فَخُورٌ
في ذكرى ميلادي
(من التهيؤ للوقوف)
أتى الكون بيكاسُّو كثورات عصرِهِ
لستةِ أيامٍ بقينَ بتشرينِ
وجئتُ كبيكاسُّو، خيالي يقودُني
وقرنٌ وعامٌ مرَّ ذِكْرى تُحَيِّيني
أتينا لصَوغِ الكونِ دمعًا وبسمةً
ونارًا وفِرْدَوسًا ونَغْمًا
بتَلْحينِ
فأهدى إلى الأشكالِ والجِسْمِ رُوحَهُ
وسَطَّرْتُ سِفْرَ الشِّعْرِ من سِفر
تكويني
وألفيتُ جرْسَ الحبِّ والشِّعرِ يَسْبيني
فأسلمتُ روحي للقصائدِ تُحييني
•••
تمهَّلْ «كساجيماسْ»! صديقُك منصفٌ
لحُبِّك إنَّ الحُبَّ والفنَّ
صِنْوانِ
بأزرقَ مُلتاثٍ وأحمرَ قانطٍ
أُصوِّرُ موتَ الرُّوحِ من عمقِ
أشجاني
وتغدو فراديسُ الحياةِ سُجونَها
وظلماؤُها نورًا إذا الشِّعْرُ
أضْواني
ويبقى «كساجيماسْ» أثيرًا لدى الرَّدى
أسيرَ حَكايا العِشقِ في قيدِ
أكفانِ
لأنَّ «كساجيماسْ» تجلَّى فأبكاني
سَهرتُ أُريقُ الخمرَ والشِّعْرَ في
الحانِ
•••
وإني وبيكاسُّو نهيمُ بصارخٍ
من اللَّونِ حتَّى يعْبقَ اللَّونُ
كالطِّيبِ
يُناجي دَواةً يشتهي فضَّ خَتْمِها
فيعلو صُراخُ اللَّونِ شوقًا
لتعذيبِ
وأمحو حُدودَ الشِّعر تغدو تُخُومُهُ
براحًا من الألوانِ عَذبَ
التَّراكيبِ
براحًا بهِ الأفكارُ تعصي مشيئتي
تلوحُ إذا اضَّرَّعْتُ في إثرِها:
غِيبي!
وما زلتُ أكسو الشِّعرَ أثوابَ تجريبي
ومِن نَسجِ بيكاسُّو عباءاتِ
تكعيبي
•••
أتى الكونَ شِعري فاستحالتْ خطيئةٌ
أتتها فتاةُ المجْدلِ البِكْرُ
عُذْرِيَّةْ
ولقَّنتُ داودَ المزاميرَ كلَّها
فغنَّى بها للحُبِّ حُلمًا
وأمنيَّةْ
وأحرقتُ إبراهيمَ شوقًا لضمَّةٍ
إلى صدرِ أنثى تُلهِبُ الشعرَ
ناريَّةْ
أتى الكونَ بيكاسُّو بشيرًا بمَقْدِمي
فيا فرحةَ الأبياتِ غنِّي
بِحُرِّيَّةْ
نسيبٌ وإحساسٌ وُعُودٌ ومرثيَّةْ
أتاهم ملاكُ الشِّعرِ يا طيبَ
أغنيَّةْ
أكتوبر ٢٠٠٤م
استغناء
يقولُ العاذِلُ اشتَرِهِ وإلَّا
تكُنْ قَزْمًا؛ إذن أكرِمْ
بقَزْمِ
أنا لم أُعطِهِ أذني سُمُوًّا
بها عنهُ وكنتُ أداةَ جَزمِ
سَيُغنيني عن المحمولِ أنِّي
معي طَوقُ الحمامةِ لابنِ حَزمِ!
عِشاء الاثنين، ٢٦ / ٩ / ٢٠٠٥م
قداسةُ القُرصان
(من التهيؤ للوقوف)
الشِّعرُ قرصانٌ ومن خطَرِهْ
يهواهُ موجُ القلبِ في بَحرِهْ
يغيبُ عنَّا العُمرَ أكملَهُ
وبَغتةً يأتي على دُسُرِهْ
فتَسقُطُ الأفكارُ في يَدِهِ
ويتركُ الإحساسَ في أثَرِهْ
يمضي فنَبكي علَّ قسوتَهُ
تُهَدهِدُ الباكينَ في حِجرِهْ
•••
مَدامعِي سالت وما رقأَتْ
مُذ زارَني القرصانُ في خَطَرِهْ
وأدمُعي منهُ غدَتْ شَجَرًا
أظلَّني القرصانُ في شجرِهْ
فتارةً أصوغُها دُرَرًا
وتارةً تنهالُ في قَبرِهْ!
لا تَحزَني إذا اعتزلتُكِ مِثـ
ـلَ راهِبِ القريضِ أو حَبرِهْ
ولا تُراعِي من جُنونيَ لَو
سألتُ ديوانيَ عن خَبَرِهْ
ولو أفقتِ ليلةً فوَجَدْ
تِني أهيمُ في ندى صَدرِهْ
فلا تَغارِي إنهُ مَلِكٌ
مُتَوَّجٌ ونحنُ من بَشَرِهْ
إن يَرضَ يُغدِقْ فوقَنا نِعَمًا
وإن يَضِقْ فالويلُ من نُذُرِهْ
لطالَما لِتُحفَةٍ سَبَقَتـ
ـكِ قلتُ ما أفاءَ من سُوَرِهْ
فلا تقولي أطرِبَن أذُني
ممَّا أفاءَ الشِّعرُ في سَحَرِهْ
ولْتَنظُري طُلوعَ شَمسِكِ أنـ
ـتِ، الشِّعرُ لا يُنسَأُ في عُمُرِهْ
ولَن أُكَرِّرَ الَّذي صدَحَت
بهِ لأخرَى أُغنِيَاتُ شَرِهْ
لأنني إذا فعلتُ فقَدْ
أتيتُ فَنَّ الشِّعرِ في دُبُرِهْ
٤ / ٤ / ٢٠٠٥م
العيد
(من التهيؤ للوقوف)
العيدُ عادَ بعَينِ حالِ القُربِ
ومُجَدِّدًا بالحُبِّ عهدَ
الحُبِّ
«اللهُ أكبرُ» ثُمَّ تتلو نُورَها
«اللهُ أكبرُ» من صَميمِ القلبِ
يا نعمةً فاضَت على الدنيا ندًى
وصدًى تُرَجِّعُهُ حُلُوقُ
العُرْبِ
بَسَماتُ صُبحِ العيدِ في أفواهِنا
صُبحٌ تَبَسَّمَ في سماءِ الكَربِ
عصفَت بنا فِتَنٌ وشَقَّت صفَّنا
رِيحٌ دَبُورٌ من تجاهِ الغَربِ
جَسَدُ العُرُوبةِ قد تمزَّقَ
والبِلَى
شبحٌ تجسَّدَ في غُبارِ الحَربِ
لكنَّ لَمَّ الشَّملِ داعَبَ مُقلَتي
إذ حَلَّقَتْ «أللهُ أكبرُ» قُربي
يا جمعَنا المرحومَ قُم لتَفَرُّقٍ
لا تخشَهُ ثِقْ بالزمانِ وثِقْ
بي
قد أنبَأَتني أحرُفٌ ردَّدتَها
بقريبِ رحمةِ ربِّنا المُنصَبِّ
«نصرَ النبيَّ أعزَّ جُندًا
والعِدا
أزرَى بهِم حِزبًا بأمثَلِ حِزبِ»
•••
أبوابُ «تاجِ الدينِ» تهتفُ مرحبًا
وانسابُ نَهرٌ من لآلِئَ صَوبي
وغِلالةُ النُّورِ التي ألفيتُها
تلتفُّ أهدابي بها في الدَّربِ:
ألفيتُها لُفَّت بها أهدابُهُم
فبأيِّكُم بدأَت جُموعَ الهُدْبِ؟!
تَمرَاتُ فِطرٍ هذه أم أنَّها
عِيدٌ بيَوم العيدِ؟ يا لَلعَذبِ
أنا بعضُ هذا التمرِ: رَطْبٌ يابسٌ
وتقولُ مِرآتي: كيابسِ رَطبِ!
دينٌ وشِعرٌ عائذانِ بأضلُعي
من سَطوةِ المتربصينَ الصَّحبِ
لَم أدرِ أيُّهما عُبوسٌ يابسٌ
والآخَرُ الرَّطبُ المُعاقِرُ
نَخبي
•••
يا لَلصَّبابةِ والجُموحِ وأسطُرٍ
شَرِبَت دَمي بعَرُوضِها
والضَّربِ
إني ضممتُ جَناحَ شِعرِيَ راغبًا
إذ ضَمَّ مَن خَلفي جَناحَ
الرَّهْبِ
إن قِيلَ: «تَقفُو خطوَ نجمٍ راحلٍ»
مَن ذا الَّذي لا يَقتَفي
المُتَنَبِّي؟!
صباح عيد الفِطر ١٤٢٦ﻫ
٣ / ١١ / ٢٠٠٥م
٣ / ١١ / ٢٠٠٥م
فَخرُ العَمُود
أقامُونا لِتَنتَصِفَ القواعِدْ
وتَعلُوَ فوقَ أَسقُفِها
المَساجِدْ
ويُعرَفَ أنَّ للإنسانِ ما لا
لِمَن رَفَعَ السَّماءَ على
المَحامِدْ
تَحَمَّلْنا الجِياعَ وحُمِّلُونا
وقالوا: الزَّادُ، ثُمَّ نَسُوا
المَزاوِدْ
وأُركِبَنا القَريضُ فكانَ بيتُ الـ
ـقَصيدِ بقلبِ صَحْراءِ المَواجِدْ
إلى أن ناشَتِ الأيدي وأَضحَى
كِتابُ العُربِ يَومًا شَرَّ
كاغِدْ
ولكنَّا تَنَكَّرْنا أَكَلنا
حَصًى وقَذًى على كُلِّ
المَوائِدْ
لِيَخسَأْ مَن يَرى أنَّا انقَرَضْنا
فما زِلْنا على قَيدِ الأوابِدْ
الاثنين، ١٤ / ١٠ / ٢٠١٣م
فَخرُ الكَلْبَة
أيُّها الجائعُ المُستَثارُ، تَعالْ،
سوفَ تأكلُ في عَربَخانةِ رُوحي وتَشرَبْ،
إنَّني كَلبةٌ لَم تَحُجَّ بُيوتَ الجِزارَةْ،
أنتَ كَلبي أبو الجَروِ، قِطعةُ لَحمي الشريدةُ، أشعثُ
أجرَبْ.
سَنُداسُ أبا لَذَّتي وبُكائي بكُلِّ الدُّروبِ، بكلِّ
النِّعالْ،
فارتكِبْ أيَّ ضَرعٍ تشاءُ وقَرِّرْ بنَفسِكَ: كلبةُ
صَيدِكَ أجملُ،
أم كلبةٌ لا ترى رأسَ فالقِها دُونَ أن تنتشي وتَحُلَّ
إزارَهْ؟!
نابحٌ أنتَ والآدَمِيُّونَ مِن حَولِنا غرقُوا في
سُعَالْ.
رابِحٌ أنتَ والخاسِرُون غَزارَةْ،
قد بسَطتُ لهم مِن ضُرُوعي ومِن أليَتَيَّ بهذا الوَصِيدِ،
فلم يستطِعْ منهُمُو كَلِبٌ أن يَجُوزَ ويَهرَبْ!
٢٠ / ٥ / ٢٠١٣م