إدارة الأفكار
كيف تُتابِع كل شيء في مشروع الأفكار؟
***
معظم الأشخاص الذين يتقدَّمون لشغل وظيفة معنا، يكتبون في نموذج طلب الوظيفة أنهم يودون العمل لدينا لأن لديهم الكثير من الأفكار، ويعتقدون أن بإمكانهم المساهمة بهذه الأفكار بالطريقة المُثلى داخل فريقنا، ويتعرَّضون جميعهم لإحباط شديد في البداية، حين يسمعون أن أهم شيء في أي وظيفة في مصنع الأفكار ليس المساهمة بأفكارك، بل تنسيق آراء الآخرين وتمكينها، والأشخاصُ الذين لديهم الكثير من الأفكار أنفسهم نستعين بهم في الغالب كموظفين مستقلين. إن ما نحتاج إليه في فريقنا الأساسي هو أشخاص يرون نقاط قوتهم في تمكين عملية توليد الأفكار وإعدادها وهيكلتها. تبدو هذه فصيلة نادرة لأول وهلة، فمن الأصعب كثيرًا أن تُتيح عمليةٌ ما أن تضع أفكارًا بنفسك.
ولكي أكون صادقًا، نحن في برين ستور نسعد سعادة بالغة بأننا لا نضطر إلى خلق الأفكار بأنفسنا كلَّ يوم، ولكن يمكننا الاستعانة بالأشخاص المناسبين من المجتمع الخلَّاق لكل مشروع. من هذا المنطلق، فإن وظيفة منتج الأفكار هي في المقام الأول وظيفة إدارية، فهي تدور حول معرفة متى ينبغي إشراك مَن، وكيف، من أجل وضع أفكار جيدة.
هذا لا يعني بالطبع أن موظفينا مثيرون للضجر ويعملون بشكل منهجي رتيب فحسب؛ فمهمتهم هي ضمان أن يحصل عملاؤنا في نهاية مشروع توليد الأفكار على أفكارٍ يمكنهم تنفيذها ولديهم الرغبة في ذلك. ليس بالضرورة أن تكون أفكارًا نُعجب بها نحن أنفسنا، أو يمكننا استغلالها في تعزيز سمعتنا، بل يجب أن تكون أفكارًا نافعة. ومثل هذه الأفكار تُوضع داخل فريق يُعامِل فيه المشاركون بعضهم بعضًا باحترام وحب استطلاع.
في كل مشروع، نحرص كلَّ الحرص على أن نرى الأفكار التي ستخرج بها العملية. في البداية، أحيانًا ما تتوافر لدينا فكرة مبهمة عن الاتجاه الذي يمكن أن تُوضَع فيه الأفكار، ونناقش هذه الأفكار أيضًا. بعد ذلك سرعان ما نتخلَّى عن هذه الصور الذهنية وندير العملية فحسب، وفي كل مرة أُفاجَأ كيف أن الأفكار مثيرة، ومذهلة، ومجدية! ودائمًا ما تتمخَّض العملية عن احتمالات لم تخطر لنا نحن أنفسنا على بالٍ من قبلُ.
(١) مزيج متنوع
على الرغم من أن منتِجِي الأفكار في حد ذاتهم مسئولون «فقط» عن العملية، فلا نزال نحتاج إلى جوٍّ مُلهِم مثير في برين ستور. فمن خلال وجودهم، لا بد أن يكون موظفونا في موضع يؤهلهم لإيصال عملائنا وكل عضوٍ في المجتمع الخلَّاق سريعًا إلى النقطة الضرورية، من أجل ورشة عمل مثمرة. ولأجل ذلك، لا نحتاج بالتأكيد إلى نوعية عادية من الأشخاص؛ بل ينبغي أن يكونوا مثيرين، وملهمين، وثاقبي الذهن.
يمثِّل الأشخاص الذين يعملون لحسابنا مزيجًا من أشخاص غاية في التنوع. وعلى مدار تاريخ برين ستور الممتد لأربعة عشر عامًا، كان مزيج الموظفين العاملين بأجر، ولا يزال، شديدَ التباين. وانجذابُهم لعمليتنا، وتفكيرُهم التحليلي الواضح، ومعرفتُهم العامة الواسعة أو المنظور غير التقليدي بشكل خاص؛ أهمُّ لدينا من التعليم والمعرفة المتخصصة. أما الأشخاص ممَّن لديهم سيرة ذاتية تقليدية للغاية واعتيادية لحدِّ الإبهار، وهو الأمر المطلوب في معظم الشركات، فليس لهم فرصة كبيرة معنا؛ فما شهده الشخص في حياته، وما مرَّ به من خبرات وحقَّقه، أهم لدينا من إلمامه بكل شيء عن موضوع بعينه. وإلى حدٍّ معين، نحن جميعًا «عباقرة» — مثلما يدعو أحدنا الآخر في برين ستور — تعلَّمنا ذاتيًّا. فمع الأسف، ليس بالإمكان بعدُ تعلُّمُ مهنةِ «المنتِج الصناعي للأفكار» من خلال تعليم مدرسي أو جامعي؛ فبالنسبة إلينا يُعدُّ شخصٌ، على سبيل المثال، ترك المدرسة في سن ١٧ عامًا، ولكنه يستطيع استخدام اللغة بشكل جيد وقادَ جماعةَ كشَّافة لعدة سنوات، أكثر أهميةً من خريجِ إدارةِ أعمال لم يلتحق حتى بأي عمل صيفي.
إن الرغبةَ في الاندماج في هذا الفريق لروَّاد الأفكار — وما زلنا نشعر وكأننا روَّاد بالفعل — وإيجاد مكان فيه؛ أمرٌ مهم بالنسبة إلينا. ومن السمات الأخرى المهمة أيضًا: القدرة على تحمُّل الضغط، وتقبُّل النقد، والسرعة، إلى جانب قدرة فطرية تمامًا في التعامل مع الكمبيوتر، والإجادة التامة لاستخدام اللغة، ومعرفة ممتازة بما لا يقل عن لغة أجنبية واحدة، والأهم المنطق السليم.
-
رينيه: الذي ترك المدرسة في سن ١٧ عامًا ويكتب نصوصًا رائعة، وقد عمل معنا في برين ستور منذ أربعة أعوام، وهو اليومَ المديرُ الإبداعي لوكالة تانك الإعلانية بإستونيا.
-
باسكال: ١٨ عامًا، وحاصل على الشهادة الثانوية، ولديه حس نقدي ساخر، ومُفكِّر. أمضى عامين في برين ستور، وهو اليوم طالب.
-
دانيال: أخصائي نفسي ومؤسس مشارك لمدرسة مونتيسوري. أمضى عامين في برين ستور، وعاد اليومَ مديرًا لمدرسة مونتيسوري من جديد.
-
سارة: حاصلة على الشهادة الثانوية. أمضت عامين في برين ستور، وهي اليومَ قارئةُ نشرات أخبار بالتليفزيون.
-
بينك: مراهق مفرط النشاط لديه أفكار رائعة وعدد لا يُحصَى من المشروعات. أمضى ثلاثة أعوام في برين ستور، ويعيش اليومَ في كاليفورنيا حيث يعمل من بين أشياء أخرى: مُبلِّغًا عن حركة مرور الهليكوبتر، ومساعدًا لأستاذ جامعي.
-
ريزا: سويسرية كورية، تمتلك شخصية منضبطة وعقلية تحليلية. وهي اليومَ مُخرِجة أفلام.
-
دوريس: صانعة حلوى سابقة، أمضت أربعة أعوام في برين ستور، واليومَ تعمل كاتبةَ حسابات في كبرى مدارس الإعلان والاتصال في سويسرا.
-
توث: عازف لموسيقى الميتال، أمضى عامين في برين ستور، وهو اليومَ أسرعُ ناقلٍ بالدرَّاجة لدى شركة «بيل».
-
ثيلو: متزلِّج، أمضى عامين في برين ستور، ويعمل اليومَ بجمع التبرعات لصالح الصندوق العالمي للطبيعة.
-
نورا: خاضت فترة تمرين معنا، وتقول أرَقَّ «صباح الخير» سمعتها على الإطلاق. وتتدرَّب اليومَ للعمل كممرضة.
-
إرس: خطَّاطة؛ وسابين: تعمل تحت التمرين في مصنع سويسري للصهاريج. أمضتا عامين في برين ستور، وتمتلكان اليومَ وكالتهما الإعلانية الخاصة.
-
سفين: مُصمِّم عبقري لديه نقطة ضعف تجاه الأغراض العسكرية وحبٌّ جم للبط، وهو اليوم مصمِّم جرافيك ومدرس بإحدى مدارس التصميم.
-
سوري: فتاة يابانية في الثامنة عشرة، تمكَّنت من إبرام ١٣ موعدًا لبرين ستور مع رؤساء كُبريات الشركات في اليابان في غضون أسبوعين.
-
بترا: سيدة سويسرية، ذات توجُّه عالمي تجيد الإنجليزية بطلاقة، وعلى قدرٍ عالٍ من الخُلُق، وتدرس اليومَ من أجل الحصول على الدكتوراه بجامعة كولومبيا.
-
نيكوليت: طفلة جامحة أمضت عامًا واحدًا في برين ستور، وهي اليومَ مُصمِّمة أزياء لمقدِّمي البرامج بقناة فيفا سويسرا التليفزيونية.
-
ماجي: مديرة مشروعات سابقة لدى الصندوق العالمي للطبيعة، وتعيش اليومَ في لندن وتعمل لدى أحد المعاهد المعروفة المتخصِّصة في أبحاث السوق.
-
وحاليًّا: ساندرو، مدير فندق سابق؛ وآنا، مصممة أزياء سابقة؛ وميشا، فنانة سابقة؛ وباربرا، مندوبة مبيعات سيارات سابقة؛ وجان، مبرمج مواقع عبقري؛ وجان، متخصِّص عبقري في تكنولوجيا المعلومات؛ وماركوس، انقطع عن الدراسة ولم يحصل على شهادته العلمية؛ ولوران، عبقري مُدلَّل؛ وباسكال، مندوب مبيعات في متجر لبيع الأزياء بالتجزئة سابقًا؛ ومارتن، صاحب متجر لبيع القنب سابقًا؛ وكورنيليا، سيدة أعمال سابقًا، وخبيرة في الشئون اليابانية؛ وسام، يعمل لبعض الوقت في برين ستور، ولبعض الوقت لدى الحكومة السويسرية؛ وكيت، مصفِّفة شعر سابقًا؛ وبيا، مدمن على التعليم؛ ولي، زميلة مكتب. ولدينا أيضًا حضانة الأطفال الخاصة بنا، والتي تُسمَّى «ميني برينز»، ويرتادها ثمانية أطفال.
تبدو تلك، بشكل عام، مجموعة مجنونة نوعًا ما من الأشخاص، لا جدال في ذلك. ومع ذلك فنحن نوعيةُ الأشخاص الذين لديهم حماسٌ للفرص والاحتمالات التي يتيحها مجالُ الإنتاج الصناعي للأفكار، والذين يحاولون الاستفادة أكثرَ من هذا النظام كلَّ يوم من أجل عملائنا.
يملك «عباقرتنا» حماسًا خاصًّا تجاه العملاء والمهام المتنوعة التي تُوكل إلينا؛ فكلُّ يوم هو بمقام مغامرة، أو كما يقول ساندرو، مدير إنتاجنا: «لا يمكن لأي شخص هنا أن يقول إنه لم يتعلَّم شيئًا اليوم.» وهذا صحيح؛ ففي مجال عمل برين ستور تكتسب معرفةً متنوعة، ولكنها عميقة أيضًا، من مجموعة كبيرة من قطاعات الصناعة؛ ممَّا يجعل موظفينا أيضًا مصدرَ جذبٍ لأصحاب العمل الآخَرين.
(٢) لا وقت للانتظار: ما ينبغي أن يكون «مديرو الأفكار» قادرين على القيام به
إذا أردتَ بناء فريق قوي في شركتك، يمكنه إنتاج أفكار صناعيًّا، فأنت إذًا بحاجة إلى أشخاص يمكنهم البدء في طرح إسهاماتهم من اليوم الأول؛ فينبغي أن يكونوا أشخاصًا يحبون المجازَفة ويفضِّلون أن يكون لديهم الكثير جدًّا للقيام به وليس القليل، وينبغي أيضًا أن يكونوا ممَّن يحبون الجانب الخاص بالعرض لمشروعٍ ما، فأيُّ مشروع لتوليد الأفكار يشتمل على جزء مسرحي يمتد عبر المشروع، وفي هذا الجزء لا بد أن يسير كلُّ شيء بالدقيقة. احرصْ على الاعتماد على أشخاص قادرين على التنفيذ، ولديهم القدرة على التفكير أيضًا، وليس العكس؛ فالتفكير يمكن التدرُّب عليه، أما التنفيذ العملي فلا.
-
«المعلومات العامة»: هل يملك المتقدِّمون قاعدةً عريضة من المعلومات العامة (على سبيل المثال: هل يمكنهم ذِكْر أسماء جميع الوزراء الحاليين، وتحديد تاريخ حدثٍ ما، وشرح مصطلح بيولوجي)؟ هل يمكنهم تصنيف الأحجام والوحدات بشكل منطقي (هل يعرفون، مثلًا، تكلفة لتر الحليب حاليًّا، أو كيلو من الذهب، أو سيارة بورش كايين إس)؟
-
«اختبار تداعي الأفكار»: ما الذي يخطر للمتقدمين عند سماع مصطلحات معلومة لمَن هم داخل الشركة فقط؟ ما الصور والأحداث التي تتبادر إلى أذهانهم لدى ذِكْر كلمات معينة؟
-
«تقييم الأفكار»: ما الأفكار التي يقع عليها اختيار المتقدِّمين من قائمة برين ستور للاختيار المسبق؟ وما الأسباب التي يسوقونها لتبرير اختيارهم؟
-
«العمل الجماعي»: كيف يعمل المتقدِّمون داخل فريق؟ كيف ينظِّمون أنفسهم؟ مَن يأخذ المبادرة، ومَن يصبح القائد؟ ومَن يفكر بأسلوب منظم؟
-
«القدرة على التلخيص»: ما مدى قدرة المتقدمين على استيعاب نصٍّ طويل معقَّد سريعًا وتلخيصه في ثلاث جمل؟
-
«القدرة اللغوية»: ما مدى إجادة المتقدمين للتعبير عن أنفسهم بالألمانية، والإنجليزية، ولغة أجنبية أخرى؟ هل يمكنهم صياغة عبارات؟ ما مدى إجادتهم في النطق والقواعد اللغوية؟
-
«التعامُل مع العملاء»: كيف يكون رد فعل المتقدمين إزاء المكالمات الهاتفية؟ كيف يتعاملون مع العملاء الذين يأتون إلى مكتب الاستقبال؟ إلى أيِّ مدًى يجيدون الارتجال؟
-
«المهارات الفنية»: ما مدى إجادة المتقدمين لمهارات الكمبيوتر؟ وهل يمكنهم إعداد نظام لحفظ الملفات، والعمل بشكل منهجي، ووضع أولويات؟
كل هذه المؤشرات مهمة لاختيار فريقك، ولكن الأهم أن تكون هناك كيمياء داخل فريق تطوير الأفكار الخاص بك؛ فلا بدَّ أن يعمل «مديرو الأفكار» معًا عن قُرْب، وينبغي أن تكون لديهم القدرة على العمل بسلاسة وبشكل جيد معًا حتى في المواقف الصعبة. في فريقنا، عادةً ما يكون ذلك تحديًا أكبر من ضغوط المشروع أو مواعيد التسليم المضغوطة؛ ولهذا السبب، لا نكتفي نحن — بصفتنا مؤسسي الشركة — بتعريف الفريق بأي شخص نعتقد أنه يصلح «مديرًا للأفكار»، بل نحاول دمج الفريق كاملًا في القرار حيثما أمكن (وهذا ممكن في وجود ٢٠ شخصًا).
(٣) توزيع الأدوار في «فريق الأفكار»
الأفكار موضوع عاطفي للغاية؛ فلا يمكنك أن تبقي الأفكار «بعيدًا» عن العواطف؛ فبمجرد أن تبدأ في التعامل مع الأفكار، فهي إما تعجبك وإما لا تعجبك. غير أن البُعد يُعَد مكونًا فاصلًا لنجاح مشروع لتوليد الأفكار. فمن جانب، يحتاج المشروع إلى أشخاص منخرطين في العملية ويلعبون دورًا في تشكيلها، ولكنْ على الجانب الآخَر هناك حاجة لوجود أشخاص يراقبون المشروعَ عن بُعْد لضمان جودة الأفكار، وهذا التوزيع للنفوذ مهم، وإلا تعرَّضت لخطرِ أن ينخرط الجميع بشدة في العملية، ويُحاصَرون بالأفكار لحدٍّ يُعجِزهم عن الحكم على ما إن كانت فكرةٌ ما تستحق أم لا.
لهذا السبب يوجد دائمًا شخصان في مشروعاتنا مسئولان عن العملاء: «مسئول الأفكار» و«مدير المشروع». مسئول الأفكار هو المسئول عن المشروع، فيقوم بعقد الاجتماعات والمفاوضات مع العميل، وهو مسئولٌ عن عرضِ الأفكار في نهاية المشروع، وتزكيةِ فكرة أو أكثر للعميل لتنفيذها. أما مدير المشروع، فيُرافق العميل طوالَ المشروع وينخرط في المشروع عن قُرْب، ويقوم بالعناية بالعميل خلال وِرَش العمل المشتركة، ويَعدُّ تقاريرَ مرحلية أو يتلقَّى الأسئلة من العميل، ويقوم بعد ذلك بمناقشتها مع مسئول الأفكار. ويتولَّى مدير المشروع الإشراف على إنتاج المشروع، ويعمل عن كثب مع الأشخاص المسئولين في قسم «إنتاج الأفكار». وبالإضافة إلى الإنتاج، يقوم أيضًا باختيارِ تلك الأفكار التي من المُزمَع طرحها، وعرضِ هذه الأفكار على مسئول الأفكار. من جهته، لا يُشارك مسئول الأفكار بشكل نَشِط في عملية الإنتاج، ولكنه يراقب جودةَ الأفكار في مراحل محددة بوضوح، ويقيِّم ما إنْ كانت الأفكار تستوفي متطلبات وشروط العميل أم لا، وقد أثبَتَ نظامُ «الفصل بين السلطات» هذا فاعليتَه في مئات المشروعات.
هذا يعني، بالنسبة إليك وإلى فريق أفكارك، أنكم تحتاجون إلى هيكلة فِرَق المشروعات، بحيث يكون شخص واحد مسئول عن نجاح المشروعات، ويبقى في منأًى عن دوَّامة الأفكار، ويحتفظ بصورة عامة لما يحدث.
وجوهر إنتاج الأفكار هو فريق من شخصين أيضًا: «مدير الأفراد» و«مدير الأفكار». فهما مسئولان عن تنفيذ المهمة التي يطلبها العميل؛ فيقوم مدير الأفكار بالتخطيط للمشروع فيما يتعلق بالمحتوى والجدول الزمني، بينما يوفِّر مدير الأفراد الموارد اللازمة من «المجتمع الخلَّاق». وهذان العاملان المُتمثِّلان في الوقت والأفراد هما أول وأهم العوامل في مشروع للتوليد الصناعي للأفكار، ويُخطَّط لهما أولًا.
(٤) الأفراد والتوقيت
مَن ينبغي أن يُشارك في المشروع؟ ومتى؟ يُناقَش هذا السؤال في اجتماعٍ للفريق الأساسي، الذي يتألف من: مسئول الأفكار، ومدير المشروع، ومدير الأفكار، ومدير الأفراد. وتُوضَع رغبات العميل وإدارة المشروع في الاعتبار أثناء عملية التخطيط. وبالطبع لا يمكن عقد هذا الاجتماع إلَّا عندما تكون المهمة التي يطلبها العميلُ واضحةً (انظرْ فصل «بيان المعلومات والبدء»). ونحن نجعل توقيتَ المشروع ملزمًا لكي يمكن ضبط ماكينة الأفكار بشكل موثوق فيه. ونادرًا جدًّا ما يحدث أن ننحرف عن الجدول الزمني المحدد؛ إذ إن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى توقُّف تام لماكينتنا بالكامل، وللشبكة بأكملها؛ وهذا أمر مكلِّف ماديًّا. بمجرد أن يتضح الجدول الزمني، تُناقَش المواصفات المطلوبة في المشاركين من «المجتمع الخلَّاق» المُزمَعة مشاركتهم في المشروع. بعد ذلك تُنشَر هذه المواصفات من قِبَل مدير الأفراد في القنوات المناسبة، مثل موقعنا عبر الإنترنت أو الإعلانات، لكي يتسنَّى للأشخاص المناسبين التقدُّم للمشاركة. وتُوجِّه ميزانية مشروع توليد الأفكار حجمَ الفريق ونوعيةَ الخبراء الذين يتم ضمهم إلى المشروع بشكلٍ صارم. كذلك يلعب مبدأ توخِّي الأمثل دورًا هنا، فإذا كانت الميزانية محدودة للغاية، من حيث الأموال أو الوقت، يُستعان بأشخاص أقل وخبراء أقل تكلفةً. أما إذا كانت لدينا ميزانية سخية من حيث الوقت والموارد، فيمكننا التخطيط لضمِّ فِرَق أكبر وخبراء أكثر تكلفةً.
بمجرد تأسيس فريق المشروع، يمكن أن تبدأ العملية الفعلية لإنتاج الأفكار، والتي تُقسَّم إلى مراحل توليد الأفكار، وتكثيف الأفكار، واختيار الأفكار. في المرحلة الأولى نَعدُّ أدوات الفريق الإبداعي، ومقابلات الأفكار ومقابلات الخبراء، واستكشاف الاتجاهات واستكشاف الإنترنت. وفي المرحلة الثانية، يحين دور مدينة الأفكار، والفحص الأول، وفحص المعايير، وفريق البحث، وتصميم الأفكار. بعد ذلك يجري تقييم الأفكار واختيارها في مرحلة اختيار الأفكار؛ ومن ثَمَّ ننتقل إلى التنفيذ. وتعتمد مسألة اختيارِ الأدوات التي ستُستخدَم وكيفيةِ استخدامها على بيان المعلومات والميزانية التي يحدِّدها العميل؛ فالتسلسلُ الدقيق للأدوات، على سبيل المثال، حَالَ تنفيذِ مراحل إنتاجٍ معينة بالتوازي، هو مسألة متعلقة بالجدول الزمني. ويستمر مشروع العمل القصير في برين ستور يومين من تاريخ تلقِّي المهمة المطلوبة، ويتكلَّف ١٣٧٥٠ يورو، ويشارك فيه ٣٠ شخصًا إجمالًا. أما المشروع الكبير، فيستمر أربعةَ أشهر، ويُنفَّذ في ثلاث دول بالتوازي، ويشارك فيه أكثر من ٢٠٠٠ شخص، ويتكلَّف ٣٩٥٦٠٠ يورو.
(٥) طريق المشروع
-
«البدء»: يستطلع مدير المشروع كلَّ ما هو موجود عن شركة العميل، ويقدِّم صورة عامة لأهم الحقائق والأرقام. وتُعَدُّ قائمةٌ بالأسئلة بشأن المشروع بالتعاون مع مسئول الأفكار. بعد الاجتماع الاستهلالي مع العميل، يصوغ مديرُ المشروع بيانَ المعلومات ويُنظِّم اجتماعًا استهلاليًّا مع كلِّ مَن ينبغي اطِّلاعهم عليه.
-
«المجتمع الخلَّاق»: يناقش فريق المشروع المهارات المهمة في المشروع الحالي، وكيف ينبغي تكوين فريق العاملين المستقلين في كل مرحلة، ويقوم مديرُ الأفراد بنشرِ الوظائف المتعددة المطلوب شغلها في القنوات المناسبة، وتصفيةِ وتحليلِ طلبات التوظيف، وعقدِ اجتماعات اختيارٍ وتقييمات، ثم يقترح مجموعةَ الأفراد التي وقع عليها الاختيار من قِبَل فريق المشروع. بعد ذلك، يتم استدعاء الأشخاص المختارين من «المجتمع الخلَّاق» وإطلاعهم على مجريات الأمور. كذلك يضمن مدير الأفراد عدم وجود أية ثغرات في توثيق الأفراد الذين سيُستعان بهم، وينظم الإدارة المعقدة لهؤلاء الأشخاص بالكامل، بمعنى دفع أجورهم ونفقات سفرهم، ومدفوعاتهم الاجتماعية.
-
«الفريق الإبداعي»: لا بد من إعداد برنامج تفصيلي لعناصر وضع الأفكار بناءً على بيان معلومات العميل، وينبغي أيضًا التخطيط للجانب اللوجستي للأمور وإعداد القاعات. ولا بد من إعداد قاعدة البيانات التي يتم إدخال الأفكار الخام إليها، ولا بد من اختيار جميع المشاركين وإطلاعهم على المعلومات اللازمة لحضور الاجتماع. يجتمع فريق الأداء — الذي سيصبح «الفريق الإبداعي» — في اجتماعات تحضيرية، ويختبر البرنامج كاملًا في تشغيل تجريبي لمعرفة ما إذا كان بالإمكان تحقيق النتائج المنشودة بواسطته، وما إذا كان هناك حاجة لإجراء أي تغييرات.
-
«مقابلات الأفكار ومقابلات الخبراء»: حال استخدام هذه الأداة، ينبغي إذًا إعداد منهج لاستطلاع الآراء، وتحديد عينة من الأفراد الذين ستُستطلَع آراؤهم، ووضع نموذج استبيان. والمهام التحضيرية ضروريةٌ أيضًا في هذه المرحلة، مثل توفير قاعدة بيانات الاستطلاع، واختبار الاستبيان على ٥ بالمائة من العينة، واختيار العاملين المستقلين الذين سيجرون الاستطلاع وإطلاعهم على مجريات الأمور. ولا بد من الاتصال بمَن ستَجري مقابلتهم، وتحديد مواعيد، وإعداد توثيق للاستطلاع (على سبيل المثال: مواد العرض الإيضاحي). وعند وصول نتائج الاستطلاع، لا بد من إدخالها بمعرفةِ مَن يُجْرُون المقابلات، ومراجعتها من قِبَل مدير الأفكار. وفي النهاية تُقيَّم النتائج وتُوثَّق في ورقة للنتائج.
-
«استكشاف الاتجاهات واستكشاف الإنترنت»: يُكتَب بيانُ معلوماتٍ تفصيلي من أجل «مستكشفي الاتجاهات» أو «مستكشفي الإنترنت»، يُذكَر فيه ما ينبغي أن يبحثوا عنه في نطاق منطقتهم. وينبغي توضيح المسائل اللوجستية، مثل رحلات الطيران أو احتمالات إرسال المواد التي عُثِر عليها. وينبغي إعداد قاعدة البيانات من أجل إدخال نتائج، وبمجرد وصول جميع المواد، ينبغي فرزها وتصنيفها في قاعدة البيانات وتقييمها.
-
«فحص الأفكار»: ينبغي إدخال جميع الأفكار الناتجة من مرحلة التوليد وتسجيلها بوضوح. بعد ذلك يجري إعدادها في نماذج عديدة لفحص الأفكار وإتاحتها للمشاركين. تضاف صورٌ إلى الأفكار المصاغة في مرحلةِ فحص الأفكار حيثما أمكن، وتُحرَّر وتُنقَّح من قِبَل مدير الأفكار حتى يمكن العمل عليها في المرحلة التالية.
-
«فريق البحث»: تعديل فريق البحث مسئوليةُ مديرِ الأفكار، وينبغي أن تكون المهمةُ والإطارُ الخاص بالمعايير في ذهنه، وأن يكون مُلِمًّا بخلفية المشروع عن ظهرِ قلبٍ، ويقود فريقَ البحث.
الشيء الأهم هو التقييم المنهجي للأفكار القائمة والصقل المتواصل لها. وفي أثناء تنفيذ مرحلةِ فريقِ البحث مع الخبراء، يقوم مدير الأفكار بإجراء الأبحاث الضرورية؛ للتأكُّد من انتفاءِ أيِّ شكوك حول إمكانية تنفيذ الأفكار.
-
«تصميم الأفكار»: يقوم مدير الأفكار بإعداد «بيان المعلومات» من أجل مُصمِّم الأفكار، ويناقشه مع مسئول الأفكار. بعد ذلك يطلب مقتطفاتٍ وعيناتٍ للعمل من مُصمِّمين عدة، ثم يُوقِّع عقدًا مع الشخص الأنسب للمهمة. وبالتوازي مع عملية تصميم الأفكار، تُصاغ الأفكار في عرض تقديمي.
-
«اختيار الأفكار»: يقوم مدير الأفكار بإعداد العرض التقديمي والتوثيق التجريبي لجميع الأفكار، وتُطبَع كلُّ فكرة على بطاقة صغيرة من أجل تيسير مهمة إعداد قائمةِ ترتيبٍ على المشاركين في عملية «اختيار الأفكار». ولا بد من إعداد قاعدة بيانات وبرمجتها من أجل إدخال جميع التقييمات والتعليقات.
يرافق فريقُ المشروع العميلَ في مرحلة التنفيذ أيضًا، وينشئون جهاتِ اتصالٍ للشركاء المحتمَلين لتنفيذ الفكرة، ويقودون الاجتماعات في مراحل المشروع، وينسِّقون بين الأشخاص المختلفين والمؤسسات المشاركة في التنفيذ إذا طلب العميل ذلك.
(٦) عملاء الأفكار بحاجة إلى كثير من الحب
إن إعداد العملية والتحكم فيها ليسا التحديين الوحيدين اللذين يواجهاننا؛ فالاعتناء بالأشخاص الذين يتعاقدون على الأفكار — أي العملاء — أمرٌ متطلَّب أيضًا وذو أهمية محورية من أجل نجاح المشروع. إن شراء الأفكار ليس عملية روتينية، ونحن نستثمر الكثير من أجل إنشاء علاقات غير رسمية مع عملائنا، على أن تكون هذه العلاقات موجَّهةً نحو خدمتهم. ومن المهم جدًّا بالنسبة إلينا أن يفهم العميل كيف تُصاغ الأفكار ومتى تكون مشاركته عاملًا حاسمًا للنجاح.
لا تنسَ أن عملاءنا يواجِهون موقفًا جديدًا تمامًا عليهم في مشروعاتنا؛ وهو يبدأ من اللحظة التي يدخلون فيها إلى مصنعنا للأفكار، الذي يُعَد بيئةً مختلفة كليَّةً عن البيئة المعتادة عمومًا لموظفي الشركات. بعد ذلك، في ورشة «الفريق الإبداعي»، يتعاونون مع أطراف من الخارج يَصْغُرونهم بعشرات السنين، ومجردُ التفكير في هذا يمكن أن يثير درجةً عالية من التوتر. ويوجد كثير من العملاء يسألوننا قبل ورشة العمل عن الأسلوب الذي ينبغي أن ينتهجوه في التصرُّف، وما ينبغي أن يرتدوه، وما الذي ينبغي أن يكونوا على وعيٍ به عمومًا، ولا بد أن تتوقَّع إدارةُ المشروع مثلَ هذه الأسئلة وتقدِّم المعلومات الصحيحة، ولكنْ دونَ تقليصِ تأثيرِ المفاجأة في يوم ورشة «الفريق الإبداعي»؛ فحقيقةُ تصادُمِ العوالم معًا هنا تُعَد واحدةً من المزايا الرئيسة لإشراك الأطراف الخارجية في التوليد الصناعي للأفكار.
يُعَد المظهر المثالي جزءًا من الاهتمام بالعميل. إن الأفكار وعملية الإنتاج الصناعي للأفكار من الأمور التجريبية بما يكفي، ولا يحتاج العملاء إلى مواجَهةِ مفاجآتٍ أخرى. ونحن نبذل كلَّ جهد ممكن في توثيقنا وفي تواصُلنا مع العملاء؛ من أجل خلق انطباعٍ بالوضوح والإيجاز، وفوق كل ذلك، الظهور بمظهر موحَّد. فمن المهم بالنسبة إلينا أن يَعِي مَن يأتمنوننا على مشروعاتهم أنهم يتعاملون مع محترفين، وأن مشروعاتهم في أيدٍ أمينة. وبالطبع لا يعني ذلك أننا لا نرتكب أخطاء أبدًا، أو أن كل شيء رائع ومثالي دائمًا، ولكن المهم بالنسبة إلينا أننا نكافح من أجل الإجادة والكمال، وأننا نتجاوز الجودةَ المطلوبة في جميع الحالات تقريبًا.
إذا قرَّرتَ أن تُنْشِئ إدارةَ أفكارٍ في شركتك، مُصمَّمةً على نموذج الإنتاج الصناعي للأفكار، فإنك إذًا ستفعل ذلك لاقتناعك ببعض عناصر ماكينة الأفكار، غير أنك بحاجةٍ إلى أن تَعِي أن ليس جميع الموظفين في شركتك سيكون لهم نفس الرأي، وأنهم بالتأكيد لن يتفهَّموا الفوضى التي قد يتسبَّب فيها إشراكُ أطرافٍ من خارج الشركة، ويمكنك مواجَهة هذا التشكُّك (الذي نأمل أن يكون في بادئ الأمر فحسب) على أفضل نحوٍ إذا تحليتَ بالتنظيم الجيد والمهنية، واعتنيتَ بعملائك الداخليين في المشروع بشكل مثالي؛ ووجودُ توزيعٍ واضح للمهام سوف يساعدك في هذا. ليس عليك أن تفعل ذلك بنفس الأسلوب الذي نتَّبِعه تمامًا؛ فهناك آلاف الاحتمالات الأخرى، ولكنْ أَلْقِ نظرةً على إجراءاتنا وقرِّرْ أي واحد منها يمكن أنْ يصلح لك. وقد أثبَتَ توزيعُ المهام في «إدارة الأفكار» الوارد هنا فاعليتَه.
(٧) ضمان الجودة
إن تقييم جودة الأفكار مهمة متطلَّبة، وتجعل «إدارة الأفكار» منشغلة طوال العملية برمتها. فنحن غير مستعدين لتمرير أي أفكار نتجت عن عملية التوليد الصناعي للأفكار إلى عملائنا دون فحص جودتها؛ ولذا نحرص على أن يُجرَى فحصٌ لمراقبة الجودة في كل مرحلة جديدة من المشروع. ودائمًا ما يقارن شريكي، ماركوس ميتلر، هذا بمهمةِ كبيرِ طهاة جيد؛ فهو دائمًا ما يرغب في التأكد من أن الأصناف التي تخرج من مطبخه رائعة، وهذا ما يجعله يقف عند الباب وينظر إلى الأطباق التي تخرج من المطبخ عن كثب، ويتذوَّق من هنا وهناك؛ وبذلك يضمن أن ما يغادر مطبخه هو الإبداعات الرائعة فقط. ويعتمد «كبير الطهاة» أيضًا على عملية سلسة جيدة تتم داخل نطاق فريقه، ولكنه يظل يُجرِي الفحص النهائي بنفسه.
في أية عملية لتوليد الأفكار، يضطلع مسئولُ الأفكار بهذا الدور؛ فهو يضمن للعميل مستوى جودة الأفكار وخلوها من العيوب. ثَمَّة فحصان ضروريان لهذا: أولًا، لا بد أن تكون الأفكار متطابِقةً مع بيان معلومات العميل، فإذا كان مفترضًا — على سبيل المثال — ألَّا تتجاوز تكلفةُ تنفيذِ فكرةٍ ما ٣٠٠٠٠٠ يورو، فليس من المهنية في شيءٍ أن نعرض أفكارًا ستتكلَّف ٧٠٠٠٠٠ يورو، مهما بلغت جودة هذه الأفكار. أو إذا كان العميل يشترط أن يكون بالإمكان تنفيذ الفكرة والإشراف عليها بواسطة فريق مُكوَّن من شخصين، فليس منطقيًّا على الإطلاق أن تعرض أفكارًا سيتطلَّب تنفيذُها فريقَ كرة قدم كاملًا، ويقوم «مسئول الأفكار» برفض مثل هذه الأفكار نيابة عن العميل. أما الفحص الثاني، فيتأكد من توافُق الفكرة مع معايير برين ستور الداخلية: هل الفكرة بسيطة حقًّا؟ هل هي مفاجِئة للعميل؟ هل هي ذات صلة؟ وإلى أيِّ مدًى؟ وأي أفكار لا تتجاوز هذا الاختبارَ يكون مكانها سلة المهملات.
(٨) استخلاص المعلومات: التعلم من الأخطاء من أجل المشروع القادم
يمكنك أن تحسِّن الأمور في كل مشروع للأفكار؛ فيمكنك، بل يجب، أن تتعلَّم من هذه الأشياء من أجل تعديل العملية للتوافق مع المتطلبات والشروط المتزايدة، فلا ينبغي أن تتحوَّل العملية إلى مبدأ أو عقيدة ثابتة، ويجب ألَّا تبدأ الأدوات في التعرُّض للصدأ. لا بد من صيانة ماكينة الأفكار باستمرار وإدخال مزيدٍ من التطوير عليها، ونحن نفعل هذا بشكل براجماتي للغاية من جانبٍ ما، من خلال إعدادِ تحليلٍ بعد كل مرحلة مع الفريق المسئول عن تلك المرحلة في المشروع، ونبدأ بالجوانب الإيجابية: ما الذي سار على نحوٍ جيد؟ ما الذي كان مُمتعًا؟ ما الذي أعجبنا؟ ويقوم كل عضو في الفريق بتدوين ما لا يقل عن ثلاث نقاط، ثم نتبادلها. ويوجد دائمًا الكثير من الإيجابيات للحديث عنها في كل مرة؛ ما يؤكِّد لنا وللمشاركين أن العملية ناجحة، وأن بمقدورنا الاعتماد عليها.
بعد ذلك تُجمَع الجوانب السلبية، ومرةً أخرى يقوم كل شخص هنا بتدوين ما بين نقطة وثلاث نقاط. تُناقَش كل نقطة وتُحلَّل، ويقوم مسئول الأفكار بجمع النقاط والتعقيب عليها كلما استلزم الأمر، وتُدوَّن كل نقطة أيضًا. ومن النقاط التي تظهر دائمًا ويُنظَر إليها عن كثب من قِبَل فريق الإنتاج: ما الذي يمكننا تغييره؟ ما الذي يمكن تحسينه؟ البندُ الأخير في التقرير المختصر عبارة عن أفكار ونصائح عملية، فيقوم كل مشترك بتدوين فكرة واحدة على الأقل عن كيفية تحسين العملية في المرة القادمة.
أحيانًا ما تكون هذه مقترحاتٍ شديدةَ البساطة للتحسين، يمكننا تنفيذها مباشَرةً في المشروع القادم، وأحيانًا ما تكون مقترحات لا يمكن تنفيذها على المدى القصير، ولكنها تضاف إلى قائمتنا للتطويرات الضرورية (على سبيل المثال: إدخال تعديل على البرمجيات أو تغيير على تصميم القاعة).
إن هذه التقارير تقدِّم لنا مساعدة ضخمة في التحسين المتواصل لعملية توليد الأفكار. بالطبع نحن نُنصِت أيضًا إلى عملائنا ونسألهم عمَّا يمكننا تحسينه في العملية. وما نستخلصه من العملاء عادةً ما يكون ملاحظاتٍ عامةً يمكننا من خلالها قياسُ مدى الرضا أو عدم الرضا عن موضوع معين، أكثر منه نصائح عملية حول عملية توليد الأفكار. وهذه الصور الذهنية للانطباع العام تُدمَج أيضًا في قائمة التحسينات القصيرة أو المتوسطة المدى.
مفاهيم جوهرية: «إدارة الأفكار»
• «عميلك» — بمعنى الشخص أو الجهة التي تعاقدَتْ معك على الفكرة — هو معيارك لجودة الأفكار: وجِّهْ نفسك تمامًا نحو رغباته ومتطلباته، التي حدَّدتَها معه في بيان المعلومات (انظر فصل «بيان المعلومات والبدء»).
• تناوَلْ أيَّ مشروع للأفكار في ثنائيات إنْ أمكن، من خلال تخصيص شخصٍ للعناية بالعميل ومرافَقة المشروع من مسافة معينة (مسئول الأفكار/مدير المشروع)، وشخصٍ للاضطلاع بدور مدير الأفكار/مدير الأفراد. إذا كانت ميزانيةُ الفكرة تسمح، فقُمْ بتوزيع الأدوار أكثر. ويُعدُّ هذا منطقيًّا بشكل خاص في المشروعات المُعقدة.
• مهمتك كمسئولِ أفكار/مدير مشروع هي شرحُ وتوضيحُ العملية لعملائك، ومرافقتُهم عبر العملية وضمان جودة الأفكار.
• مهمتك الأساسية كمدير أفكار/مدير أفراد هي إعداد المشروع والتخطيط له، واستدعاء الأشخاص المناسبين من «المجتمع الخلَّاق»، وضمان أن يُسفِر ذلك عن أفكارٍ جيدة باستخدام الأدوات المناسبة.
• إذا أردتَ أن تضم أشخاصًا آخَرين إلى «فريق الأفكار» الخاص بك (على سبيل المثال: إذا كان عليك أن تدير عدة مشروعات بالتوازي)، فاحرصْ على الاعتماد على أشخاصٍ يعملون أكثر من الأشخاص الذين يفكرون. اعتمِدْ على الأشخاص الذين يمكنهم الحفاظ على سَيْر العملية وينبهرون بإنتاج الأفكار. انتبِهْ إلى السرعة، وامتلاكِ مقدرة لغوية طبيعية، والقدرةِ على التلخيص، والتمتُّعِ بمعلومات عامة واسعة، وفوق كل ذلك تأكَّدْ من أن بين أفراد الفريق كيمياء.
• حدِّدِ الجدولَ الزمني ومواصفات الأشخاص الذين ترغب في إشراكهم في المشروع من البداية والتزِمْ بذلك. تذكَّر: الإنتاجُ الصناعي للأفكار يعمل وفقًا لمبدأ توخِّي الأمثل، والالتزامُ بالجدول الزمني يساعد على تطويرِ وسيلةٍ مركَّزة وواعية بالتكلفة، وموجَّهة نحو النتائج للتعامُل مع «الفكرة» موضوع المشروع. سوف تكون قد توصَّلتَ إلى نتيجة مثالية في المرحلة المطلوبة من الوقت.
• تعامَلْ مع عملائك، حتى لو كانوا عملاء داخليين، باهتمامٍ وفطنة واحترام، فقد تعاقَدوا على سلعة مهمة تفيد مستقبل شركتك: فكرة. حافِظْ على التوازن بين إضفاءِ جوٍّ غير رسمي، وهو يُعَد ضرورةً لإنتاج أفكار جيدة، وبين وجودِ مسافةٍ معينة، وهي تُعَد حيويةً لتقديم النصائح المثالية لعملائك؛ ومن ثَمَّ لتزكية الفكرة التي ستُنفَّذ.
• إذا كنتَ أنت نفسك عميلًا لفكرة، فكُنْ مُصرًّا على أن يلتزم فريقُ الأفكار الخاص بك بعملية واضحة، تنفصل فيها مراحلُ التوليد والتكثيف واختيار الأفكار إحداها عن الأخرى على الأقل. لا تنخرِطْ في المشروع أكثر من اللازم، ولكن اتَّخِذْ موقفًا واضحًا في المراحل الأساسية (بيان المعلومات، الفريق الإبداعي، اختيار الأفكار)، وضَعِ المشروعَ على المسار الذي حدَّدتَه.