ما وراء تأسيس الأصول: مساهمة في نزع أقنعة التقديس
«وإذا كانت الهيمنة في الثقافة قد تحقَّقت كليًّا لذلك الخطاب الذي دشَّنه «الشافعي» (في الفقه) عند نهاية المائة الثانية، وراح «الأشعري» يكرِّس هيمنتَه (في العقيدة) بعدَ ما يربو على القرن بقليل … فإن ذلك يعني أن رصدًا لمسار التقديس وتفكيكًا لآليات إنتاجه وطرائق اشتغاله في الثقافة، لا يَقبل التحقُّق إلا من داخل هذا الخطاب لا من خارجه.»
كيف تحوَّل الإنساني إلى مقدَّس في الثقافة العربية والإسلامية؟ وكيف هيمنَت مركزية النقل على مركزية العقل؟ بل كيف تبلورَت آليات التقديس والتقليد والاتِّباع التي يعاني منها الخطاب العربي الإسلامي عبر تاريخه الطويل؟ يجيب هذا الكتاب عن هذه الأسئلة، ويحلِّل دورَ كلٍّ من «الشافعي» «والأشعري» باعتبارهما مؤسِّسَين لعِلمَي أصول الفقه، والدين، والدورَ الإبستمولوجي الحاسم الذي لعبه كلٌّ منهما في تثبيت آلية التفكير في النص القرآني وترسيخها، وما ترتَّب على ذلك من تشكيل العقل المنتِج للمعرفة، وتعامُله مع النص القرآني ليس بصفته نقطةَ بدء للوعي ينطلق منها مستوعِبًا ومتجاوِزًا إياها إلى ما بعدها، بل بصفته واقعةً نهائية يجد نفسَه في مواجَهتها غيرَ قادر إلا على تكرارها والانصياع لها، وما ينطوي على ذلك من إهدار المُمكِنات الكامنة في النص.