الشعب العظيم
الشعب العظيم كالإنسان العظيم، يتسلط على حياته ويسوقها ولا ينساق بها كأنَّه حطامة السيل تنقذف هنا وهناك بقوة الرياح والتيارات والأمواج.
والإنسان العظيم هو الإنسان الذي يحيا عن قصد ويهدف إلى غاية وينفرد برأيه بعيدًا عن العرف والعادة.
والشعب العظيم يحيا كذلك عن قصد ويهدف إلى غاية، وقصده وغايته هما القوة، قوة الثراء وقوة الصحة وقوة السلاح وقوة الخير الاجتماعي الذي يربط أفراد الشعب ويشعرهم بأنهم في وطن عظيم.
الشعب العظيم هو الذي ينظم مستقبله ويرتب درجات رقيه، ومن هنا برامج السنوات الخمس في مثل روسيا والهند والصين.
معنى هذه البرامج أن الشعب يقول لنفسه: إني سأكون على قوة اقتصادية مقدارها كذا من القمح أو الحديد أو الكهرباء أو عدد السيارات أو الطائرات … بعد خمس سنوات.
وعندما يضع لنفسه هذا الهدف يشرع في تهيئة الوسائل لتحقيقه، فيعبئ الشبان والفتيات، والمدارس والمصانع، والمزارع والأنهار، حتى يعمل الجميع في الوصول إلى الهدف، ثم هذا البرنامج يليه برنامج آخر.
وتوالي البرامج يحدث وعيًا في الشعب الذي يحس عندئذٍ كل فرد منه أنه يبني بل يشيد المستقبل، فتنهض الهمم وتستيقظ العقول وتظهر قيم جديدة للبناء، وتختفي قيم قديمة كانت تعمل للجمود أو للفتور أو للتأخر.
-
ماذا نريد أن تكون عليه بلادنا بعد خمس سنوات؟
-
هل نريد أن تكون في نهاية هذه المدة شعبًا إقطاعيًّا أم شعبًا زراعيًّا أم شعبًا صناعيًّا؟
-
هل نريد أن تكون ثقافتنا علمية أم أدبية؟
-
هل نريد أن يكون المجتمع المصري بعد خمس سنوات علميًّا يفحص عن أعمارنا ووفيات أطفالنا وزواجنا وطلاقنا وجرائمنا بالأرقام، أم يترك هذا كله للقدر أو المصادفة؟
-
كان أمام بورسعيد بوارج وطائرات ومدافع ودبابات فهل كانت ثمرة الزراعة أم ثمرة الصناعة؟ وهل كانت ثمرة العلم أم الأدب؟
-
وإذن متى نشرع في برنامج السنوات الخمس للعلم والصناعة؟
-
متى نشرع في تحقيق الهدف للشعب العظيم الذي يصنع بنفسه البوارج، والطائرات، والمدافع، والدبابات؟
-
متى نشرع في سلسلة من البرامج العلمية، العلمية جدًّا، كي نحقق لكل عائلة مصرية ألف جنيه دخلًا في العام؟
إني أدعو المعتوهين أن يمسحوا لعاب العَتَهِ عن أفواههم وأن يتركوا العمل المنتج للأذكياء، وليقولوا ما يشاءون عن المادية التي تفشَّت بيننا، والروحية التي تبعث من الشرق، والتي لم نعد نكترث لها.