أنا غزِلٌ
ألفُ سلامة
(من التهيُّؤ للوقوف)
ألفُ سلامةْ
يا من يغمرُ فيضُ شذاها وجهَ الكونِ بألفَي شامةْ
وثلاثةِ آلافِ علامةْ
زادت شِعري طربًا وملامحَ دنيايَ وَسامةْ
لم يخطرْ بخيالي أبدًا أن يُلقِيَ «كوبيدُ» سِهامَهْ
فيُبعثِرَ أشْلاءَ القلبِ سُكارى بالرُّوحِ البسَّامةْ
طارَ كِياني جَزَعًا لَمَّا مَرْأى جُرْحِكِ مرَّ أمامهْ
أرسلَ عُصْفورًا ليُغني: «ألفا ألفَي ألفِ سلامةْ»
أكتوبر ٢٠٠٤م
إلى ذاتِ النَّظَّارةِ السَّوْداء
(من التهيُّؤ للوقوف)
عَجَبًا مِن النظَّارةِ السوداءِ
لم تَحجُبِ المعنى عن الرُّقَباءِ
عينان معنى الحُبِّ عارٍ فيهما
لا تعبآن بسُترةٍ حمقاءِ
والحُبُّ خافٍ قبل أن يرقى العُيو
نَ فإنْ رقى لم يَعترفْ بِخَفاءِ
قالت ترفَّقْ يا إله الشِّعْرِ بي
قلبي الصَّغيرُ مُحَمَّلٌ برجائي
قلتُ: العذارى لَسْن غايةَ مَقصَدي
لا نفعَ في «شيماءَ» أو «أسماءِ»
نوفمبر ٢٠٠٤م
ترتيلٌ مُشَوَّشٌ على مقهى «السرايا»
تراتيلُ مبتورة
ومَوتَى نعَوا أشباهَ موتَى ومِزوَدٌ
بهِ الفُومُ والبَقْلُ الرِّضا
والسَّرايا:
تَعُجُّ بخيرٍ ممكنٍ: صوتِ مُقرئٍ
يُرَحِّبُ بي من بينِ هذي البَرايا
وتَهزِمُ تلكَ المركباتُ تُخيفُني
وتَهزمُ أرضي تستبيحُ ثَرايا
فيَخبُو بريقُ المُقرئِ الحُلمِ بالسُّورَةْ
تراتيلُ مبتورةْ
أرى رُوحِيَ العرجاءَ ترقصُ في شَبَقْ
وفي السَّقفِ تبدو لي ثُدِيُّ العَرايا
نُدوبٌ بها سَحَّت دِماءً فأغرقَتْ
كِيانِي الَّذي أبَقْ
أُطاردُهُ رقصًا، وأهتفُ: «يا هذا، أجِبنِيَ ما تُدعَى؟»
فيَبسِمُ دَمعًا ثُمَّ يَدنو،
يُجيبُني:
«أنا كلُّ ما سَبَقْ»!
لقد هالَني العَبَقْ!
تحلَّلتُ من نفسي وأوزارِ مِئزَري
وقلتُ سأمحو بالزَّرايا الزَّرايا
وأخرجتُ ذا الإحليلَ من فِيكِ فاشتكَتْ
أفاعِيلِيَ الشَّنعاءَ كُلُّ المَرايا
رُواؤُكِ تَقبيحي، نُحولُكِ سِمنَتي
دَعي صدرَكِ المستُورَ يَعبدُ
كَستُورَه!
تراتيلُ مبتورةْ!
مخاضةُ ماضيكِ المُمِضِّ تَخُضُّني
فترفَعُ وِدْياني، تَحُطُّ ذُرايا
تصَوَّفتُ دهرًا فيكِ حتَّى تقاطَرَت
دمائِيَ أذكارًا تُقِضُّ كَرَايا
وطُفتُ بماخُورَيكِ/نَهدَيكِ ناظِرًا
إناكِ إلى أن خانني ناظِرَايا
فقُومي عن الموتُورِ حِجري، فإنني
سَئمتُكِ، لِمْ تَبْدينَ يا سِتُّ
مَوتُورَةْ؟!
أَعِندَكِ من وَحيي تراتيلُ مبتورةْ؟!
لقد أزهَقَت رُوحي سُكونَ السَّرايا
ذَكَرتُكِ، أُنسيتُ المكانَ وحقَّهُ
فأنتِ ورَبِّي في الهوى فاطِرَايا!
خيالُكِ يا حَقَّ الحقيقةِ جالسٌ
تأبَّطَهُ إبْطايَ أو عاطِرَايا
أحِبُّكِ، قِيلَ: الهَجرُ موتٌ، فقلتُ: لا
بل الهَجرُ أحياها بِفَصْمِ
عُرَايا.
السبت ظُهرًا، ١٣ / ٥ / ٢٠٠٦م
رائيَّةٌ ملتهبة
(من التهيُّؤ للوقوف)
أخافُ إذا تَلَوتُ قصيدَ حُبِّي
ترُدِّينَ الهوى للقلبِ نارَا
فقلبي مُغرَمٌ بالحسنِ، والحُسـ
ـنُ مُستلِبٌ من العقلِ القرارا
قرارُ الصوتِ يهتفُ بي أن انطِقْ
جوابُ الصمت يُغرقُني انكسارَا
صراعُ إرادتي وإرادتي قد
قضى دهرًا صُعودًا وانحِدارَا
وعُذرًا إن رَمَتكِ سِهامُ عَيني
فرغمَ حيائِيَ الشوقُ استَطارَا
ألم يُخبِرْك قَومٌ عن جُنوني
وكيف أصوغُ لِلبَرْد الأُوارا؟!
بأحلامي، أُطَوِّقُ خَصرَكِ الذَّا
هِلَ الخَصرَ الذي يأبى الحصارا
وألثِمُ خدَّكِ الأعلى مِرارًا
وآخذُ قُبلةً حَرَّى مِرَارَا
أُقاوِمُ رغبتي الحمقاءَ فِي فِيـ
ـكِ، دِقَّةُ فِيكِ لا تَدَعُ اختيارَا
وحتى رُوحُ رُوحِيَ تشتهي الرُّو
حَ كيف بجسمٍ انتهكَ الوَقارا
أضمُّكِ نحوَ صدريَ في جنونٍ
ونندمِجُ اندماجًا وانشطارَا
أظنُّ الآنَ أنَّا قد مَلِلنا
قصيدَ الحبِّ أرجوكِ اصطبارَا
فسِحرُكِ آسِرٌ شِعري وعقلي
فيأتيني بأفكارٍ أُسارَى
أُحَرِّرُها أنا شيئًا فشيئًا
وأهتِكُ عن تَميمَتِكِ الإزارا
فرفقًا يا مَن استحلَلتِ قلبي
فقَلبُ الصَّبِّ لا يَبْغي فِرارا
مايو ٢٠٠٤م
إلهةُ الخصوبة
(من التهيؤ للوقوف)
قَسَمًا بدِقَّةِ جسمِ «دينا» إنَّها
سَرَقَت أُلُوهِيَّاتِ ربَّاتِ
الخُصُوبةْ
يومًا شكا لي صاحبي شَغَفًا بها
وتوسُّلًا في حبِّها وشكا
نَصِيبَهْ
لمَّا التقيتُ بها لأوَّلِ وَهْلَةٍ
لم أنتبهْ كيفَ استطاعت أن تُذيبَهْ
حمقاءُ ساذَجَةٌ وتافِهَةُ الحِجَا
وكلامُها سُخْفٌ وأفكارٌ مَعِيبةْ
مهلًا لماذا تقشعرُّ رجولتي
من لَحْظِ عينَيها ونظرتِها الأريبةْ
لقد استشفَّت ما يدورُ بداخلي
وتهيَّأتْ آهٍ! تحقَّقَت المصيبةْ
دينا مصمِّمَةٌ على صيدِ الإرا
دةِ فِيَّ، مُقْبِلَةٌ على حَصْدِ الضَّريبةْ
حادَثتُها يومًا ضريبتُه لظًى
ينصَبُّ في جسدي وأيَّامٌ عصيبةْ
تشتاقُ ذاتي أن تُمَزَّق ثانيًا
بلِحَاظِ «دِينا» أو سذاجتها
الأديبةْ
وبلاغَتي تشتاقُ موتًا رائعًا
في مذبحِ السُّخْفِ المُثَرْثِرِ في
عُذوبةْ
هي لم تُمانعْ أن تكون صغيرةً
جَسَدًا وعقلًا في مُناورةٍ مريبةْ
لكنها اكتشفَت معانيَ للأنو
ثةِ جِدَّ رائعةٍ وأسرارًا غريبةْ
نظراتُها حفَزَت رجولةَ جالسٍ
بجوارها فاشتاق للأنثى القريبةْ
لا تشتهي رَجُلًا ولكنْ همُّها
تحقيقُ قانونِ الطَّبيعةِ في
صعوبةْ
استسلمَ المَغْرورُ وَهْو يَظُنُّها
صارتْ سَبِيَّةَ حُبِّهِ بِنْتٌ
عجيبةْ
سلَّمتُ «دينا» الآنَ أَشْرَبُ نَخْبنا
مَرْحَى إلهَةَ حُبِّنا رمزَ
الخُصُوبَةْ
يونيو ٢٠٠٤م
إلى «أنَّا»
(من التهيُّؤِ للوقوف)
إذا الشَّفتانِ أُطْبِقتا
فعيناها تقولانِ:
«أنا في مركبي الْمُلتا
عِ أرجو صَحْوَ رُبَّاني
ليحملَني على كفَّيْـ
ـهِ مُلتحِفًا بأكفاني
ومُلتحمًا بآلامي
وآهاتي وأشجاني
أنا والموتُ نَذكُرُهُ
ورُبَّاني تَناسَاني»
ولم تعلم مُعَذِّبتي
بأنِّي في الهوى فاني
ولم تعلمْ بما باحت
بهِ للصَّبِّ عينانِ
•••
و«أنَّا» إن رنَتْ نحوي
فعيناها تُبيحاني
دمي الْمُهْراقُ من حولي
يُسَبِّحُ باسْمِها الجاني
و«أنَّا» تُشْهِدُ الأحيا
ءَ والقاصي مع الدَّاني
على أنَّ الهوى مِصْريْ
وأنَّ الحُسْنَ يوناني
وأنَّ العِشقَ مزَّقَني
وفرَّقني وأحياني
وأنَّا إن تعانَقْنا
أُطَوِّقها بألحاني
و«أنَّا» أنَّ قلبي خوْ
فَ أن تنأى فتنساني
•••
وحانت ساعةُ الإقلا
عِ، نَظْمُ الشِّعرِ ألهاني
و«أنَّا» دمعُها يهْفو
إلى ضمَّاتِ أجْفاني
أنا الرُّبَّانُ فاتِنَتي
فنامي بينَ أحضاني
ديسمبر ٢٠٠٤م
تعريض
لوَ انَّ مَهاتي أدركَت ما أُعَرِّضُ
إذَنْ لانتَحَت رُكنًا بصدريَ
تَربِضُ
بنيتُ لها بيتًا من العُشبِ خالصًا
لها وحدَها ترتاحُ فيهِ وتركُضُ
وتَخضَرُّ إن شاءَت وتَحمَرُّ إن أشَأْ
على رغمِ أنَّ الحُبَّ في الأصلِ
أبيَضُ
هِيَ الطِّفلُ في قلبي أموتُ بصَمتِها
وأحيا إذا راحَت تقولُ وتَنبِضُ
هيَ النَّفلُ إلَّا أنَّ ربِّي بلُطفِهِ
رأى سَجدَتي عِشقًا فما انفَكَّ
يَفرِضُ
تَسَتَّرُ أستَبْقي لِعَينيَ عُذرَها
ويُكشَفُ عن ساقٍ فأهتَزُّ
أُغمِضُ
حياتي لها لو يَغزِلُ الوَصلَ دمعُها
ومَوتي لها لو هَمَّ بالغَزْلِ
يَنقُضُ
لَكَم شَرَّفَت رُوحي بأحلامِ يَقْظَتي
وراودتُهُمْ عنها: «دَعُوها» فما
رَضُوا
تَزورُ لِمامًا يا يَمامَ مَنِيَّتي
أرِحني إذا غابَت بها أو
سأُقبَضُ
•••
وأنفُضُ عن جَفني الكَرَى مُتأوِّهًا
فقد آلَمَتني في منامي وأنفُضُ
وأبغي نُهوضًا من فِراشي لِحاجَتي
وقد عَزَّ منِّي ذلكَ اليومَ
ناهِضُ
مَهاتيَ لو تدري بحالي لأشفقَت
أُقَبِّلُ كَفَّيها قَبُولًا
وتَرفُضُ
ولو لم يكُنْ يَحلُو عذابي لها لَما
بدا الأمَلُ الخدَّاعُ بالوَصلِ
يُومِضُ
فأقرِضُ أوهامي بحَضرةِ رُوحِها
كأنِّي أنا الأشعارُ والوهمُ
يَقرِضُ
ولو أنصفَت تأوي لصدري قريرةً
ففي كُلِّ مَن دُوني مُحِبٌّ
ومُبغِضُ
ضَمَمتُ مَهاتي ثُمَّ قلتُ:
«تذَكَّرِي»
فقالت: «متى؟» والرأسُ نَحويَ
يَنغُضُ
أيا ابنةَ قلبي لم تزالي جنينةً
حَبِلتُ بها قِدْمًا وما زلتُ
أَمخَضُ
فلن تسمَعي شَكوايَ لو قلتُ شاكِيًا:
«لوَ انَّ مَهاتي أدركَت ما
أُعَرِّضُ»
منتصف الليل، ٢٩ / ٤ / ٢٠٠٦م
إلى شاميَّةٍ لا أعرفُ اسمَها
(من التهيؤ للوقوف)
سؤالٌ بات يجتاحُ المَنَامَا
لماذا الحُسنُ قد سكن الشآما؟!
لماذا الحُبُّ مرهونٌ بشِعْرٍ
شآميٍّ إذا قُرِضَ استقاما؟!
أُيمِّمُ شَطْرَ أرضِ الشامِ وجهي
إذا بلغ الهوى مني فِطامَا
بمِحرابِ الهوى بالشَّامِ دومًا
يُرَى العُشَّاقُ في وَرَعٍ قِيامَا
قُلوبُهمو مُعَلَّقةٌ بخيطٍ
مُدَلًّى مِن يَدٍ تَسْقي الغَماما
•••
يدُ امرأةٍ دِمَشقيٌّ نداها
بياضُ الحسنِ فيها قد تسامى
حنانَيْها بقلبي؛ إنَّ قلبي
غدا من نارِ أشواقي ضِرامَا
أصابعُها أُداعبُها بروحي
لأُضحِكَها فتُبْكيني انتقامَا
وألمَسُ كفَّها أرجو حياةً
لأحلامي فتقتلني هُياما
أيا امرأةً أتت من عُمقِ كَوني
لتسلُبَني الإرادةَ والسَّلاما
أُسائلُ شِعرَ مَن قبلي مِرارًا
عنِ اسْمِكِ غيرَ أَنَّ الشِّعرَ
ناما
فبُوحي باسمِكِ المَكْنونِ حتَّى
يَفوحَ بنُطقِهِ عطرُ الخُزامى
ويُسْلِمَ لي مقاليدَ القوافي
نزارٌ والمَعَرِّي والقُدامى
سننسجُ حفلنا مِنَّا تعالَي
يدايَ الدَّنُّ إذ كَفَّاكِ خمرُ
سبتمبر ٢٠٠٤م
بُشرَى «سارة»
أيا قمرُ،
أتُدهَشُ لو يكونُ مُحاقْ؟!
ضياءُ الخالدينَ اليومَ يُولَدُ، أمسِ يُولَدُ، إذ
سيُولَدُ في غَدٍ قدَرُ.
ضياءُ الخالدينَ لَعُوبْ!
أيا قمرُ،
زهورُ الدَّوحةِ النُّفَساءِ تختمرُ.
يدُ الطفلِ المُحِبِّ بذاتِهِ تهتزُّ، تقتدِرُ.
يكونُ عِناقْ،
وتُرسَمُ في الفضاءِ قُلوبْ.
وتَسري بين دفَّاتِ الخليقةِ أنجمٌ وطُيوبْ.
تأمَّلْ سَوْرةَ الغضَبِ!
إذا ما سالَ في عَرَصاتِ جسمِ الماردِ الخلَّاقْ،
يُقَطِّبُ إذ تسيلُ دِماهُ غَضْبَى، فهْوَ جِدُّ قَطُوبْ،
وتُولَدُ بين عينَيهِ انحناءاتٌ، وتُبتَسَرُ،
إذا بُسِطَ الرِّضا في الأُفْقِ يا قمرُ.
وقد يحتالُ كَي يُنسِي الجُلُوسَ مِزاجَهُ الأوَّلْ،
فيَقبِضُ كفَّهُ الرَّعناءَ ثُمَّ يَرُوحُ يبسُطُها،
ويَعتَذِرُ.
ويضحكُ مثلَ طفلِ الدَّوحةِ النفَساءِ، ثُمَّ يُراقْ،
على أشداقِهِ الغَنَّاءِ ميلادٌ لأنغامٍ، تَشُبُّ،
تَشيخُ، تحيا في حِمَى الأشداقْ.
هو الميلادُ يا قمرُ،
قديمٌ لحنُهُ الفِردوسُ مُبتكَرُ،
وتعرفُهُ بجوهَرِهِ، وتشهدُهُ بأعصُرِهِ، وتأتي بعدَها
ثَمِلًا وتُدهَشُ لو يكونُ مُحاقْ!
تدلَّلْ أيها القمرُ،
ضياؤكَ يسحرُ الدنيا إذا ما مِلتَ في ترفٍ لنا وأبَنتَ
عن عُرقُوبْ،
وحينَ ضَحِكتِ قائمةً تَرَسَّلَ ذُو الجلالِ وقالَ:
«بَشَّرناكَ بالميلادِ في إسحاقْ،
وبالميلادِ في يَعقُوبْ!»
١٠ / ٤ / ٢٠٠٦م
أمنية
(حين عَنَّ لي الوقوفُ أوَّلَ مَرَّة)
أمنِيَّةَ رُوحٍ أو مُنيةَ نَفسٍ، نِيَّةَ إستغفارْ
من ذنبٍ ما حدثَ ولكن غَلَبَ على ذنبي الإصرارْ
استرجاعُ ملامحِ وجهِكِ عملٌ عقليٌّ جَبَّارْ
ليس — معاذَ اللهِ — لأنَّ جمالَكِ لن يُدخِلَني النار
لكنَّ سكونًا أخَّاذًا في عينَيكِ يُزيحُ سِتارْ
عن عالمِ رَحبٍ من رُوحٍ، فأُحَلِّقُ فوقَ الأبصارْ
أفقدُ إحساسي بالمادةِ وأطيرُ كلحنٍ طيَّارْ
•••
أُغرِمتُ مِرارًا بوُجوهٍ قَبلَكِ ورَمَتني عَشْتارْ
كانت كل فتاةٍ تُعجِبُني نغمًا، لحنًا ينهارْ
بي في نارٍ من أشواقٍ، هذي أغنيةُ الأطيارْ
«فيفالدي» قد هامَ بها قبلي، حتمًا لو عَلِمَ يَغَارْ
هذي كانت من «نَهَوَنْدَ» مقامًا أو كانت مِن نارْ
أما أنتِ فأنتِ الصمتُ الأبلغُ مِن كُلِّ الأشعارْ
•••
لستُ أشكُّ بأنَّ لِقانا مَحضُ ألاعيبِ الأقدارْ
لكني لا أملِكُ منكِ فِرارًا أو أسعى لفِرارْ
آهٍ مِن فَوتِ وُجودِكِ بالأمسِ بدُنيايَ، وإبحارْ
في دنيا تفتقرُ إلى صَمتِكِ، فاغفِر لي يا غَفَّارْ
أنتَ خلقتَ كِياني مُضطرِبًا ومَهُولًا كالإعصار
وقَدَرتَ بأن يسكُنَ لحظاتٍ، يسكنُ هذا الإعصارْ
في حضرةِ عينَيها، لكن وا أسَفَى عاد الإعصار
•••
فاكتُب لي رُؤيَتَها ربي حتى لو مِن دُون حِوَار
أسجُدْ شُكرًا طُولَ العُمرِ وأَرضَ قضاءَكَ يا غفارْ
أبريل ٢٠٠٤م
غرور
(من التهيُّؤِ للوقوف)
تُحبِّينني، واثقٌ مِن شعورِ
كِ، أعرفُ أنكِ بي مُغرَمةْ
ففِيَّ خِصالُ البُطولةِ طُرًّا
كأني تنزَّلتُ مِن ملحمةْ
تفاصيل وجهي ونبرةُ صوتي
ورُوحي القويةُ والعازمةْ
فصيح بَياني وسِحرُ بياني
وكُلًّا تَعُدِّينَهُ مَكرُمَة
وإن فُتِحَت للحوارِ نوافذُ
أُبدِعْ، تقولينَ: ما أعلَمَهْ
إذا حَلَّ ليلٌ بدُنياكِ يَومًا
أكونُ أنا دائمًا
أَنجُمَهْ
•••
تَظنِّينَ أني تقيٌّ نقيٌّ
تواصيتُ بالصبرِ والمرحمَةْ
صحيحٌ أُحِبُّ الإلهَ وأرجو
هُ أن يَعفُوَنْ مأثَمي
مَغرَمَهْ
ولكنَّ أحوالَ قُربي وجَفْوي
وصَفْوي هيَ الآيةُ
المُحكَمَةْ
سألتُكِ يومًا عن الحُبِّ ما هُـ
ـو، إذ ذاكِ أحسَبُكِ
العالِمَةْ
أجبتِ سؤالي: هُوَ الوَجْدُ يجمَـ
ـعُ قلبَينِ حتى يصيرَ
السِّمَةْ
جوابٌ بريءٌ لِقلبٍ بريءٍ
وخِلْوٍ مِن الوَشْيِ
والنَّمنَمَةْ
ولكنَّ حُبِّي كِيانانِ رُوحا
نِ عقلانِ، جِسمٌ تعاطى
دَمَهْ
فأمَّا كِياني فحُرٌّ طليقٌ
وجسمي شُفِي، ربُّنا
أكرَمَهْ
أنا الجنسُ مُنتَحِرٌ عِندَ بابي
وجِسمي يُنازِعُهُ
مأتمَهْ
ورُوحي تَهيمُ بدنيا الجمالِ
وتبحثُ دومًا عن المُلهِمةْ
وإن كنتِ غاضبةً فاسمَعيني
ووعدٌ تكونُ هي الخاتِمَةْ
أنا عقليَ السرُّ كَنزٌ ثمينٌ
ومِفتاحُهُ ليس جِسمَ الأَمَةْ
مايو ٢٠٠٤م
فتاةُ الحفلة
(من التهيُّؤ للوقوف)
كنُتِ البنتَ الأجملَ حقًّا يومَ الحفلةِ في النادي
ملءَ السمعِ وملءَ عُيوني وأَرَى غيرَكِ بالكادِ
وكأني صُوفِيٌّ أتلو قُربَ جمالِكِ أورادي
•••
عفوًا مَولاتي، لكن … قد عنَّ لِفِكري الآن سُؤالْ
أسمعُ عن آلةِ زمنٍ، أعجوبةِ عقلٍ، ضَربِ خيالْ
وأنا الآن أظنُّ بأنكِ قد جرَّبتِ لها إستعمالْ
حِسُّكِ أندلُسِيٌّ جِدًّا، آهِ، ذكَرتُكِ؛ ذاتُ الخالْ
مُلكُ العربِ بأوروبَّا قد ضاع لأنكِ ذاتُ الخالْ
•••
هام الكلُّ بحسنِكِ حتى أُنسُوا ذِكرًا لبلادي
صار المُكثُ بقُربِكِ عندَهُمُو هو أبقى الأمجادِ
آتيةٌ مِن زمنِ الفتنةِ يا ماكرةٌ بفؤادي؟!
•••
إشبيليةُ مُلهِمةُ «إلِجْريكو» أنتِ، وأنتِ الحُبْ
حُبٌّ مَلَكَ المُعتَمِدَ بغَرْناطةَ، ملكَ شغافَ القلبْ
أنتِ الأندلسُ جميعًا عادت بالأمسِ لطالبِ طِبْ!
رُحماكِ أميرةَ قرطُبةَ بقلبي، قلبي بك عُذِّبْ
منذُ رأيتُكِ أقضي أيامي أُنشِدُ «يا ليلُ الصَّبْ»!
•••
بِمَ أتغزَّلُ؟! رِقَّتُكِ، ذكاؤُكِ أم وَجهُكِ ذا
الهادي
شَعرُكِ، عيناكِ، تقاطيعُكِ، كُلٌّ يَشهدُ بحِيادِ
أنَّ جمالَكِ في وادٍ ودَعِيَّاتِ الحُسنِ بوادي!
أبريل ٢٠٠٤م
الحُكمُ على القاتلة
(من التهيؤ للوقوف)
تحتَ سيفٍ مُصلَتٍ تقبَعُ «ماري»، وَهْيَ عُطْلٌ من
تدابيرِ النغَمْ،
لا يُوَشِّي ثوبَها لَحنٌ ولا تلتفُّ حولَ الخَصرِ
مُوسيقا العَدَمْ،
لا طويلًا، لا مديدًا، لا أراجيزَ تُغَنَّى للألَمْ،
لا إزارًا من قريضٍ يَستُرُ الفتنةَ في جَوفِ الإزارِ.
تَستَحي العَينانِ مِن نَظرَةِ «مُوسَى»،
وَهْوَ يَقضِي في أمورِ الحُبِّ والشِّعرِ، فتَلقَى في
مُحَيَّاهُ عُبُوسَا.
تلتقي العَينانِ عَينَيْ شاعرٍ صاحبِ دَعوَى؛ عَلَّ في
عَينيهِ مَأوَى،
ما لَهُ يُعرِضُ عنها؟ ما لِعَينَيهِ تلوذانِ بصَمتٍ؟
وصُموتُ العَينِ في الشاعرِ نَجوَى،
يَمثُلُ الشاعرُ في حضرةِ «مُوسَى».
«موسى»: أنتَ يا شاعرَنا صاحِبُ «ماري»؟
«الشاعر»: بل أنا مُخرِجُ «ماري» من حدودٍ وقُيُودْ،
لِحُضورٍ وشُهودْ، وظِلالٍ وثِمارِ.
«موسى»: أنتَ يا شاعرَنا تطلبُ موتَ المُلهِمَةْ، في
فِناءِ المَحكَمَةْ.
«الشاعر»: بل وأرجو أن يُنادَى باسمِها رَمزًا لإظلامِ
الحياةِ، مِن على كُلِّ فَنارِ.
«موسى»: إذَنِ انطِقْ؛ هل توارَت عن قصيدٍ لكَ عَمدَا؟
«الشاعر»: قد أراها الآنَ ذاقَت من حُمَيَّا البيتِ تِلوَ
البيتِ شَهدَا.
رقْرَقَ المعنى بأبياتي على الجَفنَينِ سُهْدَا،
واصْطَلَت رُوحًا وجِسمًا بأُوارِي؛ فَيضِ ناري.
«موسى»: ثُمَّ ماذا؟ هل تَرَدَّت بعدَ هذا؟ هل أرَتْكَ
الويلَ هِجرانًا وصَدَّا؟
«الشاعر»: بل أرَتني الويلَ كُفرًا بقصيدي ثُمَّ كُفرًا
بلُحُوني ثُمَّ كُفرًا ثُمَّ بُعدَا!
هيَ لم تُدرِكْ جَمالَ الوَهمِ إن صِيغَ بَياتِيًّا
وكُرْدَا،
وارتضَت ما تلمسُ الأيدي بديلًا عن جمالِ الوهمِ،
ماتَ الوهمُ كَمْدَا،
وأنا للوهمِ مِلكٌ، وشَظايا الوَهمِ دَارِي.
«موسى»: أنت شِدتَ الوهمَ مَجدَا.
«الشاعر»: واتَّخَذتُ الحُلمَ والشِّعرَ شِعارًا ودِثارَا.
قُلتُ: تَبًّا إن أبَت مِنِّي شِعاري ودِثاري.
«موسى»: آنَ للخالقِ شِعرًا، أن يُحيلَ الكونَ نَهْرًا،
من لُجَينٍ ونُضارِ.
يملأُ الوِديانَ يُغري كُلَّ كَهفٍ، كُلَّ غارِ،
بالتَّغَنِّي: إنَّ صوتَ الشِّعرِ في التاريخِ سَارِي!
كان ذا الكونُ جَنينًا حيثُ كان الشِّعرُ مَهدَا.
فليَعِشْ شِعرُكَ خُلدَا! وَلتَمُتْ سُمرَةُ «ماري»!
أكتوبر ٢٠٠٤م
باحثًا عن عَرُوس
غَنِّ أيُّها الأخرسْ
إنَّ قُرطَها هَسْهَسْ
ليسَ بَعدُ؟ كيفَ إِذَنْ
تَعرفُ اسمَها الأقدَسْ؟
لستَ تَعرفُ اسمَ مَن اجـ
ـتَزتَ تِيهَها الأملَسْ؟
لَم تَجُزْهُ؟ كيفَ وقدْ
طِرتَ طيرةَ النَّورَسْ؟
واعتلَيتَ كُلَّ ذُرَى الـ
ـحُلْمِ بعدَما أَبلَسْ؟
يا لَبُؤسِهِ رَجُلًا
فِيمَ كُلُّ ما كَرَّسْ؟
فِيمَ كُلُّ قافِيَةٍ
لَيلُهُ بها عَسعَسْ؟
كلُّ مزلقٍ خَطِرٍ؟
كلُّ خِيفَةٍ أَوجَسْ؟
إنَّني أَلوذُ بما
لا يُرَى ولا يُحدَسْ
إنَّني أعوذُ به
أن تغيبَ، أن تُطمَسْ
أنتِ كلُّ فاتنةٍ
لا تُحِبُّ أن تُعرَسْ
أو تَزَوَّجَتْ وإذَن
لا تُحِبُّ أن تُنفَسْ
أنتِ كلُّ بنتِ هَوًى
أنجَبَتْ ولم تُلمَسْ
يا عَنُودُ لا تَدَعي
لي ثوانِيًا أَعبَسْ
لا تَرَيْ إلى رَجُلٍ
غيرِ وَجهِيَ الأنفَسْ
لم تَطُلْ مَساءَتُنا
فوقَ شِبرِها الأنحَسْ
بعدَها استبدَّ بنا
كِلْمةٌ، ولم تُنبَسْ!
أنْ: «أُحِبُّكِ»/استَمَعَتْ
ثُمَّ خِلتُها تَنعَسْ
أن: «أُحِبُّكِ»، اتَّسَعَتْ
بَسمَتي، فلَم أُنكَسْ
غايةُ ابتسامتِنا
دِبلَةٌ لها «مَحبَسْ»
فَليَكُن مَعي نَغَمٌ
غَنِّ أيُّها الأخرَسْ!
الاثنين، ٢٠ / ٥ / ٢٠١٣م
في وصف الثُّرَيَّا
(من التهيؤ للوقوف)
ليس عشقًا؟ بل هو العشقُ، تبدَّى لي جليَّا
ليس عشقًا؛ هو شيءٌ لم يصفْهُ الأقدمونْ
رُبَّما لم يَبدُ مِن قبلي قويًّا في العُيونْ
أو تناءَوا عنه عُمْيًا عندما كان قويَّا
وتفكَّرتُ مليَّا
حِرْتُ في أن أُوجِدَ اسمًا، حرتُ لم أعرفْ سَمِيَّا
ومتى اهتمَّ بأسماء العلاقاتِ الفُحولُ الشُّعراءْ؟
إنَّ فنَّ الشِّعرِ فنُّ المُمْكناتِ، الشِّعرُ من
تحديدِ أسماء العلاقاتِ براءْ
إنَّها الحَيْرةُ ما زالت تُراثًا أَزَليَّا!
أهْيَ منِّي؟! أهْيَ من روحي وأفكاري ولحمي بعد أن يخرجَ
من بحر الهوى لحمًا طَريَّا؟!
أهْي بعضٌ من خُطوطٍ في يديَّا؟!
هل هي التَّاريخُ قد صِيغَ جديدًا، فإذا مرَّت عليَّا:
مِن كيلوباترا وفينوسَ وأفروديتَ ينداحُ عبيرٌ فإذا
صَمتُ اللَّيالي الوغدُ قد صارَ نَدِيَّا؟!
هل إذا قبَّلتُ خدَّيها أنا أُدْعى غَويَّا؟!
بل إذا قبَّلتُها بِسْتُ الثُّريَّا
هل عرَفتُم بعد جَهدٍ ما الثريا؟
حِرتُ دهرًا، لم أَحَرْ وحدي، فقبلي حارَ موسى إذ
رآها، كان في الوادِ المُقَدَّسْ
كانت النَّارَ، فلمَّا أن أتاها عرَفَ الحيرةَ سِرًّا،
عَرَفَ الحيرةَ طيَّا
بعد موسى، حار عيسى إذ رآها:
أإلهًا كان أم كان نبيَّا؟!
حرتُ دهرًا، ثُمَّ ضاعت حيرتي إذ ذقتُ في الأحلامِ من
خدَّيكِ عِلمًا لَدُنِيَّا
قلتِ في الأحلامِ ما اسْمُكْ
أنت يا مُلْهمتي «ماري» الثريَّا
لستِ «ماري زكريَّا»!
نوفمبر ٢٠٠٤م
براها PRAHA١
لم يُغَرِّدْ بَعدُ مَسراها
بُشرَياتي رَهنُ بُشراها
والهوى باقٍ على الجِسرِ
ساهِرٌ لَيلِي وما أَضوَى
نازِفٌ عُضوًا تَلا عُضوَا
مُطْلِعٌ مِن أَضلُعي رَضوَى
وَهْيَ نارٌ إن تَحَرَّاها
نِيلُها للرِّيِّ، أَورَاها
يا غُيُوثًا أمطِرِي عُسْرِي
إنَّني جاهدتُ، والشَّاهِدْ
رَسمُ أظفاري على النَّاهِدْ
زاهِدٌ فيما خَلا، زاهِدْ
فاكتُبي هذي لِأقراها
أُسهِرُ المُغفِينَ جَرَّاها
حُطَّ فوقَ الحَرفِ يا نَسْرِي
قد حُبِسْنا خارِجَ القَلعَةْ
عِندَ بابِ اللهِ، لَم نَرْعَهْ
هل ننالُ الإذنَ والخِلْعَةْ؟!
أخبَرَتْ رَضوَى، وأدراها
حَدْسُها والصَّمتُ، و«براها»
حَيَّرَتْ رُوحَينِ في الأَسْرِ!
السبت، ١٨ / ٥ / ٢٠١٣م
إلى «ماهي» التي لم أَرَها
(من التهيؤ للوقوف)
ليتَ شِعري يُصادفُ الأُذْنَ منها
أو خيالي يُزيحُ عنها النِّقابا
ويحَ قلبي! «ماهي» قد اعتصَرَتهُ
إذ تساءلتُ نازعَتْني الجوابا
في حديثي بالأمسِ إني و«ماهيـ
ـتابُ» في جَنةٍ أبَيْتُ
الإيابا
ثُمَّ ضنَّتْ عليَّ بالخُلدِ فيها
هدمَتها فأفقدَتْني الصوابا
قدَرُ القلبِ أن يهيمَ بغيبٍ
إنَّ قلبي عن الشهادة تابا
وجهُ «ماهي» مُنَزَّهٌ عن عيوبٍ
لَحِقَتْ غيرَهُ لديَّ فطابا
لم أُشاهِدْ مَعالِمَ الحسنِ فيه
فهْو قُدْسٌ مَرامُه عزَّ بابَا
حاصَرَتني الأرجاسُ مِن كُلِّ دربٍ
حيث غابت ووجهُها القدسُ غابا
لا تَضِنِّي عليَّ بالغيبِ «ماهي»
لا حُرِمْنا — إذا عطَفتِ — الثوابا
يوليو ٢٠٠٤م
ذاتُ الرِّداءِ الوادِع
(من التهيؤ للوقوف)
تساءلوا: «أين مَها
ذاتُ الرِّداءِ الوادِعِ؟»
كُلٌّ سَها
وتُهتُ في الخيالِ بينَ مُدَّعٍ ومُدَّعِي
تبَخترَتْ خواطِري
وقَفْتُ مَزهُوًّا بِقلبِ شاعِرِ
لم ينتَبِهْ أولو النُّهَى
أنَّ «مَها»
ذاتَ الرِّداءِ الوادِعِ
كانت مَعِي
خَبَّأتُها في أَضلُعِي
٤ / ٥ / ٢٠٠٥م
أربعٌ شُهود
(من التهيؤ للوقوف – بلسان امرأة)
رَضِيتُ مِن وَحيدي
أن يَمتطي وُجودي
فيَشطُرَ استوائي
نصفَينِ من قُعودِ
بسيفِهِ الحَديدِ
يَهْوي على قُيودي
مُبَعْثِرًا عَبيري
مُمَزِّقًا جُمودي
فسائلوا المرايا
عن سيفِهِ الحديدِ
وخَبِّروا البرايا
عن طالَعي السَّعيدِ
سئمتُ أن أُغنِّي
في وَحْدتي لعُودي
أتى إليَّ ليلًا
في خَلْوتي وحيدي
مغنيًا لعودي
وعابثًا بجيدي
أتى وفي صِباهُ
ملامحُ الشُّرودِ
ومدَّ لي ذراعًا
بلهفةِ المُريدِ
أنَّت عليهِ رُوحي
واليومَ يومُ عيدي
وهِئتُ في انتظارٍ
لربِّيَ المَجيدِ
أطلتُ في خُشوعٍ
إذ هَمَّ بي سُجودي
وبينما أُغنِّي
لصدرهِ المديدِ
ويحتسي زُلالًا
مِن صدريَ الشَّهيدِ
إذ ناهدايَ ثارا
كثَورة العبيدِ
وصاحَ بي بخوفٍ
رِدْفايَ: لا تَميدي
فمِدتُ لم أُطِعْهُمْ
وذُبتُ كالجليدِ
رِدفايَ إن يلوذا
بالصَّمتِ في بُرودِ
فناهدايَ نُطْقٌ
وَيْلي من النُّهودِ
ويلي إذا اتُّهِمْنا
من أربعٍ شُهودِ
نوفمبر ٢٠٠٤م
نشيدُ الأنشاد
(من التهيؤ للوقوف – بلسان عاهرة)
أصبح ماؤكَ جزءًا منِّي
خالطَ رُوحي
واستعذبتُ لِنَكهَتِهِ آلامَ جُروحي
واستعذبتُ صُراخي إذ أصرُخُ مِن فرطِ اللذةِ كالمذبوحِ
واستعذبتُ سُهادي إذ تمنعُني النومَ وتضحَكُ مِن جَفْني
المقروحِ
وتذكَّرت الخوفَ يُحلق فوق فِراشِكَ إذ راودتُكَ أولَ مرةْ
صِحتَ بجَسَدي: لا تفتنِّي
لا، في الفتنةِ سقطَ حبيبي
لم يمنعه تُقًى من أن يتوضأَ بدموعي ولهيبي
لم يبرحْ أردافي أبدًا بالترغيبِ أو الترهيبِ
لم يعبأ بكلام الناسِ ولم يعبأْ بقُدومِ مَشيبِ
ضرَب بكلٍّ عُرضَ الحائطِ، خالف ظنَّ الناس وظنِّي
•••
ظلَّت أختي دهرًا تشكو زوجًا مخلوقًا بالعُنَّةْ
لا يعرفُ للجنس أصولًا: إقلابًا مدًّا أو غُنَّةْ
فاتَّخذَت من دون الحبِّ حجابًا ومن الصوم الجُنَّةْ
ثم رأت رَجُلي يلثمني، وأنا ألهو برجولته وأُطاولُ أفعالَ
الجِنَّة
ظنَّت أنَّ حبيبيَ جِنٌّ أو أنِّي مِن شُعَب الجِنِّ
•••
لم تَفطِنْ للفتنة ترقصُ في شفتَيَّ ولم تفطن لضراوة ناري
قتلَتْ شهوتَها، جففَتِ الدَّمعَ بطرفِ إزاري
وإزاري ملقًى في ركنِ الحجرةِ يرمُقُ إثمي، يَشهدُ عاري
والرَّجلُ المشدودُ إلى إثمي يأكلُ مِن جَسَدي العاري
يأكل ثديَيَّ، وأردافي يلفِظُها في دنيا الفَنِّ
أغسطس ٢٠٠٤م
نورا «الخَلقُ الثَّاني»
(من التهيؤ للوقوف)
«نورا» هو اسمُ فتاةٍ لا وجودَ لها
في حَيِّزِ الصِّدقِ أو في حيِّزِ
الكَذِبِ
مِصريَّةٌ شهِدَ استعلاءُ غُرَّتها
بلَقْلقٍ نافرٍ مِن أصلهِ العربي
تخيَّرَ القَدَرُ اسمًا عابثًا شَكِسًا
مِن بيتِ دُميةِ «إبْسِنْ» رائعِ
الأدبِ
ينسابُ من مُقلَتَيها فيضُ رهبنةٍ
لِتَكفُرَ الشَّفةُ اللمياءُ
بالرَّهَبِ
يُقَيِّدُ المَرءَ مِن إزهارِ
خُطْوتِها
إن أدبرتْ أو أتتْ ضربٌ من
العَجَبِ
من حُمرةٍ وَجنتاها زهرَتا خَجَلٍ
في نارِ حُمْرةِ شَعْرٍ هائلِ
اللَّهَبِ
تظلُّ حَيْرَةُ عقلي في تَكَوُّنها
من طَرْفَي الخُلْدِ تَفْريني وتفتكُ
بي
ينتابُها رُعْبُها إن طالعَتْ نَزَقي
ولو مرَرتُ بها ينتابُني غَضبي
غضبتُ مِن كُلِّ شِعْرٍ عَيَّ
مُنخَذِلًا
عن سَبْرِ غَورِ فتاةٍ ألهبَت طَرَبي
والرُّعبُ منها بدا في رِعْشةِ
الشَّفَةِ الَّـ
ـتي تَذَوُّقُها مِن أشرفِ
الأربِ
زُمَّتْ تُثيرُ جنونَ اللَّحنِ في
وَتَرٍ
قيثارُهُ خَجِلٌ من نَغْمةِ
القِرَبِ
قد راعَها نزَقي فاستذكَرَت رَجُلًا
في عالمِ الذَّرِّ حيَّاها بلا
طَلَبِ
والآنَ تخشاهُ خَلقًا ثانيًا عَرِمًا
يجتاحُها لو يُغَنِّي حُسنَها
أدَبي
لا تفزعي إنَّني يومًا سأُصْلحُ ما
بكعبةِ الحُسنِ قِدْمًا حَلَّ مِن
عَطَبِ!
يونيو ٢٠٠٤م
ياسَمِينْ، في عِشْقِ الاسْمِ الأَجْمَل
(من التهيؤ للوقوف)
ياسَمينْ
اسمُكِ المَحْفورُ في اللَّيلِ الحزينْ
وارتعاشاتِ التَّلاقي في شِفَاهِ العَاشقينْ
اسمُكِ المَجْدولُ مِن عِطْرِ السنينْ
اسمُكِ الذِّكْرَى وفِرْدَوْسُ الأنينْ
يتشظَّى ألفَ أنثى، ألفُ أنثى فوقَ صَدْري يَرْتَمينْ
ألفُ أنثى من دمائي يرتوينْ
«ياسَمِينٌ»، فاعلاتن، ألفُ أنثى، ألفُ أنثى يقتحمن
السُّورَ والحصنَ الحَصِينْ
يقتَحِمْنَ الرُّوحَ ليلًا ثُمَّ يَعْبَثْنَ بذِكْراكِ
بعَزْمٍ لا يَلينْ
ثُمَّ يرشِفْن دُمُوعي ويُرَدِّدْنَ أناشيدَ الحنينْ
ياسَمينْ
حيثُ غابتْ كُلُّ ياءٍ للنِّدَا
وحُضُورٌ فاقَ في القُرْبِ المَدَى
حيثُ لا يحتاجُ حالًا مُبْتَدَا
حيثُ حَرفًا خلفَ حرفٍ خُطَّ ميثاقُ الهُدَى
خُطَّ مكتوبٌ لِعِشْقٍ بيدِ الرُّوحِ الأمِينْ
ياسَمينْ
يا عذابَاتِ البريئينَ، نَجَاةَ الآثمينْ
يا حُضُورَ الغَيْبِ، يا غيبًا أبى أن يستبينْ
يا جُسُورَ الحُلْمِ مُدَّتْ فَوقَ بَحْرِ الوَاقِعِ
الفَظِّ اللَّعِينْ
يا سَفيني، إذْ بُحُورُ الشِّعْرِ ماجتْ بالسَّفِينْ
يا صَدَى صَوْتي إذا ناديتُ يومًا: ياسَمِينْ
ياسَمينْ
لا تَلُومِي إن عَشِقْتُكْ
لا تلومي إن حَجَبْتِ الحُسْنَ عَنِّي، أن يَفِرَّ
الدَّمْعُ مِنِّي، أو تبيتَ العَينُ ظَمْأى إن رَمَقْتُكْ
لا تلومي إن جَفَوتُ الخمرَ دَهْرًا حيثُ ذُقتُكْ
لا تلومي إن أذبتُ الرُّوحَ والجِسْمَ بِحُبِّي
لم يعدْ للرُّوحِ جسمٌ، لم يعُدْ للجِسْمِ روحٌ، لمْ
تعدْ مِن أَمْرِ رَبِّي
ضَمَّ الاثنَينِ زَوَاجٌ، وَهُيَامِي منهما طِفلٌ جَنينْ
ياسِمينْ
لا تلوميني إذا صَرَّحتُ يومًا أَنَّني نِصْفُ إلهْ
أو أمَرْتُ النَّاسَ أن يُحْنُوا لِمَرآيَ الجِباهْ
اعذريني، إنَّ ذاتي في وجودٍ رائعٍ بينَ فَنَاءٍ
وَحَياهْ
صِرْتُ أتلُو في وُجُوهِ النَّاسِ ما خُطَّ على كُلِّ
جَبينْ
مُذْ رَأَتْ عَيْنَايَ عِطْرَ اليَاسَمِينْ
أغسطس ٢٠٠٤م
إلى شاعِرَة
(من التهيؤ للوقوف)
نَظَرَتْ نحوي وفي النظرة ظَنْ
ما ترى مِن فَيْضِ أَفكاري إذَنْ؟
رُوحُها النَّشْوى تدلَّت إذ دَنَتْ
وابتلَتْني بِأعاجيبِ المِحَنْ
مُذْ سَمِعْتُ الشِّعْرَ منها نَشِبَت
نارُ أشواقي بجنَّاتِ عَدَنْ
ساءَلَتْني: هل تُريدُ الشِّعْرَ أمْ
تَنشُدُ الموتَ على ثَغْري
الحَسَنْ؟
لم أُجِبْ؛ إنَّ لساني مُلْجَمٌ
بلجامٍ مِلْكِ روحٍ لا بَدَنْ
حِرْتُ كيف استنبطَتْ نَظْرَتُها
ما على الإدراكِ منِّي قد بَطَنْ
كَرَّرَت: هل تبتغي لَثْمَ فمي؟
فطوانا الصَّمْتُ إذْ ذُبنا معًا
وتصافَحْنا وقد دَبَّ إلى
ساعِدي المَمْدودِ حُزْنٌ
وَوَهَنْ
كَشَفَتْ آخِرَ أسرارِ الهوى
وهوى آخِرُ حِصْنٍ للزَّمَنْ
خاصمَتني ربَّةُ الشِّعْرِ وقدْ
أقفَرَ الإبداعُ لَمَّا اللَّيلُ
جَنْ
سُجِنَتْ أبياتُ شِعْري في دَمي
وهْي لا تَفْتَأُ تَهْوى مَن سَجَنْ
أُخْمِدَ البُرْكانُ بي واسْتُبْدِلَت
بلهيبِ الشِّعْرِ موسيقى
الشَّجَنْ
ارْفُقي بي وبِشِعْري رَبَّتي
لم يَقُمْ فَنٌّ على أنقاضِ فَنْ
فبراير ٢٠٠٥م
ياسَمِين، رُؤيةٌ تكعيبيَّةٌ
(من التهيؤ للوقوف – عُطْلٌ في القصيدة)
عاشقٌ غنَّى طويلًا لاسمِ مَن تُدْعَى الحبيبةْ
ياسَمينْ
باسمِها العاشقُ رِدْحًا مِن زمانٍ قد ألظَّا
ألفُ أُنثى، كُلُّ أنثى خالها يومًا حبيبةْ
ألفُ أُنثى قد دعاهُنَّ طويلًا، بعْدَ لأْيٍ عاد في
خُفَّيْ حُنَيْنٍ لبِداياتِ القصيدةْ
لم تُرَعْ أنثى من الألفِ لِصوتِ العاشقِ الغِرِّ، ولا
عنَّ لأنثى أن تُجيبَهْ
وكَراماتٌ جرَت بين يدَيهِ، ثُمَّ لم تَدْنُ من الألفِ
مُريدَةْ
ياسَمينْ!
باسْمِها العاشِقُ دَهْرًا قد ألَظَّا
عادَ يَسْتجدي بداياتِ القَصيدةْ
واسْمُها يحرِقُ طَيَّاتِ نِياطِ القلبِ، نارٌ تتلظَّى!
باسْمِها دومًا ألَظَّا
قَرَّرَ الشَّاعِرُ أنْ يَقرَأَ شِعْرَهْ
لاكَ في فيهِ القصيدةْ
عَلَّهُ يفهمُ ما قُدِّرَ في اللَّوحِ قديمًا؛ علَّهُ
يفهمُ ما سمَّاهُ حَظَّا
ياسَمينْ!
باسْمِها العاشقُ دومًا قد ألظَّا
إنَّهُ السِّرُّ الدَّفينْ
وهْي نارٌ تتلظَّى
يفهمُ الآنَ الَّذي سَمَّاهُ حَظَّا!
ياسَمينْ،
اسْمُها الذِّكْرَى وفِرْدَوْسُ الأنينْ
سقطَ الشِّعْرُ صريعًا حينَ قالْ:
يتشظَّى، يتشظَّى، يتشظَّى!
فبراير ٢٠٠٥م
شَقاوَة
(من التهيؤ للوقوف)
شقِيَّةٌ مِن الشَّقاءِ أم مِن الحلاوَةْ؟!
أم أنَّها مُشتقَّةٌ مِن ريحِ عِشقٍ عاتيَةْ
تجتاحُ قلبَ مُعْجَبٍ في ضِحْكَةٍ مُدَوِّيَةْ
شيءٌ من الضَّراوةْ
مُعربِدٌ في صوتِها، ما أعذبَ الشَّقاوَةْ
وَضِحكَةٌ مُغَنِّيَةْ
تَخْطِرُ في مَسامِيَةْ
وتُقنِعُ اللاوعيَ فِيَّ أنَّ فِكْرةَ امتلاكِ قلبِها
ضربٌ من الأنانيَةْ
أفيضُ بالعداوَةْ
لذلك اللاوعيِ ذي المُحاوراتِ القاسِيَةْ
يا ضِحْكةً مُغَنِّيةْ
تتلو على مسامعي آياتِ حُسنٍ باقِيَةْ
لا تقطَعي مِن فَضلكِ التِّلاوَةْ!
•••
شقيَّةٌ من الشَّقاءِ أم من العفافْ؟!
أُحِسُّها تَشْقى بحَجْبِ حُسْنِها عن أعيُنِ العَطْشى لهُ
وأنفُسِ الضِّعافْ
لطالما أخبَرتُها: صديقتي، الحُسْنُ لا يَخافْ
إن كانَ ذا بداوةٍ كحُسْنكِ الذي لمستُهُ أنا كأغْنِيَةْ
صديقتي، ما أقدسَ البداوةْ
فلتضحكي يا تُحفَةَ البداوةْ
يا ضِحكةً مُغَنِّيَةْ
توقَّفَت لِبُرْهَةٍ كي أجتلي مِن حُسْنِها مَعَانِيَهْ
لا تقطعي من فَضْلكِ التِّلاوَةْ!
•••
شَقِيَّتي، قَفَزْتِ حولي لاهِيَةْ
ففاحَ عِطْرٌ عابِثٌ مُعَسْكِرًا مِن حَوْلِيَهْ
فأدركَتْ جَوَارِحي أنِّي مُحاصَرٌ بجيشِ رَبَّةِ
الشَّقاوَةْ
ما زِلْتِ تعبثينَ بي، ما أجملَ الحِصارَ يا مليكَةَ
الشَّقاوةْ
إلهةَ الشَّقاوَةْ
ما زِلْتِ نَحْوي رانِيَةْ
يا ضِحْكَةً مُغَنِّيَةْ
اشتَقْتُ لاسْتِماعِ آيَةِ الجَمَالِ التَّالِيَةْ
فَوَاصِلِي مِنْ فَضْلِكِ التِّلاوَةْ!
مارس ٢٠٠٥م
ليسَ بعدَ العَيْن!
والفاتناتِ وَمَن هَوى، واللَّيلِ لمـ
ـا قد سَجى،
والهَاجِراتِ ومَنْ قَلَيْنْ
ما زالَ يَهْوي في هواكِ المُبتَلى
وقرارُ هذا الجُبِّ لم تقرَبْهُ
عَيْنْ
وغَيابَةٌ تتلو ظلامَ غيابةٍ
ومَقامُ ذُلٍّ يحتَوِيهِ مقامُ
شَيْنْ
ما زالتِ الأيَّامُ تطوي حُزْنَهُ
تبًّا لَهُنَّ ولِلَّذي مِنِّي
طَوَيْنْ
دَيْنٌ أُسَدِّدُهُ مِن الدَّمِ
والحَشا
فالعِشْقُ دَينٌ والتَّمَنِّي بَعْضُ
دَيْنْ
الأُخْرَياتُ رَمَينَني بِسِهامِهِنَّ،
ظَننْتُ هذا لحظَةً أو لَحْظَتَيْنْ
قد كُنتِ أنتِ الرَّامِياتِ وكُنْتِني
وسِهامَهُنَّ، وما رَمَيْنَ وقد
رَمَيْنْ
أتَرينني؟ قد صِرتُ شِعرًا خالِصًا
أترينَ ما قد صُغْتِني؟! حَقًّا
تَرَيْنْ؟
أصبَحتُ رُوحًا يُسْتَضاءُ بنُورِها
قُدُسِيَّةَ الرُّؤيا كما قبرُ
الحُسَيْنْ
هُمْ يعرِفونَ مكانتي، لكنَّني
في الجُبِّ أهوي مِن سِنينَ قد
انقَضَيْنْ
لَنْ يفهَمُوا مأساةَ حُبِّي، إنَّني الـ
ـحُبُّ الصُّراحُ، وهُمْ أحَبُوا بينَ بيْنْ
«أين الَّتي ملَكَتْهُ، تلكَ المُسْتحيـ
ـلَةُ، مَنْ أذَلَّتْ صاحِبَ القَلْبِ اللُّجَيْنْ؟»
إن لم تَرَوْها وَهْيَ عَيني، لَنْ تَرَوْ
ها، لَنْ تَرَوْها؛ ليسَ بَعْدَ العَيْنِ أَيْنْ!
مارس ٢٠٠٥م
هل المهاةُ غاضِبَة؟!
(من التهيؤ للوقوف)
كمَنْجتي المعذَّبةْ
ما بين رفضٍ وقَبولٍ، جلسَت مقطِّبةْ
قد حرتُ في اعتزالها الكلامَ،
ما جرى لمن غزَت بقلبي قُرطبةْ؟!
هل المهاةُ غاضبةُ؟
٢٠٠٥م
إهداءُ كتابٍ (إلى أختي)
(من التهيؤ للوقوف – إلى «آمال» ابنةِ عمتي)
أختي «أَمَلٌ» في أن تبقى أنفاسي بعد مماتي
سُمْرةُ وجهٍ تربطُني بالماضي والزمن الآتي
ويقينٌ من أن الحاضِرَ سيُحَقِّقُ يَومًا ذاتي
دَفْقةُ صِدقٍ في كَونٍ مَطليٍّ بالكَذِبِ العاتي
أختي تأنيثُ وُجودي والشِّقُّ الأجملُ لِحَياتي
أرجو أن تذكُرَني دومًا وهْي تجوبُ الصفحاتِ
يونيو ٢٠٠٤م
رسالةٌ في صناعةِ الكَعك
أو: نسفُ الغَزال
تلمَّسَ مِسكُ الأرضِ من قبلِهِ
مِسكَهْ
غزالي من الأسطورةِ الرُّوحُ
والحَبكَةْ
تعلَّقتُهُ حتى تلبستُ مِسكَهُ
فمِسكٌ دمي المسفوكُ ما أعذبَ
السفكةْ
أيا عِيدَنا البِكرَ اعترَفْنا بعشقِنا
فضمِّد جِراحي إنَّ مسكي غدا
بِركَةْ!
أيا عيدَنا الثَّيِّبْ!
مضى الفِطرُ لم أنطِقْ، وفي ليلةِ الأضحى
أتى والدي الطَّيِّبْ
يُشاركُني شِعري أشاركُهُ نُسْكَهْ
تخيَّلتُ عَمَّاتي يَقُلنَ لنا: مَرحَى!
ويَفرَحنَ بالأسطورةِ البنتِ والشَّبْكَةْ
ويَدخُلنَ بي صَرحَا
تُزَفُّ بهِ الأسطورةُ البنتُ لي؛ مَرحَى!
غزالي انضُ عنكَ الثوبَ واحسَبْهُ
لُجَّةً
أنا عابدٌ ساقَيكَ فارقُصْ ليَ
الدَّبْكَةْ
ألن نرقصَ الدبْكَةْ؟!
غزالي أماتَ الوهمَ لمَّا أماتَني
وأحيا عُلُومَ الدينِ واستعرضَ
الحُنكَةْ!
وجادلَني والسِّتُّ «حُسنَى» لسانُهُ
فأبطلَ شَكِّي ثُمَّ زدتُ أنا
شَكَّهْ
غزالي دقيقُ الخَصرِ أبدَى تَعسُّفَهْ
فلمَّا تهافَتنا قتَلنا
الفلاسِفَةْ!
غزالي يَرُدُّ الباطنيةَ قاسيًا
ويعبدُ جسمي دونَ رُوحٍ غدَت
مِلكَهْ!
غزالي اتَّئِدْ صَفحَا غزالي اقتربْ سَمحَا
فقد جاءَ (ما بعدَ الحداثةِ) ماشيًا
كقردٍ بيومِ الإفكِ أبدى لنا
إفكَهْ
ولم يدَّخِر نُصحَا
تكلمَ فالغِزلانُ في أعيُنِ الورَى
قرودٌ وطوبُ الأرضِ يلتفُّ
كالأيكَةْ
ولولاكَ — ما بعدَ الحداثةِ — لم أكُنْ
لأعرفَ أنَّ القِردَ صِيغَ
لأعرِفَهْ
أحاديثُ ما بعدَ الحداثةِ مُؤسِفَةْ!
غزالي، أيا قِردي!
لقد صاغَني الرحمنُ من جوهرٍ فَردِ
وإني امرؤٌ عافي وجوديَ واحدٌ
وأنتَ امرؤٌ يَسْري وجودُكَ في
شِركَةْ
كذا «عُروةُ بنُ الوردِ» قال محذرًا
غزالي وكان النصُّ في عُروَتي
وَردي
غزالي على سطرٍ أماميَ ماثِلٌ
لأنسِفَهُ غازلتُ قردي
لأنسِفَهْ
«تلمَّسَ مسكُ الأرضِ من قبلِهِ
مسكَهْ»
مريضٌ مزيجُ الرُّوحِ والجسمِ في
وَعكَةْ
لصانعةِ الكعكِ ابتدأتُ قصيدتي
لأشرحَ ما المطلوبُ كَي تُصنَعَ
الكَعكَةْ!
١٥ / ١ / ٢٠٠٦م
١
الاسمُ الذي يُطلِقُه التشيكيُّون (البوهيميُّون) على
عاصمة بلادهم، المعروفة في اللسان العربي ﺑ «براغ».