الصورة الممزقة (٢)
(الجزء الأخير من الحلقة السابقة.)
سعاد تقف وحدها أمام المرآة في عنبر النوم في المدرسة الداخلية. يظهر صدرها وكتفاها وقد ارتدَت فستان حشمة مغلقًا من أمام بأزرار حتى أسفل الرقبة.
صورةٌ مكبَّرة لكتفَيها وصدرها. صورة مكبَّرة ليدها وهي ترتفع من جوارها وتمتدُّ مرتعشة وتفكُّ بعض أزرار صدر الفستان وتُخرج كتفًا من كتفَيها، وتتأمَّلها. تظهر أمامها مرةً أخرى صورة الضابطة والشاب يحوطُها بذراعَيه ويقبِّلها من شفتَيها قبلةً طويلة.
تظهر صورةٌ مكبَّرة لأصابعها وهي ترتعش وتلمس كتفها العاري.
يظهر وجه سعاد وهي تنتبه إلى نفسها فتُغلِق أزرار الفستان وتقف أمام المرآة تفكِّر. في عينيها نظرة قوةٍ وتحدٍّ!
تدخُل الناظرة إلى العنبر. تهدأ البناتُ فجأة. تتجه الناظرة إلى سعاد في صرامة وتعطيها ورقةً مطوية (خطابًا). تنظر الناظرة إلى البنات ثم تستدير وتخرج من العنبر.
سعاد تفتح الورقة وتقرؤها بسرعة ثم تصرخ بصوتٍ عالٍ.
صوت الراوية:
لماذا كنتُ أخجل من مظاهر أنوثتي؟ لم أكن أدري. لكني كنت كلما نظرت إلى نفسي وأتأملها أكثر وأكثر أجد في أعماقي شيئًا يشبه البنات، وأجد في قلبي حنينًا إلى الحب يشبه حنينهن!
وكأنما اكتشفتُ داخل نفسي واحدةً أخرى غيري! سعاد أخرى غير تلك التي تقف أمام المرآة وتشبه البنات وتَحِن إلى الرجل!
لا! لن أكون كالفتيات! لن أومن بشيء اسمه رجل!
لن أستقبل أنوثتي! سأثور عليها!
سأحطِّمها!
لن أعيش حياة أمي! لن أتزوج!
سأصنع في حياتي حياةً كبيرة لم تعِشْها امرأةٌ من قبلي!
(زغرودة عالية.)
صورة مكبَّرة لفمٍ مكبَّر يزغرد.
تظهر الصالة في بيت أُسرة سعاد.
شبه حفلة في بيت أُسرة سعاد. الأم تجلس وسط الضيوف. الأخ جالس وتوفيق ابن عمتها العريس جالس (شاب نحيل عادي) والأب جالس. الدادة أم علي تروح وتجيء. الكل مشغول بالضيوف. صخب. حركة. صخب. زغاريد.
حجرة نوم سعاد. سعاد على سريرها تبكي. ترفع وجهها من فوق الوسادة. يبدو على وجهها الإصرار والغضب. الدادة تدخل. تتحدث معها وتلاطفها. سعاد تهز رأسها ويديها في ثورة وغضب. الدادة تخرج.
يدخل الأب. يُحاوِل إقناع سعاد. سعاد ترفض. تُحاوِل أن تُقنِعه برأيها. تثور. وتبكي.
الأب يربتُ عليها في حنان. الأم تدخُل. تُحاوِل إقناع سعاد بالشدة بالخروج لمقابلة العريس.
سعاد ترفض بشدة.
الأم تثور أيضًا.
الأب يأخذ الأم من يدَيها ويخرجان إلى الصالة. يبتعدان عن صخب الضيوف ويقفان يتكلَّمان.
بتكرهه! مش بتحبه؟
(الدادة ترى الأب والأم يتكلمان.)
(فتدخل مسرعة تُطمئِن سعاد.)
(سعاد تقف على باب حجرتها تتسمَّع كلامهما. تقف معها الدادة تسمع أيضًا.)
(يظهر وجه سعاد متهللًا وكذلك الدادة.)
(يظهر وجه العريس توفيق وهو جالس. وجه نحيل غبي.)
(تبدو عليه البلادة.)
(سعاد تقفز من الفرح في حجرتها وتبتسم في سعادة.)
(الأم تنظر ناحية توفيق.)
(الأب يقفز ناحية توفيق. توفيق يقف. الأب يمسكه من يده ويأخذه إلى حجرةٍ جانبية.)
(الأب يمسكه من يده. ويأخذه إلى حجرةٍ جانبية.)
تظهر جموع الطلبة والطلبات وهم يحملون حقائبهم ويسيرون في شارع الجامعة متجهين نحو الجامعة.
سعاد (بدون ضفائر وقد قصَّت شعرها وبدت فتاةً ناضجة).
تسير في شارع الجامعة بنشاطٍ متجهةً نحو الجامعة.
صوت الراوية:
فرحتُ بحياتي الجديدة في الجامعة. شعرتُ أنني أخرج من عالمي الضيِّق الحدود إلى عالمٍ واسع كبير.
يظهر على باب الجامعة بعض ضباط البوليس والجنود وهم يفتِّشون الطلبة وينظرون في بطاقاتهم وكارنيهاتهم. الضابط ينظر في كارنيه سعاد ويُقارِنه بين وجهها وبين صورتها في الكارنيه.
(سعاد تنظر إليه شذرًا، ثم تدخل الجامعة.)
ومنظر هؤلاء الجنود الذين يحيطون بالجامعة وكأنها سجنٌ حربي عتيد. وأحببتُ العلوم. وبدأت افتح عيني على عالم كبير ليس له حدود. عالم الطب. ذلك العلم الغريب. الذي يجمع بين الرحمة والقسوة. بين الراحة والعذاب. بين الابتسام والأنين.(تظهر سعاد وهي تجلس في المدرج وسط الطلبة منتبهة للمحاضر جدًّا. صورةٌ مكبَّرة لسعاد وهي تجلس تكتُب باهتمامٍ وإلى جوارها شابٌّ يختلس النظر إليها وهي لا تشعُر به.)
(صورةٌ مكبَّرة لوجه سعاد وهي تُشرِّح ضفدعة، ثم يظهر وجهها ويبدو عليها الاهتمام والتألُّم.)
كان عقلي يفكِّر لكن قلبي كان يتألَّم لكل قطعٍ أضعُه بمشرطي، ولكل أنَّة مريضٍ تصل إلى أذني.(تظهر سعاد وهي تجلس إلى جوار هيكلٍ بشري كامل معلَّق على حاملٍ تتحسَّسه بأصابعها.)
كنتُ أفكِّر. وكنتُ أتألم.وكنتُ من خلال أفكاري وآلامي أُحسُّ أنني أكبر وأكبر وأكبر.
ومرَّت السنوات وأنا أعيش في عالم الطب العميق، وحولي رجال، رجال كثيرون يجلسون إلى جواري ويتحدَّثون إليَّ. لكني لم أكن أشعر أنهم رجال. لماذا؟ لم أكن أدري.
(صورةٌ مكبَّرة ليدَي سعاد وهي تُمسِك بالسمَّاعة وتضعُها على صدرِ مريض. يظهر من حولها الطلبة والطالبات والأستاذ في درسٍ على أحد المرضى بالمستشفى. يبدو على وجه سعاد الألم.)
(صورةٌ مكبَّرة للطالبات وكلهن يلبسن الكعوب العالية. صورةٌ مكبَّرة لحذاء سعاد المنخفض.)
(صورةٌ مكبَّرة لأقدام الطالبات بالكعوب العالية وهن يمشين في استرخاء ودلال. قدَما سعاد تمشيان بسرعة في نشاط واستقامة.)
لم أقف مرةً واحدة أمام المرآة لأتطلَّع إلى سعاد الأخرى الكامنة في أعماقي. لم أدرِ لماذا. ولم أفكِّر في أن أسأل نفسي لماذا.يظهر مدرج من مدرجات كلية الطب. الطلبة والطالبات جالسون يستمعون.
مكتوب على السبورة اسم محمود زكي زعيم الطلبة. محمود (البطل) يقف مكان الأستاذ على المنصة يتكلَّم. طالب يمر على الطلبة والطالبات يوزِّع مجلة اسمها «الأبطال».
سعاد تفتح المجلة وتقرأ اسم محمود زكي — رئيس التحرير. سعاد تقلِّب المجلة ثم تنظر إلى محمود وهو يتكلم. وتستمع في اهتمام إلى محمود.
محمود ينتهي من كلمته. الكل يصفِّق له في إعجاب وحماس. سعاد تصفِّق أيضًا.
محمود ينظر من فوق المنصة بين تصفيق الطلبة ويتجه نحو مقعده في المدرَّج.
يمُر بسعاد وهو يصعد سلالم المدرَّج. عيناهما تلتقيان أولًا.
موسيقى مناسبة.
صورةٌ مكبَّرة لعينَي محمود تنظران إليها في دهشة. محمود يقف أمامها لحظة. ثم يسير مرةً أخرى متجهًا إلى مقعده في آخر صف المدرَّج إلى جوار زميله سعد.
سعد يلتفت.
(محمود يشير ناحية سعاد.)
(الطلبة والطالبات يخرجون من المدرج تدريجيًّا.)
(يظهر وجه سعاد وهي تجلس منهمكة. صورةٌ مكبَّرة لعينَيها.)
(المدرَّج أصبح خاليًا إلا من محمود وسعد.)
(محمود يضرب كفًّا بكف.)
(سعد يأخذ حافظة كتبه ويقف.)
(سعد يخرج من المدرج.)
(محمود يجلس وحده شاردًا. يقف وينزل سلالم المدرج. يصل السبورة. يرى اسمه مكتوبًا عليها. محمود زكي زعيم الطلبة. يتأمل اسمه لحظة. ينظر إلى الأرض. يرى نسخة من مجلة الأبطال على الأرض ويلتقطها من فوق الأرض، وينفض عنها التراب. يفتحها على المقال الذي باسمه. محمود زكي. يبتسم لنفسه في هدوء. يضع المجلة على منضدة الأستاذ. ويهمُّ بالخروج من المدرَّج. تدخل سعاد فجأة. ترى محمود فتقف مندهشةً لحظة.)
(سعاد تجلس. محمود يقف بجوارها.)
(لحظة صمت.)
(محمود ينظر في عينَيها طويلًا.)
(يدخل الطلبة والطلبات لحضور محاضرة الرمد مندفعين. يدخل الأستاذ. محمود يخرُج من المدرج. الطلبة والطالبات يفتحون الكشاكيل ويمسكون الأقلام وينتبهون إلى الأستاذ.)
(الأستاذ يُمسِك بقطعة من الطباشیر بأطراف أصابعه ويستدير إلى السبورة. يرى اسم محمود زكي مكتوبًا عليها. فينظر إليه شزْرًا ثم يمسحه وينفخ في اشمئزاز الطباشير من يده وبدلته. يكتب على السبورة موضوع المحاضرة باللغة الإنجليزية.)
(ويضع على المكتب الذي أمامه عين إنسان مكبرة من الجبس.)
(يُخرج من جيبه ورقة ويبدأ يقرأ منها. الطلبة والطالبات يكتبون. سعاد تجلس شاردة. عيناها تتعلقان باسم محمود زكي المطبوع في المجلة التي في يدها. تحاول أن تقرأ بعض السطور من مقاله. تنظر إلى الأستاذ، ثم إلى العين التي على المكتب أمامه. تظهر عينا محمود مكان العين الحجرية. تنظر إلى الأستاذ. يظهر محمود واقفًا أمامها مكانه يخطب والطلبة يصفِّقون له. سعاد تتنبه إلى نفسها فيظهر الأستاذ أمامها يقرأ المحاضرة. تمسك القلم وتنهمك كالطلبة في كتابة المحاضرة.)
حجرة نوم محمود في بيته. الحجرة تحتوي على مكتب أيضًا. في الحجرة المجاورة له يُسمع صوت ماكينة خياطة تدور. محمود يجلس على مكتبه وأمامه عددٌ كبير من المجلات والأوراق والأقلام.
أمامه مجلة الأبطال وقد فتح الصفحة عند المقال الذي يُذيَّل بإمضاء.
محمود زكي.
محمود يقرأ اسمه وينظر إليه بإمعان. يكتب بجوار كلمة محمود زكي كلمة دكتور، ثم يشطبها، ثم يكتبها.
يكتب كلمة سعاد.
تظهر قدما امرأة وهي تحرِّك ماكينة خياطة. ثم تظهر أم محمود وهي تشتغل على ماكينة الخياطة وإلى جوارها تجلس أخت محمود (عزيزة) الخرساء. تشتغل بالإبرة بعض الخياطات.
الأم تتوقَّف لحظة عن الخياطة وتفكِّر وتضع رأسها بين يديها من التعب والإرهاق، ثم تقف وتسير إلى حجرة محمود.
تدخل الأم فتجد محمود جالسًا على المكتب وأمامه المجلات.
الأم تتنهَّد من الحسرة.
(تدخل الأخت الخرساء وتضع فنجان الشاي على مكتب محمود. يظهر وجهها وهي تنظر إليه في حب وعطف. محمود يبتسم لها ويشكرها بإشارة بأن يضع يده على صدره وينحني في تحية باسمًا.)
(وجه الأخت الخرساء يبدو سعيدًا وتردُّ عليه التحية برأسها ويديها.)
(وجه الأخت الخرساء يظهر وكأنها تفهم الكلام. يبدو على ملامحها الألم والحزن.)
(محمود يكتب على الورقة التي يكتب فيها دون أن يرفع رأسه.)
(وجه عزيزة يبدو متألمًا. وتقوم وتعطي محمود كوب الشاي. محمود يأخذ ويشرب منه رشفه ثم يضعه.)
(محمود يبدو على وجهه الغضب والألم.)
(الأخت يبدو عليها الألم الشديد والدموع تظهر في عينيها.)
(محمود يقفز ثائرًا والأخت تقف إلى جواره وتربت عليه في حنان.)
(عزيزة تربتُ على أخيها في حنان والدموع في عينها. محمود تهدأ ثورته قليلًا. يضع يده على كتفها في حنان ويربتُ عليها.)
(الأم تنظر إليها وتخرج من الحجرة وهي تمسح دموعها في صمت. يبدو أن الأم تعرُج قليلًا من فَرْط الإعياء والتعب.)
(محمود يُمسِك أخته الخرساء من ذراعها ويبدو على وجهه الصرامة والجدية.)
(وجه عزيزة يبدو وهي تنصت إليه ولا تسمعه ولكنها تحاول أن تفهم وتحاول أن تعبِّر بعينها أنها تفهم. الدموع في عينها مُرة.)
(والفرحة في عينها مُرة.)
(والألم في عينها مُر.)
أنا يا عزيزة مش خايب زي ما ماما بتقول. وعبد العال ابن عمتي ما يملاش عیني مهما طلع ومهما نزل. كل الكلية بتقول اني زعيم الطلبة، وكل الطلبة عارفين إني بطل. حتى سعاد. شوفت في عينها نفسي. شوفت في عينها صورتي الحقيقية اللي عاوز اکونها.(تتابع كلام محمود بتعبيرات وجهها. وتربت عليه في حنان.)
(ومحمود حين ينطق بكلمة سعاد عيناه تشردان بعيدًا عن أخته في تفكير وحب.)
(في ألم وأسًى): لكن. لكن أمي! عمري ما حسيت انها بتثق فيَّ!(يمسك رأسه بين يدَيه في ألم وأخته تواسيه. وقد أخذ صوته يضعُف حتى أصبح كالبكاء.)
(يرفع رأسه في أمل وصوتُه يقوى قليلًا.)
عمري ما حسيت انها مؤمنة بي! مع إني حاسس اني أحسن من أي واحد!سعاد! سعاد الإنسانة الوحيدة اللي شافت حقيقتي … اللي حاسة أنا إيه؟ عينيها قالتلي كده! عينيها الحلوة!
(يبتسم لنفسه في سعادة وحب.)
(عزيزة أيضًا تبتسم في أمل له.)
(يكلِّم أخته) عزيزة! حبيبتي! خليكي واثقة فيَّ وخليکي حاسة بي!أنا اللي؟! وانتي اللي لي!
(أخته يبدو عليها الفهم وتشير برأسها دليل الموافقة، ثم تعانقه في حب وحنان. يعانقها في حب وحنان. يعانقها.)
يا حبيبتي يا عزيزة لو كنت بتسمعي! آه لو كنت بتسمعيني!(الدموع في عينَيه وعينَيها تظهر.)
سعاد تجلس على مكتبها في حجرة نومها وأمامها كتاب الطب وعظام لرجل إنسان. سعاد شاردة لا تنظر في الكتاب سارحة.
الدنيا ليل وإلى جوارها نور مكتب.
الدادة تدخل ومعها فنجان ينسون.
(الدادة تضع الفنجان على المكتب فترى عظام الإنسان.)
(تظهر العظام مكبَّرة إلى درجة أن الدادة تنظر إليها فزعًا. الدادة تتراجع إلى الوراء في ذعر وهي تبصُق في عبِّها.)
(سعاد تضحك.)
(سعاد يبدو عليها التفكير وتنظر إلى العظام في تألُّم.)
(الدادة تجري وتخرج من الحجرة.)
(سعاد تضحك.)
(تتوقف سعاد عن الضحك. وتنظر أمامها شاردة.)
تظهر صورة محمود أمامها وهو يقف في المدرَّج يخطب في الطلبة. الطلبة يصفِّقون له.
تظهر عينا محمود مكبَّرتَين وهما تنظران إليها.
تظهر سعاد وهي شاردة تفكِّر. تغلق الكتاب. تضع العظام في الدرج. وتطفئ نور المصباح.
تقوم وتذهب إلى السرير وتحاول النوم لا تستطيع. تنظر إلى سقف الحجرة وهي تفكِّر. تنظر إلى جسدها ونهدَيها وهي مستلقية على السرير.
صورةٌ مكبَّرة ليدَيها وهي ترتفع بحذر وخوف وتُحاول أن تتحسس كتفها وصدرها. ترتعش اليد ثم تعود إلى جوارها مرةً أخرى.
صورةٌ مكبَّرة لوجه سعاد المضطرب.
صورةٌ مكبَّرة لساقَيها وهي طفلة مضمومتَين والفستان يرتفع عن الركبة قليلًا. ويد أمها وهي تشُد الفستان لتغطِّي الركبة.
سعاد تُمسك اللحاف وتُغطي جسمها وتُخفي رأسها.
تمتد يدها من تحت اللحاف وتطفئ النور الذي بجوار السرير.
مشهد لشجرة كافور كبيرة تحتها منضدة وكرسيان. المكان يمثِّل أرض الملاعب في كلية الطب، محمود يجلس على أحد الكرسيَّين وأمامه بعض الأوراق، يكتب في انهماك.
من بعيد يظهر ملعب التنس وسعاد تلعب أمام أحد الزملاء مرتدية بنطلونًا طويلًا.
صورةٌ مكبَّرة لها وهي تلعب.
المباراة تنتهي، سعاد تنتصر وتصافح زميلها. الطلبة يصفِّقون لها.
سعاد تغيِّر ملابسها وتتجه ناحية شجرة الكافور.
ناحية محمود وهو جالس.
محمود يقف ويصافح سعاد.
صورةٌ مكبَّرة لأيديهما وهي متلامسة في أول مصافحةٍ بينهما.
موسيقى مناسبة.
صورةٌ مكبَّرة لوجه سعاد ووجه محمود وهما ينظران إلى بعض.
سعاد تجلس إلى جواره. ومحمود يجلس.
(لحظة صمت.)
(سعاد يبدو عليها الخجل بعض الشيء.)
(محمود صامتٌ شارد.)
(ينهضان ويمشيان متجاورَين في أرض الملاعب.)
(سعاد تنظر إليه وتبتسم. هو يبتسم لها أيضًا.)
(سعاد تومئ برأسها دليلًا على الموافقة.)
(سعاد تومئ برأسها دليلًا على الموافقة.)
(محمود يصمت وينظر في عينَيها.)
(سعاد صامتة.)
(محمود يقف. وسعاد تقف.)
(سعاد تمشي ويمشي إلى جوارها محمود.)
(سعاد تقف ومحمود يقف أمامها.)
(سعاد تجلس. ومحمود يجلس في نفس المكان السابق تحت شجرة الكافور. لحظة صمت وتفكير.)
(ينظر إليها في حب.)
(يُحاول أن يُمسِك يدها. سعاد تتردَّد لحظة في أن تُعطيه يدَها. لكنه يأخذ يدَيها ويُمسِكها بحنان.)
(لحظات صمت.)
(صورةٌ مكبَّرة لوجه سعاد المُضطرِب.)
(سعاد تُطرِق وتسكُت.)
كنت بدوَّر عليکي يا سعاد بين كل الناس. ليل ونهار بدور عليکي. يا تری يا سعاد إنتي بتحبيني؟
(سعاد صامتة. لا ترُد. مُطرِقة.)
(الدموع تظهر في عينَي سعاد من شدة التأثُّر. محمود ينظر إليها ويأخذ يدها ويقفان معًا متجاورَين.)
(صورةٌ مكبَّرة لقدمَيها ورجلَيها وهما واقفان متجاوران.)
(موسيقى تانجو هادئة (كومبارسيتا).)
(تتحرك قدمها شيئًا فشيئًا على نغمات الموسيقى. يرقصان التانجو معًا.)
يظهر أنهما لا يرقصان وحدهما وإنما وسط رجال ونساءٍ كثيرين. في صالة منزل سعاد مشهد لحفل خطوبة سعاد ومحمود. أبو سعاد جالس بين الزوار يتكلم. أم سعاد ترحب بالضيوف. الدادة توزع الشربات. أم محمود تجلس وأخته الخرساء. يبدو عليها الفرح.
الموسيقى. والرقص. الصخب والزغاريد.
الأم تجلس بجوار الأب.
(تظهر سعاد ومحمود وهما يرقصان ويضحكان معًا.)
(تظهر قدما سعاد وقدما محمود وهما يرقصان بنشاط وحماس وقد أصبحت الموسيقى سريعة (فالس).)
طول عمرها كده حتى وهي لسَّة في اللفَّة!
(يظهر محمود وسعاد يرقصان، ثم يخرجان إلى الشرفة وحدهما.)
يقف محمود وسعاد في الشرفة ينظر في عينها وهي تنظر في عينه. يعانقها قبلة طويلة وقوية.
(يعانقها مرة أخرى.)
(الدادة تدخل في خوف.)
(محمود وسعاد ينظران إليها بدهشة.)
(موسيقى مناسبة تنمُّ عن المفاجأة والفزع.)
(محمود يغادر الشرفة بسرعة وسعاد وراءه والدادة من ورائهما.)
(موسيقى مناسبة.)