سُنة الكون ولا حاجة، ده كلام قالوه زمان، إحنا ولاد النهاردة، ماعادش فيه
خيار وممبار، أنا زيك وانت زيي.
زوجة فرفور
:
ما التور ولا مؤاخذة أقوى من البني آدم اللي زيك، وبيشتغل أكتر، إنما مين اللي
بيشغل التاني، هو.
زوجة السيد
:
إنت إنسان وهو إنسان، سيد وفرفور دي مش موجودة إلا في عقول بعض الناس اللي
متصورين نفسهم أحسن من الناس وأذكى من الناس.
زوجة فرفور
:
إنت صحيح بتشتغل كل الشغل، بس هو كمان بيشغل مخه علشان يشغلك، فاللي بيشغل مخه
يبقى سيد، واللي بيشغل جسمه يبقى فرفور.
زوجة السيد
:
وحتى لو انت أذكى مني، مين قال إن ده يديك الحق إنك تتحكم فيَّ.
زوجة فرفور
:
وآدي انت زي ما انت شايف، منين ما تروح حيشغلوك فرفور.
زوجة السيد
:
كون إنسان ممتاز زي ما انت عايز، إنما ذنبي إيه أنا ياللي موش ممتاز.
زوجة فرفور
:
يبقى في الحالادي السيد اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش، وفرفور حي ياسي فرفور
ولا ألف سيد ميت من الجوع.
زوجة السيد
:
إنت ما بتعرفش تشتغل يا جوجو، واحنا بناكل من شغله.
زوجة فرفور
:
وأهو كله شغل بناكل منه عيش، وإذا ما اشتغلتش حنموت من الجوع.
زوجة السيد
:
ياللا قوم صالحه.
زوجة فرفور
:
هم ليهم الدنيا يا فرفور، واحنا لينا الآخرة.
زوجة السيد
:
شوفه عايز إيه وخليه يعمله، مفيش أدوار، شوفوا رواية تانية.
زوجة فرفور
:
في الآخرة حنبقى احنا الأسياد وهم الفرافير، بس المسألة عايزة شوية صبر، موش
بيقولوا إن الله مع الصابرين، أهو احنا الصابرين دول، فرافير الدنيا وأسياد الآخرة،
اللي صبروا ونالوا، إحنا الكسبانين.
زوجة السيد
:
بلاش العند بقى أحسن حيودِّينا كلنا في داهية، ياللا قوم صالحه ياللا أمَّال،
يادوبك ألحق أنا ميعاد بروفة الخياطة.
زوجة فرفور
:
قوم يا فرفور، اعمل لك مروة واتحرحر، ماله كده عامل زي اللي حيسقوه شربة الدود،
قوم يا فرفور أمال اخزي الشيطان.
زوجة السيد
:
خلاص يا جوجو بقى خليك البادي، ياللا يا ماي سويتي دارلنج.
زوجة فرفور
:
إذا كان لك عند الكلب حاجة يا فرفور، تقوله يا إيه، ما تنساش.
السيد
(يواجه فرفور)
:
أنا موش عارف أقول لك إيه.
فرفور
:
وأنا راخر برضه موش عارف.
السيد
:
أنا مكسوف يا فرفور.
فرفور
:
وأنا مكسوف يا سيد. تيجي ما تنكسفش ونبص لبعض واللي يحصل يحصل؟
السيد وفرفور
:
ياللا …
فرفور
(معًا وهما يستديران)
:
أنا مستعد أعمل كل اللي انت عايزه.
فرفور
:
وبعدين بقى دا احنا بالطريقة دي موش حنخلص، اسمع يا ولا يا سيد، إنت مصر يعني إني
لازم أشتغل فرفور؟
السيد
:
أبدًا، أبدًا، بلاش فرفور خالص، بلاش الرواية كلها إذا حبيت، على كيفك.
فرفور
:
حظك وحش يا سيد.
السيد
:
ليه يا فرفور؟
فرفور
:
لو كنت استنيت همسة كنت اتنازلت أنا، وقلت لك أنا مستعد أشتغل معاك فرفور العمر
كله، إنما دلوقت خلاص يا حلو، إنت اتنازلت لي خلاص وما دام نطقت بها بقى التنازل
رسمي.
السيد
:
بقى تخليني أدلق كده وتضحك عليَّ، طيب أنا ساحب كلامي.
فرفور
:
لأ، لأ، لأ، بقى ده كلام ده، بقى واحد زيك قعد سيد شوف كام ألف سنة على حد قولك،
يقوم يسحب كلمته، يصح كده؟
السيد
:
موش أحسن ما كلمته تسحب منه السيادة.
فرفور
:
إذا سحبتها ضاعت منك السيادة، وإذا خليتها تبقى انت اللي بتتنازل عنها وكيفكان هي
رايحة رايحة، فتفضل إنها تضيع ولَّا إنك تتنازل عنها؟
السيد
:
كروتني في دي رخرة كمان، معلهش، كله يتعوض، يعني احنا بقى خلاص، سيبنا الرواية
وبقينا لا سيد ولا فرفور.
فرفور
:
مع ألف سلامة (ملقيًا بالكتاب إلى جانب
المسرح) مع ألف سلامة.
السيد
:
ونقف كده من غير رواية؟
فرفور
:
مين قال لك من غير رواية.
السيد
:
أمال هو فيه رواية تانية؟ عندك رواية؟
فرفور
:
لأ، ماعنديش.
السيد
:
أمال رواية تانية إيه بقى.
فرفور
:
اللي حنألفها احنا.
السيد
:
أهو ده عيبك يا فرفور، إنك تيجي ساعة الجد وتهزر، نألفها إيه، هو احنا نعرف نألف
جملة واحدة، كلمة حتى، لما عايزنا نألف رواية، وامتى؟ دلوقتي كده واحنا واقفين قدام
الناس؟ نألفها كده ونندمج فيها ونمثلها وكل ده في وقت واحد، ليه، كانوا قالوا لك
علينا عباقرة.
فرفور
:
إنت بتعقدها أوي، دي بسيطة يا شيخ ولا عايزة عبقرية ولا حاجة، دا انت حتلاقيها
سهلة بشكل.
السيد
:
سهلة إيه بس، وتأليف إيه، هو ده معقول إن اتنين يقعدوا يألفوا كده مع بعض.
فرفور
:
لأ، ما احنا حنقسمها.
السيد
:
نقسمها ازاي؟
فرفور
:
واحد يألف الأدوار، والتاني يختار، تحب بقى تألف انت وأختار أنا، ولَّا أألف أنا
وتختار انت؟
السيد
(لنفسه)
:
أمَّا عبيط صحيح، طيب أنا أنقي أسهل شغلة بقى … ألف انت يا سيدي وأنا
أختار.
فرفور
(لنفسه)
:
أمَّا عبيط صحيح، هو موش عارف إن اللي حألِّفه مافيهش خيرة ولا حاجة … شوف بقى
يا سيدي، لأ، ما تنفعش دي، دي زلة لسان، إحنا من هنا ورايح زي ما اتفقنا لا فيه سيد
ولا فرفور، خدت بالك بقى احنا لا حنعمل زي المؤلفين ونسرح ونحلم، ونخرف ولا كلام من
ده، إحنا حنبتدي على طول بالحقيقة، بالموجود.
السيد
:
والموجود ده إيه؟
فرفور
:
أنا وانت.
السيد
:
يعني فرفور وسيد.
فرفور
:
إنت حتستعبط، أنا راجل وانت راجل، نبقى إيه، راجلين. أدحنا أهه، أنا وانت، وانت
وأنا زي بعض تمام.
السيد
:
كويس أوي، وبعدين.
فرفور
:
وبعدين بقى نشتغل زينا زي بعض تمام، لا انت سيدي ولا أنا سيدك.
السيد
:
قصدك يعني نبقى احنا الاتنين فرافير؟
فرفور
:
ما بلاش الأسامي القديمة دي، ولَّا أقول لك يعني انت جيت في جمل، افرض اننا يا
سيدي الاتنين فرافير.
السيد
:
كويس أوي، ومين بقى حيبقى السيد؟
فرفور
:
سيد إيه ده كمان، مفيش أسياد، كل واحد سيد نفسه، فرفور نفسه وسيد نفسه.
السيد
:
بس؟
فرفور
:
مابسش، ياللا، آدي احنا أهه، من أول وجديد، يا مولاي كما خلقتني، لا مؤلف ولا
رواية ولا يحزنون، نشتغل بقى.
السيد
:
نشتغل إيه؟
فرفور
:
في صنعتنا برضه، تربية، ياللا ضهري في ضهرك وفاسك في إيدك وفاسي في إيدي …
وتوكلنا على الله.
(ويرفعان فأسيهما فيصطدمان.)
فرفور
:
ده شغل ده يا جدع، ما تشتغل كويس.
السيد
:
احنا مش اتفقنا، ماحدش له كلمة على التاني، كل واحد سيد نفسه، اشتغل بقى يا سيد
نفسك (يبدآن في العمل، فرفور يترك الفأس ويهم بالحديث،
ولكن نظرة من سيده تعيده إلى عمله … السيد يتوقف فينظر له فرفور بحدة واتهام
فيشير له بأنه يريد أن يهرش مكانًا في ظهره. يحاول فلا يستطيع، يطلب من فرفور،
يرفض فرفور بشدة، فينتهز السيد فرصة تلاقي ظهراهما أثناء الاعتدال ويحك ظهره في
ظهر فرفور، فرفور يغتاظ من تكرار العملية فينحني مرة ولا يعتدل بينما السيد قد
وقف واعتدل ودفع نفسه إلى الوراء ليحك ظهره بظهر فرفور فيقع على ظهر فرفور الذي
يعتدل بها وينتظر أن يغادر ظهره بعد ما وقف، ولكنه يظل ملتصقًا به، فينحني
فرفور ليفحر ويظل السيد أيضًا لاصقًا بظهره، يقف فرفور ويبدأ في الانحناء وحين
يجد الآخر لا يزال لاصقًا بظهره يعود إلى الوقوف ثم يدفع السيد إلى الأمام
ليجبره على الانحناء ثم بسرعة وبخفة يعتدل تاركًا السيد منحنيًا. ينحني هو
الآخر ويظل منتظرًا أن يعتدل السيد، ويظل السيد منتظرًا أن يعتدل فرفور، فرفور
ينتهز الفرصة مرة ويعتدل بسرعة فيعتدل الآخر، ولكن فرفور يكون قد عاد إلى
الانحناء).
السيد
:
اسمع يا فرفور.
فرفور
:
ولا كلمة، اشتغل.
السيد
:
عايز أكلمك.
فرفور
:
وانت بتشتغل.
السيد
(ينظر إليه بغيظ ويعود للعمل)
:
وبعدين يا فرفور، حنفضل نشتغل كده؟
فرفور
:
أيوه، حنفضل نشتغل كده.
السيد
:
عاجبك كده؟
فرفور
:
أنا عندي كده أحسن مليون مرة من إني أشتغل لوحدي، وانت تسيد علي.
السيد
:
ما احنا يا فرفور ياخويا لازمنا حد يسيد علينا.
فرفور
:
لازمنا ليه، مالوش لازمة أبدًا.
السيد
:
على الأقل يقول لنا نشتغل امتى ونبطل امتى.
فرفور
:
كل واحد يقول لنفسه.
السيد
:
طيب أنا أهه، حاقول لنفسي بطلي يا نفسي … خلاص بطلت.
فرفور
:
ودي مرجلة دي، ما تشتغل يا جدع زي الناس.
السيد
:
مالكش كلام علي، كل واحد سيد نفسه.
فرفور
:
ما هو اعمل حسابك، لو ما اشتغلتش مفيش أكل.
السيد
:
وهو فين الأكل، يعني شايف الزباين نازلة ترف، ما هو احنا بقى لنا يوم بطوله
عمالين نشتغل على الفاضي.
فرفور
:
ولا يهمك، زمانهم جايين في السكة، أنا شايف هللولة جاية من بعيد أهه، وواحدة
نازلة صويت، ده لازم ميت سقع، اشتغل بقى ياللا.
السيد
:
وحايعرفوا إن احنا هنا ازاي، موش لازم واحد مننا يشتغل والثاني يروح
يقابلهم.
فرفور
:
مفيش كلام من ده، إحنا الاتنين نشتغل، وعشان يعرفوا مكاننا أهه، نعلق يافطة … هنا
تربية القبور لصاحبيه فرفور وفرفور.
(تدخل جنازة مكونة من ثلاثة رجال يحملون ميِّتًا في كفنه بلا
خشبة، وإنما اثنان منهم يحملان من ناحية والثالث يحمله من عند قدميه، الميت هو نفس
الشخص الذي كان سارحًا بنفسه في الفصل الأوَّل، وخلف الجنازة أرملة الفقيد متشحة
بالسواد معفرة الوجه معصوبة الرأس بين يديها وشاح أسود تندب به.)
القادمون
:
سلامو عليكم يا جماعة.
فرفور
:
… سلام ورحمة الله.
السيد
:
…
فرفور
:
أنا بيتهيألي إننا شفنا الجدع ده قبل كده.
السيد
:
يعني حنكون شفناه فين يا أخي.
فرفور
:
مش فاكر، إنما بيتهيألي يعني بيتهيألي إن الراجل ده اشتغلنا مرة عليه، مش فاكر
الخمسين قرش.
السيد
:
أنهي خمسين قرش؟
فرفور
:
لما كانت مزنقة أوي مرة.
السيد
:
أنهي مرة؟
فرفور
:
لما كُنَّا عايزين ميت نشتغل عليه.
السيد
:
أنهي ميت؟
فرفور
:
عندك حق، ما هم كتير، الواحد حيفتكر إيه ولَّا إيه.
الميت
(يميل برأسه محدِّثًا فرفور وسيده)
:
إنتم تربية قبور.
فرفور والسيد
:
أيوه يا عم يلزمك خدمة؟
الميت
:
عندكم دفنة كويسة؟
فرفور والسيد
:
أوي أوي، أحسن دفنة في السوق.
فرفور
:
تحب تندفن دور أرضي؟
السيد
:
والله بدروم أحسن، كل ما وطيت يكون أحسن.
فرفور
:
وتحبها دفنة صيفي كده؟
السيد
:
والله ننقي لك الغطا شتوي؟
فرفور
:
وتحبها على البحري؟
السيد
:
ولا صعيدي قبلي؟
الميت
:
إيه ده يا أخويا ده، فين المعلم بتاعكو؟
فرفور والسيد
:
احنا الاتنين معلمين.
الميت
:
أمال فين الصبيان بتوعكم؟
فرفور والسيد
:
ما احنا برضه الصبيان.
الميت
:
إيه اللخبطة دي، هي الآخرة برضه ملخبطة زي الدنيا، إنتو يا جماعة انتو، إنتو من
أهل الدنيا ولَّا من أهل الآخرة؟
فرفور والسيد
:
بين بين.
الميت
:
ما هو أنا ما بينفعنيش الكلام ده، (لحامليه)
نزلوني يا أولاد.
زوجة الميت
:
يا حبيب عيني، ماكانش يومك اليوم ده يا سبعي.
الميت
:
اسكتي يا ولية انتي رخرة وانتي ملخبطاني كده دنيا وآخرة، استني أمَّا نشوف حكاية
الناس دي إيه، إنتو حكايتكم إيه انتم الاتنين صبيان، وانتو الاتنين معلمين، والله
ده لا شغل صبيان ولا شغل معلمين.
فرفور والسيد
:
أمال شغل إيه؟
الميت
:
شغل عيال، ما تشوفوا لي أمال واحد أتكلم معاه.
السيد
(لفرفور)
:
جالك كلامي، موش قلت لك لازم واحد مننا يفحر والتاني يتفق.
فرفور
:
مفيش كلام من ده، نشتغل سوا سوا ونتكلم سوا سوا.
السيد
:
أهو عايز واحد بس يتكلم معاه.
فرفور
:
واحنا على مزاجه، هو اللي لازم يمشي على مزاجنا.
الميت
:
اتفقتوا؟
فرفور والسيد
:
أيوه، اتفقنا.
الميت
:
أتكلم مع مين فيكم بقى؟
فرفور والسيد
:
معانا احنا الاتنين.
الميت
:
أنا عايز واحد.
فرفور والسيد
:
الاتنين.
الميت
:
واحد.
فرفور والسيد
:
الاتنين.
الميت
:
ما هو يا واحد أكلم معاه يا أسيبكو وأشوف غيركم.
السيد
:
شفت بقى.
فرفور
:
سيبه يروح مطرح ما يروح.
السيد
:
يروح ازاي، وتضيع شغلنا طول النهار على الفاضي.
فرفور
:
وبعدين؟
السيد
:
نسمع كلامه، وأكلم أنا معاه.
فرفور
:
لا يمكن.
السيد
:
حايمشي.
فرفور
:
يمشي أحسن ما يمشي كلامه علينا.
السيد
:
احنا مضطرين.
فرفور
:
يبقى نتكلم معاه بالدور، أنا مرة وانت مرة.
الميت
:
خلاص اتفقتوا.
فرفور والسيد
:
أيوه اتفقنا.
الميت
:
حاتكلم مع مين؟
فرفور
:
مع اللي ييجي عليه نبطشية الكلام.
الميت
:
بقى أنا يا ولية موصيكي ومشدد عليكي تدفنيني في الغفير تقومي تجيبيني في الخانكة،
نهايته، وريني بقى ياخويا القبور اللي عندكم.
فرفور
:
والله احنا مفصلين حتة قبر، إنما الواحد يحب يدفن فيه بالحيا.
الميت
:
مفصلينه لمين بقى؟
السيد
:
لواحد باشا محترم أوي من باشوات زمان.
الميت
:
وما اندفنش فيه ليه؟
فرفور
:
طلع ضيق عليه من الوسط حبتين.
الميت
:
نشوفه.
السيد
:
اتفضل جربه.
(الميت يحاول تجربة القبر.)
الميت
:
قبر إيه ده، ده لا يساع باشا ولا دقن الباشا، ده جحر فأر، ده ما يسعش صرصار، دا
إيه القرف ده، إنتو شغلكوا يقرف.
فرفور
:
ديهدي، ومالك بتشخط كده ليه، إياك فاكرنا بنشتغل عندك.
الميت
:
طبعًا بتشتغلوا عندي، اللي يفحر لي قبري زي اللي يفصل لي كفني زي اللي يمسح لي
جزمتي، يبقى بيشتغل عندي.
فرفور
:
لأ احنا مش بنشتغل عندك.
السيد
(مقاطعًا فرفور)
:
دي نبطشيتي دي، لا يا عم، إحنا بنشتغل عند نفسينا.
الميت
:
لأ، عند نفسيكم بقى لما تكونوا بتعملوا قبور لنفسيكم، إنما ما دام بتعملوها لي
ولغيري تبقوا بتشتغلوا عندي وعند غيري، وسواء كده أو كده صراحة شغلكم يقرف، اسمعوا
بقى يا تلقولي واحد أوسع من ده شوية وأقصر نص متر بحاله يا أرفدكوا وأشغل غيركم،
قلتوا إيه؟
السيد
:
قلت إيه يا لمض؟
فرفور
:
بقى راجل معصفر كُنَّا بنشتغل عليه زي ده يشغلنا عنده فرافير على آخر
الزمن.
السيد
:
ما هو الشغل كده، ما دام تبتدي تشتغل يبقى لازم حتشتغل لغيرك ويصبح غيرك
سيدك.
فرفور
:
بقى كده.
السيد
:
كده.
الميت
:
اتفقتم؟
السيد وفرفور
:
أيوه اتفقنا.
الميت
:
على إيه؟
فرفور والسيد
:
حانترفد أحسن.
الميت
:
أنا قلبي كان بيقول لي إنكم موش وش نعمة، باين عليكم كده إنكم وش نكد، وش رفد،
وشكم مكتوب عليه لا توجد وظائف خالية، شيلوا يا اخواننا (تتحرك الجنازة كما دخلت).
فرفور
:
روح يا شيخ، جاك قبر يلمك.
السيد
:
ده نمرة كام ده؟
فرفور
:
ده عاشر ميت يرفدنا ويسيبنا ويمشي، ولَّا باينه نمرة ١١، إنما زي بعضه، ولا يهمك،
بقى أنا ما أرضاش أشتغل فرفور عندك، يقوم عايزنا احنا الاتنين نشتغل عنده فرافير،
حظ إيه النحس ده، ما كُنَّا يا أخي اخترنا شغلة مافيهاش البهدلة دي.
السيد
:
أهو كله محصل بعضه.
فرفور
:
يبقى نبطل أحسن.
السيد
:
نبطل … (بعد برهة) تحرم تبقى تعمل جدع وتألف،
أهو تأليفك ما نفعش أهه.
فرفور
:
ويعني روايتك اللي كانت نافعة ياخي.
السيد
:
قال إيه كل واحد فرفور نفسه وسيد نفسه، اتفضل، آديك شفت يا سيد نفسك.
فرفور
:
موش أحسن، من قال إيه، إنت فرفور وأنا سيدك، اسمع يا ولد يا فرفور يا وله (ثم فجأة) اسم يا وله يا سيد يا وله، أنا جاتني فكرة
جهنمية.
السيد
:
تأليف برضه.
فرفور
:
ده إلهام كده من عند ربنا، ده ماحدش يقدر يألفها دي، دي حاجة لوحدها كده، إيه
رأيك؟
السيد
:
رأيي في إيه، أنا شفت حاجة.
فرفور
:
إيه رأيك في الحل ده، آدي انت اشتغلت سيد وأنا فرفور ما نفعناش، وآدي احنا
اشتغلنا احنا الاتنين فرافير ما نفعناش، ما تيجي نقلبها.
السيد
:
نقلبها ازاي؟
فرفور
:
أشتغل أنا السيد وانت فرفور.
السيد
:
لأ العب غيرها، وجبت إيه من عندك، ما حيبقى فيه فرفور وسيد برضه.
فرفور
:
نجرب، يمكن نلاقي فرق، حد ضامن يعني إن مفيش فرق، نجرب يا أخي، إحنا موش بنجرب،
نجرب، اعمل فرفور مرة في حياتك.
السيد
:
نجرب، أمري إلى الله، ده بس علشان خاطرك انت بس، أي والله، هه، أمرنا لله.
فرفور
:
اندمجت؟
السيد
:
اتوكل على الله.
فرفور
:
اسمع يا وله يا سيد يا وله (ثم مستدركًا) لأ
دي ما تنفعش دي، من تاني … اندمجت؟
السيد
:
اتوكل على الله.
فرفور
:
اسمع يا وله يا فرفور يا وله.
السيد
:
نعم.
فرفور
:
فيه نعم واقفة كده مرة واحدة، ما تحركها شوية يا وله، نعمها شوية يا وله، صنفرها
كده ومعجنها ولونها يا بجم.
السيد
:
نعم يا سيدي.
فرفور
:
أهو كده، ما تجيش إلا بالشتيمة يعني، حاكم أنا عارف الصنف بتاعكو ده، صنف خسيس
نجس، عارفه كويس، عارفه كويس أوي من أيام المرحوم بابا ما كان عايش، وكان عندنا واد
فرفور زيك كده شاريهولي دادي علشان أتعلم عليه.
السيد
:
تتعلم عليه إيه، المشي؟
فرفور
:
أتعلم التسييد يا وله، قبل ما نمشي لازم في عيلتنا نتعلم التسييد.
السيد
:
إنت حتألِّف مذكراتك والله يا سيد، ما تخلينا في الموضوع.
فرفور
:
أيوه، خلينا في الموضوع، اسمع يا وله يا فرفور يا وله، أنا باشتغل إيه؟
السيد
:
إنت سيدي.
فرفور
:
وانت بتشتغل إيه؟
السيد
:
تربي.
فرفور
:
ماعندكش أنيل من كده؟
السيد
:
ماعنديش.
فرفور
:
طيب ياللا اشتغل.
السيد
:
حاضر، نشتغل (يبدأ في العمل).
فرفور
(صمت)
:
… اسمع يا وله يا فرفور، أنا جاتني فكرة، بدل ما تعمل القبور نايمة كده افحرها
واقفة يا وله علشان نوفر في الأرض.
السيد
:
واقفة؟
فرفور
:
أيوه، واقفه كده … زي قزايز الكازوزة في الصندوق.
السيد
:
حاضر.
فرفور
:
اسمع يا وله، ولَّا أقول لك، إنت بتفحر القبور دور واحد بس، لأ لأ افحره دورين
وتلاتة، اعملهم ناطحات سحاب تحت الأرض، خليهم ينطحوا المية.
السيد
:
حاضر.
فرفور
:
اسمع يا وله يا فرفور يا وله.
السيد
:
نعم يا سيدي.
فرفور
:
أنا جاتني فكرة تقدمية أوي، إيه رأيك أنا عايزك تفحر لي قبر فوق الأرض.
السيد
:
وأفحر فوق الأرض ازاي؟
فرفور
:
وأنا مالي أنا، أنا عليَّ أديك الأمر وخلاص، أمال انت شغلتك إيه، فكر.
فرفور
:
أفكر؟ إنت عايزني أتنازل عن السيادة يا ولد.
السيد
:
بس وأفكر ازاي بس، اعمل له إيه ده؟! أفحر قبر فوق الأرض؟ حد يقول الكلام
ده؟!
فرفور
:
قالوه وعملوه كمان.
السيد
:
هم مين؟
فرفور
:
خوفو يا مغفل، موش حفروا له قبر فوق الأرض؟
السيد
:
أعمل لك هرم يعني؟ ما تقول كده من الصبح وتخلصني.
فرفور
:
أقول كده ازاي ونخلص، إن عملت كده ما أبقاش سيد يا وله، السيد السيد صحيح هو اللي
لما يعوز هرم يقول لك أنا عايز قبر فوق الأرض، ولما يعوز يرفدك يقول لك أنا رأيي
إنك تستريح، ولما يعوز يقول لك عمى في عينك يقول لك ما تفتح عينك كويس، ولما يعوز
يقول لك انت حرامي يقول لك احسبها تاني، ولما يعوز يقول لك اخرس يقول لك تسمح لي
أكمل كلامي … أمَّال، دي سيادة يا ابني موش انت، السيادة دي فن موش زي ما كنت عامل
لي سيد كده، أنا عارف انت بقيت سيد ازاي؟ إنت يا ولد بقيت سيد ازاي؟
السيد
:
موش حسب رغبتك.
فرفور
:
أهي دي شتيمة دي.
السيد
:
شتيمة ازاي.
فرفور
:
إنت موش عارف إن الفرافير اللي زيك واللي زيي سابقًا لهم لغة برضه بيشتموا بيها،
لما يكونوا عاوزين يقولوا للسيد إنه غبي يقولوا له يا سلام على الذكاء، وإذا واحد
قال لك العفو يبقى معناها اتفوه، وأمرك معناها ده بعمرك، وحاضر معناها موش قادر،
وأنا خدامك يعني أنا قدامك … إلخ، إلخ، ولَّا انت موش معايا؟
السيد
:
أنا تحت أمرك.
فرفور
:
ينقصف عمرك انت.
السيد
:
العفو يا سيدي.
فرفور
:
اتفوه عليك انت وعلى اللي عملك فرفور.
السيد
:
أنا خدامك.
فرفور
:
يا سلام، أهو الواد اتعلم، أنا ملاحظ إنك اتلحلحت كده وابتديت تتفرفر
يا وله.
السيد
:
وأنا ملاحظ يا وله يا سيد إنك ابتديت تبقى رخم كده ودمك يتقل.
فرفور
(متثائبًا وبثقل دم حقيقي)
:
لا يا شيخ، دمك خفيف أوي.
السيد
:
إلا قول لي يا سيد، ولا يا سيد، إنت سيد ليه؟
فرفور
:
سيد ليه، فيه حاجة اسمها ليه، أنا سيدك وخلاص. كل سيد لازم يكون له فرفور، وكل
فرفور لازم يبقى له سيد، ولَّا الدنيا تبوظ والكون يفسد وتحل الفوضى.
السيد
:
والله وصلنا يا سي فرفور.
فرفور
(مندمجًا تمام في الدور)
:
فرفور إيه يا ولد، أنا سيد.
السيد
:
ولا سيد ولا حاجة، إنت بس مندمج أوي في حكاية سيد وناسي إننا لسه ما وصلناش
لحل.
فرفور
:
حل إيه، هو فيه حاجة عايزة حل، أنا شخصيًّا موش شايف حاجة عايزة حل.
السيد
:
لك حق، إنت ناسي إنها فكرة جهنمية هبطت عليك من السما كده لوحدها علشان نجربها …
وآدي احنا جربناها أهو وواضح أوي إنها موش نافعة.
فرفور
:
طيب ما نستنى شوية، يمكن تنفع.
السيد
:
إنت خدت على القعدة، قوم فز قوم.
فرفور
:
قامت قيامتك، وانت عامل زي مراتي كده، آديني قايم أهه، بس اعمل حسابك.
السيد
:
اعمل حسابك انت، يا حاتلاقيلنا حل تاني يا حانرجع للرواية (مشيرًا إلى مكان الكتاب).
فرفور
:
لأ، لأ، لأ، أنا في عرضك، لازم نلاقي حل، لا بد فيه حل، وهو ده معقول يا ناس،
أمال إيه الله بيقولوا كل عقدة وليها ألف حلال، أنا عايز حلال واحد، واحد عنده حل …
أنا مخي يا جدعان وقف خلاص، فلتت السنجة بتاعته، وركن (للجمهور) حدش فيكم مخه شغال، حلال مفيش حلال، مفيش فيكو مؤلف، مخرف
حتى. مفيش؟
المتفرج ١
:
أنا عندي حل.
فرفور
:
بتقول إيه، عندك حل، ميت فل عليك، أهو كده، أنا برضه كنت متأكد إني حالاقي واحد
على الأقل عنده مخ، الحقنا ياخويا بحلك، قول، نعمل إيه، بس اوعى يكون فيها فرفور
وسيد، فيها؟
المتفرج ١
:
لأ، مفيش.
فرفور
:
أمال حلها إيه بقى يا أخ؟
المتفرج ١
:
إن انتو الاتنين تعملوا أسياد.
السيد
:
احنا الاتنين أسياد.
المتفرج ١
:
أيوه.
فرفور
:
يعني احنا الاتنين نتسيد كده، وما نشتغلش؟
المتفرج ١
:
أيوه.
السيد
:
أمال مين يشتغل؟
المتفرج ١
:
الدولة.
فرفور
:
الإيه؟
المتفرج ١
:
الدولة.
فرفور
:
دولة إيه، أنا موش فاهم حاجة أبدًا، ما تتفضل عندنا هنا تفهمنا، الحقنا ياخويا،
الحقنا وفهمنا.
(ينتقل المتفرج إلى المسرح.)
المتفرج ١
:
أيوه الدولة، ما هو انتو الاتنين تعملوا دولة، كل واحد فيها سيد نفسه وتسيدوا كده
والدولة هي اللي تشتغل.
فرفور
:
يا حلاوة يا ولاد، أمَّا حتة حل، دا انت عبقري، دا انت حتة دين عبقرية، حلوة أوي
حكاية الدولة دي.
المتفرج ١
:
بس تعرفوا تعملوها؟
فرفور
:
أوي أوي، دي بسيطة أوي، ده مفيش أبسط من كده. دا احنا حتى نعملها إمبراطورية
كمان، يا دين النبي يا هوه، كان تايه مننا الحل ده فين (للسيد) قوم بقى يا سيدنا الأفندي، كتر خيرك، وسيب الباقي علينا، كتر
ألف خيرك، إنت شرفتنا أوي أوي، ما تنساش تسلم على الجماعة (ثم للسيد) ياللا بقى يا جدع نعمل الدولة.
السيد
:
وهي الدولة يا ولد بتتفبرك كده؟
فرفور
:
ده مفيش أسهل من فبركتها، إسرائيل مش فبركوها في ساعة، دي بسيطة أوي أوي.
السيد
:
ما هي عايزة اسم يا فرفور.
فرفور
:
نسميها.
السيد
:
يبقى نسميها على اسمي، نسميها الإمبراطورية السيدية.
فرفور
:
سيدية إيه يا جدع، ده ينفع اسم مسمط ده، لأ، لأ، لأ، إحنا نعمل زي تشيكوسلوفاكيا
كده ولَّا ماليزيا، وناخد حتة من اسمك وحتة من اسمي.
السيد
:
وتبقى إمبراطورية السفرور.
فرفور
:
اسمع يا جدع، إنت مالكش دعوة خالص، إنت ماعندكش خيال بالمرة، مالكش في التأليف
أبدًا، اسكت انت، إحنا حنسميها إمبراطورية فرفوريا العظمى.
السيد
:
وده اسم ده.
فرفور
:
ماله فرفوريا، موش بذمتك أحسن من كوريا ومنشوريا.
السيد
:
بس مافيهش من اسمي ولا حرف.
فرفور
:
أمال الألف اللي في الآخر اللي ممدودة دي للسما بتلعب، موش هي أول حرف من
اسمك.
السيد
:
بقى تاخد مني ألف لاشي عليها، ومن عندك خمس حروف يعني اسمك كله.
فرفور
:
وفيها إيه، إنت عارف الدول عايزة تضحيات، فأنا مضحي أهه بخمسة من عندي قصاد واحد
من عندك وموش عاجبك كمان!
السيد
:
طيب وبعض التضحيات والاسم؟
فرفور
:
يبقى خلاص، بقينا دولة، إمبراطورية بحالها، إمبراطورية فرفوريا العظمى.
السيد
:
ومين بقى الإمبراطور؟
فرفور
:
لأ، لأ، لأ، دي موضة قديمة أوي حكاية الإمبراطورية يبقى فيها إمبراطور واحد بس،
آخر صيحة في عالم الإمبراطوريات إن كل مواطن فيها يبقى إمبراطور، فانت حتبقى
إمبراطور وأنا إمبراطور.
السيد
(هازًّا رأسه)
:
بس لسه موش حاسس أوي إننا دولة ولا إمبراطورية ولا حاجة.
فرفور
:
عندك حق، هو اللي ناقص شوية حاجات تكميلية بس عايزين محطة إذاعة، نعمل إذاعة
(يندفع إلى الباب ويحضر بوق جرامافون قديم)
وآدي محطة إذاعة.
السيد
:
وفين الصحافة؟
فرفور
:
أهه (يخرج من جيبه نسخة من جريدة
قديمة).
السيد
:
ده جورنال واحد يا وله.
فرفور
:
وماله.
السيد
:
وبتاع امتى ده، ده قديم أوي، إحنا عايزين جرايد تطلع كل يوم.
فرفور
:
ما هو ده بتاع كل يوم.
السيد
:
كل يوم الجورنال هواه.
فرفور
:
ونغيره ليه ونتعب نفسنا ونجيب مطابع ومحررين وبياعين يدوشونا، علشان إيه، هو فيه
بذمتك حاجات جديدة بتحصل كل يوم تستاهل يطلع علشانها جرنال، أهو اللي حصل إمبارح زي
اللي بيحصل النهاردة والنهاردة زي بكرة، يبقى ده جرنال إمبارح والنهاردة وبكرة،
وآدي الإذاعة وآدي الصحافة وآدي الاسم، ناقص إيه تاني؟
السيد
:
الدستور بقى.
فرفور
:
دستورك معاك، والله صحيح كل واحد دستوره معاه، يكتب فيه اللي هو عايزه ويغير فيه
زي ما هو عايز، خلاص كله ألسطة.
السيد
:
ألسطة.
فرفور
:
احنا أسياد أهه واشتغلي بقى يا دولة، نذيع في الإذاعة (يمسك البوق) ونفتح الجرايد (ويفتح
الجريدة) واحنا أهه، الدولة كلها تحت أمرنا، وكل واحد مِنَّا
إمبراطور، ياللا بقى، اشتغلي يا دولة (صمت، ينتظران أن
يحدث شيء فلا يحدث شيء).
السيد
:
أهه ما اشتغلتش أهه.
فرفور
:
استنى بس، لازم فيها حاجة خسرانة (يصلح البوق ويقلب في
الجريدة، ويستمع ويتحسس) موش عارف ما بتشتغلش ليه.
المتفرج ١
:
ما هو لازم حد يشغلها، هي ما تشتغلش لوحدها، لازم حد يشغلها.
السيد
:
وأنا متطوع أشغلها لك يا أخي الإمبراطور.
فرفور
:
متشكر.
السيد
(يمسك بالبوق ويتحدث من خلاله)
:
أنا إمبراطورية فرفوريا العظمى تحت أمر أصحاب الدولة رعايها الإمبراطوريين،
ومستعدة لأن أقوم لهما بأي خدمات يطلبانها مني.
فرفور
:
أهو ده الكلام، أهي دي الحلول العبقرية صحيح مش تقوللي رواية.
السيد
:
ولكي أستطيع أن أخدم سادتي الأباطرة على أتم وجه فإن لي طلبًا صغيرًا أتوجه به
إليهما.
فرفور
:
صغير كبير، ما دام حتشتغلي لنا احنا موافقين.
السيد
:
الطلب الصغير هو أني ألتمس من كل إمبراطور منكم أن يضع نفسه لبعض الوقت تحت تصرف
الإمبراطورية.
فرفور
:
بسيطة، افتكرتك حتطلبي حاجة جامدة، أنا أهه يا إمبراطوريتي العزيزة تحت تصرفك …
أعمل إيه؟
السيد
:
على الإمبراطور فرفور أن يتوجه للمقابر فورًا وأن يمسك بالفأس ويحفر.
فرفور
:
برضه بسيطة، وأدحنا مسكنا الفاس وياللا نحفر.
السيد
:
افحر بسرعة يا إمبراطور فرفور.
فرفور
:
بهمة وبسرعة ونشاط وبكل حاجة يا حبيبي.
السيد
:
بطل حفر يا إمبراطور فرفور.
فرفور
:
نبطل يا إمبراطوريتي.
السيد
:
الإمبراطورية في حاجة لمضاعفة جهدك ميت مرة في حفر القبور.
فرفور
:
أوي أوي ألف مرة كمان.
السيد
:
لأ، ميت مرة يعني ميت مرة بس.
فرفور
:
حاضر على عيني ورأسي، ما تزعليش.
السيد
:
خفض السرعة إلى قبر واحد في الشهر.
فرفور
:
نخفضها.
السيد
:
شرف الإمبراطورية يقتضي إنك تفحر بإيد واحدة.
فرفور
:
أوي أوي.
السيد
:
وكرامتها تقتضي إنك تفحر وانت سايب إيديك.
فرفور
:
أوي أوي (ولكنه يستدرك) بس وأنا سايب إيدي
ازاي؟!
السيد
:
إنت بتجرؤ على مناقشة إمبراطوريتك.
فرفور
:
لا سمح الله أبدًا، هه (يمسك الفأس بأسنانه ويضع يديه
وراء ظهره ويحفر).
السيد
:
ونظرًا لزيادة عدد القبور عن عدد الموتى زيادة مخيفة، فمصلحة الإمبراطورية تقتضي
الزيادة في إنتاج الموتى، نريد موتى للقبور الجاهزة بمعدل ألف ميت في الشهر، وإن لم
تجده ميتًا فَمَوِّتْه.
فرفور
:
يعني بيتهيألي إن الصوت ده مش غريب عليَّ، أنا سمعته قبل كده، الشرح اللي فيه ده
أنا عارفه كويس (يتسلل على أطراف أصابعه ولا يلبث أن ينقض
على السيد من الخلف) ضبطتك يا حدق وانت بتعبث بأجهزة
الإمبراطورية.
السيد
:
باعبث، أنا كنت باشغلها.
فرفور
:
ما اتفقناش على كده، أنا بسلامة نية أروح أشتغل عندها، وانت تروح تشغلها، يعني
تشغل الإمبراطورية في تشغيلي عندك.
السيد
:
أمال كنت فاكر إيه، ما هي دي الإمبراطورية.
فرفور
:
أنا باشتغل عندها موش عندك.
المتفرج ٢
(ينتفض واقفًا ليتدخل في النقاش، مقتربًا من خشبة
المسرح)
:
يا إمبراطور فرفور، انت شغلتك إنك تشتغل عندها، وهو شغلته إنه يشغلها.
فرفور
:
لأ، حيلك انت وهوه، (لسيده) انت متفق مع
الراجل ده ولَّا إيه الحكاية، تكونش ساحب لك محامي، حيلك انت وهوه، دا أنا نص
الإمبراطورية بحالها، أنا حاستعمل حقي بمقتضى الدستور بتاعي وأرفدك (ملتفتًا إلى المتفرج) وانت كمان ولو إنك لسه
ما اتعينتش إنما اعتبر نفسك مرفود برضك.
السيد
:
بس أنا دستوري ما يديكش الحق في كده.
فرفور
:
دستوري، دستورك، أي واحد يرفدك فيهم حاطبَّقه.
المتفرج ٢
:
إيه اللي مضايقك في الحل ده.
فرفور
:
هو ده حل يا راجل، حتحسبه عليَّ حل، قال ودنك منين يا جحا، جيت انت الدولة
وأتابيها برضه فرفور وسيد.
المتفرج ٢
:
ما هو الشغل علشان يمشي يا سيد فرفور، لازم كده ناس تشتغل وناس تشغل
فرفور
:
يبقى علمنا إيه، ما عملناش حاجة أبدًا، لسه احنا محلك سر، فيه فرفور
وسيده.
المتفرج ٢
:
لأ، فرفور ومشغله.
فرفور
:
سيده مشغله، كله محصل بعضه، هو مشغلني ده موش يقدر يرفدني؟
المتفرج ٢
:
إذا قصرت في شغلك لازم يرفدك.
فرفور
:
يبقى سيدي، خدها قاعدة كده، في أي حتة وأي زمن وناس، اللي يقدر يرفدني يبقى سيدي،
وأي واحد يتوه منه سيده ويحب يعرفه يسأل نفسه، مين اللي يقدر يرفدني، حيلقاه تسعين
في الميه السيد على طول.
المتفرج ٢
:
ما هو علشان نعيش، لازم نشتغل، وعلشان نشتغل لازم يبقى فيه ناس يشغلوا وناس
يشتغلوا.
فرفور
:
فرافير وأسياد.
المتفرج ٢
:
فرافير وأسياد، عساكر وشاويشية، جماعة ومسئول، ما دام مفيش استكراد يبقى إيه
الضرر في كده، ما بيشغلك لمصلحتك انت يبقى عيبها إيه؟
فرفور
:
مفيش ضرر ازاي بس، ما هي المصيبة التقيلة إن احنا بني آدمين، وبني آدم له كرامة،
وأي تحكم من بني آدم في بني آدم تاني بيضيع حتة من كرامته، وهو الواحد كرامته كلها
قد إيه، علشان تتفتفت بالشكل ده؟!
المتفرج ٢
:
كرامتك ولَّا فلوسك وعرقك؟
فرفور
:
كرامتي، كرامتي يا ناس وأتوب، كرامتي هي أنا، لما بتضيع باضيع.
المتفرج ٢
:
طيب كرامتك وفلوسك، ولَّا كرامتك بس؟
فرفور
:
إن كان ولا بد يعني، تبقى كرامتي بس، وخلي الفلوس أهي تنفع.
المتفرج ٢
:
ده نظام المجتمع يا فرفور، أي مجتمع فيه بني آدمين لازم يبقى كده، قانون الإنسان
كده، ولازم كلنا نخضع له، تعرف قانون تاني ممكن يخضع له الإنسان؟
فرفور
:
أعرف على الأقل قانون واحد، قانون أساسي يا عالم من قوانين البني آدمين، قانون
بسيط أوي والله، قانون إني زيك وإنك زي، وإننا لازم نخلي علاقتنا موش علاقة شغال
بمشغل ولا مسئول بجماعة، ولا فرفور بسيد، ولا عالم بجاهل، ولا أوي بضعيف، قانون
البشر يا عالم، قانون التسع تشهر واللبن اللي كلنا رضعناه، القانون اللي حكم علينا
كلنا واحنا صغيرين إننا نبل فرشتنا، القانون اللي بيخلي الأطفال كلهم اخوات لا فيهم
سيد ولا فرفور، قانون الطبيعة، قانون الحيوانات اللي لا أسد فيها مسيد على أسد، ولا
غراب فرفور عند غراب.
متفرجة
(تصفق بيديها وتهتف)
:
برافو عليك يا فرفور، كلامك كله مظبوط عندك حق، (ملتفتة
للمتفرج) إمبراطوريتك دي يا أستاذ فيها تسلط وعبودية، وما تنفعش لبني
آدم.
السيد
(للسيدة)
:
كلامك كله غلط في غلط.
فرفور
:
وحتى لو غلط، والله أحسن من مليون صح من أصحاحك، اكلمي والنبي اكلمي، أيوه
يا ستي، يا دين النبي يا هوه، بس لو تقربي شوية.
المتفرجة
:
لازم أثبت له الأوَّل أنه غلطان.
فرفور
:
سيبيكي منه يا شيخة، اثبتي لي أنا، والنبي عايز أقتنع، يا هوه نفسي أقتنع والنبي
نفسي أقتنع بك حالًا يالا دلوقت.
المتفرجة
:
أنا حاقنعك عملي.
فرفور
:
وعملي كمان، دي احلوت وليلتك زي الفل يا ولا يا سيد. وإيه العملي ده بقى يا ستي …
بس لو تقربي شوية.
المتفرجة
:
أنا عندي حل تاني، إمبراطورية تانية.
فرفور
:
لا، لا، لا، سيبينا من الإمبراطوريات وحياتك.
المتفرجة
:
استنى عليَّ بس، دي إمبراطورية تانية خالص، كل واحد حر فيها، يعمل اللي هو عايزه،
عايز يعمل سيد يعمل فرفور يعمل …
فرفور
:
ما يعملش حاجة.
المتفرجة
:
يعمل.
فرفور
:
ينصر دينك، أهي دي الإمبراطوريات ولَّا بلاش، واسمها إيه بقى إمبراطوريتك دي يا
ستي؟
المتفرجة
:
اسمها الحرية، إمبراطورية الحرية، كل واحد فيها حر، لا دولة تؤمره، ولا حد يتدخل
في مزاجه ولا يعتدي على كرامته.
(في هذه الأثناء تكون المتفرجة قد صعدت فوق خشبة المسرح وصعدت
أيضًا فوق كتلة خشبية تشبه قاعدة التمثال، فأصبح لوقفتها شكل تمثال الحرية
ووقفته.)
فرفور
(يتأملها بتدله شديد)
:
يا دين النبي يا هوه، ست، إنتي يا ست، اسم حضرتك إيه؟
المتفرجة
:
مدام حرية.
فرفور
:
والبيه بتاعك، اسمه إيه، مذكر حرية يبقى إيه يا ناس.
المتفرجة
:
لأ، أنا ماليش بيه، أنا موش متجوزة.
فرفور
:
مطلقة؟
السيدة
:
ولا مطلقة.
فرفور
:
أرملة؟
حرية
:
ولا أرملة.
فرفور
:
أمال مدام ازاي؟ وانتي لا مجوزة ولا مطلقة ولا أرملة؟
حرية
:
مدام كده وبس، غريبة يعني، هو لازم علشان الواحدة تكون مدام يا تترمل يا تتطلق يا
تتجوز.
فرفور
:
لا أبدًا، موش لازم أبدًا، لزومه إيه، فيه طرق أسهل من كده كتير، طيب اسمعي بقى
يا مدام حرية، دا انتي حرية أوي، أوي أوي، يا سلام، تحيا الحرية يا جدعان، أموت في
الحرية، أيتها الحرية أنا جسمي بيقشعر لما بافكر فيكي، اسمعي يا مدام حرية، أنا
عايز أشتغل عندك، تشغليني؟
حرية
:
أشغلك.
فرفور
:
يا وعدي، تشغليني إيه؟
حرية
:
إنت عايز تشتغل إيه؟
فرفور
:
أنا عايز أشتغل إيه؟ هو ضروري يعني أشتغل، أشتغل كده وكده.
حرية
:
لأ، بجد، إنت عايز تشتغل إيه؟
فرفور
:
أي شغلة مافيهاش سيد، عندِك شغلانة مافيهاش سيد؟
حرية
:
احنا ما بنسميهوش سيد، بنسميه بص، وكل شغلة عندنا لازم لها بص، فالشطارة بقى إنك
تنقي شغلة البص بتاعك فيها يكون كويس.
فرفور
:
يعني دي الحرية، إني حر إني اختار البص بتاعي.
حرية
:
إنت عايز تنهب.
فرفور
:
طيب افرضي إني عايز أشتغل فوق البصات كلها، البص بتاع البصات، عندكم شغلانة
كده؟
حرية
:
عندنا، بس دي شغلة مالهاش بص واحد، ده لها مجلس بصات بحاله، فيه ألف بص.
فرفور
:
يقدروا يرفدوني؟
حرية
:
حسب الدستور.
فرفور
:
يبقى بلاش، أنا عايزِك انتي تبقي البص بتاعي، أشتغل جنبك كده، أطلع أقف وراكي،
تعبتي تركني عليَّ شوية، إذا الوقفة طالت أعمل لك كرسي، إيه رأيك؟
حرية
:
واحد زيك يقعد جنبي أنا، ده يبقى اعتداء على الحرية يشنقوك فيها، امبارح شنقوا
فرفور زيك علشان بص لي، فانت عايز تقف جنبي.
فرفور
:
شنقوه علشان بص لك.
حرية
:
رأيهم كده يا أخي، إحنا عندنا حرية رأي، هو رأيه إنه يبص لي، وهم رأيهم إنهم
يشنقوه على البصة دي، فيها إيه؟
فرفور
:
يعني البصة برقبة على طول.
حرية
:
موش أحسن من الإمارة والديكتاتورية ومصادرة حرية الرأي.
فرفور
:
لأ، أحسن بكتير، بكتير أوي، ياللا بينا يا سيد ياللا بينا ياخويا.
السيد
:
على فين؟
فرفور
:
نسيب لها الحتة ونمشي.
السيد
:
ما تمشي هي.
فرفور
:
لأ، نمشي احنا يا سيد، نمشي احنا، نسيب لها بلد الحرية دي ونمشي بلاد الله لخلق
الله، لحتة مافيهاش نقطة حرية، موش عايزين، ياللا بينا يا سيد، ياللا نحل
الإمبراطورية دي، نبيع الإذاعة في المزاد ونقفل الجرايد (يطبق الجريدة)، ياللا بينا يا عم، بس أنا مش مأثر فيَّ إلا عينيها،
عليها جوز عيون، نهايته احنا كُنَّا فين؟
السيد
:
اللي كُنَّا فيه رجعنا له، وبعدين يا فرفور ياخويا آدي راخر حل الدولة وفرقع،
نعمل إيه بقى؟
فرفور
:
نشوف حل تاني.
السيد
:
هو عاد فيها حلول، قلنا فرفور وسيده ما عجبكش، عملنا احنا الاتنين فرافير ما
نفعش، عملت انت السيد وأنا فرفور رجعنا عود على بدء، عملنا احنا الاتنين أسياد
وجربنا كل الإمبراطوريات مفيش حاجة نفعت، باقي إيه بقى؟
فرفور
:
إنت بتسألني أنا، ما تسألهم هم، هم بس شاطرين يتفرجوا علينا، واحنا موروطين كده …
مفيش واحد ابن حلال يتمطع كده ويهفنا حل؟
متفرج ٣
(يقف ويقول)
:
ما تسيبوا بعض، وكل واحد يشتغل لوحده (هنا تتحول صالة
المسرح إلى ما يشبه المؤتمر المضاء الأنوار، بينما الأضواء قد خفتت على خشبة
المسرح).
فرفور
:
ما عملناها يا حدق في الفصل الأوَّل وما نفعتش، إياك كنت ساعتها نايم.
متفرج صبي
:
أنا عندي حل، إيه رأيك إنكم تجيبوا ماكينات تشغلوها فرافير؟
السيد
:
فرافير.
الصبي
:
أيوه، كل واحد يجيب له ماكينة يشغلها عنده فرفور، وهو يعمل سيد عليها.
السيد
:
طيب احنا حنشغل الماكينة، ومين اللي حيشغلنا؟
الصبي
:
هو ضروري حد يشغلكم؟
السيد
:
كل حاجة بتشتغل يا ابني، لا بد لها حاجة تشغلها.
الصبي
:
حتى البني آدمين؟
السيد
:
حتى البني آدمين.
متفرج ٤
:
خلوها وجودية بقى
متفرج ٥
:
ما هو علشان يتوجدوا لازم أوَّلًا ياكلوا، وعلشان ياكلوا لازم يشتغلوا، وعلشان
يشتغلوا لازم سيد وفرفور.
متفرج ٦
:
ده مش معقول ده، وما دام مش معقول يبقى نحلها حل لا معقول، إيه رأيكو؟
متفرجة
:
يعني قصدك يعملوا إيه مثلًا؟
المتفرج
:
حاجة من اتنين، يا نربط كل فرفور في كل سيد، يا نقسم كل فرفور على كل سيد، وكل
سيد على كل فرفور، وبكده بدل ما يبقى التفكير لوحده والعمل لوحده، يبقى نحط نص
تفكير على نص عمل، ونص عمل على نص تفكير، بس الخوف هنا ليتحكم التفكير للعمل في
التفكير في العمل، لأن التفكير للعمل أرقى بكتير جِدًّا من التفكير في العمل، لأن
العمل الناتج عن التفكير للعمل أرقى من العمل الناتج عن التفكير في العمل، إيه
رأيكم بقى في الحل ده؟
فرفور
:
صراحة يعني ده حل معقول أوي.
متفرج ٦
:
معقول ازاي يا أخينا، وأنا فالق دماغي من الصبح علشان يبقى لا معقول.
فرفور
:
يبقى حل لا معقول يا سيدي ولا تزعلش.
متفرج ٦
:
لا معقول ازاي يا أخينا، ما هو اللي ناس بتقول عليه لا معقول هو المعقول اللي
بأقصده، واللي قصدهم عليه معقول هو اللامعقول الحقيقي.
فرفور
:
ودي مصيبة إيه دي، لا عاجبه معقول، ولا لا معقول، أرد عليه أقول له إيه، أقول له
مضبوط، أهو ده معقول اللامعقول، واللي لا معقول المعقول، وإن أحسن ما فيه إنه
بيتناقض مع لا معقولية المعقول؛ لأنها هي نفسها معقولية اللامعقول، اللي مختلفة عن
المعقول واللامعقول اختلاف اللامعقول عن اللا لا لا معقول، فهمت يا أستاذ؟
متفرج ٦
:
كلام واضح، زي الشمس.
فرفور
:
حدش عتر على حل يا اخوانا؟
متفرج ٥
:
ما تخلوها بالتعادلية.
السيد
:
تعادلية ازاي يا حبيبي؟
متفرج ٥
:
تعادلية، موش عارف يعني إيه تعادلية؟ اسمح لي بقى ده منتهى الجهل.
السيد
:
طب نورنا بعلمك نورك الله.
متفرج ٥
:
تعادلية يعني ده يعادل ده، شفت بسيطة ازاي، فانت تعادل فرفور.
السيد
:
أعادله ازاي؟
متفرج
:
إنتو الاتنين بتشتغلوا تربية مش كده؟ يبقى خلاص، واحد يفحر والتاني يردم.
السيد
:
ومين بقى فرفور ومين يبقى اليسد؟
متفرج ٥
:
اللي يسبق التاني في الشغل.
السيد
:
يبقى السيد؟
متفرج ٥
:
يبقى فرفور، يبقى هو اللي بيشتغل أحسن.
السيد
:
طب ما هو بالطريقة دي كل واد حيتأخر عن التاني.
متفرج ٥
:
يبقى برضه اللي يسبق في التأخر، يعني اللي يتأخر أكتر يبقى …
السيد
(مقاطعًا)
:
السيد؟
متفرج ٥
:
لأ يبقى فرفور؛ لأنه في الحالة يبقى بيتلاكع أحسن، ما هو حاكم أحسن واحد يشتغل
تلقاه برضه أحسن واحد يتلاكع.
صوتا زوجة السيد وزوجة فرفور
(يختلطان بنفاد صبر)
:
أنا خلاص زهقت، زهقت خلاص، والنبي واللي نبى النبي لأفرج عليه اللي يسوى واللي ما
يسواش، دول ناس اتجننوا، اتهبلوا لازم، مش حيرد لهم عقلهم إلا الضرب، مفيش غير
الضرب، والله ما ينفع إلا الضرب.
زوجة السيد
(داخلة)
:
إيه ده يا مجنون انت؟
زوجة فرفور
(داخلة)
:
عليَّ النعمة مانا سايباك.
زوجة السيد
:
مش مكسوف من نفسك بذمتك؟ ده كلام ده؟ دي طريقة؟ ده شغل أسياد ده؟
زوجة فرفور
:
والله تلاتة بالله لولا الكسوف لكنت سبطتك البعيد قدام الناس دي ع الأرض وما سبتك
إلا وبطنك ضهر وضهرك بطن.
السيد
:
إيه؟ فيه إيه؟ مالكم؟!
زوجة السيد
:
إنتو فاكرين نفسكم إيه، ملايكة عايشين في السما؟ نساك؟ زهاد؟
فرفور
:
ليه، حصل إيه؟
زوجة السيد
:
حصل إنكم سايبينا ننشال ونتهبد وناكل في بعض وانتو ولا هاممكم، قال إيه قاعدين
تدورو لي على حل، حل لإيه؟ ولزومه إيه؟ ومستعجلين عليه ليه؟ حتكون إيه الحكاية اللي
محيراكم دي؟ حتتبدى على الأكل والشرب، ع العيشة، ع الحياة؟
فرفور
:
وما تتبداش ليه إذا كانت أهم.
زوجة السيد
:
هو فيه أهم م الأكل؟! أهم من إننا نعيش؟
فرفور
:
أيوه، أهم من إننا نعيش إننا نعرف عايشين ليه، وأهم من ليه إننا نعرف حنعيشها
ازاي.
زوجة السيد
:
زي الناس ما هي عايشاها.
فرفور
:
وانتي عارفة الناس عايشاها ازاي؟
زوجة السيد
:
زي ما طول عمرهم عايشينها.
فرفور
:
وعارفة طول عمرهم عايشينها ازاي؟ فوق بعض، بالطول كده، كل واحد شايل التاني، كل
سيد فوقه سيد، وكل فرفور تحته فرفور، جوزك السيد ده والله سيدك الجوز فوق سيد، يعني
فرفور زيي تمام، وأنا تحتي فرفور، يعني أنا راخر، تصدقي ما تصدقيش سيد، إحنا ٣٦٠٠
مليون بني آدم عاملين عامود بالطول كده، كل واحد شايل واحد، وكل واحد عايز يوقع
اللي شايله ويفضل متسمر فوق اللي تحتيه، وحياة خالتي نبوية احنا من يوم ما بقينا
شعوب وقبائل، واحنا كده.
زوجة فرفور
:
وكدا ماله، ماله كدا؟ عيبه إيه يابو لسان متبري منه؟
فرفور
:
عيبه يا ولية إننا مفعوصين وتعبانين وزعلانين ومش عارفين ليه، عيبه إن الواحد
مِنَّا حاسس إنه مش عايش في الدنيا، إنما عايش وشايل الدنيا كلها فوق أكتافه، عيبه
إننا مزمزقين، من أيام حواء وآدم واحنا مزمزقين، اللي متشال عايز يخنق اللي شايله،
واللي شايل عايز يقرقش المتشال، عيبه إنه منظر يضحك لو فيه مراية نبص فيها كُنَّا
سخسخنا على روحنا من الضحك، إنما فين المراية اللي توري الناس روحهم، فين المراية
اللي تورينا احنا الأربعة يدوبك وضعنا الحقيقي، عارفين احنا في الحقيقة ازاي، إحنا
عامود، حضرتك يا ست راكبة فوق السيد، والسيد راكب فوقي، واحنا كلنا راكبين فوق
الكركوبة دي، ولا هي شايفة ولا احنا شايفين، إنما مضايقين، كفرانين، وأهه نفسها
تخلي ضهري بطن وبطني ضهر، حتى حبنا مش طبيعي، حب ما بنتلاقاش فيه، برضه بنركب على
بعض فيه، فيه جنس في الدنيا عايش كده إلا جنس آدم؟ كل سيد عايز يبقى سيد حتته، سيد
بلده، سيد وطنه، سيد عالمه، سيد التاريخ، تاريخنا نفسه برضه راكب فوق بعضه، دولنا،
حضاراتنا، كل دولة عايزة تبقى الست على الدول، وكل حضارة عايزة تبقى ست الحضارات،
والنتيجة خناقات بنبابيت تعلى تبقى ببنادق تعلى تبقى بجيوش وقنابل، ويقع من الطابور
عشرة عشرين وتلاتين مليون، ومن تاني يوم تبتدي الخناقات من جديد، ونسميها أسامي
تضحك، قال إيه انهيار الحضارة اليونانية وقيام الحضارة الرومانية، قال إيه الحرب
الباردة بين الشرق والغرب، قال إيه الصراع بين روسيا والصين وفرنسا وأمريكا، وكله
كله فرفور وسيد، مين يبقى سيد ومين فرفور، وأنا فرفور ليه وانت سيد ليه، من يومنا
واحنا كده، وفاهمين إن الدنيا كده والناس كده، ما تعرفشي تعيش إلا كده، إنما بذمتكو
دي عيشة دي، دي طريقة، وحياة خالتي نبوية أنا متأكد إننا قابلينها لسبب واحد مفيش
غيره، إننا مش شايفينها، ولو شفناها لا يمكن نقبلها، وأصل الحق مش علينا، الحق على
اللي بيشوفولنا، الفلاسفة بتوعنا والمفكرين، اللي التفكير عندهم لازم يكون تفكير في
التفكير والتفكير الحقيقي هو اللي يفكر في اللي بيفكر في اللي بيفكر إنه يفكر، إنما
أهه آدي مشكلة حياتنا كلها أهه، حدش يجدعن ويفكر لها في حل؟
زوجة السيد
:
إيه السرحان ده يا فرفور، إنت عايز تعيد تنظيم الكون؟ تبقى اجننت.
فرفور
:
عندك حق، اللي يحاول ينظم الكون الملخبط يبقى هو المجنون، واللي يسيبه على لخبطته
يبقى هو العاقل.
زوجة السيد
:
احنا مالنا ومال الكون، ما تخلينا هنا.
فرفور
:
ما احنا هنا، والله هنا، في كل مكان في الدنيا، وهنا، في كل لحظة، دلوقتي،
الخناقة شغالة مستمرة عمرها ما وقفت ثانية، عندنا هنا وبره، اسمعي، دي مش صفارة
أوتوبيس، أهو دلوقتي زمان الكمساري بيقول للسواق ما تبقاش تطلع إلا ما أصفر لك،
والسواق بيقول له أنا مش فرفور عندك، أنا باخد ماهية أكتر منك، مفيش من نظام يرصنا
جنب بعض بالعرض كده، مفيش؟!
زوجة فرفور
:
الأكادة عليك لماضة، إنما قول مهم تقول الولاد بطونها بتصرخ من الجوع، أديهم إيه
ياكلوه، كلام؟ أنا دايخة من قلة المعاملة، وانت هفتان من قلة الغذا حتعالج ده بإيه
يا فلسفوف؟
زوجة السيد
:
أنا عمري ما شفت حد في الدنيا يعمل كده، حد يسيب شغله، يسيب نفسه، يسيب عيلته،
ويقعد كده ما يتحركش إلا لما يلاقي لحكاية سيد وفرفور دي حل، طيب وإذا مالقيش الحل
وإذا طال …
زوجة فرفور
:
وإذا حرن، وإذا اتهبب على عينه وماجاش، نعمل إيه؟
زوجة السيد
:
نموت ونتحنط جنبكم؟
زوجة فرفور
:
نمد إيدنا ونشحت؟
زوجة السيد وزوجة فرفور
:
تلاقوه ما تلاقهوش عنكم ما لقيتوه، إنما لازم احنا نفضل عايشين.
زوجة السيد
:
فكروا زي ما انتم عايزين، بس اشتغلوا وأكلونا.
زوجة فرفور
:
وكلوا انتم كمان.
زوجة السيد
:
عيشونا وعيشو الأوَّل، وبعدين فكروا زي ما انتم عايزين.
زوجة فرفور
:
انجر قدامي على الشغل ياخويا يا بتاع سيد وفرفور.
زوجة السيد
:
وانت كمان يا جوجو، الدنيا كلها بتتحرك مفيش واقف إلا انتو، ياللا اتحركوا معاها
لتموتوا، الحياة لازم تستمر يا حبيبي.
السيد
:
إيه رأيك يا فرفور في الكلام ده؟
فرفور
:
رأيي؟! ما هو اللي ودانا في داهية حكاية الحياة لازم تستمر دي، لازم الجاموسة
تفضل دايرة في الساقية، وعلشان تدور لازم يغموها، وأكل العيش يا سيد هو الغما
بتاعنا، طول ما هو ورانا لا حنشوف نفسينا ولا حنعرف احنا بنلف ليه، عندهم حق الحياة
لازم تستمر، الفع حملك وشي يا بهيم، اتغمى ودور، لأن الحياة لازم تستمر، (مادًّا يده إلى الجمهور) يا اخوانا الحقونا بحل،
بنظام، برواية، بأي حاجة.
السيد
:
مفيش فايده يا فرفور، مين فات قديمه تاه، ياللا بينا ع الرواية بتاعتنا (يتناول الرواية)، إحنا كُنَّا فين؟
فرفور
:
طيب استنى شوية، ماله ملحوق كده ليه، إنت خُفت من مراتك ولَّا إيه، مش عيب راجل
زيك يخاف من مراته.
السيد
:
وهو يخاف من مراته إلا الراجل يا وله، ياللا أمال.
فرفور
:
طيب ننادي على المؤلف.
السيد
:
يابني انت مش بودانك سمعت إنه خلاص مشي من زمان.
فرفور
:
مين عارف يمكن يكون رجع، يا حضرة المؤلف، يا منقذنا، يا أملنا.
أصوات
:
إنتو عايزين مين؟
فرفور
:
يا مسهل يا رب، عايزين المؤلف بتاعنا، هو رجع.
أصوات
:
رجع من شوية.
فرفور
:
ياما انت كريم يا رب، ابعتوهولنا والنبي بسرعة.
أصوات
:
تعالوا انتو خدوه.
فرفور
:
نيجي أوي.
(ينطلق فرفور كالسهم إلى الخارج، وكالسهم أيضًا يعود حاملًا على
صدره لفافة كالتي تُستخدم لحمل الأطفال الرضع.)
السيد
:
هو ده المؤلف؟
فرفور
:
وماله؟! يوضع سره في أضعف خلقه.
السيد
:
ده اللي حيقول لنا ع الحل، هات (يتناول اللفافة ويفكها
فإذا بداخلها لفافة أخرى، يفكها فيجد بداخلها لفافة أخرى)، أمال فين
المؤلف يا وله؟
فرفور
:
لازم جوه دي.
(يفك السيد اللفافة فإذا بداخلها لفافات أصغر وأصغر يظل يفكها
إلى أن تصبح في حجم البندقة ثم صغيرة بدرجة لا يستطيع أحد رؤيتها.)
السيد
:
أظن حتقول لي المؤلف جوه دي؟
فرفور
:
مين عارف، فكها رخرة.
السيد
:
دي ما تتفكش … دي الذرة.
فرفور
:
ما هو لازم نفكها مش المؤلف جواها.
السيد
:
جواها إيه يابني، بقى مؤلف كبير زيه يبقى جوه دي؟
فرفور
:
مش بعيدة عليه، ده مؤلف يا عم، قادر على كل حاجة، ياللا نفتحها.
السيد
:
واحنا نعرف، دي عايزة نقاول أينشتين عليها، وحتى إذا قدرنا على المقاولة
وأينشتاين وفتحناها، إنت ضامن إنه جواها؟ ضامن إنك تقدر تلاقيه، ضامن إذا لقيته إنك
تقدر تكلمه وتسأله ويقول لنا على حل، دي اللفة دي كلها أصعب م الحل مليون
مرة.
فرفور
:
أصل الحل مش صعب ده مستحيل.
السيد
:
واللي بتقوله ده مستحيل المستحيل، الظاهر إنك ابتديت تخرف، إنت بتخرف
يا وله.
فرفور
:
أمال أعمل إيه بس، هو عاد قدامنا غير التخريف.
السيد
:
ونخرف ليه يابني يا حبيبي، ما الرواية أهه، والكلام مكتوب وكل ده ولسه ما
ابتديناش ياللا بقى كفاية عطلة.
فرفور
(يدير نظراته بين الجمهور مستعطفة مستغيثة، ثم يمضي مغمض
العينين، مستسلمًا إلى حيث يجلس السيد متخذًا وضع السيادة)
:
أمري إلى الله.
السيد
:
ألسطة يا فرفور؟
فرفور
(بصوت خافت يائس مشمئز)
:
ألسطة يا سيد.
السيد
:
اندمجت؟
فرفور
:
اندمجت.
السيد
:
اسمع يا ولا يا فرفور يا ولا.
فرفور
(ممعنًا في نفس النبرة)
:
سامع يا سيد.
السيد
:
أنا عايزك يا ولا يا فرفور يا ولا تختار لي (فجأة يلقي
بالرواية جانبًا ويقف) انت عارف إيه يا واد يا فرفور، ده الرواية ما
بقالهاش طعم، أنا شخصيًّا معدش لي نفس أعمل سيد، انسدت نفسي خلاص.
فرفور
:
ومين سمعك والنبي يا ولا يا سيد، بصراحة يعني عايز الصراحة.
السيد
:
عارف، عارف حتقول إيه، حتى لو عزنا نرجع للرواية القديمة مش حنعرف، مش قصدك كده
برضه؟
فرفور
:
بيعجبني فيك إنك ساعات تقلب بني آدم وتفهم.
أصوات الزوجتين
(من الخارج)
:
احنا مش سامعين شغل، (ثم ناظرتان برأسيهما من فتحة
الدخول) انتو وقفتوا ليه؟
زوجة السيد
:
ما هو يا حانسمع شغل حالًا دلوقتي يا حا نطربقها على نفوخكم.
(فرفور والسيد ينظران ناحيتهما برعب ويتراجعان تلقائيًّا بعيدًا
عنهما إلى المقدمة، ويقفزان مرعوبين حين يصرخ المتفرجان.)
المتفرجان ٤، ٥
:
دي عملة تعملوها.
المتفرج ٤
:
بقى تخلقوا لنا المشكلة وتجننونا بها.
المتفرج ٥
:
وعايزين تجروا.
المتفرج ٤
:
والله ما تتنقلوا إلا أمَّا تشوفولنا حل.
المتفرجون جميعًا
:
عايزين حل.
الزوجتان
:
عايزين شغل.
المتفرجون
:
حل.
الزوجتان
:
شغل.
المتفرجون
:
الحل أبدى
الزوجتان
:
الشغل أبدى.
فرفور
:
واللي مش قادر على ده ولَّا ده يعمل إيه؟! يا ناس يا هوه، بقى خمسميت ستميت عقل
بكام ألف فكرة في الثانية، مفيش فكرة منهم تخلصنا.
السيد
:
ما تضحكش على نفسك يا فرفور، دول زينا كده إيدك منهم والأرض، الناس من يوم ما بقت
ناس وهي بتدور على حل، عايز دول في ثانية كده يطلعولك حل من جيوبهم زي الحواة
(يندفع من المسرح عامل الستار، ضخم الجثة،
أصلع).
عامل الستار
:
جرى إيه يا جدعان، إنتو فاكرينه مسرح أهلي من غير قانون من غير نظام، وقتكم انتهى
من زمان، وإيدي حازِز فيها حبل الستارة م الصبح لما حيقطعها إنُّكو تنهوها مفيش
فايدة، هو مفيش نظر، مفيش إحساس، أنا بصراحة مراتي بتولد الليلة ولازم أجري ألحقها،
على الأقل أعرف جابت إيه، يكون في علمكم أنا الوالدة والمولود أهم عندي ألف ألف مرة
من روايتكم المهببة دي ولازم أقفل عليكم الستارة دلوقتي حالًا وأجري أشوف حصل
إيه.
زوجة فرفور
:
يا فرفور.
زوجة السيد
:
يا جوجو.
زوجة السيد
:
يا حتخلصونا.
زوجة فرفور
:
يا احنا اللي حنخلص عليكو.
المتفرجون
:
عايزين الحل، أوَّلًا الحل.
فرفور
:
حاضر، حاضر، طلباتكم كلها كلها مستجابة، (لعامل
الستار) إنت يا عم، تحت أمرك … تحب نعمل إيه عشان نريحك.
عامل الستار
:
انهوها بأي طريقة.
فرفور
:
زي إيه في رأيك؟
عامل الستار
:
إن ما لقيتوش حل خالص انتحروا، ييجي ميت رواية وأنا أقفل الستارة والبطل بينتحر،
انتحروا انتو كمان وخلصونا، حتكونوا أحسن من جولييت ولَّا كليوباترا ولَّا يوسف
وهبه.
فرفور
(بعيون لامعة)
:
إيه رأيك يا سيد؟
السيد
:
والله فكرة مش بطالة.
فرفور
:
دي فكرة جهنمية والله، آدي احنا جربنا كل حاجة وما نفعناش نجرب الموت راخر، إحنا
مش عايزين مساواة تامة لا فيها سيد ولا فرفور، الموت هو اللي بيساوي المساواة
التامة، والله انت تساوي نص ريال فضة على فكرتك دي يا عم، تاخدوا مني إنشاء الله
يوم القيامة الصبح الساعة تمانية.
السيد
:
بس ننتحر ازاي يا فرفور؟
فرفور
:
لأه، دي بسيطة أوي، هات لنا كرسيين يا عم (يحضر العامل
كرسيين، يأخذ السيد أحدهما ويضعه أمام على جانب من المسرح وفرفور وكرسيه على
الجانب الآخر للمسرح) والحبال … نزل لنا حبلين.
(يهبط فوق كل كرسي حبل معقود الطرف على هيئة خية.)
(حين يلمح فرفور الحبل.)
يا أمه!
السيد
:
وبعدين يا فرفور.
فرفور
:
تطلع على الكرسي وتحط رأسك في الخية وتزق الكرسي برجلك توقعه، وكان الله يحب
المحسنين.
السيد
:
طب ما جايز ننشنق بجد ونموت.
فرفور
:
أمال احنا بنهزر، إحنا مش عايزين نجرب الموت.
السيد
:
أيوه، بس تجربة كده وكده يعني.
فرفور
:
هو فيه في الموت كده وكده، يا موت يا مفيش موت.
السيد
:
يبقى يفتح الله يا عمي، يا نهار اسود، أنا أموت روحي بإيدي ده لا يمكن.
فرفور
:
يا جدع ما تبقاش خرع أمال، دانا باهزر معاك، موت إيه، إحنا حنمثل إننا
بنموت.
السيد
:
تمثيل يعني.
فرفور
:
أيوه تمثيل.
السيد
:
ولو، برضه والله أنا خايف.
فرفور
:
وانت عايز الجد، أنا راخر خايف.
السيد
:
اطلع انت الأوَّل.
فرفور
:
أطلع أوي ما أطلعش ليه (ولكنه حين يلمح الحبل يهبط
فورًا) ما تجرب وتطلع انت الأوَّل يا سيد.
السيد
:
أنا الأوَّل؟ لأ، عيب، ما يصحش.
فرفور
:
وده معقول، هي العين تعلى ع الحاجب.
عامل الستار
:
أنا جايب لكم الكراسي تموتوا عليها ولَّا تقلبوها ندوة.
فرفور
:
ده قنف أوي، روح يا شيخ إلهي مراتك تجيب أربعة شرط يكونوا رزلين زيك كده.
السيد
:
تيجي نموت على مشنقة واحدة يا فرفور أقله نونس بعض.
فرفور
:
والله مخك أهو ابتدى يشتغل ويزهزه، والله الموت ده هايل أوي، ياللا.
السيد
:
والله لا يمكن، الفرافير، الفرافير الأوَّل.
فرفور
:
والديمقراطية رخرة جايالك ع الآخر (يصعد فرفور، ويصعد
السيد، السيد يشير إلى الخية داعيًا فرفور إلى إدخال رأسه).
السيد
:
اتفضل.
فرفور
:
أهي دي مستحيلة، هنا الأولوية للسادة، أتفضل، الله، الله، الله، يا جدع بطل رعشة
كده أمال باقول لك دي موته كده وكده، إيه يا أخويا الأسياد الورق دي.
السيد
:
والله الموت موت، ولو كان تمثيل يا فرفور.
فرفور
:
يعني عايزنا نقلبها دراما بقى وأودعك الوداع الأخير.
السيد
:
نقلبها، حد عارف، حد ضامن، ما يمكن تساهينا هي وتنقلب.
فرفور
:
طيب، اللقا بقى يوم اللقا يا سيد، إنت عارف إن سكتك بقى غير سكتي.
السيد
:
ليه انت مش جاي الجنة معانا؟
فرفور
:
والنبي؟ وحياة هابيل اللي جبت أجله في الحتة اللي ما غيرهاش ربنا دي.
السيد
:
ولزومها إيه العكننة دي ع الآخر، ما قلنا نودع بعضنا بكلمتين حلوين.
فرفور
:
إيه، دنيا، فاكر أول الرواية يا سيد.
السيد
:
وفاكر لما اجوزتلي يا فرفور.
فرفور
:
مش بتاعت الإينديسيت، دي كانت أيام.
السيد
:
الوداع بقى يا فرفور.
فرفور
(معانقًا إياه)
:
الوداع يا سيد، والنبي حتة غباوتك حتوحشني.
السيد
:
ولسانك الزفر ده اللي الواحد خد عليه حالاقيه فين.
فرفور
:
دخل دماغك دخل (السيد يدخل رأسه) وسع لي
(فرفور يدخل رأسه) اتاخر كده شوية، دانت
تخين تخن.
السيد
:
اسمع يا ولا يا فرفور، يا ولا، أنا مش موافق على إننا نجرب تجربة الموت دي، دي
عمرها ما بتبقى تجربة، دي دايمًا نهاية يا وله واحنا يدوبك بنبتدي الرواية نقوم
ننهيها كده، وافرض لقيناه بيساوي المساواة التامة اللي انت عايزها فحل إيه ده اللي
يحل وينهي، اللي يساوي ويوقف لا يا عم، الحياة من غير حل أحسن مليون مرة من الموت
بحل. دالحياة نفسها حل يا وله، جايز ناقص إنما الشطارة نكمله مش نلغيه.
فرفور
:
ما احنا ما عرفناش.
السيد
:
مسيرنا نعرف، ما عرفناش احنا بكره ييجي اللي يعرف، طلع دماغك يا وله.
فرفور
:
دانت باينك قلبت بني آدم على طول، والنبي انت تساوي بوسة على رأيك ده.
عامل الستار
(من الخارج)
:
بوسة، هو البوس ينهيها، ذنبكم على جنبكم بقى، أنهيها أنا.
(ينطفئ النور تمامًا.)
السيد
:
ده باين حيشنقنا.
فرفور
:
اعقل يا أخينا.
(أصوات ارتطام أجسام على الأرض وحشرجة.)
(يُضاء النور بالتدريج.)
(فرفور والسيد تضم رقبتهما خية الحبل التي اتسعت بحيث يرقدان
ممددَين جنبًا إلى جنب على الأرض.)
فرفور
:
ولا يا سيد.
السيد
:
ولا يا فرفور، إحنا فين؟
فرفور
:
دي المسألة عايزة احنا فين واحن امين وكنا فين ورايحين فين؟
السيد
:
يكونشي الراجل موتنا؟
فرفور
:
هو الشر كان باين في عينيه والسلام.
السيد
:
عملنا زي النكتة البايخة بتاعتك وجينا نعيش متنا.
فرفور
:
إنت حتبتدي تنوح ليه، آدي احنا مش كُنَّا عايزين نجرب الموت، آدينا بنجربه ياك
ينفع بس.
السيد
:
يعني متنا.
فرفور
:
متنا.
السيد
:
واندفنا يا ترى ولَّا لسه.
فرفور
:
من شهر فات، وعليك بشارة، سرقوا كفنا كمان.
السيد
:
يعني احنا دلوقتي إيه؟ دود؟
فرفور
:
أقل شوية.
السيد
:
تراب.
فرفور
:
أقل شوية، ذرات، أنا ذرة وانت ذرة زي جيرانا دول، وخلاص يا عم انتهى عهد سيادتك
إلى الأبد، هنا تلاقي نواة إلكترون نيوترون بونبون، إنما لا سيد ولا فرفور، حتقول
لي نهاية وبداية وحياة وموت بإرادتي أو غصب عني أنا ما يهمنيش، المهم أهم حاجة عندي
دلوقتي إننا زينا زي بعض تمام.
السيد
:
مين قال زينا زي بعض، إنت مش شايف هنا إن كل حاجة بتلف حوالين حاجة، زي هم ما
بيلفوا احنا كمان حنلف.
فرفور
:
احنا!
السيد
:
إنت بالذات اللي حتلف حواليه.
فرفور
:
وبالذات أنا ليه، عشان فرفور يعني؟
السيد
:
لأ، عشان أخف، القانون هنا إن الأخف يلف حوالين الأتقل، فانت حتلف حواليا.
فرفور
:
هو انت منين ما نروح تروح مطلع لي قانون، ده إيه البلاوي دي، إنت بتشتغل عند
القوانين دي ولَّا حكايتك معاها إيه، ما تقول لي تبقى لك إيه القوانين دي؟ مالك
ومالها؟ إنت سيد ولَّا قوانين؟ تكونشي انت شوية قوانين وخلاص، لا يا عم والله
ما ألف ولا لفة، بقى ده الحل اللي بنجربه، والله ما ألف ولا لفة.
السيد
:
غصب عنك حتلف.
فرفور
(وكأن يدًا خفية تجذبه وترغمه على الحركة واللف حول
السيد)
:
الله الله الله، مش كده أمال، طب أنا حألِف لوحدي؟! ما تقوم تلف معايا.
السيد
:
يا ريت، أنا غصب عني واقف، وانت غصب عنك حتلف.
فرفور
:
وحانفضل كده؟
السيد
:
طول ما انت كده لازم أفضل كده.
فرفور
:
وطول ما انت كده وديني لأفضل كده.
السيد
:
وأنا كده.
فرفور
:
وأنا كده.
السيد
:
لف يا فرفور.
فرفور
:
يعني أنا اللي حألِف يعني، زي بعضه، ألف لك كام لفة عشان خاطرك.
السيد
:
وبرضه في دي طلعت كروديا، دول مش كام لفة، دا انت حتلف على طول.
فرفور
:
على طول يعني إيه على طول؟
السيد
:
يعني إلى الأبد، من هنا لمليون لألف مليون لمليون مليون سنة جاية، لغاية ما نلاقي
حل.
فرفور
:
يا نهار اسود، إيه الكلام اللي يرعب ده، دانا موش مصدقك، وبرضه مرعوب.
السيد
:
لف يا فرفور.
فرفور
:
دي إنسانية مني بس اعمل حسابك، بقوا كام لفة دلوقتي؟
السيد
:
ستة.
فرفور
:
كله يهون، لما نحصل عشرة ابقى قول لي.
السيد
:
ساعتها مش حاقدر أقول لك، ساعتها خلاص حابقى نظام، لا يصد ولا يرد.
فرفور
:
نظام إيه؟
السيد
:
نظامك.
فرفور
:
وجبت إيه من عندك، ما انت طول عمرك نظامي اللي لا يصد ولا يرد.
السيد
:
أنا خلاص يا فرفور (يزدرد صوته بصعوبة) خلاص،
بقيت … (ويسكت تمامًا).
فرفور
:
أنا ابتديت أتعب، بقوا كام لفة يا سيد.
(السيد لا يرد.)
فرفور
:
باقول لك بقوا كام.
(السيد لا يرد.)
فرفور
:
يا جدع بلاش هزار بايخ بقى ورد (يلف ويلف وشيئًا فشيئًا
تبدأ دقات جوفاء غريبة تقترب وتتضح ذات وقع معين وكأنها دقات الطبلة التي يتحرك
عليها الكون، بينما الإضاءة تقل) بقوا سبعتاشر (الدقات تسرع فيسرع معها) ما تنطق يا جدع وبلاش
البواخة دي، يا نهار منيل … اوعى تكون سكت بصحيح وبقيت نظام، إنت يا جدع رد، ردت
الميه في زورك رد (الدقات تسرع فيزداد إسراعه)
لأ، موش كده لأ، دانا تعبت أوي أوي، طب دقيقة أربط الحزام، يا أخينا انت ياللي واقف
زي اللوح بل ريقي بكلمة، ونسني، اتنحنح حتى، كح (يضربه
بالمقرعة وهو يلف حوله، وما تكاد المقرعة تلمس السيد حتى يجذب فرفور يده
مصعوقًا وكأنما كهربها تيار عنيف يقذف بالمقرعة بعيدًا ويقذفه هو إلى أعلى وهو
يتأوه ممسكًا بذراعه، وكل هذا دون أن يتوقف عن الجري أو الدوران)
يا دين النبي ده ولا دشليون فولت (السرعة تزداد)
الله وبعدين، دانا بقيت لافف ييجي ألف مرة، دانا بخاف م الضلمة دا باينه الموت بجد
لأ، لأ، موش كده يا عم يا نظام، إلهي ينظمك أكتر وأكتر مش كده، يا حج ما يصحش، أنا
طنيب النبي يا هوه أنا تعبت … يا مؤلف (تزداد السرعة
وتزداد الدوائر التي يضعها حول السيد اتساعًا) يا أي مؤلف، يا عم
يا بتاع اللامعقول (تنتظم السرعة على معدلها الأقصى من
هنا فصاعدًا)، يا عالم، يا فرافير … الحقوا أخوكم، أنا صوتي ابتدى
يتحاش، شوفوا لنا حل، حل يا ناس، حل يا هوه لأفضل كده، لازم فيه حل، لا بد فيه حل،
النجدة، أخوكم خلاص فرفر، أنا في عرضكم حل، مش عشاني أنا، عشانكم انتم، دانا بمثل
بس (يتهدج صوته) إنما انتو اللي بتلفوا (ويبكي وتتحشرج الكلمات في فمه فيفتحه ويغلقه دون أن ينطق
ويظل يلف صامتًا تحت وقع الدقة الكونية، لمدة دقيقة ثم يُسدل الستار ببطء وهو
لا يزال يلف، وحين يُعاد فتحه للتحية يكون فرفور لا يزال يلف، ولكن تحت وقع دقة
عالية أخيرة من الطبلة يتوقف ويستدير للتحية).
(ستار النهاية.)