أنواع المستعمرات
من المعروف اليوم أن المستعمرات أنواع.
وإنما جرى البحث فى أنواع المستعمرات عندما شعر المستعمرون أنهم لا يستطيعون أن يعاملوا البلاد المغلوبة معاملةً واحدةً، فقسَّموها إلى درجاتٍ، وكان معنى التقسيم إلى درجات أنها تزيد أو تنقص في بعض الحقوق.
فكان الاعتراف بأنواعٍ من المستعمرات بمثابة الاعتراف الصريح بأنواع من الحقوق.
أما فيما عدا ذلك، فقد كان كلُّ ما يُعرَف للأرض المستعمرة أنها بلاد مملوكة لسيِّد مسلَّط عليها، قادرٍ على التصرف بها وبأبنائها تصرُّفَ السيد بالعبيد، لا يحاسبه أحد في شأنٍ من شئونهم إن لم يحاسب نفسه عليه.
نعم، إن المستعمرين عاهدوا بعض المستعمرات ولم يعاملوها معاملة البلاد المفتوحة بالسيف، ولكنهم في معظم الأحوال عاهدوا تلك البلاد ليتخذوا من حقوق العهد حجة يقصون بها المزاحمين لهم من المستعمرين الآخَرين، أو اكتفوا بمعاهدتها لأنهم لم يشعروا بالحاجة إلى فتحها، أو لأنهم يرعون لها حقوقًا يحترمونها ويحترمون أصحابها.
وحدث في بعض المستعمرات الأولى أن ذوي الرأي بحثوا فيما يحق للرعية الوطنية من المعاملة الشرعية تحديدًا لسلطان الولاة، أو تحديدًا لسلطان الملوك والأمراء.
غير أنهم نظروا في هذا الأمر لأن حقوق الملوك كانت في القرون الوسطى محل بحث بين الفقهاء بالنسبة إلى حقوق الله؛ ولأن الرعايا الأوروبيين هم الذين نقموا من الملوك إطلاق سلطانهم، وطغيان جبروتهم على نبلاء قومهم وعامتهم، فلما وُجِد لهؤلاء الملوك رعايا من غير الأوروبيين في الأمريكتين، بحَثَ الفقهاء في حقوق هؤلاء الرعايا وتساءلوا: هل يسري عليهم ما يسري على الرعية الصالحة من الأوروبيين، أو أن لهم حكمًا خاصًّا يُجِيز للملوك والولاة في معاملتهم ما ليس يجوز للراعي الصالح في معاملة الرعية الصالحة.
وجاء البحث «أولًا» من فقهاء الدين؛ لأنهم نازعوا الولاة سلطانهم في معاملة أبناء البلاد الأصلاء، وأرادوا أن توكل إليهم سياسة أولئك القوم لهدايتهم وتبشيرهم، وإدخالهم في زمرة «الرعية الصالحة» التي تجب لها رعاية حق الدم وحق المال.
واتفقت آراؤهم بعد الخلاف الطويل على أن التدين بالمسيحية شرطٌ لاستحقاق صفة الرعية الصالحة، فإذا عومل الوطنيون غير المسيحيين بشيءٍ من الهوادة، فإنما هي الهوادة التي يستحقونها في سبيل إقناعهم بقبول التبشير.
وبديهي أن هذا البحث إنما كان فرعًا للبحث الأصيل عن حقوق الرعية الصالحة، ولم يكن له باعث من النظر في إنصاف المغلوبين، وبخاصة مَن كانوا مغلوبين منهم بقوة السلاح.
فالاستعمار قد نشأ ولا محَلَّ فيه للاعتراف بحقوق أو مبادئ متَّفَق عليها لمعاملة المستعمرين، ولكنه كان يضطر إلى التسليم بشيءٍ من حقوقهم كلما تبيَّنَ له أن معاملتهم على سواءٍ لا تتأتى من الوجهة العملية، وقليلًا ما دخلت القيم الإنسانية والأخلاق المثلى فى حسابهم يوم أخذوا في التمييز بين أتباعهم، وإنما كان المرجع في ذلك إلى النعرة العنصرية التى قادتهم إلى اختراع أمانة «الرجل الأبيض» تسويفًا لحكم الشعوب، واغتصاب البلاد … فكان نظام الدومينيون — أرقى النُّظُم الاستعمارية — قسطًا محتكرًا للبلاد التي يسود فيها الرجل الأبيض من جنس الدولة الحاكمة، وكان بُعْد المسافة شفيعًا آخَر للسماح بنظام الدومينيون، وتخويل الحكومات المحلية ضروبًا من السلطة في المسائل الحاضرة التي لا يتيسر الرجوع فيها إلى رأي الدولة الحاكمة في العاصمة الكبرى، وكان خط الانفصال شفيعًا مهمًّا مع هذين الشفيعين لزيادة نصيب الدومينيون من حقوق الاستقلال.
ويلي الجنس الأبيض في حقوق الاستقلال وحدوده أجناس السمر والصفر والسود، على ترتيب درجاتهم من مظاهر الدولة في ماضيهم البعيد أو القريب.
فالأمم التي كانت لها عروش مؤسسة وحكومات قائمة كانت تظفر منهم بنصيبٍ من الحكم الذاتي، يستبقي العروش لأمرائها والحكومة لرؤسائها حيثما تيسر استبقاؤها بغير خطرٍ على نفوذ الدولة المستعمرة.
ومَن لم تكن لهم دول وحكومات خولوهم طائفة من مناصب الرئاسة في الحكومة على قدر نصيبهم من الحضارة والقدرة على ولاية المناصب المأمونة، ولا يفوتهم بذلك أن يجتذبوا إليهم زمرة المرشحين للولاية، حيث لا حاجة بهم إلى اجتذاب جمهرة الرعية.
فإذا كانت البلاد المغلوبة خلوًّا من الدولة القديمة ومن الطبقة المرشحة لمناصب الرئاسة، ما يناله أبناؤها أن يتولوا مناصب المرءوسين على كثرة أو قلة، حسب انتشار الوظائف في نظام الحكومة العصرية، ومَن غلبت بينهم نظم القبائل والعشائر تركوا لهم رئاستهم الموروثة، وكسبوا بذلك ولاء الرؤساء وسهولة الطاعة والانقياد من المرءوسين.
وسار المستعمرون سيرهم البطيء في توسيع هذه الحقوق، وترقية هذه النظم، فلم يرفعوا مستعمرةً من مستعمراتهم درجة إلا على اضطرار وبعد جهاد وإنكار.
ولكن بلاد «الرجل الأبيض» كانت تظفر على الدوام بالقسط الأوفى من توسيع الحقوق وتوفير معالم الاستقلال، فأصبح من حق الدومينيون بعد الحرب العالمية الأولى أن توفد السفراء عنها إلى الدول الأجنبية، وأن تعلن الحيدة في الحرب، أو تعلن الاشتراك فيها باختيارها، وازداد نصيب المستعمرات الأخرى على نسبة الزيادة في حقوق الدومينيون الخارجية والداخلية، فندرت بينهن أمة بقيت على ما كانت عليه قبل الحرب العالمية.
إلا أن الجديد في نظام الاستعمار هنا إنما هو الجديد من جهة المبدأ، لا من جهة الزيادة في عدد الوظائف ودرجات الحكومة الذاتية …
إن الحرب العالمية الأولى كانت حدًّا فاصلًا بين عهدين واضحين في تاريخ الاستعمار؛ لأنها أزالت الاستعمار من حيث «المبدأ»، وأبقت ما بقي منه على أساسٍ جديدٍ ينكر دعوى الملك، ولا يعترف لدولةٍ من الدول بحقٍّ تدَّعِيه لنفسها في حكم مستعمرة متقدمة أو متأخرة، ما لم يكن ذلك بالوكالة عن الأمم الإنسانية …
وكذلك قام ميثاق الأمم بعد الحرب العالمية الأولى على بطلان الاستعمار، واحترام حق تقرير المصير، ومعنى تقرير المصير أن الاستقلال حقٌّ طبيعيٌّ لكل أمةٍ تحكم نفسها أو تحكمها غيرها، فمَن كانت من الأمم مستقلة معترفًا لها بالاستقلال، فهي صاحبة السيادة على نفسها ولا سيادة لأحدٍ عليها، ومَن كانت سيادتها بيد غيرها، أو كانت موقوفة لعلةٍ عارضةٍ تحول بينها وبين ولاية حَقٍّ السيادة فيها، فهي في ذمة الإنسانية تختار لها مَن يحكمها إلى أن تملك زمام سيادتها، وليس للدولة المختارة لحكمها حق في تسخيرها واستغلالها، أو مَزِيَّة تمتاز بها على الدول الأخرى، وإنما تعطي الدولة الحاكمة من حقوق الولاية بقدر ما تحمله من المسئولية، أو بقدر ما يمكنها من النهوض بأعباء ولايتها.
واستحدثت للنظام الجديد أسماء تناسبه غير الأسماء التي سلفت في أيام الاعتراف بحق الاستعمار، فحل الانتداب والوصاية محل الحماية، وتركت الحماية السابقة بأسمائها إلى أن تتفاهم الدول الحامية والبلاد المحمية على وضعٍ من الأوضاع الحديثة، وبات مفهومًا بين أعضاء الميثاق أن العدوان على وطنٍ من الأوطان إنما هو خرق لميثاق الأمم جمعاء، ينبغي أن تمنعه الأمم جمعاء، ولا تنفرد بمنعه دولة حامية أو دولة محمية، فلا يتفق مع روح الميثاق أن تنفرد إحدى الدول بحماية وطنٍ من الأوطان الضعيفة، ولو كان موكولًا إلى ولايتها.
واتضحت الحدود على هذا النمط بين أنواع المستعمرات؛ فالانتداب للأمم التي تملك السيادة ناقصة، وينتظر أن تملك السيادة كاملة بعد فترةٍ وجيزةٍ، والوصاية للأمم التي تملك السيادة موقوفة إلى زمنٍ بعيدٍ، أو لا تبلغ مبلغ السيادة لقصورها عن الحكم الذاتي، واتقاء الخطر من اضطرابٍ فيها.
وتكفلت عصبة الأمم بالاستماع إلى شكاية الشاكين، وتحقيق ما يحتاج منها إلى التحقيق، وامتُنِعَ على دولةٍ أن تتعرض لولايات دولةٍ أخرى، إلا أن يكون تعرُّضها من قبيل المطالبة بالتحقيق في خلل إدارتها وظلم ولايتها.
وتم هذا كله من حيث المبدأ والعقيدة.
وشتان بين المبدأ أو العقيدة، وما يجري في الواقع، ويعهده الناس بين الحاكمين من الأقوياء والمحكومين من الضعفاء.
فقد بقيت المستعمرات، وبقي الاستغلال وبقيت مظالم الحكم، واستُبِيحَت الأوطان عنوةً، وعجزت عصبة الأمم عن حماية وطنٍ واحدٍ مُستَباح، أو عقوبة دولةٍ واحدةٍ تتحداها جهرة وتستبيح ما حرمته في الميثاق وأقرها على تحريمه المعتدون.
إلا أنه من قصور العقل فيما نعتقد أن يقال — مع هذا كله — إن تقرير المبدأ والسكوت عنه سواء، وأن العالم لم يستَفِدْ شيئًا من النظام الجديد، ولا يُرجَى أن يستفيد منه بعد حينٍ؛ فما زالت المبادئ تخالف الوقائع في تكاليف بني الإنسان من أممٍ أو آحادٍ، وقديمًا عرف الناس ضياع اليتامى في ذمة الأوصياء، وعرفوا حِيَل المحتالين على القاصرين والمحجور عليهم من مستحقي الحجر أو غير مستحقيه، ولكن محاسبة المختلسين والمحتالين على الرغم من هذا كله مبدأ مطلوب، وتقريره في المجتمعات غنم مكسوب، وإلغاؤه بعد تقريره جريمة لا تفر من عقابها، ولا تُصلِح الفساد المحذور بل تزيده وتغري مَن يتجنبه بأن يجترئ عليه.
ولا يخفى أن المبادئ التي تتصل بعلاقات الأمم كثيرًا ما تظهر في أوانها دليلًا على اتجاه الوقائع إلى تأييدها وتطبيقها، وزاجرًا لمَن يخالفها، ونذيرًا له بما يصيبه من مخالفتها.
ومصداق ذلك في هذا المبدأ أن البلاد التي استُبِيحَت خلافًا له واجتراءً عليه، لم تَبْقَ واحدةٌ منها في أيدي أصحابها المعتدين عليها.
فالبلاد التي اقتحمها النازيون والفاشيون ودعاة السطوة الحربية من اليابانيين قد خرجت جميعًا من أيديهم، ولم يحصلوا منها على غير الخسارة والهزيمة وسوء القالة، ولم يحصل مثل ذلك للدول التي قبلت المبدأ، ولو بالاحتيال عليه.
ولا يقال إن النازيين والفاشيين ودعاة السطوة الحربية قد أصابهم ما أصابهم لأنهم مهزومون ساء بهم الحظ، فأصابهم جزاء القانون.
فمن دلالات الواقع وتعزيزها للمبدأ أن تطبق الهزيمة على جميع مَن خالفوه.
ومن دلالات الواقع في جانب المنتصرين أنهم — بعد انتصارهم — لم يقدروا على إنكار حقوق مستعمراتهم، ولم تَبْقَ مستعمرة منها لم تنتفع بالمبدأ في تسويغ مطالب، أو تعزيز صفةٍ من الصفات الدولية التي تحرص الأمم عليها، ولم يكن المبدأ وحده هو منصف الهند والباكستان وبلاد النيجر وأوغندا، وما إليها من الشعوب الأفريقية، ولكن لولا المبدأ لما تم في الواقع أن ينال كل شعبٍ من هذه الشعوب درجة فوق درجته بين البلاد المحكومة؛ لأن المبدأ ينطبق على جميع هذه البلاد، ولا يجمعها الواقع في حالةٍ متفقةٍ وفي زمنٍ واحدٍ كائنًا ما كان.
•••
على أن الشعور الإنساني مقياس صحيح يُعتمَد عليه في بيان الفارق بين دعوى الاستعمار بالأمس ودعواه اليوم، ونحسب أن هذا المقياس أولى أن نعتمد عليه من مقياس مبادئ الرأي أو وقائع العيان.
واليوم يُعَاب السياسى بأن يقال عنه إنه من زمرة الاستعماريين أو المستعمِرين، ويعتبر نسبته إليهم وصمة يبرأ منها، ويحاول أن يموهها بانتحال أسماء للاستعمار غير اسمه الصريح.
ولا يستغرب الناس في عصرنا خجل الساسة من نسبتهم إلى زمرة الاستعمار؛ لأنهم يقرنون هذه النسبة بإثارة الحروب، واغتصاب الحقوق والعدوان على الأنفس والأموال، والاستكبار على الناس في غير موجب للكبرياء، ولكننا نعود إلى أبطال الفتح والتوسع أو إلى أبطال الاستعمار والسياسة الإمبراطورية في التاريخين القديم والحديث، فلا يشق علينا أن نتخيل دهشتهم من هذا الخجل بما يشرفهم في أعينهم وأعين السادة والعبيد في أزمنتهم، ولا نظن أن إسكندر المقدوني، بل نابليون وسسل رودس يستطيعون أن يتخيلوا وجود ذلك الإنسان الذي يخجل من فتح الممالك والسطوة على الملوك والشعوب، وربما تخيلوه فتخيلوا أنه لا يكون إلا واحدًا من أولئك المتفلسفة المتحذلقة الذين يتفيهقون على الناس بغرائب الآراء ونوادر الأقاويل، ولكننا لا نحسبهم يفهمون أن يكون الخجل من الاستعمار حديثًا يتردد في الصحف، ويدور على الأفواه ويُنادَى به في المحافل والأسواق. ومن أين يخطر هذا الخاطر للفتى الذي كان يتنهد أسفًا لأن أباه فتح ممالك العالم المعمور، فلم يَدَعْ له مكانًا يفتحه، وأوشك أن يبتليه بالتفكير في فتح السماء.
وجاء نابليون بعد الإسكندر بأكثر من عشرين قرنًا، فلم يُبْدِ مِن فعله أو مِن قوله أنه كان يكره أن يكون نسخة فرنسية من تلك النسخة المقدونية، أو يأبى أن يفخر بشيءٍ كان يفخر به صاحبه القديم.
وجاء سسل رودوس في عصرٍ بعد عصر نابليون، فكان توسيع الإمبراطورية أشرف عمل يعمله، بل أشرف أمنية يتمناها، ولحق به أناس من بني قومه إلى أيام الحرب العالمية لا يتورعون أن يحسوا كما أحس، أو يعملوا كما عمل، أو يقولوا كما قال.
وإنه لمن إنكار الواقع — لا من إنكار المبدأ فحسب — أن يغفل الباحث عن معنى هذا الشعور المختلف في الدلالة على الفارق بين دعوى الاستعمار بالأمس، ودعواه اليوم، ودعواه فى الغد القريب.
•••
و«التواضع الاستعمارى» آية أخرى من آيات الحكم على الاستعمار بمقياس الشعور.
ففي العصور الغابرة كان الفاتح يصول على الأمم ليستعلي بينها بشرف الفتح، ويرفع قدره وأقدار قومه مكانًا عليًّا يعفو له أبناء الوطن المفتوح، ولا يتطاولون إلى مساواته فيه، وما كان من شأن فاتحٍ أن يفتح بلدًا ليقول لأبنائه: إنني معكم على سواء، وإن حقي وحقكم شُرِّعَ في الدستور والقانون.
فلما بطل فخر الاستعمار ظهر «التواضع الاستعماري» قبل أن تظهر المبادئ العامة في السياسة الدولية، وما زال المستعمرون من أوائل القرن العشرين يتقربون إلى رعاياهم بمساواتهم في حقوق المواطنة، ويعبرون عن هذه المساواة بما طاب لهم من الصِّيَغ الدستورية، أو صِيَغ العُرف الشائع بين الديمقراطيين المحدثين.
فالإنجليزي سمح للهندي أن يساويه في حق الترشيح للنيابة في العاصمة الإنجليزية.
والفرنسي يقول: إن الجزائر وطن للفرنسيين، وإن فرنسا وطن للجزائريين.
والروسي يقول للترك الآسيويين: إن صعاليك الأمم قاطبة مشتركون في حقوق الأوطان.
والأمريكي يقول لأبناء الفليبين قبل تعديل الدستور الأخير: إن رعايا الولايات المتحدة، ورعايا الجزر الوطنيين سواء في حقوق المواطنة.
وهذه دول متفرقة تباشِر دعاوى الاستعمار على أشكالٍ وألوانٍ، ولكنها تصطنع التواضع الاستعماري؛ لأن «الفخر الاستعماري» قد أصبح في خبر كان، ولا يغيِّر من هذه الحقيقة أن يكون المستعمرون مخلصين أو مخادعين، فإنما الحقيقة من وراء الإخلاص والمخادعة أن الشعور بالفخر الاستعماري غير مقبول في العصر الحديث.
إن تقسيم المستعمرات إلى أنواع كان نقطة الانتقال الأولى في سبيل الاعتراف لكل نوعٍ منها ببعض الحقوق.
أما النقطة الأخرى — ولعلها الأخيرة — فهي اضطرار الدول إلى النص في ميثاقها على بطلان مبدأ الاستعمار، واحترام مبدأ «تقرير المصير».