راثٍ
مرثيَّةٌ لغطاءِ الرأس
راحةُ الأبِ أينَ اختَفَتْ؟
لا أراها تُرَبِّتُ رأسَ الغُلامْ،
كان نسجُ الطواقي فضيلةَ مَن سبَقُونا، كأنِّي أرى رجُلًا
في ثلاثينِهِ شَدَّ مِن بِركَةِ الذِّكرياتِ يَدًا
حانِيَةْ.
وتأمَّلَها ثُمَّ راحَ يُفَصِّلُ مِن لَمسِها ما يُحيطُ
بهِ رأسَهُ وَهْوَ يَذْرَعُ حارتَهُ الفانِيَةْ.
مَدَّ خَطَّ العُمُرْ،
لِيَكونَ استواءً لطاقِيَّةٍ سيُغَنِّي الشيوخُ الخُلُودَ
إذا ما رأَونِيَ ألبَسُها وأمُرْ.
وزرعتُ على جانبَيهِ العِضاهَ، زرعتُ السَّمُرْ.
لا يَفوتَنَّكَ الشَّوكُ عقربُ ساعةِ هذي الحياةِ وتوءمُ
ما يَتراءَى لكم مِن قُطوفِكُمُ الدَّانِيَةْ.
•••
فاعتمَرتُ العِمامَةْ،
وتذكَّرتُ راحةَ أرواحِ مَن طَرَّزُوا بالمُوَشَّحِ
أشواقَهُمْ، واعتمرتُ العِمامةَ يا سادَتي ثانِيَةْ.
ثُمَّ حطَّت يَمامةْ،
عندَ مَفرِقِ أيامِيَ المُشفِقاتِ وأيَّامِيَ الجانِيَةْ!
واعتمَرتُ العِمامةَ لَمَّا سَبَى أُذُنَيَّ الكلامْ.
•••
كان طربوشُ قاهِرَتي قانِيًا كدماءِ المظاليمِ حينَ
تُراقُ على صفحاتِ الشَّوارِعِ،
كان النَّبيذِيُّ مثلَ شَرابٍ أتى في جُيوبِ الخواجاتِ
رغمَ أُنوفِ الزُّجاجاتِ،
كان حلالًا لِمَن قد تَحَنَّفَ، ليس على الحَنَفِيِّ
مَلامْ!
إنَّني ساهِرٌ ليلَكُم يا أفَندي،
إنَّما حَيرَتي في اختيارِ المكانِ، فمِن أينَ أبدأُ؟
كلُّ مكانٍ هنا هو زهرةُ رَنْدِ.
سوفَ أصحَبُ نحوَ النهارِ رِفاقَ الكِفاحِ، شيوخَ
الصُّحُونِ المليئةِ، أصحابَ هذي الحوانيتِ،
والعاشقينَ، وغانيةً تستقِلُّ بزَندِي.
فإذا جَنَّ ليلٌ فإنَّ طرابيشَ قاهِرَتي ستُضِيءُ
الظَّلامْ.
•••
لم يَكُن مَن تَقَبَّعَ فيما مَضَى مُغرِبَا.
رُبَّما كان يَحمِلُ «لندن»/«باريسَ» كي تأكُلَ الطيرُ
منها، ولكنَّهُ لم يَزَلْ شادِيًا مَشرِقِيَّ الغِنا
مُطرِبَا.
إمبراطُورَتي القُبَّعَةْ،
لم تَغِبْ شمسُها عن جدائلِ رأسِي،
ولكنْ توارَتْ وظَلَّ شُعاعٌ لها يتراقَصُ بينَ يَدَيَّ
لِكَي أتبَعَهْ.
•••
عَرِيَ الرأسُ،
والناسُ:
لم يَعُدِ الناسُ يستمرِئُونَ فضائِلَ مَن سبقُوهُم، ولا
يَسْتبيهِم كلامٌ ولا يزدَهيهِم حَلالٌ،
ولا يأبَهُونَ لِطَيْرْ.
عَرِيَ الرأسُ،
لم يَعُدِ الناسُ يلتفتونَ لِهَيبةِ تلكَ السَّماءْ،
بَيدَ أنِّيَ بِي يا صَديقي أَذًى مِلءَ رأسِي،
فهل ستُشارِكُني في شَعائرِ لُبسِ الغِطاءْ؟!
الأربعاء، ١ / ٥ / ٢٠١٣م
أنا لستُ أبكي
علامَ البُكاءْ؟
على الآخرينْ؟!
ومُنذُ متى وُجِدَ الآخَرونْ؟!
أنا أوجِدُ الآخرينَ إذا شئتُ، إنِّي أنا الآخَرونْ،
أنا البِكْرُ والطِّفلُ والحَيزَبونْ،
وحيثُ أشاءُ تكونُ صلاةٌ، وحيثُ أشاءُ يكونُ مُجونْ؛
لذلك لم تَكُ يومًا صلاةٌ، وأمَّا المُجونُ فحَقٌّ على
الكَونِ ألَّا يكونْ.
أنا الخِضْرُ أنزلُ حيثُ أشاءُ، وُجوديَ خِضرْ،
أنا ألفُ طفلٍ وكلبٌ ووحلٌ وسِجنٌ وبِكرْ!
أنا لستُ أبكي على الآخرينَ، «فلمْ يوجدوا بعدُ كي
أنتحِبْ»!
٣ / ٥ / ٢٠٠٥م
إعلانُ موتِ الفِكر
(من التهيؤ للوقوف – إلى صديق)
لا تتوَقَّعْ مِنِّي عُمْقًا في الأفكارِ، أحذرُكا
عقليَ مَلَّ الفكرَ وقرَّرَ ألَّا يدخلَ مُعتَركَا
نَصَبَ الحِسُّ لقلبي شَرَكًا فنصبتُ لحسِّكَ شَرَكَا
استعبدكَ الفكرُ طويلًا؛ علَّ الحسَّ يُحرِّرُكا
•••
لا تُسلِمْ للشِّعرِ قِيادَك أو عقلَكَ، لن أُجبرَكا
لكن، فلتَمنحْني الفرصةَ أيامًا لأُغيِّرَكا
فأنا أقدَرُ مَن بِجَمال الحركةِ شِعرًا يُشعِرُكا
وأنا أعلَمُ مَن بالموسيقى في الكونِ يُخَبِّرُكا
•••
خُضتُ «البحر المتداركَ» لم يسطِعْ أحدٌ بي دَرَكا
ذلك أن عصايَ الحَدْسُ، أخاطبُ بحريَ: آمُرُكا
ينشقُّ ليَ البحرُ خضوعًا، يهتفُ بي: أستغفرُكا
يمخرُ حَدْسُ عصايَ عُبابَ البحرِ الآن ويبهرُكا
•••
نفضَ الشِّعرُ غُبارَ السَّفَرِ الفِكرِيِّ ببابي،
بَرَكا!
وارتاحَ، ويدَهُ المعروقةَ بالحسِّ العاتي فرَكا
وتَهَيَّأَ للزمنِ الآتي بين يدَيَّ، استنفرَكا:
كي تقرأهُ بين يديَّ، ومات الفكرُ، وقد تركا:
حِسًّا فياضًا أودِعُهُ شِعري اليومَ فيبهرُكا
مايو ٢٠٠٤م
عودَةُ «أبي ذَرٍّ»
أَصِخِ السَّمعَ أخي
أصِخِ!
إنَّ هذي الأرضَ لا تأكُلُ أجسادَ الحُفاةْ
الذين استنشَقُوا عِطرَ الإلهْ
أمُّنا الأرضُ أبَتْ أن تأكُلَ الإبنَ الفقيرْ
يا أبا ذَرٍّ تَيَقَّظْ!
هُزَّ قَبرَكْ
عُدْ إلينا، ثمَّ أخرِجْ لي لِسانَكْ!
ليسَ مِنَّا واحِدٌ ليسَ ضئيلًا وحقيرًا وصغيرْ
كُلُّنا يَغرَقُ في لُجَّة هذا الوَسَخِ!
•••
رَحِمَ اللهُ الذي عاشَ وَحيدَا
ذاقَ ماءً في أكُفِّ الناسِ مُرًّا
بَل صديدَا
عَفَّ عنهُم، فارتَوَى مِن رُوحِ رَبِّهْ
عِشِ أبا ذَرٍّ عَنيدًا، عِشْ وَحيدَا
رَحِمَ اللهُ أبا ذَرٍّ؛ فقد ماتَ وحيدَا
ماتَ بينَ الأهلِ مطرودًا شريدَا
يرحمُ اللهُ المُكَنَّى بأبي ذَرْ
الذي يُبعَثُ يومَ الحَشرِ رَيَّانَ وَحيدَا
والطَّواغيتُ جُموعٌ وظِماءْ
حُقَراءْ
كلُّهُم أمثالُ ذَرْ
كلُّهُمْ قد كان قبلَ البَرزَخِ
آكلًا للشَّعبِ كَي يملأَ بطنَهْ
فَتِّشوا عن لَحمِكُمْ في بَطنِهِ المُنتَفِخِ!
•••
عُدْ أبا ذرٍّ إلينا، لن تَرَى غيرَ مُسوخْ
قد عَبَدنا صَنَمًا ندعوهُ صَمتَا
صارَت الأوجُهُ مِنَّا في ضميرِ الحَقِّ أشباهَ شُروخْ
يا مَن استهواهُ رَفعُ الظُّلمِ؛
صارَ الظُّلمُ في الدنيا اعتدالَا
عُدْ وراهِنِّي إذا شئتَ، ولن تعرفَ مِمَّن فوقَنا
صاحِبَ مَبدَأْ
كلُّهُمْ مَحضُ مُسوخْ
ليبِرَاليٌّ يسومُ الناسَ والأحلامَ كَبتَا
واشتراكِيٌّ برأس المالِ أفتى
وشُعوبٌ قد أفاقَت كَي تَدوخْ!
كُلُّنا مَحضُ مُسوخْ
نعبدُ الصمتَ وأربابًا أُخَرْ
مَسَخَتنا، فارتضينا المَسخَ إذ قلنا امسخي
وعَبَدنا اللُّقْمةَ المُلقاةَ في أفواهِنا؛
تَبًّا لِعَيشِ البَذَخِ!
عُدْ أبا ذَرٍّ لِقبرِكْ
مِلءَ فِيكَ اصرُخْ: «وَداعًا للرُّجُولَةْ»
اصرُخي يا أرضُ مِن حَولي اصرُخي
يا وداعًا للرُّجولةْ
عَبَدَ النَّاسُ الإلهَ المُرتَخي!
أينَ في الناسِ «غِفارٌ»؟ أينَ «أسلَمْ»؟
يا حُطامَ الشعبِ أفصِحْ وتَكَلَّمْ!
ليسَ مِن صوتٍ سَيَعلو في السُّكوتِ الرَّاسِخِ
إن تُرِدْ صوتًا وعَدلًا وضِياءْ
إن تُرِدْ عَيشًا كَريمًا لجُمُوعِ الفُقَرَاءْ
«كُنْ أبا ذَرٍّ» أخي!
مارس ٢٠٠٥م
أخو داوُد
عندما ماتَ أخو داوُدَ فجأةْ،
قالَ جَدِّي في جَلَدْ:
«إنَّ مَن ماتَ وجَدْ»!
نَسْمةُ العصرِ أتتْ مِن لَدُنِ القبرِ؛ مَدَدْ!
•••
لأخي داوُدَ عَمٌّ ليسَ يَبْغي من عُضالِ العِشقِ بُرأَهْ،
تحتَ جُمَّيزَةِ عشقِ المنتهى.
نحَتَ النَّايَ «عَوَضْ»،
وأخو داوُدَ يستَعجِبُ: «ماذا قد دها عَمِّي؟ ألا بئسَ
المرَضْ!»
من رأى النايَ اشتهَى،
«عوضٌ» ماتَ على فقرٍ رَغَدْ!
تركَ النايَ أذانًا،
رَنَّ في أُذْنَي أخي داوُدَ: «يا حَظَّ عَوَضْ!»
كان شِعرًا، وانقَرَضْ!
«وعلينا النشأةُ الأخرى» يقولُ الرَّبُّ، يَنعي موتَ
نشأةْ.
•••
لأخي داوُدَ دمعٌ لُؤلؤٌ ينسابُ فجأةْ!
عابرًا «طهَ» و«يس» إلى سِفرِ العَدَدْ،
يا صَمَدْ،
رُفِعَت رُوحُ أخي داوُدَ من دونِ عَمَدْ،
لنسيمِ العصرِ في «الضَّهريةِ» الفيحاءِ هَدْأةْ،
في سَناها يَشهدُ الإنسانُ بَدْأَهْ،
غضبٌ هذا الذي يبدو على وجهِ أبي أم ذاكَ صَدْ؟!
قالَ من دونِ حروفٍ: «لو غدا ذنبُكَ حبلًا من مَسَدْ،
واعتلَت رُوحَكَ حَمْأَةْ،
فاتلُ في ذاتِكَ صَمتًا «قُل هوَ اللهُ أحَدْ.»
قل هو اللهُ أحدْ.
يا صغيري إنما الأصلُ مَعَدْ.»
لمعَت دمعةُ فرْحٍ في نسيمِ العصرِ والقبرُ ارتعَدْ.
يا أخا داوُدَ قُل لي كيفَ أحيا في جموعِ الناسِ والناسُ
سَرابْ؟
قالَ: «كن شِعرًا ودمعًا تجدِ الناسَ حقيقةْ،
أعِد الفرْحَ الذي شاخَ إلى شَرخِ الشبابْ،
وتذكَّر قل هو اللهُ أحَدْ،
إنما الأصلُ معَدْ.
يا صغيري، كُنْ كمَزمورٍ يُغَنِّي الحُبَّ رُوحًا لا
جَسَدْ؛
سوفَ تبقى بعدَ مَوتي.»
قالَ هذا،
وسَجَدْ.
عصر الثلاثاء، ٦ / ٩ / ٢٠٠٥م
ابنُ أصدقائِه (في رثاء مستجاب)
(من التهيؤ للوقوف – مستوحاةٌ باقتباساتٍ من قصيدةٍ بنفس الاسم
للشاعر الكبير: محمد سليمان)
وتابَ ثُمَّ تابْ،
وعادَ للوراءِ،
لِجَدِّ جَدِّهِ، ألا يا رَوعةَ المُصابْ!
قد أَذِنَ العذابُ بانتهاءِ،
هل ينتهي العذابْ؟!
عذابُهُ صُحبَتُهُ، ما أهونَ الصداقةْ!
«أنا ابنُ أصدقائي» يقولُ «مستجابْ».
فرَدَّت الصَّفاقةْ:
«خَرَقتَ لي بَنينَ دونَ عِلمي؟»
وآذَنَت بهَدمِ.
فقالَ «مستجابْ»؛
ليدفعَ الدموعَ واختناقَهْ:
«تلاقحَت قلوبُكُم في عالَمِ الخفاءِ،
وأنبتَتْ سَمائي،
وكانتِ انطِلاقَةْ،
لرُوحِيَ الشِّهابْ.»
فقالت الصَّفاقةْ:
«تخونُكَ اللَّباقةْ؛
فهذه السماءُ من غُثاءِ،
وذلك الغثاءُ من بُحيرةٍ من عُقْمِ،
حَسِبتَها — يا لَلغباءِ لُجَّةً من حُلْمِ؟!»
وضَحِكَت صفاقةٌ وكشفَت عن ساقِها في لُؤْمِ،
وجفَّت الدموعُ بعدَ حِينْ،
وجاءهُ غُرابُهُ مبشرًا ومعلنًا خرابَهُ اليَبابْ!
وحاملًا في يدهِ قاموسَهُ المُهَلهلَ الرصينْ؛
حيثُ الكلامُ هائجٌ كجَمرةِ الشبابْ،
ومُوغِلٌ في الرَّفَثِ،
فجامَعَ الكلامَ «مُستَجابْ»،
وأخلَدا للعبَثِ،
وآذنَ العذابُ بانتهاءِ،
وصوتُ جدِّهِ أتى بلمعةِ السَّرابْ:
«يخرجُ من صُلبي إليكم ذكَرٌ يَدهمُكُم باللَّومِ،
ويَفتَحُ الكلامَ ألفَ بابْ،
يَموتُ مِلءَ جَفنِهِ في وطنِ السرابْ!»
عصر السبت، ٦ / ٨ / ٢٠٠٥م
رثاءُ ستِلَّا
ما سيَأتي مِن مَقطَعِ مَنحُولُ
حيثُ حُزني لَمَّا يَزُرْهُ
الكُحُولُ!
ها هِيَ النجمةُ العَجوزُ تَوَلَّت
كِبْرَها، بَينا ضوءُها مَوحُولُ
لم تُكَسِّرْ زُجاجةً، بَدَنُ الفِر
عَونِ ناجٍ فلم يُصِبهُ نُحُولُ!
قد حَسِبناها آيةَ النُّورِ، لكنْ
هيَ آيُ الظَّلامِ ليسَت تَحُولُ!
أنزفَتنا وطالما صَدَّعَتنا
بشُعاعٍ خَرَّت لدَيهِ الفُحُولُ
كانت النجمةَ الَّتي … ثُمَّ صارَت
زُحَلًا عابِسًا، وبئسَ
الزُّحُولُ!
كَحِلَت زَوجتي لِمَرأى نُجومٍ
مُقبَراتٍ، وها أنا مَكحُولُ!
منتصف ليل الخميس، ١٧ / ١٠ / ٢٠١٣م
الفيُّوم
الفيُّوم
زينات صدقي
شيءٌ سيُضحِكُ لي «جَهمًا» إذا رُدَّا
وأستعيدُ بهِ الأهلينَ واللُّدَّا
وما تدبَّرتُهُ دَهرًا فخاطرةٌ
تأبى بكارتَها تَجفُوكَ لا بُدَّا
متى قطَعتِ على المجنونِ خلوتَهُ؟
متى قطعتِ على المستوحِشِ
العَدَّا؟!
لمَّا رآكِ طوى الأرقامَ وانفرَجَت
توًّا أساريرُهُ يستقبلُ الضِّدَّا
وإذْ ذكَرتِ لديهِ النِّدَّ فانبجسَت
عيونُ غَيرَتِهِ كي تلعنَ النِّدَّا
وراحَ يُفصِحُ عن مكتومِ عاطفةٍ
لها وإنْ يَدْنُ منها تُظهِرِ
الصَّدَّا
مُلاطِفًا عارفًا بالغُنجِ مبتكرًا
يغشاكِ فانتظرِي قد يلثمُ
الخَدَّا
فعُضَّ أذْنَكِ آهٍ ألفُ وا أسَفَى
على شبابكِ يبقى الوجهُ مُربَدَّا
يا ابن المجانينِ! منهم يا سفيهُ إذَن؟!
يا سوءَ طالَعِنا! أقبِح بهِ
جَدَّا!
•••
ونزلةً تحفةً أخرى رأيتُكِ إذ
غضبتِ من «حسَبِ اللهِ» الذي
احتدَّا
يأبى الزواجَ من الدنيا وترترِها
ذا حَقُّهُ هل أتى شيئًا إذَن إِدَّا؟!
لكنَّ سادسَ عَشْرَ الفنِّ ممتلئٌ
كِبْرًا أغاظَكِ يا وَجْناءُ
واشتَدَّا
رَبُّ النُّحاسِ أخو نابُلسَ يعرفُهُ
في شارعِ الحُبِّ كلُّ الناسِ
مُعتَدَّا
هاكَ الملوخيةُ الخضراءُ صنعُ يَدي
يا رأسَهُ يا خِوانًا فوقهُ
مُدَّا!
قد بِعتَني برخيصٍ؟ لستَ تفجَعُني
سيجعلُ اللهُ لي في المُشترَى
وُدَّا!
مَن لي بمَن يُضحِكُ الباكينَ؟ يا وجَعي
بابُ الرجاءِ وبابُ الصفوِ قد
سُدَّا
وَلَّت كتاكيتُكِ «البُنِّيُّ» لا
عِوَضٌ
عنها وخَرَّ زمانٌ دافئٌ هَدَّا
والقلبُ فاجَأَنا بَينا نُلَوِّنُهُ
بِكَسرِ فُرشاتِنا وابيضَّ
واسوَدَّا!
الثلاثاء، ٣١ / ٧ / ٢٠٠٧م
رثاءُ ما كان
أصبحَ الحُبُّ يا مَها لا يُواتي
شابَ قَلبي وشَيَّبَتهُ
اللَّواتِي
أقطعُ الرأسَ الآنَ رأسَ بَعِيري
طالَما كنتُ أقطَعُ الفَلَواتِ
حُفِظَت قِصَّتي بِكُلِّ كَثيبٍ
إنَّه الرَّمْلُ يا ثِقاتَ
الرُّوَاةِ
وجُيُوبُ الحُواةِ لم تَحوِ إلَّا
مُلهِماتي وَاهًا جُيُوبَ
الحُواةِ!
يا تَمامَ الفَواتِ ما لِيَ أخشَى
بعدَ هذا التَّمامِ بعضَ
الفَواتِ؟!
حِرفَتي نَظرةُ الوداعِ فَخَلِّي
نَظرَتي هَدْيًا للغُواةِ الهُواةِ
نَضِجَ الحُبُّ فاستحالَ فألقَى
بَذرَةً مَيْتَةً بأرضٍ مَوَاتِ
مرثِيَّةُ ضِرسِي
أنا صادقٌ وَعدًا وَعَدتُ لأنكُثَهْ
وبَرُّ يَمينٍ قد حَلَفتُ
لأحنِثَهْ
وقد قُلتُ: «لَن أرثيكَ» لكنْ أصابِعي
بكُلِّ رثاءٍ في الكِتابِ
مُدَنَّسَةْ!
أبا أَلَمٍ أَقْوَى مكانُكَ بَعدَما
نزَعتَ الجُذُورَ البِيضَ مِن تُربَةِ
اللَّثَةْ!
وقد كُنتَ يا مَلعُونُ تُوهِنُ هِمَّةً
وتَنقُصُ مِن إيمانِ نفسٍ
مُحَدَّثَةْ
فكنتُ أَسُبُّ الدَّهرَ في كُلِّ
مَرَّةٍ
تَعَضُّ على رُوحي الوَقُورِ
المُخَنَّثَةْ!
أرَى لَثَتي أَوْرَتْكَ بُرعُمَ نارِها
كما كلُّ «شيكِسْبيرَ» يُوقِدُ
«مَكْبِثَهْ»
وكم راحَ تِنِّينٌ طَوى الأرضَ نَفثُهُ
ولم يَبقَ خيطٌ مِن لهيبٍ
لِيَنفَثَهْ!
ليل الجمعة، ٢١ / ١٢ / ٢٠١٢م