الصورة الممزقة (٤)

محمود راقد على سريره في المعتقل.

وسعد راقد على سريره غارق في النوم.

محمود يهذي بكلمة سعاد.

سعاد!

تظهر سعاد على باب الغرفة ومعها الحارس. الحارس يتركها وينصرف.

سعاد تنظر إلى محمود والدموع في عينيها والألم. تقترب من الباب وتمسك حديد الباب بيدَيها.

(محمود يهبُّ من نومه واقفًا مذعورًا لحظة ثم يجري إليها ويمسك يدَيها من الباب.)

(محمود يقبِّل يدها في حب وشوق.)

(يقبِّل يدَيها الاثنتَين. سعاد تضع وجهها بين كفَّيه وتبكي.)

(يهدآن. سعاد تنظر إلى زميله النائم.)

(تنظر إليه في ألم.)

(محمود يومئ برأسه دليل الإيجاب.)

(سعاد تنظر إلى محمود والدموع في عينَيها. محمود يمسك يدَيها في حب وحنان.)

(يتبادلان النظرات في حب.)

(يقبِّل يديها الاثنتَين.)

(تسمع أقدام الحارس تقترب.)

(محمود وسعاد يصمتان.)

(محمود يمسك يدَيها في قوة وعنف.)

(سعاد تمسك يدَي محمود في يدَيها وتنظر إليه في حب.)

(تبكي وتضع وجهها بين كفَّيه.)

(محمود يقبِّل رأسها وشعرها.)

(سعاد ترفع وجهها الدامع الحزين.)

(محمود ينظر إليها في ألم.)

(يقبِّل يدها. تنظر إليه؟. تتركه وتبتعد عن باب الحجرة وهي تتلفَّت وراءها إليه والدموع في عينَيهما.)

حجرة مكتب مدير المعتقل. ضابط بوليس برتبته لواء يجلس على مكتبه الفخم في كبرياء. يقف أمامه شاب يبدو أنه طالب جامعي. بين اثنين من الجنود. أمام اللواء على مكتبه بعض منشورات. اللواء يمسك بأحد المنشورات في غضب.

(الطالب ينظر إليه نظرة حقد وغضب شديدَين. الجنديان يشدان الطالب خارج الحجرة.)

(يدخل شرطي يؤدي التحية للواء.)

(تدخل سعاد في كبرياء وتجلس.)

(اللواء يضرب جرسًا. يدخل الشرطي. يؤدي التحية).

(سعاد تقف كالنمرة الناثرة. تنظر إلى الوراء في احتقار.)

(اللواء يصفع سعاد على وجهها صفعةً قوية يُسمع لها دوِي).

(موسيقى تصويرية تصور الثورة والرغبة في الانطلاق.)

(يُسمع في نفس اللحظة دويٌّ في الخارج يشير إلى انفجارٍ شديد.)

(تعقبه أصوات مدافع وأصوات ناس تهلل وتصفق في حماسٍ عجيب. سعاد تجري نحو الباب.)

(يبدو وجهها مكبرًا يعبِّر عن الدهشة والأمل.)

باب المعتقل وهو يفتح على مصراعيه. باب حجرة محمود يفتح. الحارس يفسح الطريق لمحمود.

محمود يقف على عتبة الغرفة بملابس الحرب البالية القديمة وعلى كتفه حقيبة الحرب. يلتفت خلفه إلى الغرفة في ألم وحزن كمن يفتقد شيئًا عزيزًا.

يخرج من الغرفة في خطواتٍ واهنة حزينة. يُطرِق إلى الأرض وهو يمشي في أسًى وقد طال شعر ذقته.

محمود يُطرِق باب بيته. أخته الخرساء تفتح. تعانقه الأخت وهي تبكي وتعبِّر له بالإشارات عن فرحتها.

صورة مكبَّرة لوجه الأخت الخرساء وهو يعبِّر عن معاني الفرح والألم.

تظهر الأم. صورة مكبَّرة لوجهها معبِّرًا عن الفرحة مختنقة بالدموع.

(تعانق محمود. محمود يعانقها في حب وشوق. الأم تبكي وتتحسسه في لهفة وحب خشية أن يكون مصابًا بشيء.)

(محمود يدخل إلى حجرته. الأخت تجري وتفتح دولابه وتُحضر له غيارًا نظيفًا.)

(محمود يخلع ملابسه ويرتدي قميصًا نظيفًا وبنطلونًا نظيفًا. الأخت ترقبه وترتب دولابه. محمود يجلس على مكتبه ويكتب ويمسك الورق والقلم.)

(الأم تأخذ عزيزة وتخرج.)

(محمود يكتب على الورقة بعض الخطوط والمثلثات. يكتب كلمة.)

(بطل. حرب. خونة. لصوص. قتلة.)

(بطل. حرب. خونة. لصوص. قتلة.)

(يضع القلم في إعياء. يتصبب العرق من جبهته.)

(يمسك القلم ثانيًا. يكتب محمود زكي، يكتب أمام محمود):

(دكتور محمود زكي.)

(كلمة دكتور ثم يشطبها. يكتب سعاد. يكتب كلمة دكتورة.)

(سعاد. دكتورة سعاد.)

(يضع القلم. يمسك رأسه بيدَيه في إعياءٍ شديد.)

(يمزِّق الورق في اضطراب. يقف يمشي في الحجرة قلقًا.)

(ينظر في مرآة دولابه. يرى وجهه الناحل وشعره المنكوش ودقنه الطويلة.)

(يدور في الحجرة كالمجنون. يفتح أدراج المكتب كلها ويبحث عن شيء.)

(يبحث في الدولاب أيضًا. يقلب السرير. العرق يتصبب من وجهه.)

(يخرج مندفعًا من باب حجرته.)

(يدخل على أمه وهي تجلس على الماكينة وبجوارها أخته.)

(الأم تنظر إليه في قلق. وتبحث في جيوبها عن نقود.)

(الأخت أيضًا تبحث في جيوبها. الأم تناوله جنيهًا.)

(محمود يأخذ النقود ويسرع إلى الباب مهرولًا. الأم والأخت تنظران إليه.)

(الأم تعود وتجلس على الماكينة في إعياء. الأخت تجلس إلى جوارها وتضع يدَيها على خدها.)

(الأم تمسح دموعها. والأخت تسمح دموعها في حزن.)

محمود يدخل حجرته بسرعة. يغلق الباب من خلفه. يجلس على مكتبه. يفتح علبة الحقن. يعطي لنفسه حقنة في ذراعه الأيسر. يغمض عينَيه لحظة. يتصبَّب العرق من جبهته. يفتح عينَيه. ويبتسم. يعبس. ينظر لنفسه في المرآة. يعود إلى المكتب. يمسك الورقة والقلم. ويرسم طبيبًا بسماعة في أذنيه. يكشف على مريضٍ عريان فقير راكعًا على الأرض.

تُجهَّز رسومٌ كاريكاترية تظهر كأنها من رسم يده.

سعاد. دكتورة سعاد.

يرسم قتيلًا بملابس الحرب يُحتضر. يرسم سجينًا في المعتقل. يرسم وجه أمه. يرسم أخته الخرساء. يمزق الورق. ويكتب اسم سعاد. دكتورة. يكتب محمود. دكتور. ثم يشطبه.

محمود. دكتور.

أمه تطرق الباب.

(أمه تدخل.)

(محمود يواصل رسوماته وكتاباته.)

(تدخل الأخت يبدو على وجهها القلق أيضًا.)

(معها صينية عليها بعض الأطباق تضعها. محمود يشكرها برأسه ثم ينظر إلى أمه ويكلمها. ويأخذ فنجان الشاي ويشرب.)

(محمود يفتح ذراعيه على آخرهما.)

(الأخت تنظر إليه باهتمام.)

(يظهر وجه الأخت معبرًا عن كلام الأم.)

(الأم والأخت يتبادلان النظرات الحزينة. الأم تربت على محمود في حنان.)

(الأم تمسك محمود من ذراعه. محمود يقوم من جلسته إلى مكتبه ويضع الأوراق في الدرج.)

(الأخت الخرساء توصله إلى الباب وهي تلاطفه. تسأله بالإشارات إذا كان يريد نقودًا. تضع يدها في صدرها وتعطيه بعض النقود.)

الدكتورة سعاد وهي ترتدي البالطو الأبيض وتعلق السماعة في رقبتها. تمر مع الحكيمة والممرضة على المرضى بعنبر من عنابر المستشفى. تكشف على مريض. تغير جرح مريض. تواسي مريضًا … إلخ.

عمل متواصل في العنبر. تدخل حجرة العمليات.

تساعد أستاذًا لها في عملية جراحية، ثم تخلع الكمامة عن أنفها وفمها. وتخلع البالطو، وتخرج من المستشفى.

تتمشى قليلًا في فناء المستشفى.

تسوقها قدمها إلى أرض ملاعب كلية الطب المجاورة للمستشفى. تقف تشاهد مباراة بين طالب وطالبة.

تتذكَّر نفسها منذ كانت طالبة. تتذكر محمود.

تُخرج صورته من جيبها وتنظر إليها والدموع في عينَيها.

تنظر ناحية شجرة الكافور المعهودة. ترى محمود جالسًا تحتها. يظهر وجهها مكبرًا معبرًا عن الدهشة والفرحة. تتسمر لحظة في مكانها ثم تجري نحوه في سعادة.

(يعانقها ويقبِّل يدَيها في شوق.)

(الدموع تملأ عينَيها في سعادة.)

(محمود يقف إلى جوارها شاردًا جامدًا كالتمثال.)

(سعاد تنظر إليه في دهشة وتتأمل عينَيه قليلًا.)

(محمود يشيح بوجهه بعيدًا عنها.)

(سعاد تقترب منه.)

(محمود ينظر في عينَيها طويلًا.)

(تمر لحظةُ صمتٍ طويلة.)

(محمود يهز رأسه بالنفي.)

(سعاد تتأمله في دهشة.)

(يمسك رأسه بيده.)

(وجه سعاد مُكبَّرًا بالدموع والألم.)

(محمود يرفع رأسه.)

(محمود يكشف عن ذراعه الأيسر.)

(موسيقى عنيفةٌ مناسبة.)

(يظهر ذراعه وقد انتشر على جلده نقطٌ سوداء من جرَّاء الحقن الكثيرة التي أدمن عليها.)

(موسيقى مناسبة تصوِّر الفزع والعنف.)

(وجه سعاد مُكبَّرًا يعبِّر عن الفزع والدهشة.)

(وجه محمود مُكبَّرًا مُعبِّرًا عن التحدي والجنون.)

(سعاد تمسك رأسها بيدَيها.)

(لحظة صمتٍ طويلة.)

(محمود يجمع أوراقه ويضع قلمه في جيبه ويقف ويتركها ويمشي.)

(سعاد ترفع رأسها. تجد محمود وهو يبتعد عنها. سعاد تقف وتذهب إليه مسرعة وتتعلق به وتعانقه في حب.)

(محمود كالتمثال لا يرُد ولا يتحرك.)

(محمود ينظر بعيدًا شاردًا. يبتعد عنها في غضبٍ مفاجئ.)

(سعاد تعانقه في حب وتبكي على صدره.)

(محمود كالتمثال لا يتحرك.)

(سعاد تضع يدَيها على فمه لتمنعه من أن يقول كلمة مدمن.)

(يجلس ويمسك رأسه بيده في إعياء.)

(سعاد تقبِّل رأسه وتربتُ عليه.)

(محمود يمسك يدَيها ويقبِّلهما في حب.)

(يعانقها في حب وينظر في عينها.)

(يقبِّلها في حب.)

منظر الصالة في بيت أُسرة سعاد.

الأم تودع بعض الضيوف (رجل كبير السن وزوجته).

والدادة تحمل أكواب الشاي الفارغة.

(الضيوف يخرجون. الأم تغلق الباب وتأتي إلى الصالة وتجلس الدادة.)

(الأب يدخل إلى الصالة بملابس البيت ويجلس في الصالة معهما.)

(سعاد تَهمُّ بالطلوع إلى حجرتها.)

(سعاد تجلس معهم.)

(الدادة تنظر إليها وتخرج.)

(لحظة صمتٍ طويلة.)

(صورة مكبَّرة لوجه سعاد يعبِّر عن الدهشة والفزع.)

(الدادة تدخل بفنجان الشاي. وتعطيه لسعاد وتجلس.)

(الأم تقف وتغلق النوافذ حتى لا يسمع الجيران.)

(سعاد تقف. وتهمُّ بالطلوع إلى حجرتها.)

(سعاد تصعد إلى غرفتها.)

(الأم يُغمى عليها والدادة تجري لترش عليها الماء.)

(الأب يجلس ويمسك رأسه بيده في حزن وألم.)

سعاد تحمل حقيبة ملابس صغيرة في يدها وتمشي في شارعٍ طويل. الزحام من حولها شديد. الناس كلهم يَجْرون إلى أعمالهم ومصالحهم. رجل يدوس على قدمها وهي تسير. رجل آخر وهو يُهروِل إلى مصلحته. سعاد تمشي وحدها والكل عنها مشغول بحياته.

موسيقى تصويرية تصوِّر السرعة والعزم والثبات.

موسيقى مناسبة.

سعاد تُسرِع الخطى كأنما تريد أن تلحق بشيء.

صورةٌ مكبَّرة ليد امرأة ويد رجل يتصافحان. يد الرجل تضغط على يد المرأة في قوة وحب.

يد رجلٍ ثالثة تظهر وتمتد فوق اليدَين وتمسكهما.