قرابة ثلاثين عامًا قضيتها جامعًا وباحثًا ودارسًا لهذه المجموعة من المأثورات الشعبية
والفولكلورية الشعرية؛ من مواويل ورباعيات ما بين حمراء وخضراء، أو تلخيص العالم
بانقسامه الثنائي ما بين مواويل تتغنى بالأوجاع والآلام وضغوط الحياة ومأساويتها
الملتهبة، وبين النقيض «الأخضر» للحب والعشق والتغني عامة بالحياة ومباهجها.
سنوات إثر سنوات ومادة هذا الكتاب تواصل تراكمها وأنا أعيد قراءتها، محاولًا إخضاعها
لتصنيف ما دون جدوى، برغم تكرار موضوعاتها التي لا تخرج عن التحدث ومعالجة عدة مأثورات
أو موضوعات أو «موتيفات» محددة لا تعدو العشرة؛ ما بين الخسيس والأصيل، والردي أو
الرديء، والمواجع والتوجع بالأمراض والعلل أو المعلولين، وكذا البين مرادف الدهر والزمن
والدنيا والأيام وتقلباتها.
أضف إلى هذا الصداقة وتمجيد الأصدقاء والرفقاء وكاتمي الأسرار والمدارين عن العيوب
والعلل والنواقص.
يضاف إلى هذا مواويل الحب الأخضر، والتغني بالمحبوبة والرفيقة، والكشف عن دفائن أمراض
العشق، والتغني بجماليات المرأة وجسدها، والتعبير الصريح عن رغبات الجنس، بلا حياء
برجوازي ملفَّق ومفتعل.
كانت تتملكني طاقاتها الشعرية، وعمق معانيها الخشنة المتفجرة الخصوبة والأبعاد، لكني
في
معظم الحالات والليالي كنت أقف عاجزًا بإزائها، كيف يمكن إعادة الكتابة عنها؛ عن
موسيقاها وإيقاعاتها الدفينة التي يقصر إلى جانبها قامة أي شعر — كلاسيكيًّا كان أو
شعبيًّا — ينتسب لشاعر فرد بعينه؟
فهنا نحن بإزاء شعر الجماعة الذي صمد وامتُحن أمام عصور إثر عصور، إلى أن اكتسب بصموده
متجاوزًا معوِّقات الاندثار وموانع اللاتواصل، إلى أن وصلنا بحالته هذه، بإيجابياته
وسلبياته الخادعة المغيبة بالقطع، لكل حس تطوري بروليتاري، برغم أنه المعادل الأكثر
توافقًا وتعبيرًا عن قائليه من فلاحين وفواعلية وعمال تراحيل وندَّابات محترفات وأناس
تطحنهم عللهم ومواجعهم، أي البروليتاريا.
إلا أنها بروليتاريا مفتقدة على طول عصور التضليل التاريخية لقواها الخالقة المبدعة
في
اتجاه الثورة والتغيير لواقعها هذا الماثل المشبع بكل ظلم اجتماعي طبقي وأمراض واغتيالات
يومية، وحديث عن الموت والندب الذاتي لا ينضب ولا يكل. كل هذا دون إدراك وتبصر بحقيقة
الحياة الجوهرية، وما يعتمل فيها من مغالطات وتدليس، مصدرهما الواقع الاقتصادي
والاجتماعي الجاثم المتخلف إلى حد توارث بعض البقايا — لعلاقات الإنتاج — العبودية إلى
أيامنا جنبًا إلى جنب مع الإقطاعية.
والتساؤل المقابل هنا هو كيفية وعي البشر من جماهير هذه الأشعار بواقعهم وإمكانياتهم
وإرادتهم في تملُّك نواصي واقعهم المغرق في الكوارث والعلل، وبيع الإنسان «المنتج» في
أسواق النخاسة.
فالفرد الواقعي هنا سجين بحق لقوى خارجية تقهره على الدوام، وهي قوى لا تبعد عن أوهام
ذلك الكائن الخرافي الجاثم المنكِّل على الدوام بدوره «البين وعياله»، الذي ستصادفنا
مأثوراته الدامية على طول هذا الكتاب، وكذا بقية القوى الوهمية للزمن والدنيا والزهر
والبخت.
وجميعها هنا تتوحد بالآلهة في أنها «تهب الرزق لمن تشاء بغير حساب»، كما تهب الجروح
وأحط العلل والجوع المذري لمن تشاء في ذات الآن.
واللافت أنه بينما ينحو حقل الحكايات الشعبية والفولكلورية العربية، بالإضافة إلى
السير
والملاحم، منحًى خرافيًّا كاملًا؛ من إغراق في المخلوقات والكائنات والحيوانات الموغلة
في بحار الخرافة، من جن وعفاريت وندَّاهات وأعوان وهواتف ورياح ومنفرات.
الملفت أنه بينما تغرق الخرافة حقول وأنواع فولكلورنا العربي، خاصة حكاياته وسيره
وملاحمه، تبرأ هذه النصوص الشعرية من معظم — إن لم يكن كل — الملامح واللوازم والعوالم
الخرافية، والمخلوقات الخارقة وأوهام الذهن الخرافي بكامله.
بل يمكن القول إن الموال والشعر الفولكلوري بعامة يوغل في نقيض ذلك العالم الخرافي،
وهو
التحدث والتناول لتجارب واقعية ومعاشية، بل وعقلية إلى أقصى حد.
وذلك طبعًا باستثناء الأشعار الدينية وأغاني ورباعيات وأهازيج أغاني التراتيل والتخمير
الموغلة في الخرافة وبقايا الأساطير وأشلائها وأجوائها، خاصة حين تفرط في تمجيد وتجليات
«ليلى» أو الليليث وآناثا الكنعانية — الألف الثانية ق.م — التي هي في موقع حواء الأولى،
والتي تحلو لمثل هذه الأهازيج والتواشيح تسميتها بالإضافة لاسمها ليلى بعروسة الزار،
وست
البحار العوامة، وهو ما سنتعرض له بتفصيل أكبر في باب أغاني التخمير الدينية من هذا
الكتاب.
وقبل الدخول في موضوعنا عن هذا الموال الأحمر الذي نحن بصدده، لا بأس من الاستطراد
المطول في إيراد مجموعة كافية من النماذج والعينات المتفجعة الدامية لهذه الأشعار، التي
ربما ينظر إليها قارئ اليوم على أنها في حكم «الأنتيكات الأدبية» المنقضية والمندثرة،
وهي بالفعل أنتيكات أدبية أو شعرية؛ ذلك أن معظمها ضارب الجذور لا يبعد بنا كثيرًا عن
نصوص التوابيت الفرعونية ومنذ الدولة القديمة — عصر بناة الأهرام — وكذا كتاب الموتى،
وما وصلنا من أشعار وتوجعات الدولة الوسطى المفتقدة إلى كل عدالة.
بالإضافة إلى أنها تضرب من جانب آخر في الطوطمية، فهي تتمثل بالثعابين والأبراص،
ومفردها برص، أو دبيب، وتكثر في تمثل الجمال والسباع والكلاب كما سيتضح.
فلا غرابة إذا ما تفتح قارئ اليوم على مدى ذلك الواقع المسموم الذي أنبت هذه الأشعار
والمراثي الذاتية الموغلة في القدم وعطب العلاقات الإقطاعية والتسلطية.
المجاريح وأفعال الزمان
فالموال الملتهب الذي يلوكه قائله ويتسلى به، ويتصرف على هداه أينما وُجد؛ في
فسحاية الدار، وفي الحقل، وتحت الكوم، ومع الرجال تحت السنطاية، ووراء حمار السباخ
المريض، وفي كل مكان.
الموال هنا شكوى؛ فهو يشكو مرة للآلهة، ومرة للأهل، ومرة للطبيب والزمن، ومرة أخرى
ليله الطويل الهامد الرخيص.
وهو في كل مرة يكشف عما يعتمل في حياته وأعماقه وماضيه وأخطائه وأمانيه، وحاجته
لنصفه الآخر.
وهو في كل مرة يبحث عن بداية للطريق، لكنه كثيرًا ما يضل ويتوه، ورغم ذلك فلا يغرق
أبدًا أبدًا، بل يواصل من جديد، ويبحث ويتلمس بداية تقوده إلى الطريق.
فقيود الشعائر المتوارثة، والمستعمر الإقطاعي، تزرع له الأشواك في كل مكان، وتبدأ
بفكره.
وهو يعكس حياته هذه وتخبُّطه وسط بحر الغيبيات وانفعالاته في أغنيته الحزينة في
الموال.
وتبدو الدراما الشعبية المتأصلة الفاجعة، التي يصنعها الوضع الاقتصادي المغلوط
واضحة في الموال، فهو يُقال بطريقة حزينة تميت القلب أشبه بالنواح:
وكل المجاريح طابت بس انا جاعد
وطبيب لجراح عندي بالسنة جاعد
ولا بقاش حيلتي يا طبيب غير شي
٣ بس انا جاعد
والطبيب في الموال يرمز إلى القوى الغيبية، التي بيدها إصلاح الكون لو أرادت. وفي
الموال القادم يسوق مثلًا مفجعًا عن كيف أن دبيبًا، أي ثعبانًا أو برصًا سطا على
طعامه وسمَّمه بينما كان بِسُّه أو قطه موجود «جاعد»، ودون أن يلتهم القط الدبيب أو
الثعبان تركه يسمه في حضوره!
مفيكشي همة يا طبيب تداويني وانا جاعد
أمانة يا طبيب تداويني من دواك حبة
دا الدود يا طبيب نقَّط ع الفراش حبة
ومثل سمعناه من اللي قبلنا قالوه:
دبيب
٤ سطا في الطعام كان بسنا
٥ جاعد
والموال هنا حين يتحدث عن المرض، فإنه يتحدث عن جانب واقعي عريض من حياتنا وواقعنا
المريض الماثل:
وكل المجاريح طابت بس انا أروح فين؟
وطبيب لجراح عندي بالسنة راح فين؟
وجرحي القديم نز بس انا أروح فين؟
نزلت دموعي على خدي أنا واحد
أنا بعد ما كنت في لمة وميت واحد
صبحت في اتنين ومن لتنين مات واحد
وشكيت وبكيت قالوا لي الناس متواحد
٦
أنا كنت اجيلك يا دار معي لمة كتير أحباب
صبحت اجيلك ولا معيش ولا واحد
اسمع أقولك مثل يا طبيب
وهو اللي حصل واحد
قوللي على حرف واحد صاحبي مات فين
كل المجاريح طابت بس انا أروح فين؟
وهو يربط بين المرض وهزيمته للإنسان، وبين تأثيره على الأصدقاء والعلاقات التي
تربط الإنسان، وكيف تنفض الناس عنه حتى أهله وزوجته:
لما ابتليت مجانيش ولد امي
وخليت من المال ما فيدي ولا دمي
وملقيتش دوايا حدا كافر ولا دِمِّي
٧
قاضي الغرام ادَّعاني قلتلو كالناس
أنا دخلت جوا البلد سرًّا أريد الناس
لقيت ابن العلالي وطي والندل فوق الناس
أنا عاشرت كل الملل حتى الغجر يا ناس
ما لقيت فعل العواهر ولا قرحهم على ناس
إحنا سمعنا مثل من كبار الناس:
الناس بالناس، كرهوني ولاد امي
وهو يتعامل مع الدنيا من منطلق دهري جبري، فهي في النهاية — الدنيا — تملك قدرات
المنح والمنع والإذلال، مثلها مثل الدهر:
يا دنيا الشوم يكفيكي هزل بزيادة
ذليتي ولد عال كانت عليه العين بزيادة
وان خس مالي حدايا
٨ احباب بزيادة
نزلت سوق الدلالة باشتري صبر بزيادة
بطلت كل الملاهي وسمعت كلام ناهي
ورضيت بحكمك عليه يا رب بزيادة
وفي الموال التالي يتحدث إلى «دنية الشؤم» وأفعالها السيئة معه، وكيف أذلته، وهو
الولد المليح، حتى إنه مضى يبحث عن الصبر وفي النهاية سكن واستسلم:
يا دنية الشوم على المظلوم بتميلي
٩
سيفك وقع طب على ابن الأصل بتملي
وليكي فعل بطال على الأبطال بتملي
مما جرالو صبح يبكي على روحه
والجرح منه اتسع فاحت كمان ريحه
الله ينعلك يا زمان ما بدلت خلوتي مرة
وسقيتني كاسين يا زمن كاس حالي وكاس مرة
شوف الغرورة الدنيا قالتلي تعالى جاري هنا مرة
دي دنيا حرة تبيع الباش بتميلي
١٠
•••
دنيا كما خيال بست حبال جراني
سقتني كاس صبر ريحته جبر جراني
وحلفت يمينين لشمت فيك جيراني
أنا قلت يا دنيا دا فعلك معي موش عال
ضربتني بالكاف
١١ ما بين لكتاف جراني
أمانة يا دنيا دا فعلك معي بقى شين
١٢
أصلك بوشين على وحشين جراني
دنيا كما خيال بست حبال جراني
لكنه هنا يتصورها — أي الدنيا الجائرة — كوحش كاسر يكبله بستة حبال، ويؤذيه ويفعل
معه أفعالًا سيئة، ورغم هذا فهو لا يستسلم تمامًا، بل يسبها على أنها ذات وجهين،
وكالخيال زائلة:
قالوا اترك الدنيا بلا هم وانسى معاني هواها
لتصبحك شايل الهم محني وتجري وراها
•••
نكايد الصبر وجروحي معايا فجر
وعدمت مالي وخِلِّي والأعادي فجر
١٣
يا حيف
١٤ رماني على باجا بلفافات
أتقل من الموت لو خصمي عليَّ فات
يجد بي أوقات أبكي من العشا للفجر
•••
لا أنا من الهم مهموم ولا للأشرار عدت بايع
أضحك إذا كنت مهموم والقلب كله وجايع
•••
أنا مرتاح مع الناس لكن القلب تاعبني
من عشرة الدون هتك عرضي وتاعبني
•••
لا حد خالي من الهم حتى قلوع المراكب
حسك
١٥ تقول للندل يا عم ولو كان ع السرج راكب
إن الحزن والهموم هما طابع الموال الأحمر، وليست العلل والجروح تعنيان المرض فقط،
بل إن كل ما يصيب الإنسان من شرور وسوء وكوارث هو في حد ذاته علة:
عليل بجرحين طاب واحد وصحي واحد
والهم والبين دقوا أوتادهم في نهار واحد
وامه وابوه قالوا احنا مولدناش حد
وأعز الأحباب مشي واحد ورا واحد
•••
عليل ومسكين جا خله
١٦ رقد ريحه
عيش
١٧ معاشه وجا يقول رقد ريحه
الهم والبين دقوا أوتادهم ريحه
أمه وابوه قالوا احنا مولدناش حد
وأعز لحباب سكوا الباب من ريحه
•••
واهو هنا تخلت عنه كل الناس حتى أمه وأبوه
•••
أنا جمل عال لكن الزمان عليَّ ميال
ولما جار عليَّ الزمان حملي من على ضهري مال
أشيل الحمل التجيل وأفوت على العزول ميال
الله ينعلك يا زمان ياللي لك غدرات ونوادر
تعلِّي الخسيس
١٨ يا زمان وتيجي مع الأصيل نادر
الله ينعلك يا دنيا ما انت دنية مال ونوادر
والراجل العال بخته مال مش عادل
•••
طبيب معي جراح جوا الجوف هدتنه
١٩
واحنا الجمال البخاتي وشيل لحمال هدتنه
٢٠
نشيل الحمل التجيل لم يوم شكينا بلوتنه
٢١
إلَّا حمل الزمان شين يغير اللون والصورة
واحنا من الأصوله العال بس جت ليالي هدتنه
•••
كنا تلاتة سوا وكان الكلام واحد
لما غدرنا الزمان غريب واحد وراح واحد
وبشيل بعيني لقيت الحمل مال على واحد
إحنا بنسمع مثل من اللي قبلنا قالوه
العبد بيده إيه ما دام الملك للواحد؟
وهنا تتأكد سلبية الموال المصري، ونظرته للحياة من خلال قطاع ترسمه القوة الخفية
التي تحدد مصاير الناس، والتي لا يملك الإنسان أي شيء معها:
عليل يقول يا طبيب معندكشي دوا ربه
٢٢
يكون من العال وأصله من بلاد ربه
والله إن دويتني يا طبيب هتشهد لك جميع الناس
وإيش تعمل الناس للي ساتره ربه؟
•••
في حال صبانا كانت الدار عزانا
كنا بنضحك ونلعب نلاقي الدار عزانا
رجع لوانا
٢٣ الزمان من بعد عزانا
٢٤
وادي كاساتي وسقاني بعد المروق قهر
قلب كاساتي وسقاني بعد المروق قهر
إوعى تعاشر الردي
٢٥ يوم يحزن يزيدك قهر
كسر لي مهر كان يلعب ع العود وع الزانة
•••
الناس لها جرح واحد وانا جسمي ملان ومحمل
وبفوت على الخصم واسق غلب ومحمل
وشايل الحمل ياما يقاسي ويتحمل
ولا راجل إلَّا لمَّا في عتمات الليالي بيدوس
قلبي نصب سوق ودار فيه ما باع واشترى
وقلت يا قلبي سيبك من اللي فات واترك اللي جرى
واللي عمل قنطرة للدوس يتحمل
الناس لها جرح واحد وانا جسمي ملان ومحمل
•••
طبيب يا جبار تعالى الدار وجابرني
واكشف على الجرح بالريشة وجابرني
عيَّان ومجروح وبس الوقت جابرني
مما جرى لي صبحت أفطر كل يوم ع المر
وفاتت ليالي الهنا وجتنا ليالي المر
ومين يقول الطعام الحلو يشبه للطعام المر؟!
ويا عم فين الرفاجة اللي كانت على غلب الزمان بتمر؟
قال إيش رماك ع المر؟ قلت الوقت جابرني
والزمن هنا — أي الوقت — هو الذي بدَّل أيامه الحلوة بأيامه المرة، وأجبره على
الاستكانة والخضوع.
كان ينوحها عبد الحميد الفلاح الأعمى فعلًا الذي دأب على أن يقول: اللي كتب
غلب!
فالبين هنا هو حكم الأيام، وهو نفسه المقدر والمكتوب:
ما تآمن الدهر إذا ترجم معاك وخدم
دا دهر ميال ياما هتك ملوك وخدم
أكم ريس وزهزهلو
٢٦ الزمان وخدم
شوف مركبه سوَّحت بين البحور وتاه
من بعد ما كان ينادي يا دجى مين تاه؟!
شوف حكمة الله راح بيت العويل
٢٧ وخدم
ما تآمن الدهر إذا ترجم معاك وخدم
وهنا يلعب الدهر بمصير الناس فيُعلِي من يشاء ويذل من يشاء تمامًا كإله، ورغم هذا
فهو لا يُؤتمَن كالريح والبحر اللذين يتحكمان في اتجاه الموج:
أنا إن شكيت ربع ما بي للحديد ليدوب
الأولة غربتي والتانية مكتوب
والتالتة كنت غالب صرت انا مغلوب
وكام يا دهر تتقلب عليَّ قلوب!
صبحت عيَّان قوي لوني صبح مقلوب
روح يا ميتم رويت الأرض واروينا
ياما قعدنا في بلاد الناس وربينا
وقلت يا جامع الشمل تجمعنا على اهلينا
وزعقت من عزم ما بي وقلت يا أيوب
كاس الهنا كل ما أديره ياجي مقلوب
أنا إن شكيت ربع ما بي للحديد ليدوب
وفي هذا الموال المفرط في الحزن تتبدى المأساة المصرية التي لو شُكِيَت للحديد
لأذابت الحديد.
وهي هنا لها جذور متينة مترسبة في الأرض وأعماق الناس وحياتهم.
وهي تتضح في أغلب المواويل الحمراء بشكل تشاؤمي عام، وحتى في حلولها للحياة تنمو
هذه الحلول على حساب الواقع والحقيقة، فهي تخدم قضايا الرجعية والاستعمار قبل أن
تخدم قضايا التقدم. والإيمان بمستقبل الإنسان الثوري المشرق يدفعه إلى العمل على
مواصلة النضال، والكشف عن جوانب الحياة المضيئة المستقبلية.
فمئات السنين من الاستعمار والاستبداد ليست بالأمر الهين!
إن جار عليك الزمان يا بن الكرام وجا مال
وراح متاعك وخدمتك خيول وجمال
شوف حُسن يوسف سجن بعد النعيم والمال
الدنيا حالها كده تعطي لناس ناس
أيوب أهو ابتلى لما بقى نسناس
والزهر زي الأزاز إذا انكسر بقى شين
٢٨
والمال بيحلي قليلة الشوف والعمشة
راح فين الوجه المنير وجا مال
إن جار عليك الزمان يا بن الكرام وجا مال؟
والصبر مفعول مسكن أشبه ﺑ «أبو النوم» والمخدرات، وهو أيضًا يلعب دوره في مواصلة
عملية التخدير لقتل كل ما من شأنه إيقاظ روح التطلع إلى آفاق جديدة مشرقة:
يا عبد وحِّد إلهك واذكر فرضه
واستعمل الصبر إذا جالك سؤال فرضه
سليمان لما المهيمن حكموا في أرضه
وركب كرسي المملكة ع الناس وتعالى
وركب البساط خدو في الجو وتعالى
سمع الندا من قبال الله وتعالى
اخضع يا سليمان إن الملك لي وحدي
سمع الأدان في السما صلى عليه فرضه
يا عبد وحِّد إلهك واذكر فرضه
•••
منين أجيب صبر يغنيني على بعدك
ياللي هجرت المنام والفرش من بعدك؟
وبياع الصبر حرم بيعه من بعدك
وإذا كان على الصبر عندي ميت مركب ملانة صبر
دا انا باسمع منادي ينادي كل يوم العصر
ياللي كواك الزمان اصبر على وعدك
•••
قالوا الصبر يا عين جعلوه للأبطال
ولو كان دوايا عند حبيبي دا كان ينطال
٣٠
إلا دوايا عند خصمي ما عاد ينطال
•••
أرقد على الشوك عريان واضحك للي عاداني
واصبر على حكم الأيام حتى ينعدل زماني
وهو هنا يسخر من الذين يعادونه ويسخرونه ويتحكمون في موارده وإمكانياته، لكنه
يتسلح بالصبر على حكم الأيام وأفعالها الرديئة معه، حتى يأتي اليوم الذي يتمناه
وينتظره ويصنع منه أفقًا لحياته الجدباء.
أقوم من النوم واقول يا رب عدلها
بلدي قصاد عيني مش قادر أعدلها
وريس البحر محتار ما هو عارف يعدلها
سألت شيخ عالم بيقرا في معادلها
سند الكتاب من يمينه والتفت قال لي
بين المسا والصباح ربك يعدلها
والنص السابق يُنسب إلى الملك «معروف» في سيرته المندثرة، وستطالعنا مأثوراته
وأشعاره بكثرة:
طبيب يا مهر أنا فايت الضهر على بابك
من شدة القهر،
٣١ دمعي نهر على بابك
من ميلة الزهر رماني الدهر على بابك
أنا عزمت وحدي ممشيش في الطريق مع دول
٣٢
الفكر تلف النظر حتى السمع جاللو
شايف ولاد الأرامل حظهم معدول
وانا عملت إيه اتجازى بدا كله؟
جيت أركب التخت شفت البخت مش معدول
٣٣
جسمي سلا داب وحتى العقل راح كله
آهين يا طبيب من ميلك ومن برحك
٣٤
لفيت وجريت مشفتش في الدوا شرحك
٣٥
طبيب يا مهر أنا فايت الضهر على بابك
وعلمه هنا مستمدٌّ من تجاربه، وارتباطه بالناس والأرض، وإطار حياته البسيط الذي في
أحيان كثيرة لا يخرج عن حدود قريته.
إنه يقول عن ثقة: «طول ما النخل بيتقلم ابن آدم بيتعلم.»
وهو هنا يريد أن يؤكد لنا أنه طالما هناك حياة واستمرار وناس، فإن الإنسان يتعلم
ويربط تجاربه القديمة بالجديدة.
أي إنه ليست هناك حدود للمعرفة، بل هي دائمًا تتجه إلى آفاق جديدة، وتجارب جديدة،
وازدهارات جديدة متصلة، نحققها — نحن النوع البشري — طالما أننا نعمر ونعيش، ونقلم
النخيل:
عاشرت يا قلبي من الناس ألف يكفاك لف
٣٦
وسجدت للموت لم جد عليك لف
٣٧
هما تلاتة أربعة اللي تمر فيهم
همتك والدراهم والنظر والكف
وفي الموال السابق تمجيد رائع للجهد البشري؛ من عمل وهمة ونقود، أو دراهم، وبعد
نظر وتسلُّح بالكف:
اللي معاه ريالات يقضي ليله يمص في شفايف بيض
واللي ممعوش ريالات لا طال سود ولا بيض
وها هو يؤمن بدور الاقتصاد وأنه كل شيء، فحتى الحب والجنس تحددهما الفلوس
الريالات، واللي ممعوش لا طال أسود ولا أبيض.
تعالى يا طبيب المبالي عند بيتنا دلي
٣٨
واكشف على الجرح اللي لو زمان دلي
واذا كان دوايا على المخلوق يا ذلِّي
واذا كان دوايا عند الله ارفع إيدك يا طبيب
وخلي المقادير تاخد حدها مني
•••
السبع سبع ولو قلَّت مخالبه
والكلب كلب ولو طوَّقتو بالذهب
لو يعلم الخمر بإن الندل يشربه
ليحلف الكرم ما عاد يطرح العنب
•••
من عاناك
٣٩ عانيه واجعل عيالك عبيده
ومن ضاداك ضاديه روحك مهش في إيده
•••
أنا معي جرح دش
٤٠ العضم والعنب
وأعز لحباب شتمني اليوم ولعن أبي
وطبيب لجراح جاني الدار والعتب
وتسأل عليه أصيل الجد ما طالبهم
وأكيد عزولي
٤١ وسط الجمع والذهب
•••
أنا اللي صرفت مالي بكفي مدبرتش للدهر حيلة
أم الفلافل تكفي اللي دراهمه قليلة
•••
الصمت بالصمت والعلم حازوه بالصمت
ومن زرعلك شوك ازرع قصاده سنط
واللي يزرعلك سنط ازرع قصاده ورد
دا الصمت بالصمت والعلم حازوه بالصمت
•••
الله يجازيك
٤٢ ياللي تصنع المعروف
مع ناس لا يعرفم واجب ولا معروف
الكل فاني وفين هو الملك معروف؟
وصبحت زي السمك في البحر ما انا راسي
وآدي البحور والجزاير لاطمت راسي
وكتير من الناس يكلمني كلام قاسي
وعملت تاجر أبيع في القبح والمعروف
كسب معايا الردي،
٤٣ وخسرت في المعروف
إنه في هذا الموال يود أن يقول إنه من خلال تجاربه العديدة ومعاملاته مع الناس،
التقى بحقيقة وهي أن من كان يظن ويعتقد أنه خيِّر اتضح أنه سيئ.
وأعتقد أن هذا الموال امتداد لوجهة النظر الدينية التي تقول: اتق شر من أحسنت
إليه.
ياللي كتبت الألف اكتبلي حداك
٤٤ عين لام
اكتب وسطَّر في الورق يشبه الخال عين لام
الحق على اللي صرف مروِّته على الأندال مات علام
٤٥
وانا اللي نفسي عزيزة وبدي أسكن الجيزة
وان خدت خد الأصيل يا قلبي لو تصرف عليه جيزة
٤٦
يونس ما حاز عزيزة
٤٧ واللي شرب المرار علام
•••
زرعت عود الأنا جنبي ولما مات
دروا الخلايق
٤٨ وجونا الناس لمامات
٤٩
يا عيني ابكي على اللي ممعهش لما مات
٥٠
شوف الرفيج الأصيل ع الود آهو ماسك
أما الخسيس الوطي ع الود موش ماسك
في الأصل دي أمي وآهو داير مع الماسك
٥١
وتنُّه ماسك كلام الزور لما مات
زرعت عود الأنا جنبي ولما مات
إن الثنائية وانقسام العالم إلى الملاك والشيطان، والخير والشر، هي بذاتها التي
صنعت الأصيل والخسيس في الموال.
ومن خلال الصراع بينهما، بين الخير والشر، والأصيل والخسيس، يحكي الموال
الأحمر.
وحتى في معتقد الجنة والنار والتناقض الكبير جدًّا بينهما يبدو هذا التقسيم أكثر
وضوحًا:
سبحان من أوقف البحر المحيط باسماه
٥٢
وخلق لنا طير يسبح في الظلام باسماه
خلق الخلايق وعارف كل شيء باسماه
الإنس والجان خلقهم عدد أنفار
والسالك اللي اشتغل قلبه السليم أنفار
بكرة تقوم القيامة ويحكم الغفار
إندهو ملوك السما هاتم فلان باسماه
•••
أبويا نهاني وقال ع الكسل بطَّال
اعمل بقرشين وحاسب من البطَّال
خالفت شوره واديني وقعت في البطَّال
أنا كنت خادم لهم بقضيلهم لوازمهم
وعملت فيهم جميل وجميلنا بتمام
وبقيت أقول لقلبي ما نقضي لدول
٥٣ لوازمهم
وكنت عندهم كمثل العسكري يحضر في كل تمام
ندهت مردوش من بعد نعم وحاضر
وبقيت مكسوف أروح يم العزول وحضر
ما راح شقانا هدر في الفارغ البطَّال
•••
كيد النسا كيد من كيدهم سرت هارب
يتحزموا بالحنش
٥٤ ويتعصبوا بالعقارب
•••
الندل لو طعم مالح ولو خصايل ذميمة
القرب منه فضايح والبعد عنه غنيمة
•••
الندل ميت وهو حي ما حد حاسب حسابه
هو كالترمس التي حضوره يشبه غيابه
•••
مسكين من يطبخ القلقاس ويريد مرق من حديده
مسكين من يصاحب الناس ويريد من لا يريده
والمربعات الأربعة السابقة من قول يُنسبون إلى «ابن عمروس»:
شيبتني يا زمن في الصبا وجنيت
والقوس منا احتنى على غير أوان وحنيت
٥٥
والخطوة معرفتشي طريق البيت
وضروسنا كانوا جماعة واتقلعوا بالبيت
والعيش أهو اتبل ولبقاش لنا نفع للبيت
والشوف منا قل ونهارك اتبدل بقى ليل
والشعر منا شاب والعضم واخر
٥٦ بان
والهِدْمة
٥٧ دابت لم عرفتلها يتك وبدن
وشل منا البدن حتى العصب وحنيت
وهو هنا كبر، وشاب، وتخلَّعت ضروسه رغم أنه ما زال في عز صباه، لكن الزمن الذي
أثقل ظهره بالهموم على غير أوان، ونفض عنه أهله وأصدقاءه الذين شبههم ﺑ «ضروسنا
كانوا جماعة واتقلعوا بالبيت».
وتبدل نهاره إلى ليل حالك مظلم، وجلبابه بلي وداب، وتاه فلم يعرف له قبة من ديل،
وأصبح محطمًا محنيًّا، عجوزًا رغم أنه ما يزال في عز صباه.
إنه هنا يتحسر على أيامه الرخيصة وبؤسه، ويلقي بكل هذا على عاتق الأيام والزمن،
فالزمن هنا هو الوضع الاقتصادي، والحاكم الظالم والفترة الزمنية المغرقة في الظلم
تلك التي عاشها.
فكل هذه الشرور التي تحالفت عليه دفعت به إلى أن ينوح، ويبكي، ويتحسر.
مللا زمان شين
٥٨ بقت عتمة كحل واحنا لسه ضهر
شيب شبابات كانوا مرد
٥٩ وحنوا الضهر
اللي معاه مال وامه جايباه م الخال
٦٠
يقدموه الرجال ويصلوا وراه الضهر
•••
راح الفقير يوم بيطلب م الغني حجاه
٦١
ضربو الغني كف قالوا اللي قاعدين حجاه
٦٢
لو كان للفقير عزوة
٦٣ تاخدلو م الغني حجاه
إلا بلا عزوة والجلسة عليه مالت
وجلسة اليوم بتضيع للفقير حجاه
ذهب الفقير يومًا ليطلب من الغني حقه فضربه بالكف، ووافقه الجالسون، وتجنَّوْا على
الفقير، ولو كان للفقير أهل وضهر أو عشيرة لكانت ردت له حقه المسلوب الذي سرقه
الإقطاعي والاحتكاري، لكن «اللي ملوش ضهر يُضرب على بطنه».
يا عين ما تبكي على اللي كان فنجري
٦٤ وهناه
وغلبو زمانه ما بين الجبال الداوية وهناه
صبح حاله شين يبكي بدمع العين ويقول
يا رب أروح فين آهي ضاقت بي هناك وهناه
٦٥
وهو هنا يشكو غلب الزمان ونكائده معه:
إذا كان بدك تريح القلب وتهدي
اترك هوى الدنيا لا تاخد منها ولا تدي
حسك تقول عمي ولا خالي ولا جدي
٦٦
دا اللي معاه مال مالك دي ومالك دي
واللي بلا مال تارك دي وتارك دي
اللي معاه مال آهو أصيل كامل
واللي بلا مال طفشوني
٦٧ وابوه هامل
ونسأل الله بس ع الختام ونعدي
وهو هنا ينكر العصبية، ويؤمن بأن «المال» هو كل شيء، و«اللي معاه مال مالك دي
ومالك دي!»
حوشوا الغنم عن عليق الجمل أكل الغنم فيه عيب
لو كان جمل في جمل مكنشي جد منه عيب
شيبتني يا زمان وانا ما كنت أستحق الشيب
وخدت مني اللي أريده ما اختشيت العيب
دانا ماشيت لمرود وابو لحية وغزير الشيب
٦٨
ما لقيت أجود من الفتى جيبي
هلبَتَّ
٦٩ عن الغنى والفقر مهوش عيب
•••
مللا زمن شين
٧٠ لما البندجي داسوه
٧١
وجابو الصدف في حرير سندسي وشالوه
ومطاوي الخشب اتهجمت ع السيوف جرحوه
حتى الحواوي في الوكر من السحالي صرخت وقالت يوه
البخل موجود وصندوق الكرم قفلوه
الخير موجود وولاد الزنا نكروه
واتمخطر الندل في الحارة وشافلو يوم
ولا افتكرشي هبا جده وجوع أبوه
•••
يا للعجب في دار بطول العمر ما فرحت يوم
ضحكت ولعبت أتاها الحزن تاني يوم
من بعد ما كنت في لمة واكيد القوم
زعق عليَّ غراب البين مخدتشي لمتي منه
واديني شفت الندل يتمخطر في الحارة وشافلو يوم
•••
عشب الجبال اتحرق من كتر أهراتي
٧٢
وعلاوي الأرض رويت من دموعاتي
ومراقد النمل أوسع من مناماتي
ومقاطع النيل أضيق من جروحاتي
يهون عليَّ دخول القبر بحياتي
ولا قعاد اللي أحبه عند خصماتي
وليس الحب في نظره هو العلاقة التي تنمو بين رجل وامرأة، بل إن الصداقة حب، والأرض
حب، والوطن حب، وهو في إطار حياته الاجتماعية يمجد الصداقة، ويطالب «رفيجه» بالكثير
فهو صديقه:
لك رب ياللي لا لك عزوة ولا عندك مال
وجرحك بالغ والطببة يعزوا المال
٧٣
قالوا ليكشي رفاجة
٧٤ يا ولد؟ أيوه ليَّا امَّال
أكتر من المية ولما وقعت فرَّطُمْ فيَّا
٧٥
وكانوا واقفين وشافوا الحمل لما مال
•••
عليل بجرحين وصفولوا الدوا تنحال
٧٦
من قوة النار آهو راقد ع الفراش لتنحال
٧٧
وآدي كلمة الدون في الجسم السليم تنحال
٧٨
ما حد جالوا من الأحباب بسلامة
ومين بقى يعول الهم غيري آني؟
يلَّا السلامة من اللي كلمته تنحال
•••
منين أجيب خل عادل
٧٩ يكون عدلي وانا عدله
يكشف على الجرح وان كان فيه خلل عدله؟
•••
آهين على سو بختي
٨٠ وانقطاع الود
وكل طير بلوفو
٨١ يلتقالو ضد
آهين على سيف ماضي من بلاد الهند
البين قالي ليكشي رفاجة؟ قلتلو كتار ياما تعد
أكتر من المية، ولما وقعت فرَّطمْ فيَّا
وف ميلة الحمل قالوا سيبوه خلي اللي وقع بيسد
إن جانبًا كبيرًا من مواويلنا وأدبنا الشعبي يأخذ شكل التحسر والشكوى؛ من
الأصدقاء، والخلَّان، والرفاقة، والحبايب خاينين الود، الذين يتخلون عن الذين
تهزمهم الدنيا والأيام، ويتعثرون ويصابون بالكوارث والأمراض، والفقر،
ويتقهقرون.
حجاه
تعا يا طبيب داويني العيا خد في جسمي السليم حجاه
٨٢
آدي مدة مع سنين وأنا راقد لما اتبرى حجاه
٨٣
تعا يا طبيب داويني وادِّيك من حق الدوا عربون
علشان يا طبيب ما يشهد بيني وبينك العربون
أحسبك طبيب زين على عشرتك هتدوم
أتاريك طبيب شين وبتاخد صاحبك ع الجنب
كشف الطبيب ع الجرح لقيه بيقلب قلب
صر الدوا وقاللي ارقد مقدرتش على حجاه
٨٤
•••
طبيب نزلت دموعي على الخدين مدامتشي
علشان رفاجه عزاز عشرتهم مدامتشي
شوف لما أتاني العيا هدمني الحيل وشبابي
وجيل الزمان دا كده جيل يزيدك قهر
الله ينعلك يا زمان ما انت تميل ع الضهر
دا البين عمل معي صدفة وطلب المهر
واندار كسر لي مهر كان ينط الحيط وشبابي
•••
خايف قول آه يطلع للعدا سري
من قلة وليف زين أشكيلو على سري
متحسبونيش يا رفاجة م العيا بطلان
أنا بقيت أتقلب على الجنبين شبيه بطلان
وعشرتي مع قليل الأصل سماني
٨٥
•••
دخلت بستان باتفرج على اللي فيه
آدي سنة حول وانا اتفرج واقول ياما فيه
لقيت طبيب زين فارش ونايم فيه
جاني طبيبي ووصفلي الدوا ف ماعون
وآدي كل ماعون ينضح يا أخي بما فيه
•••
غايبين عن العين بقالهم سنة حول مدامتشي
كنا المبالي يا طبيب وكانت طابت مجارحنا
وجتنا ليالي الهنا والسعد وفرحنا
واندار علينا الزمان زوِّد مجارحنا
كنا فرحنا يا خسارة بس ليَّام مدامتشي
•••
عوضي على الله في يوم العزم وشبابي
وكان حدايا عزم أكيدبو الخصم وشبابي
٨٦
أنا عجبي على راجل زين كان ليه مية وميت صاحب
ولما خس ماله ما عدشي ليه ولا صاحب