خطة للهروب!
أشار «عثمان» إلى «أحمد» بلغةِ الأصابع قائلًا: فلننتهز هذه الفرصة في ضرب الحراس والهرب قبل أن يضعونا في الزنزانة …
وأجاب «أحمد» بنفس اللغة: لن يكون الهرب في صالحنا الآن … يجب أن ننتظر حتى منتصف الليل ولن يصعب علينا مغادرة الزنزانة.
ودفع الحراس بالشياطين الستة إلى داخل الزنزانة وأغلقوا بابها عليهم، وقد وقف أربعة منهم على حراستها … وبنفس اللغة قال «عثمان» في حيرة: لماذا ضيعتَ علينا يا «أحمد» فرصةَ التخلص من الحراس والهرب قبل سجننا.
أجابه «أحمد»: حتى إذا تمكنَّا من الهرب من الحرس، فلن نتمكن من مغادرة الجزيرة الآن … ولننتظر حتى يتمَّ تزويدُ طائرتنا بالوقود؛ ليسهل علينا مغادرة الجزيرة بواسطتها.
عثمان: معك حقٌّ.
وراح الشياطين يراقبون عقارب الساعة التي راحَت تقترب من الثانية عشرة، وقبله بدقائق انفتح باب الزنزانة … وظهر عددٌ من الحراس المسلحين يتقدمهم قائد الحرس في الجزيرة، وقد صوب مدفعه الرشاش إلى الشياطين قائلًا: لقد حانت اللحظة التي سأنتقم فيها منكم … الآن … ثم تنبَّه إلى شيء عجيب … فقد كان عدد الشياطين الواقفين أمامه خمسة فقط … وتساءل في دهشة: أين زميلكم السادس؟
- أنا هنا.
قفز «أحمد» من أعلى فسقط فوق قائد الحرس وأطاح ببندقيته. وكانت تلك هي إشارة البدء لبقية الشياطين … فاندفعَت «زبيدة» و«إلهام» إلى حارسَين آخرين وأمسكَا بهما من ياقتَيهما … وبحركة جودو بارعةٍ، وفي لحظةٍ واحدة استلقيَا على الأرض ورفعتَا الحارسَين فوق قدمَيهما وألقيتَا بهما إلى الخلف في عنفٍ … وهكذا وقع الحارسان فسقطَا على الأرض بلا حَراكٍ.
اندفع «خالد» و«قيس» إلى حارسَين آخرَين، فقفزَا في الهواء … وبضربتَين محكمتَين أطاحَا بسلاحَي الحارسَين، ثم أطاحَا بالحارسَين إلى خارج الزنزانة.
وتحاشَى «عثمان» طلقاتِ الرصاص التي انطلقَت من الحارسَين … وامتدَّت يدُه إلى كرته المطاطية العجيبة «بطة» وألقاها على الحارس الذي ترنَّح من الألم ثم تهاوَى على الأرض بلا حَراكٍ … وعلى الفور التقط الشياطين مدافع الحراس الرشاشة وتأهبوا لقتال طويل …
قال «أحمد»: سوف نقوم بتقسيم أنفسنا إلى ثلاث مجموعات … الأولى تتكوَّن من «زبيدة»، و«إلهام»، ومهمَّتُهما هي تفجير محطة الكهرباء التي تمدُّ الجزيرة بالكهرباء لكي يسودَ الظلامُ والاضطراب المكان.
وأشار إلى «خالد» و«قيس» قائلًا: أما أنتما فعليكما مشاغلة حراس الجزيرة بحرب عصابات … تختفيان أثناءها وتناوشان الحراس لشغلهم حتى لا ينتبهوا إلى حقيقة ما نفعله. أما أنا و«عثمان» فسوف نتجه إلى الطائرة ونحاول منعها من مغادرة الجزيرة بأيِّ ثمنٍ. وسنتقابل أمام ممرِّ الهبوط في الثانية عشرة تمامًا.
وانطلق «أحمد» و«عثمان» لتنفيذ مهمتهما … وتسلَّلَت «إلهام» و«زبيدة» محتميتَين بالظلام باتجاه محطة الكهرباء … واندفع عددٌ من الحراس وقد جذبهم صوتُ إطلاق الرصاص داخل الزنزانة، فقفز «خالد» و«قيس» عليهما … وبعد معركة قصيرة تمدَّد الحارسان بلا حَراكٍ.
وأقبل عددٌ آخر من الحراس … وانطلقَت رصاصات «خالد» و«قيس»، فألقى الحرس بأنفسهم على الأرض … وتراشق الرصاص واندفع مزيدٌ من الحراس إلى المكان … وهمس «خالد» ﻟ «قيس»: لتُطلق أكبرَ قدرٍ من الرصاص لاجتذابِ أكبرِ عددٍ من الحرس لكي يقومَ بقيةُ الشياطين بعملهم في أمان. وبالفعل فقد اجتذبَت أصواتُ الطلقات أعدادًا أخرى من الحراس … وراح الفريقان يتبادلان الرصاص والشياطين متحصنون خلف حائطٍ حجريٍّ قويٍّ.
توقَّف «أحمد» و«عثمان» عندما ظهر عددٌ من الحراس … وهمس «أحمد» ﻟ «عثمان»: إن ملابسنا ستكشفنا حتمًا … وستجعل الحراس يندفعون لمهاجمتنا … ومن الأفضل لنا تغييرها بملابس حرس الجزيرة.
عثمان: معك حقٌّ … وسأتكفل بذلك.
وانطلقَت «بطة» في مهمة عاجلة، فسقط أحدُ الحراس بلا حَراكٍ عندما أصابَته في مؤخرة رأسه في مركز الإحساس والوعي … وجرَّه «عثمان» إلى مكانهما المظلم … ومرةً أخرى انطلقَت «بطة» إلى رأس حارس آخر … وفي أقل من دقيقة كان الشياطين قد بدَّلَا ملابسهما … وانطلقَا نحوَ ممرِّ الهبوط البعيد على أطراف الجزيرة.
دوَّت أصوات الرصاص بعيدًا، فهمسَت «إلهام» ﻟ «زبيدة»: يبدو أن «خالد» و«قيس» يخوضان معركةً صعبة.
زبيدة: فلنُسرع بنسف محطة الكهرباء لكي يسودَ الظلامُ الجزيرةَ فيساعدهما على الهرب من الرصاص.
إلهام: هيَّا بنا.
وفجأةً أوقفهما صوتٌ جاء من الخلف يقول: قفَا مكانكما، وارفعَا أيديَكما لأعلى … واستديرَا ببطءٍ.
توقَّفَت «إلهام» و«زبيدة»، ورفعتَا أيديَهما ببطءٍ … واستدارتَا بنفس البطء لتشاهدَا حارسًا يصوِّب سلاحه إليهما … وما إن شاهد ملامحهما حتى هتف في ذهول: يا إلهي كيف تمكنتما من الهرب من الزنزانة؟
أجابَته «إلهام»: بهذه الطريقة.
كانت هذه الطريقة هي قفزة في الهواء انطلقَت بعدها قدمُ «إلهام» كالرصاصة إلى الحارس فألقَت به مترين إلى الوراء … واستولَت «إلهام» على سلاحه، واندفعَت مع «زبيدة» إلى محطة الكهرباء التي كان يقف على حراستها اثنان من الحراس … وتسلَّلَت الاثنتان مقتربتَين من المكان وبضربتَين من الخلف تهاوَى الحارسان على الأرض دون أن ينطقَا بكلمة …
فدفعَت «زبيدة» باب المحطة فانكشفَت لها … وظهر بداخلها عددٌ كبيرٌ من المحولات والأذرع الميكانيكية والأجهزة المعقدة …
تساءلَت «زبيدة» في حيرةٍ: كيف سننسف هذه المحطة الكبيرة؟
إلهام: إن الأمر لا يحتاج إلا لبضعِ رصاصات، ثم تنسف المحطة نفسها بنفسها …
أطلقَت بضعَ رصاصات من مدفعها الرشاش نحو بعضِ المحولات القريبة، فانطلق منها شررٌ كبيرٌ.
واندفعَت «إلهام» و«زبيدة» تغادران المكان بسرعة، في الوقت الذي تعالَى فيه انفجارٌ شديدٌ داخل المحطة … واندلعَت منها النيران … ثم دوَّى انفجارٌ هائلٌ وتناثرَت أجزاء المحطة في كل مكان.
وساد الظلامُ قلب الجزيرة، فرفعَت «إلهام» إصبعَيها بعلامة النصر … ثم انطلقَت الاثنتان باتجاه ممر الهبوط تُسابقان الزمن.