الزَّوَاجُ
من الأوهام الشائعة بحكم العادة أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي أباح تعدد الزوجات بين الأديان الكتابية.
وكل ما حدث في القرن الأول للمسيحية أن الآباء كانوا يستحسنون من رجل الدين أن يقنع بزوجة واحدة، وخير من ذلك أن يترهب ولا يتزوج بتة، فكانت الفكرة التي دعت إلى استحسان الزواج الموحد هي فكرة الاكتفاء بأقلِّ الشرور، فإن لم تتيسر الرهبانية فامرأة واحدة أهون شرًّا من امرأتين! وكانت المرأة على الإطلاق شرًّا محضًا! وحبالة من حبالات الشيطان، بل أخطر هذه الحبالات، واستكثر أناس من آباء الكنيسة وفقهائها أن تكون لها روح علوية، فبحثوا في ذلك وأوشكوا أن يلحقوها بزمرة الحيوان الذي لا حياة له بعد فناء جسده.
فكان تعدد الزوجات مباحًا في الأديان الكتابية جميعًا، ولم يحرم — حين حرم — إكبارًا للمرأة، وتنزيهًا لها عن قبول المشاركة في زوجها، بل كانت الفكرة الأولى في تحريمه أن المرأة شر يُكتفى منه بأقل ما يُستطاع!
•••
ومن المحقق أن الشريعة الصالحة للزواج هي الشريعة التي تراعى فيها حقيقة الزواج في جميع حالاته الواقعة أو التي تحتمل الوقوع.
فليس الزواج علاقة جسدية بين حيوانين.
وليس الزواج علاقة روحية بين ملكين.
ولكنه علاقة إنسانية في المجتمع بين الذكور والإناث من البشر الذين يزاولون المعاش ويتمرسون بضرورة دنياهم صباحَ مساءَ.
ولم يستطع خيال الشعراء في أبعد سبحاته أن يجعل من الزواج علاقة شعرية — رُمانتيكية — تدوم بين الزوجين مدى الحياة على سنة الوفاء والقداسة التي نتخيلها للملائكة والأرواح العلوية، فهذه حالات يتمناها الناس، ويحلمون بها، ويصورونها لأنفسهم في عالم الخيال، ولكن الشرائع لا توضع للأماني والأحلام؛ بل للوقائع والمحسوسات، وتلاحظ فيها أكثر الوقائع والمحسوسات لا أقلها وأندرها بين النزر القليل الذي لا يقاس عليه.
واتفاق الزوجين على الوفاء والعشرة الدائمة كمال روحاني مفضل على العلاقة بين رجل واحد وعدة زوجات، ولكن الكمال الروحاني لا يفرض بقوة القانون … وليس الفضل فيه أن يكتفي الرجل بزوجة واحدة؛ لأنه لا يستطيع التزوج من اثنتين أو ثلاث، وإنما الفضل فيه أنه يستطيع ولا يفعل، وأنه يمتنع عنه؛ لأن سعادته الروحية في الامتناع عنه باختياره، فإذا حدثت وحدة الزوجة كرهًا فلا فرق في هذه الحالة بين الوحدة والتعدد، وقد يتصل الرجل بأكثرَ من امرأة واحدة وهو مقصور على زوجة واحدة، فيضيف نقض الشريعة إلى نقض الآداب الروحية، ولا يستفيد هو ولا الزوجة ولا المجتمع من هذا الرياء.
والطرف الثاني لهذه المبالغة في تنزيه الزواج هو طرف العلاقة الحيوانية التي لا يرتبط فيها الزوجان بأكثرَ من العلاقة بين ذكر الحيوان وأنثاه، بل يكون فيها الزواج أحيانًا أهون شأنًا من علاقة الذكور والإناث عند بعض الأحياء؛ لأن بعض الأحياء تكون عندهم المودة بين الذكر والأنثى، وتبلغ حد التلازم في أكثرَ من موسم واحد من مواسم التناسل، فهي أفضل من العلاقة التي تنفصم في كل ساعة إذا خطر لأحد الزوجين أن يفصمها منقادًا لهواه، وهذه هي شريعة الزواج في رأي الشيوعيين أو الماركسيين … وهم الذين يتناقضون في هذه الشريعة بين إطلاق الحرية لأهواء الفرد العارضة على الرغم من المصلحة النوعية، وبين تغليب مصلحة الجماعة على جميع أهواء الآحاد، وهو أساس الشيوعية وأساس المذاهب الاشتراكية جمعاء.
فمن إنكار الواقع والمصلحة أن نجعل الزواج علاقة بين ملكين.
ومن إنكار الواقع والمصلحة أن نجعله علاقة بين حيوانين.
وإقامة الشرائع على إنكار الواقع من طرفيه نقض للشريعة من الأساس، وإنما تقوم الشريعة على أساسها حين تُبنى على الواقع وتصلح للتطبيق في أوسع نطاق، فتعترف بتفضيل الزواج الموحد ولا تقضي بتحريم الزواج المعدد؛ لأن تحريم ما دون الكمال يوقعنا في مغالطة لا شك فيها؛ وهي أن الناس جميعًا كاملون، أو يستطيعون العيش على سنة الكمال.
وهكذا صنعت شريعة الإسلام؛ اعترفت بأن الزوجة الواحدة أدنى إلى العدل والإحسان، وأباحت تعدد الزوجات؛ لأنه حالة لا بد من حسبانها في الشرائع الاجتماعية، ولا يستطيع أحد أن ينكر وقوعها بموافقة القانون أو بالاحتيال على القانون والخروج عليه.
أباحت شريعة الإسلام تعدد الزوجات، ولم تفرضه كما يبدر إلى أخلاد المتكلمين في هذا الموضوع من الغربيين.
فقد يخيل إليك وأنت تسمع بعض الغربيين يتكلم في موضوع الزواج الإسلامي أن الإسلام قد أوجب تعدد الزوجات على كل مسلم، واستنكر منه أن يقنع بزوجة واحدة مدى الحياة!
وذلك وهم شائع كالوهم الذي شاع في تحريم الأديان الكتابية الأخرى لتعدد الزوجات.
فالأقوال متفقة على أن انعقاد الزواج من ذكر وأنثى هو الزواج المثالي المفضل على غيره.
ولكنه «زواج مثالي» وليس بزواج يتكرر بين كل ذكر وأنثى من نوع الإنسان؛ لأننا لا نستطيع أن نجعل من كل رجل زوجًا مثاليًّا، ومن كل امرأة زوجة مثالية، ومعنى أنه «زواج مثالي» أنه عمل من أعمال الفضائل الاختيارية وليس بعمل من أعمال الشرائع المفروضة على جميع الرجال وجميع النساء، ولا حاجة بالشرائع إلى أن تفرضه على من يصلح له ويتقبله ويفضله على غيره؛ لأنه يؤثره على كل علاقة متعددة ولو أباحتها الشرائع أو حسنتها لمن يطلبونها، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة متى اتفقت بينهما أواصر المودة وتبادل العطف والرعاية.
وإذا كان «الزواج الحيواني» هو المثل الأدنى للزواج بين أبناء النوع الإنساني؛ فمن حق الشرائع أن تمنعه ولا تقبله على وجه التعليل ولا على وجه الاستثناء.
ونعني بالزواج الحيواني ذلك الزواج الذي يقوم على هوى الجسدين ولا تبقى فيه بقية للألفة ودوام العلاقة بين الزوجين، متى نفر بالزوج هواه أو نفر بالزوجة هواها.
ولم يجاوز القرآن بتعدد الزوجات أن وضعه في نصابه فاعترف بإمكان وقوعه أو ضرورة وقوعه في بعض الأحوال، وهي حالة معترف بها ولا شك في الحياة الإنسانية حيث كانت من أقدم الأزمان إلى هذا الزمان، ولكنه اعتراف التواطؤ والإغضاء الذي يحدث في غفلة الشريعة ويصبح في العرف المصطلح عليه شريعة مفعولة تهرب من وضح النهار ولا يعوزها إلا التقرير والتصريح، فكم من زوجة بين من يحرمون تعدد الزوجات تعلم أن «فلانة» بعينها خليلة زوجها وتدعوها إلى بيتها وتزورها وتتجاهل الحقيقة التي لا تجهلها ولا يجهلها أحد من بيئتها، ولكنها تقبل هذا التواطؤ؛ لأنها تقابله بمثله وتذهب في المجتمع باسم زوجة «فلان» وخليلة «فلان!» ويحدث من جراء ذلك ما يحدث من التناقض الوبيل بين شريعة الواقع وشريعة الدين أو شريعة الدولة، مغالطات ومخادعات أهون منها كل إحساس يتولد من تعدد الزوجات؛ لأنه يضيف إلى الغيرة والنكد أكاذيب الأخلاق ومحاولات التهرب والاحتيال في مسائل الذرية ومسائل الأسر والقرابات.
وما هو الإحساس الذي يتولد من تعدد الزوجات؟
هو على التحقيق إحساس لا ترضاه النساء. ولكن أين هو المجتمع الذي يتكفل لكل إنسان بالرضا كله ويعفيه من كل ما يسوءه ويخالف هواه؟
إنني وإن كنت أعتقد أن تعدد الزوجات يوافق الرجال أكثر مما يوافق النساء أحسبه شيئًا لا يخلو من الطرافة والغرابة، ولست من الطفولة بحيث يخفى عَلَيَّ أن كواكب الصور المتحركة يعشقهم كثير من النساء ويعلمن — وهن يعشقنهم — أنهن لا يسيطرن على قلوبهم ومشيئتهم، ومهما يكن رأيك مثلًا في «إيرول فلن» فإنك لن تجهل الواقع الذي لا شك فيه من أمره، وهو أن كثيرًا من النساء يقبلن الشركة فيه، نعم، ليس كل الرجال في وسامة إيرول فلن، أو فكتور ماتيور، أو فان جونسون، أو كلارك جابل، ولكن الرجال الذين لهم نصيب من الوسامة والقسامة كثيرون في كل مكان، فلماذا لا تشترك في قربهم عدة نساء؟ إنهن ينفردن في الحجرات متى كبر الأطفال، وتتقدم السنون فتبرد حرارة الشباب، وتهدأ مرارة الغيرة، ولا يبعد أن يجد هؤلاء الشريكات مواطن للتسلية والمقارنة في التحدث عن ذلك الرجل الذي ارتبطن به جميعًا برابطة الزواج … ولقد عشت معظم أيامي في ضاحية مدينة كبيرة فلا أحسب صديقاتي إلا مستغربات عاتبات لو أصبح من حظي غدًا ان أكون واحدة من هؤلاء الزوجات المشتركات، ولكن هب الرجل كان مليح الشمائل، قادرًا على إيوائنا جميعًا؛ ألا يخطر لك أن اللاغطات بحديث زواجي يلغطن إذن من الغيرة لا من الإنكار؟
ومهما يكن من إحساس المرأة لمشاركة الضرائر في زوجها فهو من أحاسيس الحياة الطبيعية التي تحدث في الزواج وفي غير الزواج، وليس هو بأقسى من مهانة العمل، أو مهانة الحاجة، أو مهانة الدمامة، أو مهانة الغيرة اليائسة، أو مهانة الابتذال، وليس في وسع الشرائع أن تزعم أنها تعفي النساء أو الرجال من أمثال هذه العوارض والمنغصات.
ولتصنع الشرائع ما تصنع من ضروب التحريم والتحليل، فلا مناص للمرأة ولا للرجل على السواء من مواجهة الحياة بمسراتها ومنغصاتها، ومن قبول ما لا يُقبل، والرضا بما لا يُرْضِي في حالة القدرة والاختيار.
وهل يخطر على بال أحد أن عشرة مرءوسين يتنافسون على إرضاء رئيس واحد أيسر أو أندر من حالة امرأتين يتنافسان على مرضاة زوج؟ وهل لا يحدث في الحياة أن خمسة أبناء يتنافسون على حنان أب أو أم في أسرة واحدة؟ وهل يندر في الدنيا تنافس الساسة على كسب الجماهير، أو تنافس العلماء والمصلحين على كسب الأنصار والمريدين؟
أما المسوغات لتعدد الزوجات فكثيرة؛ ترجع تارة إلى خصائص الطبيعة، وتارة إلى ضرورات المعيشة الاجتماعية.
فالرجل يؤدي وظيفة النسل طوال أيام السنة ولا تؤديها المرأة وهي حامل زهاء تسعة شهور.
والرجل يلد بعد الستين وقد يلد بعد السبعين، وقلما تلد المرأة بعد الخامسة والأربعين أو الخمسين.
ويستقل الرجل بمعاشه ولا تستقل المرأة به، ولا سيما في أثناء الحمل والرضاع وتربية الأطفال.
وقد تقرر من إحصاءات الأمم أن عدد النساء يربى على عدد الرجال في أوقات السلم فضلًا على أوقات الحروب.
وأول ما تستلزمه هذه الخصائص الطبيعية أن يدخل تعدد الزوجات في حساب الشرائع وحساب المجتمعات البشرية.
وقد تقضي ضرورات المعيشة أو ضرورات الأسرة بحسبان الحساب لهذا التعدد في بعض الأحوال، فربما عقمت المرأة أو أصيبت بمرض عضال أو ذهبت عنها جميع المغريات الحسية والنفسية، فيضيرها الطلاق في هذه الحالة أضعاف ما تضيرها المشاركة في زوجها، ولا تجني هذه العلاقة العقيمة على الزوج في نسله ولا على النوع الإنساني في بنيه.
ولا خطر من التمادي في الإباحة؛ لأن التناسب الطبيعي بين عدد الذكور والإناث يأبى أن تعم الرخصة فيصبح لكل رجل زوجتان، أو يعدد الزوجات كل من أراد، مع اشتراط القدرة على تكاليف الأسر والأبناء.
•••
ومتى استوفت الشريعة أمانتها من حياطة الأسرة، وضمان النفقة عليها، بقيت أمانة العرف الاجتماعي يتولاها على حسب الآداب والمصالح والضرورات التي تغلب على المجتمعات بين أمة وأمة وبين جيل وجيل، وفي هذا العرف الاجتماعي الكفاية للإشراف على تنظيم الزواج من ناحيته بعد أن قالت الشريعة كلمتها واضطلعت بأمانتها التي تطلب منها.
فمن أمثلة التنظيم الذي يتولاه العرف الاجتماعي في مسألة تعدد الزوجات أنه يحد من رغبات الطبقة الغنية في هذه المسألة، كما يحد من رغبات الطبقة الفقيرة فيها، على اختلاف أنواع الحدود.
فالطبقة الغنية أقدر على الإنفاق وأقدر من ثم على تعدد الزوجات، ولكن الرجل الغني يأبى لبنته أن تعيش مع ضرة أو ضرائر متعددات، والمرأة الغنية تطلب لنفسها ولأبنائها نفقات ترتفع مع ارتفاع درجة الغنى، حتى يشعر الأغنياء أنفسهم بثقلتها إذا تعددت بين زوجات كثيرات، فلا ينطلق الزوج الغني في رغباته على حسب غناه، بل يقيم له العرف حدودًا وموانعَ من عنده تكف من رغباته؛ لتثوب به إلى الاعتدال، ولهذا نرى في الواقع أن الطبقات الغنية تكتفي بزوجة واحدة في معظم الأحيان، وربما كان للاختيار نصيب من ذلك كنصيب الاضطرار؛ لأن الأغنياء يستوفون حظوظهم من العلم والثقافة فيدركون بلطف الذوق مزايا العطف المتبادل بين زوجين متكافئين في الكرامة والشعور.
والطبقة الفقيرة لا ترفض المرأة فيها ما ترفضه المرأة الغنية من معيشة الضرائر، ولكن العجز عن الإنفاق يمنعها أن تنطلق مع الرغبة كما تشاء، فلا تستبيح تعديد الزوجات بغير حدود.
وهكذا تقوم الشريعة في تعدد الزوجات بما عليها، ويقوم العرف الاجتماعي بما عليه، ويقع الإلزام حيث ينبغي أن يقع مع الرغبة والاختيار.
•••
على أن تعريف الزواج نفسه أهم من تنظيم الانفراد أو التعدد في الزوجات!
فما هو تعريف الزواج قبل أن يعرفه القرآن الكريم؟
هل هو صفقة تجارية بين شريكين في المعيشة؟
هل هو وسيلة من وسائل الضرورة لإسكات صيحات الجسد والاستراحة من غوايته الشيطانية؟
هل هو تسويغ الشهوة بمسوغ الشريعة؟
هل هو علاقة عدمها خير من وجودها؛ إذا تَأَتَّى للرجل أو للمرأة أن يستغنيا عنها؟
كان هذا وأشباهه أعلى ما تصورته المجتمعات والعقائد من صور الزواج قبل الإيحاء بالقرآن الكريم.
ولكن الزواج في القرآن الكريم هو «الزواج الإنساني» في وضعه الصحيح من وجهة المجتمع ومن وجهة الأفراد.
فهو واجب اجتماعي من وجهة المجتمع، وسكن نفساني من وجهة الفرد، وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء.
وقد سماه القرآن ميثاقًا كما سماه نكاحًا، والنكاح على خلاف ما يفهم بعض العامة هو الاتفاق والمخالطة على إطلاقها، يقال: نكح المطرُ الأرضَ أي خالطها، ونكح الدواءُ المريضَ أي سرى في أوصاله، فهو ميثاق اختلاط بين الأزواج والزوجات.
ومن ثم يراد الزواج — فضلًا عن بقاء النوع — لتهذيب النفس الإنسانية واستزادة ثروتها من الرحم والرحمة، ومن العطف والمودة، ومن مساجلة الشعور بين الجنسين بما رُكِّبَ فيهما من تنوع الإحساس وتنوع العاطفة وتنوع القدرة على الحب والإيناس.
فالغرض من شمول هؤلاء النساء جميعًا بالتحريم ظاهر؛ وهو زيادة ثروة الإنسان من العطف والمودة، وتعويده أن ينظر إلى كثير من النساء نظرةَ مودةٍ لا تشوبها شهوة جنسية، أو تعويده أن يعرف ألوانًا من الشعور غير شعور الذكور والإناث في عالم الحيوان، وكل هؤلاء القريبات أو أشباه القريبات قد جعلت المودة بينهن وبين أقربائهن من الرجال، فلا موجب لخلطها بالمودة التي تنشأ من العلاقة الجنسية، ولا لتعريضها للجفاء الذي يعرض أحيانًا بين الأزواج والزوجات.
لأن العلاقة هنا تقوم على علاقة الألفة والمودة لا على علاقة الدم ووشائج النسب الأصيل، فلا قرابة بين الرضعاء، ولا بين الربائب، ولا تحريم للجمع بين الأخت وأختها في شريعة القبائل التي تختار الزوجات من الأباعد دون الأقربين؛ لأن الزوجة وأختها سواء في القرب والبعد، سواء كانتا من القبيلة نفسها أو من قبيلة غريبة عنها، وإنما هي قرابة أدبية يحترمها الذوق المهذب، ولا يقع احترامها من وشائج الدم وأواصر الأنساب.
كذلك لم تكن هذه المحرمات جميعًا مرعية في الشريعة الإسرائيلية؛ لأنها لا تنص على التحريمات التي ترجع إلى العلاقات الأدبية أو علاقات الألفة والمودة، بل روت التوراة أن إبراهيم عليه السلام تزوج من سارة أخته لأبيه، وأوشكت تلمار أن تتزوج أخاها عمنون، وجاء منع الزواج بين الأخوين بعد ذلك على سبيل الكراهية والاستهجان، ثم على سبيل الإلزام، ولم تتعرض له الشريعة.
وقد تقررت تحريمات الدم من قديم الأزمنة وعرفتها شرائع القبيلة، كما عرفتها شريعة الدولة وشريعة العقيدة، ولكن شمول المنع لقرابة الألفة «الأدبية» هو الذي وسع آفاق العطف بين الجنسين، وخرج بها من حصرها القديم في شهوة الجسد أو تجديد النوع بالذرية.
فعلى خلاف الأقاويل المدعاة على سنن الزواج في القرآن الكريم لم تكن العلاقة بين الجنسين — حسب هذه السنن — محصورة في علاقة الجسد أو علاقة النوع، بل كان فيها متسع لألوان من العواطف الإنسانية لم تعرفها شرائع كثيرة بين الأقدمين والمحدثين، وكانت خليقة أن تعلم بني الإنسان آدابًا من العواطف بين الرجل والمرأة تنشأ بينهما من غير صلات النسب، وغير صلات النوع ووظائف تجديده، فلا تدخل في أواصر القرابة ولا في أواصر الزواج.
•••
وهكذا كانت شريعة القرآن مطابقة لحقيقة الزواج في معانيه الإنسانية ومعانيه النوعية والاجتماعية.
فاستحسنت الاكتفاء بالزوجة الواحدة، ولكنها جعلته فضيلة يختارها الزوجان ولم تفرضها عليهما بغير فضل يرجع إلى الزوج أو الزوجة.
وأباحت تعدد الزوجات مع اشتراط العدل لمن استطاعه، وحسبت للدواعي النوعية والاجتماعية التي تبيح تعدد الزوجات في بعض الأحوال كل ما ينبغي أن تحسبه شريعة تسري بين أبناء البشر في دنياهم هذه التي تطلب المثل الأعلى ولا تصل إليه في كل حين.
•••
أما معاملة الزوجات فهي في الشريعة القرآنية موافقة لهذا التقدير الصحيح لطبيعة الزواج.
فليس الزوج سيدًا للزوجة، ولكنه وليها وله حقوق الولي وعليه واجباته، ومنها حمايتها والإنفاق عليها.
وليس معنى إباحة الضرب إيجابه في كل حالة ومع كل امرأة؛ فقد كان النبي عليه السلام — وهو أول المؤتمرين بأوامر القرآن — يكره الضرب ويعيبه ويقول في حديثه المأثور: «أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد؟ يضربها أول النهار ثم يجامعها آخره؟!» فلم يضرب زوجة قط، بل لم يضرب أمة من الصغار ولا من الكبار، وأغضبته جارية صغيرة مرة فكان غاية ما أدبها به أن هز في وجهها سواكًا، وقال لها: «لولا أخاف الله لأوجعتك بهذا السواك.»
وإنما يباح الضرب؛ لأن بعض النساء يتأدبن به ولا يتأدبن بغيره، ومن اعترض على إجازته من المتحذلقين بين أبناء العصر الحديث فإنما يجري اعتراضه مجرى التهويش في المناورات السياسية، ولا يجري مجرى المناقشة في مسائل الحياة وأخلاق الناس؛ لأن الاعتراض على إباحة الضرب بين العقوبات لا يصح إلا على اعتبار واحد؛ وهو أن الله لم يخلق نساء قط يؤدبن بالضرب ولا يجدي معهن في بعض الحالات غيره، ومن قال ذلك فهو ينسى أن الضرب عقوبة معترف بها في الجيوش والمدارس، وبين الجنود والتلاميذ، وهم أحق أن ترعى معهم دواعي الكرامة والنخوة إذا جاء الاعتراض من جانب الكرامة والنخوة، وأن رؤساءهم ليملكون من العقوبات المادية والأدبية، ومن وسائل الحرمان والمكافأة ما ليس يملكه الأزواج في نطاق البيوت المحدودة.
وقد يهزأ النساء أنفسهن بهذه الحذلقة التي تخلط بين مظاهر السهرات في الأندية وبين وقائع العيش ومشكلات البيوت في ناحية من نواحي الضنك والضرورة؛ فإن النساء ليعلمن أن عقوبة الضرب عند المرأة العصية الناشز ليست من الهول والغرابة بهذه الصورة المزعومة في بيئات الأندية والسهرات، فربما كان من أنيقات الأندية والسهرات أنفسهن من يعرفن عن هذه الحقيقة ما يجهله المتحذلقون والمتزوقون في مجامع اللهو والبطالة بزواق الفروسية و«اللطافة» المستعارة … فيعلمن ويعلم الكثيرون — كما قلنا في كتابنا عبقرية محمد — «أن هؤلاء النساء — الناشزات — لا يكرهنه ولا يسترزلنه، وليس من الضروري أن يكن من أولئك العصبيات المريضات اللاتي يشتهين الضرب كما يشتهي بعض المرضى ألوان العذاب!»
•••
وقد بينا في ذلك الكتاب أيضًا حقيقة الغرض من عقوبة الهجر في المضاجع؛ لأنها تبدو للكثيرين كأنها عقوبة جسدية، غاية ما يؤلم منها أنها تحرمها لذة الجسد بضعة أيام أو بضعة أسابيع … إلا أنها في الحقيقة لا تؤلمها لهذا السبب، ولو كان هذا سبب إيلامها لكانت عقوبة للرجل كما كانت عقوبة للمرأة، ولكنها في الواقع عقوبة نفسية في الصميم؛ لأن أبلغ العقوبات — كما قلنا في عبقرية محمد — «هي العقوبة التي تمس الإنسان في غروره، وتُشَكِّكُه في صميم كيانه؛ في المزية التي يعتز بها ويحسبها مناط وجوده وتكوينه، والمرأة تعلم أنها ضعيفة إلى جانب الرجل، ولكنها لا تأسى لذلك ما علمت أنها فاتنة له، وأنها غالبته بفتنتها وقادرة على تعويض ضعفها بما تبعثه فيه من شوق إليها ورغبة فيها، فليكن له ما شاء من قوة فلها هي ما تشاء من سحر وفتنة، وعزاؤها الأكبر عن ضعفها أن فتنتها لا تقاوم، وحسبها أنها لا تقاوم بديلًا من القوة والضلاعة في الأجساد والعقول، فإذا قاربت الرجل مضاجعة وهي في أشد حالاتها إغراء بالفتنة، ثم لم يبالها ولم يؤخذ بسحرها، فما الذي يقع في وقرها وهي تهجس بما تهجس به في صدرها؟ أفوات سرور؟ أحنين إلى السؤال والمعاتبة؟ كلا بل يقع في وقرها أن تشك في صميم أنوثتها، وأن ترى الرجل في أقدر حالاته جديرًا بهيبتها وإذعانها، وأن تشعر بالضعف ثم لا تتعزى بالفتنة ولا بغلبة الرغبة، فهو مالك أمره إلى جانبها وهي إلى جانبه لا تملك شيئًا إلا أن تثوب إلى التسليم، وتفر من هوان سحرها في نظرها قبل فرارها من هوان سحرها في نظر مضاجعها … فهذا تأديب نفسي وليس بتأديب جسد، بل هذا هو الصراع الذي تتجرد فيه الأنثى من كل سلاح؛ لأنها جربت أمضى سلاح في يدها فارتدت بعده إلى الهزيمة التي لا تكابر نفسها فيها، فإنها تكابر ضعفها حين تلوذ بفتنتها، فإذا لاذت بها فخذلتها فلن يبقى لها ما تلوذ به بعد ذلك، وهنا حكمة العقوبة البالغة التي لا تقاس بفوات متعة ولا باغتنام فرصة للحديث والمعاتبة، وإنما العقوبة إبطال العصيان، ولن يبطل العصيان بشيء كما يبطل بإحساس العاصي غاية ضعفه وغاية قوة من يعصيه …»
وجملة القول أن هذه الوسائل تستنفد كل حيلة في الوسع للإبقاء على صلة الزواج واتقاء الفرقة بين الزوجين، فعلى الرجل أن يغالب كراهته للمرأة إذا تحول قلبه عنها عسى أن يكره شيئًا ويجعل الله الخير فيه، وعليه أن يجرب النصيحة والهجر والتأديب بالضرب والتحكيم بين الأسرتين؛ فإن أفلحت هذه الوسائل بقيت الصلة ودامت المودة والألفة، وإلا فالطلاق حل لا مناص منه في النهاية بعد استنفاد جميع الحلول.
وقد عالجت أمم كثيرة من أمم الحضارة أن تستغنيَ عن الطلاق وتحرمه في جميع الأحوال أو في معظم الأحوال، فأظهرت التجارب المتوالية أن الخطر على الزواج من تحريمه أفدح وأعضل من كل خطر يأتي من إباحته والاعتراف بلزومه في كثير من الحالات.
فإذا تصالحا على الفراق فذلك خير من البقاء على الشقاق الدائم؛ وخير من الفراق على عداوة ونقمة، وكل ما يطلب من المرأة في هذه الحالة أن تعفي الزوج من النفقة وترد إليه ماله، فليس لها أن تترك الرجل وتمسك ماله وتفرض النفقة عليه.
وقد جاءت امرأة إلى النبي عليه السلام وشكت إليه أنها لا تطيق زوجها — ثابت بن قيس — فسألها: «هل تردين إليه مهره؟» فقبلت أن ترده؛ فنصح لثابت أن يطلقها؛ إذ كان لا خير له في استبقائها، وتم الطلاق على وفاق.
ولم يوضع الطلاق بغير حدود، ولا أبيح كلَّ الإباحةِ لغير ضرورة، فهو حيلة من لا حيلة له في الوفاق، وهو مع ذلك أبغض الحلال عند الله كما جاء عن النبي عليه السلام، ومن أقواله صلوات الله عليه: «لعن الله كل ذواق مطلاق»، و«لعن الله الذواقين والذواقات.» و«لعن الله كل مزواج مطلاق.»
ويراجع الرجل نفسه في حالة الغضب: «لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق»، ولا يقع من السكران أو المكره أو المحرج أو غير الرشيد.
هذه في جملتها وتفصيلها خير الحدود التي ترعاها الجماعة البشرية بين الزوجين في حالي الوفاق والفراق.
•••
ونعتقد أن الأمم المتحضرة سترجع إلى كثير من مأثورات الزواج في صدر الإسلام لعلاج بعض المشكلات التي خلقتها أطوار الحياة الصناعية والثقافية في السنين الأخيرة من العصر الحديث.
فمن الكتاب والمصلحين في أوروبة وأمريكا من يكتبون عن الزواج في هذا العصر كأنه نظام منحل أو على وشك الانحلال!
ومنهم من يغرب في آرائه لعلاج مشكلة الزواج حتى يصبح علاجه بمثابة الاعتراف بالمرض والاسترسال فيه!
ومنهم من يقول شيئًا يجوز النظر فيه، ومن يقول شيئًا لا يستحق نظرًا ولا يرجى الوصول منه إلى علاج ولا تمهيد للعلاج!
فالكاتب الإنجليزي وِلز يشير بولاية الأمة للأطفال ويسمي ذلك إعتاقًا للأبناء من ربقة الآباء والأمهات! وفي رأي ولز هذا رجوع إلى رأي أفلاطون القديم الذي استحسن فيه أن ينشأ الولد بأعين المربين الأفاضل والمربيات الفضليات، وهو لا يعلم مَن أمه ومَن أبوه!
وآفة هؤلاء المفكرين وأمثالهم أنهم يقدرون أن الناس يرتقون من جانب ويلبثون على الجهل والنقص في غير ذلك الجانب، فيقدرون أن الجماعة البشرية تبلغ من التهذيب والفطنة والأريحية والعلم بفنون التربية أن يؤتمن فيها الرجل والمرأة على تنشئة أطفال لا تربطهما بهم صلة نسب ولا قرابة … إلا الآباء والأمهات، فإنهم سيظلون على هذا الارتقاء العميم، غير أهل لأمانة التربية والسهر على الأبناء! فلماذا نستثني الآباء والأمهات وحدهم من فيض الارتقاء العميم؟! ولماذا لا يكون الآباء والأمهات الذين شملهم الارتقاء أصلح من غيرهم للتربية مع مزية الحنان المطبوع، ومزية العواطف الإنسانية التي تخلقها الأسرة ولا نعرف لها أصلًا في الإنسان غير وشائج القرابة بين الآباء والإخوة والأخوات؟!
ورأى وزير فرنسي مسموع الكلمة وأديب معروف المكانة بين الأدباء — وهو ليون بلوم — أن الزواج في العصر الحاضر علاقة لا ينتظم عليها بقاء، وأن الخيانة فيه بين الأزواج ليست مما تطيب عليه العشرة والطمأنينة في أسرة سعيدة، وليست مما يمتنع بسلطان القانون؛ لاتساع مجال الحيل التي يحتال بها على مخالفته وانطلاق الرجال والنساء في حرية نفسية واجتماعية تستعصي على الحجر والرقابة، فلا مناص للمجتمع البشري من الاعتراف بهذه الحالة وتقديرها في نظام الزواج، وعنده أننا نعطي هذه الحالة حقها من التقدير إذا أخرنا سن الزواج إلى الثلاثين أو ما بعد الثلاثين، وأغضينا عما يجري قبل ذلك بين الفتيان والفتيات؛ لأنهم خلقاء بعد تجربة اللهو، وإشباع الشهوات منه، أن يسأموه ويثوبوا إلى الحياة الزوجية وهم زاهدون فيه صالحون للوفاء صلاحَ القناعة والاكتفاء، وصلاحَ القدرة على التعاون وتربية الأبناء.
والذي يسبق إلى الذهن من كلام مسيو بلوم أن الإباحة وابتذال الشهوات أمر لا يعاب لذاته ولا يستنكر في الذوق والخلق والآداب الاجتماعية لولا أنه معطل للزواج أو مخل بأمانة الزوجين، ولكن الواقع أن ابتذال الشهوات مرض معيب يدل على شيء غير سليم في بنية الفرد، كما يدل على شيء غير سليم في بنية الجماعة، فلو لم يكن في الدنيا زواج أو نظام للأسرة لكانت الإباحة خليقة بالعلاج لذاتها كما يعالج كل نقص في تكوين العقل والإرادة واستعداد المرء للعمل الجدي في الحياة الخاصة والحياة العامة، وخير لنا من التعويل على سآمة الفرد للشهوات واللذات أن نعول على سآمة المجتمع كله لهذه الآفة، وأن نتخذ من هذه السآمة دليلًا على خطأ المبادئ التي تسمح للحرية الفردية أن تنطلق في العلاقات الجنسية بغير وازع ولا رقيب، فَنَحُدُّ من الاختلاط بين الجنسين بعضَ الحدِّ ونقيم الآداب الجنسية أو النوعية على أساس غير أساس الحرية المطلقة لآحاد الرجال أو آحاد النساء، وقد نثوب بهذا إلى نظام قريب من نظام الآداب القرآنية في الحجر على كل انطلاق يفسد العلاقة السليمة بين جنس الذكور وجنس الإناث.
•••
ومن الفلاسفة المحدثين الذين عرضوا لمسألة الزواج نابغة إنجليزي من نوابغ الرياضة والفلسفة؛ هو اللورد برتراند رسل الذي اشتهر بالجرأة في الرأي والاستقلال في شئون السياسة والدين.
فهذا الفيلسوف يرى أن سن الزواج قد تأخرت بغير اختيار وتدبير؛ فإن الطالب كان يستوفي علومه قبل مائة سنة أو مائتين في نحو الثامنة عشرة أو العشرين … فيتأهب للزواج في سن الرجولة الناضجة، ولا يطول به عهد الانتظار إلا إذا آثر الانقطاع للعلم مدى الحياة، وقَلَّ من يؤثر ذلك بين المئات والألوف من الشبان.
أما في العصر الحاضر فالطلاب يتخصصون لعلومهم وصناعاتهم بعد الثامنة عشرة أو العشرين، ويحتاجون بعد التخرج من الجامعات إلى زمن يستعدون فيه لكسب الرزق من طريق التجارة أو الأعمال الصناعية والاقتصادية، ولا يتسنى لهم الزواج وتأسيس البيوت قبل الثلاثين، فهناك فترة طويلة يقضيها الشاب بين سن البلوغ وبين سن الزواج لم يحسب لها حسابها في التربية القديمة، وهذه الفترة هي فترة النمو الجنسي والرغبة الجامحة وصعوبة المقاومة للمغريات، فهل من المستطاع أن نسقط حساب هذه الفترة من نظام المجتمع الإنساني كما أسقطها الأقدمون وأبناء القرون الوسطى؟
وزواج المتعة هذا ضرب من الزواج الموقوت، يُروى عن النبي عليه السلام أنه أذن به في إحدى الغزوات للصحابة الذين انقطعوا عن أوطانهم، وطالت غيبتهم عن بيوتهم، ثم اختلفت الروايات في تحريمه، وقال بعض الفقهاء من الشيعة على الأكثر أنه مباح إلى الآن لبعض الضرورات.
قلنا ونحن نقرأ تعقيب مؤلف القاموس على زواج المتعة: لقد كان من النافع للرجل أن يعيش حتى يرى فيلسوفًا من أكبر فلاسفة قومه يدرس مشكلة الجنسين في الحضارة الحديثة درسَ الفلاسفة المحققين فلا يهديه الرأي فيها إلى حل غير زواج المتعة أو ما هو من قبيله … فقد كان خليقًا به إذن أن يتهيب مشكلة الجنس والأسرة قليلًا من التهيب، وأن يدرك مكرهًا أو طائعًا أنها ليست باللعبة التي يلعب بها المتطلعون إلى سمعة اللطافة والفروسية المصطنعة في الأندية والمحافل، وأن مشكلات النوع الإنساني الضخام قد تلجئ أساتذة العصر إلى مقام المتعلمين من أبناء العصور الماضية، فيتعلمون أن الحذلقة أسهل شيء على طلاب المظاهر وأدعياء اللطافة، ولكنها سهولة لن تنفع البشر في المعضلات الصعاب، التي تتجدد مع الزمان وتستفحل على تعاقب الأجيال.