ما نقل من النبات من اللسان الهندي إلى العربية
لم يكن النقل من اللغات الأعجمية في عهد النهضة العربية، قاصرًا على اللغة اليونانية،
بل تعدى النقل إلى اللغتين الهندية والفارسية. قد استقدم العرب من الهند العلماء
والحكماء واستخدموهم في صناعة الطب، ونقل الكتب إلى العربية، وكان أكثرهم متقنًا للغة
الهند ولغة الفرس، فكانت الكتب تنقل تارة إلى الفارسية أولًا، ثم إلى العربية، وتارة
إلى العربية رأسًا، وكان من العلوم التي عنوا بنقلها إلى العربية: النبات، وأسماء
العقاقير والأدوية المفردة، فمن هؤلاء العلماء النقلة:
- (١) كنكه الهندي: كان حكيمًا بارعًا من متقدمي حكماء الهند وأكابرهم، وله نظر في صناعة الطب، وقوي الأدوية وطبائع المولدات، وخواص الموجودات.
- (٢) منكه الهندي: كان عالمًا بصناعة الطب، فيلسوفًا من جملة المشار إليهم في علوم الهند، متقنًا للغة الهند ولغة الفرس، وكان في أيام هارون الرشيد وسافر من الهند إلى العراق، واجتمع به وداواه، وقيل: إنه كان في جملة إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وكان ينقل من اللغة الفارسية إلى الهندية والعربية، وهو الذي نقل كتاب شاناق الهندي في السموم، خمس مقالات، فسره من اللسان الهندي إلى اللسان الفارسي، وكان المتولى نقله بالخط الفارسي رجل يعرف بأبي حاتم البلخي، فسره ليحيى بن خالد بن برمك، ثم نقل للمأمون على يد العباس بن سعيد الجوهري مولاه.
وكان جماعة من علماء الهند لهم تصانيف معروفة في صناعة الطب، وفي غيرها من العلوم،
والهند تشتغل بمؤلفات هؤلاء فيما بينهم ويقتدون بها، ويتناقلونها، وقد نقل كثير منها
إلى اللغة العربية. وقد نقل الرازي في كتابه الحاوي، وفي غيره، عن كتب جماعة من الهند
مثل كتاب سيرك الهندي، وهذا الكتاب فسره عبد الله بن علي من الفارسي إلى العربي، لأنه
نقل أولًا من الهندي إلى الفارسي، ومن كتاب سسرود، وكتاب «فيما اختلف فيه الهند والروم
في الحار والبارد»، وقوى الأدوية، وكتاب تفسير أسماء العقاقير
lnterpretatio medicamentorum بأسماء عشرة، وكتاب
أسانكر الجامع، وكتاب مختصر في العقاقير للهند Compendium de plantis
officinalis، وكتاب نوفشل فيه مائة داء ومائة دواء، وغيرها عديد من
المصنفات الهندية، فامتلأت الكتب العربية بأسماء العقاقير والأدوية المفردة الخاصة
بالهند، والتي ليست من نبات جزيرة العرب.