ذو الوجه القبيح!
حلَّقَت الهليكوبتر وقتًا يزيد عن العشر دقائق … وتصلَّبَت عضلاتُ «أحمد» و«عثمان» وهما متشبثان بأسفل الطائرة وقد وضعَا كلَّ قوتهما في أصابعهما التي انطبقَت كالكلابشات الحديدية تُمسك أسفل الطائرة. وكانت الأرض تحتهما تبدو أشبهَ ببقعة سوداء من رءوس الأشجار … وكان مما يزيد من صعوبة تعلُّق الشياطين بالطائرة الرياح التي بدأَت تهبُّ بقوة منذِرةً بسيلٍ من الأمطار …
وأخيرًا بدأت الهليكوبتر تهبط لأسفل وقد أضاءَت في مقدمتها كشافًا قويًّا أضاء الأرض تحتها لمسافة بعيدة وظهر على البُعد عدةُ أكواخ من أعواد البامبو القوية مقامة وسط الغابة في بقعة مكشوفة منها، وقد ظهر أمامها عدةُ أشباح مسلَّحين في ملابس الصاعقة … هتف «أحمد» في «عثمان»: أعتقد أن الطائرة ستهبط في هذا المعسكر … سوف نقفز منها حينما تقترب من الأرض لمسافة معقولة …
أومأ «عثمان» برأسه موافقًا وهو يحسُّ بأصابعه تكاد أن تتحجر، وأن عضلات ذراعَيه تكاد تتمزق … واصلَت الطائرةُ هبوطَها حتى صارَت بارتفاع الأشجار، فهتف «أحمد» في «عثمان»: الآن …
وتأرجح «أحمد» بقوة دافعًا جسدَه إلى جهة اليمين وأفلتَ أصابعَه من الطائرة فسقط من ارتفاع يزيد على عشرة أمتار، وجاءت سقطتُه فوق بقعة لينة من الأرض مكسوَّة بالأعشاب فخفَّفَت من حدة سقوطه، وبعد ثانيتَين جاءَت قفزةُ «عثمان» بنفس الطريقة على مسافة عشرة أمتار من «أحمد» … وزحف الاثنان مقتربَين من بعضهما، واختفيَا خلف بعض الأشجار على حين كانت الهليكوبتر أمامهما راحَت تهبط فوق البقعة المكشوفة داخل المعسكر، وما إن حطَّت فوق الأرض وكفَّت مراوحها عن الدوران حتى أحاط بها عشراتُ الأشباح المسلَّحين في ملابس الصاعقة …
وهبط زعيمُ المختطفين من الطائرة ونزع القناع عن وجهه، وعلى ضوء المعسكر انكشفَت للشياطين ملامحُه … فهتف «عثمان»: إنه «جابريللو» زعيم منظمة «القبضة السوداء» الإرهابية والمسئولة عن كثير من أعمال العنف وخطْف الطائرات في العالم!
أحمد: لقد بدأَت الأمور تتضح قليلًا … وإن كنت أشكُّ أن هناك آخرين يقفون خلف هذه العملية …
قفز بقيةُ المختطفين من الطائرة ومعهم «كاتي» التي كانت ترتعش مثل ريشةٍ في مهبِّ الريح … واتجه بعضُ الحراس الآسيويِّين في زيِّ الصاعقة نحو «جابريللو» ورجاله الثلاثة، فأخذوا أسلحتَهم، وحاول أحدُ رجال «جابريللو» الاعتراضَ ولكن إشارة حاسمة من يد زعيمه أوقفَت اعتراضَه … واتجهوا جميعًا إلى أحد الأكواخ التي كان يقف على حراستها أربعةُ حراس آسيويِّين عمالقة تنطق وجوههم بإجرام لا مثيل له، ويتدلَّى من حزام في وسطِ كلٍّ منهم عددٌ من السيوف والخناجر، على حين كان يحمل كلٌّ منهم مدفعًا رشاشًا فوق كتفه.
وعندما همَّ «جابريللو» بدخول الكوخ أوقفه أحدُ الحراس الأربعة وقد أشهر مدفعَه الرشاش في يده تأهُّبًا … وتقلَّصَت أصابع «جابريللو» غضبًا وارتعش الغضب في عينَيه …
كان الموقف يُنذر بالخطر والتوتر وقد وضح أن «جابريللو» لم يكن يتوقع مثل تلك المعاملة من شركاء له، وامتدَّت قبضةُ «جابريللو» في لحظة خاطفة نحو فكِّ الحارس، وسدَّد له ضربةً هائلة، وتكوَّم الحارس فوق الأرض متألِّمًا، وفي نفس اللحظة انفجر الغضب في عيون زملائه الثلاثة فاستلوا سيوفهم الرهيبة وهجموا معًا نحو «جابريللو» …
وأدرك «جابريللو» خطأه خاصةً أنه بلا سلاح، وقبل أن تستقرَّ السيوفُ الثلاثة الرهيبة في صدره أوقفَتها صرخةٌ غاضبة مزمجرة كزئير حيوان وحشي، وتوقَّفت السيوف الثلاثة في الهواء، واندفع شخص غليظ قصير ذو ملامح مكتنزة هادرة بالغضب، وامتدَّت يدُه لتصفع الرجال الثلاثة وتدفعهم في صدورهم بخشونة.
همس «أحمد» ﻟ «عثمان»: إن هذا الرجل القصير الغليظ هو «تشي يانج». لقد كان أحدَ زعماء العصابات، وقد قام بتشكيل عصابة خارجة على القانون، ثم تحوَّل إلى النشاط الإرهابي الدولي … إنهم يُطلقون عليه اسمَ «ذو الوجه القبيح». … وتذكَّر «عثمان» وجهَ الرجل على الفور؛ فقد طالع صورتَه في إحدى النشرات التي يُصدرها رقم «صفر» عن أشهر المنظمات الإرهابية في العالم.
تراجع الحرَّاس الآسيويون الثلاثة في صمت، وتقدَّم «تشي يانج» من «جابريللو» الذي أخذ يجفِّف عرقَه وهو يبتسم للإنقاذ العاجل، وتعانق الرجلان بشدة، وقال «جابريللو» ضاحكًا: إن رجالك لا يعرفون التفاهم يا ذا الوجه القبيح.
ضحك «تشي يانج» ضحكةً عالية وهو يقول: لو كانوا يعرفون التفاهم ما عاشوا حتى الآن أيها الصديق … لقد تعلَّمنا أن نقتل أولًا ثم نتفاهم بعد ذلك.
وانطلق الاثنان في ضحكة عالية، والتفت «تشي يانج» نحو «كاتي» وراح يتأملها بابتسامة واسعة كريهة ارتسمَت فوق وجهه القبيح المنظر والذي كان مليئًا بالخدوش والجروح الغائرة القديمة الأثر مما يشي بالأهوال التي كابدها ولاقاها صاحبها.
وتمتم «تشي يانج» بإعجاب: إنها صيدٌ ثمين حقًّا! تستحق ما أُنفق من أجلها.
ومدَّ يدَه نحو شعر «كاتي» فتراجعَت في ذعرٍ شديد، وانطلق ذو الوجه القبيح ضاحكًا بشدة، وانقضَّ رجالُه على الفتاة فشلُّوا حركتها وبدَت في أيديهم مثلَ حمامة وديعة بين مخالب النسور. ارتعش «عثمان» من الغضب فأمسك «أحمد» بيده مهدِّئًا … وتلاشَت ثورةُ «عثمان» وقال بتصميم وقد التمعَت عيناه بشدة: إنني لن أسمح لهم بإيذائها أبدًا …
أحمد: ومَن قال إننا سنتركها فريسةً لهم … وهم أيضًا لن يغامروا بإيذائها … إنها ورقة رابحة في أيديهم للمفاوضات القادمة وليس من مصلحتهم إيذاؤها.
وشاهد «أحمد» و«عثمان» من مكانهما الإرهابيَّين وهما يتجهان إلى كوخ «تشي يانج» … على حين اقتاد الحراس الآسيويون «كاتي» إلى كوخ آخر دفعوها بغلظة ثم أغلقوا بابَه ووقفوا على حراسته متأهِّبين، وأخذَت «كاتي» تدقُّ البابَ بشدة وهي تصرخ وتتوسل بلا فائدة حتى انهارَت تمامًا وارتمَت فوق فراش مصنوع من أعواد البامبو ومغطًّى بالأعشاب وأوراق الأشجار.
همس «عثمان» ﻟ «أحمد»: لا بد أن الإرهابيَّين يتباحثان الآن.
أحمد: هذا ما أعتقده … ولا شك أنهما أبلغَا والدها بطريقة ما باختطافها، وأنهما لن يُعيداها قبل أن يلغيَ الرجلُ كافةَ اتفاقياته مع وطننا العربي.
تساءل «عثمان»: ولكن ما هو الثمن؟ ماذا سيستفيد «جابريللو» و«تشي يانج» من ذلك كله؟
أحمد: المال بلا شك … إن «جابريللو» و«تشي يانج» لا يهمُّهما وطننا العربي في شيء، ولا بد أن إحدى الدول المعادية لنا هي التي استخدمَت عصابتَهما لإجهاض المشاريع العربية، في حين تظلُّ هي بعيدةً عن الصورة تمامًا … وبعد أن يؤديَ الإرهابيان وعصابتاهما مهمتَهما بنجاح … فإنها ستدفع لهما عدة ملايين ولا شك.
همس «عثمان»: كان رقم «صفر» على حقٍّ في ألَّا نتدخل منذ البداية ونُفسد العملية … إننا في كلِّ لحظة نكتشف شيئًا جديدًا، لا بد أن في الأمر سرًّا آخر لم نكتشفه … وإن كنتُ مندهشًا كيف أنه يُغامر بترك ابنة المسئول الكبير في أيدي هؤلاء المجرمين؟!
أحمد: إن أعداءَنا على قدرٍ عالٍ من الذكاء والقوة هذه المرة … واختيار «تشي يانج» لإخفاء الفتاة في هذه الغابات في معقل وجود العصابة يجعل مهمةَ استعادتها من أية جهة مستحيلة … إنهم هنا خبيرون بأساليب حرب العصابات والتخفِّي.
هتف «عثمان» باحتجاج: إذا كانوا هم خبراء في حرب العصابات فنحن خبراء في القضاء على هذه العصابات!
ابتسم «أحمد» وأشار ﻟ «عثمان»، فراحَ الاثنان يقتربان محاذرَين من كوخ «تشي يانج» … وتوقَّفا على مسافة عشرة أمتار منه … وكان من المغامرة أن يتقدَّمَا أكثر من ذلك؛ فقد كانت الأضواء تملأ المكان، وهناك ما لا يقل عن عشرة حراس مدججين بالسلاح يطوفون حول المكان.
همس «أحمد» ﻟ «عثمان»: لا بد أن نعرف ما يدور بين الرجلين في الداخل.
عثمان: يجب الحصول على سلاح أولًا … من الخطر الشديد المخاطرة بالاشتباك مع هؤلاء الحراس ونحن بلا سلاح.
فكر «أحمد» ثم قال: لديَّ فكرة …
وأمسك حصاةً صغيرة ألقاها على الأرض لمسافةٍ أمامه واختبأ هو و«عثمان» خلف إحدى الأشجار القريبة، وكما توقَّع «أحمد»؛ فقد جذب انتباهَ أحدِ الحراس صوتُ سقوطِ الحصاة فاقترب محاذرًا، شاهرًا سيفه، وما إن صار على مسافة خطوتين من الشجرة التي يكمن خلفها «أحمد» و«عثمان» حتى قفز «أحمد» من مكانه وطار في الهواء وبضربة واحدة طار الحارس في الهواء واصطدمَت رأسُه بإحدى الأشجار وسقط بصوت مكتوم على الأرض.
لم تستغرق المعركة الصغيرة سوى ثلاثِ ثوانٍ … ولم تجذب انتباهَ أيٍّ من الحراس، وسرعان ما كان «أحمد» يتسلَّح بالمدفع الرشاش، و«عثمان» يستولي على سيف الحارس ويتأمله بإعجاب، وقال وهو يتفحص نصلَه الحاد الرهيب: إن هذا السيفَ أحدُّ نصلًا من سيف «أبو زيد الهلالي».
ابتسم «أحمد» ﻟ «عثمان» وقال: سوف أتسلَّل إلى الكوخ زاحفًا على الأرض وعليك بانتظاري هنا.
ابتسم «عثمان» وهو يهزُّ رأسَه رافضًا، وقال: لا يا صديقي العزيز، وإلَّا فما هي فائدة بشرتي السوداء؟! سوف أكون قطعةً من الظلام، فلن يلمحني أحد … إنها مهمتي أنا، وعليك بحمايتي بالمدفع الرشاش.
اقتنع «أحمد» برأي «عثمان» … واقترب «عثمان» من الكوخ حتى صار على مسافة قريبة، فألقى بنفسه على الأرض وأخذ يزحف نحو الكوخ ببطء ومهارة فلم يلحظه أحدٌ من الحراس الذين كانت عيونهم تتجه للأمام وظهرهم ﻟ «عثمان»، وأخيرًا وصل «عثمان» إلى الكوخ فنهض برشاقة والتصق بظهر الكوخ وراحَت عيناه تدوران حول المكان … لم يكن هناك مَن لاحظه …
واقترب الشيطان الأسمر من نافذة مفتوحة في الكوخ، وألقى نظرةً حذرة من طرفها، فشاهد «جابريللو» و«تشي يانج» وهما منهمكان أمام جهاز إرسال واستقبال كبير أمامهما … وصلَت الكلمات الإنجليزية واضحةً من جهاز الإرسال، وكانت من أحد أعوان «جابريللو» وهو يُخبرهم أنه تم إبلاغ المسئول الكبير في الدولة الأوروبية باختطاف ابنته، وأنه لن تتمَّ إعادتها حتى تُلغى اتفاقيات التعاون مع الدول العربية وبشرط أن يتمَّ ذلك في سرية تامة دون إبداء الأسباب، وأن المسئول وافقَ بعدَ أن أُصيبَ بذعر كبير.
انتهَت الرسالة وظهرَت السعادة على وجه زعيمَي العصابتَين الإرهابيَّتَين … وقال «تشي يانج» بسعادة: إنه نجاح عظيم! إن هذا يثبِّت أقدامنا في عالمنا الصعب … لسوف نتعاون كثيرًا في المستقبل ونقتسم الأرباح … وانفجر الاثنان ضاحكَين، وتساءل «تشي يانج»: تُرى كم ستستغرق المفاوضات لتُسلَّم الفتاة إلى والدها؟
ردَّ «جابريللو» وهو يُشعل سيجارته: ليس قبل إلغاء الاتفاقيات … إن الأمر قد يستغرق أسبوعًا أو أسبوعين.
ربَّت «تشي يانج» على كتف «جابريللو» بقلق: والطائرة؟
قال «تشي يانج» ضاحكًا: لقد أبلغنا السلطات المحلية برسالة مجهولة ولن يستطيعوا الوصول إليها قبل الصباح، وخلال هذه الفترة سيكون رجالنا الذين أرسلتهم منذ قليل قد قاموا باللازم ولن يتركوا دولارًا واحدًا أو حلية ذهبية مع أيٍّ من الركاب … أما مَن يقاوم فإن رجالي سيُسعدهم تعليقُ المشاغبين من أقدامهم فوق رءوس الأشجار.
وانفجر ضاحكًا بشدة جزَّ «عثمان» على أسنانه غضبًا، وأحسَّ بالقلق على مصير الشياطين الثلاثة «إلهام» و«ريما» و«خالد» من أفراد عصابة «تشي يانج» المتوحشين الذين كانوا في طريقهم للاستيلاء على أموال الركاب وتعذيبهم.
تأهَّب «تشي يانج» لمغادرة الكوخ، فتحرَّك «عثمان» بسرعة ليبتعد عن المكان، وفجأةً أوقفه صوتُ صارخ بلهجة لا يفهمها، والتفتَ «عثمان» بسرعة فشاهد أحدَ الحراس شاهرًا مدفعَه الرشاش نحوه، وجمد «عثمان» لحظة من المفاجأة واستوعب الموقفَ في ثانية واحدة، فألقى بنفسه على الأرض بعيدًا عن مكانه، في نفس اللحظة انطلق فيها سيلٌ من الرشاش نحو مكانه الأول، وقفز «عثمان» واقفًا وطار في الهواء وجذب الحارسَ بقدمه فطوَّح به بعيدًا، وبرز حارسان آخران قبل أن يتمكن «عثمان» من العَدْو نحو الغابة والاختفاء فيها، وعلى الفور استلَّ «عثمان» مدفعَ الحارس وصوَّبه نحو الحارسَين وأطلق الرصاص، وترنَّح الحارسان في نفس اللحظة التي شعر «عثمان» أن خبطة شديدة جاءَت من خلفه، وترنَّح «عثمان» على أثرها واستدار للخلف بعد أن سقط مدفعُه الرشاش فشاهد أحدَ الحراس مصوِّبًا مدفعَه نحوه، وقبل أن يضغط الحارس على زناد المدفع شقَّ الهواءَ صوتُ أزيز سيف حاد برز نَصْلُه واخترق صدرَ الحارس.
كانت رمية موفقة من «أحمد» …
وعلى الفور التقط «عثمان» مدفعَه واندفع يجري نحو الأشجار، وانطلقَت عشراتُ الطلقات خلفه وتعالَت أصوات الصيحات والصرخات الغاضبة، ولحق «أحمد» ﺑ «عثمان» الذي هتف به: دَعْنا نختبئْ داخل الغابة. وصادفهما أحدُ الحراس فكانت قبضةُ «أحمد» أسرعَ منه، فترنَّح الحارس إلى الخلف واختطف «أحمد» مدفعَه الرشاش وعاجل الحارس بضربة منه أسقطَته غائبًا عن الوعي … وانطلق الاثنان يعدوان والطلقات خلفهما تصطدم بالأشجار وأصوات الأقدام المطاردة من الوراء تسحق الأرض والأغصان الجافة والأعشاب.
قطع «عثمان» و«أحمد» مسافةً وهما يجريان للأمام مباشرةً محاذرين أن ينحرفَا في أيِّ اتجاه آخر وإلا ضلَّا طريقَهما وسطَ الغابة واستحالَت عودتهما للمعسكر مرة أخرى.
وتوقَّف الاثنان بعد مسافة لاهثَين ووقفَا يتنصتان … لم يكن هناك أيُّ أثرٍ لمطاردتهما …
هتف «أحمد» بضيق: كان من سوء الحظ اكتشافنا … إن هذا سيُصعب مهمتَنا كثيرًا؛ فهم لن يكفوا عن مطاردتنا أبدًا وسيصعب علينا إنقاذ «كاتي».
وفي كلمات قليلة أخبره «عثمان» بما سَمِعه داخل الكوخ، فقال «أحمد» في غضب: إذن علينا إنقاذ «كاتي» مهما كان الثمن حتى لو كانت حياتنا … إنها لن تكون أكثرَ أهمية من تلك المشاريع التي سيفقدها عالمنا العربي لو لم نُنقذ الفتاة من مختطفيها ونُعيدها إلى والدها.
هزَّ «عثمان» رأسَه موافقًا … وقبل أن يتحرك الاثنان ظهر أمامهما أربعةُ حراس وقد صوَّبوا كشافاتِهم المبهرة نحو «عثمان» و«أحمد» … وعلى الفور قفز الشيطانان، «أحمد» إلى اليمين و«عثمان» إلى اليسار ليحتميَ كلٌّ منهم خلف شجرة كبيرة في نفس اللحظة التي انطلق فيها نحوهما سيلٌ من الرصاص …
وما إن كفَّ إطلاق الرصاص حتى نظر «أحمد» و«عثمان» أمامهما بحذرٍ من خلف الشجرتَين … لم يكن هناك أيُّ أثر للحراس الأربعة الذين ظهروا فجأةً واختفَوا فجأةً كأنهم سقطوا من السماء ثم ابتلعَتهم الأرض! وأدرك الشيطانان أن الحراس يمارسون معهم حربَ عصابات ذات تكتيك عالٍ، وأن الخطر يَحدِق بهما من كلِّ اتجاه، برغم الهدوء الخادع الذي كان يسود المكانَ حولهما.