شارة الشرف
-
ما هي قيمة الشرف وما معناه؟
-
ما هي الإنسانية وما معناها؟
-
ما هي الشخصية وكيف نربيها؟
-
ما هو المقياس الذي نقيس به إحدى الفضائل؟
كل هذه الأسئلة وعشرات غيرها يجب ألَّا نكف عن السؤال عنها ومحاولة الإجابة عليها، ويجب أن نغير وننقح في معانيها، فليس من الإنسانية أو الشرف مثلًا أن نرضى بالاستعمار الأوروبي لشعوب أفريقيا، ولكن ليس من الإنسانية والشرف أيضًا أن نسكت عن الرق تمارسه إحدى الدول وتبيع الإنسان وتخصيه لأغراض سافلة … إلخ.
إن الدنيا تتغير والقيم الأخلاقية كذلك تتغير، فنحن في عصرنا الحاضر لا نسمي الرجل فاضلًا لأنه لا يضر غيره، أي لا يرتكب جريمة؛ لأن هذا الموقف السلبي لا يكفينا في عصرنا هذا.
إننا نحتاج إلى فضائل إيجابية نصف بها الرجل الفاضل؛ أي إن الرجل الفاضل ليس هو الذي يكف الأذى عن غيره وإنما هو الذي يعمل الخير لغيره، و«غيره» هذا هو المجتمع.
فالرجل الفاضل بهذا القياس هو الذي يستهلك من ثروة الشعب الذي هو أحد أفراده أقل مما ينتج، وليس من الضروري أن يكون الإنتاج ماديًّا محسوسًا أو سلعة ملموسة مثلًا؛ فإن المعلم، والسياسي، والفيلسوف، والأم، كل هؤلاء ينتجون، وإن يكن إنتاجهم لا يباع بأثمان وأسعار.
والرجل الفاضل هو الذي يستطيع أن يقول ساعة وفاته: قد أعطيت الأمة التي أنتمي إليها أكثر مما أخذت منها، وإنها بوجودي في هذه الدنيا قد انتفعت بزيادة في ثروتها أو صحتها أو علومها أو أخلاقها.
ونظامنا الحاضر يجيز لكل منَّا، إذا واتته الظروف، أن يكون وارثًا يعيش بلا عمل أي بلا إنتاج، وليس لأحد أن يعيب الثروة الموروثة من الوارثين، فقد ولدنا على هذا النظام وما زلنا راضين عنه.
ولكن إحساس الإنتاج؛ أي إحساس الخدمة للشعب، وأننا نقدم له أكثر مما نأخذ ونستهلك منه، هو إحساس له قيمة مركزية في الأخلاق.
ولذلك يجب أن ينشأ كل منَّا على أن يفهم هذه الحقيقة حتى وإن يكن وارثًا لا يحتاج إلى بذل أي جهد كي يعيش موفورًا مرفَّهًا.
ولذلك أيضًا يجب أن نربي أبناءنا على إحساس الإنتاج، وأن تكون شارة الشرف لكل إنسان أن يخدم وينتج، ومن هذا المركز تشع فضائل أخرى يحيا بها في المجتمع ويعمل بها للخير العام.