الخطة الجهنمية!
شخصٌ وحيدٌ لم تؤثر فيه المفاجأة؛ لأنه كان يتوقعها … كان هذا الشخصُ هو «أحمد» … واقترب منه «جونز» وهو يقول: يبدو أن ظهوري لم يكن مفاجأةً لك يا عزيزي …
أحمد: لقد توقعتُ ذلك منذ البداية … منذ اكتشفنا تعطُّلَ الطائرة التي منحَتها لنا السلطات الوطنية لنطاردَ بها الطائرة الشبح … فلم يكن باستطاعةِ أحدٍ تعطيلَها غيرُك … لأنه لم يكن مسموحًا لأحد بدخول المكان غيرك.
جونز: هذا صحيحٌ … فأنا الذي عطلتُ هذه الطائرة … وقد أدهشني أنكم أخذتم احتياطيًّا لذلك فأحضرتم طائرتكم الخاصة بكم …
أحمد: نحن عادةً لا نترك شيئًا للحظِّ أو المصادفة.
جونز: معك حقٌّ. إن مطاردتك لطائرتنا وتغلبكم على ثلاث طائرات ميراج وتفجيرها يدل على أنكم تلقَّيتم تدريبًا لا مثيلَ له. وأنكم تمتلكون من البراعةِ الشيءَ الكثير …
أحمد: لا يبدو أن خسارتكم لثلاث طائرات ميراج قد أزعجكم كثيرًا.
جونز: ولماذا ننزعج بسبب هذه الخسارة القليلة. إن ثمنها لن يزيدَ على مائة مليون دولار، يمكن تعويضها في صفقة صغيرة لمجموعتنا.
تساءل «أحمد»: مجموعتكم … أية مجموعة؟
جونز: ستعرفون كلَّ شيءٍ في الوقت المناسب … وأشار إلى رجاله فاقتادوا الشياطين مرةً أخرى إلى داخل السيارة الجيب تحت الحراسة … وانطلقَت بهم السيارة إلى قلب الجزيرة … وهناك شاهد الشياطين محطةَ كهرباء ضخمةً تمدُّ الجزيرةَ بالطاقة …
وساروا إلى مبنًى كبيرٍ … واقتادهم الحرسُ إلى داخل قاعة كبيرة، كان يقف لحراستها عددٌ من المسلحين. وأشار «جونز» للشياطين بالجلوس، وهو يقول: خذوا راحتكم … وتستطيعون أن تطلبوا ما تشاءون من طعام أو شراب …
تساءلت «إلهام»: هل أنت حلقةُ الوصل ما بين أصحاب هذه الجزيرة وبعض الأشخاص في جهاز الأمن.
أجاب «جونز» وهو يحتسي كأسًا من الشراب: هذا صحيح تمامًا … ولكن لكي نُبعدَ الشبهة عن مجموعتنا خاصةً وأن البعض داخل الجهاز بدأ يشكُّ فينا … لذلك اقترحنا أن تتدخل مجموعةٌ أخرى في البحث عن سرِّ الطائرة الشبح … ووقع اختيارُنا عليكم باعتبار أن الشياطين اﻟ «١٣» هي الأشهر في هذا المجال … وقد أثبتم أنكم تستحقون ما نلتموه من شهرة، وهو الشيء الذي يجب أن أعترف به.
قيس: ولكننا لا نعرف حتى الآن مَن هم أصحاب هذه الجزيرة والطائرة الشبح؟
جونز: إنهم مجموعةٌ من رجال الأعمال في كثير من دول العالم … ومصادر نشاطهم متنوعةٌ غير أنهم يشتركون في شيء واحد … هو أنهم يمتلكون عددًا من شركات وآبار البترول الموزعة في كل أنحاء العالم.
أحمد: لقد بدأتُ أفهم … إن ضرْبَ بعضِ حقول البترول يؤدي إلى ارتفاع أسعاره بشكلٍ جنونيٍّ … قال «جونز» وبالتالي فإن أصدقاءَنا ستتزايد دخولهم وأرباحهم من ارتفاع سعر البترول، ويمكنك أن تقدِّر أن ارتفاع سعر برميل البترول بمقدارِ دولارٍ واحد معناه ربحٌ زائدٌ مقداره مائة مليون دولار لأصدقائنا في اليوم …
قيس: يا لَه من ربحٍ خرافيٍّ!
جونز: ولهذا فقد أنفقنا الكثيرَ لتجهيز هذا المكان، والحصول على الطائرة الشبح.
إلهام: وأنتم … ما علاقتكم بأصحاب آبار وشركات البترول؟
جونز: لقد كانوا بحاجة إلى الحماية أولًا … ثم إلى عقلية تنظيمية عالية؛ لتسهل لهم العثور على الشخص المناسب الذي يستطيعُ صنْعَ طائرةِ شبحٍ صغيرة … فقمنا بتهريب «كميل» ليقوم بصنع طائرتنا الصغيرة، وبالطبع فإن ثمن تعاوننا هو المشاركة في الأرباح المنتظرة … وها قد بدأنا في جَنْي هذه الأرباح.
وضغط على زرٍّ بجواره فأُضيئَت شاشةٌ إلى يساره، وقال «جونز»: هذه الشاشة متصلةٌ بمحطةِ أخبارٍ اقتصادية عالمية.
ظهر المذيع على الشاشة وهو يقول بانزعاج: لقد حدثت حمَّى في سوق البترول … وبعد الانفجارات الغامضة في حقول بترول المكسيك وقبلها فنزويلا … فقد ارتفعَت أسعار البترول بشكل جنوني وفي وقتٍ قياسيٍّ … وأصبح هناك هلعٌ في كلِّ حقول البترول العالمية من أن يحدثَ لها نفس الشيء … وقد أوقفَت بعضُ الدول ضخَّ البترول من آبارها خوفًا من تعرُّضِها للانفجار والتدمير مما ضاعف من الأزمة وزاد الأسعار لهيبًا … وينتظر أن يرتفع سعر برميل البترول إلى مائة دولار. ولا زال العالمُ كلُّه يتساءل في ذهول عن سرِّ ما حدث لحقول البترول الفنزويلية و«المكسيك».
ضغط «جونز» على زرِّ الجهاز بجواره فأوقفه … وتبادل الشياطين النظراتِ في صمتٍ وغضب … فقد تحقَّق هدفُ هؤلاء المجرمين.
وقال «خالد» في غضبٍ: من المؤسف أن العالَمَ لا يزال يعيش فيه أشخاصٌ بعقلية مريضة مثلكم لا يهمُّهم غيرُ المال بأيِّ ثمنٍ.
إلهام: سوف تنكشف أسرار هذه الجريمة الكبرى.
ضحك «جونز» قائلًا: ومَن الذي سيكتشفها. إن وجودَنا القويَّ داخل أجهزة الأمن في المكسيك يجعلنا نتطلَّع على أسراره ونحمي أنفسنا في الوقت المناسب، بالإضافة إلى أن تورُّطَ كثيرٍ من السياسيِّين ورجال الأعمال في دول كثيرة سيمنع من كشف هذه الأسرار التي ستُدين الكثيرين.
زبيدة: ولكن العالمَ مقبلٌ على كارثةٍ … سوف ينهار اقتصادُ العالمِ كلِّه إذا وصل سعر برميل البترول إلى مائة دولار.
نهض «جونز» وهو يقول: ومَن الذي قال إن برميل البترول سيكون ثمنُه مائةَ دولار فقط؟
وابتسم بخبثٍ وهو يضيف: إننا نقوم بضربتِنا القادمة، سوف ترتفع أسعارُ برميل البترول إلى مائتَي دولار!
تساءل «قيس»: ضربتكم القادمة … أين؟
جونز: ستكون الضربة التالية في مكانِ أكبرِ مخزونٍ للبترول في العالم!
صاحَت «زبيدة» في غضبٍ هادرٍ: أيها المجنون … ماذا تقول؟
قيس: إنه مجنونٌ بالفعل وفي حاجة إلى درس قاتل.
ولكن وقبل أن يتحرك «قيس» صُوِّبَت إليه فوهاتُ ستةِ مدافع رشاشة من الحراس، وبلغةِ العيون طلب «أحمد» منه أن يهدأَ لمعرفة المزيد من التفاصيل من «جونز».
قال «جونز» ساخرًا: كان يمكنني أن أطلب منكم المساعدة والاستفادة بمهارتكم العالية لكي تنضمُّوا إلينا وتُشاركونا في عملياتنا … وأرباحنا … لولا أن معلوماتنا عنكم تقول إنه لا يمكن شراؤكم بأيِّ ثمنٍ.
قال «أحمد» في هدوء: ولكنك لن تبخل علينا بمعلومات أخيرة.
جونز: أنا على استعداد لإبلاغكم بأية معلومات.
أحمد: ستقومون بالضرب مباشرةً وبدون توقُّعٍ.
جونز: تمامًا … فالمفاجأة هي أساسُ عملنا؟
أحمد: ومتى تنوون توجيهَ هذه الضربة؟
جونز: ليس أفضل من الطَّرق على الحديد وهو ساخنٌ … إن طائرتنا الرائعة يتم تزويدها بالوقود والصواريخ الآن … وفي منتصف الليل تمامًا سوف ننطلقُ إلى مهمتنا الأخيرة … وبعدها نكون نحن ملوكَ البترول في العالم، وانطلق «جونز» يضحك في هيستيريا … وظهر القلق الشديد على وجوه الشياطين … فقد كان تحقيق ما يقوله «جونز» يعني تدميرَ الخليج ودمار العالم اقتصاديًّا … وكان يجب منعه بأيِّ ثمنٍ.
قطَّب «أحمد» حاجبَيه متسائلًا ﻟ «جونز»: ولكن لماذا أخبرتَنا بكل هذه المعلومات، ألَا تخشى من إفشائها.
جونز: بالطبع أنا واثق أنكم لن تُفشوا شيئًا مما سمعتموه … فالموتى لا يتكلمون بالأسرار يا عزيزي، ففي نفس اللحظة التي ستنطلق فيها طائرة الشبح … سوف يتم إعدامكم بطريقة رائعة.
وبذلك نضمن ألَّا يُفشيَ أحدٌ سرَّنا أبدًا.
وأشار إلى حرَّاسه، فاندفعوا نحو الشياطين … وقال «جونز» للحراس: خذوهم إلى زنزانتهم … وضعوهم تحت الحراسة الشديدة.
تحرك الشياطين نحو باب الخروج، وعقولهم تعمل بسرعة رهيبة … ورافقهم صوتُ «جونز» الذي جاء يقول: لقد نسيتُ أن أُخبرَكم أن هبوطكم الرائع فوق جزيرتنا … وكذلك قدرات طائراتكم قد أوحيَا لي بفكرة رائعة … فقد رأيتُ ألَّا تقومَ طائرتُنا وحدها بمهمة الليلة، بل ستشاركها طائرةٌ أخرى سنقوم بتسليحها بالصواريخ وملْئِها بالوقود.
إلهام: أتعني طائرتنا؟
جونز: بالطبع فسوف يتم إسقاط طائرتكم بعد ذلك الهجوم، أما طائرتنا فستهرب ككل مرة، وفيما بعد عندما يقوم الخبراء بفحص طائرتكم بعد إسقاطها فسوف يتعرفون على أصحابها … وستتجه أصابع الاتهام إليكم … على حين نكون نحن بعيدين عن مصادر الشكوك تمامًا … وأنتم طبعًا لن تخرجوا من قبوركم للاعتراف بالحقيقة!
انطلق «جونز» يضحك في جنون ووحشية، وأصاب الشياطين الذهولُ لتلك الخطة الجهنمية التي أخبرهم بها «جونز» لتوريطهم أمام العالم.
كان على الشياطين أن يفعلوا شيئًا لإنقاذ العالم مما ينتظره من كوارث، ولكن ما الذي يستطيعون أن يفعلوه وهم مهددون بفوهات المدافع الرشاشة … ودفعهم الحراس بعنف خارجين من المكان باتجاه مبنًى آخرَ صغيرٍ، كان من الواضح أنه مبنى السجن حيث ينتظرهم الموت في منتصف الليل!