انفجار جبل الثلج!
تراجع «فهد» قليلًا ثم وقف خلف «أحمد» بينما بقية الشياطين ينظرون إلى تلك الكتلة البيضاء التي تتقدم خارجة من باب الفتحة … كان دبًّا ضخمًا … أبيض اللون، تبدو عليه الشراسة، ما إن تجاوز فتحة الجبل، حتى اندفع كالسهم في اتجاه الشياطين. كان الرجال الثمانية قد توقفوا ينظرون إلى ما سوف يحدث … أخرج «فهد» مسدسه ثم أطلق إبرة مخدرة في اتجاه الدب، توقف الدب قليلًا، ثم سقط على الأرض … همس «أحمد»: رائع يا فهد … ظهرت الدهشة على وجوه الرجال، وبدءوا ينزلون في حذرٍ، وتوقفت أيديهم فوق مسدساتهم المعلقة في أحزمتهم، نظر «أحمد» حواليه بطرف عينيه، ثم قال: يجب أن نتحرك لنأخذ لنا ساترًا …
انزلقت قدم أحد الرجال، فنزل زحفًا وصاح الرجال حوله … كانت هناك فتحة أسفل الجبل، تفصل نزول الرجال عن موقف الشياطين، وكانت هذه فرصةٌ يجب استغلالها … قفز «أحمد» بسرعةٍ إلى أقرب مرتفع ثلجي، وتبعه الشياطين في نفس اللحظة، رنت طلقة مرت بجوار «قيس» الذي ألقى بنفسه على الأرض الثلجية. ثم صمت كل شيء. همس «أحمد»: يجب أن نتفرق، حتى نستطيع الحركة أكثر …
اتجه «أحمد» إلى اليمين هو و«فهد» و«إلهام». واتجه «رشيد» و«قيس» إلى اليسار … كانت المجموعتان تدوران حول المرتفع الثلجي، اختفت كل مجموعةٍ عن الأخرى، وأخرج «أحمد» خنجره ثم غرزه في الثلج، وبدأ يصعد المرتفع في هدوءٍ، وبواسطة الإشارات، قال ﻟ «فهد» و«إلهام»: «انتظرا أسفل ولا تتحركا، إلا إذا دعت الحاجة» … وظل يصعد المرتفع حتى أصبح عند قمته، فرأى الرجال الثمانية يتحركون من مكانهم أسفل الجبل الثلجي. وكان اتجاههم ناحية المجموعة الأخرى التي تضم «رشيد» و«قيس»، فأرسل إليها رسالة عاجلة: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» الرجال يتَّجهون إليكما.
مرت لحظات ثم جاءته رسالة: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» إنهم أمامنا الآن.
أرسل إليهما رسالةً: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» اشتبكا معهم.
نزل بسرعةٍ، ثم دار حول المرتفع، وخلفه «إلهام» و«فهد».
شاهد الرجال يتحدَّثون، وقد أخرج أحدهم جهازًا لا سلكيًّا، ثم بدأ يتحدث، فأخرج جهازه، ووجه موجته لتلتقط الرسالة التي سيُرسلونها، وسمع نداءً: إلى مقر القيادة. هناك عصابةٌ … هل تسمعُني إلى مقر القيادة.
فكر «أحمد» بسرعة، وضغط زرًّا في الجهاز، فأحدث تشويشًا وبدأ يسمع كلماتهم، قال واحد منهم: هناك تشويش على الجهاز.
قال آخر: سوف أستخدم جهازي وأُغيِّر الموجة.
بدأ الآخر يتكلم، غير أن «أحمد» غيَّر موجة الجهاز، ثم أخي يستمع. كان يُريد أن يحدد الموجة التي يُرسل عليها الرجل، حتى يستطيع تحديد مكان القيادة … وقبل أن يُرسل الرجل إشارة مفهومة، أحدث تشويشًا على الجهاز، جعل الرجل يصرخ، ثم ضرب الجهاز في الأرض. لحظة، ثم دوَّى انفجار … رأى «أحمد» قطع الثلج تتناثر حول الرجال، ثم تلقَّى رسالة من مجموعة «رشيد»: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» لقد بدأنا الاشتباك.
ردَّ «أحمد» بسرعةٍ: لا بأس. لم يكد «أحمد» ينتهي من رسالته، حتى سمع صرخةً بجواره، نظر خلفه، كان «بروسكي» مكومًا على الأرض … قال «فهد»: لا شيء، لقد فاجأنا، وأخذ نصيبه منَّا … قال «أحمد»: يجب أن نحاصر الرجال بالقنابل ثم نتجه إلى مقر القيادة، إنه غير بعيد عن هنا، والزحافات لا تزال موجودة.
أخرجوا عددًا من القنابل، ثم أرسل رسالة إلى مجموعة «رشيد»: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» استعدَّا سوف نُلقي بالقنابل معًا، عندما أعدُّ ثلاثة تلقيان القنابل.
جاءه الردُّ: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» … عُلم.
عدَّ «أحمد»: واحد. اثنان. ثلاثة … ثم ألقوا جميعًا القنابل. دوَّى انفجارٌ قويٌّ هزَّ الصمت، وارتفعت قطع الثلوج كأنها مطرٌ أرضيٌّ … نظر «أحمد» في اتجاه الرجال، فلم يرَ أحدًا … أرسل رسالة إلى «رشيد»: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س»: سوف نلتقي عند الزحافات.
تقدم بسرعة وخلفه «إلهام» و«فهد»، وعندما نظر في اتجاه الزحافات رأى الدب الأبيض يجلس بجوارها … ابتسم وأشار إلى «فهد» و«إلهام» قالت: لو أستطيع الحصول على فرو هذا الدبِّ! … ضحك «أحمد» وقال: فرو القيادة أثمن … وأخرج «فهد» مسدَّسه ثم أطلق إبرةً مخدرةً أصابت الدب في رقبته فترنح الدب قليلًا ثم وقع على الأرض … تقدم الثلاثة في نفس اللحظة التي ظهر فيها «رشيد» و«قيس»، فركبوا الزحَّافات. كان «أحمد» يسير في المقدمة وحده وخلفه الباقون … حدَّد «أحمد» اتجاه السير عن طريق البوصلة الصغيرة التي يحملها، وظلوا يتقدمون … كانت الجبال تحيط بالطريق الثلجي، فبدا المنظر كأنه لوحة جميلة، هم جزء منها … أخرج «أحمد» جهاز اللاسلكي ووجه موجته على نفس الموجة التي كان يرسل عليها الرجال. لحظات ثم التقط الجهاز رسالة: إلى المجموعة «ب» إلى المجموعة «ب». قيادة «النجوم العشرة» تتحدث. ظهرت السعادة على وجه «أحمد»، فأوقف الزحافة، فوقفت الزحافتان الأخريان وأشار «أحمد» إلى الشياطين، فنزلوا جريًا والتفُّوا حوله، وبدأ يُترجم لهم الرسالة … كان الجهاز لا يزال يلتقط النداءات: قيادة «النجوم العشرة» تتحدث إلى المجموعة «ب» … إلى المجموعة «ب»: هل تسمعني؟ أجب. ظهرت السعادة على وجه الشياطين. قال «رشيد»: إنها فرصةٌ نادرةٌ … ظل الجهاز يرسل نداءاته … إلى المجموعة «ب» إلى المجموعة «ب» … قيادة «النجوم العشرة» تتحدث هل تسمعني؟ … أجب … فجأة انقطع الإرسال. قال «أحمد»: لا بد أنهم سوف يرسلون على الموجة الأخرى، لاتجاه آخر … ظل يدير أزرار الجهاز واحدًا وراء الآخر، فالتقط رسالة: قيادة «النجوم العشرة» تتحدث. قيادة «النجوم العشرة» تتحدث إلى المجموعة «ﻫ»، المجموعة «ﻫ» هل تسمعني؟ أجب. لحظة ثم سمع رسالة: من المجموعة «ﻫ» إلى قيادة «النجوم العشرة» … من المجموعة «ﻫ» إلى القيادة … نعم أسمعك. ردَّت القيادة: من القيادة إلى «ﻫ» اتجه إلى المجموعة «ب».
رفع الشياطين أصابعهم بعلامة النصر … ثم انطلقوا في نفس الاتجاه الذي حدَّدته البوصلة، بعد قليلٍ، أخرج جهاز الإنذار، وما إن أداره حتى لمعت اللمبة الحمراء.
قال «أحمد»: لقد اقتربنا تمامًا يجب أن نغادر الزحافات.
نزل الشياطين بسرعة، ثم بدءوا تقدمهم في اتجاه القيادة، تبعًا لعلامات جهاز الإنذار … كان أمامهم جبل ضخم من الثلج، وكانت هناك عدة طرق تلتف حوله … قال «أحمد»: سوف أتقدم أنا و«فهد» … وأنتم تسيرون خلفنا بسرعة أقل … ولتكن الرسالة هي طريق الاتصال بيننا.
تقدَّم «أحمد» و«فهد»، وانتظر بقية الشياطين قليلًا … اتجها إلى يمين الجبل، كانت اللمبة الحمراء لا تزال مُضاءةً، فحاذوا الجبل تمامًا … أرسل جهاز الإنذار صفيرًا رفيعًا رقيقًا … قال «أحمد»: إننا في المكان. واستمَرَّا في سيرهما حتى صمت جهاز الإنذار، قال «أحمد»: لقد ابتعدنا! … عاد إلى نفس المكان مرةً أخرى، فعاد الصوت الرفيع … وقف الاثنان ينظران إلى الجبل المرتفع قال «أحمد»: لا بد أن نهر «تنجوسكا» هو أحد هذه الطرق لكنه متجمِّد الآن … أرسل رسالة إلى بقية الشياطين: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» تقدموا اتجاهنا … فجأة … فُتح الجبل تحركت كتلة بيضاء في حجم باب صغير انبطح «أحمد» و«فهد» بسرعة على الأرض … ظهر رجل متقدم في السن، يلبس نظارة سوداء. همس «أحمد»: إنه «ماريوتي».
أغلق الباب خلفه … وقف «ماريوتي» ينظر حواليه لحظةً. تقدَّم «أحمد» بسرعةٍ زحفًا، وتبعه «فهد»، واقتربا تمامًا من «ماريوتي»، مشى «ماريوتي» مبتعدًا عن مكانه ثم فتح الباب مرةً أخرى، وظهر رجل آخر، كان هو «كوبناخ» نظر في اتجاه «ماريوتي»، ثم تبعه. أغلق الباب، وعاد الجبل لا يشكُّ أحد أبدًا أن بداخله شيءٌ … انضمَّ «كوبناخ» إلى «ماريوتي» … كانا يقفان على بُعد خمسين مترًا من «أحمد». قال همسًا إلى «فهد»: يجب أن يقوم الشياطين بحركة التفاف سريعةٍ.
أرسل رسالة إلى الشياطين: من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» … اتجهوا إلى الناحية الأخرى … ثم زحف هو و«فهد» حتى أصبحا بجوار الباب تمامًا، وفتح الباب في نفس اللحظة، فلم يستطيعا الحركة … ظهر رجل رفيع الجسم ما إن رآهما حتى صرخ، واختفى في الداخل.
أغلق الباب وحده … التفتَ «كوبناخ» و«ماريوتي» … الآن أصبحوا وجهًا لوجهٍ. صرخ «كوبناخ»: من أنتم؟ في نفس اللحظة كانت مجموعة «رشيد» خلف الرجلين تمامًا … أخرج «رشيد» مسدَّسه، ثم تحدث: ارفعا أيديكما وإلا أطلقتُ النار. ودون أن يلتفت أحدهما، رفعا أيديهما … تقدم «رشيد» حتى وضع مسدسه في ظهر «ماريوتي» … كان «قيس» و«إلهام» متأخِّرَين قليلًا، انتظارًا لأية حركة … قال «رشيد»: تقدَّما … قال «ماريوتي»: ماذا تريدون؟ صاح «أحمد»: سوف تَعرِف بعد قليل! لم يكد «أحمد» يقول جملته حتى فُتح الباب، فقفز الشياطين مُبتعِدين … فقد انطلقت حزم ضخمة من النيران في اتجاههم … انبطح «ماريوتي» و«كوبناخ» على الأرض، وانبطح بجوارهما «رشيد»، ودار «كوبناخ» دورةً كاملةً على الأرض، ثم ضرب «رشيد» فوقع المسدس من «رشيد» … غير أن «قيس» كان أسرع … فقد قفز قفزةً واسعةً أصبح بعدها فوق «ماريوتي» ولكنه ضربه ضربةً قويةً جعلت «ماريوتي» يصرخ، بينما كان «إلهام» قد اشتبكت مع «كوبناخ»، الذي عاجلها بضربةٍ قويةٍ … غير أنها استطاعت أن تتفادى اصطدام رأسها بالأرض.
خرج الجميع من باب الجبل، وصاح «أحمد»، دفعة واحدة توالت القنابل اللاصقة على الجبل، ثم بدأت الانفجارات … كان «كوبناخ» قد اختفى … زحف «أحمد» بسرعة مع «رشيد» وتبعه «فهد»، أصبح الشياطين مجموعة واحدة تخرج من باب الجبل غريبة … قال «أحمد»: إنهم يستخدمون النيران حتى يجري النهر … فجأة … بدأت الثلوج تذوب تحت أقدامهم، فصاح «قيس» إننا فوق نهر «تنجوسكا» … فقفزوا مبتعدين عن مجرى المياه التي اندفعت كالشلال وتساءل «أحمد»: أين «ماريوتي»؟ أشار «رشيد» إلى يمينه وقال: ها هو خلفي على الأرض … قال «أحمد»: إذن لقد اختفى «كوبناخ» … لا يهمُّ … الآن يجب تفجير الجبل …
زحف الشياطين متشبِّثين بخناجرهم في الثلوج، حتى اقتربوا من باب الجبل، الذي كانت النيران لا تزال تخرج منه. قال «أحمد»: دفعتان متتاليتان.
أخرج الشياطين قنابل شديدة الانفجار، ومع عد «أحمد» واحد. اثنان. ثلاثة، ألقوا قنابلهم داخل باب الجبل … ثم بدءوا يُجهِّزون مجموعة أخرى، ومع انتهاء العد ألقوا القنابل. لحظةً، ثم سُمع دويٌّ هائلٌ، فألقوا أنفسهم في النهر الذي كان مندفعًا في سرعةٍ رهيبةٍ، فنقلهم التيار بعيدًا … غير أنهم بعد لحظة استخدموا خناجرهم، وبدءوا يصلون إلى ضفة النهر، حتى خرجوا منه ووقفوا ينظرون في اتجاه الجبل. لقد اختفى تمامًا، وظهرت كتلةٌ سوداء، مشتعلةٌ … قال «أحمد»: إنه مقر «النجوم العشرة». وتقدموا في بطءٍ فرأوا «كوبناخ» مُلقًى على الأرض في حالة إغماءٍ، وأبصروا مجموعات من الرجال تخرج مشتعلة من الجبل، الذي ذاب.
كان المنظر غريبًا تمامًا … كانت عبارة عن كتلة سوداء مستقلة، وسط الثلوج البيضاء. أرسل «أحمد» رسالة إلى رقم «صفر»: من «ش. ك. س» إلى رقم «صفر» … لقد تمت المهمة، تحت أيدينا الآن «كوبناخ»، والمقر القيادي لا يزال مشتعلًا.
ردَّ رقم «صفر» سريعًا: من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س» … البوليس الدولي في الطريق إليكم … تحياتي.
وقف الشياطين يرقبون المنظر المثير … ولم تمضِ لحظاتٌ حتى ظهرت طائرتان تحومان حول المكان.
رفع الشياطين أيديهم علامة النصر … فلقد انتهت المهمة.